المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[إخراج النصوص عن ظاهرها لتوافق مذهب المفتي] - إعلام الموقعين عن رب العالمين - ط العلمية - جـ ٤

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[الْمِثَالُ السَّادِسُ وَالسِّتُّونَ قِسْمَةُ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ]

- ‌[الْمِثَالُ السَّابِعُ وَالسِّتُّونَ بَيْعُ الْمُغَيَّبَاتِ فِي الْأَرْضِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّامِنُ وَالسِّتُّونَ الْمُبَايَعَةُ يَوْمِيًّا وَالْقَبْضُ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ]

- ‌[الْمِثَالُ التَّاسِعُ وَالسِّتُّونَ تَوْكِيلُ الدَّائِنِ فِي اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ]

- ‌[الْمِثَالُ السَّبْعُونَ تَعْلِيقُ الْإِبْرَاءِ بِالشَّرْطِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ اسْتِدْرَاكُ الْأَمِينِ لِمَا غَلِطَ فِيهِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ تَصَرُّفُ الْمَدِينِ الَّذِي اسْتَغْرَقَتْ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّالِثُ وَالسَّبْعُونَ خَوْفُ الدَّائِنِ مِنْ جَحْدِ الْمَدِينِ]

- ‌[الْمِثَالُ الرَّابِعُ وَالسَّبْعُونَ خَوْفُ زَوْجِ الْأَمَةِ مِنْ رِقِّ أَوْلَادِهِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّامِنُ وَالسَّبْعُونَ حِيلَةٌ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ قَبْلَ التَّزَوُّجِ]

- ‌[الْمِثَالُ التَّاسِعُ وَالسَّبْعُونَ حِيلَةٌ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّمَانُونَ بَرَاءَةُ أَحَدِ الضَّامِنَيْنِ بِتَسْلِيمِ الْآخَرِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ زَوَاجُ أَحَدِ دَائِنَيْ الْمَرْأَةِ إيَّاهَا بِنَصِيبِهِ مِنْ الدَّيْنِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّانِي وَالثَّمَانُونَ حِيلَةٌ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ فِي يَمِينٍ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّالِثُ وَالثَّمَانُونَ الْحِيلَةُ فِي ضَمَانِ شَرِيكَيْنِ]

- ‌[الْمِثَالُ الرَّابِعُ وَالثَّمَانُونَ تَحَيُّلُ الْمَظْلُومِ عَلَى مَسَبَّةِ النَّاسِ لِلظَّالِمِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْخَامِسُ وَالثَّمَانُونَ مِنْ لَطَائِفِ حِيَلِ أَبِي حَنِيفَةَ]

- ‌[الْمِثَالُ السَّابِعُ وَالثَّمَانُونَ تَعْلِيقُ الْفَسْخِ وَالْبَرَاءَةِ بِالشُّرُوطِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّامِنُ وَالثَّمَانُونَ صُلْحُ الشَّفِيعِ مِنْ الشُّفْعَةِ]

- ‌[الْمِثَالُ التَّاسِعُ وَالثَّمَانُونَ مُشَارَكَةُ الْعَامِلِ لِلْمَالِكِ وَأَنْوَاعُهَا]

- ‌[الْمِثَالُ التِّسْعُونَ حِيلَةٌ فِي إسْقَاطِ الْمُحَلِّلِ فِي السِّبَاقِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْحَادِي وَالتِّسْعُونَ حِيلَةٌ فِي اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ لِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّانِي وَالتِّسْعُونَ حِيلَةٌ فِي الرَّهْنِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّالِثُ وَالتِّسْعُونَ بَيْعُ الثَّمَرِ وَقَدْ بَدَا صَلَاحُ بَعْضِهِ دُونَ بَعْضِهِ الْآخَرِ]

- ‌[الْمِثَالُ الرَّابِعُ وَالتِّسْعُونَ حِيلَةٌ فِي بَيْعِ الْوَكِيلِ لِمُوَكِّلِهِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْخَامِسُ وَالتِّسْعُونَ: مُقَابَلَةُ الْمَكْرِ بِالْمَكْرِ]

- ‌[السَّادِسُ وَالتِّسْعُونَ حِيلَةٌ فِي شِرَاءِ الْعَبْدِ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ]

- ‌[الْحِيَلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ]

- ‌[الْمِثَالُ السَّابِعُ وَالتِّسْعُونَ الضَّمَانُ وَالْكَفَالَةُ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّامِنُ وَالتِّسْعُونَ تَعْلِيقُ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ بِالشَّرْطِ]

- ‌[الْمِثَالُ التَّاسِعُ وَالتِّسْعُونَ: رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ جَارِيَةً أَوْ سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ غَرِيبٍ]

- ‌[الْمِثَالُ الْمُوَفِّي الْمِائَة رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ اشْتَرِ هَذِهِ الدَّارَ مِنْ فُلَان بِكَذَا وَكَذَا وَأَنَا أُرْبِحُك فِيهَا كَذَا وَكَذَا]

- ‌[الْمِثَالُ الْحَادِي بَعْدَ الْمِائَة اشْتَرَى مِنْهُ جَارِيَةً ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِهَا فَخَافَ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِكَذَا]

- ‌[الْمِثَال الثَّانِي بَعْدَ الْمِائَةِ: لَهُ مَالٌ حَالٌّ فَأَبَى أَنْ يُقِرَّ لَهُ بِهِ حَتَّى يُصَالِحَهُ عَلَى بَعْضِهِ أَوْ يُؤَجِّلَهُ]

- ‌[الْحِيلَةُ فِي إيدَاعِ الشَّهَادَةِ]

- ‌[الْحِيلَةُ فِي إقْرَارِ الْمُضْطَهَدِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّالِثُ بَعْدَ الْمِائَة حَبْسُ الْعَيْنِ عَلَى ثَمَنِهَا وَأُجْرَتِهَا]

- ‌[الْمِثَالُ الرَّابِعُ بَعْدَ الْمِائَةِ إقْرَارُ الْمَرِيضِ بِدَيْنٍ لِوَارِثِهِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْخَامِسُ بَعْدَ الْمِائَةِ الْإِحَالَةُ بِالدَّيْنِ وَخَوْفُ هَلَاكِ الْمُحَالِ بِهِ]

- ‌[الْمِثَالُ السَّادِسُ بَعْدَ الْمِائَةِ حِيلَةٌ فِي لُزُومِ تَأْجِيلِ الدَّيْنِ الْحَالِّ]

- ‌[الْمِثَالُ السَّابِعُ بَعْدَ الْمِائَةِ وَصِيَّةُ الْمَرِيضِ الَّذِي لَا وَارِثَ لَهُ بِجَمِيعِ مَالِهِ فِي الْبِرِّ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّامِنُ بَعْدَ الْمِائَةِ اقْتِضَاءُ الدَّيْنِ وَتَوَارِي الْمَدِينِ]

