الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
11 -
بابُ: الأَطْعِمةِ
قالَ تَعالى: " أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهيمةُ الأَنْعَامِ "، والأَنْعامُ: هيَ: الإبِلُ، والبَقرُ، والغَنَمُ، التي فَصّلَها في قولِهِ تَعالى:" ثَمانيةَ أَزْواجٍ "، ومن السُّنّةِ بنَحْرِهِ عليه السلام الإبِلَ في مَناسِكِهِ، وأَمرِهِ إيّاهُم أَن يَشْترِكوا في الإبِلِ، والبَقرِ، وتَضْحيَتِهِ بالغَنمِ، إلى غيرِ ذلكَ مِمّا يَطولُ تَفصيلُهُ، وقدْ أجمعَ المسلمون على ذلكَ إجْماعاً قَطْعيّاً.
فأَمّا الخيلُ: فعَن جابرٍ، قالَ:" نَهى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن لحومِ الحُمُرِ الأَهْليّةِ، وأَذِنَ في لحومِ الخيلِ "
(1)
، أَخرجاه.
قالَ اللهُ تَعالى: " وَيُحرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبائثَ ".
عن رافعِ بنِ خَديجٍ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " ثمنُ الكلبِ خَبيثٌ "
(2)
، رواهُ مُسلم.
قالَ تَعالى: " حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ المَيْتَةُ والدَّمُ وَلَحْمُ الخِنْزيرِ ".
عن بُرَيدةَ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَن لَعِبَ بالنَّردشيرِ فكأنّما صبَغَ يدَهُ في لحمِ الخنزيرِ ودمِهِ "
(3)
، رواهُ مُسلمٌ، فقد بشع ذلكَ بصبغِ اليَدِ فيهِ، فما ظَنُّكَ بأَكلِهِ.
عن جابرٍ، قالَ:" ذَبحْنا يومَ خَيْبَرَ الخيلَ والبِغالَ والحميرَ، فَنهانا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن البِغالِ، والحميرِ، ولمْ يَنْهَنا عن الخيلِ "
(4)
، رواهُ أحمدُ، وأبو داود، كلٌّ مِنهما من طريقِ على شَرطِ مُسلمٍ، لكنَّ الحديثَ في " الصَّحيحينِ " كما تقدّمَ، وليسَ فيه ذِكرُ البِغالِ.
(1)
رواه البخاري (21/ 129) ومسلم (6/ 66).
(2)
رواه مسلم (5/ 35).
(3)
رواه مسلم (7/ 50).
(4)
رواه أحمد (الفتح الرباني 17/ 66) وأبو داود (2/ 316).
عن جابرٍ، قالَ:" نَهى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن أَكلِ الهِرِّ وأَكلِ ثَمنِها "
(5)
، رواهُ أبو داود، والترمذيُّ، وابنُ ماجَةَ من حديثِ عمرَ بنِ زيدٍ الصَّنْعانيِّ - وهو ضَعيفٌ -، ولمْ يَرْوِ عنهُ سِوى عبدِ الرّزاقِ، ولكنْ سيأتي نَهْيُهُ عليه السلام " عن كلِّ ذي نابٍ من السِّباعِ ".
ورَوى الإمامُ أحمدُ عن أبي النَّضْرِ عن عيسى بنِ المُسَيَّبِ عن أبي زُرْعَةَ عن أبي هريرةَ مرفوعاً: " الهرَّةُ سَبْعٌ "
(6)
، وعيسى هذا ضَعيفٌ. تقدَّمَ حديثُ أبي قَتادةَ، والصَّعْبِ بنِ جَثّامَةَ في الحمارِ الوَحْشي.
وتقدّمَ في أبوابِ الإحرامِ حديثُ جابرٍ في الضَّبُع والضَّبُّ يُؤْكَلُ بالإجماعِ.
وقالَ أبو هريرةَ: " لوْ رأيتُ الظَّباءَ تَرتعُ في جَوانبِها ما ذَعَرْتُها "
(7)
، أخرجاهُ.
وقالَ الشافعيُّ: لم تَزَلِ العربُ إلى اليومِ تأكلُ الضَّبُعَ، والثعلبَ، وتأكلُ الضَّبَّ، والأرنبَ، وحمارَ الوَحْشِ، ولمْ تَزَلْ تدعُ أكلَ الأسدِ، والنَّمِرِ، والذِّئْبِ تحريماً بالتَّقَذُّر.
