الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالتَّخَلُّصُ مِنْ لَعْنَةِ الْكَبِيرِ الْمُتَعَالِ فَأَهْلًا بِهَا مِنْ حِيلَةٍ وَبِأَمْثَالِهَا {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: 220] وَالْمَقْصُودُ تَنْفِيذُ أَمْرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
الْوَجْهُ الْعَاشِرُ: أَنَّهُ لَيْسَ الْقَوْلُ بِبُطْلَانِ خُلْعِ الْيَمِينِ أَوْلَى مِنْ الْقَوْلِ بِلُزُومِ الطَّلَاقِ لِلْحَالِفِ بِهِ غَيْرُ الْقَاصِدِ لَهُ، فَهَلُمَّ نُحَاكِمُكُمْ إلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، وَأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم وَقَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ الْمُطَهَّرَةِ، وَإِذَا وَقَعَ التَّحَاكُمُ تَبَيَّنَ أَنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ لُزُومِ الطَّلَاقِ لِلْحَالِفِ بِهِ أَقْوَى أَدِلَّةً، وَأَصَحُّ أُصُولًا، وَأَطْرُدُ قِيَاسًا، وَأَوْفَقُ لِقَوَاعِدِ الشَّرْعِ، وَأَنْتُمْ مُعْتَرِفُونَ بِهَذَا شِئْتُمْ أَمْ أَبَيْتُمْ، فَإِذَا سَاغَ لَكُمْ الْعُدُولُ عَنْهُ إلَى الْقَوْلِ الْمُتَنَاقِضِ الْمُخَالِفِ لِلْقِيَاسِ وَلِمَا أَفْتَى بِهِ الصَّحَابَةُ وَلِمَا تَقْتَضِيهِ [قَوَاعِدُ] الشَّرِيعَةِ وَأُصُولُهَا فَلَأَنْ يَسُوغَ لَنَا الْعُدُولُ عَنْ قَوْلِكُمْ بِبُطْلَانِ خُلْعِ الْيَمِينِ إلَى ضِدِّهِ تَحْصِيلًا لِمَصْلَحَةِ الزَّوْجَيْنِ وَلَمًّا لِشَعَثِ النِّكَاحِ وَتَعْطِيلًا لِمَفْسَدَةِ التَّحْلِيلِ وَتَخَلُّصًا لِأَمْرَأَيْنِ مُسْلِمَيْنِ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَوْلَى وَأَحْرَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ دُخُولُ الْكَفَّارَةِ يَمِينَ الطَّلَاقِ]
فَصْلٌ:
[الْمَخْرَجُ الثَّانِي عَشَرَ وَفِيهِ بَحْثٌ أَنَّ يَمِينَ الطَّلَاقِ مِنْ الْأَيْمَانِ الْمُكَفَّرَةِ]
الْمَخْرَجُ الثَّانِي عَشَرَ: أَخَذَهُ بِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ " الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ مِنْ الْأَيْمَانِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي تَدْخُلُهَا " الْكَفَّارَةُ " وَهَذَا أَحَدُ الْأَقْوَالِ فِي الْمَسْأَلَةِ، حَكَاهُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ فِي كِتَابِ " مَرَاتِبِ الْإِجْمَاعِ " لَهُ، فَقَالَ: وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ حَلَفَ بِشَيْءٍ غَيْرِ أَسْمَاءِ اللَّهِ أَوْ بِنَحْرِ وَلَدِهِ أَوْ هَدْيِهِ أَوْ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بِالْمُصْحَفِ أَوْ بِالْقُرْآنِ أَوْ بِنَذْرٍ أَخْرَجَهُ مَخْرَجَ الْيَمِينِ أَوْ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِدِينِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ بِطَلَاقٍ أَوْ بِظِهَارٍ أَوْ تَحْرِيمِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ صُوَرًا أُخْرَى، ثُمَّ قَالَ: فَاخْتَلَفُوا فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْأُمُورِ، أَفِيهَا كَفَّارَةٌ أَمْ لَا؟ ثُمَّ قَالَ: وَاخْتَلَفُوا فِي الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ، أَهُوَ طَلَاقٌ فَيَلْزَمُ، أَمْ هُوَ يَمِينٌ فَلَا يَلْزَمُ؟ حَكَى فِي كَوْنِهِ طَلَاقًا فَيَلْزَمُ أَوْ يَمِينًا لَا يَلْزَمُ قَوْلَيْنِ] وَحَكَى قَبْلَ ذَلِكَ هَلْ فِيهِ كَفَّارَةٌ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَاخْتَارَ هُوَ أَلَّا يَلْزَمَ، وَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ، وَهَذَا اخْتِيَارُ شَيْخِنَا أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ تَيْمِيَّةَ أَخِي شَيْخِ الْإِسْلَامِ.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامُ: وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ يَمِينٌ مُكَفَّرَةٌ هُوَ مُقْتَضَى الْمَنْقُولِ عَنْ الصَّحَابَةِ فِي الْحَلِفِ بِالْعِتْقِ، بَلْ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ فَإِنَّهُمْ إذَا أَفْتَوْا مَنْ قَالَ:" إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فَكُلُّ مَمْلُوكٍ لِي حُرٌّ " بِأَنَّهُ يَمِينٌ تُكَفَّرُ فَالْحَالِفُ بِالطَّلَاقِ أَوْلَى، قَالَ: وَقَدْ عَلَّقَ الْقَوْلَ بِهِ أَبُو ثَوْرٍ، فَقَالَ: إنْ لَمْ تُجْمِعْ الْأُمَّةُ عَلَى لُزُومِهِ فَهُوَ يَمِينٌ تُكَفَّرُ، وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ الْأُمَّةَ لَمْ تُجْمِعْ عَلَى لُزُومِهِ، وَحَكَاهُ
شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ الَّذِينَ سَمَتْ هِمَمُهُمْ وَشَرُفَتْ نُفُوسُهُمْ فَارْتَفَعَتْ عَنْ حَضِيضِ التَّقْلِيدِ الْمَحْضِ إلَى أَوْجِ النَّظَرِ وَالِاسْتِدْلَالِ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَ خُصُومِهِ مَا يَرُدُّونَ بِهِ عَلَيْهِ أَقْوَى مِنْ الشِّكَايَةِ إلَى السُّلْطَانِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ بِرَدِّ هَذِهِ الْحُجَّةِ قِبَلٌ، وَأَمَّا مَا سِوَاهَا فَبَيَّنَ فَسَادَ جَمِيعِ حُجَجِهِمْ، وَنَقَضَهَا أَبْلَغَ نَقْضٍ، وَصَنَّفَ فِي الْمَسْأَلَةِ مَا بَيْنَ مُطَوَّلٍ وَمُتَوَسِّطٍ وَمُخْتَصَرٍ مَا يُقَارِبُ أَلْفَيْ وَرَقَةٍ، وَبَلَغَتْ الْوُجُوهُ الَّتِي اسْتَدَلَّ بِهَا عَلَيْهَا مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ وَالْقِيَاسِ وَقَوَاعِدِ إمَامِهِ خَاصَّةً وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَئِمَّةِ زُهَاءَ أَرْبَعِينَ دَلِيلًا، وَصَارَ إلَى رَبِّهِ، وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَيْهَا، دَاعٍ إلَيْهَا، مُبَاهِلٌ لِمُنَازِعِيهِ، بَاذِلٌ نَفْسَهُ وَعِرْضَهُ، وَأَوْقَاتَهُ لِمُسْتَفْتِيهِ؛ فَكَانَ يُفْتِي فِي السَّاعَةِ الْوَاحِدَةِ فِيهَا بِقَلَمِهِ وَلِسَانِهِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ فُتْيَا؛ فَعُطِّلَتْ لِفَتَاوَاهُ مَصَانِعُ التَّحْلِيلِ، وَهُدِّمَتْ صَوَامِعُهُ وَبِيَعُهُ، وَكَسَدَتْ سُوقُهُ، وَتَقَشَّعَتْ سَحَائِبُ اللَّعْنَةِ عَلَى الْمُحَلِّلِينَ وَالْمُحَلَّلِ لَهُمْ مِنْ الْمُطَلِّقِينَ، وَقَامَتْ سُوقُ الِاسْتِدْلَالِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْآثَارِ السَّلَفِيَّةِ، وَانْتَشَرَتْ مَذَاهِبُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ لِلطَّالِبِينَ، وَخَرَجَ مِنْ حَبْسِ تَقْلِيدِ الْمَذْهَبِ الْمُعَيَّنِ بِهِ مَنْ كَرُمَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ مِنْ الْمُسْتَبْصِرِينَ، فَقَامَتْ قِيَامَةُ أَعْدَائِهِ وَحُسَّادِهِ وَمَنْ لَا يَتَجَاوَزُ ذِكْرِ أَكْثَرِهِمْ بَابَ دَارِهِ أَوْ مَحَلَّتِهِ، وَهَجَّنُوا مَا ذَهَبَ إلَيْهِ بِحَسَبِ الْمُسْتَجِيبِينَ لَهُمْ غَايَةَ التَّهْجِينِ، فَمَنْ اسْتَخَفُّوهُ مِنْ الطَّغَامِ، وَأَشْبَاهِ الْأَنْعَامِ قَالُوا: هَذَا قَدْ رَفَعَ الطَّلَاقُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَثُرَ أَوْلَادُ الزِّنَا فِي الْعَالَمِينَ، وَمَنْ صَادَفُوا عِنْدَهُ مَسْكَةَ عَقْلٍ وَلُبٍّ قَالُوا: هَذَا قَدْ أَبْطَلَ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ، وَقَالُوا لِمَنْ تَعَلَّقُوا بِهِ مِنْ الْمُلُوكِ وَالْوُلَاةِ: هَذَا قَدْ حَلَّ بَيْعَةَ السُّلْطَانِ مِنْ أَعْنَاقِ الْحَالِفِينَ، وَنَسُوا أَنَّهُمْ هُمْ الَّذِينَ حَلُّوهَا بِخُلْعِ الْيَمِينِ.
وَأَمَّا هُوَ فَصَرَّحَ فِي كُتُبِهِ أَنَّ أَيْمَانَ الْحَالِفِينَ لَا تُغَيِّرُ شَرَائِعَ الدِّينِ، فَلَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ حَلَّ بَيْعَةِ السُّلْطَانِ بِفَتْوَى أَحَدٍ مِنْ الْمُفْتِينَ، وَمَنْ أَفْتَى بِذَلِكَ كَانَ مِنْ الْكَاذِبِينَ الْمُفْتَرِينَ عَلَى شَرِيعَةِ أَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ، وَلَعَمْرُ اللَّهِ لَقَدْ مُنِيَ مِنْ هَذَا بِمَا مُنِيَ بِهِ مَنْ سَلَفَ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْمَرْضِيِّينَ، فَمَا أَشْبَهَ اللَّيْلَةَ بِالْبَارِحَةِ لِلنَّاظِرِينَ، فَهَذَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ تَوَصَّلَ أَعْدَاؤُهُ إلَى ضَرْبِهِ بِأَنْ قَالُوا لِلسُّلْطَانِ: إنَّهُ يَحِلُّ عَلَيْك أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ بِفَتْوَاهُ أَنَّ يَمِينَ الْمُكْرَهِ لَا تَنْعَقِدُ، وَهُمْ يَحْلِفُونَ مُكْرَهِينَ غَيْرَ طَائِعِينَ، فَمَنَعَهُ السُّلْطَانُ، فَلَمْ يَمْتَنِعْ لَمَّا أَخَذَهُ اللَّهُ مِنْ الْمِيثَاقِ عَلَى مَنْ آتَاهُ اللَّهُ عِلْمًا أَنْ يُبَيِّنَهُ لِلْمُسْتَرْشِدَيْنِ، ثُمَّ تَلَاهُ عَلَى أَثَرِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ فَوَشَى بِهِ أَعْدَاؤُهُ إلَى الرَّشِيدِ أَنَّهُ يُحِلُّ أَيْمَانَ الْبَيْعَةِ بِفَتْوَاهُ أَنَّ الْيَمِينَ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ لَا تَنْعَقِدُ وَلَا تَطْلُقُ إنْ تَزَوَّجَهَا الْحَالِفُ، وَكَانُوا يُحَلِّفُونَهُمْ فِي جُمْلَةِ الْأَيْمَانِ " وَإِنَّ كُلَّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ " وَتَلَاهُمَا عَلَى آثَارِهِمَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ فَقَالَ حُسَّادُهُ: هَذَا يَنْقُضُ عَلَيْكُمْ أَيْمَانَ الْبَيْعَةِ، فَمَا فَتَّ ذَلِكَ فِي عَضُدِ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ، وَلَا ثَنَى عَزَمَاتِهِمْ فِي اللَّهِ وَهَمَّهُمْ، وَلَا صَدَّهُمْ ذَلِكَ عَمَّا أَوْجَبَ
اللَّهُ عَلَيْهِمْ اعْتِقَادَهُ وَالْعَمَلَ بِهِ مِنْ الْحَقِّ الَّذِي أَدَّاهُمْ إلَيْهِ اجْتِهَادُهُمْ، بَلْ مَضَوْا لِسَبِيلِهِمْ، وَصَارَتْ أَقْوَالُهُمْ أَعْلَامًا يَهْتَدِي بِهَا الْمُهْتَدُونَ، تَحْقِيقًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: 24] .
