الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 -
كتابُ الحَجِّ
قالَ اللهُ تَعالى: " وَللهِ على النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنْ اسْتَطاعَ إليهِ سَبيلاً ".
وقالَ عليه السلام: " بُنيَ الإسلامُ على خَمْسٍ: شهادةِ أن لا إله إلاّ اللهُ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزّكاةِ، وصوْمِ رمضانَ، وحِجِّ البيتِ "
(1)
، أخرجاهُ من حديثِ ابن عمر رضي الله عنهما، والأحاديثُ على وجوبِهِ كثيرةٌ جداً، والإجماعُ على ذلك ضَروريٌّ، وأمّا العُمْرةُ ففي وجُوبها خِلافٌ مشهورٌ بينَ السَّلَفِ والخَلَفِ، وللشافعيِّ فيها قَوْلان، الصحيحُ الجديدُ: أنّها واجبةٌ، والدليلُ على ذلكَ أشياءُ: منها قولُهُ تعالى: " وأتِمّوا الحَجَّ والعُمْرَةَ للهِ ".
رَوى الشافعيُّ عن ابنِ عبّاسٍ بإسْنادٍ صحيحٍ أنّهُ اسْتَدَلَّ بذلكَ، وقالَ:" إنّها لقرينَةٌ الحَجِّ في كتابِ اللهِ "
(2)
.
وكذلكَ استدَلَّ بها الصُبَيُّ بن مَعْبَدٍ، وصدَّقَهُ عمرُ بنُ الخطّابِ.
وعن عمرَ، قالَ: " بينَما نحنُ جُلوسٌ عندَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم إذ طَلعَ رجلٌ، فقالَ: يا رسولَ اللهِ: أخبرني عن الإسلامِ، فقالَ: أن تَشهدَ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وتُقيمَ الصّلاةَ، وتُؤْتيَ الزَّكاةَ، وتصومَ رمضانَ، وتحجَّ وتعتمر. . الحديث
(3)
، كذا رواهُ الجَوْزَقيُّ في كتابهِ المُخْرَّجِ على الصَّحيحينِ، وابنُ حِبَّانَ في صحيحهِ، وقال: هذا أدلُّ دليلٍ على وجوبِ العُمْرةِ - والدارَقُطنيُّ، وقالَ: إسْنادٌ صحيحٌ، والبيهقيُّ، قالَ: ثابتٌ.
(1)
رواه البخاري (1/ 118) ومسلم (1/ 34).
(2)
رواه الشافعي (2/ 113).
(3)
رواه الجوزقي (. . .) وابن حبان (3/ 35 موارد الظمآن) والدارقطني (2/ 282) والبيهقي (4/ 449).
قلتُ: وسَنَدُهُ على شَرْطهما، ولكنَّ الحديثَ في الصحيحِ بدونِ زيادةِ العُمرةِ.
ورَواهُ أبو بَكْر أحمدُ بنُ عَمْرِو بنِ أبي عاصمٍ في كتابِ السُّنَّةِ
(4)
، بسندٍ لهُ على شرْطِ مُسلمٍ.
عن ابنِ عمرَ، قالَ:" جاءَ رجلٌ فقالَ: يا رسولَ اللهِ أوْصني، قالَ: اعبدِ اللهَ، ولا تُشرك بهِ شيئاً، وأقمِ الصّلاةَ وآتِ الزَّكاةَ، وصُمْ رَمضانَ، وحُجَّ البيتَ واعتمرْ، واسمعْ وأطِعْ، وعَليكَ بالعَلانيةِ، وإيّاكَ والسّرِّ "
(5)
.
وعن القاسمِ بنِ مُخَوَّلٍ الضِّبيِّ [عن أبيه]
(6)
، قالَ:" قلتُ: يا رسولَ اللهِ أوصِني، قال: أقمِ الصّلاةَ، وآتِ الزَّكاةَ، وحجَّ البيت، واعتمِر، وبرَّ والديكَ، وصِلْ رَحمَكَ، وأقْرِ الضَّيْفَ، وامُر بالمعروفِ، وأنْهَ عن المنكرِ، وزُلْ معَ الحقِّ حيثُ ما زالَ "
(7)
، رواهُ ابنُ حِبّانَ في صحيحِهِ.
وعن عائشةَ، قالتْ:" قلتُ: يا رسول الله: هَل على النّساءِ جهادٌ؟ قال: نَعمْ، عَليْهنَّ جِهادٌ لا قِتالَ فيهِ: الحَجُّ والعُمْرةُ "
(8)
، كذا رواهُ ابنُ ماجَةَ عن أبي بكْرِ بنِ أبي شَيْبةَ عن محمدِ بنِ فُضَيْلٍ عن حَبيبِ بنِ أبي عَمْرةَ عن عائشة بنتِ طلْحةَ عن خالتِها عائشةَ رضي الله عنها، وهذا إسْنادٌ رجالُهُ على شَرْطِ الصحيحِ إلا أنَّ البخاريَّ رَوى هذا الحديثَ من حديثِ الثَّوْري وخالدٍ الطّحّانِ، وعبدِ الواحدِ بنِ زيادٍ ثلاثتِهم عن حَبيبِ بن أبي عَمْرةَ بسندِهِ، وليسَ عندَهُ ذكرُ العُمْرةِ.
