الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْآخر، والمعضل مَا سقط من سَنَده اثْنَان، وَالْمُنكر مَا فِيهِ أَسبَاب خُفْيَة غامضة قادحة. وَفِي شرح النخبة وللجرح مَرَاتِب أسوأها أكذب النَّاس وَإِلَيْهِ الْمُنْتَهى فِي الْوَضع أَو هُوَ ركن الْكَذِب. ثمَّ قَوْلهم دجال أَو وَضاع أَو كَذَّاب. وأسفلها تحولين أَو سيئ الْحِفْظ أَو فِيهِ أدنى مقَال. وَبَين الأسوأ والأسفل مَرَاتِب فَقَوْلهم مَتْرُوك أَو سَاقِط أَو فَاحش الْغَلَط أَو مُنكر الحَدِيث أَشد من قَوْلهم ضَعِيف أَو لَيْسَ بِالْقَوِيّ أَو فِيهِ مقَال. وَأَرْفَع مَرَاتِب التَّعْدِيل كأوثق النَّاس ثمَّ ثِقَة ثِقَة أَو ثِقَة حَافظ أَو ثَبت ثَبت وَأَدْنَاهَا كشيخ ويروى حَدِيثه وَيعْتَبر بِهِ وَنَحْو ذَلِك.
وَفِي الْعدة وَأعلم أَن الْأَحَادِيث الَّتِي لَا أصل لَهَا لَا تقبل وَالَّتِي لَا إِسْنَاد لَهَا لَا يرْوى بهَا: فَفِي الحَدِيث "اتَّقوا الحَدِيث عني إِلَّا مَا علمْتُم فَمن كذب عَليّ مُتَعَمدا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار" فقيد صلى الله عليه وآله وسلم الرِّوَايَة بِالْعلمِ وكل حَدِيث لَيْسَ لَهُ إِسْنَاده صَحِيح وَلَا هُوَ مَنْقُول فِي كتاب مُصَنفه إِمَام مُعْتَبر لَا يعلم ذَلِك الحَدِيث عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وأله وَسلم فَلَا يجوز قبُوله: فَفِي مُسلم "كفى بِالْمَرْءِ كذبا أَن يحدث بِكُل مَا سمع" وَفِيه "يكون فِي آخر الزَّمَان كذابون دجالون يأتونكم بِأَحَادِيث بِمَا لم تسمعوا أَنْتُم وَلَا آباؤكم فإياكم وإياهم لَا يضلونكم وَلَا يفتنونكم.
الثَّانِي فِي أَقسَام الواضعين
.
فِي خُلَاصَة علم الحَدِيث أعلم أَن الْخَبَر ثَلَاثَة أَقسَام: قسم يجب تَصْدِيقه وَهُوَ مَا نَص الْأَئِمَّة على صِحَّته. وَقسم يجب تَكْذِيبه وَهُوَ مَا نصوا على وَضعه. وَقسم يجب التَّوَقُّف فِيهِ لاحْتِمَاله الصدْق وَالْكذب كَسَائِر الْأَخْبَار وَلَا يحل رِوَايَة الْمَوْضُوع لمن علم حَالَة فِي أَي معنى إِلَّا بِبَيَان وَضعه. وَيعرف الْوَضع بِإِقْرَار وَاضعه وبقرينة حَال الرَّاوِي والمروى بركاكة اللَّفْظ وَالْمعْنَى. والواضعون أَصْنَاف وأعظمهم ضَرَرا
قوم منتسبون إِلَى الزّهْد وضعُوا حسبَة فَيقبل موضوعاتهم ثِقَة بهم. والكرامية وَبَعض المبتدعة يجوزون الْوَضع فِي التَّرْغِيب والترهيب وَهُوَ خلاف إِجْمَاع الْمُسلمين الَّذين يعْتد بهم فِي الْإِجْمَاع - انْتهى.