- ‌[الْمِثَالُ التَّاسِعُ بَعْدَ الْمِائَةِ إثْبَاتُ الدَّيْنِ عَلَى الْغَائِبِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْعَاشِرُ بَعْدَ الْمِائَةِ انْتِفَاعُ الْمُرْتَهِنِ بِالرَّهْنِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْحَادِيَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ اسْتِيثَاقُ كُلٍّ مِنْ الرَّاهِنِ وَالدَّائِنِ بِمَالِهِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّانِيَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ حِيلَةٌ فِي إبْرَارِ زَوْجٍ وَزَوْجَةٍ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّالِثَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ حِيلَةٌ فِي الْمُخَالَفَةِ عَلَى نَفَقَتِهَا وَسُكْنَاهَا قَبْلَ وُجُوبِهِمَا]

- ‌[الْمِثَالُ الرَّابِعَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ حِيلَةٌ فِي التَّحْلِيلِ مِنْ الطَّلَاقِ بَعْدَ الثَّلَاثِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْخَامِسَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ الْإِبْرَارُ مَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ]

- ‌[الْمِثَالُ السَّادِسَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ الْمَخَارِجُ مِنْ التَّحْلِيلِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ]

- ‌[فَصْلٌ شَبَه الْقَائِلِينَ بِعَدَمِ جَوَازِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ الْقَوْلُ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَرْفَعُ جُمْلَةَ الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّحْقِيقُ فِي مَوْضُوعِ الِاسْتِثْنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِعْلُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مَعَ الذُّهُولِ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ الْتِزَامِ الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصَلِّ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ يَمِينٌ أَوْ لَا]

- ‌[فَصْلٌ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ]

- ‌[فَصْلٌ زَوَالُ سَبَبِ الْيَمِينِ]

- ‌[فَصْلٌ خُلْعُ الْيَمِينِ]

- ‌[فَصْلٌ دُخُولُ الْكَفَّارَةِ يَمِينَ الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصَلِّ الْفَتْوَى بِالْآثَارِ السَّلَفِيَّةِ وَالْفَتَاوَى الصَّحَابِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ حُجِّيَّةُ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ]

- ‌[مَنْزِلَةُ قَوْلِ التَّابِعِيِّ وَتَفْسِيرِهِ]

- ‌[قَوْلِ الصَّحَابِيِّ إذَا خَالَفَ الْقِيَاسَ]

- ‌[فَصْل أَسْئِلَةُ السَّائِلِينَ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ]

- ‌[عُدُولُ الْمُفْتِي عَنْ السُّؤَالِ إلَى مَا هُوَ أَنْفَعُ]

- ‌[جَوَابُ الْمُفْتِي بِأَكْثَرَ مِنْ السُّؤَالِ]

- ‌[مَنْعُ الْمُفْتِي الْمُسْتَفْتِيَ مِنْ مَحْظُورٍ دَلَّ عَلَى مُبَاحٍ]

- ‌[ذَكَرَ الْمُفْتِي دَلِيلَ الْحُكْمِ الَّذِي أَفْتَى بِهِ وَمَأْخَذَهُ]

- ‌[تَمْهِيد المفتى لِلْحُكْمِ الْمُسْتَغْرَبِ]

- ‌[حَلِف المفتى عَلَى ثُبُوتِ الْحُكْمِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ أَدَبِ الْمُفْتِي أَنْ يَتَوَجَّهَ لِلَّهِ لِيُلْهِمَهُ الصَّوَابَ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يُفْتِي وَلَا يَحْكُمُ إلَّا بِمَا يَكُونُ عَالِمًا بِالْحَقِّ فِيهِ]

- ‌[الْوَاجِبُ عَلَى الرَّاوِي وَالْمُفْتِي وَالْحَاكِمِ وَالشَّاهِدِ]

- ‌[مِنْ أَدَبِ الْمُفْتِي أَلَّا يَنْسِبَ الْحُكْمَ إلَى اللَّهِ إلَّا بِنَصٍّ]

- ‌[حَالُ الْمُفْتِي مَعَ الْمُسْتَفْتِي]

- ‌[فَتَوَى الْمُفْتِي بِمَا خَالَفَ مَذْهَبَهُ]

- ‌[لَا يَجُوزُ لِلْمُفْتِي إلْقَاءُ الْمُسْتَفْتِي فِي الْحَيْرَةِ]

- ‌[الْإِفْتَاء فِي شُرُوطِ الْوَاقِفِينَ]

- ‌[لَا يُطْلِقُ الْمُفْتِي الْجَوَابَ إذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ]

- ‌[عَلَى الْمُفْتِي أَلَّا يُفَصِّلَ إلَّا حَيْثُ يَجِبُ التَّفْصِيلُ]

- ‌[هَلْ لِلْمُقَلِّدِ أَنْ يُفْتِيَ]

- ‌[فَتَوَى الْقَاصِرُ عَنْ مَعْرِفَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ]

- ‌[فَتَوَى الْعَامَيْ فِي مَسْأَلَة عِلْم حُكْمهَا]

- ‌[الصِّفَاتِ الَّتِي تَلْزَمُ الْمُفْتِيَ]

- ‌[دَلَالَةُ الْعَالِمِ لِلْمُسْتَفْتِي عَلَى غَيْرِهِ]

- ‌[فَتَوَى المفتى لِمَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَته لَهُ]

- ‌[الْفُتْيَا بِالتَّشَهِّي وَالتَّخَيُّرِ]

- ‌[أَقْسَامُ الْمُفْتِينَ]

- ‌[فَتَوَى مُجْتَهِد الْمَذْهَبِ بِقَوْلِ الْإِمَامِ]

- ‌[هَلْ لِلْحَيِّ أَنْ يُقَلِّدَ الْمَيِّتَ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِلدَّلِيلِ]

- ‌[هَلْ لِلْمُجْتَهِدِ فِي نَوْعٍ مِنْ الْعِلْمِ أَنْ يُفْتِيَ فِيهِ]

- ‌[حُكْمُ الْعَامِّيِّ الَّذِي لَا يَجِدُ مَنْ يُفْتِيهِ]

- ‌[مَنْ تَجُوزُ لَهُ الْفُتْيَا وَمَنْ لَا تَجُوزُ لَهُ]

- ‌[هَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يُفْتِيَ]

- ‌[فُتْيَا الْحَاكِمِ وَحُكْمُهَا]

- ‌[فَتَوَى الْمُفْتِي عَمَّا لَمْ يَقَعْ]

- ‌[لَا يَجُوزُ لِلْمُفْتِي تَتَبُّعُ الْحِيَلِ]

- ‌[رُجُوع الْمُفْتِي عَنْ فَتْوَاهُ]

- ‌[هَلْ يَضْمَنُ الْمُفْتِي الْمَالَ أَوْ النَّفْسَ فِيمَا بَانَ خَطَؤُهُ]

- ‌[أَحْوَالٌ لَيْسَ لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ فِيهَا]

- ‌[عَلَى الْمُفْتِي أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْعُرْفِ فِي مَسَائِلَ]

- ‌[لَا يُعِينُ الْمُفْتِي عَلَى التَّحَايُلِ وَلَا عَلَى الْمَكْرِ]

