الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
بابُ: كَفّارات الإحْرامِ
تقدّمَ حديثُ كَعْبِ بنِ عُجْرةَ في البابِ قبلَهُ، وهو أصلٌ لما يُقاسُ عليهِ من المَحظوراتِ بجامعِ التَّرَفُّهِ، وفيهِ التَّخْييرُ بينَ الشاةِ، وبينَ الطعامِ، وبينَ الصيامِ.
ورَوى الشافعيُّ عن مالكٍ هذا الحديثَ بسندِهِ، وفي آخرِهِ:" أيَّ ذلكَ فعَلْتَ، أجزأ عنكَ "
(1)
.
قالَ الشافعيُّ: أخبرَنا مسلمٌ عن ابنِ جُرَيْجٍ عن عَطاءٍ: أنّهُ قالَ: " في الشَّعرَةِ: مُدٌّ، وفي الشَّعرتينِ: مُدّانِ، وفي الثلاثِ فَصاعِداً دَمٌ "
(2)
.
وقد اسْتأْنسَ الشافعيُّ رحمه الله بهذا، ووجَهَّهُ الأصحابُ بشيءٍ آخرَ.
قالَ مالكٌ فيما بلَغَهُ عن عمرَ، وأبي هريرةَ:" أنّهم سُئِلوا عن رجلٍ أصابَ أهلَهُ وهو مُحْرِمٌ بالحَجِّ، فقالوا: يَنْفُذانِ لِوَجْهِهما حتى يَقْضِيا حَجَّهما، ثمَّ عليهما حَجٌّ قابِلٌ، والهَدْيُ، قالَ عليٌّ: فإذا أهَلاّ بالحَجِّ من عامٍ قابِلٍ وتَفرَّقا حتى يَقْضيا حَجَّهما "
(3)
.
ورَوى البيهقيُّ عن عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ عن أبيهِ عن جدِّهِ، وعبدِ الله بنِ عمرَ، وابنِ عبّاسٍ، نحوَ ذلك
(4)
، وإسْنادُهُ ثَقاتٌ أئِمّةٌ، إلى عَمْرِو بنِ شُعَيْبٍ، وفي هذا السِّياقِ التصريحُ بسماع شُعَيْبٍ من هؤلاءِ الثلاثةِ.
عن ابنِ عبّاسٍ: " أنّهُ سُئِلَ عن رجلٍ وقَعَ بأهْلِهِ وهو بمَنىً قبلَ أن يَفيضَ، فأمَرهُ
(1)
رواه الشافعي (2/ 36) بدائع المنن.
(2)
رواه الشافعي كما نقله عنه البيهقي في " المعرفة "(9694)، والبيهقي (5/ 62) من طريقه.
(3)
رواه مالك (1/ 272) الموطأ.
(4)
رواه البيهقي (5/ 168).
أن يَنحرَ بَدَنَةً "
(5)
، رواهُ الشافعيُّ عن مالكٍ عن أبي الزُّبَيْرِ عن عَطاءٍ عنهُ.
قالَ اللهُ: " يا أيُّها الذينَ آمَنوُا لا تَقتُلوا الصَّيْدَ وأنتُمْ حُرُمٌ ومَنْ قَتَلَهُ مِنكُمْ مُتعمِّداً فجزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحكُمُ بهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدياً بالِغَ الكَعْبَةِ أو كَفَّارَةٌ طَعامُ مَسَاكينَ أوْ عدْلُ ذلِكَ صِيامَاً. . " الآية.
قال الشافعيُّ: أخبرنا سعيدُ بنُ سالمٍ عن ابنِ جُرَيجٍ عن عطاءٍ الخُراسانيِّ: " أنَّ عمر، وعثمان، وعَليّاً، وزيدَ بنَ ثابتٍ، وابنَ عبّاسٍ، ومعاوية، قالوا في النَّعامةِ يقتلُها المُحْرِمُ: بدَنةٌ من الإبلِ "
(6)
.
قالَ الشافعيُّ: وهذا غيرُ ثابتٍ عندَ أهلِ العلمِ بالحديثِ، وهو قولُ أكثرِ من لقيتُ فيهِ أقولُ وبالقياسِ، لا بهذا، يُريدُ الشافعيُّ أنَّ عطاءً الخُراسانيَّ لمْ يَثبتْ لهُ سَماعٌ من واحدٍ من هولاءِ.
وعن ابنِ عبّاسٍ: أنّهُ قالَ: " في النَّعامَةِ جَزورٌ، وفي البقَرةِ: بقرةٌ، وفي الحمار: بقَرةٌ "
(7)
، رواهُ الدارَقُطنيُّ، والبيهقيُّ، وقالَ: إسْنادٌ حسَنٌ.
