المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل شبه القائلين بعدم جواز الاستثناء في الطلاق] - إعلام الموقعين عن رب العالمين - ط العلمية - جـ ٤

[ابن القيم]

فهرس الكتاب

- ‌[الْمِثَالُ السَّادِسُ وَالسِّتُّونَ قِسْمَةُ الدَّيْنِ الْمُشْتَرَكِ]

- ‌[الْمِثَالُ السَّابِعُ وَالسِّتُّونَ بَيْعُ الْمُغَيَّبَاتِ فِي الْأَرْضِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّامِنُ وَالسِّتُّونَ الْمُبَايَعَةُ يَوْمِيًّا وَالْقَبْضُ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ]

- ‌[الْمِثَالُ التَّاسِعُ وَالسِّتُّونَ تَوْكِيلُ الدَّائِنِ فِي اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ]

- ‌[الْمِثَالُ السَّبْعُونَ تَعْلِيقُ الْإِبْرَاءِ بِالشَّرْطِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْحَادِي وَالسَّبْعُونَ اسْتِدْرَاكُ الْأَمِينِ لِمَا غَلِطَ فِيهِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّانِي وَالسَّبْعُونَ تَصَرُّفُ الْمَدِينِ الَّذِي اسْتَغْرَقَتْ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّالِثُ وَالسَّبْعُونَ خَوْفُ الدَّائِنِ مِنْ جَحْدِ الْمَدِينِ]

- ‌[الْمِثَالُ الرَّابِعُ وَالسَّبْعُونَ خَوْفُ زَوْجِ الْأَمَةِ مِنْ رِقِّ أَوْلَادِهِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّامِنُ وَالسَّبْعُونَ حِيلَةٌ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ قَبْلَ التَّزَوُّجِ]

- ‌[الْمِثَالُ التَّاسِعُ وَالسَّبْعُونَ حِيلَةٌ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّمَانُونَ بَرَاءَةُ أَحَدِ الضَّامِنَيْنِ بِتَسْلِيمِ الْآخَرِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْحَادِي وَالثَّمَانُونَ زَوَاجُ أَحَدِ دَائِنَيْ الْمَرْأَةِ إيَّاهَا بِنَصِيبِهِ مِنْ الدَّيْنِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّانِي وَالثَّمَانُونَ حِيلَةٌ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ فِي يَمِينٍ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّالِثُ وَالثَّمَانُونَ الْحِيلَةُ فِي ضَمَانِ شَرِيكَيْنِ]

- ‌[الْمِثَالُ الرَّابِعُ وَالثَّمَانُونَ تَحَيُّلُ الْمَظْلُومِ عَلَى مَسَبَّةِ النَّاسِ لِلظَّالِمِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْخَامِسُ وَالثَّمَانُونَ مِنْ لَطَائِفِ حِيَلِ أَبِي حَنِيفَةَ]

- ‌[الْمِثَالُ السَّابِعُ وَالثَّمَانُونَ تَعْلِيقُ الْفَسْخِ وَالْبَرَاءَةِ بِالشُّرُوطِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّامِنُ وَالثَّمَانُونَ صُلْحُ الشَّفِيعِ مِنْ الشُّفْعَةِ]

- ‌[الْمِثَالُ التَّاسِعُ وَالثَّمَانُونَ مُشَارَكَةُ الْعَامِلِ لِلْمَالِكِ وَأَنْوَاعُهَا]

- ‌[الْمِثَالُ التِّسْعُونَ حِيلَةٌ فِي إسْقَاطِ الْمُحَلِّلِ فِي السِّبَاقِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْحَادِي وَالتِّسْعُونَ حِيلَةٌ فِي اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ لِأَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّانِي وَالتِّسْعُونَ حِيلَةٌ فِي الرَّهْنِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّالِثُ وَالتِّسْعُونَ بَيْعُ الثَّمَرِ وَقَدْ بَدَا صَلَاحُ بَعْضِهِ دُونَ بَعْضِهِ الْآخَرِ]

- ‌[الْمِثَالُ الرَّابِعُ وَالتِّسْعُونَ حِيلَةٌ فِي بَيْعِ الْوَكِيلِ لِمُوَكِّلِهِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْخَامِسُ وَالتِّسْعُونَ: مُقَابَلَةُ الْمَكْرِ بِالْمَكْرِ]

- ‌[السَّادِسُ وَالتِّسْعُونَ حِيلَةٌ فِي شِرَاءِ الْعَبْدِ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ]

- ‌[الْحِيَلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ]

- ‌[الْمِثَالُ السَّابِعُ وَالتِّسْعُونَ الضَّمَانُ وَالْكَفَالَةُ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّامِنُ وَالتِّسْعُونَ تَعْلِيقُ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ بِالشَّرْطِ]

- ‌[الْمِثَالُ التَّاسِعُ وَالتِّسْعُونَ: رَجُلٌ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَ جَارِيَةً أَوْ سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ غَرِيبٍ]

- ‌[الْمِثَالُ الْمُوَفِّي الْمِائَة رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ اشْتَرِ هَذِهِ الدَّارَ مِنْ فُلَان بِكَذَا وَكَذَا وَأَنَا أُرْبِحُك فِيهَا كَذَا وَكَذَا]

- ‌[الْمِثَالُ الْحَادِي بَعْدَ الْمِائَة اشْتَرَى مِنْهُ جَارِيَةً ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِهَا فَخَافَ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِكَذَا]

- ‌[الْمِثَال الثَّانِي بَعْدَ الْمِائَةِ: لَهُ مَالٌ حَالٌّ فَأَبَى أَنْ يُقِرَّ لَهُ بِهِ حَتَّى يُصَالِحَهُ عَلَى بَعْضِهِ أَوْ يُؤَجِّلَهُ]

- ‌[الْحِيلَةُ فِي إيدَاعِ الشَّهَادَةِ]

- ‌[الْحِيلَةُ فِي إقْرَارِ الْمُضْطَهَدِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّالِثُ بَعْدَ الْمِائَة حَبْسُ الْعَيْنِ عَلَى ثَمَنِهَا وَأُجْرَتِهَا]

- ‌[الْمِثَالُ الرَّابِعُ بَعْدَ الْمِائَةِ إقْرَارُ الْمَرِيضِ بِدَيْنٍ لِوَارِثِهِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْخَامِسُ بَعْدَ الْمِائَةِ الْإِحَالَةُ بِالدَّيْنِ وَخَوْفُ هَلَاكِ الْمُحَالِ بِهِ]

- ‌[الْمِثَالُ السَّادِسُ بَعْدَ الْمِائَةِ حِيلَةٌ فِي لُزُومِ تَأْجِيلِ الدَّيْنِ الْحَالِّ]

- ‌[الْمِثَالُ السَّابِعُ بَعْدَ الْمِائَةِ وَصِيَّةُ الْمَرِيضِ الَّذِي لَا وَارِثَ لَهُ بِجَمِيعِ مَالِهِ فِي الْبِرِّ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّامِنُ بَعْدَ الْمِائَةِ اقْتِضَاءُ الدَّيْنِ وَتَوَارِي الْمَدِينِ]

