الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جِنْسِ تَوْقِيعَاتِ نُوَّابِهِمْ وَخُلَفَائِهِمْ، وَفَتَاوَى النَّوْعِ الثَّالِثِ وَالرَّابِعِ مِنْ جِنْسِ تَوْقِيعَاتِ خُلَفَاءِ نُوَّابِهِمْ، وَمَنْ عَدَاهُمْ فَمُتَشَبِّعٌ بِمَا لَمْ يُعْطِ، مُتَشَبِّهٌ بِالْعُلَمَاءِ، مُحَاكٍ لِلْفُضَلَاءِ، وَفِي كُلِّ طَائِفَةٍ مِنْ الطَّوَائِفِ مُتَحَقِّقٌ بِغَيِّهِ وَمُحَاكٍ لَهُ مُتَشَبِّهٌ بِهِ، وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.
[فَتَوَى مُجْتَهِد الْمَذْهَبِ بِقَوْلِ الْإِمَامِ]
[هَلْ لِلْمُجْتَهِدِ فِي الْمَذْهَبِ أَنْ يُفْتِيَ بِقَوْلِ الْإِمَامِ؟] الْفَائِدَةُ الثَّلَاثُونَ: إذَا كَانَ الرَّجُلُ مُجْتَهِدًا فِي مَذْهَبِ إمَامٍ، وَلَمْ يَكُنْ مُسْتَقِلًّا بِالِاجْتِهَادِ، فَهَلْ لَهُ أَنْ يُفْتِيَ بِقَوْلِ ذَلِكَ الْإِمَامِ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَهُمَا وَجْهَانِ لِأَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ.
أَحَدُهُمَا: الْجَوَازُ، وَيَكُونُ مُتَّبِعُهُ مُقَلِّدًا لِلْمَيِّتِ، لَا لَهُ، وَإِنَّمَا لَهُ مُجَرَّدُ النَّقْلِ عَنْ الْإِمَامِ.
وَالثَّانِي: لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُفْتِيَ؛ لِأَنَّ السَّائِلَ مُقَلِّدٌ لَهُ، لَا لِلْمَيِّتِ، وَهُوَ لَمْ يَجْتَهِدْ لَهُ، وَالسَّائِلُ يَقُولُ لَهُ: أَنَا أُقَلِّدُكَ فِيمَا تُفْتِينِي بِهِ.
وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ هَذَا فِيهِ تَفْصِيلٌ؛ فَإِنْ قَالَ لَهُ السَّائِلُ: " أُرِيدُ حُكْمَ اللَّهِ - تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَأُرِيدُ الْحَقَّ فِيمَا يُخَلِّصُنِي " وَنَحْوَ ذَلِكَ لَمْ يَسَعْهُ إلَّا أَنْ يَجْتَهِدَ لَهُ فِي الْحَقِّ، وَلَا يَسَعُهُ أَنْ يُفْتِيَهُ بِمُجَرَّدِ تَقْلِيدِ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةٍ بِأَنَّهُ حَقٌّ أَوْ بَاطِلٌ، وَإِنْ قَالَ لَهُ:" أُرِيدُ أَنْ أَعْرِفَ فِي هَذِهِ النَّازِلَةِ قَوْلَ الْإِمَامِ وَمَذْهَبَهُ " سَاغَ لَهُ الْإِخْبَارُ بِهِ، وَيَكُونُ نَاقِلًا لَهُ، وَيَبْقَى الدَّرْكُ عَلَى السَّائِلِ؛ فَالدَّرْكُ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ عَلَى الْمُفْتِي، وَفِي الثَّانِي عَلَى الْمُسْتَفْتِي
[هَلْ لِلْحَيِّ أَنْ يُقَلِّدَ الْمَيِّتَ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِلدَّلِيلِ]
[هَلْ لِلْحَيِّ أَنْ يُقَلِّدَ الْمَيِّتَ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِلدَّلِيلِ] الْفَائِدَةُ الْحَادِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ: هَلْ يَجُوزُ لِلْحَيِّ تَقْلِيدُ الْمَيِّتِ وَالْعَمَلُ بِفَتْوَاهُ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِهَا بِالدَّلِيلِ الْمُوجِبِ لِصِحَّةِ الْعَمَلِ بِهَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ؛ فَمَنْ مَنَعَهُ قَالَ: يَجُوزُ تَغْيِيرُ اجْتِهَادُهُ لَوْ كَانَ حَيًّا؛ فَإِنَّهُ كَانَ يُجَدِّدُ النَّظَرَ عِنْدَ نُزُولِ هَذِهِ النَّازِلَةِ إمَّا وُجُوبًا وَإِمَّا اسْتِحْبَابًا، عَلَى النِّزَاعِ الْمَشْهُورِ، وَلَعَلَّهُ لَوْ جَدَّدَ النَّظَرَ لَرَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ.
وَالثَّانِي: الْجَوَازُ، وَعَلَيْهِ عَمَلُ جَمِيعِ الْمُقَلِّدِينَ فِي أَقْطَارِ الْأَرْضِ، وَخِيَارُ مَا بِأَيْدِيهِمْ مِنْ التَّقْلِيدِ تَقْلِيدُ الْأَمْوَاتِ، وَمَنْ مَنَعَ مِنْهُمْ تَقْلِيدَ الْمَيِّتِ فَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ يَقُولُهُ بِلِسَانِهِ، وَعَمَلُهُ فِي فَتَاوِيهِ وَأَحْكَامِهِ بِخِلَافِهِ، وَالْأَقْوَالُ لَا تَمُوتُ بِمَوْتِ قَائِلِهِ، كَمَا لَا تَمُوتُ الْأَخْبَارُ بِمَوْتِ رُوَاتِهَا وَنَاقِلِيهَا