الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَخْرَجُ الْيَمِينِ كَالْحَجِّ وَالصَّوْمِ وَالصَّدَقَةِ، وَقَدْ حَكَوْا هُمْ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ رَجَعَ قَبْلَ مَوْتِهِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إلَى التَّكْفِيرِ، وَالْحَنَابِلَةُ يُفْتِي كَثِيرٌ مِنْهُمْ بِوُقُوعِ طَلَاقِ السَّكْرَانِ، وَقَدْ صَرَّحَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ إلَى عَدَمِ الْوُقُوعِ كَمَا تَقَدَّمَ حِكَايَتُهُ، وَالشَّافِعِيَّةُ يُفْتُونَ بِالْقَوْلِ الْقَدِيمِ فِي مَسْأَلَةِ التَّثْوِيبِ، وَامْتِدَادِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ، وَمَسْأَلَةِ التَّبَاعُدِ عَنْ النَّجَاسَةِ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ، وَعَدَمِ اسْتِحْبَابِ قِرَاءَةِ السُّورَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَسَائِلِ، وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِينَ مَسْأَلَةً، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْقَوْلَ الَّذِي صَرَّحَ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ لَمْ يَبْقَ مَذْهَبًا لَهُ، فَإِذَا أَفْتَى الْمُفْتِي بِهِ مَعَ نَصِّهِ عَلَى خِلَافِهِ لِرُجْحَانِهِ عِنْدَهُ لَمْ يُخْرِجْهُ ذَلِكَ عَنْ التَّمَذْهُبِ بِمَذْهَبِهِ، فَمَا الَّذِي يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يُفْتِيَ بِقَوْلِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ إذَا تَرَجَّحَ عِنْدَهُ؟ فَإِنْ قِيلَ: الْأَوَّلُ قَدْ كَانَ مَذْهَبًا لَهُ مَرَّةً، بِخِلَافِ مَا لَمْ يَقُلْ بِهِ قَطُّ.
قِيلَ: هَذَا فَرْقٌ عَدِيمُ التَّأْثِيرِ؛ إذْ مَا قَالَ بِهِ وَصَرَّحَ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ بِمَنْزِلِهِ مَا لَمْ يَقُلْهُ، وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ لَا يَتَقَيَّدُونَ بِالتَّقْلِيدِ الْمَحْضِ الَّذِي يَهْجُرُونَ لِأَجْلِهِ قَوْلَ كُلِّ مَنْ خَالَفَ مَنْ قَلَّدُوهُ.
وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ ذَمِيمَةٌ وَخَيْمَةٌ، حَادِثَةٌ فِي الْإِسْلَامِ، مُسْتَلْزِمَةٌ لِأَنْوَاعٍ مِنْ الْخَطَأِ، وَمُخَالِفَةٌ الصَّوَابَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَتَوَى الْمُفْتِي بِمَا يُخَالِفُ النَّصَّ]
[لَا يَجُوزُ لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ بِمَا يُخَالِفُ النَّصَّ] الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ وَالْخَمْسُونَ: (يَحْرُمُ عَلَى الْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ بِضِدِّ لَفْظِ النَّصِّ، وَإِنْ وَافَقَ مَذْهَبَهُ) .
وَمِثَالُهُ: أَنْ يُسْأَلَ عَنْ رَجُلٍ صَلَّى مِنْ الصُّبْحِ رَكْعَةً ثُمَّ طَلَعَتْ الشَّمْسُ، هَلْ يُتِمُّ صَلَاتَهُ أَمْ لَا؟ فَيَقُولَ: لَا يُتِمُّهَا، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«فَلْيُتِمَّ صَلَاتَهُ» .
وَمِثْلُ أَنْ يُسْأَلَ عَمَّنْ مَاتَ عَلَيْهِ صِيَامٌ: هَلْ يَصُومُ عَنْهُ وَلِيُّهُ؟ فَيَقُولَ: لَا يَصُومُ عَنْهُ وَلِيُّهُ، وَصَاحِبُ الشَّرْعِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ» .
وَمِثْلُ أَنْ يُسْأَلَ عَنْ رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعَهُ ثُمَّ أَفْلَسَ الْمُشْتَرِي فَوَجَدَهُ بِعَيْنِهِ، هَلْ هُوَ أَحَقُّ بِهِ؟ فَيَقُولَ: لَيْسَ أَحَقَّ بِهِ، وَصَاحِبُ الشَّرْعِ يَقُولُ:«فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» .