- ‌[حُكْمُ أَخْذِ الْمُفْتِي أُجْرَةً أَوْ هَدِيَّةً]

- ‌[هَلْ تَجُوزُ الْفُتْيَا لِمَنْ عِنْدَهُ كُتُبُ الْحَدِيثِ]

- ‌[فَتَوَى الْمُفْتِي الْمُقَلَّد بِغَيْرِ مَذْهَبِ إمَامِهِ]

- ‌[فَتَوَى الْمُفْتِي بِغَيْرِ مَذْهَبِ إمَامِهِ إذَا تَرَجَّحَ فِي نَظَّرَهُ]

- ‌[إذَا تَسَاوَى عِنْدَ الْمُفْتِي قَوْلَانِ فَمَاذَا يَصْنَعُ]

- ‌[هَلْ لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ بِالْقَوْلِ الَّذِي رَجَعَ عَنْهُ إمَامُهُ]

- ‌[فَتَوَى الْمُفْتِي بِمَا يُخَالِفُ النَّصَّ]

- ‌[إخْرَاجُ النُّصُوصِ عَنْ ظَاهِرِهَا لِتُوَافِقَ مَذْهَبَ الْمُفْتِي]

- ‌[لَا يُعْمَلُ بِالْفَتْوَى حَتَّى يَطْمَئِنَّ لَهَا قَلْبُ الْمُسْتَفْتِي]

- ‌[التُّرْجُمَانُ عِنْدَ الْمُفْتِي]

- ‌[مَا يَصْنَعُ الْمُفْتِي فِي جَوَابِ سُؤَالٍ يَحْتَمِلُ عِدَّةَ صُوَرٍ]

- ‌[لَا يَسَعُ الْمُفْتِيَ أَنْ يَجْعَلَ غَرَضَ السَّائِلِ سَائِقَ حُكْمِهِ]

- ‌[ذِكْرُ المفتى الْفَتْوَى مَعَ دَلِيلِهَا]

- ‌[هَلْ يُقَلِّد الْمُفْتِي الْمَيِّتَ إذًا عَلِمَ عَدَالَتَهُ]

- ‌[تَكَرَّرَتْ الْوَاقِعَةُ فَهَلْ يَسْتَفْتِي مِنْ جَدِيدٍ]

- ‌[هَلْ يَلْزَمُ اسْتِفْتَاءُ الْأَعْلَمِ إذَا تعدد الْمَفْتُون]

- ‌[هَلْ يَلْزَمُ الْعَامِّيَّ أَنْ يَتَمَذْهَبَ بِبَعْضِ الْمَذَاهِبِ الْمَعْرُوفَة أُمّ لَا]

- ‌[مَا الْحُكْمِ إذَا اخْتَلَفَ مُفْتِيَانِ]

- ‌[هَلْ يَجِبُ الْعَمَلُ بِفَتْوَى الْمُفْتِي]

- ‌[الْعَمَلُ بِخَطِّ الْمُفْتِي وَمَا يُشْبِهُ ذَلِكَ]

- ‌[حَدَثَتْ حَادِثَةٌ لَيْسَ فِيهَا قَوْلٌ لِأَحَدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ مِنْ فَتَاوَى إمَامِ الْمُفْتِينَ]

- ‌[فَصْلٌ: فَتَاوَى فِي مَسَائِلَ مِنْ الْعَقِيدَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى تَتَعَلَّقُ بِالطَّهَارَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فَتَاوَى تَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ وَأَرْكَانِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى تَتَعَلَّقُ بِالْمَوْتِ وَبِالْمَوْتَى]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى تَتَعَلَّقُ بِالزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى تَتَعَلَّقُ بِالصَّوْمِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى تَتَعَلَّقُ بِالْحَجِّ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي بَيَانِ فَضْلِ بَعْضِ سُوَرِ الْقُرْآنِ]

- ‌[فَتَاوَى فِي بَيَانِ فَضْلِ بَعْضِ الْأَعْمَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي الْكَسْبِ وَالْأَمْوَالِ]

- ‌[إرْشَادَاتٌ لِبَعْضِ الْأَعْمَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي أَنْوَاعِ الْبُيُوعِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي فَضْلِ بَعْضِ الْأَعْمَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي الرَّهْنِ وَالدَّيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ تَصَدَّقُ الْمَرْأَة]

- ‌[فَصْلٌ الْهَدِيَّةُ وَمَا فِي حُكْمِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي الْمَوَارِيثِ]

- ‌[فَتَاوَى تَتَعَلَّقُ بِالْعِتْقِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوِي فِي الزَّوَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي أَحْكَامِ الرَّضَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ الظِّهَارُ وَاللِّعَانُ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي الْعِدَدِ]

- ‌[فَصْلٌ ثُبُوتُ النَّسَبِ]

- ‌[الْإِحْدَادُ عَلَى الْمَيِّتِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي نَفَقَةِ الْمُعْتَدَّةِ وَكُسْوَتِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَضَانَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي جُرْمِ الْقَاتِلِ وَجَزَائِهِ]

- ‌[فَتَاوَى فِي الدِّيَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي الْقَسَامَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي حَدِّ الزِّنَا]

- ‌[أَثَرُ اللَّوَثِ فِي التَّشْرِيعِ]

- ‌[الْعَمَلُ بِالسِّيَاسَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي الْعَقِيقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي الْأَشْرِبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي الْأَيْمَانِ وَفِي النُّذُورِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي الْجِهَادِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي الطِّبِّ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي الطِّيَرَةِ وَفِي الْفَأْلِ وَفِي الِاسْتِصْلَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ فُصُولٌ مِنْ فَتَاوِيهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ]

- ‌[التَّوْبَةُ]

- ‌[حَقُّ الطَّرِيقِ]

- ‌[الْكَذِبُ]

- ‌[الشِّرْكُ وَمَا يَلْحَقُ بِهِ]

- ‌[طَاعَةُ الْأُمَرَاءِ]

- ‌[حسن الْجِوَارُ]

- ‌[الْغِيبَةُ]

- ‌[الْكَبَائِرُ]

- ‌[فَصْل عَوْدٌ إلَى فَتَاوَى الرَّسُولِ]

الفصل: ‌[إخراج النصوص عن ظاهرها لتوافق مذهب المفتي]

[إخْرَاجُ النُّصُوصِ عَنْ ظَاهِرِهَا لِتُوَافِقَ مَذْهَبَ الْمُفْتِي]

لَا يَجُوزُ إخْرَاجُ النُّصُوصِ عَنْ ظَاهِرِهَا لِتُوَافِقَ مَذْهَبَ الْمُفْتِي] الْفَائِدَةُ الْخَامِسَةُ وَالْخَمْسُونَ: إذَا سُئِلَ عَنْ تَفْسِيرِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَوْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهَا عَنْ ظَاهِرِهَا بِوُجُوهِ التَّأْوِيلَاتِ الْفَاسِدَةِ لِمُوَافَقَةِ نِحْلَتِهِ وَهَوَاهُ، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ اسْتَحَقَّ الْمَنْعَ مِنْ الْإِفْتَاءِ وَالْحَجْرَ عَلَيْهِ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ هُوَ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا.

قَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيّ: حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ: الْأَصْلُ قُرْآنٌ أَوْ سَنَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَقِيَاسٌ عَلَيْهِمَا، وَإِذَا اتَّصَلَ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَصَحَّ الْإِسْنَادُ بِهِ فَهُوَ الْمُنْتَهَى وَالْإِجْمَاعُ أَكْبَرُ مِنْ الْخَبَرِ الْفَرْدِ، وَالْحَدِيثُ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَإِذَا احْتَمَلَ الْمَعَانِيَ فَمَا أَشْبَهَ مِنْهَا ظَاهِرَهُ أَوْلَاهَا بِهِ، فَإِذَا تَكَافَأَتْ الْأَحَادِيثُ فَأَصَحُّهَا إسْنَادًا أَوْلَاهَا، وَلَيْسَ الْمُنْقَطِعُ بِشَيْءٍ، مَا عَدَا مُنْقَطِعَ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَلَا يُقَاسُ أَصْلٌ عَلَى أَصْلٍ وَلَا يُقَالُ لِأَصْلٍ: لِمَ؟ وَكَيْفَ؟ وَإِنَّمَا يُقَالُ لِلْفَرْعِ: لِمَ؟ فَإِذَا صَحَّ قِيَاسُهُ عَلَى الْأَصْلِ صَحَّ وَقَامَتْ بِهِ الْحُجَّةُ، رَوَاهُ الْأَصَمُّ عَنْ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ.

وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيُّ فِي الرِّسَالَةِ النِّظَامِيَّةِ فِي الْأَرْكَانِ الْإِسْلَامِيَّةِ ": ذَهَبَ أَئِمَّةُ السَّلَفِ إلَى الِانْكِفَافِ عَنْ التَّأْوِيلِ، وَإِجْرَاءِ الظَّوَاهِرِ عَلَى مَوَارِدِهَا وَتَفْوِيضِ مَعَانِيهَا إلَى الرَّبِّ تَعَالَى، وَاَلَّذِي نَرْتَضِيهِ رَأْيًا وَنَدِينُ اللَّهَ بِهِ عَقْدَ اتِّبَاعِ سَلَفِ الْأُمَّةِ؛ فَالْأَوْلَى الِاتِّبَاعُ وَتَرْكُ الِابْتِدَاعِ، وَالدَّلِيلُ السَّمْعِيُّ الْقَاطِعُ فِي ذَلِكَ أَنَّ إجْمَاعَ الْأُمَّةِ حُجَّةٌ مُتَّبَعَةٌ، وَهُوَ مُسْتَنَدُ مُعْظَمِ الشَّرِيعَةِ، وَقَدْ دَرَجَ صَحْبُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَرَضِيَ عَنْهُمْ عَلَى تَرْكِ التَّعَرُّضِ لِمَعَانِيهَا وَدَرْكِ مَا فِيهَا، وَهُمْ صَفْوَةُ الْإِسْلَامِ، وَالْمُسْتَقِلُّونَ بِأَعْبَاءِ الشَّرِيعَةِ، وَكَانُوا لَا يَأْلُونَ جَهْدًا فِي ضَبْطِ قَوَاعِدِ الْمِلَّةِ وَالتَّوَاصِي بِحِفْظِهَا، وَتَعْلِيمِ النَّاسِ مَا يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ مِنْهَا، وَلَوْ كَانَ تَأْوِيلُ هَذِهِ الظَّوَاهِرِ مَسُوغًا أَوْ مَحْتُومًا لَأَوْشَكَ أَنْ يَكُونَ اهْتِمَامُهُمْ بِهَا فَوْقَ اهْتِمَامِهِمْ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، وَإِذَا انْصَرَمَ عَصْرُهُمْ وَعَصْرُ التَّابِعِينَ لَهُمْ عَلَى الْإِضْرَابِ عَنْ التَّأْوِيلِ، كَانَ ذَلِكَ قَاطِعًا بِأَنَّهُ الْوَجْهُ الْمُتَّبَعُ، فَحَقٌّ عَلَى ذِي الدِّينِ أَنْ يَعْتَقِدَ تَنْزِيهَ الْبَارِي عَنْ صِفَاتِ الْمُحَدِّثِينَ، وَلَا يَخُوضُ فِي تَأْوِيلِ الْمُشْكِلَاتِ، وَيَكِلُ مَعْنَاهَا إلَى الرَّبِّ تَعَالَى.

وَعِنْدَ إمَامِ الْقُرَّاءِ وَسَيِّدِهِمْ الْوُقُوفُ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ} [آل عمران: 7] مِنْ الْعَزَائِمِ ثُمَّ الِابْتِدَاءُ بِقَوْلِهِ: {وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} [آل عمران: 7] .

وَمِمَّا اُسْتُحْسِنَ مِنْ كَلَامِ مَالِكٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] كَيْفَ اسْتَوَى؟ فَقَالَ: الِاسْتِوَاءُ مَعْلُومٌ، وَالْكَيْفُ مَجْهُولٌ، وَالْإِيمَانُ بِهِ

ص: 189

وَاجِبٌ، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ، فَلْتُجْرَ آيَةُ الِاسْتِوَاءِ وَالْمَجِيءِ وَقَوْلُهُ:{لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] وَقَوْلُهُ: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرحمن: 27] وَقَوْلُهُ: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: 14] وَمَا صَحَّ مِنْ أَخْبَارِ الرَّسُولِ كَخَبَرِ النُّزُولِ وَغَيْرِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، انْتَهَى كَلَامُهُ.

وَقَالَ أَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ: الصَّوَابُ لِلْخَلَفِ سُلُوكُ مَسْلَكِ السَّلَفِ فِي الْإِيمَانِ الْمُرْسَلِ وَالتَّصْدِيقِ الْمُجْمَلِ، وَمَا قَالَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، بِلَا بَحْثٍ وَتَفْتِيشٍ.

وَقَالَ فِي كِتَابِ التَّفْرِقَةِ: الْحَقُّ الِاتِّبَاعُ وَالْكَفُّ عَنْ تَغْيِيرِ الظَّاهِرِ رَأْسًا، وَالْحَذَرُ عَنْ اتِّبَاعِ تَأْوِيلَاتٍ لَمْ يُصَرِّحْ بِهَا الصَّحَابَةُ، وَحَسْمُ بَابِ السُّؤَالِ رَأْسًا، وَالزَّجْرُ عَنْ الْخَوْضِ فِي الْكَلَامِ وَالْبَحْثِ، إلَى أَنْ قَالَ: وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُبَادِرُ إلَى التَّأْوِيلِ ظَنًّا لَا قَطْعًا، فَإِنْ كَانَ فَتْحُ هَذَا الْبَابِ وَالتَّصْرِيحُ بِهِ يُؤَدِّي إلَى تَشْوِيشِ قُلُوبِ الْعَوَامّ بُدِّعَ صَاحِبُهُ، وَكُلُّ مَا لَمْ يُؤْثَرْ عَنْ السَّلَفِ ذِكْرُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ بِأُصُولِ الْعَقَائِدِ الْمُهِمَّةِ فَيَجِبُ تَكْفِيرُ مَنْ يُغَيِّرُ الظَّوَاهِرَ بِغَيْرِ بُرْهَانٍ قَاطِعٍ.