وكذا رواهُ من حديثِ الثَّوْريِّ أيضاً عن مُعاويةَ بنِ إسْحاقَ عن عائشةَ بنتِ طَلْحة
(4)
ابن أبي عاصم في السنة (120 - 123 و 125 و 127).
(5)
لم ينسبه لأحد، ولم أجده ولعله عند ابن حبان كالذي بعده.
(6)
ما بين حاصرتين سقط من الأصل واستدرك من ابن حبان.
(7)
رواه ابن حبان في " صحيحه "(5882)، بتحقيق الشيخ شعيب الأرنؤوط - عن أبي يعلى أحمد بن علي بن المثنى - وهو في " مسنده "(1568) - عن محمد بن عباد المكي، عن محمد بن سليمان بن مسمول، عن القاسم بن مخول، عن أبيه. ومحمد سليمان بن مسمول ضعيف، والقاسم بن مخول لم يرو عنه غير محمد بن سليمان بن مسمول فهو في عداد المجهولين.
(8)
رواه ابن ماجة (2901).
عن أمِّ المؤْمنينَ بدونِ ذكْرِ العُمْرةِ.
وقد رُويَ من حديثِ عَمْرِو بنِ عُبَيْدٍ شيخِ القَدريّةِ عن الحسَنِ عَن عائشةَ مثْلَ حديثِ ابنِ ماجَةَ، وعَمْرو هذا لا يُحتجُّ بهِ، وفي سماعِ الحسَنِ من عائشةَ نَظَر، والله أعلمُ.
فأمّا حديثُ أبي رَزين العُقَيْليِّ: " قلتُ: يا رسولَ اللهِ: إنَّ أبي شيخٌ كبيرٌ لا يَستطيعُ الحَجَّ والعُمْرةَ ولا الظّعَنَ؟ قالَ: حُجَّ عن أبيكَ واعْتمِرْ "
(9)
، فَقد رَواهُ الإمامُ أحمدُ، وأهلُ السُّنَنِ، وصحَّحهُ الترمِذيُّ، قالَ الإمامُ أحمدُ: لا أعلمُ في إيجابِ العُمْرةِ حديثاً أجودَ من هذا، ولا أصحَّ منهُ، وفي هذا نظرٌ، لأنَّ قُصارى هذا الحديثِ أنْ يَدُلَّ على صحّةِ فعلِ الحجِّ والعُمْرةِ عن المَعْضُوبِ، فأمّا أن يدُلَّ على وجوبِ ذلكَ بمُجرَّدِهِ، فلَيْسَ هذا بظاهرٍ.
وأمّا حديثٌ عن زيدِ بنِ ثابتٍ مرفوعٌ: " الحَجُّ والعُمْرةُ فَريضتانِ، لا يَضرُّكَ بأيّهِما بدَأْتَ "
(10)
، فلا يُفْرَحُ بهِ، لأنّهُ رَواهُ الدارَقُطنيُّ من حديثِ إسماعيلَ بنِ مسلمٍ المَكّيِّ وهو ضَعيفٌ جدّاً، والصحيحُ وَقْفُهُ.
وكذا رُويَ موقوفاً عن عليِّ، وابنِ عمرَ، وابنِ عبّاسٍ، وقالَ أشْعثُ عن ابن سيرينَ:" كانوا لا يختلِفونَ أنَّ العُمْرةَ واجبةٌ "، والله أعلمُ.
القولُ الثاني: عدمُ وجوبِ العُمْرةِ، والدليلُ على ذلك: ما روى الحجّاجُ بنُ أرطأة عن محمدِ بنِ المُنْكَدِرِ عن جابرٍ، قالَ:" أتى أعرابيٌّ، فقالَ: يا رسولَ اللهِ أخبرني عن العُمرةِ، أواجبةٌ هيَ؟ قالَ: لا، وأنْ تَعْتمِرَ خيرٌ لكَ "
(11)
، رواهُ أحمدُ، والترمِذِيُّ، وقالَ: حسَنٌ صحيحٌ.
(9)
رواه أحمد (المسند 4/ 10) وأبو داود (1/ 420)، والنسائي (4/ 117)، والترمذي (2/ 204)، وابن ماجة (2906)، قلت: بالأصل: لا أعلم في إيجاب المتعة. . " والصواب: العمرة بدل المتعة.
(10)
رواه الدارقطني (2/ 248).
(11)
رواه أحمد (الفتح الرباني 11/ 58) والترمذي (2/ 205)، هكذا بالأصل:" عن العمرة " والظاهر أنه سقط منه شيء مثل كلمة " أسألك عن العمرة " أو ما شابهها.
قلتُ: وحجّاجُ بنُ أرطأة، وإن كان مسلمٌ قد أخرج لهُ مُتابَعةً إلا أنّهُ قد تركَهُ زائدةُ، وابنُ المبارَكِ، وابنُ مَهْدي، ويحيى القَطّانُ، ويحيى بنُ مَعينٍ، وأحمدُ، وغيرُهم، ثمَّ قد رواهُ غيرُهُ عن محمدِ بنِ المُنْكدِرِ عن جابرٍ موقوفاً.
