الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَدَلِيلًا، ثُمَّ تَرْجَمَ عَلَيْهِ تَرْجَمَةً ثَالِثَةً فَقَالَ:" نَقْضُ الْحَاكِمِ مَا حَكَمَ بِهِ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ أَوْ أَجَّلَ مِنْهُ ".
قُلْتُ: وَفِيهِ رَدٌّ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: يَكُونُ بَيْنَهُمَا، إجْرَاءٌ لِلنَّسَبِ مَجْرَى الْمَالِ، وَفِيهِ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يُزِيلُ الشَّيْءَ عَنْ صِفَتِهِ فِي الْبَاطِنِ، وَفِيهِ نَوْعٌ لَطِيفٌ شَرِيفٌ عَجِيبٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْعِلْمِ النَّافِعِ، وَهُوَ الِاسْتِدْلَال بِقَدَرِ اللَّهِ عَلَى شَرْعِهِ؛ فَإِنَّ سُلَيْمَانَ عليه السلام اسْتَدَلَّ بِمَا قَدَّرَهُ اللَّهُ وَخَلَقَهُ فِي قَلْبِ الصُّغْرَى مِنْ الرَّحْمَةِ وَالشَّفَقَةِ بِحَيْثُ أَبَتْ أَنْ يُشَقَّ الْوَلَدُ، عَلَى أَنَّهُ ابْنُهَا، وَقَوَّى هَذَا الِاسْتِدْلَالَ رِضَا الْأُخْرَى بِأَنْ يُشَقَّ الْوَلَدُ، وَقَالَتْ: نَعَمْ شُقَّهُ، وَهَذَا قَوْلٌ لَا يَصْدُرُ مِنْ أُمٍّ، وَإِنَّمَا يَصْدُرُ مِنْ حَاسِدٍ يُرِيدُ أَنْ يَتَأَسَّى بِصَاحِبِ النِّعْمَةِ فِي زَوَالِهَا عَنْهُ كَمَا زَالَتْ عَنْهُ هُوَ، وَلَا أَحْسَنَ مِنْ هَذَا الْحُكْمِ وَهَذَا الْفَهْمِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مِثْلُ هَذَا فِي الْحَاكِمِ أَضَاعَ حُقُوقَ النَّاسِ، وَهَذِهِ الشَّرِيعَةُ الْكَامِلَةُ طَافِحَةٌ بِذَلِكَ.
[الْعَمَلُ بِالسِّيَاسَةِ]
[الْعَمَلُ بِالسِّيَاسَةِ] وَجَرَتْ فِي ذَلِكَ مُنَاظَرَةٌ بَيْنَ أَبِي الْوَفَاءِ ابْنِ عَقِيلٍ وَبَيْنَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ، فَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الْعَمَلُ بِالسِّيَاسَةِ هُوَ الْحَزْمُ، وَلَا يَخْلُو مِنْهُ إمَامٌ، وَقَالَ الْآخَرُ: لَا سِيَاسَةَ إلَّا مَا وَافَقَ الشَّرْعَ، فَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: السِّيَاسَةُ مَا كَانَ مِنْ الْأَفْعَالِ بِحَيْثُ يَكُونُ النَّاسُ مَعَهُ أَقْرَبَ إلَى الصَّلَاحِ وَأَبْعَدَ عَنْ الْفَسَادِ، وَإِنْ لَمْ يُشَرِّعْهُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم وَلَا نَزَلَ بِهِ وَحْيٌ؛ فَإِنْ أَرَدْتَ بِقَوْلِكَ " لَا سِيَاسَةَ إلَّا مَا وَافَقَ الشَّرْعَ " أَيْ لَمْ يُخَالِفْ مَا نَطَقَ بِهِ الشَّرْعُ فَصَحِيحٌ، وَإِنْ أَرَدْتَ مَا نَطَقَ بِهِ الشَّرْعُ فَغَلَطٌ وَتَغْلِيطٌ لِلصَّحَابَةِ؛ فَقَدْ جَرَى مِنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ الْقَتْلِ وَالْمَثْلِ مَا لَا يَجْحَدُهُ عَالِمٌ بِالسِّيَرِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا تَحْرِيقُ الْمَصَاحِفِ كَانَ رَأْيًا اعْتَمَدُوا فِيهِ عَلَى مَصْلَحَةٍ، وَكَذَلِكَ تَحْرِيقُ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ الزَّنَادِقَةَ فِي الْأَخَادِيدِ، وَنَفْيُ عُمَرُ نَصْرَ بْنَ حَجَّاجٍ.