وَقَالَ أَيْضًا: كُلُّ مَا لَمْ يَحْتَمِلْ التَّأْوِيلَ فِي نَفْسِهِ وَتَوَاتَرَ نَقْلُهُ وَلَمْ يُتَصَوَّرْ أَنْ يَقُومَ عَلَى خِلَافِهِ بُرْهَانٌ فَمُخَالَفَتُهُ تَكْذِيبٌ مَحْضٌ، وَمَا تَطَرَّقَ إلَيْهِ احْتِمَالُ تَأْوِيلٍ وَلَوْ بِمَجَازٍ بَعِيدٍ، فَإِنْ كَانَ بُرْهَانُهُ قَاطِعًا وَجَبَ الْقَوْلُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ الْبُرْهَانُ يُفِيدُ ظَنًّا غَالِبًا وَلَا يَعْظُمُ ضَرَرُهُ فِي الدِّينِ فَهُوَ بِدْعَةٌ، وَإِنْ عَظُمَ ضَرَرُهُ فِي الدِّينِ فَهُوَ كُفْرٌ.

قَالَ: وَلَمْ تَجْرِ عَادَةُ السَّلَفِ بِهَذِهِ الْمُجَادَلَاتِ، بَلْ شَدَّدُوا الْقَوْلَ عَلَى مَنْ يَخُوضُ فِي الْكَلَامِ، وَيَشْتَغِلُ بِالْبَحْثِ وَالسُّؤَالِ.

وَقَالَ أَيْضًا: الْإِيمَانُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ الْكَلَامِ ضَعِيفٌ، وَالْإِيمَانُ الرَّاسِخُ إيمَانُ الْعَوَامّ الْحَاصِلُ فِي قُلُوبِهِمْ فِي الصِّبَا بِتَوَاتُرِ السَّمَاعِ وَبَعْدَ الْبُلُوغِ بِقَرَائِنَ يَتَعَذَّرُ التَّعْبِيرُ عَنْهَا.

قَالَ: وَقَالَ شَيْخُنَا أَبُو الْمَعَالِي: يَحْرِصُ الْإِمَامُ مَا أَمْكَنَهُ عَلَى جَمْعِ عَامَّةِ الْخَلْقِ عَلَى سُلُوكِ سَبِيلِ السَّلَفِ فِي ذَلِكَ، انْتَهَى.

وَقَدْ اتَّفَقَتْ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ عَلَى ذَمِّ الْكَلَامِ وَأَهْلِهِ، وَكَلَامُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ وَمَذْهَبُهُ فِيهِمْ مَعْرُوفٌ عِنْدَ جَمِيعِ أَصْحَابِهِ، وَهُوَ أَنَّهُمْ يُضْرَبُونَ وَيُطَافُ بِهِمْ فِي قَبَائِلِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ: هَذَا جَزَاءُ مَنْ تَرَكَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ وَأَقْبَلَ عَلَى الْكَلَامِ.

وَقَالَ: لَقَدْ اطَّلَعْتُ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ عَلَى شَيْءٍ مَا كُنْتُ أَظُنُّهُ، وَقَالَ: لَأَنْ يُبْتَلَى الْعَبْدُ

ص: 190

بِكُلِّ شَيْءٍ نُهِيَ عَنْهُ غَيْرَ الْكُفْرِ أَيْسَرُ مِنْ أَنْ يُبْتَلَى بِالْكَلَامِ، وَقَالَ لِحَفْصٍ الْفَرْدِ: أَنَا أُخَالِفُكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى فِي قَوْلِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، أَنَا أَقُولُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الَّذِي يُرَى فِي الْآخِرَةِ وَاَلَّذِي كَلَّمَ مُوسَى تَكْلِيمًا، وَأَنْتَ تَقُولُ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الَّذِي لَا يُرَى فِي الْآخِرَةِ وَلَا يَتَكَلَّمُ.

وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ إبْرَاهِيمَ بْنَ إسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ فَقَالَ: أَنَا مُخَالِفٌ لَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَفِي قَوْلِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، لَسْتُ أَقُولُ كَمَا يَقُولُ، أَنَا أَقُولُ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الَّذِي كَلَّمَ مُوسَى مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ، وَذَاكَ يَقُولُ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ كَلَامًا أَسْمَعَهُ مُوسَى مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ.

وَقَالَ فِي أَوَّلِ خُطْبَةِ رِسَالَتِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هُوَ كَمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، وَفَوْقَ مَا يَصِفُهُ بِهِ الْوَاصِفُونَ مِنْ خَلْقِهِ، وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ لَا يُوصَفُ إلَّا بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ - تَعَالَى، وَأَنَّهُ يَتَعَالَى وَيَتَنَزَّهُ عَمَّا يَصِفُهُ بِهِ الْمُتَكَلِّمُونَ وَغَيْرُهُمْ مِمَّا لَمْ يَصِفْ بِهِ نَفْسَهُ.

وَقَالَ أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ السِّجْزِيُّ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: قُلْتُ لِأَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ: مَا التَّوْحِيدُ؟ فَقَالَ: تَوْحِيدُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَتَوْحِيدُ أَهْلِ الْبَاطِلِ الْخَوْضُ فِي الْأَعْرَاضِ وَالْأَجْسَامِ، وَإِنَّمَا بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِإِنْكَارِ ذَلِكَ.

وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: كَيْف لَا يَخْشَى الْكَذِبَ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ مَنْ يَحْمِلُ كَلَامَهُ عَلَى التَّأْوِيلَاتِ الْمُسْتَنْكَرَةِ وَالْمَجَازَاتِ الْمُسْتَكْرَهَةِ الَّتِي هِيَ بِالْأَلْغَازِ وَالْأَحَاجِي أَوْلَى مِنْهَا بِالْبَيَانِ وَالْهِدَايَةِ؟ وَهَلْ يَأْمَنُ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ {وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} [الأنبياء: 18] قَالَ الْحَسَنُ: هِيَ وَاَللَّهِ لِكُلِّ وَاصِفٍ كَذِبًا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَهَلْ يَأْمَنُ أَنْ يَتَنَاوَلَهُ قَوْله تَعَالَى:{وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ} [الأعراف: 152] قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: هِيَ لِكُلِّ مُفْتَرٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَقَدْ نَزَّهَ - سُبْحَانَهُ - نَفْسَهُ عَنْ كُلِّ مَا يَصِفُهُ بِهِ خَلْقُهُ إلَّا الْمُرْسَلِينَ فَإِنَّهُمْ إنَّمَا يَصِفُونَهُ بِمَا أَذِنَ لَهُمْ أَنْ يَصِفُوهُ بِهِ، فَقَالَ تَعَالَى:{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الصافات: 180]{وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ} [الصافات: 181] وَقَالَ تَعَالَى: {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ - إِلا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} [الصافات: 159 - 160] وَيَكْفِي الْمُتَأَوِّلِينَ كَلَامُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ بِالتَّأْوِيلَاتِ الَّتِي لَمْ يُرِدْهَا، وَلَمْ يَدُلَّ عَلَيْهَا كَلَامُ اللَّهِ أَنَّهُمْ قَالُوا بِرَأْيِهِمْ عَلَى اللَّهِ، وَقَدَّمُوا آرَاءَهُمْ عَلَى نُصُوصِ الْوَحْيِ، وَجَعَلُوهَا عِيَارًا عَلَى كَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَوْ عَلِمُوا أَيَّ بَابِ شَرٍّ فَتَحُوا

