الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَجَرَ عَلَيْهِ الْإِمَامُ: وَيُذْكَرُ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَدَّ عَلَى الْمُتَصَدِّقِ قَبْلَ النَّهْيِ ثُمَّ نَهَاهُ، فَتَأَمَّلْ هَذَا الِاسْتِدْلَالَ.
قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: أَرَادَ بِهِ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - حَدِيثَ جَابِرٍ فِي بَيْعِ الْمُدَبَّرِ، ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي هَذَا الْبَابِ نَفْسِهِ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ، وَلَهُ عَبْدٌ لَا شَيْءَ لَهُ غَيْرَهُ فَأَعْتَقَهُ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ حَدِيثَ:«مَنْ أَخَذَ أَمْوَالَ النَّاسِ يُرِيدُ أَدَاءَهَا أَدَّاهَا اللَّهُ عَنْهُ، وَمَنْ أَخَذَهَا يُرِيدُ إتْلَافَهَا أَتْلَفَهُ اللَّهُ» ، وَهَذَا الَّذِي حَكَاهُ عَنْ مَالِكٍ هُوَ فِي كُتُبِ أَصْحَابِهِ، وَقَالَ ابْنُ الْجَلَّابِ: وَلَا تَجُوزُ هِبَةُ الْمُفْلِسِ، وَلَا عِتْقُهُ، وَلَا صَدَقَتُهُ إلَّا بِإِذْنِ غُرَمَائِهِ، وَكَذَلِكَ الْمِدْيَانُ الَّذِي لَمْ يُفَلِّسْهُ غُرَمَاؤُهُ فِي عِتْقِهِ وَهِبَتِهِ وَصَدَقَتِهِ، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي لَا يُخْتَارُ غَيْرُهُ، وَعَلَى هَذَا فَالْحِيلَةُ لِمَنْ تَبَرَّعَ غَرِيمُهُ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ عِتْقٍ، وَلَيْسَ فِي مَالِهِ سَعَةٌ لَهُ وَلِدَائِنِهِ؛ أَنْ يَرْفَعَهُ إلَى حَاكِمٍ يَرَى بُطْلَانَ هَذَا التَّبَرُّعِ، وَيَسْأَلَهُ الْحُكْمَ بِبُطْلَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَلَدِهِ حَاكِمٌ يَحْكُمُ بِذَلِكَ، فَالْحِيلَةُ أَنْ يَأْخُذَ عَلَيْهِ إذَا خَافَ مِنْهُ ذَلِكَ الضَّمِينَ أَوْ الرَّهْنَ، فَإِنْ بَادَرَ الْغَرِيمُ وَتَبَرَّعَ قَبْلَ ذَلِكَ فَقَدْ ضَاقَتْ الْحِيلَةُ عَلَى صَاحِبِ الْحَقِّ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُ غَيْرُ أَمْرٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ التَّوَصُّلُ إلَى إقْرَارِهِ بِأَنَّ مَا فِي يَدِهِ أَعْيَانُ أَمْوَالِ الْغُرَمَاءِ، فَيَمْتَنِعُ التَّبَرُّعُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ، فَإِنْ قَدَّمَ تَارِيخَ الْإِقْرَارِ بَطَلَ التَّبَرُّعُ الْمُتَقَدِّمُ أَيْضًا، وَلَيْسَتْ هَذِهِ حِيلَةٌ عَلَى إبْطَالِ حَقٍّ، وَلَا تَحْقِيقِ بَاطِلٍ، بَلْ عَلَى إبْطَالِ جَوْرٍ وَظُلْمٍ؛ فَلَا بَأْسَ بِهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْمِثَالُ الثَّالِثُ وَالسَّبْعُونَ خَوْفُ الدَّائِنِ مِنْ جَحْدِ الْمَدِينِ]
[خَوْفُ الدَّائِنِ مِنْ جَحْدِ الْمَدِينِ]