وَمِثْلُ أَنْ يُسْأَلَ عَنْ رَجُلٍ أَكَلَ فِي رَمَضَانَ أَوْ شَرِبَ نَاسِيًا، هَلْ يُتِمُّ صَوْمَهُ؟ فَيَقُولَ: لَا يُتِمُّ صَوْمَهُ، وَصَاحِبُ الشَّرْعِ يَقُولُ:«فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ» .
وَمِثْلُ أَنْ يُسْأَلَ عَنْ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ، هَلْ هُوَ حَرَامٌ؟ فَيَقُولَ: لَيْسَ بِحَرَامٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«أَكْلُ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ حَرَامٌ» .
وَمِثْلُ أَنْ يُسْأَلَ عَنْ الرَّجُلِ: هَلْ لَهُ مَنْعُ جَارِهِ مِنْ غَرْزِ خَشَبَةٍ فِي جِدَارِهِ؟ فَيَقُولَ: لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ، وَصَاحِبُ الشَّرْعِ يَقُولُ " لَا يَمْنَعُهُ ".
وَمِثْلُ أَنْ يُسْأَلَ: هَلْ تَجْزِي صَلَاةُ مَنْ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ مِنْ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ؟ فَيَقُولَ: تَجْزِيهِ صَلَاتُهُ، وَصَاحِبُ الشَّرْعِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«لَا تُجْزِئُ صَلَاةٌ لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ فِيهَا صُلْبَهُ بَيْنَ رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ» .
أَوْ يُسْأَلُ عَنْ مَسْأَلَةِ التَّفْضِيلِ بَيْنَ الْأَوْلَادِ فِي الْعَطِيَّةِ: هَلْ يَصِحُّ أَوْ لَا يَصِحُّ؟ وَهَلْ هُوَ جَوْرٌ [أَمْ لَا؟] فَيَقُولَ: يَصِحُّ، وَلَيْسَ بِجَوْرٍ، وَصَاحِبُ الشَّرْعِ يَقُولُ:" إنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ " وَيَقُولُ: «لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ» .
وَمِثْلُ أَنْ يُسْأَلَ عَنْ الْوَاهِبِ: هَلْ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ؟ فَيَقُولَ: نَعَمْ يَحِلُّ لَهُ [أَنْ يَرْجِعَ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَالِدًا أَوْ قَرَابَةً فَلَا يَرْجِعُ، وَصَاحِبُ الشَّرْعِ يَقُولُ:«لَا يَحِلُّ لِوَاهِبٍ أَنْ يَرْجِعَ فِي هِبَتِهِ إلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يَهَبُ لِوَلَدِهِ» .
وَمِثْلُ أَنْ يُسْأَلَ عَنْ رَجُلٍ لَهُ شِرْكٌ فِي أَرْضٍ أَوْ دَارٍ أَوْ بُسْتَانٍ: هَلْ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ قَبْلَ إعْلَامِ شَرِيكِهِ بِالْبَيْعِ وَعَرْضُهَا عَلَيْهِ؟ فَيَقُولَ: نَعَمْ يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ قَبْلَ إعْلَامِهِ، وَصَاحِبُ الشَّرْعِ يَقُولُ:«مَنْ كَانَ لَهُ شِرْكٌ فِي أَرْضٍ أَوْ رَبْعَةٍ أَوْ حَائِطٍ لَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكُهُ» .
وَمِثْلُ أَنْ يُسْأَلَ عَنْ قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالْكَافِرِ، فَيَقُولَ: نَعَمْ يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ، وَصَاحِبُ الشَّرْعِ يَقُولُ:«لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ» .
وَمِثْلُ أَنْ يُسْأَلَ عَمَّنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ، فَهَلْ الزَّرْعُ لَهُ أَمْ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ؟ فَيَقُولَ: الزَّرْعُ لَهُ، وَصَاحِبُ الشَّرْعِ يَقُولُ:«مَنْ زَرَعَ فِي أَرْضِ قَوْمٍ بِغَيْرِ إذْنِهِمْ فَلَيْسَ لَهُ مِنْ الزَّرْعِ شَيْءٌ، وَلَهُ نَفَقَتُهُ» .
وَمِثْلُ أَنْ يُسْأَلَ: هَلْ يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْوِلَايَةِ بِالشَّرْطِ؟ فَيَقُولَ: لَا يَصِحُّ، وَصَاحِبُ الشَّرْعِ يَقُولُ:«أَمِيرُكُمْ زَيْدٌ، فَإِنْ قُتِلَ فَجَعْفَرٌ، فَإِنْ قُتِلَ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ» .
وَمِثْلُ أَنْ يُسْأَلَ: هَلْ يَحِلُّ الْقَضَاءُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ؟ فَيَقُولُ: لَا يَجُوزُ، وَصَاحِبُ الشَّرْعِ «قَضَى بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ» .
