الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
10 -
بابُ: ما يُفْسِدُ الصلاةَ، وما لا يُفْسِدُ
عن أبي هريرةَ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لا يَقبلُ اللهُ صلاةَ أحدِكمْ إذا أحدثَ حتى يَتوضَّأ "
(1)
، أخرجاهُ.
عن عليِّ بنِ طَلْقٍ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إذا فَسا أحدُكم في الصلاةِ، فَلْينصرِفْ، ولْيتَوضَّأْ، ولْيُعِدْ صلاتَهُ "
(2)
، رواهُ أبو داود، والنَّسائيّ، والترمِذِيُّ، وقالَ: حسَن، قلتُ: وفي إسْنادِهِ اضطرابٌ ما، وقالَ البخاريُّ: لا أعرفُ لعليِّ بنِ طَلْق غيرَ هذا الحديث. يؤخذ من عموم هذا الحديث بطلان صلاة من سبقه الحدث.
فأمّا القولُ بالبناءِ، فعن عائشةَ، قالتْ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أصابَهُ قيءٌ، أو رُعافٌ، أو قَلْسٌ، أو مَذْيٌ، فَليَنصرِفْ، وليتوضَّأْ، وليَبْنِ على صلاتِهِ، وهو في ذلكَ لا يَتَكلمُ "
(3)
، رواهُ ابنُ ماجَةَ، وهذا لفظُهُ، والدارَقطنيّ من روايةِ إسماعيلَ بنِ عيّاشٍ عن الحِجازيينَ، وقد ضعَّفهُ الجمهورُ في ذلكَ، وقالَ أبو حاتم الرازيُّ: ليسَ هذا الحديثُ بشيء، إنّما هو: مُرْسَلٌ، وقالَ الدارَقُطنيّ: الحفّاظُ من أصحابِ ابنِ جُرَيجٍ يروونَهُ مُرْسلاً، وقالَ النَّواويُّ: وممّن قالَ بأنَّ هذا الحديثَ مُرْسلٌ: الشافعيُّ، وأحمدُ بنُ حَنْبلٍ، ومحمدُ بنُ يحيى الذُّهلِيُّ، وأبو حاتمٍ، وأبو زُرْعَةَ، وابنُ عدِيٍّ، والدارَقُطنيّ، والبيهقِيُّ.
ورَوى الدارَقُطنيُّ له مُتابِعاً من حديثِ أبي سعيدٍ
(4)
، ولا يصح أيضاً، فيهِ أبو بكْر
(1)
رواه البخاري (1/ 131)، ومسلم (1/ 204)، والترمذي (76).
(2)
رواه أبو داود (205)، والنسائي في الكبرى (9023 - 9026)، والترمذي (1164).
(3)
رواه ابن ماجة (1221) قال في الزوائد: في إسناده إسماعيل بن عياش وقد روى عن الحجازيين، وروايته عنهم ضعيفة، ورواه الدارقطني (1/ 153).
(4)
رواه الدارقطني (1/ 157)، وقال: أبو بكر الداهري متروك الحديث.
الدّاهريُّ، وهو ضعيفٌ، بلْ قد كذَّبهُ بعضهُم.
تقدّمَ دليلُ اجتنابِ النجاسَةِ، وسَتْرِ العورةِ، وحديثُ:" الأعمالُ بالنيات "
(5)
، تقدَّمَ قولُهُ عليه السلام:" لا صلاةَ لمنْ لمْ يَقرأْ فيها بأُمِّ القرآنِ "
(6)
، وهو عامُّ في الذكرِ والنّسيانِ، وهو الصحيحُ من القولينِ، وقالَ الشافعيُّ في القديمِ: أخبرنا مالكٌ عن يَحيى بنِ سعيدٍ عن محمدِ بن إبراهيمَ عن أبي سَلمةَ: " أنّ عمر بنَ الخطّابِ صلّى فلمْ يقرأْ، فقالَ لَهم: كيفَ كانَ الركوعُ والسجودُ؟ قالوا: حَسَناً، قالَ: فلا بأسَ إذنْ "، قالَ الشافعيُّ: ولمْ يُذكرْ أنهُ سجدَ للسهْوِ، ولمْ يُعِدِ الصلاةَ، وإنّما فعلَ ذلكَ بين ظَهْراني المُهاجرينَ والأنصارِ.