الْمِثَالُ الثَّالِثُ وَالسَّبْعُونَ: إذَا كَانَ لَهُ [عَلَيْهِ] دَيْنٌ، وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِهِ، وَخَافَ أَنْ يَجْحَدَهُ، أَوْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِهِ، وَيَخَافُ أَنْ يَمْطُلَهُ، فَالْحِيلَةُ أَنْ يَسْتَدِينَ مِنْهُ بِقَدْرِ دَيْنِهِ إنْ أَمْكَنَ، وَلَا يَضُرُّهُ أَنْ يُعْطِيَهُ بِهِ رَهْنًا أَوْ كَفِيلًا، فَإِذَا ثَبَتَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ نَظِيرُ دَيْنِهِ قَاصَّهُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ عَلَى أَصَحِّ الْمَذَاهِبِ، فَإِنْ حَذَّرَ غَرِيمَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَأَمْكَنَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ سِلْعَةً، وَلَا يُعَيِّنَ الثَّمَنَ، وَيُخْرِجَ النَّقْدَ فَيَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَإِذَا قَبَضَ السِّلْعَةَ وَطَلَبَ مِنْهُ الثَّمَنَ قَاصَّهُ بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ، وَبِكُلِّ حَالٍ فَطَرِيقُ الْحِيلَةِ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ نَظِيرَ مَالِهِ.
[الْمِثَالُ الرَّابِعُ وَالسَّبْعُونَ خَوْفُ زَوْجِ الْأَمَةِ مِنْ رِقِّ أَوْلَادِهِ]
[خَوْفُ زَوْجِ الْأَمَةِ مِنْ رِقِّ أَوْلَادِهِ]
الْمِثَالُ الرَّابِعُ وَالسَّبْعُونَ: إذَا خَافَ الْعَنَتَ، وَلَمْ يَجِدْ طَوْلَ حُرَّةٍ وَكَرِهَ رِقَّ أَوْلَادِهِ، فَالْحِيلَةُ فِي عِتْقِهِمْ أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى السَّيِّدِ أَنَّ مَا وَلَدَتْهُ زَوْجَتُهُ مِنْهُ مِنْ الْوَلَدِ فَهُمْ أَحْرَارٌ، فَكُلُّ وَلَدٍ تَلِدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْهُ فَهُوَ حُرٌّ، وَيَصِحُّ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِالْوِلَادَةِ لَوْ قَالَ لِأَمَتِهِ: كُلُّ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ فَهُوَ حُرٌّ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: وَلَا أَحْفَظُ فِيهِ خِلَافًا.
فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ تُجَوِّزُونَ نِكَاحَ الْأَمَةِ بِدُونِ الشَّرْطَيْنِ إذَا أَمِنَ رِقَّ وَلَدِهِ بِهَذَا التَّعْلِيقِ؟ قِيلَ: هَذَا مَحَلُّ اجْتِهَادٍ، وَلَا تَأْبَاهُ أُصُولُ الشَّرِيعَةِ، وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا أَنَّ الْوَلَدَ يَثْبُتُ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ لِلسَّيِّدِ، وَهُوَ شُعْبَةٌ مِنْ الرِّقِّ، وَمِثْلُ هَذَا هَلْ يَنْتَهِضُ سَبَبًا؛ لِتَحْرِيمِ نِكَاحِ الْأَمَةِ؟ أَوْ يُقَالُ - وَهُوَ أَظْهَرُ -: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَنَعَ مِنْ نِكَاحِ الْإِمَاءِ؛ لِأَنَّهُنَّ فِي الْغَالِبِ لَا يُحْجَبْنَ حَجْبَ الْحَرَائِرِ، وَهُنَّ فِي مِهْنَةِ سَادَاتِهِنَّ وَحَوَائِجِهِنَّ، وَهُنَّ بَرْزَاتٌ لَا مُخَدَّرَاتٌ؟ ، وَهَذِهِ كَانَتْ عَادَةُ الْعَرَبِ فِي إمَائِهِنَّ، وَإِلَى الْيَوْمِ، فَصَانَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَزْوَاجَ أَنْ تَكُونَ زَوْجَاتُهُمْ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ، مَعَ مَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ رِقِّ الْوَلَدِ، وَأَبَاحَهُ لَهُمْ عِنْدَ الضَّرُورَةِ إلَيْهِ كَمَا أَبَاحَ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ، وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ عِنْدَ الْمَخْمَصَةِ، وَكُلُّ هَذَا مَنَعَ مِنْهُ تَعَالَى كَنِكَاحِ غَيْرِ الْمُحْصَنَةِ، وَلِهَذَا شَرَطَ تَعَالَى فِي نِكَاحِهِنَّ أَنْ يَكُنَّ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ، وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ، أَيْ: غَيْرَ زَانِيَةٍ مَعَ مَنْ كَانَ، وَلَا زَانِيَةً مَعَ خَدِينِهَا وَعَشِيقِهَا دُونَ غَيْرِهِ، فَلَمْ يُبِحْ لَهُمْ نِكَاحَ الْإِمَاءِ إلَّا بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ: عَدَمُ الطَّوْلِ، وَخَوْفُ الْعَنَتِ، وَإِذْنُ سَيِّدِهَا، وَأَنْ تَكُونَ عَفِيفَةً غَيْرَ فَاجِرَةٍ فُجُورًا عَامًّا، وَلَا خَاصًّا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمِثَالُ الْخَامِسُ وَالسَّبْعُونَ: إذَا لَمْ تُمَكِّنْهُ أَمَتُهُ مِنْ نَفْسِهَا حَتَّى يُعْتِقَهَا وَيَتَزَوَّجَهَا، وَهُوَ لَا يُرِيدُ إخْرَاجَهَا عَنْ مِلْكِهِ، وَلَا تَصْبِرُ نَفْسُهُ عَنْهَا؛ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَبِيعَهَا أَوْ يَهَبَهَا لِمَنْ يَثِقُ بِهِ، وَيُشْهِدَ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ لَا تَعْلَمُ هِيَ، وَالْبَيْعُ أَجْوَدُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَبْضٍ، ثُمَّ يُعْتِقُهَا، ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا، فَإِذَا فَعَلَ اسْتَرَدَّهَا مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْ حَيْثُ لَا تَعْلَمُ الْجَارِيَةُ، فَانْفَسَخَ النِّكَاحُ، فَيَطَؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا.
[الْحِيلَةُ فِي الْخَلَاصِ مِنْ بَيْعِ جَارِيَتِهِ]
الْمِثَالُ السَّادِسُ وَالسَّبْعُونَ: إذَا أَرَادَهُ مَنْ لَا يَمْلِكُ رَدَّهُ عَلَى بَيْعِ جَارِيَتِهِ مِنْهُ فَالْحِيلَةُ فِي خَلَاصِهِ أَنْ يَفْعَلَ مَا ذَكَرْنَاهُ سَوَاءٌ، وَيُشْهِدَ عَلَى عِتْقِهَا أَوْ نِكَاحِهَا، ثُمَّ يَسْتَقِيلَهُ الْبَيْعَ، فَيَطَؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ فِي الْبَاطِنِ، وَهِيَ زَوْجَتُهُ فِي الظَّاهِرِ، وَيَجُوزُ هَذَا؛ لِأَنَّهُ يَدْفَعُ بِهِ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَا يَسْقُطُ بِهِ حَقُّ ذِي حَقٍّ، وَإِنْ شَاءَ احْتَالَ بِحِيلَةٍ أُخْرَى، وَهِيَ إقْرَارُهُ بِأَنَّهَا وَضَعَتْ مِنْهُ مَا يَتَبَيَّنُ بِهِ خَلْقُ الْإِنْسَانِ فَصَارَتْ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ لَا يُمْكِنُ نَقْلُ الْمِلْكِ فِيهَا، فَإِنْ أَحَبَّ دَفْعَ التُّهْمَةِ عَنْهُ، وَأَنَّهُ قَصَدَ بِذَلِكَ التَّحَيُّلَ فَلْيَبِعْهَا لِمَنْ يَثِقُ بِهِ، ثُمَّ يُوَاطِئَ الْمُشْتَرِيَ عَلَى أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ أَنَّهَا وَضَعَتْ فِي مِلْكِهِ مَا فِيهِ صُورَةُ إنْسَانٍ.
