الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[تعريف الاسم والخبر وجواز تقدم الخبر]
قال ابن مالك: (ولا يمتنع هنا تقديم خبر مشارك في التّعريف وعدمه إن ظهر الإعراب وقد يخبر هنا وفي باب إنّ بمعرفة عن نكرة اختيارا).
ــ
كجزء رافعه فلم يجز بوجه وإن كان مفعولا به قبح ولم يمتنع لأنه ليس كجزء ناصبه فإن كان ظرفا أو شبهه حسن فصله لا تساعهم في الظروف وشبهها».
قال ناظر الجيش: قال المصنف (1): «إذا اشترك في هذا الباب الخبر والمخبر عنه في تعريف أو تنكير لم يلزم ما
لزم في باب الابتداء من تأخير الخبر إلا إذا لم يظهر الإعراب نحو كان فتاك مولاك ولم يكن فتى أزكى منك فإن ظهر الإعراب جاز التوسيط والتقديم نحو كان أخاك زيد وأخاك كان زيد ولم يكن خيرا منك أحد وخيرا منك لم يكن أحد، ولما كان المرفوع هنا مشبها بالفاعل والمنصوب مشبها بالمفعول جاز أن يغني هنا تعريف المنصوب عن تعريف المرفوع كما جاز ذلك في باب الفاعل لكن بشرط الإفادة وكون النكرة غير صفة محضة فمن ذلك قول حسان رضي الله عنه:
720 -
كأنّ سلافة من بيت رأس
…
يكون مزاجها عسل وماء (2)
-
(1) انظر: شرح التسهيل لابن مالك (1/ 356).
(2)
البيت من الوافر من قصيدة طويلة لحسان بن ثابت يهجو فيها أبا سفيان ويمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سبق منها شاهد آخر قبل ذلك، والقصيدة والشاهد في ديوان حسان (ص 72).
اللغة: السّلافة: خلاصة الخمر ويروى مكانها خبيئة وهي الخمر المصونة كما يروى سبيئة وهي كلها ألفاظ لمسمى واحد وإن اختلفت صفاته.
بيت رأس: موضع بالأردن خمره أطيب الخمر وحسان يمدح خمره المخلوطة بالعسل ليحليها والماء ليبردها.
الإعراب والشاهد: «كأنّ سلافة» : كأن واسمها وخبرها محذوف تقديره فيها يكون مزاجها عسل وماء: أعربه ابن مالك إعرابا في الشرح ورد إعرابه جماعة وخرجوا البيت على:
1 -
زيادة يكون ورفع الاسمين بعدها على الابتداء والخبر.
2 -
يكون ليست زائدة وإنما اسمها ضمير الشأن والجملة بعدها خبر.
3 -
الرواية تكون بالتأنيث وعليه فالاسم ضمير السلافة والجملة بعده خبر.
وذهب قوم إلى أن الرواية: يكون مزاجها عسلا وماء فقد استوفت كان مرفوعها ومنصوبها على الترتيب ثم رفع ماء بفعل محذوف أي ومازجها ماء، وكون اسمها ضمير الشأن أفضل.
والبيت في شرح التسهيل (1/ 356) وفي التذييل والتكميل (4/ 185) وفي معجم الشواهد (ص 20).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فجعل مزاجها وهو معرفة خبر كان وعسلا وهو نكرة اسمها وليس القائل مضطرّا لتمكنه من أن يقول تكون مزاجها عسل وماء فيجعل اسم كان ضمير السلافة ومزاجها عسل وماء مبتدأ وخبر في موضع نصب بكان (1) ومثله قول القطامي:
721 -
قفي قبل التفرّق يا ضباعا
…
ولا يك موقف منك الوداعا (2)
فأخبر بالمعرفة عن النكرة مختارا لا مضطرّا لتمكنه من أن يقول ولا يك موقفي منك الوداعا أو لا يك منك موقفنا الوداعا (3).
والمحسن لهذا مع حصول الفائدة شبه المرفوع بالفاعل والمنصوب بالمفعول. وقد -
(1) بنى هذا ابن مالك على أن الضرورة عنده هي ما ورد في الشعر وليس للشاعر عنه مندوحة. أما ما يمكن أن يحل غيره محله مع سلامة النظم والمعنى فليس بضرورة، وأما الضرورة عند أكثر النحاة فهي ما ورد في الشعر سواء كان للشاعر عنه مندوحة أم لا.
(2)
البيت من بحر الوافر وهو مطلع قصيدة للقطامي يمدح بها زفر بن الحارث الكلابي (سيد شريف من ولد يزيد بن الصعق) وسبب مدحه أن القطامي كان أسيرا عند بني أسد فخلصه زفر من الأسر وحمله وأعطاه مائة ناقة وقد بدأ قصيدته بغزل رقيق وبعد المطلع السابق قوله:
قفي فادي أسيرك إنّ قومي
…
وقومك لا أرى لهم اجتماعا
وكيف تجامع مع ما استحلّا
…
من الحرم العظام وما أضاعا
انظر القصيدة وبيت الشاهد في ديوان القطامي (ص 31).