- ‌[الْمِثَالُ التَّاسِعُ بَعْدَ الْمِائَةِ إثْبَاتُ الدَّيْنِ عَلَى الْغَائِبِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْعَاشِرُ بَعْدَ الْمِائَةِ انْتِفَاعُ الْمُرْتَهِنِ بِالرَّهْنِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْحَادِيَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ اسْتِيثَاقُ كُلٍّ مِنْ الرَّاهِنِ وَالدَّائِنِ بِمَالِهِ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّانِيَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ حِيلَةٌ فِي إبْرَارِ زَوْجٍ وَزَوْجَةٍ]

- ‌[الْمِثَالُ الثَّالِثَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ حِيلَةٌ فِي الْمُخَالَفَةِ عَلَى نَفَقَتِهَا وَسُكْنَاهَا قَبْلَ وُجُوبِهِمَا]

- ‌[الْمِثَالُ الرَّابِعَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ حِيلَةٌ فِي التَّحْلِيلِ مِنْ الطَّلَاقِ بَعْدَ الثَّلَاثِ]

- ‌[الْمِثَالُ الْخَامِسَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ الْإِبْرَارُ مَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ]

- ‌[الْمِثَالُ السَّادِسَ عَشَرَ بَعْدَ الْمِائَةِ الْمَخَارِجُ مِنْ التَّحْلِيلِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ يَصِحُّ الِاسْتِثْنَاءُ فِي وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ]

- ‌[فَصْلٌ شَبَه الْقَائِلِينَ بِعَدَمِ جَوَازِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ الْقَوْلُ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَرْفَعُ جُمْلَةَ الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ التَّحْقِيقُ فِي مَوْضُوعِ الِاسْتِثْنَاءِ]

- ‌[فَصْلٌ فِعْلُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مَعَ الذُّهُولِ]

- ‌[فَصْلٌ حُكْمُ الْتِزَامِ الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصَلِّ الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ]

- ‌[فَصْلٌ هَلْ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ يَمِينٌ أَوْ لَا]

- ‌[فَصْلٌ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ]

- ‌[فَصْلٌ زَوَالُ سَبَبِ الْيَمِينِ]

- ‌[فَصْلٌ خُلْعُ الْيَمِينِ]

- ‌[فَصْلٌ دُخُولُ الْكَفَّارَةِ يَمِينَ الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصَلِّ الْفَتْوَى بِالْآثَارِ السَّلَفِيَّةِ وَالْفَتَاوَى الصَّحَابِيَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ حُجِّيَّةُ أَقْوَالِ الصَّحَابَةِ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ]

- ‌[مَنْزِلَةُ قَوْلِ التَّابِعِيِّ وَتَفْسِيرِهِ]

- ‌[قَوْلِ الصَّحَابِيِّ إذَا خَالَفَ الْقِيَاسَ]

- ‌[فَصْل أَسْئِلَةُ السَّائِلِينَ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ]

- ‌[عُدُولُ الْمُفْتِي عَنْ السُّؤَالِ إلَى مَا هُوَ أَنْفَعُ]

- ‌[جَوَابُ الْمُفْتِي بِأَكْثَرَ مِنْ السُّؤَالِ]

- ‌[مَنْعُ الْمُفْتِي الْمُسْتَفْتِيَ مِنْ مَحْظُورٍ دَلَّ عَلَى مُبَاحٍ]

- ‌[ذَكَرَ الْمُفْتِي دَلِيلَ الْحُكْمِ الَّذِي أَفْتَى بِهِ وَمَأْخَذَهُ]

- ‌[تَمْهِيد المفتى لِلْحُكْمِ الْمُسْتَغْرَبِ]

- ‌[حَلِف المفتى عَلَى ثُبُوتِ الْحُكْمِ]

- ‌[فَصْلٌ مِنْ أَدَبِ الْمُفْتِي أَنْ يَتَوَجَّهَ لِلَّهِ لِيُلْهِمَهُ الصَّوَابَ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يُفْتِي وَلَا يَحْكُمُ إلَّا بِمَا يَكُونُ عَالِمًا بِالْحَقِّ فِيهِ]

- ‌[الْوَاجِبُ عَلَى الرَّاوِي وَالْمُفْتِي وَالْحَاكِمِ وَالشَّاهِدِ]

- ‌[مِنْ أَدَبِ الْمُفْتِي أَلَّا يَنْسِبَ الْحُكْمَ إلَى اللَّهِ إلَّا بِنَصٍّ]

- ‌[حَالُ الْمُفْتِي مَعَ الْمُسْتَفْتِي]

- ‌[فَتَوَى الْمُفْتِي بِمَا خَالَفَ مَذْهَبَهُ]

- ‌[لَا يَجُوزُ لِلْمُفْتِي إلْقَاءُ الْمُسْتَفْتِي فِي الْحَيْرَةِ]

- ‌[الْإِفْتَاء فِي شُرُوطِ الْوَاقِفِينَ]

- ‌[لَا يُطْلِقُ الْمُفْتِي الْجَوَابَ إذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ تَفْصِيلٌ]

- ‌[عَلَى الْمُفْتِي أَلَّا يُفَصِّلَ إلَّا حَيْثُ يَجِبُ التَّفْصِيلُ]

- ‌[هَلْ لِلْمُقَلِّدِ أَنْ يُفْتِيَ]

- ‌[فَتَوَى الْقَاصِرُ عَنْ مَعْرِفَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ]

- ‌[فَتَوَى الْعَامَيْ فِي مَسْأَلَة عِلْم حُكْمهَا]

- ‌[الصِّفَاتِ الَّتِي تَلْزَمُ الْمُفْتِيَ]

- ‌[دَلَالَةُ الْعَالِمِ لِلْمُسْتَفْتِي عَلَى غَيْرِهِ]

- ‌[فَتَوَى المفتى لِمَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَته لَهُ]

- ‌[الْفُتْيَا بِالتَّشَهِّي وَالتَّخَيُّرِ]

- ‌[أَقْسَامُ الْمُفْتِينَ]

- ‌[فَتَوَى مُجْتَهِد الْمَذْهَبِ بِقَوْلِ الْإِمَامِ]

- ‌[هَلْ لِلْحَيِّ أَنْ يُقَلِّدَ الْمَيِّتَ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لِلدَّلِيلِ]

- ‌[هَلْ لِلْمُجْتَهِدِ فِي نَوْعٍ مِنْ الْعِلْمِ أَنْ يُفْتِيَ فِيهِ]

- ‌[حُكْمُ الْعَامِّيِّ الَّذِي لَا يَجِدُ مَنْ يُفْتِيهِ]

- ‌[مَنْ تَجُوزُ لَهُ الْفُتْيَا وَمَنْ لَا تَجُوزُ لَهُ]

- ‌[هَلْ لِلْقَاضِي أَنْ يُفْتِيَ]

- ‌[فُتْيَا الْحَاكِمِ وَحُكْمُهَا]

- ‌[فَتَوَى الْمُفْتِي عَمَّا لَمْ يَقَعْ]

- ‌[لَا يَجُوزُ لِلْمُفْتِي تَتَبُّعُ الْحِيَلِ]

- ‌[رُجُوع الْمُفْتِي عَنْ فَتْوَاهُ]

- ‌[هَلْ يَضْمَنُ الْمُفْتِي الْمَالَ أَوْ النَّفْسَ فِيمَا بَانَ خَطَؤُهُ]

- ‌[أَحْوَالٌ لَيْسَ لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ فِيهَا]

- ‌[عَلَى الْمُفْتِي أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْعُرْفِ فِي مَسَائِلَ]

- ‌[لَا يُعِينُ الْمُفْتِي عَلَى التَّحَايُلِ وَلَا عَلَى الْمَكْرِ]

- ‌[حُكْمُ أَخْذِ الْمُفْتِي أُجْرَةً أَوْ هَدِيَّةً]

- ‌[هَلْ تَجُوزُ الْفُتْيَا لِمَنْ عِنْدَهُ كُتُبُ الْحَدِيثِ]

- ‌[فَتَوَى الْمُفْتِي الْمُقَلَّد بِغَيْرِ مَذْهَبِ إمَامِهِ]

- ‌[فَتَوَى الْمُفْتِي بِغَيْرِ مَذْهَبِ إمَامِهِ إذَا تَرَجَّحَ فِي نَظَّرَهُ]

- ‌[إذَا تَسَاوَى عِنْدَ الْمُفْتِي قَوْلَانِ فَمَاذَا يَصْنَعُ]

- ‌[هَلْ لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ بِالْقَوْلِ الَّذِي رَجَعَ عَنْهُ إمَامُهُ]

- ‌[فَتَوَى الْمُفْتِي بِمَا يُخَالِفُ النَّصَّ]

- ‌[إخْرَاجُ النُّصُوصِ عَنْ ظَاهِرِهَا لِتُوَافِقَ مَذْهَبَ الْمُفْتِي]

- ‌[لَا يُعْمَلُ بِالْفَتْوَى حَتَّى يَطْمَئِنَّ لَهَا قَلْبُ الْمُسْتَفْتِي]

- ‌[التُّرْجُمَانُ عِنْدَ الْمُفْتِي]

- ‌[مَا يَصْنَعُ الْمُفْتِي فِي جَوَابِ سُؤَالٍ يَحْتَمِلُ عِدَّةَ صُوَرٍ]

- ‌[لَا يَسَعُ الْمُفْتِيَ أَنْ يَجْعَلَ غَرَضَ السَّائِلِ سَائِقَ حُكْمِهِ]

- ‌[ذِكْرُ المفتى الْفَتْوَى مَعَ دَلِيلِهَا]

- ‌[هَلْ يُقَلِّد الْمُفْتِي الْمَيِّتَ إذًا عَلِمَ عَدَالَتَهُ]

- ‌[تَكَرَّرَتْ الْوَاقِعَةُ فَهَلْ يَسْتَفْتِي مِنْ جَدِيدٍ]

- ‌[هَلْ يَلْزَمُ اسْتِفْتَاءُ الْأَعْلَمِ إذَا تعدد الْمَفْتُون]

- ‌[هَلْ يَلْزَمُ الْعَامِّيَّ أَنْ يَتَمَذْهَبَ بِبَعْضِ الْمَذَاهِبِ الْمَعْرُوفَة أُمّ لَا]

- ‌[مَا الْحُكْمِ إذَا اخْتَلَفَ مُفْتِيَانِ]

- ‌[هَلْ يَجِبُ الْعَمَلُ بِفَتْوَى الْمُفْتِي]

- ‌[الْعَمَلُ بِخَطِّ الْمُفْتِي وَمَا يُشْبِهُ ذَلِكَ]

- ‌[حَدَثَتْ حَادِثَةٌ لَيْسَ فِيهَا قَوْلٌ لِأَحَدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ]

- ‌[فَصَلِّ مِنْ فَتَاوَى إمَامِ الْمُفْتِينَ]

- ‌[فَصْلٌ: فَتَاوَى فِي مَسَائِلَ مِنْ الْعَقِيدَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى تَتَعَلَّقُ بِالطَّهَارَةِ]

- ‌[فَصَلِّ فَتَاوَى تَتَعَلَّقُ بِالصَّلَاةِ وَأَرْكَانِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى تَتَعَلَّقُ بِالْمَوْتِ وَبِالْمَوْتَى]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى تَتَعَلَّقُ بِالزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى تَتَعَلَّقُ بِالصَّوْمِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى تَتَعَلَّقُ بِالْحَجِّ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي بَيَانِ فَضْلِ بَعْضِ سُوَرِ الْقُرْآنِ]

- ‌[فَتَاوَى فِي بَيَانِ فَضْلِ بَعْضِ الْأَعْمَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي الْكَسْبِ وَالْأَمْوَالِ]

- ‌[إرْشَادَاتٌ لِبَعْضِ الْأَعْمَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي أَنْوَاعِ الْبُيُوعِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي فَضْلِ بَعْضِ الْأَعْمَالِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي الرَّهْنِ وَالدَّيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ تَصَدَّقُ الْمَرْأَة]

- ‌[فَصْلٌ الْهَدِيَّةُ وَمَا فِي حُكْمِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي الْمَوَارِيثِ]

- ‌[فَتَاوَى تَتَعَلَّقُ بِالْعِتْقِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوِي فِي الزَّوَاجِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي أَحْكَامِ الرَّضَاعِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي الطَّلَاقِ]

- ‌[فَصْلٌ الظِّهَارُ وَاللِّعَانُ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي الْعِدَدِ]

- ‌[فَصْلٌ ثُبُوتُ النَّسَبِ]

- ‌[الْإِحْدَادُ عَلَى الْمَيِّتِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي نَفَقَةِ الْمُعْتَدَّةِ وَكُسْوَتِهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْحَضَانَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي جُرْمِ الْقَاتِلِ وَجَزَائِهِ]

- ‌[فَتَاوَى فِي الدِّيَاتِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي الْقَسَامَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي حَدِّ الزِّنَا]

- ‌[أَثَرُ اللَّوَثِ فِي التَّشْرِيعِ]

- ‌[الْعَمَلُ بِالسِّيَاسَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي الْأَطْعِمَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي الْعَقِيقَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي الْأَشْرِبَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي الْأَيْمَانِ وَفِي النُّذُورِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي الْجِهَادِ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي الطِّبِّ]

- ‌[فَصْلٌ فَتَاوَى فِي الطِّيَرَةِ وَفِي الْفَأْلِ وَفِي الِاسْتِصْلَاحِ]

- ‌[فَصْلٌ فُصُولٌ مِنْ فَتَاوِيهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ]

- ‌[التَّوْبَةُ]

- ‌[حَقُّ الطَّرِيقِ]

- ‌[الْكَذِبُ]

- ‌[الشِّرْكُ وَمَا يَلْحَقُ بِهِ]

- ‌[طَاعَةُ الْأُمَرَاءِ]

- ‌[حسن الْجِوَارُ]

- ‌[الْغِيبَةُ]

- ‌[الْكَبَائِرُ]

- ‌[فَصْل عَوْدٌ إلَى فَتَاوَى الرَّسُولِ]

الفصل: ‌[فصل شبه القائلين بعدم جواز الاستثناء في الطلاق]

ثُمَّ قَالُوا: فَلَوْ قَالَ لَهَا " أَنْتِ طَالِقٌ " فَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ " إنْ شَاءَ اللَّهُ " وَكَانَ قَصْدُهُ إيقَاعَ الطَّلَاقِ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ قَدْ وُجِدَ حَقِيقَةً، وَالْكَلَامُ مَعَ الِاسْتِثْنَاءِ لَا يَكُونُ إيقَاعًا، وَهَذَا الْقَوْلُ فِي طَرَفٍ وَقَوْلُ مَنْ يَشْتَرِطُ نِيَّةَ الِاسْتِثْنَاءِ فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ أَوْ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْهُ فِي طَرَفٍ آخَرَ، وَبَيْنَهُمَا أَكْثَرُ مِنْ بُعْدِ الْمَشْرِقَيْنِ.