وروى ابنُ لَهيعة عن عطاءٍ عن جابرٍ مرفوعاً: " الحجُّ والعُمرةُ فَريضتانِ واجبتانِ "
(12)
، قالَ البيهقيُّ: وهذا ضعيفٌ.
ورَوى الحافظُ أبو القاسمِ الطّبَرانيُّ من حديثِ يحيى بنِ أيوبَ الغافِقيِّ عن عُبَيد الله بنِ أبي جعفرٍ عن أبي الزُّبَيْرِ عن جابرٍ، قالَ:" قلتُ: يا رسولَ اللهِ العُمْرةُ واجبةٌ فَريضتُها كفريضةِ الحَجِّ؟ قالَ: لا، وأنْ تَعْتمرَ خيرٌ لكَ "
(13)
، وهذا إسْنادٌ على شَرطِ مُسلمٍ، ويحيى بنُ أيوبَ أخرجا لهُ، وهو يُغرِبُ.
وعن طَلْحةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ أنهُ سمعَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: " الحَجُّ جهادٌ، والعُمْرةُ تَطَوُّعٌ "
(14)
، رواهُ ابنُ ماجَةَ من حديثِ الحسَن بنِ يَحبى الخُشَنيِّ وهو ضَعيفٌ.
وقد رُويَ نحو هذا الحديث من طرقٍ كلُّها ضَعيفةٌ.
قال الشافعيُّ: العُمرةُ سُنَّةٌ، لا نعلمُ أحداً رخَّص في تركِها، ولَيْسَ فيها شيءٌ يُثبتُ بأنها تَطوَعٌ، وقد جاء فيها شيءٌ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو ضَعيفٌ لا تقومُ بمثْلِهِ الحُجَّةُ.
عن ابنِ عبّاسٍ: " أنَّ الأقْرعَ بنَ حابسٍ، قالَ: يا رسولَ اللهِ: الحجُّ كلّ سنةٍ،
(12)
رواه البيهقي (4/ 350 - 351).
(13)
رواه الطبراني والبيهقي (4/ 349)، قلت: وقوله: عن عبيد الله بن أبي جعفر خطأ بينه الحافظ في التلخيص (2/ 226) ورجح هو والبيهقي في الكبرى (4/ 349) أنه: عبيد الله ابن المغيرة تفرد به عن أبي الزبير، وجعله بعضهم عبيد الله بن عمر العمري، كالباغندي حيث رواه عن جعفر بن المسافر عن سعيد بن عطير عن يحيى عن عبيد الله بن عمر، وأخطأ في ذلك أيضاً كما بين ذلك البيهقي والحافظ في التلخيص وقالا: المشهور عن جابر حديث الحجاج وعارضه حديث ابن لهيعة وكلاهما: ضعيف والصحيح عن جابر من قوله موقوفاً من طريق ابن جريج.
(14)
رواه ابن ماجة (2989).
أو مرّةً واحدةً؟ قالَ: بلْ مرّةً، فمَنْ زادَ، فهو تَطوُّعٌ "
(15)
، رواهُ أحمدُ، وأبو داود، والنَّسائيُّ، وابنُ ماجةَ، وللترمِذيِّ، وابنِ ماجَةَ أيضاً عن عليٍّ مِثْلُهُ.
ولابنِ ماجَةَ عن أنَسٍ نحوُهُ.
تقدّمَ قولُهُ عليه السلام: " مَنْ نذرَ أن يُطيعَ اللهَ فَلْيُطعْهُ "
(16)
.
عن ابنِ عبّاسٍ: " أنّهُ كانَ يرُدُّ مَنْ جاوَزَ الميقاتَ غيرَ مُحرِمٍ "
(17)
، رواهُ الشافعيُّ، اسْتُدِلَّ بهِ على أحدِ القولين: أنّهُ يجبُ على مَنْ أراد دخولَ مكّةَ الإحرامُ، والصحيحُ من القولينِ أنَّ ذلكَ غيرُ واجب مطلقاً إلا لمريدِ النُّسُكِ، لما سيأتي في حديثِ ابن عبّاسٍ عندَ ذكرِ المواقِيتِ:" هيَ لهنَّ، ولمنْ أتى عَليْهنَّ من غيرِ أهلهنَّ، ممَّن أرادَ الحجَّ والعُمْرةَ "
(18)
، أخرجاهُ.
تقدَّمَ حديثُ: " رُفِعَ القلمُ عن ثلاثةٍ. . "
(19)
.
عن ابنِ عبّاسٍ: " أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لقيَ رَكْباً بالرَّوحاءِ، فقالَ: مَنْ القومُ؟ قالوا: المسلمون، قالوا: مَنْ أنتَ؟ قال: رسولُ اللهِ، فرفَعت امرأةٌ صَبيّاً، فقالَتْ: ألهِذا حجٌّ؟ قالَ: نَعَمْ، ولكِ أجرٌ "
(20)
، رواهُ مُسلم.