ص: 191

عَلَى الْأُمَّةِ بِالتَّأْوِيلَاتِ الْفَاسِدَةِ، وَأَيَّ بِنَاءٍ لِلْإِسْلَامِ هَدَمُوا بِهَا، وَأَيَّ مَعَاقِلَ وَحُصُونٍ اسْتَبَاحُوهَا لَكَانَ أَحَدُهُمْ أَنْ يَخِرَّ مِنْ السَّمَاءِ إلَى الْأَرْضِ أَحَبُّ إلَيْهِ مِنْ أَنْ يَتَعَاطَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، فَكُلُّ صَاحِبِ بَاطِلٍ قَدْ جَعَلَ مَا تَأَوَّلَهُ الْمُتَأَوِّلُونَ عُذْرًا لَهُ فِيمَا تَأَوَّلَهُ هُوَ، وَقَالَ: مَا الَّذِي حَرَّمَ عَلَيَّ التَّأْوِيلَ وَأَبَاحَهُ لَكُمْ؟ فَتَأَوَّلَتْ الطَّائِفَةُ الْمُنْكِرَةُ لِلْمَعَادِ نُصُوصَ الْمَعَادِ، وَكَانَ تَأْوِيلُهُمْ مِنْ جِنْسِ تَأْوِيلِ مُنْكِرِي الصِّفَاتِ، بَلْ أَقْوَى مِنْهُ لِوُجُوهٍ عَدِيدَةٍ يَعْرِفُهَا مَنْ وَازَنَ بَيْنَ التَّأْوِيلَيْنِ، وَقَالُوا: كَيْفَ نَحْنُ نُعَاقِبُ عَلَى تَأْوِيلِنَا وَتُؤْجَرُونَ أَنْتُمْ عَلَى تَأْوِيلِكُمْ؟ قَالُوا: وَنُصُوصُ الْوَحْيِ بِالصِّفَاتِ أَظْهَرُ وَأَكْثَرُ مِنْ نُصُوصِهِ بِالْمَعَادِ، وَدَلَالَةُ النُّصُوصِ عَلَيْهَا أَبْيَنُ فَكَيْفَ يَسُوغُ تَأْوِيلُهَا بِمَا يُخَالِفُ ظَاهِرَهَا وَلَا يَسُوغُ لَنَا تَأْوِيلُ نُصُوصِ الْمَعَادِ؟ وَكَذَلِكَ فَعَلَتْ الرَّافِضَةُ فِي أَحَادِيثِ فَضَائِلِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم، وَكَذَلِكَ فَعَلَتْ الْمُعْتَزِلَةُ فِي تَأْوِيلِ أَحَادِيثِ الرُّؤْيَةِ وَالشَّفَاعَةِ، وَكَذَلِكَ الْقَدَرِيَّةُ فِي نُصُوصِ الْقَدَرِ، وَكَذَلِكَ الْحَرُورِيَّةُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْخَوَارِجِ فِي النُّصُوصِ الَّتِي تُخَالِفُ مَذَاهِبَهُمْ، وَكَذَلِكَ الْقَرَامِطَةُ وَالْبَاطِنِيَّةُ طَرَدَتْ الْبَابَ، وَطَمَّثَ الْوَادِي عَلَى الْقَرِيِّ، وَتَأَوَّلَتْ الدِّينَ كُلَّهُ، فَأَصْلُ خَرَابِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا إنَّمَا هُوَ مِنْ التَّأْوِيلِ الَّذِي لَمْ يُرِدْهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِكَلَامِهِ وَلَا دَلَّ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُرَادُهُ، وَهَلْ اخْتَلَفَتْ الْأُمَمُ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ إلَّا بِالتَّأْوِيلِ؟ وَهَلْ وَقَعَتْ فِي الْأُمَّةِ فِتْنَةٌ كَبِيرَةٌ أَوْ صَغِيرَةٌ إلَّا بِالتَّأْوِيلِ؟ فَمِنْ بَابِهِ دَخَلَ إلَيْهَا، وَهَلْ أُرِيقَتْ دِمَاءُ الْمُسْلِمِينَ فِي الْفِتَنِ إلَّا بِالتَّأْوِيلِ؟ [الْأَدْيَانُ السَّابِقَةُ إنَّمَا فَسَدَتْ بِالتَّأْوِيلِ] وَلَيْسَ هَذَا مُخْتَصًّا بِدِينِ الْإِسْلَامِ فَقَطْ، بَلْ سَائِرُ أَدْيَانِ الرُّسُلِ لَمْ تَزَلْ عَلَى الِاسْتِقَامَةِ وَالسَّدَادِ حَتَّى دَخَلَهَا التَّأْوِيلُ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا مِنْ الْفَسَادِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا رَبُّ الْعِبَادِ.

وَقَدْ تَوَاتَرَتْ الْبِشَارَاتُ بِصِحَّةِ نُبُوَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَلَكِنْ سَلَّطُوا عَلَيْهَا التَّأْوِيلَاتِ فَأَفْسَدُوهَا، كَمَا أَخْبَرَ - سُبْحَانَهُ - عَنْهُمْ مِنْ التَّحْرِيفِ وَالتَّبْدِيلِ وَالْكِتْمَانِ، فَالتَّحْرِيفُ تَحْرِيفُ الْمَعَانِي بِالتَّأْوِيلَاتِ الَّتِي لَمْ يُرِدْهَا الْمُتَكَلِّمُ بِهَا، وَالتَّبْدِيلُ تَبْدِيلُ لَفْظٍ بِلَفْظٍ آخَرَ، وَالْكِتْمَانُ جَحْدُهُ.

وَهَذِهِ الْأَدْوَاءُ الثَّلَاثَةُ مِنْهَا غُيِّرَتْ الْأَدْيَانُ وَالْمِلَلُ، وَإِذَا تَأَمَّلْتَ دِينَ الْمَسِيحِ وَجَدْتَ النَّصَارَى إنَّمَا تَطَرَّقُوا إلَى إفْسَادِهِ بِالتَّأْوِيلِ بِمَا لَا يَكَادُ يُوجَدُ قَطُّ مِثْلُهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَدْيَانِ، وَدَخَلُوا إلَى ذَلِكَ مِنْ بَابِ التَّأْوِيلِ.