فَلَوْ قَالَ: " أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ، أَوْ مَا لَمْ يَشَأْ اللَّهُ " فَهَلْ يَقَعُ الطَّلَاقُ فِي الْحَالِ أَوْ لَا يَقَعُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَهُمَا وَجْهَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، فَمَنْ أَوْقَعَهُ احْتَجَّ بِأَنَّ كَلَامَهُ تَضَمَّنَ أَمْرَيْنِ: مُحَالًا، وَمُمْكِنًا، فَالْمُمْكِنُ التَّطْلِيقُ، وَالْمُحَالُ وُقُوعُهُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، وَهُوَ إذَا لَمْ يَشَأْ اللَّهُ، فَإِنَّ مَا شَاءَ اللَّهُ وَجَبَ وُقُوعُهُ، فَيَلْغُو هَذَا التَّقْيِيدُ الْمُسْتَحِيلُ، وَيَسْلَمُ أَصْلُ الطَّلَاقِ فَيَنْفُذُ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَقَعُ، وَلِهَذَا الْقَوْلِ مَأْخَذَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ عَلَى الشَّرْطِ الْمُحَالِ يَمْنَعُ مِنْ وُقُوعِهِ؛ كَمَا لَوْ قَالَ: " أَنْتِ طَالِقٌ إنْ جَمَعْت بَيْنَ الضِّدَّيْنِ " أَوْ " إنْ شَرِبْت مَاءَ الْكُوزِ "، وَلَا مَاءَ فِيهِ؛ لِعَدَمِ وُقُوعِ شَرْطِهِ، فَهَكَذَا إذَا قَالَ:" أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ " فَهُوَ تَعْلِيقٌ لِلطَّلَاقِ عَلَى شَرْطٍ مُسْتَحِيلٍ، وَهُوَ عَدَمُ مَشِيئَةِ اللَّهِ، فَلَوْ طَلُقَتْ لَطَلُقَتْ بِمَشِيئَتِهِ، وَشَرْطُ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَدَمُ مَشِيئَتِهِ.

وَالْمَأْخَذُ الثَّانِي: - وَهُوَ أَفْقَهُ - أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ فِي الْمَعْنَى، وَتَعْلِيقٌ عَلَى الْمَشِيئَةِ، وَالْمَعْنَى إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ عَدَمَ طَلَاقِك؛ فَهُوَ كَقَوْلِهِ " إلَّا أَنْ يَشَأْ اللَّهُ " سَوَاءٌ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ.

[فَصْلٌ شَبَه الْقَائِلِينَ بِعَدَمِ جَوَازِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ]

فَصْلٌ: [شُبَهُ الَّذِينَ لَا يُجَوِّزُونَ الِاسْتِثْنَاءَ]

قَالَ الْمُوَقِّعُونَ: قَالَ إبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ الْجُوزَجَانِيُّ: ثنا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ بْنُ أَسَدٍ الْقَسْرِيُّ: ثنا جُمَيْعُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْجُعْفِيُّ عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا مُعَاشِرَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَرَى الِاسْتِثْنَاءَ جَائِزًا فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ، قَالُوا: وَرَوَى أَبُو حَفْصِ بْنِ شَاهِينَ بِإِسْنَادِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ: " أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ " فَهِيَ طَالِقٌ، وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، قَالُوا: وَلِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ يَرْفَعُ جُمْلَةَ الطَّلَاقِ فَلَمْ يَصِحَّ، كَقَوْلِهِ " أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا ".

قَالُوا: وَلِأَنَّهُ إنْشَاءُ حُكْمٍ فِي مَحَلٍّ، فَلَمْ يَرْتَفِعْ بِالْمَشِيئَةِ كَالْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ، قَالُوا: وَلِأَنَّهُ إزَالَةُ مِلْكٍ فَلَمْ يَصِحَّ تَعْلِيقُهُ عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا لَوْ قَالَ: أَبْرَأْتُك إنْ شَاءَ اللَّهُ، قَالُوا: وَلِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ عَلَى مَا لَا سَبِيلَ إلَى الْعِلْمِ بِهِ، فَلَمْ يَمْنَعْ وُقُوعَ الطَّلَاقِ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَتْ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ، قَالُوا: وَإِنْ كَانَ لَنَا سَبِيلٌ إلَى الْعِلْمِ بِالشَّرْطِ صَحَّ الطَّلَاقُ لِوُجُودِ شَرْطِهِ.

وَيَكُونُ

ص: 48

الطَّلَاقُ حِينَئِذٍ مُعَلَّقًا عَلَى شَرْطٍ تَحَقَّقَ وُجُودُهُ بِمُبَاشَرَةِ الْآدَمِيِّ سَبَبَهُ، قَالَ قَتَادَةُ: قَدْ شَاءَ اللَّهُ حِينَئِذٍ أَنْ تَطْلُقَ، قَالُوا: وَلِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَضَعَ لِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ هَذِهِ اللَّفْظَةَ شَرْعًا، وَقَدَرًا؛ فَإِذَا أَتَى بِهَا الْمُكَلَّفُ فَقَدْ أَتَى بِمَا شَاءَهُ اللَّهُ؛ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ شَيْءٌ قَطُّ إلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ عز وجل، وَاَللَّهُ شَاءَ الْأُمُورَ بِأَسْبَابِهَا؛ فَإِذَا شَاءَ تَكْوِينَ شَيْءٍ، وَإِيجَادَهُ شَاءَ سَبَبَهُ؛ فَإِذَا أَتَى الْمُكَلَّفُ بِسَبَبِهِ فَقَدْ أَتَى بِهِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ، وَمَشِيئَةُ السَّبَبِ مَشِيئَةٌ لِلْمُسَبِّبِ، فَإِنَّهُ لَوْ لَمْ يَشَأْ وُقُوعَ الطَّلَاقِ لَمْ يُمَكِّنْ الْمُكَلَّفَ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ؛ فَإِنَّ مَا لَمْ يَشَأْ اللَّهُ يَمْتَنِعُ وُجُودُهُ كَمَا أَنَّ مَا شَاءَهُ وَجَبَ وُجُودُهُ.