قُلْتُ: هَذَا مَوْضِعُ مَزَلَّةِ أَقْدَامٍ، وَمَضَلَّةِ أَفْهَامٍ، وَهُوَ مَقَامٌ ضَنْكٌ فِي مُعْتَرَكٍ صَعْبٍ، فَرَّطَ فِيهِ طَائِفَةٌ فَعَطَّلُوا الْحُدُودَ، وَضَيَّعُوا الْحُقُوقَ، وَجَرَّؤُا أَهْلَ الْفُجُورِ عَلَى الْفَسَادِ، وَجَعَلُوا الشَّرِيعَةَ قَاصِرَةً لَا تَقُومُ بِمَصَالِحِ الْعِبَادِ، وَسَدُّوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ طُرُقًا صَحِيحَةً مِنْ الطُّرُقِ الَّتِي يُعْرَفُ بِهَا الْمُحِقُّ مِنْ الْمُبْطِلِ، وَعَطَّلُوهَا مَعَ عِلْمِهِمْ وَعِلْمِ النَّاسِ بِهَا أَنَّهَا أَدِلَّةُ حَقٍّ، ظَنًّا مِنْهُمْ مُنَافَاتِهَا لِقَوَاعِدِ الشَّرْعِ، وَاَلَّذِي أَوْجَبَ لَهُمْ ذَلِكَ نَوْعُ تَقْصِيرٍ فِي مَعْرِفَةِ حَقِيقَةِ الشَّرِيعَةِ وَالتَّطْبِيقِ بَيْنَ الْوَاقِعِ وَبَيْنَهَا، فَلَمَّا رَأَى وُلَاةُ الْأَمْرِ ذَلِكَ وَأَنَّ النَّاسَ لَا يَسْتَقِيمُ أَمْرُهُمْ إلَّا بِشَيْءٍ زَائِدٍ عَلَى مَا فَهِمَهُ هَؤُلَاءِ مِنْ الشَّرِيعَةِ فَأَحْدَثُوا لَهُمْ قَوَانِينَ سِيَاسِيَّةً يَنْتَظِمُ بِهَا مَصَالِحُ الْعَالَمِ؛ فَتَوَلَّدَ مِنْ تَقْصِيرِ أُولَئِكَ فِي الشَّرِيعَةِ وَإِحْدَاثِ هَؤُلَاءِ مَا أَحْدَثُوهُ مِنْ أَوْضَاعِ سِيَاسَتِهِمْ شَرٌّ
طَوِيلٌ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ، وَتَفَاقَمَ الْأَمْرُ، وَتَعَذَّرَ اسْتِدْرَاكُهُ، وَأَفْرَطَ فِي طَائِفَةٍ أُخْرَى فَسَوَّغَتْ مِنْهُ مَا يُنَاقِضُ حُكْمَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَكِلَا الطَّائِفَتَيْنِ أُتِيَتْ مِنْ قِبَلِ تَقْصِيرِهَا فِي مَعْرِفَةِ مَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَ رُسُلَهُ وَأَنْزَلَ كُتُبَهُ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ، وَهُوَ الْعَدْلُ الَّذِي قَامَتْ بِهِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ، فَإِذَا ظَهَرَتْ أَمَارَاتُ الْحَقِّ، وَقَامَتْ أَدِلَّةُ الْعَقْلِ، وَأَسْفَرَ صُبْحُهُ بِأَيِّ طَرِيقٍ كَانَ؛ فَثَمَّ شَرْعُ اللَّهِ وَدِينُهُ وَرِضَاهُ وَأَمْرُهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَحْصُرْ طُرُقَ الْعَدْلِ وَأَدِلَّتَهُ وَأَمَارَاتِهِ فِي نَوْعٍ وَاحِدٍ وَأَبْطَلَ غَيْرَهُ مِنْ الطُّرُقِ الَّتِي هِيَ أَقْوَى مِنْهُ وَأَدَلُّ وَأَظْهَرُ، بَلْ بَيَّنَ بِمَا شَرَعَهُ مِنْ الطُّرُقِ أَنَّ مَقْصُودَهُ إقَامَةُ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ وَقِيَامُ النَّاسِ بِالْقِسْطِ، فَأَيُّ طَرِيقٍ اُسْتُخْرِجَ بِهَا الْحَقُّ وَمَعْرِفَةُ الْعَدْلِ وَجَبَ الْحُكْمُ بِمُوجَبِهَا وَمُقْتَضَاهَا.