وَكَذَلِكَ زَنَادِقَةُ الْأُمَمِ جَمِيعُهُمْ إنَّمَا تَطَرَّقُوا إلَى إفْسَادِ دِيَانَاتِ الرُّسُلِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ بِالتَّأْوِيلِ، وَمِنْ بَابِهِ دَخَلُوا، وَعَلَى أَسَاسِهِ بَنَوْا، وَعَلَى نُقَطِهِ خَطُّوا.

ص: 192

دَوَاعِي التَّأْوِيلِ] وَالْمُتَأَوِّلُونَ أَصْنَافٌ عَدِيدَةٌ، بِحَسَبِ الْبَاعِثِ لَهُمْ عَلَى التَّأْوِيلِ، وَبِحَسَبِ قُصُورِ أَفْهَامِهِمْ وَوُفُورِهَا، وَأَعْظَمُهُمْ تَوَغُّلًا فِي التَّأْوِيلِ الْبَاطِلِ مَنْ فَسَدَ قَصْدُهُ وَفَهْمُهُ، فَكُلَّمَا سَاءَ قَصْدُهُ وَقَصُرَ فَهْمُهُ كَانَ تَأْوِيلُهُ أَشَدَّ انْحِرَافًا، فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ تَأْوِيلُهُ لِنَوْعِ هَوًى مِنْ غَيْرِ شُبْهَةٍ، بَلْ يَكُونُ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ الْحَقِّ، وَمِنْهُمْ مِنْ يَكُونُ تَأْوِيلُهُ لِنَوْعِ شُبْهَةٍ عَرَضَتْ لَهُ أَخْفَتْ عَلَيْهِ الْحَقَّ [وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ تَأْوِيلُهُ لِنَوْعِ هُدًى مِنْ غَيْرِ شُبْهَةٍ، بَلْ يَكُونُ عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ الْحَقِّ] وَمِنْهُمْ مَنْ يَجْتَمِعُ لَهُ الْأَمْرَانِ الْهَوَى فِي الْقَصْدِ وَالشُّبْهَةُ فِي الْعِلْمِ.

[بَعْضُ آثَارِ التَّأْوِيلِ] وَبِالْجُمْلَةِ فَافْتِرَاقُ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ، وَافْتِرَاقُ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً إنَّمَا أَوْجَبَهُ التَّأْوِيلُ، وَإِنَّمَا أُرِيقَتْ دِمَاءُ الْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الْجَمَلِ وَصِفِّينَ وَالْحَرَّةِ وَفِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَهَلُمَّ جَرًّا بِالتَّأْوِيلِ، وَإِنَّمَا دَخَلَ أَعْدَاءُ الْإِسْلَامِ مِنْ الْمُتَفَلْسِفَةِ وَالْقَرَامِطَةِ وَالْبَاطِنِيَّةِ وَالْإِسْمَاعِيلِيَّة وَالنُّصَيْرِيَّةِ مِنْ بَابِ التَّأْوِيلِ، فَمَا اُمْتُحِنَ الْإِسْلَامُ بِمِحْنَةٍ قَطُّ إلَّا وَسَبَبُهَا التَّأْوِيلُ؛ فَإِنَّ مِحْنَتَهُ إمَّا مِنْ الْمُتَأَوِّلِينَ، وَإِمَّا أَنْ يُسَلَّطَ عَلَيْهِمْ الْكُفَّارُ بِسَبَبِ مَا ارْتَكَبُوا مِنْ التَّأْوِيلِ وَخَالَفُوا ظَاهِرَ التَّنْزِيلِ وَتَعَلَّلُوا بِالْأَبَاطِيلِ، فَمَا الَّذِي أَرَاقَ دِمَاءَ بَنِي جَذِيمَةَ وَقَدْ أَسْلَمُوا غَيْرُ التَّأْوِيلِ حَتَّى رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ وَتَبَرَّأَ إلَى اللَّهِ مِنْ فِعْلِ الْمُتَأَوِّلِ بِقَتْلِهِمْ وَأَخَذَ أَمْوَالَهُمْ؟ وَمَا الَّذِي أَوْجَبَ تَأَخُّرَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ عَنْ مُوَافَقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَيْرُ التَّأْوِيلِ حَتَّى اشْتَدَّ غَضَبُهُ لِتَأَخُّرِهِمْ عَنْ طَاعَتِهِ حَتَّى رَجَعُوا عَنْ ذَلِكَ التَّأْوِيلِ؟ وَمَا الَّذِي سَفَكَ دَمَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ ظُلْمًا وَعُدْوَانًا وَأَوْقَعَ الْأُمَّةَ فِيمَا أَوْقَعَهَا فِيهِ حَتَّى الْآنَ غَيْرُ التَّأْوِيلِ؟ وَمَا الَّذِي سَفَكَ دَمَ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَابْنِهِ الْحُسَيْنِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - غَيْرُ التَّأْوِيلِ؟ وَمَا الَّذِي أَرَاقَ دَمَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ وَأَصْحَابِهِ غَيْرُ التَّأْوِيلِ؟ وَمَا الَّذِي أَرَاقَ دَمَ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَحُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ سَادَاتِ الْأُمَّةِ غَيْرُ التَّأْوِيلِ؟ وَمَا الَّذِي أُرِيقَتْ عَلَيْهِ دِمَاءُ الْعَرَبِ فِي فِتْنَةِ أَبِي مُسْلِمٍ غَيْرُ التَّأْوِيلِ؟ وَمَا الَّذِي جَرَّدَ الْإِمَامَ أَحْمَدَ بَيْن الْعِقَابَيْنِ وَضُرِبَ السِّيَاطَ حَتَّى عَجَّتْ الْخَلِيقَةُ إلَى رَبِّهَا تَعَالَى غَيْرُ التَّأْوِيلِ؟ وَمَا الَّذِي قَتَلَ الْإِمَامَ أَحْمَدَ بْنَ نَصْرٍ الْخُزَاعِيَّ وَخَلَّدَ خَلْقًا مِنْ الْعُلَمَاءِ فِي السُّجُونِ حَتَّى مَاتُوا غَيْرُ التَّأْوِيلِ؟ وَمَا الَّذِي سَلَّطَ سُيُوفَ التَّتَارِ عَلَى دَارِ الْإِسْلَامِ حَتَّى رَدُّوا أَهْلَهَا غَيْرُ التَّأْوِيلِ؟ وَهَلْ دَخَلَتْ طَائِفَةُ الْإِلْحَادِ مِنْ أَهْلِ الْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ إلَّا مِنْ بَابِ التَّأْوِيلِ؟ وَهَلْ فُتِحَ بَابُ التَّأْوِيلِ إلَّا مُضَادَّةً وَمُنَاقَضَةً لِحُكْمِ اللَّهِ فِي تَعْلِيمِهِ عِبَادَهُ الْبَيَانَ الَّذِي امْتَنَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ عَلَى الْإِنْسَان بِتَعْلِيمِهِ

ص: 193

إيَّاهُ؛ فَالتَّأْوِيلُ بِالْأَلْغَازِ وَالْأَحَاجِي وَالْأُغْلُوطَاتِ أَوْلَى مِنْهُ بِالْبَيَانِ وَالتَّبْيِينِ، وَهَلْ فَرَّقَ بَيْنَ دَفْعِ حَقَائِقِ مَا أَخْبَرَتْ بِهِ الرُّسُلُ عَنْ اللَّهِ وَأَمَرَتْ بِهِ بِالتَّأْوِيلَاتِ الْبَاطِلَةِ الْمُخَالِفَةِ لَهُ وَبَيْنَ رَدِّهِ وَعَدَمِ قَبُولِهِ، وَلَكِنَّ هَذَا رَدُّ جُحُودٍ وَمُعَانِدَةٍ، وَذَاكَ رَدُّ خِدَاعٍ وَمُصَانَعَةٍ.

قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ رُشْدٍ الْمَالِكِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالْكَشْفِ عَنْ مَنَاهِجِ الْأَدِلَّةِ " وَقَدْ ذَكَرَ التَّأْوِيلَ وَجِنَايَتَهُ عَلَى الشَّرِيعَةِ، إلَى أَنْ قَالَ:{فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} [آل عمران: 7] هَؤُلَاءِ أَهْلُ الْجَدَلِ وَالْكَلَامِ، وَأَشَدُّ مَا عَرَضَ عَلَى الشَّرِيعَةِ مِنْ هَذَا الصِّنْفِ أَنَّهُمْ تَأَوَّلُوا كَثِيرًا مِمَّا ظَنُّوهُ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَقَالُوا: إنَّ هَذَا التَّأْوِيلَ هُوَ الْمَقْصُودُ بِهِ، وَإِنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فِي صُورَةِ الْمُتَشَابِهِ ابْتِلَاءً لِعِبَادِهِ وَاخْتِبَارًا لَهُمْ، وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ سُوءِ الظَّنِّ بِاَللَّهِ، بَلْ نَقُولُ: إنَّ كِتَابَ اللَّهِ الْعَزِيزِ إنَّمَا جَاءَ مُعْجِزًا مِنْ جِهَةِ الْوُضُوحِ وَالْبَيَانِ، فَمَا أَبْعَدُ مِنْ مَقْصِدِ الشَّارِعِ مَنْ قَالَ فِيمَا لَيْسَ بِمُتَشَابِهٍ: إنَّهُ مُتَشَابِهٌ، ثُمَّ أَوَّلَ ذَلِكَ الْمُتَشَابِهَ بِزَعْمِهِ، وَقَالَ لِجَمِيعِ النَّاسِ: إنَّ فَرْضَكُمْ هُوَ اعْتِقَادُ هَذَا التَّأْوِيلِ، مِثْلُ مَا قَالُوهُ فِي آيَةِ الِاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا قَالُوا: إنَّ ظَاهِرَهُ مُتَشَابِهٌ، ثُمَّ قَالَ: وَبِالْجُمْلَةِ فَأَكْثَرُ التَّأْوِيلَاتِ الَّتِي زَعَمَ الْقَائِلُونَ بِهَا أَنَّهَا الْمَقْصُودُ مِنْ الشَّرْعِ إذَا تَأَمَّلْتَ وَجَدْتَ لَيْسَ يَقُومُ عَلَيْهَا بُرْهَانٌ.

[مَثَلُ الْمُتَأَوِّلِينَ] إلَى أَنْ قَالَ: وَمِثَالُ مَنْ أَوَّلَ شَيْئًا مِنْ الشَّرْعِ وَزَعَمَ أَنَّ مَا أَوَّلَهُ هُوَ الَّذِي قَصَدَهُ الشَّرْعُ مِثَالُ مَنْ أَتَى إلَى دَوَاءٍ قَدْ رَكَّبَهُ طَبِيبٌ مَاهِرٌ لِيَحْفَظَ صِحَّةَ جَمِيعِ النَّاسِ أَوْ أَكْثَرِهِمْ فَجَاءَ رَجُلٌ فَلَمْ يُلَائِمْهُ ذَلِكَ الدَّوَاءُ الْأَعْظَمُ لِرَدَاءَةِ مِزَاجٍ كَانَ بِهِ لَيْسَ يَعْرِضُ إلَّا لِلْأَقَلِّ مِنْ النَّاسِ، فَزَعَمَ أَنَّ بَعْضَ تِلْكَ الْأَدْوِيَةِ الَّتِي صَرَّحَ بِاسْمِهَا الطَّبِيبُ الْأَوَّلُ فِي ذَلِكَ الدَّوَاءِ الْعَامِّ الْمَنْفَعَةِ لَمْ يُرِدْ بِهِ ذَلِكَ الدَّوَاءَ الْعَامَّ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ فِي اللِّسَانِ أَنْ يُدَلُّ بِذَلِكَ الِاسْمِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ دَوَاءً آخَرَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُدَلُّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ بِاسْتِعَارَةٍ بَعِيدَةٍ، فَأَزَالَ ذَلِكَ الدَّوَاءَ الْأَوَّلَ مِنْ ذَلِكَ الْمُرَكَّبِ الْأَعْظَمِ، وَجَعَلَ فِيهِ بَدَلَهُ الدَّوَاءَ الَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ قَصَدَهُ الطَّبِيبُ، وَقَالَ لِلنَّاسِ: هَذَا هُوَ الَّذِي قَصَدَهُ الطَّبِيبُ الْأَوَّلُ، فَاسْتَعْمَلَ النَّاسُ ذَلِكَ الدَّوَاءَ الْمُرَكَّبَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تَأَوَّلَهُ عَلَيْهِ هَذَا الْمُتَأَوِّلُ، فَفَسَدَتْ أَمْزِجَةُ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ، فَجَاءَ آخَرُونَ فَشَعَرُوا بِفَسَادِ أَمْزِجَةِ النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ الدَّوَاءِ الْمُرَكَّبِ، فَرَامُوا إصْلَاحَهُ بِأَنْ بَدَّلُوا بَعْضَ أَدْوِيَتِهِ بِدَوَاءٍ آخَرَ غَيْرِ الدَّوَاءِ الْأَوَّلِ؛ فَعَرَضَ مِنْ ذَلِكَ لِلنَّاسِ نَوْعٌ مِنْ الْمَرَضِ غَيْرِ النَّوْعِ الْأَوَّلِ، فَجَاءَ ثَالِثٌ فَتَأَوَّلَ مِنْ أَدْوِيَةِ ذَلِكَ الْمُرَكَّبِ غَيْرَ التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي، فَعَرَضَ لِلنَّاسِ مِنْ ذَلِكَ نَوْعٌ ثَالِثٌ مِنْ الْمَرَضِ غَيْرُ النَّوْعَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ، فَجَاءَ مُتَأَوِّلٌ رَابِعٌ فَتَأَوَّلَ دَوَاءً آخَرَ غَيْرَ الْأَدْوِيَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ؛ فَعَرَضَ مِنْهُ لِلنَّاسِ نَوْعٌ رَابِعٌ مِنْ الْمَرَضِ غَيْرُ الْأَمْرَاضِ الْمُتَقَدِّمَةِ؛ فَلَمَّا طَالَ الزَّمَانُ بِهَذَا

ص: 194