قَالُوا: وَهَذَا فِي الْقَوْلِ نَظِيرُ الْمَشِيئَةِ فِي الْفِعْلِ، فَلَوْ قَالَ:" أَنَا أَفْعَلُ كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى " وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِالْفِعْلِ صَحَّ ذَلِكَ، وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّ فِعْلِي هَذَا إنَّمَا هُوَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ، كَمَا لَوْ قَالَ حَالَ دُخُولِهِ الدَّارَ " أَنَا أَدْخُلُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ " أَوْ قَالَ مَنْ تَخَلَّصَ مِنْ شَرٍّ:" تَخَلَّصْت إنْ شَاءَ اللَّهُ "، وَقَدْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ، وَإِخْوَتِهِ:{ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} [يوسف: 99] فِي حَالِ دُخُولِهِمْ، وَالْمَشِيئَةُ رَاجِعَةٌ إلَى الدُّخُولِ الْمُقَيَّدِ بِصِيغَةِ الْأَمْرِ؛ فَالْمَشِيئَةُ مُتَنَاوِلَةٌ لَهُمَا جَمِيعًا، قَالُوا: وَلَوْ أَتَى بِالشَّهَادَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ عَقِيبَهُمَا: " إنْ شَاءَ اللَّهُ " أَوْ قَالَ: " أَنَا مُسْلِمٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ " فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُؤَثِّرُ فِي صِحَّةِ إسْلَامِهِ شَيْئًا، وَلَا يَجْعَلُهُ إسْلَامًا مُعَلَّقًا عَلَى شَرْطٍ.

قَالُوا: وَمِنْ الْمَعْلُومِ قَطْعًا أَنَّ اللَّهَ قَدْ شَاءَ تَكَلُّمَهُ بِالطَّلَاقِ، فَقَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ:" إنْ شَاءَ اللَّهُ " تَحْقِيقٌ لِمَا قَدْ عُلِمَ قَطْعًا أَنَّ اللَّهَ شَاءَهُ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ:" أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَانَ اللَّهُ أَبَاحَ الطَّلَاقَ، وَأَذِنَ فِيهِ "، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَهَذَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ:" أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْت فُلَانًا " فَإِنَّهُ شَرَطَ فِي طَلَاقِهَا مَا يُمْكِنُ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ؛ فَإِذَا وُجِدَ الشَّرْطُ وَقَعَ مَا عَلَّقَ بِهِ، وَوُجُودُ الشَّرْطِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَشِيئَةِ إنَّمَا يُعْلَمُ بِمُبَاشَرَةِ الْعَبْدِ سَبَبَهُ؛ فَإِذَا بَاشَرَهُ عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ شَاءَهُ، قَالُوا: وَأَيْضًا فَالْكَفَّارَةُ أَقْوَى مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّهَا تَرْفَعُ حُكْمَ الْيَمِينِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ يَمْنَعُ عَقْدَهَا، وَالرَّافِعُ أَقْوَى مِنْ الْمَانِعِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهَا تُؤَثِّرُ مُتَّصِلَةً وَمُنْفَصِلَةً، وَالِاسْتِثْنَاءُ لَا يُؤَثِّرُ مَعَ الِانْفِصَالِ، ثُمَّ الْكَفَّارَةُ مَعَ قُوَّتِهَا لَا تُؤَثِّرُ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ؛ فَأَنْ لَا يُؤَثِّرَ فِيهِ الِاسْتِثْنَاءُ أَوْلَى وَأَحْرَى، قَالُوا: وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ: " إنْ شَاءَ اللَّهُ " إنْ كَانَ اسْتِثْنَاءً فَهُوَ رَافِعٌ لِجُمْلَةِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، فَلَا يَرْتَفِعُ، وَإِنْ كَانَ شَرْطًا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ إنْ كَانَ اللَّهُ قَدْ شَاءَ طَلَاقَك، أَوْ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ أُوقِعَ عَلَيْك فِي الْمُسْتَقْبَلِ طَلَاقًا غَيْرَ هَذَا؛ فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ هُوَ الْأَوَّلَ فَقَدْ شَاءَ اللَّهُ طَلَاقَهَا بِمَشِيئَتِهِ لِسَبَبِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ هُوَ الثَّانِيَ فَلَا سَبِيلَ لِلْمُكَلَّفِ إلَى الْعِلْمِ بِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى، فَقَدْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَشِيئَةِ مَنْ لَا سَبِيلَ إلَى الْعِلْمِ بِمَشِيئَتِهِ؛ فَيَلْغُو التَّعْلِيقُ، وَيَبْقَى أَصْلُ الطَّلَاقِ فَيَنْفُذُ.

قَالُوا: وَلِأَنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَا لَا يَخْرُجُ عَنْهُ كَائِنٌ، فَوَجَبَ نُفُوذُهُ، كَمَا لَوْ قَالَ:" أَنْتِ طَالِقٌ إنْ عَلِمَ اللَّهُ " أَوْ " إنْ قَدَّرَ اللَّهُ " أَوْ " إنْ سَمِعَ " أَوْ " إنْ رَأَى ".

ص: 49

يُوَضِّحُهُ: أَنَّهُ حَذَفَ مَفْعُولَ الْمَشِيئَةِ، وَلَمْ يَنْوِ مَفْعُولًا مُعَيَّنًا؛ فَحَقِيقَةُ لَفْظِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كَانَ لِلَّهِ مَشِيئَةٌ، أَوْ إنْ شَاءَ أَيَّ شَيْءٍ كَانَ، وَلَوْ كَانَ نِيَّتُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ هَذَا الْحَادِثَ الْمُعَيَّنَ، وَهُوَ الطَّلَاقُ لَمْ يَمْنَعْ جَعْلُ الْمَشِيئَةِ الْمُطْلَقَةِ إلَى هَذَا الْحَادِثِ فَرْدًا مِنْ أَفْرَادِهَا شَرْطًا فِي الْوُقُوعِ، وَلِهَذَا لَوْ سُئِلَ الْمُسْتَثْنِي عَمَّا أَرَادَ لَمْ يُفْصِحْ بِالْمَشِيئَةِ الْخَاصَّةِ، بَلْ لَعَلَّهَا لَا تَخْطُرُ بِبَالِهِ، وَإِنَّمَا تَكَلَّمَ بِهَذَا اللَّفْظِ بِنَاءً عَلَى مَا اعْتَادَهُ النَّاسُ مِنْ قَوْلِ هَذِهِ الْكَلِمَةِ عِنْدَ الْيَمِينِ وَالنَّذْرِ وَالْوَعْدِ.

قَالُوا: وَلِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ إنَّمَا بَابُهُ الْأَيْمَانُ، كَقَوْلِهِ:" مَنْ حَلَفَ فَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ فَإِنْ شَاءَ فَعَلَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ " وَلَيْسَ لَهُ دُخُولٌ فِي الْإِخْبَارِ، وَلَا فِي الْإِنْشَاءَاتِ، فَلَا يُقَالُ:" قَامَ زَيْدٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ "، وَلَا:" قُمْ إنْ شَاءَ اللَّهُ "، وَلَا:" لَا تَقُمْ إنْ شَاءَ اللَّهُ "، وَلَا:" بِعْت، وَلَا قَبِلْت إنْ شَاءَ اللَّهُ ".

وَإِيقَاعُ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ مِنْ إنْشَاءِ الْعُقُودِ الَّتِي لَا تُعَلَّقُ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ؛ فَإِنَّ زَمَنَ الْإِنْشَاءِ مُقَارِنٌ لَهُ؛ فَعُقُودُ الْإِنْشَاءَاتِ تُقَارِنُهَا أَزْمِنَتُهَا؛ فَلِهَذَا لَا تُعَلَّقُ بِالشُّرُوطِ.