عن أنسٍ، قالَ:" أَنْفَجْنا أرْنباً بِمَرِّ الظَّهْرانِ فَسَعى القومُ فَلَغَبوا، فأَدْرَكْتُها وأَخَذْتُها، فأَتَيْتُ بها أبا طَلْحةَ، فذَبَحها وبعثَ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِوَرِكِها وفَخِذَيْها فَقبِلَهُ "
(8)
، أَخرَجاه.
ولهما عن ابنِ عبّاسٍ، قالَ:" سأَلتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن الضَّبِّ، أحرامٌ هوَ؟ قال: لا "
(9)
.
عن ابنِ عبّاسٍ: أنهُ قالَ: " وكانَ أهلُ الجاهِليَّةِ يأكلونَ أشياءَ، ويتركونَ أشياءَ تَقَذُّراً، فبعَثَ اللهُ نبيَّهُ، وأنزلَ كتابَهُ، فأَحَلَّ حلالَهُ، وحرَّمَ حرامَهُ، فما أحَلَّ فهو حَلالٌ،
(5)
رواه أبو داود (2/ 230) والترمذي (2/ 375) وابن ماجة (3250).
(6)
رواه أحمد (الفتح الرباني 17/ 81).
(7)
رواه البخاري (10/ 236) ومسلم (4/ 116).
(8)
رواه البخاري (21/ 135) ومسلم (6/ 71)، في البخاري: بلفظ: " بوَركَيْها أو فَخِذَيْها " ولفظ مسلم: " بوَرِكيها وفَخِذَيْها ".
(9)
رواه البخاري (21/ 137) ومسلم (6/ 167).
وما حرَّمَ فهو حَرامٌ، وما سَكتَ عنهُ، فهو عَفْوٌ، وتَلا: " قُلْ لَا أَجِدُ فيما أُوحِيَ إليَّ. . . إلى آخر الآيةِ
(10)
، رواهُ أبو داود، بإسْنادٍ صحيحٍ من قولِ ابنِ عبّاسٍ الحَبْرِ تَرْجُمانِ القرآنِ.
وهذهِ قاعِدةٌ عظيمةٌ في بابِ التَّحليلِ والتّحريمِ، وثَمَّ قاعِدَةٌ أُخْرى، وهي ما أُمِرَ بقتلِهِ أو نُهيَ عن قتلِهِ من الدّوابِّ، فهو: حَرامٌ، وما ذاكَ إلا لاحترامِ ما نُهي عَن قتلِهِ، ولخُبثِ ما أُمِرَ بقتلِهِ، وقد قالَ تَعالى:" وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِث "، وذلكَ كحديثِ أبي هريرةَ في " الصّحيحين ":" أنّهُ عليه السلام أمَرَ بقتلِ الأَسْودينِ في الصّلاةِ: الحَيَّةِ، والعَقْرَبِ "
(11)
، وحديثِ سَعْدٍ فيهما:" أَنّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أمرَ بقتلِ الوَزَغِ، وسَمّاهُ فُوَيْسِقاً "
(12)
.
عن أبي ثَعْلَبةَ: " أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهى عن أَكْلِ كلِّ ذب نابٍ منَ السِّباعِ "
(13)
، أَخرجاه.
تقدَّمَ في الأَثَرِ أَنَّ النَّعامَةَ تُفْدَى.
عن أَبي موسى قالَ: " رأيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يأكلُ لحْمَ الدّجاجِ "
(14)
، أخرجاه.
عن صُهَيْبٍ عن عبدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو يرفَعُهُ: " مَن قتَلَ عُصْفوراً فَما فوقَها بغيرِ حقِّها، سألَهُ اللهُ عنها يومَ القيامَةِ، قيلَ: يا رسولَ اللهِ وما حَقُّها؟ قالَ: أن تذبَحَهُ فَتَأْكُلَهُ، ولا تَقطع رأسَهُ فترميَ بهِ "
(15)
، رواهُ أحمدُ، والنسائيُّ بإسْنادٍ حَسنٍ.
عن ابن عبّاسٍ، قالَ: " نَهى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن كلِّ ذي نابٍ من السِّباعِ، وكلِّ
(10)
رواه أبو داود (2/ 319).
