الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خاتمةٌ:
لا بدّ في الاستثناء من المستثني منه، لكون (إلّا) للإخراج، واستدعاء الإخراج مُخرجًا منه: ومن عمومِه، أي: المستثنى منه، لعدمِ المخصّصِ وامتناعِ التَّرجيحِ؛ أي: ترجيج أحدِ المُتَساويين، بلا مُرجِّحٍ. ومن المناسبةِ؛ بين المستثني والمستثنى منه في الجنس؛ أي: كونه بحيث يتناولُه ويدخلُ فيه وفي الوصفِ؛ أي: في مثل: الفاعليّةِ، المفعوليّة، والحاليَّةِ، وغيرها. فيُقدّر إذا قُدِّر؛ وذلك في الكلامِ النّاقصَ -أي: فيما لا يكون والمستثنى منه مَذكورًا- وهو الاستثناء المفرّغُ. أعمّ عامٌّ يتناولُ المستثنى، فـ (ما ضريتُ إلّا زيدًا)، أي:"أَحدًا"، أي: يُقَدَّر "أحدًا" مفْعولًا لقوله: "ضربتُ"؛ لأنَّه عامٌّ مُناسبٌ للمستثنى في الجنسِ والوصفِ، و (إلا راكبًا)؛ أي:"على حال"؛ أي: ما ضربتُ على حال إلا راكبًا، والمقدّر فيه ذلك لمناسبته (1) له، و (إلا تأديبًا)؛ أي: لغرضٍ (2)؛ أي: ما ضربتُ لغرضٍ إلَّا تأديبًا. وهذا ليسَ في "المفتاح"(3).
(1) في الأصل: "لمناسبة"، الصَّواب من: أ، ب.
(2)
في الأصل: "للغرص"، والمثبت من: أ، ب، ف.
(3)
مراده بما ليس في المفتاح. قول المصنّف: "وإلَّا تأديبًا؛ أي لغرض"؛ إذ الأمثلة الأخرى منصوصٌ عليها في المفتاح. ينظر: ص (299).
وبه (1) يُعرفُ الفرقُ بين: (ما اختارَ إلّا منكم فارسًا)، و (إلّا فارسًا منكم)؛ فإنَّ معنى الأوّلِ: ما اختارَ فارسًا من قوم إلّا منكم؛ فقصرَ اختيارَ الفارسِ عليهم. ومعنى الثَّاني: ما اختارَ منكم أحدًا متّصفًا (2) بأي وصفٍ كان إلّا فارسًا؛ فقصرَ الاختيارَ منهم على الفارس. والأوّلُ أبلغُ في المدح؛ كما في قول الشّاعر (3):
لَوْ خُيِّرَ المِنْبَرُ فُرْسَانَهُ
…
مَا اختارَ إلّا مِنْكُمُ فَارِسًا (4)
لاقتضائه انحصار الفرسانِ فيهم (5)، بخلاف الآخر، فإنّه لا يدلُّ على هذا الانحصار؛ بل على انحصار المختارِ مِنْهم في الفُرسَان.
(1) أي: بما ذكر من أن المستثنى منه المقدّر يجب أن يكون عامًّا ومناسبًا للمستثنى.
(2)
في الأَصل: "منتصفًا" والصَّواب من أ، ب.
(3)
البيت من السّريع. وقائله: إسماعيل بن محمّد؛ المعروف: بالسّيِّد الحِمْيَرِيّ. قاله ضمن أبياتٍ يمدح فيها السّفّاحَ العبَاسيّ وقد خطب يومًا فأحسن.
والبيتُ في ديوان الشَاعر: (259)، والأغاني:(4/ 175)، وحسن التَّوسّل إلى صناعة التَّرسّل؛ لشهاب الدّين الحلبِيّ:(176)، ونهاية الأرب للنّويريّ:(7/ 85).
واستُشهد به في دلائل الإعجاز: (344)، والمفتاح:(299)، والإيضاح:(3/ 44)، والتّبيان:(292).
(4)
في الأَصل: "ما اختار منكم إلَّا فارسًا"؛ وبه ينكسر الوزن. والصَّواب من أ، ب. مصدر البيت.
(5)
في أ: "منهم".
والثّالثُ: ويختصُّ الطّريقُ الثَّالث (1) بأنّه يفيدُ الحصْرَ في الجزءِ الأخيرِ من الكلامِ، فالحصرُ في (إنّما أعطيتُ زيدًا درهمًا) على الدِّرهم، وفي (إنّما أعطيتُ درهمًا زيدًا) على زيد. فلا يجوزُ فيهِ من التَّقديمِ والتأخيرِ ما جاز في الثَّاني، أي: في الطّريق الثَّاني؛ وهو: "ما وإلّا" للإلباسِ؛ لأنَّ الحصرَ فيه (2) دائمًا في الجزءِ الأخيرِ، لأنّه بمنْزلةِ المستثنى، فإذا قُدِّمَ أو أُخِّرَ تَغَيَّرَ القَصْرُ والْتَبَسَ الأمر، بخلافِ "ما وإلّا"؛ فإنَّ الحصرَ دائمًا فيه فيما بعد (إلّا) سواءٌ (3) أُخِّر ما قبل (إلا) عمّا بعدها، أو خُلِّي في مكانه؛ فلا إلباس (4)، ولأنّ ذلكَ هو الأصل دون هذا؛ أي: ولأنَّ الطّريقَ الثَّاني هو الأصلُ في بابِ القصر؛ وهذا الطّريقُ فرعٌ (5) عليه، ويجوزُ في الأصلِ ما لا يجوز في الفرعِ تحقيقًا لمزيّةِ (6) الأصلِ، وحَطًّا لمرتبةِ (7) الفرعِ.
(1) أي: طريق: (إنّما).
(2)
أي: طريق: (إنّما).
(3)
في الأَصل: "الاستواء" وهو خطأ ظاهر.
(4)
في أ: "التباس" والمعنى واحد.
(5)
كان الأولى بالكرمانيّ -رحمه الله تعالى- أَنْ يلتزم بتعبير السَّكاكيّ؛ وهو قوله (المفتاح / 300): "وهذا كالفرع عليه"؛ وذلك لأنّ إفادة طريق (إنَّما) للقصر هي بالوضع أيضًا.
(6)
هكذا في الأَصل، ب، وهو الأَوْلَى. وفي أ:"لمرتبة".
(7)
في ب: "لمزيّة" وفيه تحريف وتصحيف؛ إذ لا مزيّة للفرع إذا ما قورن بالأصل.
والرَّابعُ: ويختصُّ الطَّريقُ الرّابعُ، بأنَّه ذوقيٌّ لا وضعيٌّ؛ أي: بأنّ دلالته على القصرِ دلالةٌ (1) ذوقيّة لا وضعيّةٌ لُغَويّةٌ؛ لأنّ التَّقديمَ لم يوضع لمعنىً؛ بل ما يُفهم منه بواسطةِ الفحْوى.
(1) كلمة: "دلالة" ساقطة من: أ.