قَالُوا: وَاَلَّذِي يَكْشِفُ سِرَّ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ هَذَا الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ عَلَى الْمَشِيئَةِ إمَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ طَلَاقًا مَاضِيًا أَوْ مُقَارِنًا لِلتَّكَلُّمِ بِهِ أَوْ مُسْتَقْبَلًا؛ فَإِنْ أَرَادَ الْمَاضِيَ أَوْ الْمُقَارِنَ وَقَعَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَلَّقُ عَلَى الشَّرْطِ.

وَإِنْ أَرَادَ الْمُسْتَقْبَلَ - وَمَعْنَى كَلَامِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونِي فِي الْمُسْتَقْبَلِ طَالِقًا فَأَنْتِ طَالِقٌ - وَقَعَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مَشِيئَةَ اللَّهِ بِطَلَاقِهَا الْآنَ يُوجِبُ طَلَاقَهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ؛ فَيَعُودُ مَعْنَى الْكَلَامِ إلَى أَنِّي إنْ طَلَّقْتُك الْآنَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَقَدْ طَلَّقَهَا بِمَشِيئَتِهِ، فَتَطْلُقُ؛ فَهَاهُنَا ثَلَاثُ دَعَاوَى: إحْدَاهَا: أَنَّهُ طَلَّقَهَا، وَالثَّانِيَةُ: أَنَّ اللَّهَ شَاءَ ذَلِكَ، وَالثَّالِثَةُ: أَنَّهَا قَدْ طَلُقَتْ؛ فَإِنْ صَحَّتْ الدَّعْوَى الْأُولَى صَحَّتْ الْأُخْرَيَانِ، وَبَيَانُ صِحَّتِهَا أَنَّهُ تَكَلَّمَ بِلَفْظٍ صَالِحٍ لِلطَّلَاقِ، فَيَكُونُ طَلَاقًا، وَبَيَانُ الثَّانِيَةِ: أَنَّهُ حَادِثٌ؛ فَيَكُونُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ، فَقَدْ شَاءَ اللَّهُ طَلَاقَهَا فَتَطْلُقُ؛ فَهَذَا غَايَةُ مَا تَمَسَّكَ بِهِ الْمُوَقِّعُونَ.

[جَوَابُ الْمَانِعِينَ]

قَالَ الْمَانِعُونَ: أَنْتُمْ مُعَاشِرَ الْمُوَقِّعِينَ قَدْ سَاعَدْتُمُونَا عَلَى صِحَّةِ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشَّرْطِ، وَلَسْتُمْ مِمَّنْ يُبْطِلُهُ كَالظَّاهِرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ كَأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّافِعِيِّ، فَقَدْ كَفَيْتُمُونَا نِصْفَ الْمُؤْنَةِ، وَحَمَلْتُمْ عَنَّا كُلْفَةَ الِاحْتِجَاجِ لِذَلِكَ، فَبَقِيَ الْكَلَامُ مَعَكُمْ فِي صِحَّةِ هَذَا التَّعْلِيقِ الْمُعَيَّنِ، هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ فَإِنْ سَاعَدْتُمُونَا عَلَى صِحَّةِ التَّعْلِيقِ قَرُبَ الْأَمْرُ وَقَطَعْنَا نِصْفَ الْمَسَافَةِ الْبَاقِيَةِ.

وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيقَ صَحِيحٌ؛ إذْ لَوْ كَانَ مُحَالًا لَمَا صَحَّ تَعْلِيقُ الْيَمِينِ وَالْوَعْدِ، وَالنَّذْرِ وَغَيْرِهِمَا بِالْمَشِيئَةِ، وَلَكَانَ ذَلِكَ لَغْوًا لَا يُفِيدُ، وَهَذَا بَيِّنُ الْبُطْلَانِ عِنْدَ جَمِيعِ الْأُمَّةِ، فَصَحَّ التَّعْلِيقُ حِينَئِذٍ، فَبَقِيَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ مَنْزِلَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ أَنَّهُ هَلْ وُجُودُ هَذَا

ص: 50

الشَّرْطِ مُمْكِنٌ أَمْ لَا؟ فَإِنْ سَاعَدْتُمُونَا عَلَى الْإِمْكَانِ، وَلَا رَيْبَ فِي هَذِهِ الْمُسَاعَدَةِ قَرُبَتْ الْمَسَافَةُ جِدًّا، وَحَصَلَتْ الْمُسَاعَدَةُ عَلَى أَنَّهُ طَلَاقٌ مُعَلَّقٌ صَحَّ تَعْلِيقُهُ عَلَى شَرْطٍ مُمْكِنٍ، فَبَقِيَتْ مَنْزِلَةٌ أُخْرَى، وَهِيَ أَنَّ تَأْثِيرَ الشَّرْطِ وَعَمَلَهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الِاسْتِقْبَالِ أَمْ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ بَلْ يَجُوزُ تَأْثِيرُهُ فِي الْمَاضِي، وَالْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ؟ .

فَإِنْ سَاعَدْتُمُونَا عَلَى تَوَقُّفِ تَأْثِيرِهِ عَلَى الِاسْتِقْبَالِ، وَأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِمَاضٍ، وَلَا حَالٍ - وَأَنْتُمْ بِحَمْدِ اللَّهِ عَلَى ذَلِكَ مُسَاعِدُونَ - بَقِيَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ مَنْزِلَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ أَنَّهُ هَلْ لَنَا سَبِيلٌ إلَى الْعِلْمِ بِوُقُوعِ هَذَا الشَّرْطِ فَيَتَرَتَّبُ الْمَشْرُوطُ عَلَيْهِ عِنْدَ وُقُوعِهِ أَمْ لَا سَبِيلَ لَنَا إلَى ذَلِكَ أَلْبَتَّةَ فَيَكُونُ التَّعْلِيقُ عَلَيْهِ تَعْلِيقًا عَلَى مَا لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَنَا طَرِيقًا إلَى الْعِلْمِ بِهِ؟ فَهَاهُنَا مُعْتَرَكُ النِّزَالِ، وَدَعْوَةُ الْأَبْطَالِ، فَنَزَالِ نَزَالِ.

فَنَقُولُ: مِنْ أَقْبَحِ الْقَبَائِحِ، وَأَبْيَنِ الْفَضَائِحِ، الَّتِي تَشْمَئِزُّ مِنْهَا قُلُوبُ الْمُؤْمِنِينَ، وَتُنْكِرُهَا فِطَرُ الْعَالَمِينَ، مَا تَمَسَّكَ بِهِ بَعْضُكُمْ، وَهَذَا لَفْظُهُ بَلْ حُرُوفُهُ، قَالَ: لَنَا إنَّهُ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَا لَا سَبِيلَ لَنَا إلَيْهِ فَوَجَبَ أَنْ يَقَعَ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ الصِّفَاتُ الْمُسْتَحِيلَةُ، مِثْلَ قَوْلِهِ:" أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ الْحَجَرُ " أَوْ " إنْ شَاءَ الْمَيِّتُ ": أَوْ " إنْ شَاءَ هَذَا الْمَجْنُونُ الْمُطْبَقُ الْآنَ " فَيَا لَك مِنْ قِيَاسٍ مَا أَفْسَدَهُ، وَعَنْ طَرِيقِ الصَّوَابِ مَا أَبْعَدَهُ، وَهَلْ يَسْتَوِي فِي عَقْلٍ أَوْ رَأْيٍ أَوْ نَظَرٍ أَوْ قِيَاسٍ مَشِيئَةُ الرَّبِّ جل جلاله وَمَشِيئَةُ الْحَجَرِ وَالْمَيِّتِ وَالْمَجْنُونِ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ عُقَلَاءِ النَّاسِ؟ .