اللغة: ضباعا: مرخم ضباعة وعلى هذا الترخيم استشهد سيبويه بالبيت (2/ 243) وهو علم على بنت زفر بن الحارث الذي مدحه هكذا قال شراح البيت ولعلها كانت صغيرة.
الشاهد فيه قوله: «ولا يك موقف منك الوداعا» حيث جاء اسم كان نكرة والخبر معرفة وأجازه ابن مالك ومنعه قوم وخرجوا البيت على أن روايته: ولا يك موقفي وعليه فالاسم معرفة كالخبر.
والبيت في شرح التسهيل (1/ 356) وفي التذييل والتكميل (4/ 185) ومعجم الشواهد (ص 214).
(3)
وإذا كان هذا تخريج النحاة فإن البلاغيين خرجوه على غير ذلك، قال السكاكي:
وأما: ولا يك موقف منك الوداعا، وقوله: يكون مزاجها عسل وماء وبيت الكتاب فمحمول على منوال عرضت الناقة على الحوض. وأصل الاستعمال: ولا يك موقفا منك الوداع، ويكون مزاجها عسلا وماء وظبيا كان أمك أم حمارا. قال: ولا تخطئ إحداها هنا فيخطئ ابن أخت خالتك (أنت) فذلك مما يورث الكلام ملاحة ولا يشجع عليه إلا كمال البلاغة تأتي في الكلام والأشعار والتنزيل يقولون:
عرضت الناقة على الحوض ويقول رؤبة:
ومهمه مغبرة أرجاؤه
…
كأنّ لون أرضه سماؤه
وفي التذييل: ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى [النجم: 8] يحمل على تدلى فدنى (مفتاح العلوم للسكاكي: ص 91).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حمل هذا الشبه في باب إن على أن جعل فيه الاسم نكرة والخبر معرفة كقول الشاعر:
722 -
وإنّ حراما أن أسبّ مجاشعا
…
بآبائي الشّمّ الكرام الخضارم (1)
وأجاز سيبويه: إنّ قريبا منك زيد (2). انتهى (3).
والمغاربة كابن عصفور وغيره ذكروا هاهنا تقسيما وجعلوا الإخبار بالمعرفة عن النكرة في البابين أعني بابي كان وإنّ من الضرورات فخالفوا المصنف في ذلك والتقسيم الذي ذكروه هو أن قالوا (4): إذا اجتمع في هذا الباب اسمان فإما أن يكونا معرفتين أو نكرتين أو معرفة ونكرة؛ فهذه ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أن يكونا معرفتين: وحينئذ إما أن تكون إحداهما قائمة مقام الأخرى أو مشبهة بها، أو هي نفسها: إن كانت قائمة مقامها أو مشبهة بها كان الخبر ما تريد إثباته نحو: كانت عقوبتك عزلتك، وكان زيد زهيرا، فالعزلة ثابتة -
(1) البيت من بحر الطويل نسب في مراجعه للفرزدق وهو في الفخر والقوة شأن الفرزدق دائما ومع ذلك لم أجده في ديوانه، وبعد بيت الشاهد يقول (وهو من شواهد سيبويه: 1/ 77 في التنازع):
ولكنّ نصفا لو سببت وسبّني
…
بنو عبد شمس من مناف وهاشم
اللغة: مجاشعا: ويروى مكانه مقاعسا وهما من قبائل العرب الوضيعة. الشّم: جمع أشم، وهو العزيز.
الخضارم: جمع خضرم، كدرهم، وهو الجواد الكثير العطاء. نصفا: بكسر النون أي عدلا، وقد روي كذلك، عبد شمس، وهاشم: من قبائل العرب العظيمة السائدة.
المعنى: يقول الفرزدق: لا يصح أن أنزل بقومي ونفسي فأسب مجاشعا لأنهم ليسوا بالأشراف كقومي، وإنما الإنصاف أن أسب ويسبني الأشراف والعظام لبني عبد شمس.
الشاهد فيه قوله: «وإن حراما أن أسب
…
إلخ» حيث جاء اسم إنّ نكرة والخبر معرفة وعليه فيجوز قياس ذلك في باب كان.
والبيت في شرح التسهيل (1/ 357) وفي التذييل والتكميل (4/ 185) وفي معجم الشواهد (ص 364).
(2)
انظر الكتاب (2/ 143) وفيه يقول سيبويه: وتقول: إنّ قريبا منك زيد والوجه إذا أردت هذا أن تقول: إنّ زيدا قريب منك أو بعيد عنك لأنه اجتمع معرفة ونكرة.
وقال امرؤ القيس (من الطويل):
وإن شفاء عبرة مهراقة
…
فهل عند رسم دارس من معوّل
فهذا أحسن لأنهما نكرة.