قلتُ: والأثرُ: منقطعٌ جيِّدٌ.
عن عائشةَ، قالَتْ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أحدثَ في أمرِنا هذا ما ليسَ منهُ، فهو رَدٌّ "
(7)
، أخرجاهُ، يُستأْنَسُ بهِ في بُطلانِ صلاةِ من زادَ رُكْناً عامِداً.
عن زيدِ بنِ أرقمَ، قالَ:" كُنّا نتكلّمُ في الصلاةِ، يُكلّمُ الرجلُ صاحبَهُ وهو إلى جنبهِ في الصلاةِ، حتى نَزلتْ " وقُوموا للهِ قانِتينَ "، فأُمِرنا بالسّكوتِ ونُهينا عن الكلامِ "
(8)
، أخرجاه.
سيأتي في حديثِ ذي اليدينِ أنهُ تكلّمَ ساهياً، ولمْ يُعِدِ الصلاةَ.
عن مُعاويةَ بنِ الحكَمِ السُّلمِيِّ، قالَ: " بينما أنا معَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذ عطَسَ رجلٌ من القومِ، فقلتُ: يرحمُكَ اللهُ، قالَ: فحدِّقني القومُ بأبْصارِهم، فقلتُ: واثُكْلَ أُمَّياه، ما لكُمْ تنظرونَ إليّ؟ قالَ: فضربَ القومُ بأيديهم على أفخاذِهم، فلما رأيتُهمْ
(5)
تقدم تخريجه.
(6)
تقدم تخريجه.
(7)
تقدم تخريجه.
(8)
رواه البخاري (6/ 353)، ومسلم (1/ 383).
يُسكِّتونَني، [قلتُ: ما لكم تُسكتوتني]
(9)
، لكنّي سكتُّ، قالَ: فلما انصرفَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، قالَ: فبأبي هو وأُمّي - ما رأيتُ مُعلِّماً قبلَهُ ولا بعدَهُ أحسنَ تعليماً منهُ، واللهِ ما ضَرَبني ولا كَهرَني ولا سَبَّين، ولكنْ قالَ: إنَّ صلاتَنا هذهِ لا يصلُحُ فيها شيءٌ من كلامِ الناسِ، إنّما هي التسبيحُ، والتكبيرُ، وتلاوةُ القرآنِ "
(10)
، رواهُ مسلم.
فيهِ دلالةٌ على أنّ مَنْ تكلّمَ جاهلاً لا تبطُلُ صلاتُهُ، حيث لمْ يأمرْهُ بالإعادَةِ، ويُستدَلُّ بعُمومِهِ على أنّ مَنْ تكلّمَ بحرفينِ مُفْهَمينِ فأكثرَ تَبطُلُ صلاتُهُ إذ ذلكَ من كلامِ الناسِ لُغةً.
وعن ابنِ عباسٍ، قالَ:" النَفْخُ في الصلاةِ كلامٌ "
(11)
، رواهُ سعيدُ بنُ منصور.
عن أبي هريرةَ: أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: " إذا نوديَ بالصلاةِ أدبرَ الشيطانُ ولهُ ضُراطٌ حتى لا يسمعَ الإذانَ، فإذا قُضيَ الأذانُ أقبلَ، فإذا ثُوِّبَ بها أدبرَ، فإذا قُضيَ التثويبُ أقبلَ حتّى يَخطُرَ بينَ المرءِ ونفسِهِ، فيقولُ: اذكرْ كذا، اذكرْ كذا لما لمْ يذكرْ حتّى يظَلَّ الرجلُ إنْ يَدري كمْ صلّى، فإذا لمْ يَدْرِ أحدُكم ثلاثاً صلّى أو أربعاً، فليسْجُدْ سَجدتين وهو جالسٌ "
(12)
، أخرجاهُ.
فيه دليلٌ على كراهةِ التفكُّرِ في الصلاةِ، لأنهُ من الشيطانِ.