وعن السّائبِ بن يزيدَ، قال:" حَجّ بي أبي مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وأنا ابنُ سَبْعِ سنينَ "
(21)
، رواهُ البُخارِيُّ.
وعن جابرٍ، قالَ: " خرجْنا معَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ومعَنا النِّساءُ والصِّبْيانُ، فلَبَّيْنا عن
(15)
رواه أحمد (الفتح الرباني 11/ 15) وأبو داود (1/ 400) والنسائي (5/ 111) وابن ماجة (2886) والترمذي عن علي (2/ 154) وابن ماجة عن علي (2884) وابن ماجة عن أنس (2885).
(16)
تقدم.
(17)
رواه الشافعي (2/ 118).
(18)
رواه البخاري (9/ 139) ومسلم (4/ 5).
(19)
تقدم.
(20)
رواه مسلم (4/ 101).
(21)
رواه البخاري (10/ 217).
الصِّبْيانِ ورَمَيْنا عنهم "
(22)
، رواهُ أحمدُ، والترمِذِيُّ، وقالَ: غريبٌ، وابنُ ماجَةَ، وفي إسْنادِهِ أشْعثُ بنُ سَوّارٍ وهو ضَعيفٌ.
عن محمدِ بنِ كَعبٍ القُرظيِّ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: " أيّما صبيٌّ حجَّ بهِ أهلُهُ فماتَ، أجزأتْ عنهُ، فإن أدركَ فعَلَيْهِ الحَجُّ "
(23)
، كذا رَواهُ عبدُاللهِ بنُ أحمد، مرسَلاً، ورواهُ محمدُ بنُ المِنْهالِ الضَّريرِ عن يزيدَ بنِ زُرَيْعٍ عن شُعْبةَ عن الأعمَشِ عن أبي ظَبْيانَ عن ابن عباسٍ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: فذكَرَهُ، وزادَ:" وأيُّما أعرابيٍّ حجَّ فَماتَ قبلَ أن يُهاجرَ، أجزَأتْ عنهُ، فإن هاجرَ فَعليْهِ الحَجُّ "، وهذهِ زيادةٌ غرَيبةٌ جدّاً.
وقد روى هذا الحديثَ الشافعيُّ والبخاريُّ موقوفاً
(24)
على ابنِ عبّاسٍ. واللهُ أعلمُ.
قالَ تعالى: " وَللهِ على النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنْ استَطاعَ إليْهِ سَبيلاً ".
عن أنَسٍ: " سُئِلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ما السَّبيلُ؟ قالَ: الزّادُ والرَّاحِلَةُ "
(25)
، رواهُ الشافعيُّ، والدارَقُطنيُّ، ولهذا الحديثِ طرُقٌ ذكرَها ابنُ مرْدويه في تفسيرِهِ.
وعن ابنِ عبّاسٍ مرفوعاً: مِثْلُهُ، رواهُ ابنُ ماجَةَ، وفي إسنادِهِ: عُمَرُ بنُ عَطاءِ بنِ وَرازٍ وهو ضَعيفٌ جدّاً.
وعن ابنِ عُمرَ، قالَ: " جاءَ رجلٌ، فسأل رسولَ اللهِ: ما يُوجبُ الحَجَّ؟ قالَ: الزّادُ،
(22)
رواه أحمد (الفتح الرباني 11/ 30) والترمذي (2/ 203) وابن ماجة (3038).
(23)
رواه عبد الله بن أحمد قال صاحب " الفتح الرباني ": لم أقف على هذا الحديث في المسند ولعله في كتاب آخر من كتب الإمام أحمد أو ابنه عبد الله (11/ 30)، ورواية محمد بن المنهال الموصولة المدفوعة رواها البيهقي (5/ 179) وقال: تفرد بها محمد بن المنهال، عن يزيد عن شعبة، ورواه غيره عن شعبة موقوفاً وهو الصواب.
(24)
رواه الشافعي (2/ 95) والبخاري موقوفاً، قلت: لم يعزه في التلخيص إلى البخاري (2/ 220)، وكذا فعل في نيل الأوطار (5/ 20) ولم أجده بعد البحث فيه.
(25)
رواه الشافعي (2/ 99) والدارقطني (2/ 216) وابن ماجة (2897) عن ابن عباس، ورواية ابن عباس من طريق عمر بن عطاء بن وراز - وليس بعمر وكما في الأصل هنا.
والراحِلةُ "
(26)
، رواهُ الشافعيُّ، والترمِذِيُّ، وابنُ ماجَةَ، قال الترمِذِيُّ: هذا حديثٌ حسَنٌ، وإبراهيمُ بنُ يَزيدَ يعن الخُوزِيَّ تكلَّم فيهِ بعضُ أهلِ الحديثِ من قِبَلِ حِفْظِهِ، وقالَ الشافعيُّ: هذا حديثٌ لم يُثْبتْهُ أهلُ العلمِ بالحديثِ.
ورَواهُ عن الحسَن مُرْسَلاً.
قالَ البَيْهقيُّ: وقد رُويَ عن الحسَنِ عن أُمِّهِ عن عائشةَ موصولاً، وليسَ بِمحفوظٍ.