(3)
انظر: شرح التسهيل لابن مالك (1/ 357) إلا أن قول الشارح: وأجاز سيبويه
…
إلخ ليس في شرح ابن مالك.
(4)
انظر هذا النقل الطويل في شرح الجمل لابن عصفور (1/ 384)(بتحقيق الشغار) وهو منقول بنصه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لا العقوبة والتشبيه بزهير ثابت ولو قلت: عزلتك عقوبتك كان معاقبا لا معزولا ولو قلت: كان زهير زيدا [2/ 28] ثبت التشبيه لزهير بزيد.
وإن كانت المعرفة هي الأخرى نفسها فإما أن يكون المخاطب يعرفهما أو يجهلهما أو يعرف إحداهما ويجهل الأخرى.
وإذا كان يعرفهما فإما أن تكون النسبة بينهما معلومة له أو مجهولة فهذه أربع صور:
منها صورتان لا يحتاج إلى الكلام فيهما وهما ما إذا كانا مجهولين عند المخاطب وما إذا كان معلومين وكانت النسبة بينهما معلومة عنده وذلك لأنه لا يجوز فيهما جعل أحد الاسمين مخبرا عنه والآخر مخبرا به؛ إذ لا فائدة في ذلك.
بقي الكلام في صورتين: وهما ما إذا كانا معلومين عند المخاطب وهو يجهل النسبة بينهما وما إذا كان المخاطب يعرف أحدهما ويجهل الآخر.
أما الصورة الأولى وهي ما علم فيها الاسمان وجهلت النسبة فضربان:
الضرب الأول: أن يستويا في رتبة التعريف وحينئذ قالوا يجوز أن يجعل أيهما شئت الاسم والآخر الخبر نحو كان زيد أخا عمرو وكان أخو عمرو زيدا إذ قدرت أن المخاطب يعلم زيدا بالسماع وأخا عمرو بالعيان لكنه لا يعلم أن ما علمه بالعيان هو الذي علمه بالسماع فلا فرق أن يجعل أحدهما الاسم والآخر الخبر، لأن المجهول إنما هو النسبة وحظ كل منهما في النسبة واحد.
واستثنوا من ذلك مسألة وهي أن يكون أحد الاسمين أن أو أنّ المصدريتين وما اتصل بهما فقالوا: الاختيار جعل الحرف المصدري وصلته الاسم والآخر الخبر ولذلك قرأ أكثر القراء: فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ * (1) بنصب جواب مع أنهما -
(1) سورة النمل: 56، وسورة العنكبوت: 24 - 29 وقد تكرر في القرآن كثيرا جعل أحد معمولي كان (أو تكون) أن المصدرية وما اتصل بها من ذلك:
- وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا [آل عمران: 147].
- ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا
…
[الأنعام: 23].
- وَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا
…
[الأعراف: 82].
- ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا
…
[الجاثية: 25].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
متساويا الرتبة في التعريف لأن جواب قومه مضاف إلى مضاف إلى الضمير، وأن قالوا مقدر بمصدر مضاف إلى الضمير ولكن العرب حكمت لهما بحكم المضمر وإنما حكمت لهما بذلك لشبههما به في أنهما لا ينعتان كما أن المضمر كذلك.
الضرب الثاني: ألا يستويا في رتبة التعريف وحينئذ الاختيار جعل الأعرف منهما الاسم والأقل تعريفا الخبر نحو كان زيد صاحب الدار، ويجوز كان صاحب الدار زيدا إلا إذا كان أحد الاسمين اسم إشارة فإنه يجعل الاسم ويجعل غيره الخبر في هذا الباب وغيره فيقال هذا القائم وهذا زيد وهذا أخوك وكان هذا أخاك وموجب ذلك أن العرب اعتنت به لمكان التنبيه الذي فيه الإشارة فقدمته ولا يجوز أن يجعل اسم الإشارة ضميرا إلا مع المضمر فإن الأفصح أن يقدم فنقول: ها أنذا ولا يجوز هذا أنا وهذا أنت.
قال الشيخ (1): «وفي تقرير الإخبار عن الاسم المضمر باسم الإشارة وعكسه إشكال قال: وأي شبه بينهما يجهلها المخاطب حتى يصحّ هذا الإخبار» .
وأما الصورة الثانية: وهي ما إذا كان المخاطب يعلم أحدهما ويجهل الآخر، فإن المعلوم يجعل الاسم والمجهول يجعل الخبر فيقال: كان زيد أخا عمرو إذا قدر أن المخاطب [2/ 29] يعلم زيدا ولا يعلم أنه أخو عمرو، فإن قدرته يعلم أخا عمرو ولا يعلم أن اسمه زيد قلت: كان أخو عمرو زيدا.