وَالطُّرُقُ أَسْبَابٌ وَوَسَائِلُ لَا تُرَادُ لِذَوَاتِهَا، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ غَايَاتُهَا الَّتِي هِيَ الْمَقَاصِدُ، وَلَكِنْ نَبَّهَ بِمَا شَرَعَهُ مِنْ الطُّرُقِ عَلَى أَسْبَابِهَا وَأَمْثَالِهَا، وَلَنْ تَجِدَ طَرِيقًا مِنْ الطُّرُقِ الْمُثْبِتَةِ لِلْحَقِّ إلَّا وَهِيَ شِرْعَةٌ وَسَبِيلٌ لِلدَّلَالَةِ عَلَيْهَا، وَهَلْ يُظَنُّ بِالشَّرِيعَةِ الْكَامِلَةِ خِلَافُ ذَلِكَ؟ وَلَا نَقُولُ: إنَّ السِّيَاسَةَ الْعَادِلَةَ مُخَالِفَةٌ لِلشَّرِيعَةِ الْكَامِلَةِ، بَلْ هِيَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَائِهَا وَبَابٌ مِنْ أَبْوَابِهَا، وَتَسْمِيَتُهَا سِيَاسَةً أَمْرٌ اصْطِلَاحِيٌّ، وَإِلَّا فَإِذَا كَانَتْ عَدْلًا فَهِيَ مِنْ الشَّرْعِ، فَقَدْ حَبَسَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي تُهْمَةٍ، وَعَاقَبَ فِي تُهْمَةٍ لَمَّا ظَهَرَتْ أَمَارَاتُ الرِّيبَةِ عَلَى الْمُتَّهَمِ؛ فَمَنْ أَطْلَقَ كُلًّا مِنْهُمْ وَخَلَّى سَبِيلَهُ أَوْ حَلَّفَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِاشْتِهَارِهِ بِالْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ وَنَقْبِ الدُّورِ وَتَوَاتُرِ السَّرِقَاتِ - وَلَا سِيَّمَا مَعَ وُجُودِ الْمَسْرُوقِ مَعَهُ - وَقَالَ: لَا آخُذُهُ إلَّا بِشَاهِدَيْ عَدْلٍ أَوْ إقْرَارِ اخْتِيَارٍ وَطَوْعٍ فَقَوْلُهُ مُخَالِفٌ لِلسِّيَاسَةِ الشَّرْعِيَّةِ، وَكَذَلِكَ مَنَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْغَالَّ مِنْ الْغَنِيمَةِ سَهْمَهُ، وَتَحْرِيقُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مَتَاعَهُ، وَمَنْعُ الْمُسِيءِ عَلَى أَمِينٍ سَلَبَ قَتِيلَهُ، وَأَخْذُ شَطْرِ مَالِ مَانِعِ الزَّكَاةِ، وَإِضْعَافُهُ الْغُرْمَ عَلَى سَارِقٍ مَالًا قَطْعٌ فِيهِ، وَعُقُوبَتُهُ بِالْجَلْدِ، وَإِضْعَافُهُ الْغُرْمَ عَلَى كَاتِمِ الضَّالَّةِ، وَتَحْرِيقُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حَانُوتَ الْخَمَّارِ، وَتَحْرِيقُهُ قَرْيَةً يُبَاعُ فِيهَا الْخَمْرُ، وَتَحْرِيقُهُ قَصْرَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ لَمَّا احْتَجَبَ فِيهِ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَحَلْقُهُ رَأْسَ نَصْرِ بْنِ حَجَّاجٍ وَنَفْيُهُ، وَضَرْبُهُ صَبِيغًا بِالدُّرَّةِ لَمَّا تَتَبَّعَ الْمُتَشَابِهَ فَسَأَلَ عَنْهُ، إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ السِّيَاسَةِ الَّتِي سَاسَ بِهَا الْأُمَّةَ فَسَارَتْ سُنَّةً إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَإِنْ خَالَفَهَا مَنْ خَالَفَهَا.