وَمِثْلُ أَنْ يُسْأَلَ عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى: هَلْ هِيَ صَلَاةُ الْعَصْرِ أَمْ لَا؟ فَيَقُولُ: لَيْسَتْ الْعَصْرَ، وَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الشَّرِيعَةِ:«صَلَاةُ الْوُسْطَى صَلَاةُ الْعَصْرِ» .
وَمِثْلُ أَنْ يُسْأَلَ عَنْ يَوْمِ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ: هَلْ هُوَ يَوْمُ النَّحْرِ أَمْ لَا؟ فَيَقُولَ: لَيْسَ يَوْمَ النَّحْرِ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«يَوْمُ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ يَوْمُ النَّحْرِ» .
وَمِثْلُ أَنْ يُسْأَلَ: هَلْ يَجُوزُ الْوِتْرُ بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ؟ فَيَقُولَ: لَا يَجُوزُ الْوِتْرُ بِرَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إذَا خَشِيَتْ الصُّبْحَ فَأُوتِرْ بِوَاحِدَةٍ» .
وَمِثْلُ أَنْ يُسْأَلَ: هَلْ يُسْجَدُ فِي {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الانشقاق: 1]، وَ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: 1] فَيَقُولَ: لَا يُسْجَدُ فِيهِمَا، وَقَدْ سَجَدَ فِيهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
وَمِثْلُ أَنْ يُسْأَلَ عَنْ رَجُلٍ عَضَّ يَدَ رَجُلٍ فَانْتَزَعَهَا مِنْ فِيهِ فَسَقَطَتْ أَسْنَانُهُ، فَيَقُولَ: لَهُ دِيَتُهَا، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا دِيَةَ لَهُ» .
وَمِثْلُ أَنْ يُسْأَلَ عَنْ رَجُلٍ اطَّلَعَ فِي بَيْتِ رَجُلٍ فَخَذَفَهُ فَفَقَأَ عَيْنَهُ: هَلْ عَلَيْهِ جُنَاحٌ؟ فَيَقُولَ: نَعَمْ عَلَيْهِ جُنَاحٌ، وَتَلْزَمُهُ دِيَةُ عَيْنِهِ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إنَّهُ لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ جُنَاحٌ» .
وَمِثْلُ أَنْ يُسْأَلَ عَنْ رَجُلٍ اشْتَرَى شَاةً أَوْ بَقَرَةً أَوْ نَاقَةً فَوَجَدَهَا مُصَرَّاةً، فَهَلْ لَهُ رَدُّهَا وَرَدُّ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ مَعَهَا أَمْ لَا؟ فَيَقُولَ: لَا يَجُوزُ لَهُ رَدُّهَا وَرَدُّ الصَّاعِ مِنْ التَّمْرِ مَعَهَا، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ» .
وَمِثْلُ أَنْ يُسْأَلَ عَنْ الزَّانِي الْبِكْرِ: هَلْ عَلَيْهِ مَعَ الْجَلْدِ تَغْرِيبٌ؟ فَيَقُولَ: لَا تَغْرِيبَ عَلَيْهِ، وَصَاحِبُ الشَّرْعِ يَقُولُ:«عَلَيْهِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ» .
وَمِثْلُ أَنْ يُسْأَلَ عَنْ الْخَضْرَاوَاتِ: هَلْ فِيهَا زَكَاةٌ؟ فَيَقُولَ: يَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ، وَصَاحِبُ الشَّرْعِ يَقُولُ:«لَا زَكَاةَ فِي الْخَضْرَاوَاتِ» .
أَوْ يُسْأَلَ عَمَّا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ: هَلْ فِيهِ زَكَاةٌ؟ فَيَقُولَ: نَعَمْ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَصَاحِبُ الشَّرْعِ يَقُولُ:«لَا زَكَاةَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ» .
أَوْ يُسْأَلَ عَنْ امْرَأَةٍ أَنْكَحَتْ نَفْسَهَا بِدُونِ إذْنِ وَلِيِّهَا، فَيَقُولَ: نِكَاحُهَا صَحِيحٌ، وَصَاحِبُ الشَّرْعِ يَقُولُ:«فَنِكَاحُهَا، بَاطِلٌ، بَاطِلٌ، بَاطِلٌ» .
أَوْ يُسْأَلَ عَنْ الْمُحَلِّلِ وَالْمُحَلَّلِ لَهُ: هَلْ يَسْتَحِقَّانِ اللَّعْنَةَ؟ فَيَقُولَ: لَا يَسْتَحِقَّانِ اللَّعْنَةَ، «وَقَدْ لَعَنَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَيْرِ وَجْهٍ» .