وزعم ابن الطراوة (2) أن الذي تريد إثباته تجعله الخبر والذي لا تريد إثباته تجعله الاسم وتعلق بقول عبد الملك بن مروان (3) لخالد: وقد جعلت عقوبتك عزلتك قال -
- قال أبو حيان عند تفسير الآية الأولى: (البحر المحيط: 3/ 75) «قرأ الجمهور قولهم بالنصب على أنه خبر كان وأن قالوا في موضع الاسم جعلوا ما كان أعرف الاسم لأن أن وصلتها تتنزل منزلة الضمير وقولهم مضاف للضمير يتنزل منزلة العلم وقرأت طائفة منهم حماد بن سلمة عن ابن كثير وأبو بكر عن عاصم برفع قولهم جعلوه اسم كان والخبر أن قالوا والوجهان فصيحان وإن كان الأول أكثر، وقد قرئ:
«ثمّ لم تكن فتنتهم» بالوجهين في السبعة».
وفي (7/ 86) قال: «قرأ الجمهور جواب بالنصب والحسن وابن أبي إسحاق بالرفع» .
(1)
التذييل والتكميل (4/ 189).
(2)
انظر: شرح الجمل لابن عصفور (1/ 384) والتذييل والتكميل (4/ 188).
(3)
من أعاظم خلفاء بني أمية ولد سنة (26 هـ) انتقلت إليه الخلافة بعد موت أبيه واجتمعت عليه كلمة المسلمين بعد مقتل مصعب وعبد الله ولدي الزبير كان أديبا كبيرا يحفظ الكثير من الشعر وفي عهده -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فالعزلة هي الحاصلة لا العقوبة. قال ومن ذلك قول الشاعر:
723 -
فكان مضلّي من هديت برشده
…
فلله مغو عاد بالرشد آمرا (1)
أثبت الهداية لنفسه ولو قال كان هادي من أضللت به لكان قد أثبت الإضلال قال: وقد غلط في هذا جلة من الشعراء ومنهم المتنبي فإنه قال:
724 -
ثياب كريم ما يصون حسانها
…
إذا نشرت كان الهبات صوانها (2)
قال ابن عصفور (4): «وهذا الذي قاله لا يتصور إلا حيث يكون الخبر غير المبتدأ -
- انتقلت الدواوين إلى العربية وضبطت الحروف بالنقط والحركات نقش على خاتمه: «آمنت بالله مخلصا» . (الأعلام: 4/ 312).
(1)
البيت من بحر الطويل سبق الاستشهاد به في هذا الباب والاختلاف في قائله.
وأما شاهده هنا: فهو قوله: فكان مضلي من هديت برشده حيث يذهب ابن الطراوة إلى أنه إذا كان الاسمان معرفتين في باب كان فالذي تريد إثباته تجعله الخبر وهنا يريد الشاعر إثبات الهداية لنفسه فيكون مضلي هو الاسم ومن هديت الخبر ورد عليه ابن عصفور وانظر الشرح.
وانظر البيت في التذييل والتكميل (4/ 190) وفي معجم الشواهد (ص 141). وشرح الجمل (1/ 384).
(2)
البيت من بحر الطويل مطلع قصيدة للمتنبي في مدح سيف الدولة وكان قد أهدى له ثيابا ورمحا وفرسا وهي في الديوان: (4/ 169) وفي آخرها يقول له:
ومالي ثناء لا أراك مكانه
…
فهل لك نعمى لا تراني مكانها
الإعراب: ثياب كريم: قال العكبري في شرحه: رفع ثياب على تقدير عندي ثياب أو أتتني ثياب.
وفاعل يصون: ضمير سيف الدولة. كان الهبات صوانها: كان واسمها وخبرها على الترتيب.
والبيت في مدح سيف الدولة بالكرم يقول: إنه جعل هباته الأشياء للناس صونا لهذه الأشياء.
والشاهد فيه قوله: «كان الهبات صوانها» حيث عرف الاسم والخبر، قال ابن الطراوة: وعليه يكون أثبت الخبر ويكون المتنبي قد هجا سيف الدولة وقد رد عليه العلماء هذا الفهم وانظر الشرح.
والبيت في التذييل والتكميل (4/ 190) وفي معجم الشواهد (ص 380)، وشرح الجمل (1/ 384).
(3)
القائل هو ابن الطرواة وانظر شرح الجمل لابن عصفور (1/ 386). والتذييل والتكميل (4/ 190).
(4)
أي في شرح الجمل له (1/ 386).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وذلك نحو: كان زيد زهيرا إذا أردت تشبيه زيد بزهير فيما مضى. فإن أردت عكس هذا قلت: كان زهير زيدا فأما إن كان الثاني هو الأول فإن المعنى على كل حال واحد نحو كان أخو عمرو زيدا.