وَلَقَدْ حَدَّ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الزِّنَا بِمُجَرَّدِ الْحَبَلِ، وَفِي الْخَمْرِ بِالرَّائِحَةِ وَالْقَيْءِ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ، فَإِنَّ دَلِيلَ الْقَيْءِ وَالرَّائِحَةِ وَالْحَبَلِ عَلَى الشُّرْبِ وَالزِّنَا أَوْلَى مِنْ الْبَيِّنَةِ قَطْعًا؛ فَكَيْفَ يُظَنُّ بِالشَّرِيعَةِ إلْغَاءُ أَقْوَى الدَّلِيلَيْنِ، وَمِنْ ذَلِكَ تَحْرِيقُ الصِّدِّيقِ اللُّوطِيَّ، وَإِلْقَاءُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ لَهُ مِنْ شَاهِقٍ عَلَى رَأْسِهِ، وَمِنْ ذَلِكَ تَحْرِيقُ عُثْمَانَ الْمَصَاحِفَ الْمُخَالِفَةَ لِلْمُصْحَفِ الَّذِي جَمَعَ النَّاسَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الَّذِي بِلِسَانِ قُرَيْشٍ، وَمِنْ ذَلِكَ تَحْرِيقُ
الصِّدِّيقِ الْفُجَاءَةَ السُّلَمِيُّ، وَمِنْ ذَلِكَ اخْتِيَارُ عُمَرَ رضي الله عنه لِلنَّاسِ إفْرَادَ الْحَجِّ وَأَنْ يَعْتَمِرُوا فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَلَا يَزَالُ الْبَيْتُ الْحَرَامُ مَعْمُورًا بِالْحُجَّاجِ وَالْمُعْتَمِرِينَ، وَمِنْ ذَلِكَ مَنْعُ عُمَرُ رضي الله عنه النَّاسَ مِنْ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، وَقَدْ بَاعُوهُنَّ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحَيَاةِ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه وَأَرْضَاهُ، وَمِنْ ذَلِكَ إلْزَامُهُ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لِمَنْ أَوْقَعَهُ بِفَمٍ وَاحِدٍ عُقُوبَةً لَهُ كَمَا صَرَّحَ هُوَ بِذَلِكَ، وَإِلَّا فَقَدْ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ إمَارَتِهِ هُوَ يُجْعَلُ وَاحِدَةً، إلَى أَضْعَافِ ذَلِكَ مِنْ السِّيَاسَاتِ الْعَادِلَةِ الَّتِي سَاسُوا بِهَا الْأُمَّةَ، وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ أُصُولِ الشَّرِيعَةِ وَقَوَاعِدِهَا.