فَصْلٌ:
[الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ أَفْتَوْا بِذَلِكَ]
وَمَنْ لَهُ اطِّلَاعٌ وَخِبْرَةٌ وَعِنَايَةٌ بِأَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ فِي الْإِسْلَامِ مِنْ عَصْرِ الصَّحَابَةِ مَنْ يُفْتِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِعَدَمِ اللُّزُومِ، وَإِلَى الْآنِ.
فَأَمَّا الصَّحَابَةُ فَقَدْ ذَكَرْنَا فَتَاوَاهُمْ فِي الْحَالِفِ بِالْعِتْقِ بِعَدَمِ اللُّزُومِ، وَأَنَّ الطَّلَاقَ أَوْلَى مِنْهُ، وَذَكَرْنَا فَتْوَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ بِعَدَمِ لُزُومِ الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ، وَأَنَّهُ لَا مُخَالِفَ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ.
وَأَمَّا التَّابِعُونَ فَذَكَرْنَا فَتْوَى طَاوُسٍ بِأَصَحِّ إسْنَادٍ عَنْهُ، وَهُوَ مِنْ أَجَلِّ التَّابِعِينَ، وَأَفْتَى عِكْرِمَةُ، وَهُوَ مِنْ أَغْزَرِ أَصْحَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِلْمًا عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ طَاوُسٌ سَوَاءٌ قَالَ سُنَيْدُ بْنُ دَاوُد فِي تَفْسِيرِهِ الْمَشْهُورِ فِي قَوْله تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [النور: 21] حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ فِي قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [النور: 21] قَالَ: النُّذُورُ فِي الْمَعَاصِي، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ الْمُهَلَّبِيُّ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ عِكْرِمَةَ فِي رَجُلٍ قَالَ لِغُلَامِهِ " إنْ لَمْ أَجْلِدْك مِائَةَ سَوْطٍ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ " قَالَ: لَا يَجْلِدُ غُلَامَهُ وَلَا تَطْلُقُ امْرَأَتُهُ، هَذَا مِنْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ.
وَأَمَّا مَنْ بَعْدَ التَّابِعِينَ فَقَدْ حَكَى الْمُعْتَنُونَ بِمَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ كَأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ حَزْمٍ وَغَيْرِهِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ فِي ذَلِكَ لِلْعُلَمَاءِ،، وَأَهْلُ الظَّاهِرِ لَمْ يَزَالُوا مُتَوَافِرِينَ عَلَى عَدَمِ لُزُومِ الطَّلَاقِ لِلْحَالِفِ بِهِ، وَلَمْ يَزَلْ مِنْهُمْ الْأَئِمَّةُ وَالْفُقَهَاءُ وَالْمُصَنِّفُونَ وَالْمُقَلِّدُونَ لَهُمْ، وَعِنْدَنَا بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ لَا مَطْعَنَ فِيهَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهُ فِي عَصْرِنَا وَقَبْلَهُ أَنَّهُمْ كَانُوا يُفْتُونَ بِهَا أَحْيَانًا، فَأَخْبَرَنِي صَاحِبُنَا الصَّادِقُ مُحَمَّدُ بْنُ شَهْوَانَ قَالَ: أَخْبَرَنِي شَيْخُنَا الَّذِي قَرَأْتُ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ -، وَكَانَ مِنْ أَصْدَقِ النَّاسِ - الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَحَلِّيّ قَالَ: أَخْبَرَنِي شَيْخُنَا