فأما قوله: فكان مضلي من هديت برشده فإن المعنى واحد جعلت الخبر مضلي أو من هديت. إذا أردت أن الهداية والإضلال وقعا فيما مضى ألا ترى أنك إذا قلت: كان مضلي فيما مضى من وقعت الهداية منه إليّ، وكان من وقعت الهداية منه إليّ مضلي فيما مضى كان المعنى واحدا وإنما كان يختلف المعنى لو كان زمن الخبر في الحال وزمن المخبر عنه فيما مضى. ألا ترى أنك إذا قلت كان مضلى فيما مضى من هديت به الآن كان عكس قولك من هديت به فيما مضى الآن.
وأما قوله: كان الهبات صوانها فإنك إذا جعلت الهبات خلاف الصوان بطل المعنى المراد من المدح بجعل الصوان خبرا وإذا جعلت الهبات نفس الصوان كان المعنى واحدا نصبت الصوان وكأنك قلت: كان الهبات صونا لها وكان الصون هبة لها» (1).
وقد أنشد ابن الضائع قول ابن الطراوة واعتراضه على المتنبي وإنما تركت إيراده خوف الإطالة (2). -
(1) هذا آخر كلام ابن عصفور (شرح الجمل: 1/ 386).
(2)
لم أجد ما أشار إليه ناظر الجيش في شرح الجمل لابن الضائع وذلك لأنه قد ضاع منه كثير.
وقد وجدته في التذييل والتكميل (2/ 377) وسألخصه:
قال أبو حيان: وقال الأستاذ أبو الحسن بن الضائع قول ابن الطراوة فاسد واعتراضه على المتنبي فاسد لأن قوله ثياب كريم فيه نعت
للممدوح بالكرم وإذا كان الاسمان معرفتين فلك أن تجعل أيهما شئت الاسم والآخر الخبر ولا بد في البيت من رفع الهبات ونصب الصوان ولو خالفت ذلك انعكس المراد لأن مراده أن الهبات للثياب تقوم مقام الصوان.
وكما رد ابن عصفور وابن الضائع مذهب ابن الطراوة واعتراضه على المتنبي كذلك فعل الصفار في شرحه لكتاب سيبويه. يقول عن مذهب ابن الطراوة:
وهذا المذهب في غاية التخلف لأنه إنما كان ذلك فيما أورده لأن الاسمين متغايران، والعرب إذا قالت:
زيد زهير فالأول كذلك مشبه بالثاني وإذا قالت: زهير زيد فالأول كذلك مشبه بالثاني فهنا إذا قلبت انعكس المراد، فالعقوبة غير العزلة، فالذي يقدمها يكون معهما مخالفا لمعنى التأخير وكان قوله:
فكان مضلي من هديت جعل الشخص الواحد ذا الصفتين بمنزلة شخصين يحصل له هذا.
وأما كان الهبات صوانها فحسن جدّا لأنه جعل نفس الهبة هو الصوان لا غير فأيهما قدمت فهو على -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
القسم الثاني (1) أن يكون الاسمان نكرتين: وحينئذ إما أن يكون لكل منهما مسوغ للإخبار عنه أو لا فإن كان جعلت أيهما شئت الاسم والآخر الخبر نحو:
أكان رجل قائما وأكان قائم رجلا وإن لم يكن المسوغ إلا لأحدهما جعلته المخبر عنه والآخر الخبر نحو كان كل أحد قائما ولا يجوز كان قائم كل أحد.
القسم الثالث: أن يكون أحدهما معرفة والآخر نكرة: وحينئذ يجب جعل [2/ 30] المعرفة الاسم والنكرة الخبر نحو: كان زيد قائما ولا يجوز عكس ذلك إلا في الشعر وحينئذ لا يخلو أن يكون للنكرة مسوغ للإخبار عنها أو لا يكون.
فإن لم يكن لها مسوغ فالمسألة مقلوبة نحو: كان قائم زيدا فزيد وإن كان منصوبا هو المخبر عنه وقائم وإن كان مرفوعا هو الخبر. وإن كان للنكرة مسوغ للإخبار عنها فإنك إن بنيت الأمر (2) على الإخبار عن المعرفة بالنكرة كان مقلوبا وإن بنيته على الإخبار بالمعرفة عن النكرة كان غير مقلوب وذلك نحو: أكان قائم زيدا إن قدرت أن المعنى أكان زيد قائما كان مقلوبا وإن قدرت أن المعنى أكان قائما من القائمين يسمى زيدا كان غير مقلوب.
والقلب للضرورة جائز باتفاق وإنما الخلاف في جوازه في الكلام ومما جاء من القلب في هذا الباب قوله:
725 -
كانت فريضة ما تقول كما
…
كان الزّناء فريضة الرّجم (3)
-
- معناه مؤخرا، وكذلك كان زيد أخاك وكان أخوك زيدا لا فرق بينهما.
انظر ورقة 58، 59 من شرح الصفار لكتاب سيبويه (مخطوط بدار الكتب رقم 900 نحو).