وَتَقْسِيمُ بَعْضِهِمْ طُرُقَ الْحُكْمِ إلَى شَرِيعَةٍ وَسِيَاسَةٍ كَتَقْسِيمِ غَيْرِهِمْ الدِّينَ إلَى شَرِيعَةٍ وَحَقِيقَةٍ، وَكَتَقْسِيمِ آخَرِينَ الدِّينَ إلَى عَقْلٍ وَنَقْلٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ تَقْسِيمٌ بَاطِلٌ، بَلْ السِّيَاسَةُ وَالْحَقِيقَةُ وَالطَّرِيقَةُ وَالْعَقْلُ كُلُّ ذَلِكَ يَنْقَسِمُ إلَى قِسْمَيْنِ: صَحِيحٌ، وَفَاسِدٌ؛ فَالصَّحِيحُ قِسْمٌ مِنْ أَقْسَامِ الشَّرِيعَةِ لَا قَسِيمٌ لَهَا، وَالْبَاطِلُ ضِدُّهَا وَمُنَافِيهَا، وَهَذَا الْأَصْلُ مِنْ أَهَمِّ الْأُصُولِ وَأَنْفَعِهَا، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ عُمُومُ رِسَالَتِهِ صلى الله عليه وسلم بِالنِّسْبَةِ إلَى كُلِّ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْعِبَادُ فِي مَعَارِفِهِمْ وَعُلُومِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ، وَأَنَّهُ لَمْ يُحْوِجْ أُمَّتَهُ إلَى أَحَدٍ بَعْدَهُ، وَإِنَّمَا حَاجَتُهُمْ إلَى مَنْ يُبَلِّغُهُمْ عَنْهُ مَا جَاءَ بِهِ، فَلِرِسَالَتِهِ عُمُومَانِ مَحْفُوظَانِ لَا يَتَطَرَّقُ إلَيْهِمَا تَخْصِيصٌ: عُمُومٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُرْسَلِ إلَيْهِمْ، وَعُمُومٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى كُلِّ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مَنْ بُعِثَ إلَيْهِ فِي أُصُولِ الدِّينِ وَفُرُوعِهِ؛ فَرِسَالَتُهُ كَافِيَةٌ شَافِيَةٌ عَامَّةٌ، لَا تُحْوِجُ إلَى سِوَاهَا، وَلَا يَتِمُّ الْإِيمَانُ بِهِ إلَّا بِإِثْبَاتِ عُمُومِ رِسَالَتِهِ فِي هَذَا وَهَذَا، فَلَا يَخْرُجُ أَحَدٌ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ عَنْ رِسَالَتِهِ، وَلَا يَخْرُجُ نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْحَقِّ الَّذِي تَحْتَاجُ إلَيْهِ الْأُمَّةُ فِي عُلُومِهَا وَأَعْمَالِهَا عَمَّا جَاءَ بِهِ.
[بَيَّنَ الرَّسُولُ جَمِيعَ أَحْكَامِ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ] وَقَدْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا طَائِرٌ يُقَلِّبُ جَنَاحَيْهِ فِي السَّمَاءِ إلَّا ذَكَرَ لِلْأُمَّةِ مِنْهُ عِلْمًا، وَعَلَّمَهُمْ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى آدَابَ التَّخَلِّي وَآدَابَ الْجِمَاعِ وَالنَّوْمِ وَالْقِيَامِ وَالْقُعُودِ، وَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، وَالرُّكُوبِ وَالنُّزُولِ، وَالسَّفَرِ وَالْإِقَامَةِ، وَالصَّمْتِ وَالْكَلَامِ، وَالْعُزْلَةِ وَالْخُلْطَةِ، وَالْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَالصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ، وَجَمِيعِ أَحْكَامِ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ، وَوَصَفَ لَهُمْ الْعَرْشَ وَالْكُرْسِيَّ وَالْمَلَائِكَةَ وَالْجِنَّ وَالنَّارَ وَالْجَنَّةَ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمَا فِيهِ حَتَّى كَأَنَّهُ رَأْيُ عَيْنٍ، وَعَرَّفَهُمْ مَعْبُودَهُمْ وَإِلَهَهُمْ أَتَمَّ تَعْرِيفٍ حَتَّى كَأَنَّهُمْ يَرَوْنَهُ وَيُشَاهِدُونَهُ بِأَوْصَافِ كَمَالِهِ وَنُعُوتِ جَلَالِهِ، وَعَرَّفَهُمْ الْأَنْبِيَاءَ وَأُمَمَهُمْ وَمَا جَرَى لَهُمْ، وَمَا جَرَى عَلَيْهِمْ مَعَهُمْ حَتَّى كَأَنَّهُمْ كَانُوا بَيْنَهُمْ، وَعَرَّفَهُمْ مِنْ طُرُقِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ دَقِيقَهَا وَجَلِيلَهَا مَا لَمْ يُعَرِّفْهُ نَبِيٌّ لِأُمَّتِهِ قَبْلَهُ، وَعَرَّفَهُمْ صلى الله عليه وسلم مِنْ
أَحْوَالِ الْمَوْتِ وَمَا يَكُونُ بَعْدَهُ فِي الْبَرْزَخِ وَمَا يَحْصُلُ فِيهِ مِنْ النَّعِيمِ وَالْعَذَابِ لِلرُّوحِ وَالْبَدَنِ مَا لَمْ يُعَرِّفْ بِهِ نَبِيٌّ غَيْرُهُ، وَكَذَلِكَ عَرَّفَهُمْ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَدِلَّةِ التَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ وَالْمَعَادِ وَالرَّدِّ عَلَى جَمِيعِ فِرَقِ أَهْلِ الْكُفْرِ وَالضَّلَالِ مَا لَيْسَ لِمَنْ عَرَفَهُ حَاجَةٌ مِنْ بَعْدِهِ، اللَّهُمَّ إلَّا إلَى مَنْ يُبَلِّغُهُ إيَّاهُ وَيُبَيِّنُهُ وَيُوَضِّحُ مِنْهُ مَا خَفِيَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ عَرَّفَهُمْ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَايِدِ الْحُرُوبِ وَلِقَاءِ الْعَدُوِّ وَطُرُقِ النَّصْرِ وَالظُّفْرِ مَا لَوْ عَلِمُوهُ وَعَقَلُوهُ وَرَعَوْهُ حَقَّ رِعَايَتِهِ لَمْ يَقُمْ لَهُمْ عَدُوٌّ أَبَدًا، وَكَذَلِكَ عَرَّفَهُمْ صلى الله عليه وسلم مِنْ مَكَايِدِ إبْلِيسَ وَطُرُقِهِ الَّتِي يَأْتِيهِمْ مِنْهَا وَمَا يَتَحَرَّزُونَ بِهِ مِنْ كَيْدِهِ وَمَكْرِهِ وَمَا يَدْفَعُونَ بِهِ شَرَّهُ مَا لَا مَزِيدَ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ عَرَّفَهُمْ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَحْوَالِ نُفُوسِهِمْ وَأَوْصَافِهَا وَدَسَائِسِهَا وَكَمَائِنِهَا مَا لَا حَاجَةَ لَهُمْ مَعَهُ إلَى سِوَاهُ، وَكَذَلِكَ عَرَّفَهُمْ صلى الله عليه وسلم مِنْ أُمُورِ مَعَايِشِهِمْ مَا لَوْ عَلِمُوهُ وَعَمِلُوهُ لَاسْتَقَامَتْ لَهُمْ دُنْيَاهُمْ أَعْظَمَ اسْتِقَامَةٍ.