عن أبي هريرةَ، قالَ:" قالَ رجلٌ: يا رسولَ اللهِ عليَّ حجّةُ الإسلامِ، وعليَّ دينٌ؟ قالَ: فاحْفظْ دَيْنَكَ "
(27)
، رواهُ الحافظُ أبو يَعْلى المَوْصِليُّ في مُسْندِهِ.
قالَ الشافعيُّ: أخبرَنَا سعيدُ بنُ سالمٍ عن ابنِ جُرَيْجٍ عن عَطاءٍ الخُراساني عن ابنِ عبّاسٍ، قالَ:" [مِثْلُهُ، مَنْ وُجِدَ لهُ سَعةٌ ولمْ يحتملْ دينهُ] "
(28)
.
عن ابن عبّاسٍ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لا تُسافرُ امرأةٌ إلا معَ ذِي مَحْرمٍ "
(29)
، أخرجاهُ.
قالَ أصحابُنا: والمرادُ من المَحْرمِ هو أمْنُاه على نَفسِها، فمتَى حصَلَ ذلِكَ، جازَ لَها السَّفرُ، واسْتأنَسَ بعضُهم بحديث عَدِيِّ بنِ حاتمٍ، قالَ: قالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: " يا عَدِيُّ يوشِكُ إن طالَتْ بكَ حياةٌ، أن تَرى الظَّعينَةَ ترحَلُ من الحيرَةِ حتى تطوفَ بالكَعْبةِ، لا تخافُ أحداً إلا اللهَ "
(30)
، رواهُ البخاريُّ.
ولأبي القاسمِ البَغَويِّ في مُعْجمِهِ: " ترحَلُ من الحيرَةِ من غيرِ جوارٍ حتى تطوفَ بالبيتِ "
(31)
.
(26)
رواه الشافعي (2/ 99)، والترمذي (2/ 154) وابن ماجة (2896)، ورواية الحسن المرسلة والموصولة عن عائشة أخرجها البيهقي (4/ 330).
(27)
رواه أبو يعلى كما في زوائد المجمع للهيثمي (4/ 129) بلفظ: " فاقض دينك ".
(28)
رواه الشافعي، قلت: لم أجده وأشكل عليّ قراءة كلمة منه أو اثنتين فلم يتبين لي وجهة قرائتها بيقين والله أعلم.
(29)
رواه البخاري (10/ 221) ومسلم (4/ 104).
(30)
رواه البخاري (16/ 134).
(31)
كلمة: جوار، هكذا بالأصل، وعند البيهقي (5/ 225)" خفير " والله أعلم. وهي في =
عن ابنِ عبّاسٍ: " أنَّ امرأةً من خَثْعَمٍ، قالتْ: يا رسولَ اللهِ: إنّ فريضةَ اللهِ على عبادِهِ في الحَجِّ أدركَتْ أبي شيخاً كبيراً لا يَثبتُ على الراحِلَةِ، أفأحُجُّ عنهُ؟ قالَ: نَعمْ، وذلكَ في حَجَّةِ الوَداعِ "
(32)
، أخرجاهُ.
وتقدَّمَ حديثُ أبي رَزينٍ: " إنَّ أبي شيخٌ كبيرٌ لا يستطيعُ الحج ولا العُمرةَ ولا الظَّعَنَ، فقالَ: حُجَّ عن أبيكَ واعْتَمِرْ "
(33)
، رواهُ أحمدُ، وأهلُ السُّننِ، وصحَّحهُ الترمِذِيُّ، وفيهِ دلالةٌ على صحّةِ الحجِّ عن المَعضوبِ.
عن ابنِ عبّاسٍ، قالَ:" قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ أرادَ الحَجَّ فليتعجَّلْ "
(34)
، رواهُ أحمدُ، وأبو داود، واللفظُ لهُ، وابنُ ماجَةَ، وفي إسنادِهِ أبو إسرائيلَ المُلائيُّ، قالَ ابنُ المُبارَكِ: لقدْ منَّ اللهُ على المسلمين بسوءِ حِفْظِهِ.
عن عليٍّ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ ملَكَ زاداً وراحلةً تُبَلِّغُهُ إلى بيتِ اللهِ، ولمْ يَحجَّ، فلا عليهِ أن يموتَ يهوديّاً أو نَصرانيّاً، إنَّ اللهَ يَقولُ في كتابِهِ: " وللهِ عَلى النّاسِ حِجُّ البيتِ مَنْ اسْتَطاعَ إليْهِ سَبيلاً "
(35)
، رواهُ الترمِذِيُّ من حديثِ هِلالٍ عن أبي إسْحاقَ عن الحارثِ عنهُ، وقال: لا نعرفُهُ إلا من هذا الوجهِ، وفي إسنادِه: مَقالٌ، وهِلَالٌ هو ابنُ عبدِ الله مَوْلى رَبيعةَ مَجهولٌ، والحارثُ يُضَعَّفُ في الحديثِ.
وعن أبي أُمامةَ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ لَمْ يَمْنعْهُ من الحَجِّ مرَضٌ حابِسٌ، ولا حاجةٌ، فلْيَمُتْ إن شاءَ يَهوديّاً، وإنْ شاءَ نَصْرانيّاً "
(36)
، رواهُ ابنُ ماجَةَ، وإسْنادُهُ أمْثَلُ
= البخاري هكذا خفير.