(1)
أي من الأقسام الثلاثة التي ذكرها في أحوال الاسمين: إذا وقعا معمولين لهذه الأدوات وقد ذكر الحالة الأولى وهي ما إذا كانا معرفتين وسيذكر بعد قليل الحالة الثالثة لهما وهي ما إذا كان أحدهما معرفة والآخر نكرة. وانظر في شرح الجمل لابن عصفور (1/ 388، 389).
(2)
في نسخة (ب): فإنك إن بنيت المعنى على الإخبار وهما سواء.
(3)
البيت من بحر الكامل وهو للنابغة الجعدي كما ذكرت مراجعه (لسان العرب: زفى).
اللغة: الزّنا: في اللسان: الزناء: ممدود لغة لبني تميم وأنشد بيت الشاهد ثم قال: والنسبة إليه زنائي.
والشاهد في البيت قوله: «كما كان الزناء فريضة الرجم» حيث قلب فجعل الاسم خبرا والخبر اسما في المعنى وأصله: كان الرجم فريضة الزنا.
وروى البيت: كما أن الزناء وعلى ذلك فلا شاهد في البيت في باب كان. -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أي كان الرجم فريضة الزنا.
قال ابن عصفور بعد إيراد الأقسام (1): وينبغي أن تعلم أن ضمير النكرة يعامل في باب الإخبار معاملة النكرة وذلك أن تعريفه إنما هو لفظي ألا ترى أنك إذا قلت:
لقيت رجلا فضربته على أنك إنما تعني بالضمير الرجل المتقدم الذكر وأن الملقى هو المضروب وأما أن يعلم من هو في نفسه فلا فلما علم من يعني به كان معرفة من هذا الطريق وأيضا فإنه ينوب مناب تكرار الظاهر. والظاهر إذا كرر كان بالألف واللام فلما ناب مناب معرفة بالألف واللام كان هو معرفة فإذا ثبت أن تعريفه لفظي والإخبار عن النكرة كما تقدم في باب الابتداء إنما امتنع من طريق معناها لا من طريق لفظها (2) جرى ضمير النكرة مجرى النكرة وإن كان معرفة في اللفظ على ما مر آنفا.
فإن جاء شيء من الإخبار بالمعرفة عن ضمير النكرة فبابه الشعر ومن ذلك قول الشاعر:
726 -
أسكران كان ابن المراغة إذ هجا
…
تميما بجوف الشّام أم متساكر (3)
فأخبر بابن المراغة عن ضمير السكران وهو من المقلوب.
ألا ترى أن المعنى على الإخبار عن ابن المراغة بالسكران كأنه قال: أكان ابن -
- وانظر الرواية الثانية وبحثا لطيفا في كتاب الإنصاف (1/ 373).
والبيت في التذييل والتكميل (4/ 197) وفي شرح الجمل (1/ 389) وفي معجم الشواهد (ص 372).
(1)
انظر شرح الجمل له (1/ 389) وهو بنصه.
(2)
سبق من هذا التحقيق.
(3)
البيت من بحر الطويل وهو للفرزدق كما ذكرت مراجعه (كتاب سيبويه: 1/ 49) ولم أجده في ديوانه وهو في الهجاء والزجر.
اللغة: ابن المراغة يقصد به جريرا. والمراغة: هي الأتان التي لا تمنع عن الفحول. المتساكر: المدعي السكر.
الشاهد فيه قوله: «أسكران كان ابن المراغة» وفيه ثلاثة أعاريب:
1 -
رفعهما وزيادة كان وعطف متساكر على سكران عطف مفردات.
2 -
نصب الأول خبرا لكان ورفع الثاني اسما لها وعطف متساكر عطف جمل بتقدير مبتدأ.
3 -
رفع الأول ونصب الثاني وهو موضع الشاهد على أن يكون ضمير النكرة هو الاسم والمعرفة هي الخبر وذلك ضرورة. مغني اللبيب (1/ 490) والبيت في التذييل والتكميل (4/ 192) وفي معجم الشواهد (ص 155) وفي شرح الجمل (1/ 389).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المراغة سكران ولم يرد أن يقول: أكان سكران من السكارى يعرف بابن المراغة.
ومثله قول الآخر:
727 -
فإنّك لا تبالي بعد حول
…
أظبي كان أمّك أم حمار (1)
فأخبر عن ضمير الظبي وهو نكرة بأمك وهو معرفة ثم قال (2):
«وينبغي أن يعلم أن النكرة المختصة تنزل من النكرة غير المختصة منزلة المعرفة من النكرة فلا يجوز كان رجلا من إخوتك غلام كما لا يجوز كان زيدا غلام وكذلك جعل سيبويه قول الشاعر:
728 -
وإنّ شفاء عبرة مهراقة
…
فهل عند رسم دارس من معوّل (3)
ضرورة (4) لأنه أخبر عن شفاء وهو نكرة غير مختصة بعبرة وهي مختصة -
(1) البيت من بحر الوافر نسبه سيبويه (1/ 48) إلى خداش بن زهير.