وَبِالْجُمْلَةِ فَجَاءَهُمْ بِخَيْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بِرُمَّتِهِ، وَلَمْ يُحْوِجْهُمْ اللَّهُ إلَى أَحَدٍ سِوَاهُ، فَكَيْفَ يُظَنُّ أَنَّ شَرِيعَتَهُ الْكَامِلَةَ الَّتِي مَا طَرَقَ الْعَالَمَ شَرِيعَةٌ أَكْمَلُ مِنْهَا نَاقِصَةٌ تَحْتَاجُ إلَى سِيَاسَةٍ خَارِجَةٍ عَنْهَا تُكَمِّلُهَا، أَوْ إلَى قِيَاسٍ أَوْ حَقِيقَةٍ أَوْ مَعْقُولٍ خَارِجٍ عَنْهَا؟ وَمَنْ ظَنَّ ذَلِكَ فَهُوَ كَمَنْ ظَنَّ أَنَّ بِالنَّاسِ حَاجَةً إلَى رَسُولٍ آخَرَ بَعْدَهُ، وَسَبَبُ هَذَا كُلِّهِ خَفَاءُ مَا جَاءَ بِهِ عَلَى مَنْ ظَنَّ ذَلِكَ وَقِلَّةُ نَصِيبِهِ مِنْ الْفَهْمِ الَّذِي وَفَّقَ اللَّهُ لَهُ أَصْحَابَ نَبِيِّهِ الَّذِينَ اكْتَفَوْا بِمَا جَاءَ بِهِ، وَاسْتَغْنَوْا بِهِ عَمَّا مَا سِوَاهُ، وَفَتَحُوا بِهِ الْقُلُوبَ وَالْبِلَادَ، وَقَالُوا: هَذَا عَهْدُ نَبِيِّنَا إلَيْنَا، وَهُوَ عَهْدُنَا إلَيْكُمْ، وَقَدْ كَانَ عُمَرُ رضي الله عنه يَمْنَعُ مِنْ الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَشْيَةَ أَنْ يَشْتَغِلَ النَّاسُ بِهِ عَنْ الْقُرْآنِ، فَكَيْفَ لَوْ رَأَى اشْتِغَالَ النَّاسِ بِآرَائِهِمْ وَزَبَدِ أَفْكَارِهِمْ وَزُبَالَةِ أَذْهَانِهِمْ عَنْ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ؟ فَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [العنكبوت: 51] وَقَالَ تَعَالَى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل: 89] وَقَالَ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 57] وَكَيْفَ يَشْفِي مَا فِي الصُّدُورِ كِتَابٌ لَا يَفِي هُوَ وَمَا تُبَيِّنُهُ السُّنَّةُ بِعُشْرِ مِعْشَارِ الشَّرِيعَةِ؟ أَمْ كَيْفَ يَشْفِي مَا فِي الصُّدُورِ كِتَابُ لَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ الْيَقِينُ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ مَسَائِلِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ؟ أَوْ عَامَّتُهَا ظَوَاهِرُ لَفْظِيَّةٍ دَلَالَتُهَا مَوْقُوفَةٌ عَلَى انْتِفَاءِ عَشَرَةِ أُمُورٍ لَا يُعْلَمُ انْتِفَاؤُهَا، سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ، وَيَا لِلَّهِ الْعَجَبُ، كَيْفَ كَانَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ قَبْلَ وَضْعِ هَذِهِ الْقَوَانِينِ الَّتِي أَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهَا مِنْ الْقَوَاعِدِ، وَقَبْلَ اسْتِخْرَاجِ هَذِهِ الْآرَاءِ وَالْمَقَايِيسِ وَالْأَوْضَاعِ؟ أَهَلْ كَانُوا مُهْتَدِينَ
مُكْتَفِينَ بِالنُّصُوصِ أَمْ كَانُوا عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ؟ حَتَّى جَاءَ الْمُتَأَخِّرُونَ فَكَانُوا أَعْلَمَ مِنْهُمْ وَأَهْدَى وَأَضْبَطَ لِلشَّرِيعَةِ مِنْهُمْ وَأَعْلَمَ بِاَللَّهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَمَا يَجِبُ لَهُ وَ [مَا] يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ مِنْهُمْ؟ فَوَاَللَّهِ لَأَنْ يَلْقَى اللَّهَ [عَبْدُهُ] بِكُلِّ ذَنْبٍ مَا خَلَا الْإِشْرَاكَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَلْقَاهُ بِهَذَا الظَّنِّ الْفَاسِدِ وَالِاعْتِقَادِ الْبَاطِلِ.