أَوْ يُسْأَلَ: هَلْ يَجُوزُ إكْمَالُ شَعْبَانِ ثَلَاثِينَ يَوْمًا لَيْلَةَ الْإِغْمَاءِ، فَيَقُولَ: لَا يَجُوزُ إكْمَالُهُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا» .
أَوْ يُسْأَلَ عَنْ الْمُطَلَّقَةِ الْمَبْتُوتَةِ: هَلْ لَهَا نَفَقَةٌ وَسُكْنَى؟ فَيَقُولَ: نَعَمْ لَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى، وَصَاحِبُ الشَّرْعِ يَقُولُ:«لَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا سُكْنَى» .
أَوْ يُسْأَلَ عَنْ الْإِمَامِ: هَلْ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُسَلِّمَ فِي الصَّلَاةِ تَسْلِيمَتَيْنِ؟ فَيَقُولَ: يُكْرَهُ ذَلِكَ وَلَا يُسْتَحَبُّ، وَقَدْ رَوَى خَمْسَةَ عَشْرَ نَفْسًا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ «كَانَ يُسَلِّمُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ، السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» .
أَوْ يُسْأَلَ عَمَّنْ رَفَعَ يَدَيْهِ عِنْدَ الرُّكُوعِ وَالرَّفْعِ عَنْهُ: هَلْ صَلَاتُهُ مَكْرُوهَةٌ أَوْ [هِيَ] نَاقِصَةٌ؟ فَيَقُولَ: نَعَمْ تُكْرَهُ صَلَاتُهُ أَوْ هِيَ نَاقِصَةٌ، وَرُبَّمَا غَلَا فَقَالَ: بَاطِلَةٌ، وَقَدْ رَوَى بِضْعَةٌ وَعِشْرُونَ نَفْسًا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ «كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ، عِنْدَ الِافْتِتَاحِ، وَعِنْدَ الرُّكُوعِ، وَعِنْدَ الرَّفْعِ مِنْهُ» بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ لَا مَطْعَنَ فِيهَا.
أَوْ يُسْأَلَ عَنْ بَوْلِ الْغُلَامِ الَّذِي لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ: هَلْ يَجْزِي فِيهِ الرَّشُّ [أَمْ يَجِبُ الْغُسْلُ] ؟ فَيَقُولَ: لَا يَجْزِي [فِيهِ الرَّشُّ] وَصَاحِبُ الشَّرْعِ «يَقُولُ: يُرَشُّ مِنْ بَوْلِ الْغُلَامِ» وَرَشُّهُ [هُوَ] بِنَفْسِهِ.
أَوْ يُسْأَلَ عَنْ التَّيَمُّمِ: هَلْ يَكْفِي بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ إلَى الْكُوعَيْنِ، فَيَقُولَ: لَا يَكْفِي وَلَا يُجْزِئُ، وَصَاحِبُ الشَّرْعِ قَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّهُ يَكْفِي نَصًّا صَحِيحًا لَا مَدْفَعَ لَهُ.
أَوْ يُسْأَلَ عَنْ بَيْعِ الرَّطْبِ بِالتَّمْرِ: هَلْ يَجُوزُ؟ فَيَقُولَ: نَعَمْ [يَجُوزُ]، وَصَاحِبُ الشَّرْعِ يُسْأَلَ عَنْهُ فَيَقُولُ:«لَا آذَنُ» .
أَوْ يُسْأَلَ عَنْ رَجُلٍ أَعْتَقَ سِتَّةَ عَبِيدٍ لَا يَمْلِكُ غَيْرَهُمْ عِنْدَ مَوْتِهِ: هَلْ تَكْمُلُ الْحُرِّيَّةُ فِي اثْنَيْنِ مِنْهُمْ أَوْ يُعْتَقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ سُدُسُهُ؟ فَيَقُولَ: لَا تَكْمُلُ الْحُرِّيَّةُ فِي اثْنَيْنِ مِنْهُمْ، «وَقَدْ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَمَّلَ الْحُرِّيَّةَ فِي اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً.» أَوْ يُسْأَلَ عَنْ الْقُرْعَةِ: هَلْ هِيَ جَائِزَةٌ أَمْ بَاطِلَةٌ؟ فَيَقُولَ: لَا، بَلْ هِيَ بَاطِلَةٌ، وَهِيَ مِنْ أَحْكَامِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَقَدْ أَقْرَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَمَرَ بِالْقُرْعَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ.
