الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النُّوعُ الثَّالثُ: في التَّوابع
(*)
وهي لتربيةِ الفائدةِ (1)؛ لأنَّ (2) تربيةَ الفائدةِ إنَّما (3) تكونُ بتخصيص الحُكم، وهو (4) بتخصيصِ المسندِ أَوْ المسندِ إليه؛ وذلك كما يكونُ لكونه أحد أقسام المعارف؛ يكُون لكونه مَصْحوبًا بشيءٍ (5) من التَّوابع؛ لأنَّها تُفيدُ زيادة تقيد (6) لمتبوعه فيتخصّص.
ف
الوصفُ
لوجوهٍ:
الأولُ: التَّبْيِينُ (7)؛ وذلك حيثُ كان المرادُ الكشفَ عن حقيقةِ
(*) تقدمت الإشارة إلى أنَّ مراد المصنِّف بها التَّوابع الخمسة؛ وهي: التَّأكيد، الصّفة، البدل، عطف البيان، العطف بالحرف.
(1)
تربية الفائدة: تكثيرها. من ربا الشَّيءُ يربو إذا نما وزاد. ينظر: اللِّسان (ربا): (14/ 304).
(2)
في أ: "أي" ولا يستقيم السِّياق بها. وبخاصّة مع: "ربما" الآتية بعدها.
(3)
في أ: "ربّما" ولا يستقيم السِّياق بها أيضًا. وظاهر أنّها معرفة من "إنّما".
(4)
أي: تخصيص الحكم.
(5)
في الأصل: "لشيء"؛ وهو تحريف بالقلب، والصواب من: أ، ب.
(6)
هكذا في الأصل، ب، ف. وفي أ:"تقييد".
(7)
هكذا في الأصل، ب، ف. وفي أ:"التّفسير". وهما بمعنى واحد كما سيتّضح من السِّياق فيما بعد.
الموصوف وتبيينها وتفسيرها؛ كما إذا قلتَ: "الجسمُ الطَّويلُ العريضُ العميقُ يحتاجُ إلى فراغ يَشْغَلُه".
الثَّاني: التَّمييزُ؛ وذلك حيثُ يكون المرادُ تخصيص الموصوف زيادة تخصيص وتعيين؛ نحو: "زيدٌ التَّاجرُ عندنا".
و {لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ} (1) يحتملُهما؛ أي: التَّبيين؛ وذلك إذا أُريد (2) بالمتَّقِي: الَّذى يفعلُ الواجباتِ بأسرها، ويجْتَنِبُ (3) الفواحشَ والمنكرات عن آخرها؛ فكشفته كشفًا، كأنَّكَ حَدَّدَته؛ لأَنَّك ذكرتَ أساسَ الحسناتِ؛ وهو: الإيمان (4)، وعقَّبْته بأمّي العبادات البدنيَّة والماليَّة المُسْتَتْبِعتين (5) لسائرِ العبادات؛ وهما: الصَّلاة، والزَّكاة (6)، فأفدتَّ بذلك فعل الواجباتِ بأسرها، وذكرتَ النَّاهيَ عن
(1) سورة البقرة: من الآيتين 2، 3. وفي أ، توقّف الاستشهاد عند قوله: {بِالْغَيْبِ}، ولا يكمل به الاستشهاد؛ لأن قصد المصنّف مجرّد الإشارة إلى الدّليل؛ ليستحضره المتلقّي كاملًا في ذهنه؛ إذ موضع الاستشهاد لا يتعلّق بجزء من الآية دون جزء آخر، ولذا كان ينبغي أن يؤتى بالآية الكريمة كاملة؛ لأنّها كلّها موطنٌ للاستشهاد.
(2)
في الأصل: "أرابد" والصَّواب من أ، ب.
(3)
في ب زيادة: "عن" والسِّياق تامٌّ بدونها.
(4)
يُشير إلى قوله تعالى في الآية المتقدِّمة: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} .
(5)
هكذا في الأصل، وهو الموافق لما في المفتاح:(187). وفي أ، ب:"المستتبعين".
(6)
والإشارة إليهما في الآية المتقدّمة في قوله تعالى: {وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} .
الفحشاءِ والمنكرِ وهو الصَّلاة (1)، فأفدتَّ بذلك اجتنابَ الفواحش عن آخرها. والتَّمييز؛ وذلك إذا أُريد بالمُتَّقي (2) المجتنب عن المعاصي. والأُولى عند النُّحاة تُسمَّى: بالصِّفة الموضِّحة، والثَّانية: بالمُخَصِّصَة (3)؛ وفيهما نوعُ تمييزٍ، لكن التَّمييز بالثَّانيةِ يكون بين (4) الأفراد المُتَّفقة بالحقيقةِ، وبالأُولى من الماهيّاتِ المختلفة بالحقيقةِ (5).
الثَّالثُ: التَّأكيدُ المُجرَّدُ؛ نحو: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} (6) فإنَّه لا فائدة فيها من التَّبين أَوْ التَّمييز أَوْ المدحِ سوى التَّوكيد؛ نحو: "أمس الدَّابرُ لا يعودُ".
الرابع: المدْحُ أَوْ الذَّمُّ (7): نحو: {اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ} (8)؛
(1) يدلّ على ذلك قوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [سورة العنكبوت، من الآية: 45].
(2)
في الأصل: "بالمنفي" وهو تصحيف، والصَّواب من: أ، ب.