فَصْلٌ:
[كَلَامُ أَحْمَدَ فِي السِّيَاسَةِ الشَّرْعِيَّةِ]
وَهَذِهِ نَبْذَةٌ يَسِيرَةٌ مِنْ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رحمه الله فِي السِّيَاسَةِ الشَّرْعِيَّةِ: قَالَ فِي رِوَايَةِ الْمَرْوَزِيِّ وَابْنِ مَنْصُورٍ: وَالْمُخَنَّثُ يُنْفَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ مِنْهُ إلَّا الْفَسَادُ وَالتَّعَرُّضُ لَهُ، وَلِلْإِمَامِ نَفْيُهُ إلَى بَلَدٍ يَأْمَنُ فَسَادَ أَهْلِهِ، وَإِنْ خَافَ بِهِ عَلَيْهِمْ حَبَسَهُ.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ، فِيمَنْ شَرِبَ خَمْرًا فِي نَهَارِ رَمَضَانَ، أَوْ أَتَى شَيْئًا نَحْوَ هَذَا: أُقِيمَ الْحَدُّ عَلَيْهِ، وَغُلِّظَ عَلَيْهِ مِثْلَ الَّذِي يَقْتُلُ فِي الْحَرَمِ دِيَةٌ وَثُلُثٌ.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ: إذَا أَتَتْ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ تُعَاقَبَانِ وَتُؤَدَّبَانِ.
وَقَالَ أَصْحَابُنَا: إذَا رَأَى الْإِمَامُ تَحْرِيقَ اللُّوطِيِّ بِالنَّارِ فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ كَتَبَ إلَى أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه أَنَّهُ وَجَدَ فِي بَعْضِ نَوَاحِي الْعَرَبِ رَجُلًا يُنْكَحُ كَمَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ، فَاسْتَشَارَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفِيهِمْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ، وَكَانَ أَشَدَّهُمْ قَوْلًا، فَقَالَ: إنَّ هَذَا الذَّنْبَ لَمْ تَعْصِ اللَّهَ بِهِ أُمَّةٌ مِنْ الْأُمَمِ إلَّا وَاحِدَةٌ، فَصَنَعَ اللَّهُ بِهِمْ مَا قَدْ عَلِمْتُمْ، أَرَى أَنْ يُحَرِّقُوهُ بِالنَّارِ، فَأَجْمَعَ رَأْيُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَنْ يُحَرِّقُوهُ بِالنَّارِ، فَكَتَبَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه إلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ رضي الله عنهما بِأَنْ يُحَرِّقُوا، فَحَرَّقَهُمْ، ثُمَّ حَرَّقَهُمْ ابْنُ الزُّبَيْرِ، ثُمَّ حَرَّقَهُمْ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ.
وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه فِيمَنْ طَعَنَ عَلَى الصَّحَابَةِ أَنَّهُ قَدْ وَجَبَ عَلَى السُّلْطَانِ عُقُوبَتُهُ، وَلَيْسَ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ، بَلْ يُعَاقِبَهُ وَيَسْتَتِيبَهُ، فَإِنْ تَابَ، وَإِلَّا أَعَادَ الْعُقُوبَةَ.
وَصَرَّحَ أَصْحَابُنَا فِي أَنَّ النِّسَاءَ إذَا خِيفَ عَلَيْهِنَّ الْمُسَاحَقَةَ حَرُمَ خَلْوَةُ بَعْضِهِنَّ بِبَعْضٍ.
وَصَرَّحُوا بِأَنَّ مَنْ أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أُخْتَانِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى اخْتِيَارِ إحْدَاهُمَا، فَإِنْ أَبَى ضُرِبَ حَتَّى يَخْتَارَ.
قَالُوا: وَهَكَذَا كُلُّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَقٌّ فَامْتَنَعَ مِنْ أَدَائِهِ، فَإِنَّهُ يُضْرَبُ حَتَّى يُؤَدِّيَهُ.