وَأَقْبَحُ مِنْ هَذَا وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ، وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ وَعِيَاذًا بِهِ مِنْ الْخِذْلَانِ، وَنَزَغَاتِ الشَّيْطَانِ تَمَسُّكُ بَعْضِهِمْ بِقَوْلِهِ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَشِيئَةِ مَنْ لَا تُعْلَمُ مَشِيئَتُهُ فَلَمْ يَصِحَّ التَّعْلِيقُ، كَمَا لَوْ قَالَ ": أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ إبْلِيسُ " فَسُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، وَتَبَارَكَ اسْمُك، وَتَعَالَى جَدُّك، وَلَا إلَهَ غَيْرُك، وَعِيَاذًا بِوَجْهِك الْكَرِيمِ، مِنْ هَذَا الْخِذْلَانِ الْعَظِيمِ، وَيَا سُبْحَانَ اللَّهِ، لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي نُصْرَةِ هَذَا الْقَوْلِ غِنًى عَنْ هَذِهِ الشُّبْهَةِ الْمَلْعُونَةِ فِي ضُرُوبِ الْأَقْيِسَةِ، وَأَنْوَاعِ الْمَعَانِي وَالْإِلْزَامَاتِ فُسْحَةٌ وَمُتَّسَعٌ، وَلِلَّهِ شَرَفُ نُفُوسِ الْأَئِمَّةِ الَّذِينَ رَفَعَ اللَّهُ قَدْرَهُمْ، وَشَادَّ فِي الْعَالَمِينَ ذِكْرَهُمْ، حَيْثُ يَأْنَفُونَ لِنُفُوسِهِمْ، وَيَرْغَبُونَ بِهَا عَنْ أَمْثَالِ هَذِهِ الْهَذَيَانَاتِ الَّتِي تَسْوَدُّ بِهَا الْوُجُوهُ قَبْلَ الْأَوْرَاقِ، وَتُحِلُّ بِقَمَرِ الْإِيمَانِ الْمَحَاقُ.

وَعِنْدَ هَذَا فَنَقُولُ: عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَشِيئَةِ مَنْ جَمِيعُ الْحَوَادِثِ مُسْتَنِدَةٌ إلَى مَشِيئَتِهِ، وَتُعْلَمُ مَشِيئَتُهُ عِنْدَ وُجُودِ كُلِّ حَادِثٍ أَنَّهُ إنَّمَا وَقَعَ بِمَشِيئَتِهِ، فَهَذَا التَّعْلِيقُ مِنْ أَصَحِّ التَّعْلِيقَاتِ، فَإِذَا أَنْشَأَ الْمُعَلِّقُ طَلَاقًا فِي الْمُسْتَقْبَلِ تَبَيَّنَّا وُجُودَ الشَّرْطِ بِإِنْشَائِهِ فَوَقَعَ؛ فَهَذَا أَمْرٌ مَعْقُولٌ شَرْعًا وَفِطْرَةً وَقَدَرًا، وَتَعْلِيقٌ مَقْبُولٌ.

يُبَيِّنُهُ أَنَّ قَوْلَهُ: إنْ شَاءَ اللَّهُ لَا يُرِيدُ بِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ طَلَاقَهَا مَاضِيًا قَطْعًا، بَلْ إمَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ هَذَا الطَّلَاقَ الَّذِي تَلَفَّظَ بِهِ أَوْ طَلَاقًا مُسْتَقْبَلًا غَيْرَهُ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ هَذَا الْمَلْفُوظُ؛ فَإِنَّهُ لَا

ص: 51

يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ؛ إذْ الشَّرْطُ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي الِاسْتِقْبَالِ، فَحَقِيقَةُ هَذَا التَّعْلِيقِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ طَلَاقُك فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَلَوْ صَرَّحَ بِهَذَا لَمْ تَطْلُقْ حَتَّى يُنْشِأَ لَهَا طَلَاقًا آخَرَ.

وَنُقَرِّرُهُ بِلَفْظٍ آخَرَ فَنَقُولُ: عَلَّقَهُ بِمَشِيئَةِ مَنْ لَهُ مَشِيئَةٌ صَحِيحَةٌ مُعْتَبَرَةٌ، فَهُوَ أَوْلَى بِالصِّحَّةِ مِنْ تَعْلِيقِهِ بِمَشِيئَةِ آحَادِ النَّاسِ، يُبَيِّنُهُ أَنَّهُ لَوْ عَلَّقَهُ بِمَشِيئَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَيَاتِهِ لَمْ يَقَعْ فِي الْحَالِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَا شَاءَهُ اللَّهُ فَقَدْ شَاءَهُ رَسُولُهُ؛ فَلَوْ كَانَ التَّعْلِيقُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ مُوجِبًا لِلْوُقُوعِ فِي الْحَالِ لَكَانَ التَّعْلِيقُ بِمَشِيئَةِ رَسُولِهِ فِي حَيَاتِهِ كَذَلِكَ، وَبِهَذَا يَبْطُلُ مَا عَوَّلْتُمْ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا قَوْلُكُمْ: " إنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ شَاءَ الطَّلَاقَ حِينَ تَكَلَّمَ الْمُكَلَّفُ بِهِ " فَنَعَمْ إذًا؛ لَكِنْ شَاءَ الطَّلَاقَ الْمُطْلَقَ أَوْ الْمُعَلَّقَ؟ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ طَلَاقٌ مُطْلَقٌ، بَلْ الْوَاقِعُ مِنْهُ طَلَاقٌ مُعَلَّقٌ عَلَى شَرْطٍ، فَمَشِيئَةُ اللَّهِ تَعَالَى لَا تَكُونُ مَشِيئَةً لِلطَّلَاقِ الْمُطْلَقِ، فَإِذَا طَلَّقَهَا بَعْدَ هَذَا عَلِمْنَا أَنَّ الشَّرْطَ قَدْ وُجِدَ، وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ شَاءَ طَلَاقَهَا فَطَلُقَتْ.

وَعِنْدَ هَذَا فَنَقُولُ: لَوْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يُنْطِقَ الْعَبْدَ لَأَنْطَقَهُ بِالطَّلَاقِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَعْلِيقٍ، وَلَا اسْتِثْنَاءٍ، فَلَمَّا أَنْطَقَهُ بِهِ مُقَيَّدًا بِالتَّعْلِيقِ وَالِاسْتِثْنَاءِ عَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَشَأْ لَهُ الطَّلَاقَ الْمُنَجَّزَ، فَإِنَّ مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ، وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ.

