الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«وَقَضَى صلى الله عليه وسلم أَنَّ: الْمَعْدِنَ جُبَارٌ، وَالْعَجْمَاءَ جُبَارٌ، وَالْبِئْرَ جُبَارٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي قَوْلِهِ:«الْمَعْدِنَ جُبَارٌ» قَوْلَانِ؛ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ مَنْ يَحْفِرُ لَهُ مَعْدِنًا فَسَقَطَ عَلَيْهِ فَقَتَلَهُ فَهُوَ جُبَارٌ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْقَوْلَ اقْتِرَانُهُ بِقَوْلِهِ:«الْبِئْرَ جُبَارٌ وَالْعَجْمَاءَ جُبَارٌ» وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْقَوْلَ اقْتِرَانُهُ بِقَوْلِهِ:«وَفِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ» فَفَرَّقَ بَيْنَ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ، فَأَوْجَبَ الْخُمُسَ فِي الرِّكَازِ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ مَجْمُوعٌ يُؤْخَذُ بِغَيْرِ كُلْفَةٍ وَلَا تَعَبٍ، وَأَسْقَطَهَا عَنْ الْمَعْدِنِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى كُلْفَةٍ وَتَعَبٍ فِي اسْتِخْرَاجِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي حَدِّ الزِّنَا]
فَصْلٌ:
«وَقَضَى صلى الله عليه وسلم فِيمَنْ زَنَى، وَلَمْ يُحْصَنْ بِنَفْيِ عَامٍ وَإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ» ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ.
«وَقَضَى صلى الله عليه وسلم أَنَّ الثَّيِّبَ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ ثُمَّ الرَّجْمُ، وَالْبِكْرَ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ ثُمَّ نَفْيُ سَنَةٍ» ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ.
«وَجَاءَهُ الْيَهُودُ فَقَالُوا: إنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا، فَقَالَ لَهُمْ: مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ؟ فَقَالُوا: نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: كَذَبْتُمْ إنَّ فِيهَا الرَّجْمَ، فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا؛ فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ، فَقَرَأَ مَا بَعْدَهَا وَمَا قَبْلَهَا، فَقَالَ لَهُ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ: ارْفَعْ يَدَكَ، فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا آيَةُ الرَّجْمِ، فَقَالُوا: صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ، فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا» ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعِنْدَ أَبِي دَاوُد أَيْضًا «أَنَّهُ دَعَا بِالشُّهُودِ، فَجَاءَهُ أَرْبَعَةٌ، فَشَهِدُوا أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَكَرَهُ فِي فَرْجِهَا مِثْلَ الْمِيلِ فِي الْمُكْحُلَةِ» .
وَفِي بَعْضِ طُرُقِ هَذِهِ الْقِصَّةِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: شَهِدْتَ عَلَى نَفْسِكَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، اذْهَبُوا بِهِ فَارْجُمُوهُ» .
وَفِي بَعْضِ طُرُقِهَا «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ: لَعَلَّكَ رَأَيْتَ فِي مَنَامِكَ، لَعَلَّكَ اُسْتُكْرِهَتْ» ، وَكُلُّ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ صَحِيحَةٌ.
وَفِي بَعْضِهَا «أَنَّهُ أَمَرَ فَحُفِرَتْ لَهُ حُفَيْرَة» ، ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ، وَهِيَ غَلَطٌ مِنْ رِوَايَةِ بَشِيرِ بْنِ الْمُهَاجِرِ، وَإِنْ كَانَ مُسْلِمٌ قَدْ رَوَى لَهُ فِي الصَّحِيحِ فَالثِّقَةُ قَدْ يَغْلَطُ عَلَى أَنَّ أَحْمَدَ وَأَبَا حَاتِمٍ الرَّازِيَّ قَدْ تَكَلَّمَا فِيهِ، وَإِنَّمَا حَصَلَ الْوَهْمُ مِنْ حُفْرَةِ الْغَامِدِيَّةِ، فَسَرَى إلَى مَاعِزٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي وَجْهِ هَذَا الْحَدِيثِ؛ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: أَقَرَّ بِحَدٍّ لَمْ يُسَمِّهِ فَلَمْ يَجِبْ عَلَى الْإِمَامِ اسْتِفْسَارُهُ، وَلَوْ سَمَّاهُ لَحَدَّهُ كَمَا حَدَّ مَاعِزًا، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: بَلْ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ بِتَوْبَتِهِ،