(11)
أظن الشارح قد وهم في نسبته إليهما، لم أجده في البخاري ولا مسلم ولكن رواه أبو داود (1/ 211) والترمذي (1/ 241) والنسائي (3/ 10) وابن ماجة (1245) ولم ينسبه في نيل الأوطار إليهما.
(12)
رواه البخاري (15/ 194) ومسلم (7/ 42).
(13)
رواه البخاري (21/ 132) ومسلم (6/ 59).
(14)
رواه البخاري (21/ 126) ومسلم (5/ 84).
(15)
رواه أحمد (المسند 2/ 166) والنسائي (7/ 207).
ذي مِخْلَبٍ من الطَّيرِ "
(16)
، رواهُ مُسلم.
تقدّمَ قتلُ الحِدَأَةِ، وفي بعضِ طرُقِ الحديث:" الأَبْقَع "
(17)
.
عن مُجاهدٍ عن ابنِ عمرَ، قالَ:" نَهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن أكل الجَلاّلَةِ وأَلبانِها "
(18)
، رواهُ أحمدُ، وأبو داود، وابنُ ماجَةَ، والترمِذِيُّ، وقالَ: حسَنٌ غَريبٌ.
قلتُ: وهو من روايةِ محمدِ بن إسحاقَ عن ابنِ أبي نَجيحٍ عن مُجاهدٍ، فذكَرَهُ. قال الترمذِيُّ: ورواهُ الثَّوريُّ عن ابنِ أبي نجيحٍ عن مُجاهدٍ مُرْسَلاً.
عن عبدِ الرّحمن بنِ عثمانَ، قالَ:" ذكرَ طيبٌ عندَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم دواءاً، وذكرَ الضِّفْدعَ، فنَهى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن قتلِ الضِّفْدعِ "
(19)
. رواهُ أَحمدُ، وأبو داود، والنَّسائيُّ من حديثِ سعيد بن خالدٍ القارِظيِّ، وقد اخْتُلِفَ فيهِ، وللنَّسائيِّ أيضاً عن عبدِ الله بنِ عَمْرو:" نَهى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن قتلِ الضِّفدَعِ، وقالَ: نَقيقُها تَسبيحٌ "
(20)
.
قالَ تَعالى: " أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ البَحْرِ وَطَعَامُهُ ".
وتقدَّمَ: " أُحِلَّتْ لنا مَيتتانِ السّمَكُ والجَرادُ "
(21)
.
وحديثُ: " هو الطَّهورُ ماؤُهُ، الحِلُّ مَيتتُهُ "
(22)
، وهو عامٌّ في جميعِ صيدِ البَحرِ إلا ما خرَجَ بدليلٍ.
عن ابنِ عبّاسٍ، قالَ: " ماتَتْ شاةٌ لسَوْدَةَ، فقالَتْ: يا رسولَ اللهِ: ماتتْ فُلانةُ تَعني، الشاةَ، قالَ: فلولا أَخَذْتُم مَسْكَها؟ قالوا: أنأْخُذُ مَسْكَ شاةٍ قد ماتَتْ؟ فقالَ لها:
(16)
رواه مسلم (6/ 60).
(17)
تقدم.
(18)
رواه أحمد (المسند 1/ 226) وأبو داود (2/ 316) وابن ماجة (3189) والترمذي (3/ 175).
(19)
رواه أحمد (الفتح الرباني 17/ 158) وأبو داود (2/ 334) والنسائي (7/ 210).
(20)
رواه النسائي لعله في الكبرى له، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (9/ 318) موقوفاً عليه بإسناد صحيح مع النهي عن قتل الخفاش.
(21)
تقدم.
(22)
تقدم.
إنّما قالَ اللهُ: " قُلْ لا أَجِدُ فيمَا أُوحِيَ إليَّ مُحَرَّماً على طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إلاّ أنْ يَكونَ مَيْتَةً أو دَمَاً مَسْفُوحَاً أوْ لَحْمَ خِنْزيرٍ "، وأَنتم لا تَطعمونَهُ، أن تَدْبُغوهُ تَنْتَفِعوا بهِ "
(23)
، رواهُ أَحمدُ بإسْنادٍ صحيحٍ، فيما قالَهُ الإمامُ مَجدُ الدينِ، وفيهِ دلالةٌ لتحليلِ جلدِ المَيْتةِ المَدبوغِ، وهو أَصحُّ القولين.