وَمِمَّا يُوَضِّحُ هَذَا الْأَمْرَ أَنَّ مَشِيئَةَ اللَّفْظِ لَا تَكُونُ مَشِيئَةً لِلْحُكْمِ حَتَّى يَكُونَ اللَّفْظُ صَالِحًا لِلْحُكْمِ، وَلِهَذَا لَوْ تَلَفَّظَ الْمُكْرَهُ أَوْ زَائِلُ الْعَقْلِ أَوْ الصَّبِيُّ أَوْ الْمَجْنُونُ بِالطَّلَاقِ فَقَدْ شَاءَ اللَّهُ مِنْهُمْ وُقُوعَ هَذَا اللَّفْظِ، وَلَمْ يَشَأْ وُقُوعَ الْحُكْمِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُرَتِّبْ عَلَى أَلْفَاظِ هَؤُلَاءِ أَحْكَامَهَا؛ لِعَدَمِ إرَادَتِهِمْ لِأَحْكَامِهَا، فَهَكَذَا الْمُعَلِّقُ طَلَاقَهُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ يُرِيدُ أَنْ لَا يَقَعَ طَلَاقُهُ، وَإِنْ كَانَ اللَّهُ قَدْ شَاءَ لَهُ التَّلَفُّظَ بِالطَّلَاقِ، وَهَذَا فِي غَايَةِ الظُّهُورِ لِمَنْ أَنْصَفَ.

وَيَزِيدُهُ وُضُوحًا أَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي مَنَعَ الِاسْتِثْنَاءُ عَقْدَ الْيَمِينِ لِأَجْلِهِ؛ هُوَ بِعَيْنِهِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ؛ فَإِنَّهُ إذَا قَالَ: " وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ الْيَوْمَ كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ " فَقَدْ الْتَزَمَ فِعْلَهُ فِي الْيَوْمِ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَهُ ذَلِكَ، فَإِنْ فَعَلَهُ فَقَدْ عَلِمْنَا مَشِيئَةَ اللَّهِ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْهُ عَلِمْنَا أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَشَأْهُ؛ إذْ لَوْ شَاءَهُ لَوَقَعَ، وَلَا بُدَّ، وَلَا يَكْفِي فِي وُقُوعِ الْفِعْلِ مَشِيئَةُ اللَّهِ لِلْعَبْدِ إنْ شَاءَهُ فَقَطْ، فَإِنَّ الْعَبْدَ قَدْ يَشَاءُ الْفِعْلَ، وَلَا يَقَعُ، فَإِنَّ مَشِيئَتَهُ لَيْسَتْ مُوجِبَةً، وَلَا تَلْزَمُهُ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مَشِيئَةِ اللَّهِ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي الْمَشِيئَةِ الْأُولَى {وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [الإنسان: 30] {وَمَا تَشَاءُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} [التكوير: 29] وَقَالَ فِي الْمَشِيئَةِ الثَّانِيَةِ: {كَلا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ} [المدثر: 54]{فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ} [المدثر: 55]{وَمَا يَذْكُرُونَ إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [المدثر: 56] وَإِذَا كَانَ تَعْلِيقُ الْحَلِفِ بِمَشِيئَتِهِ تَعَالَى يَمْنَعُ مِنْ انْعِقَادِ الْيَمِينِ، وَكَذَلِكَ تَعْلِيقُ الْوَعْدِ، فَإِذَا قَالَ:" أَفْعَلُ إنْ شَاءَ اللَّهُ "، وَلَمْ يَفْعَلْ لَمْ يَكُنْ مُخْلِفًا، كَمَا لَا يَكُونُ فِي الْيَمِينِ

ص: 52

حَانِثًا.

وَهَكَذَا إذَا قَالَ: " أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ " فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ عَلِمْنَا أَنَّ اللَّهَ قَدْ شَاءَ الطَّلَاقَ فَوَقَعَ، وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا تَبَيَّنَّا أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَشَأْ الطَّلَاقَ فَلَا تَطْلُقُ، فَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الْيَمِينِ وَالْإِيقَاعِ، فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا إنْشَاءٌ، وَإِلْزَامٌ مُعَلَّقٌ بِالْمَشِيئَةِ.

قَالُوا: وَأَمَّا الْأَثَرَانِ اللَّذَانِ ذَكَرْتُمُوهُمَا عَنْ الصَّحَابَةِ فَمَا أَحْسَنُهُمَا لَوْ ثَبَتَا، وَلَكِنْ كَيْف بِثُبُوتِهِمَا وَعَطِيَّةُ ضَعِيفٌ، وَجُمَيْعُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ مَجْهُولٌ، وَخَالِدُ بْنُ يَزِيدَ ضَعِيفٌ؟ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: أَحَادِيثُهُ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهَا، وَأَثَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا يُعْلَمُ حَالُ إسْنَادِهِ حَتَّى يُقْبَلَ أَوْ يُرَدَّ.

عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآثَارَ مُقَابَلَةٌ بِآثَارٍ أُخَرَ لَا تَثْبُتُ أَيْضًا، فَمِنْهَا: مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ حُمَيْدٍ بْنِ مَالِكٍ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ «مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا مُعَاذُ، مَا خَلَقَ اللَّهُ شَيْئًا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَبْغَضَ إلَيْهِ مِنْ الطَّلَاقِ، وَمَا خَلَقَ اللَّهُ شَيْئًا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَحَبُّ إلَيْهِ مِنْ الْعَتَاقِ، فَإِذَا قَالَ الرَّجُلُ لِمَمْلُوكِهِ: أَنْتَ حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَهُوَ حُرٌّ، وَلَا اسْتِثْنَاءَ لَهُ، وَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَهُ اسْتِثْنَاؤُهُ، وَلَا طَلَاقَ عَلَيْهِ» ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ مُصَفًّى: ثنا مُعَاوِيَةُ بْنُ حَفْصٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ مَالِكٍ اللَّخْمِيِّ حَدَّثَنِي مَكْحُولٌ «عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقَالَ: لَهُ اسْتِثْنَاؤُهُ فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنْ قَالَ لِغُلَامِهِ: أَنْتَ حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى؟ قَالَ: يُعْتَقُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ يَشَاءُ الْعِتْقَ، وَلَا يَشَاءُ الطَّلَاقَ» .

ثُمَّ سَاقَ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ لِغُلَامِهِ أَنْتَ حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ عَلَيْهِ الْمَشْيُ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ إنْ شَاءَ اللَّهُ؛ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ» ثُمَّ سَاقَ مِنْ طَرِيقِ الْجَارُودِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا فِي الطَّلَاقِ وَحْدَهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ، وَلَوْ كُنَّا مِمَّنْ يَفْرَحُ بِالْبَاطِلِ كَكَثِيرٍ مِنْ الْمُصَنِّفِينَ الَّذِينَ يَفْرَحُ أَحَدُهُمْ بِمَا وَجَدَهُ مُؤَيِّدًا لِقَوْلِهِ لَفَرِحْنَا بِهَذِهِ الْآثَارِ، وَلَكِنْ لَيْسَ فِيهَا غُنْيَةً؛ فَإِنَّهَا كُلَّهَا آثَارٌ بَاطِلَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. أَمَّا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ فَفِيهِ عِدَّةُ بَلَايَا: إحْدَاهَا: حُمَيْدٍ بْنُ مَالِكٍ، ضَعَّفَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَغَيْرُهُ. الثَّانِيَةُ: أَنَّ مَكْحُولًا لَمْ يَلْقَ مُعَاذًا.

قَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مَكْحُولٌ عَنْ مُعَاذٍ مُنْقَطِعٌ. الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ قَدْ اضْطَرَبَ فِيهِ حُمَيْدٍ هَذَا الضَّعِيفُ؛ فَمَرَّةً يَقُولُ: عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ مُعَاذٍ، وَمَرَّةً يَقُولُ: عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ

ص: 53