(32)
رواه البخاري (10/ 215) ومسلم (4/ 101).
(33)
تقدم الحديث رقم (8).
(34)
رواه أحمد (الفتح 11/ 16) وأبو داود (1/ 402) وابن ماجة (2883). ورواية أبي داود تخلو من الملائي وفيها مهران أبو صفوان قال أبو زرع لا أعرفه إلا في هذا الحديث ورواه الحاكم وصححه.
(35)
رواه الترمذي (2/ 154).
(36)
رواه ابن ماجة، ولم أجده وقد رواه الدارمي في المناسك الباب الثاني، ولم ينسبه في التلخيص (2/ 222) إلى ابن ماجة بل نسبه إلى البيهقي وأحمد، وسعيد بن منصور، وأبي =
من الذي قبلَهُ فيه شَريكٌ القاضي ولَيْثُ بنُ أبي سُلَيْم وقد تُكُلِّمَ فيهما.
عن ابنِ عبّاسٍ: " أنَّ امرأةً من جُهَيْنةَ جاءَتْ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقالَتْ: إنَّ أُمّي نذَرَتْ أنْ تَحجَّ، فلمْ تَحُجَّ حتى ماتَتْ، أفأحُجُّ عنها؟ قال: حُجّي عنها، أرأيتِ لو كان على أُمِّكِ دَيْنٌ، أكُنْتِ قاضَيتَهُ؟ اقْضوا اللهَ، فاللهُ أحَقُّ بالوَفاءِ "
(37)
، رواهُ البخاريُّ.
وعن بُرَيْدَةَ: " أنَّ امرأةً قالَتْ: يا رسولَ اللهِ إنَّ أُمّي ماتَتْ، وإنّها لَمْ تَحجُّ قَطُّ؟ قالَ: حُجّي عنها "
(38)
، رواهُ مُسلمٌ.
عن ابنِ عبّاسٍ: " أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم سمعَ رجُلاً يقولُ: لبّيْكَ عن شُبْرُمَةَ، قالَ: مَنْ شُبْرُمَةُ؟ قالَ: أخٌ لي، أو قريبٌ، قال: حجَجْتَ عن نفْسِكَ؟ قالَ: لا، قالَ: حُجَّ عن نفسِكَ، ثمَّ حُجَّ عن شُبْرمَةَ "
(39)
، رواهُ أبو داود، وهذا لفظُهُ، وابنُ ماجَةَ، وابنُ حِبّانَ في صَحيحهِ، والدارَقُطنيُّ، وعندَهُ:" هذهِ عنكَ، وحُجَّ عن شُبْرَمَةَ "
(40)
، قال الإمامُ أحمدُ: رَفعُ هذا الحديثِ خَطأ، رواهُ عَبْدةُ مَوْقوفاً.
قلتُ: رَوى هذا الحديثَ عن سَعيدِ بنِ أبي عَروبةَ جَماعةٌ عن قتادةَ عن عَزْرةَ بنِ عبدِ الرّحمن - وهو مُخْتَلفٌ في ضعفهِ - عن سعيدِ بن جُبَيْر عن ابنِ عبّاسٍ مَرفوعاً، ورَواهُ غُنْدَرٌ عن سعيدِ بنِ أبي عَروبةَ موقوفاً، وكذا رواهُ رَبيعةُ عن قَتادَةَ.
ورواهُ الشافِعيُّ من غيرِ وجْهٍ عن أبي قِلابَةَ عن ابنِ عبّاسٍ موقوفاً.
ورواهُ الدارَقُطنيُّ من طريقٍ فيها مَطَرٌ عن عطاءٍ عن ابنِ عبّاسٍ مرفوعاً، ومن حديثِ محمدِ بنِ عبدِ الرّحمنِ بنِ أبي لَيْلى عن عَطاءٍ عن عائشةَ موقوفاً.
= يعلى وغيرهم.
(37)
رواه البخاري (10/ 212).
(38)
رواه مسلم (1/ 464 الصيام).
(39)
رواه أبو داود (1/ 421) وابن ماجة (2903) وابن حبان (239 موارد)، والشافعي (2/ 105) عن ابن عباس موقوفاً والدارقطني عن ابن عباس مرفوعاً (2/ 269) وعن عائشة مرفوعاً (2/ 270) والشافعي مرسلاً (2/ 105).
(40)
رواه الدارقطني (2/ 269).
ورواهُ الشافعيُّ عن عَطاءٍ مُرْسَلاً، ولهذا الاضْطرابِ قالَ الإمامُ أبو بَكْر بنُ المُنْذِرِ: لا يَثبتُ حديثُ شُبْرُمَةَ، قلتُ: الصحيحُ أنّهُ موقوفٌ على ابنِ عبّاسٍ كما رواهُ الحُفّاظُ.
