الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
كتابُ الزَّكاةِ
قالَ اللهُ سبحانَهُ: " وأقيمُوا الصَّلاةَ وآتُوا الزَّكاةَ " في آيٍ كَثيرٍ من القرآن.
وتقدَّمَ حديثُ ابنِ عمرَ: " بُنيَ الإسلامُ على خَمْسٍ: شهادةِ أن لا إلهَ إلاّ اللهُ، وأنَّ محمداً رسولُ اللهِ، وإقامِ الصّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ. . الحديث
(1)
.
ووجوبُ الزّكاةِ في الجُمْلةِ معلومٌ من الدّينِ ضَرورةً.
قالَ اللهُ تعالى: " خُذْ مِنْ أمْوالِهِمْ صَدَقةً تُطهِّرهُمْ وتُزَكِّيهِمْ بِهَا ".
وسيأتي قولُهُ عليه السلام: " ليسَ فيما دونَ خَمْسِ أواقٍ صدَقة "
(2)
، استَدِلَّ بذلكَ للإمام الشافعيِّ على أنَّ الزكاة واجبَةٌ في كلِّ مالِ، كلِّ حرٍّ مسلمٍ، وذلك عامٌّ في كلِّ كبيرٍ وصغيرٍ، يتيمٍ أو غيرِهِ، ويُقَوِّي هذا ما رواهُ الترمِذِيُّ من حديثِ المُثنَّى بنِ الصَّباحِ عن عمرِو بنِ شُعَيْبٍ عن أبيهِ عن جدِّهِ:" أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم خطَبَ الناسَ، فقالَ: ألا مَنْ وَليَ يتيماً لهُ مالٌ، فليَتَّجرْ فيهِ، ولا يَتركْهُ حتّى تأكلَهُ الصّدقَةُ "
(3)
.
ورواهُ الدّارَقُطنيُّ من هذا الوجهِ، ومن وجْهينِ آخرَينِ، ولا يثبتُ شيءٌ منهما. وقالَ هو، والبَيْهقيُّ: الصّحيحُ أنّهُ من قولِ عُمرَ.
وقال الشافعيُّ: أخبرنا عبدُ المَجيدِ عن ابنِ جُرَيْجٍ عن يوسفَ بنِ ماهِكٍ: أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: " ابْتَغوا في مالِ اليتيم، لا تُذهِبها الصّدقَةُ، أو لا تَسْتَهلِكها الصَّدقةُ "
(4)
، وهذا مُرْسَلٌ.
(1)
تقدم.
(2)
رواه مسلم في حديث أطول (1/ 390) والبخاري (2/ 156 - 144).
(3)
رواه الترمذي (3/ 32)، والدارقطني (2/ 110).
(4)
رواه الشافعي (2/ 24).
قالَ الشافعيُّ: ورُوِّينا وجوبَ زكاةِ مالِ اليتيمِ عن عمرَ، وعليٍّ، وعائشةَ، وابن عمرَ، وغيرِهم، معَ أنّ الأكثرَ من التابعين قبلَنا يقولونَ بهِ.
عن ابنِ عمرَ، قالَ:" ليسَ في مالِ العبدِ زَكاةٌ "
(5)
، رواهُ الشافعيُّ والبيهقيُّ، وقالَ: رُوِّيناهُ عن جابرٍ أيضاً، ورُويَ عن جابرٍ مرفوعاً، ولا يَصحُّ.
قالَ الشافعيُّ: ورُويَ عن سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، وسعيدِ بنِ جُبَيْر أنهما قالا:" ليسَ في مالِ المُكاتبِ زكاةٌ "
(6)
.
عن ابنِ عبّاسٍ: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بعثَ مُعاذاً إلى اليَمنِ، فقال:" ادْعُهُمْ إلى شهادةِ أن لا إلهَ إلاّ اللهُ، وأنّي رسولُ اللهِ، فإن هُم أطاعوا لكَ بذلكَ، فأعْلِمْهُم أنَّ اللهَ قد افترَضَ عليهم خَمْسَ صَلواتٍ في كلِّ يومٍ ولَيْلةٍ، فإنْ هُم أطاعوا بذلكَ، فأعْلِمْهُم أنَّ اللهَ افترضَ عليهم صدَقةً في أموالِهم، تُؤخَذُ من أغنيائِهم فتُرَدُّ على فُقرائِهم، فإن هُم أطاعوا بذلكَ، فإيّاكَ وكرائِمَ أموالهم، واتَّقِ دعوةَ المَظلومِ، فإنّهُ ليسَ بينَها وبينَ اللهِ حجابٌ "
(7)
، أخرجاهُ.
استدل بهِ على عدَمِ وجوبِ الزّكاةِ على الكافرِ الأصلي، فأمّا المرتدُّ، فقد عُلِمَ بالتواترِ أنَّ الخليفةَ أبا بكر الصّدّيقَ رضي الله عنه قاتلَ أهلَ الرِّدّةِ ومانعي الزَّكاةِ، حتى أخذَها منهم، وقالَ لعمرَ رضي الله عنه: واللهِ لأُقاتِلَنَّ مَنْ فرَّقَ بينَ الصّلاةِ والزَّكاةِ، واللهِ لو مَنَعوني عَناقاً، وفي روايةٍ:" عِقالاً "
(8)
، كانوا يُؤدونهُ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لأُقاتِلَنَّهم على مَنْعِها "، وهو في الصّحيحين، وغيرِهما من كتب الإسلامِ.
عن الحَسنِ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قالَ: " لمْ تُفْرَض - يعني الزكاةَ - إلاّ في عَشرة أشياء:
(5)
البيهقي (4/ 108).
(6)
رواه البيهقي (4/ 109) عن ابن عمر موقوفاً عليه، وعن جابر كذلك، وقال: وهو قول سعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، وعطاء ومكحول، ومسروق.
(7)
رواه البخاري (2/ 158) ومسلم (1/ 29).
(8)
رواه البخاري (2/ 147، 131 نواوي) ومسلم (1/ 29 - 30).
الإبلِ، والبقرِ، والغنم، والذّهبِ، والفضّةِ، والحنطةِ، والشعيرِ، والتمرِ، والزَّبيبِ، والذُّرةِ ".
وفي رواية: " والسُّلْت بَدَل الذّرَةِ "
(9)
، ورواهُ البَيْهقيُّ من حديثِ عَمْرِو بنِ عُبَيْد داعيةِ الفِرْقةِ القَدَريّةِ خَذَلها اللهُ، قالَ: وقد عُلِمَ الكلامُ في روايةِ الداعيةِ، وأنّها لا تُقْبَلُ، والله أعلمُ، ولكنْ سيأتي كلٌّ من هذهِ في بابِهِ الخاصِّ بهِ إن شاءَ اللهُ تعالى وبهِ الثِّقةُ.
قالَ اللهُ: " خُذْ مِنْ أمْوالِهِمْ ".
وفي حديثِ مُعاذٍ: " فأعْلِمْهم أنَّ اللهَ افترَضَ عَليْهم صدَقةً في أمْوالِهم "
(10)
، يُؤْخَذُ من ذلكَ أنّها تجِبُ في غيرِ المالِ.
(9)
رواه البيهقي (4/ 129).
(10)
تقدم.