وَيُقِرُّ بِذَلِكَ فَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ، وَيَكْتُبُ بِذَلِكَ مَحْضَرًا فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ بَيْعُهَا بَعْدَ ذَلِكَ.
الْمِثَالُ السَّابِعُ وَالسَّبْعُونَ: إذَا أَرَادَ أَنْ يَبِيعَ الْجَارِيَةَ مِنْ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ، وَلَمْ تَطِبْ نَفْسُهُ بِأَنْ تَكُونَ عِنْدَ غَيْرِهِ، فَلَهُ فِي ذَلِكَ أَنْوَاعٌ مِنْ الْحِيَلِ:
إحْدَاهَا: أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ بَاعَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا بِالثَّمَنِ، كَمَا اشْتَرَطَتْ ذَلِكَ امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَلَيْهِ،، وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَلَى جَوَازِ الْبَيْعِ وَالشَّرْطِ فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ سَعِيدٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، فَإِنْ لَمْ تَتِمَّ لَهُ هَذِهِ الْحِيلَةُ؛ لِعَدَمِ مَنْ يُنَفِّذُهَا لَهُ فَلْيَشْتَرِطْ عَلَيْهِ أَنَّك إنْ بِعْتهَا لِغَيْرِي فَهِيَ حُرَّةٌ، وَيَصِحُّ هَذَا الشَّرْطُ، وَتُعْتَقُ عَلَيْهِ إنْ بَاعَهَا لِغَيْرِهِ، إمَّا بِمُجَرَّدِ الْإِيجَابِ عِنْدَ صَاحِبِ الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ، وَإِمَّا بِالْقَبُولِ فَيَقَعُ الْعِتْقُ عَقِيبَهُ، وَيَنْفَسِخُ الْبَيْعُ عِنْدَ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ الْقَاضِي.
قَالَ فِي كِتَابِ إبْطَالِ الْحِيَلِ: إذَا قَالَ: " إنْ بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ فَهُوَ حُرٌّ "، وَقَالَ الْمُشْتَرِي:" إنْ اشْتَرَيْتُهُ فَهُوَ حُرٌّ " فَبَاعَهُ عَتَقَ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عِنْدَ دُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْآخَرِ حَالَ اسْتِقْرَارٍ حَتَّى يُعْتَقَ عَلَيْهِ بِنِيَّتِهِ التَّابِعَةِ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْمَجْلِسِ ثَابِتٌ لِلْبَائِعِ، فَمِلْكُ الْمُشْتَرِي غَيْرُ مُسْتَقَرٍّ، وَقَوْلُ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ:" وَانْفَسَخَ الْبَيْعُ " تَقْرِيرٌ لِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ، وَأَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَقُ بِالْقَبُولِ، وَيُعْتَقُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ عَلَى أَحَدِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ؛ فَإِنْ لَمْ تَتِمَّ لَهُ هَذِهِ الْحِيلَةُ عِنْدَ مَنْ لَا يُصَحِّحُ هَذَا التَّعْلِيقَ، وَيَقُولُ إذَا اشْتَرَاهَا مَلَكَهَا، وَلَا تُعْتَقُ بِالشَّرْطِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ كَمَا يَقُولُهُ أَبُو حَنِيفَةَ فَلَهُ حِيلَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ أَنْ يَقُولَ: إذَا بِعْتهَا فَهِيَ حُرَّةٌ قَبْلَ الْبَيْعِ، فَيَصِحُّ هَذَا التَّعْلِيقُ، فَإِذَا بَاعَهَا حَكَمْنَا بِوُقُوعِ الْعِتْقِ قَبْلَ الْبَيْعِ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ رضي الله عنهما فَإِذَا لَمْ تَتِمَّ لَهُ هَذِهِ الْحِيلَةُ عِنْدَ مَنْ لَا يُصَحِّحُ هَذَا التَّعْلِيقَ فَلَهُ حِيلَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ أَنْ يَقُولَ: إذَا اشْتَرَيْتهَا فَهِيَ مُدَبَّرَةٌ، فَيَصِحُّ هَذَا التَّعْلِيقُ، وَيَمْتَنِعُ بَيْعُهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، فَإِنَّ التَّدْبِيرَ عِنْدَهُ جَارٍ مَجْرَى الْعِتْقِ الْمُعَلَّقِ بِصِفَةٍ، فَإِذَا اشْتَرَاهَا صَارَتْ مُدَبَّرَةً، وَلَمْ يُمْكِنْهُ بَيْعُهَا عِنْدَهُ.
فَإِنْ لَمْ تَتِمَّ لَهُ هَذِهِ الْحِيلَةُ عَلَى قَوْلِ مَنْ لَا يُجَوِّزُ تَعْلِيقَ التَّدْبِيرِ بِصِفَةٍ فَالْحِيلَةُ أَنْ يَأْخُذَ الْبَائِعُ قَرَارَ الْمُشْتَرِي بِأَنَّهُ دَبَّرَ هَذِهِ الْجَارِيَةَ بَعْدَ مَا اشْتَرَاهَا، وَأَنَّهُ جَعَلَهَا حُرَّةً بَعْدَ مَوْتِهِ، فَإِنْ لَمْ تَتِمَّ لَهُ هَذِهِ الْحِيلَةُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجَوِّزُ بَيْعَ الْمُدَبَّرِ - وَهُوَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ - فَالْحِيلَةُ أَنْ يُشْهِدَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهَا مِنْهُ أَنَّهُ كَانَ قَدْ تَزَوَّجَهَا مِنْ سَيِّدِهَا تَزْوِيجًا صَحِيحًا، وَأَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْهُ وَلَدًا ثُمَّ اشْتَرَاهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَصَارَتْ أُمَّ وَلَدِهِ، فَلَا يُمْكِنُهُ بَيْعُهَا.
فَإِنْ لَمْ تَتِمَّ لَهُ هَذِهِ الْحِيلَةُ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَعْتَبِرُ فِي كَوْنِهَا أُمَّ وَلَدٍ أَنْ تَحْمِلَ وَتَضَعَ فِي مِلْكِهِ، وَلَا يَكْفِي أَنْ تَلِدَ مِنْهُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ - كَمَا هُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ - فَقَدْ ضَاقَتْ عَلَيْهِ وُجُوهُ الْحِيَلِ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُ إلَّا حِيلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ أَنْ يَتَرَاضَى سَيِّدُ الْجَارِيَةِ وَالْمُشْتَرِي بِرَجُلٍ ثِقَةٍ عَدْلٍ بَيْنَهُمَا فَيَبِيعُهَا هَذَا الْعَدْلُ بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ عَنْ سَيِّدِهَا بِزِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنِهَا الَّذِي اتَّفَقَا عَلَيْهِ، وَيَزِيدُ مَا شَاءَ، وَيَقْبِضُ مِنْهُ الثَّمَنَ الَّذِي اتَّفَقَا عَلَيْهِ، فَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي بَيْعَهَا طَالَبَهُ بِبَاقِي الثَّمَنِ الَّذِي أَظْهَرَهُ، وَلَوْ لَمْ يُدْخِلَا بَيْنَهُمَا ثَالِثًا بَلْ