وعن أَبي هريرةَ، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَن قتَلَ نفسَهُ بِسُمٍّ، فَسُمُّهُ في يَدِهِ يَتَحَسّاهُ في نارِ جَهَنّمَ خالِداً مُخَلَّداً فيها أَبداً "
(24)
، أخرجاه.
وعنهُ، قالَ:" نَهى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن الدّواءِ الخَبيثِ يَعني السَّمّ "
(25)
، رواهُ أحمدُ، والترمِذيُّ، وابنُ ماجَةَ.
قالَ تعالى: " فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ ولا عادٍ فَإنَّ اللهَ غَفورٌ رَحيمٌ ".
عن جابرِ بنِ سَمُرَةَ: " أَنَّ رجلاً نزَلَ على الحَرَّةِ ومعَهُ أَهلُهُ ووَلَدُهُ، فقالَ لهُ رجلٌ: إنّ ناقةً لي ضلَّتْ، فإن وجدْتَها فأَمْسِكْها، فَوجَدَها ولمْ يجدْ صاحبَها فمَرضَتْ، فقالَتْ امرأَتُهُ: انْحرْها، فأَبى فنَفَقَتْ، فَقالَتْ امْرَأَتُهُ: اسْلَخْها حتى نُقَدِّدَ شَحْمَها ولحمَها، فقالَ: حتّى أَسأَلَ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فأَتاهُ فَسَأَلَهُ، فقالَ: هَلْ عندَكَ غِنىً يُغْنيكَ؟ قالَ: لا، قالَ: فَكلوها، فجاءَ صاحبُها فأخبرَهُ الخبَرَ، قالَ: هلاّ كُنتَ نَحَرْتَها، قالَ: استَحْييْتُ "
(26)
، رواهُ أَحمدُ، وأَبو داود، والّلفْظُ لهُ، وإسْنادُهُ على شَرْطِ مُسلم.
عن وائلِ بنِ حُجْرٍ: " أَنَّ طارقَ بنَ سُوَيدٍ الجُعْفيِّ سأَلَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن الخَمرِ، فَنَهاهُ، قالَ: إنّما أصنَعُها للدّواءِ، فقالَ: إنّهُ ليسَ بدواءٍ، ولكنّهُ داءٌ "
(27)
، رواهُ مُسلمٌ.
(23)
رواه أحمد (المسند 1/ 327) والذي صححه هو الإمام مجد الدين - وإن كان غير واضح بالأصل، ولعله هو ولست أجزم به.
(24)
رواه البخاري (21/ 291) ومسلم (1/ 72).
(25)
رواه أحمد (الفتح الرباني 17/ 57) والترمذي (3/ 261) وابن ماجة (3459).
(26)
رواه أحمد (الفتح الرباني 17/ 82) وأبو داود (2/ 322)، هكذا بالأصل، وقد سقط من متنه كما يظهر كلمة (منك) في آخره بعد كلمة (استحييت) كما هو عند أبي داود والبيهقي (9/ 356).
(27)
رواه مسلم (6/ 89).
عن ابنِ عبّاسٍ، قالَ:" احتجَمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وأعطى الذي حجَمَهُ أَجْرَهُ، ولو كانَ حَراماً، لَمْ يُعْطهِ أَجرَهُ "
(28)
، رواهُ البخاريُّ.
ولمسلمٍ: نحوُهُ.
ولهُ عن رافعِ بنِ خَديجٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قالَ:" كَسْبُ الحجَّامِ خَبيثٌ، ومَهْرُ البَغِيِّ خَبيثٌ، وثَمنُ الكلبِ خَبيثٌ "
(29)
.
وعن مُحَيِّصَةَ بنِ مَسعودٍ: " أَنهُ استأْذنَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم في إجارةِ الحجَّامِ، فنَهاهُ عنها، ولمْ يَزلْ يسأَلُهُ فيها حتى قالَ لهُ: اعْلِقْهُ ناضِحَكَ، وأَطْعِمْهُ رَقيقَكَ "
(30)
، رواهُ الأئِمّةُ مالكٌ، والشافعيُّ، وأَحمدُ.
(28)
رواه البخاري (12/ 102) ومسلم (5/ 39).
(29)
رواه مسلم (5/ 35).
(30)
رواه مالك (2/ 245) والشافعي (8/ 405 الأم) وأحمد (المسند 435) ورواه الترمذي (2/ 373) وابن ماجة (2166).