اللغة: لا تبالي: لا تعرف ولا يهمك أن تعرف. حول: عام. الظّبي والحمار: من الحيوانات التي يضرب بها المثل في الخسة. أمك: أصلك.
المعنى: يصف الشاعر تغير الأحوال واختلاف الزمان فيقول: بعض الناس حين يقوم بنفسه ويستغني عن أبويه لا يهمه بعد ذلك أصله سواء كان شريفا أو وضيعا.
الشاهد فيه قوله: «أظبي كان أمك أم حمار» حيث جعل اسم كان نكرة (ضمير النكرة) والخبر معرفة ضرورة.
والبيت في التذييل والتكميل (4/ 193) وفي معجم الشواهد (ص 166). وفي شرح الجمل (1/ 390).
(2)
أي ابن عصفور وانظر شرح الجمل له (1/ 391).
(3)
البيت من بحر الطويل سادس أبيات معلقة امرئ القيس المشهورة (سبق الحديث عنها في هذا التحقيق) وقبل بيت الشاهد قوله (ديوان امرئ القيس ص 9).
كأني غداة البين يوم تحمّلوا
…
لدى سمرات الحيّ ناقف حنظل
وقوفا بها صحبي عليّ مطيّهم
…
يقولون لا تهلك أسى وتحمّل
اللغة: العبرة: الدمعة. مهراقة: مصبوبة فعلها أهرق. الرّسم الدّارس: الأثر المطموس. معوّل: مصدر عول بمعنى أعول بكى. والمعنى: فهل من باك أو هو مصدر عول على كذا اعتمد عليه والمعنى فهل من معين.
المعنى: يذكر امرؤ القيس أنه يبكي على أحبابه ولا يعينه أحد فيردهم إليه فهل يجدى البكاء وينفع العويل؟
والشاهد فيه قوله: «وإن شفاء عبرة مهراقة» حيث جاء اسم إن نكرة غير مختصة والخبر نكرة مختصة وهو ضرورة كما قال سيبويه. ورواية الديوان: إن شفائي وعليها فلا شاهد في البيت. والبيت في معجم الشواهد (ص 303) وفي شرح الجمل (1/ 391).
(4)
انظر الكتاب (2/ 142) ولم يصرح سيبويه بأنه ضرورة، وإنما قال: هذا أحسن من إن قريبا منك زيد لأنهما نكرة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بالوصف (1).
ومن هذا القبيل قول [2/ 31] الآخر:
729 -
كأنّ سبيئة من بيت رأس
…
يكون مزاجها عسل وماء (2)
فجعل عسلا وماء اسمين ليكون وهما نكرتان غير مختصتين وجعل مزاجها خبرا وهو مضاف إلى ضمير سبيئة والسبيئة نكرة مختصة وقد تبين أن ضمير النكرة يتنزل منزلة النكرة فمزاجها أخص من عسل وماء وقد جعل خبرا للضرورة».
ثم قال (3): «هذا حكم النكرة مع المعرفة إذا اجتمعا في هذا الباب ما لم يكن للنكرة مسوغ للإخبار عنها وذلك بأن تكون النكرة اسم استفهام فإنه يجوز الإخبار عنها بالمعرفة لأن اسم الاستفهام فيه عموم، ألا ترى أنه يسأل عن الواحد فصاعدا والعموم من مسوغات الإخبار عن النكرة فكذلك الاستفهام ولذلك أجاز سيبويه (4) أن يكون أرضك خبرا لكم من قولهم: كم جريبا أرضك.
ومما جاء من هذا الباب: من كان أخاك وما جاءت حاجتك، حكاهما سيبويه بنصب الأخ والحاجة (5) وهما معرفتان قد أخبر بهما عن ضمير من وما الاستفهاميتين.
واسم الاستفهام نكرة وضمير النكرة كما تقدم في الإخبار بمنزلة النكرة بمنزلة النكرة» انتهى (6) وفي شرح الشيخ بعد أن ذكر البيت المختوم بقوله:
730 -
…
أظبي كان أمّك أم حمار
«وبهذا ونحوه استدلّ سيبويه على جعل الاسم نكرة والخبر معرفة» انتهى (7) وهذا يحقق ما قرره ابن عصفور. -
(1) كلمة بالوصف غير موجودة بنسخة الأصل.
(2)
البيت من بحر الوافر من قصيدة لحسان بن ثابت وقد سبق الاستشهاد به قريبا. وشاهده هنا: مجيء خبر كان نكرة وهو وإن كان مضافا إلى ضمير إلا أن هذا الضمير ضمير نكرة ولكنها مختصة بوصف فهو نوع تعريف بخلاف الاسم فهو نكرة محضة وهذا كله في قوله: يكون مزاجها (بالنصب) عسل وماء وهذا ضرورة وابن مالك فيما سبق جعل مزاجها معرفة دون تفصيل وأجاز ذلك.