عن جابرٍ، قالَ:" جعلَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في الضَّبْعِ يُصيبُهُ المحْرِمُ: كَبْشاً، وجَعَلَعُ من الصَّيْدِ "
(8)
، رواهُ الشافعيُّ، وأحمدُ، وأهلُ السُّنَنِ، والدارقطنيُّ، ولفظُهُ لأبي داود، وإسْنادُهُ على شَرْطِ مُسلمٍ، ولهُ مُتابِعٌ.
وقالَ البخاريُّ والترمِذِيُّ: حسَنٌ صحيحٌ.
(5)
رواه البيهقي من طريق الشافعي في الكبرى (5/ 171)، وذكر قول الشافعي عقبه: وبهذا نأخذ.
(6)
رواه الشافعي (2/ 162)، والبيهقي من طريقه في الكبرى (5/ 182) وعقبه بقوله:" كما هنا ".
(7)
رواه الدارقطني (2/ 247) والبيهقي (5/ 182).
(8)
رواه الشافعي (2/ 164) وأحمد (17/ 70) وأبو داود (2/ 319) والنسائي (7/ 200)، والترمذي (2/ 172) وابن ماجة (3085) والدارقطني (2/ 245).
ورواهُ الدارَقُطنيُّ أيضاً من حديثِ ابنِ عبّاس مرفوعاً "
(9)
، وإسْنادُهُ لا بَأْسَ بهِ.
وعن جابرٍ: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: " في الضَّبعِ إذا أصابهُ المُحرِمُ كبْشٌ، وفي الظبي: شاةٌ، وفي الأرنبِ: عَناقٌ، وفي اليَربوعِ: جَفْرَةٌ، والجَفْرةُ التي قد ارْتَعتْ "
(10)
، رواهُ الدارَقُطنيُّ من حديثِ الأجْلحِ بنِ عبدِ اللهِ الكِنْدِيِّ، وهو مُختَلَفٌ فيهِ عن أبي الزُّبَيْرِ عن جابرٍ.
ورواهُ الشافعيُّ عن مالكٍ عن أبي الزُّبَيْرِ عن جابرٍ عن عمرَ قَوُله
(11)
- وهذا هوَ الصحيحُ.
قالَ الشافعيُّ: أخبرَنا سفيانُ عن عَمْرٍو عن عَطاءٍ: " أنَّ غلاماً من قُريشٍ قتلَ حمامةً من حمامِ مَكَّةَ، فأمَرَ ابنُ عبّاسٍ أن يُفْدى عنهُ بشاةٍ "
(12)
، إسنادٌ صحيحٌ.
ورُوي أيضاً عن عمر بنِ الخطّابِ: " أنّهُ أتلفَ طيراً من حَمامِ الحرَمِ، فحكَمَ عليهِ عثمانُ بنُ عفّانَ، ونافعُ (بنُ) عبدِ الحارثِ بعَنْزٍ ثَنيَّةٍ "
(13)
.
عن أبي المُهَزِّمِ عن أبي هريرة: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: " في بيضِ النَّعامِ يُصيبُهُ المُحْرِمُ ثَمنُهُ "
(14)
، رواهُ ابنُ ماجَةَ، اسمُ أبي المُهَزِّمِ: يزيدُ بنُ سُفْيانَ، وهو ضعيفٌ.
ورَوى البيهقيُّ: " سُئِلَ ابنُ عبّاسٍ عن الصَّيدِ يَصيدُهُ المُحْرمُ، ولا مِثْلَ لهُ من
(9)
رواه الدارقطني (2/ 245).
(10)
رواه الدارقطني (2/ 246)، والبيهقي (5/ 183)، وقوله عن الجفرة:" التي أرتعت " هكذا يعني بلغت أن تأكل وفصلت عن أمها بعد أربعة أشهر، ويحتمل أربعت، بالياء يعني بلغت أربعة أشهر والله أعلم.
(11)
رواه الشافعي (2/ 27). بدائع المنن، والبيهقي كذلك (5/ 183).
(12)
رواه الشافعي (2/ 32) بدائع المنن، والبيهقي (5/ 205).
(13)
رواه الشافعي (2/ 31) بدائع المنن، قلت: بالأصل: نافع عبد الحارث والصواب كما أثبتناه لأنه نافع بن عبد الحارث الصحابي المعروف (10/ 406) التهذيب وأخرجه البيهقي (5/ 205).
(14)
رواه ابن ماجة (3068).
النَّعمِ؟ فقالَ ابنُ عبّاسٍ: ثَمنُهُ يُهْدى إلى مَكّةَ "
(15)
.