(3)
ينظر: المفصّل في صنعة الإعراب: (149)، شرح ابن عقيل:(2/ 178)، شرح قطر النّدى وبلّ الصّدى:(244)، توضيح النّحو:(4/ 8).
(4)
في الأصل: "من"، والصَّواب من: أ، ب.
(5)
في الأصل: "الحقيقة" وهو تحريف بالنَّقص. والصَّواب من: أ، ب.
(6)
سورة البقرة؛ من الآية: 196.
(7)
هكذا في الأصل، ب، ف. وفي أ:"المدح والذّمّ" بالعطف بالواو.
(8)
سورة الحشر؛ من الآية: 24.
فإنَّ هذا الوصفَ لمجرَّدِ المدح لامتناع أن يكون كاشفًا؛ لأنّه -تعالى -أوضَح من أن يوُضَّح، أَوْ مُخَصِّصًا؛ لتَميُّزه بذاته، أَوْ تأكيدًا لعدمِ إفادة تقرير (1) أمرِ المتبوع. وكذا قولُك:"إبليس اللّعين"، في طرف الذّمّ.
وأعلم: أنَّ الصِّفةَ معلومةُ الثُّبوت للموصوفِ؛ لأنَّ أصلَ الصِّفة للتَّمييز، ويمتنعُ أن يُميَّز شيءٌ عن شيءٍ بما لا يُعْرف له؛ فحقُّه أن يكون عند السَّامع معلومَ الثُّبوت للموصوف؛ وهو -أي: الثُّبوت- للموصوف (2) - فرعُ ثُبُوتها في نَفْسها؛ لأنٌ ثبوتَ الشَّيءِ للشَّيءِ فرعٌ على ثبوتهِ في نفسه؛ فما لا يكونُ ثابتًا لا يكون وصفًا (3)؛ فلا يَكون؛ أي: فالوصْفُ لا يكون طلبًا لعدم ثُبُوته. فإن (4) وقعَ يجبُ أن يُؤوّل (5)؛ كما
(1) في الأصل: "تقدير"؛ وهو تحريف بالقلب. والصَّواب من: أ، ب.
(2)
كلمة: "للموصوف" ساقطةٌ من: أ.
(3)
قوله: "لأن ثبوت
…
وصفًا" تعليل استقاه الشَّارح من المفتاح. ينظر ص: (188).
واعترض عليه الشّيرازيّ في شرحه اعتراضًا وجيهًا إذ قال (ص: 195): "واعلم أن في قوله ثبوت الوصف للموصوف فرعٌ على ثبوته في نفسه نظرًا؛ إذ المراد بثبوت الوصف في نفسه ثبوته في الخارج على ما هو المصطلح والمفهوم منه والمدلول عليه بسياق الكلام، وعلى هذا لا يصحّ الحكم بالفرعيّة؛ لأنّ ثبوته في الخارج هو ثبوته للموصوف، والشَّيءُ لا يتفرّع على نفسه".
(4)
هكذا -أيضًا- في ف. وفي أ، ب:"ولو".
(5)
هكذا في الأصل، وبقية النّسخ. وفي ف:"أوّل".
والتّأويل: نقل ظاهر عن وصفه الأصلي إلى ما يحتاج إلى دليل لولاه ما ترك ظاهر =
في قوله (1):
.....................
…
جاءُوا بمذقٍ (2) هَلْ رَأَيتَ الذِّئبَ قَطْ!
فإنّه يؤوَّلُ: بمقولٍ عنده هذا القول (3)؛ لإيرادِ ذلك المذق في خيالِ الرَّاثين (4) لونَ الذّئب بورقته (5) لكونه سمارًا؛ أي: لبنًا مخلوطًا بالماء. ففي قوله -تعالى-: {وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ (30) مِنْ فِرْعَوْنَ} (6) بقراءةِ الاستفهامِ؛ أي: على لفظ (7): "مَنْ"
= اللفظ. اللِّسان: (أول): (11/ 33).
(1)
عجز بيت من الرَّجز؛ ذكر البغداديُّ في الخزانة: (1/ 277): "أنه لم ينسبه أحدٌ من الرُّواة" وقيل: قائلُه العجّاج ولم يثبت له، وصدرُه:
حتَّى إذا جنَّ الظَّلامُ واخْتَلطْ
والبيت في البيان والتّبيين: (2/ 281) برواية: "جاء بمذق".
وينظر: الكامل، للمبرّد:(3/ 149)، أمالي ابن الشّجريّ:(2/ 407)، والبرهان الكاشف في إعجاز القرآن:(121).
واستشهد به صاحب المفتاح: (189)، والمصباح:(22)، والإيضاح:(2/ 43).
(2)
المَذْقُ: اللَّبن المخلوط. اللِّسان: (مذق): (10/ 340).
(3)
فالصِّفة الحقيقيّة مقول؛ وهو ليس بطلب. والجملة واقعة موقع الفاعل للمقول لا صفة.
(4)
في أ، ب:"الرّائي".
(5)
في أ: "لورقته"، والوُرقة: اللّون بين السَواد والغبرة. ينظر: اللِّسان: (ورق): (10/ 377).
(6)
سورة الدّخان، الآية: 30، وبعض الآية 31. وفي أ، أُتِمَّ الاستشهادُ بالبعض المتبقّي من الآية الأخيرة؛ وهو قوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ}، وليس في ف. والاستشهاد تامّ بدونه.
(7)
في أ: "لفظة" والكلمه ساقطة في ب.