وعن عائشةَ، قالتْ:" صلّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم في خَميصةٍ لها أعلامٌ، فنظرَ إلى أعلامِها نظرةً، فلمَّا انصرفَ قالَ: اذْهَبوا بخميصتي هذهِ، وأتوني بأنْبِجانِيَّة أبي جَهْم، فإنها ألْهَتني آنفاً عن صَلاتي "
(13)
، أخرجاهُ.
(9)
هكذا بالأصل، وليس عند مسلم ما بين القوسين، وكذا عند مسلم: فلما رأيتهم يُصَمِّتونني بدل يسكتونني.
(10)
رواه مسلم (1/ 381، 382)، وأبو داود (930).
(11)
أخرجه البيهقي في الكبرى (2/ 252)، بلفظ " كان يخشى أن يكون كلاماً، يعني النفخ في الصلاة ".
(12)
رواه البخاري (2/ 528)، ومسلم (1/ 398).
(13)
رواه البخاري (1/ 225، 358)، ومسلم (1/ 391)، وأبو داود (914).
فيه دلالةٌ على أنهُ إذا فكّرَ أو التفتَ لا تَبطُلُ.
عن عائشةَ، قالتْ:" سألتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن التلفُّتِ في الصلاة. فقالَ: هو اختلاسٌ يختلسُهُ الشيطانُ من صلاةِ العبدِ "
(14)
، رواهُ البخاريّ، قالَ النَّواويُّ: والصوابُ أنهُ لا يكرَهُ الالتِفاتُ فيها لحاجةٍ، ويُؤَيِّدُ ما قالَ ما روى سَهْلُ بنُ الحَنْظليّةِ، قال:" ثُوِّبَ بالصلاةِ - يعني صلاة الصبحِ - فجعل النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُصلّي وهو يَلتفتُ إلى الشِّعبِ "
(15)
، رواهُ أبو داود، وهذا لفظُهُ، والنَّسائيُّ وهو: حديثٌ من الأفرادِ، قالَ أبو داود: كانَ أرسلَ فارِساً إلى الشّعبِ من الليل يحرسُ.
وعن ابنِ عباسٍ، قالَ:" كانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يلتفتُ يميناً وشِمالاً، ولا يَلْوي عُنُقَهُ خلفَ ظهرِهِ "
(16)
، رواهُ النَّسائيُّ، والترمِذِيُّ وقال: حسنٌ غَريبٌ.
عن عائشةَ، قالتْ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لا صلاةَ بحضرةِ طعامٍ، ولا وهو يُدافِعُهُ الأخْبَثانِ "
(17)
، أخرجاهُ.
قالَ: فإنْ فعلَ أجزأتْهُ صلاتُهُ.
عن جابرٍ، قالَ: قالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: " لا تُؤخِّر الصلاةُ لطعامٍ ولا لغيرِهِ "
(18)
، رواهُ أبو داود من حديثِ محمد بنِ مَيمون الزَّعْفرانيّ المَفلوجِ وقد اختُلفَ فيهِ.
(14)
رواه البخاري (1/ 358)، وأبو داود (910)، والنسائي (3/ 8).
(15)
رواه أبو داود (916).
(16)
رواه النسائي (3/ 9)، والترمذي (587)، وفي طبعة أحمد شاكر للترمذي:" ويلوي عنقه " أي بإسقاط " لا " أما في تحفة الأحوذي (584) فإنه لا يلوي كما هو هنا، ورواه الحاكم (1/ 236).
(17)
رواه أحمد (الفتح الرباني 4/ 93)، ومسلم (393)، ولم أجده عند البخاري وقد نسبه الساعاتي في شرحه للمسند إلى: مسلم وأبي داود وابن حبان ولم ينسبه إلى البخاري في فهرسته لمسلم ولا في اللؤلؤ والمرجان، وكذا لم يعزه البيهقي في الكبرى (3/ 72) إلا إلى مسلم مما يحمل على الظن بوهم العزو له إلى البخاري.
(18)
لم أجده عند أبي داود، وقد أخرجه البيهقي في الكبرى (3/ 74) هكذا من طريق محمد بن ميمون، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر.
وفي " الصحيحينِ ": أنهُ عليه السلام قالَ لمعاذٍ: إنهُ يُصلّي وراءَكَ الكبيرُ والصغيرُ، وذو الحاجةِ "
(19)
.