أَوْ يُسْأَلَ عَنْ الرَّجُلِ يُصَلِّي خَلْفَ الصَّفِّ وَحْدَهُ: هَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَمْ لَا [صَلَاةَ] لَهُ؟ وَهَلْ
يُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ؟ فَيَقُولَ: نَعَمْ لَهُ صَلَاةٌ، وَلَا يُؤْمَرُ بِالْإِعَادَةِ، وَقَدْ قَالَ صَاحِبُ الشَّرْعِ:«لَا صَلَاةَ لَهُ» وَأَمَرَهُ بِالْإِعَادَةِ.
أَوْ يُسْأَلَ: هَلْ لِلرَّجُلِ رُخْصَةٌ فِي تَرْكِ الْجَمَاعَةِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ؟ فَيَقُولَ: نَعَمْ لَهُ رُخْصَةٌ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«لَا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً» .
أَوْ يُسْأَلَ عَنْ رَجُلٍ أَسَلَفَ رَجُلًا مَالَهُ وَبَاعَهُ سِلْعَةً: هَلْ يَحِلُّ ذَلِكَ؟ فَيَقُولَ نَعَمْ يَحِلُّ ذَلِكَ، وَصَاحِبُ الشَّرْعِ يَقُولُ:«لَا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ» .
وَنَظَائِرُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَقَدْ كَانَ السَّلَفُ الطَّيِّبُ يَشْتَدُّ نَكِيرُهُمْ وَغَضَبُهُمْ عَلَى مَنْ عَارَضَ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِرَأْيٍ أَوْ قِيَاسٍ أَوْ اسْتِحْسَانٍ أَوْ قَوْلِ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ كَائِنًا مَنْ كَانَ، وَيَهْجُرُونَ فَاعِلَ ذَلِكَ، وَيُنْكِرُونَ عَلَى مَنْ يَضْرِبُ لَهُ الْأَمْثَالَ، وَلَا يُسَوِّغُونَ غَيْرَ الِانْقِيَادِ لَهُ وَالتَّسْلِيمِ وَالتَّلَقِّي بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، وَلَا يَخْطُرُ بِقُلُوبِهِمْ التَّوَقُّفُ فِي قَبُولِهِ حَتَّى يَشْهَدَ لَهُ عَمَلٌ أَوْ قِيَاسٌ أَوْ يُوَافِقَ قَوْلَ فُلَانٍ وَفُلَانٍ، بَلْ كَانُوا عَامِلِينَ بِقَوْلِهِ:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36] وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65] وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ} [الأعراف: 3] وَأَمْثَالُهَا، فَدُفِعْنَا إلَى زَمَانٍ إذَا قِيلَ لِأَحَدِهِمْ " ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ كَذَا وَكَذَا " يَقُولُ: مَنْ قَالَ بِهَذَا؟ وَيَجْعَلُ هَذَا دَفْعًا فِي صَدْرِ الْحَدِيثِ، أَوْ يَجْعَلُ جَهْلَهُ بِالْقَائِلِ [بِهِ] حُجَّةً لَهُ فِي مُخَالَفَتِهِ وَتَرْكِ الْعَمَلِ بِهِ، وَلَوْ نَصَحَ نَفْسَهُ لَعَلِمَ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ مِنْ أَعْظَمِ الْبَاطِلِ، وَأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ دَفْعُ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمِثْلِ هَذَا الْجَهْلِ، وَأَقْبَحُ مِنْ ذَلِكَ عُذْرُهُ فِي جَهْلِهِ؛ إذْ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى مُخَالَفَةِ تِلْكَ السُّنَّةِ، وَهَذَا سُوءُ ظَنٍّ بِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، إذْ يَنْسُبُهُمْ إلَى اتِّفَاقِهِمْ عَلَى مُخَالَفَةِ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَقْبَحُ مِنْ ذَلِكَ عُذْرُهُ فِي دَعْوَى هَذَا الْإِجْمَاعِ، وَهُوَ جَهْلُهُ وَعَدَمُ عِلْمِهِ بِمَنْ قَالَ بِالْحَدِيثِ، فَعَادَ الْأَمْرُ إلَى تَقْدِيمِ جَهْلِهِ عَلَى السُّنَّةِ، وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
وَلَا يُعْرَفُ إمَامٌ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ أَلْبَتَّةَ قَالَ: لَا نَعْمَلُ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى نَعْرِفَ مَنْ عَمِلَ بِهِ، فَإِنْ جَهِلَ مَنْ بَلَغَهُ الْحَدِيثُ مَنْ عَمِلَ بِهِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ كَمَا يَقُولُ هَذَا الْقَائِلُ.