قالَ الشافعيُّ: أخْبرَنا القَدّاحُ عن الثَّوْريِّ عن زيدِ بنِ جُبَيْرٍ، قالَ:" إنّي لعندَ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ، وسُئِل عن هذهِ، فقالَ: هذهِ حَجّةُ الإسْلامِ، فليَلْتَمِسْ أن يَقضيَ نَذْرَهُ، فيمَنْ عليهِ الحَجُّ ونذَر حَجّاً "
(41)
.
عن ابنِ عبّاسٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قالَ:" عُمْرةٌ في رَمضانَ، تعدِلُ حَجّةً "
(42)
، أخرجاهُ.
فيهِ دلالةٌ على جَوازِ الاعَتمارِ في غيرِ أشْهرِ الحَجِّ.
عن ابنِ عبّاسٍ أنّهُ قالَ: " من السُّنّةِ أن لا يُحرَمَ بالحَجِّ إلا في أشهُرِ الحَجِّ "
(43)
، ذكرهُ البخاريُّ تعليقاً مَجزوماً بهِ.
ورواهُ ابنُ خُزَيْمةَ في صَحيحهِ، وأبو بكر الإسْماعيليُّ، والبيهقيُّ بإسْنادٍ صحيحٍ.
وقالَ البخاريُّ: قالَ ابنُ عمرَ: " أشْهرُ الحَجِّ: شَوّالٌ، وذو القَعْدَةِ، وعَشْرٌ من ذي الحِجّةِ "
(44)
، ورَواهُ الدارَقُطنيُّ.
ولهُ عن ابنِ مسعودٍ، وابنِ عبّاسٍ، وابنِ الزُّبيْرِ مِثْلُهُ.
قال الشافعيُّ: أخبرَنا مُسلمٌ عن ابنِ جُرَيْجٍ عن عطاءٍ، قال:" لا يُهلُّ أحدٌ بالحَجِّ قبلَ أشهُرِه، فإنَّ أهلَّ بالحَجِّ، فهي عُمْرةٌ "
(45)
.
(41)
رواه الشافعي (10/ 113)، والبيهقي (4/ 339).
(42)
رواه البخاري (10/ 116) ومسلم (4/ 61).
(43)
رواه البخاري معلقاً (9/ 192) وابن خزيمة (2596) والإسماعيلي في " معجمه "(89) والبيهقي (4/ 343).
(44)
رواه البخاري معلقاً (9/ 192) والدارقطني (2/ 226) ورواه الدارقطني عن ابن مسعود (2/ 226) وعن ابن الزبير (2/ 226) وعن ابن عباس (2/ 226).
(45)
رواه الشافعي (2/ 132)، والبيهقي (4/ 343).
عن عائشةَ، قالَتْ:" خَرجْنا مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقال: " مَنْ أرادَ منكُمْ أن يُهِلَّ بحجٍّ وعُمْرةٍ فليَفْعل، ومَنْ أرادَ أن يُهِلَّ بحجٍّ فليُهِلَّ، ومَنْ أراد أن يُهِلَّ بعُمْرةٍ فَليُهِلَّ، قالتْ: وأهلَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بالحَجِّ، وأهَلَّ بهِ ناسٌ معَهُ، وأهلَّ معَهُ ناسٌ بِعُمْرةٍ والحَجِّ، وأهَلَّ ناسٌ بعُمْرةٍ، وكُنتُ فيمن أهلَّ بعُمْرةٍ "
(46)
، أخرجاهُ.
فيهِ دلالةٌ على جَوازِ كلٍّ من الإفْرادِ، والتمتُّعِ، والقِرانِ، وهو من أحسنِ ما يُسْتَدَلُّ بهِ على أفْضليَّةِ الإفْرادِ.
ولمُسلمٍ عنها: " أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أفرَدَ الحَجَّ "
(47)
.
وعن ابنِ عمرَ: " أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَبّى بالحَجِّ وحدَهُ "
(48)
، أخرجاهُ.
قالَ رحمه الله: ثمَّ التَّمتُّع، عن ابنِ عمرَ، قالَ:" تمتَّعَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وأهدى فساقَ الهدْيَ من ذي الحُلَيْفةِ، وبدأ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فأهَلَّ بالعُمْرةِ، ثمَّ أهلَّ بالحَجِّ، وذكرَ الحديثَ "
(49)
، أخرجاهُ.
ولمُسلمٍ عن عِمْرانَ بنِ حُصَيْن
(50)
، وابنِ عبّاسٍ: نحو ذلك
(51)
.
ولنَا قولٌ: أنَّ التمتُّعَ أفْضَلُ الثلاثةِ، قالَ: ثُمَّ القِران.
عن بَكْرِ بنِ عبدِ اللهِ المُزَنيِّ عن أنَسٍ، قال: " سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يُلبّي بالحَجِّ والعُمْرةِ جَميعاً، قالَ بكْرٌ: فحدَّثتُ بذلكَ ابنَ عمرَ، فقال: لَبّى بالحَجِّ وحدَهُ، فلقيتُ أنَساً فحدّثْتُهُ بقولِ ابنِ عمرَ، فقالَ أنسٌ: ما يَعدّونَا إلا صِبْياناً، سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقولُ:
(46)
رواه البخاري (9/ 197) ومسلم (4/ 28).