عن ابنِ عبّاسٍ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يومَ فَتح مَكّةَ: " إنَّ هذا البلدَ حرّمَهُ اللهُ يومَ خلَقَ السّمواتِ والأرضَ، فَهو حَرامٌ بحرمةِ اللهِ إلى يومِ القيامةِ: لا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، ولا يُنَفَّر صيْدُهُ، ولا يَلْتَقِطُ لُقطَتَهُ إلا مَنْ عرَّفَها، ولا يُخْتَلى خَلاها، فقالَ العبّاسُ: يا رسولَ اللهِ: إلا الإذْخِرَ، فإنَّهُ لِقَيْنِهِمْ وبُيُوتِهمْ، فقالَ: إلا الإذْخِرَ "
(16)
، أخرجاهُ.
قالَ الشافعيُّ عن ابنِ الزُّبَيْرِ، وعَطاءٍ: إنَّ في الدَّوْحةِ وهيَ الشجرةُ العظيمةُ: بقرةٌ، وقالَ عطاءٌ: وفي الشّجرةِ دونَها: شاةٌ "
(17)
.
عن أنَسٍ، قالَ:" حرَّمَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِن كَذا إلى كَذا، لا يُقْطَعُ شجَرُها "، وفي لفظٍ:" ولا يُخْتَلى خَلاها، فمَنْ فَعلَ ذلكَ، فعَلَيْهِ لعنةُ اللهِ والملائكةِ، والنّاسِ أجمعين "
(18)
، أخرجاهُ.
وعن أبي سعيدٍ: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: " اللهُمَّ إنَّ إبراهيمَ حرَّمَ مكّةَ فجعَلها حَراماً، وإنّي حَرَّمتُ المدينةَ حَراماً ما بينَ لابَتَيْها، لا يُهْراقُ فيها دمٌ، ولا يُحمَلُ فيها سِلاحٌ لِقتالٍ، ولا تُخبَطُ فيها شَجرَةٌ إلا لِعَلفٍ "
(19)
، رواهُ مُسلمٌ.
وفي هذا المعنى أحاديثُ كثيرةٌ جدّاً.
عن سَعْدِ بنِ أبي وَقّاصٍ: " أنّهُ ركِبَ إلى قَصْرِهِ بالعَقيقِ، فوجَدَ عَبْداً يَقْطَعُ شَجراً أو يخبطُهُ فسلَبَهُ، فلمّا رجَعَ سَعْدٌ جاءَهُ أهلُ العبدِ فكلّموهُ أن يَرُدَّ على غُلامِهم، أو عليهم ما أُخذَ من غُلامِهم، فقالَ: مَعاذَ اللهِ أن أرُدَّ شيئاً نفَّلَنيهِ رسولُ
(15)
رواه البيهقي (5/ 206)، وقال:" كل ما دون الحمام ففيه ثمنه ".
(16)
رواه البخاري (10/ 189) ومسلم (4/ 109).
(17)
رواه الشافعي (2/ 208 الأم معلقاً)، والبيهقي (5/ 196)، قلت: بالأصل: كأنه أبو الزبير والصواب كما أثبتناه كما هو عند البيهقي وغيره ومن طريق الشافعي رواه.
(18)
رواه البخاري (25/ 43) ومسلم (4/ 114).
(19)
رواه مسلم (4/ 117).
اللهِ صلى الله عليه وسلم، وأبى أن يَرُدَّ عَلَيْهمْ "
(20)
، رواهُ مُسلمٌ.
قالَ اللهُ: " هَدْياً بالِغَ الكَعْبَةِ ".
عن ابنِ عمرَ: " أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خرَجَ مُعْتَمِراً، فَحالَتْ كُفّارُ قُرَيشٍ بينَهُ وبينَ البيتِ، فَنحرَ هدْيَهُ، وحَلَقَ رأْسَهُ بالحُدَيْبيَةِ، وقاضاهُم على أن يَعْتمِرَ إلى العامِ المُقْبلِ، فدَخلَ كما كانَ صالَحَهُمْ، فلما أن أقامَ بها ثلاثاً أمَروهُ أن يَخرُجَ، فخرَجَ "
(21)
، رواهُ البخاريُّ.
وقالَ مالكٌ: الحُدَيْبيَةُ خارجُ الحَرَمِ.
وقالَ في المُهَذَّبِ: بينَها وبينَ الحَرَمِ ثلاثةُ أميالٍ.
وقالَ الشافعيُّ: بعضُ الحُدَيْبيَةِ في الحِلِّ، وبعضُها في الحَرَمِ.
(20)
رواه مسلم (4/ 113).
(21)
رواه البخاري (13/ 279).