وَفِي الرسَالَة قَالَ زيد بن أسلم من عمل بِخَبَر صَحَّ أَنه كذب فَهُوَ من خدم الشَّيْطَان. وَفِي اللآلئ قَالَ الزَّرْكَشِيّ بَين قَوْلنَا لم يَصح وَقَوْلنَا مَوْضُوع بون بعيد كثير فَإِن الْوَضع إِثْبَات الْكَذِب وَالِاخْتِلَاف وَقَوْلنَا لم يَصح لَا يلْزم مِنْهُ إِثْبَات الْعَدَم وَإِنَّمَا هُوَ أَخْبَار عَن عدم الثُّبُوت. وَقَالَ أَيْضا لَا يلْزم من جهل الرَّاوِي وضع حَدِيثه. وَفِي الْوَجِيز فرق بَين الْمُنكر والموضوع. وَقَالَ ابْن حجر أَكثر الْمُحدثين من سنة مِائَتَيْنِ إِلَى الْآن إِذا ساقوا الحَدِيث بِإِسْنَادِهِ اعتقدوا أَنهم برئوا من عهدته. وَذكر السخاوي عَنهُ أَن لفظ لَا يثبت لَا يلْزم مِنْهُ أَن يكون مَوْضُوعا فَإِن الثَّابِت يَشْمَل الصَّحِيح فَقَط والضعيف دونه. وَالْمُنكر إِذا تعدّدت طرقه (1) إِلَى دَرَجَة الضعْف الْقَرِيب بل رُبمَا ارْتقى إِلَى الْحسن. وَحكى السُّيُوطِيّ عَن ابْن الْجَوْزِيّ أَن من وَقع فِي حَدِيثه الْمَوْضُوع وَالْكذب وَالْقلب أَنْوَاع: مِنْهُم من غلب عَلَيْهِم الزّهْد فغفلوا عَن الْحِفْظ أَو ضَاعَت كتبه فَحدث من حفظه فغلط، وَعَن يحيى مَا رَأَيْت الْكَذِب فِي أحد أَكثر مِنْهُ فِي من ينْسب إِلَى الْخَبَر والزهد. وَمِنْهُم قوم ثقاة لَكِن اخْتلطت عُقُولهمْ فِي أَوَاخِر أعمارهم. وَمِنْهُم من روى الْخَطَأ سَهْو فَلَمَّا رأى الصَّوَاب وأيقن لم يرجع أَنَفَة أَن ينسبوا إِلَى الْغَلَط. وَمِنْهُم زنادقة وضعُوا قصدا إِلَى إِفْسَاد الشَّرِيعَة وإيقاع الشَّك والتلاعب بِالدّينِ. وَقد كَانَ بعض الزَّنَادِقَة يتغفل الشَّيْخ فيدس فِي كِتَابه مَا لَيْسَ من حَدِيثه. قَالَ حَمَّاد بن زيد وضعت الزَّنَادِقَة أَرْبَعَة آلَاف حَدِيث وَلما أَخذ ابْن أبي العوجاء لضرب عُنُقه قَالَ وضعت فِيكُم أَرْبَعَة آلَاف حَدِيث أحرم فِيهَا الْحَلَال وأحلل فِيهَا الْحَرَام. وَمِنْهُم من يضع نصْرَة لمذهبه رَجَعَ رجل من المبتدعة فَجعل يَقُول انْظُرُوا عَمَّن تأخذون هَذَا الحَدِيث فَإنَّا كُنَّا إِذا هوينا أمرا صيرناه حَدِيثا. وَمِنْهُم من يضعون حسبَة ترغيبا وترهيبا، ومضمون فعلهم أَن الشَّرِيعَة نَاقِصَة إِلَى تَتِمَّة. وَمِنْهُم من أجَاز وضع الْأَسَانِيد لكَلَام حسن. وَمِنْهُم من قصد التَّقَرُّب إِلَى السُّلْطَان. وَمِنْهُم
(1) هَكَذَا الأَصْل، وَلَعَلَّ كلمة "ارْتقى" سَقَطت من النُّسْخَة. اهـ إدارة.