والغالبُ أنّ ذا الحاجة لا بُدَّ أن يَشتغل فكرُهُ بها إلا من سَلَّم اللهُ، فدلَّ أنهُ ليسَ بمُبْظلٍ، ولهذا شواهدُ أُخرُ، واللهُ أعلم.
عن سَهْل بنِ سَعْدٍ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ نابَهُ في صلاتِهِ شيءٌ، فَليُسبِّحْ، إنّما التصفيقُ للنساءِ "
(20)
، أخرجاهُ.
ولهما عن أبي هريرةَ مثلهُ
(21)
.
عن ابنِ عمرَ عن صُهَيْبٍ، قالَ:" مَررتُ برسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهو يُصلّي، فسلّمتُ فردَّ إليّ إشارةً "
(22)
، رواهُ أحمد، وأبو داود، وابنُ ماجَةَ، والنسائي، والترمِذِيُّ، وقالَ: صحيحٌ.
وللخمسةِ إلا النَّسائيّ، وابن ماجَةَ عن ابنِ عمرَ عن بلالٍ نحوهُ "
(23)
، قالَ الترمِذِيُّ: كلاهما صحيحٌ.
عن أنسٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: " إذا قامَ أحدُكم قلا صلاتِه فلا يَبزُقْ قَبَلَ قِبْلتِهِ، ولكنْ عن يَساره أو تحتَ قدمِهِ ثمّ أخذَ طرفَ ردائِهِ فَبصَقَ فيهِ، وردَّ بعضَهُ على بعضٍ، فقالَ: أو يفعلُ هكذا "
(24)
، رواهُ البخاري.
وعن أبي هريرةَ وأبي سعيدٍ، أنّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رأى نُخامةً في جدارِ المسجدِ، فتناولَ حصاةً فحتَّها وقالَ: " إذا تَنخَّمَ أحدُكم فلا يتَنخمَّنَ قِبلَ وجههِ، ولا عن يَمينهِ،
(19)
رواه البخاري (1/ 341)، ومسلم (1/ 194) لكن بغير هذا اللفظ.
(20)
رواه البخاري (1/ 175)، ومسلم (1/ 316، 315).
(21)
رواه البخاري (1/ 175)، ومسلم (1/ 318)، والترمذي (369).
(22)
رواه أحمد (4/ 332 المسند)، وأبو داود (925) وابن ماجة (1017) والنسائي (3/ 5)، والترمذي (367).
(23)
أحمد (6/ 12 المسند)، وأبو داود (927)، والترمذي (368).
(24)
رواه البخاري (1/ 112).
ولْيبْصُقْ عن يسارِهِ أو تحتَ قدمِهِ اليُسْرى "
(25)
، أخرجاه.
عن طَلحةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ، قالَ:" كُنَّا نُصلّي والدوابُّ بينَ أيدينا، فذكِرَ ذلكَ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقالَ: " مِثلُ مؤْخِرة الرَّحْلِ يكونُ بينَ يدي أحدِكم، ثمّ لا يَضرّهُ ما مرَّ بينَ يَديهِ "
(26)
، رواهُ مسلم.
عن أبي هريرةَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: " إذا صلّى أحدُكم فليجعلْ تِلقاءَ وجههِ شيئاً، فإن لمْ يجدْ فليَنْصِبْ عَصاً، فإن لمْ يكنْ مَعَهُ عصَاً فلْيَخُطَّ خطّاً، ولا يَضرُّهُ ما مَرَّ أمامَهُ "
(27)
، رواهُ أحمد، وأبو داود، وهذا لفظُهُ، وابنُ ماجَةَ، وفي إسنادهِ اختلافٌ.
وفي حديثِ بِلالٍ كما سيأتي " أنهُ عليه السلام دخَلَ الكعبةَ فصلّى وبينَهُ وبينَ الجدارِ نحوٌ من ثلاثةِ أذرُعٍ "، رواهُ أحمد، والنسائيُّ، وأصلُهُ في البخاري.
(25)
رواه البخاري (1/ 112 - 113)، ومسلم (1/ 389).
(26)
رواه مسلم (1/ 358)، وأحمد (الفتح 3/ 129).
(27)
رواه أحمد (الفتح 3/ 127، 128)، وأبو داود (689)، وابن ماجة (943).