(47)
رواه مسلم (4/ 31).
(48)
رواه البخاري (5/ 208 نواوي) ومسلم (4/ 52)، ولم ينسبه في نيل الأوطار (5/ 44) لا إلى مسلم وأحمد، ولم تذكر كلمة (وحده) في البخاري.
(49)
رواه البخاري (10/ 31) ومسلم (4/ 49).
(50)
رواه مسلم (4/ 48).
(51)
رواه مسلم (1/ 523).
لَبَّيْكَ عُمْرةً وحجّاً "
(52)
، رواهُ البخاريُّ، ومسلمٌ، وهذا لَفْظُهُ.
وقد رَوى هذا الحديثَ بضعةَ عَشَرَ تابعيّاً عن أنسٍ، وروى هذا المعنى عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم بضعة عشر صحابيّاً.
ومنهم مَنْ صرَّح بالقِران كما رواهُ
(53)
أبو داود، والنسائيُّ بإسنادٍ على شَرْطِ مُسلمٍ، عن البراءِ بن عازبٍ:" أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال لعليٍّ: إنّي سُقْتُ الهَدْيَ، وقَرَنْتُ ".
وقد حُكيَ قولُ الشافعيِّ أنَّ القِرانَ أفْضلُ مُطْلقاً.
عن جابرٍ أنّهُ قال: " أقْبَلنا مُهِلّينَ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بحَجٍّ مُفردٍ، وأقْبَلتْ عائشةُ بعُمْرةٍ، حتى إذا كنّا بسرفَ عركَت. . فذكر الحديثَ إلى أن قال: فقالَ لها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: هذا أمرٌ كتبَهُ اللهُ على بناتِ آدمَ، فاغْتَسِلي، ثمَّ أهِلِّي بالحجِّ، ففَعَلتْ: ووَقفَتِ المَواقفَ حتى إذا طَهُرَتْ طافتْ بالكعبةِ، وبالصَّفا والمَرْوَةِ، ثمَّ قالَ: قد حَلَلْتِ من حَجِّكِ وعُمْرتِكِ جميعاً، فقالتْ: يا رسولَ اللهِ إنّي أجدُ في نفسي أنّي لم أطِفْ بالبيتِ حتى حَجَجْتُ، قالَ: فاذهبْ بها يا عبدَالرّحمن، فأعْمِرْها من التنعيمِ وذلكَ ليْلةُ الحَصْبةِ "
(54)
، أخرجاهُ.
ففيهِ دليلٌ على جوازِ إدخالِ الحجِّ على العُمْرةِ قبل الطّوافِ، وصيرورةِ من فَعلَ ذلكَ قارناً، حيثُ قالَ:" قد حَللْتِ من حَجِّكِ وعُمْرتِكِ جميعاً، وكذا حديثُ ابنِ عمرَ المتقدّمُ: " وبدأ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهو يُهلُّ بالعُمْرةِ وحدَها، حتى كانَ بسَرفَ فأدخَلَ الحَجَّ على عُمْرتِهِ، ولمْ يَحِلَّ، وأهَلَّ بهما جميعاً حينَئذٍ إلى أنْ دخَلَ مَكّةَ "
(55)
، رواهُ
(52)
رواه البخاري (2/ 171 نواوي) ومسلم (4/ 52)، والبخاري أيضاً (5/ 208) دون كلمة وحده.
(53)
رواه أبو داود (1/ 417) والنسائي (5/ 149)، وحديث البراء في قوله لعلي:" إني سقت الهدي وقرنت "، أخرجه أبو داود (1/ 417) في حديث أطول.
(54)
رواه البخاري (10/ 120) ومسلم (4/ 35).
(55)
رواه ابن حبان ولم أجده.
أبو حاتم بن حِبّان البُسْتي في صَحيحِهِ هكذا، ولا أراهُ مَحفوظاً.
قالَ اللهُ تَعالى: " فَمَنْ تمتَّعَ بالعُمْرَةِ إلى الحَجِّ فَما اسْتَيْسرَ منَ الهَدْي. . . ".
وفي حديثِ ابنِ عمر: " تمتَّعَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وأهدى فسَاق الهَدْيَ من ذي الحُليْفةِ، وتمامُ الحَديثِ: أنّهُ أمرَ مَنْ تمتَّعَ مِن أصحابِهِ بالهَدْيِ "
(56)
. والحديثُ تمامُهُ في الصّحيحِ.
فأمّا القارنُ: فعن حفْصَةَ أُمِّ المُؤمنين، قالتْ: يا رسول اللهِ: ما شَأنُ النّاسِ حَلّوا من العُمْرةِ، ولمْ تَحلَّ أنتَ مِن عُمْرتِكَ؟ فقالَ: إنّي لَبَّدْتُ رأسي، وقلَّدْتُ هَدْيي، فلا أُحِلُّ حتى أنحَرَ "
(57)
، أخرجاهُ.
وسيأْتي قولُهُ: " لتَأْخذوا مناسِكَكُمْ "
(58)
.
(56)
تقدم.
(57)
رواه البخاري (2/ 213) ومسلم (4/ 50).
(58)
سيأتي.