(3)
القائل هو ابن عصفور انظر شرح الجمل له (1/ 392).
(4)
بحثت عن هذا النص في كتاب سيبويه في باب كم (2/ 156) وما بعدها وفي غيره فلم أجده.
(5)
انظر الكتاب (1/ 50، 51).
(6)
شرح الجمل لابن عصفور (1/ 393).
(7)
التذييل والتكميل (4/ 193) وكتاب سيبويه (1/ 48، 49).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
واعلم أنه تعلق بما تقدم بحثان:
الأول:
قولهم: إن الاسمين إذا كانا معلومين للمخاطب وكان النسبة بينهما معلومة عنده فإنه لا يجوز حينئذ جعل أحد الاسمين مخبرا عنه والآخر مخبرا به إذ لا فائدة في ذلك كما تقدم.
والحاصل: أن الخبر تارة يقصد به إفادة المخاطب الحكم وهو إذا كان يجهل النسبة الواقعة بين المنتسبين وتارة يقصد به إفادة المخاطب أن المخبر عالم بالحكم وهو إذا كان المخاطب عالما بالنسبة ويسمى الأول فائدة الخبر ويسمى الثاني لازم فائدة الخبر.
وإذا كان كذلك فلا يقال إن المخاطب إذا كان عالما بالنسبة الواقعة بين المعلومين فلا فائدة في الإخبار. إذ قد تبين أن الفائدة حاصلة.
الثاني:
قال ابن الضائع (1): «إذا كان الاسمان معرفتين فأنت مخيّر في جعل أيهما شئت الاسم والآخر الخبر.
قال: لأنه إذا كانا معرفتين فالمجهول عن المخاطب أن إحدى المعرفتين مدلولها هو بعينه مدلول الأخرى وهذا المعنى لا يختلف، جعلت زيدا المبتدأ والأخ الخبر أو بالعكس إذا قلت: زيد أخوك وسوّى بين: فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ * (2) بالنصب وبين قراءة الرفع من حيث المعنى ولم يجعل بينهما فرقا» انتهى.
وكذا يفهم كلام ابن أبي الربيع فإنه قال (3)«لا فرق بين قولك كان زيد هذا وكان هذا زيدا» .
قال: «وأما قول العرب: كان زيد صديقي زيدا فاختلف النحويّون فيه فمنهم من قال [2/ 32] المعنى واحد وأجراه مجرى كان زيد هذا وكان هذا زيدا ومنهم -
(1) انظر شرح الجمل لابن الضائع (مخطوط بدار الكتب رقم: 20 نحو) الجزء الثاني ورقة: (11 أ) وورقة: (12 ب) وقد أخذ الشارح منه نصّا.
(2)
سورة النمل: 56، والعنكبوت: 24، 29 وقد سبق تخريج هذه القراءة في هذا التحقيق.
(3)
انظر ملخص ذلك في كتاب الملخص في شرح الإيضاح لابن أبي الربيع (ميكروفيلم بمعهد المخطوطات) لقطة رقم: 55.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
من جعل المعنيين مختلفين فقال: كان زيد صديقي يعني أنّ زيدا من الأصدقاء وليس في اللفظ تعرّض لنفي هذه الصفة عن غيره ولا إثباتها.
وإذا قلت: كان صديقي زيدا يعطي أن لا صديق لك إلّا زيد بظاهر الكلام، قال: وهذا عندي هو الأظهر» انتهى.
وما ذكراه غير ظاهر لأنهما لم يفصلا بين أن تستوي المعرفتان في الرتبة أو لا يستويا (1) وقد عرفت حكم ذلك (2).
ولا بيّنا ما إذا كان المخاطب يعرف أحدهما ويجهل الآخر، وقد عرفت ما بين ذلك من الفرق (3).
والحق في هذه المسألة هو ما تقدم لنا ذكره وهو الذي ذكره أبو الحسن بن عصفور.
وقد ذكر أصحاب علم البيان ما ينافي ما ذكره ابن الضائع وابن أبي الربيع ويوافق ما قرره ابن عصفور، وهو أنهم قالوا: قد يكون للشيء صفتان من صفات التعريف ويكون السامع عالما باتصافه بإحداهما دون الأخرى؛ فإذا أردت أن تخبر بأنه يتصف بالأخرى فتعمد إلى اللفظ الدال على الأولى وتجعله مبتدأ وتعمد إلى اللفظ الدال
على الثانية وتجعله خبرا فتفيد السامع ما كان يجهله من انصافه بالثانية كما إذا كان للسامع أخ يسمى زيدا هو يعرفه بعينه واسمه ولكن لا يعرف أنه أخوه وأردت أن تعرفه أنه أخوه فتقول له: زيد أخوك سواء عرف له أخا ولم يعرف أن زيدا -
(1) في هذا السطر من الكلام قلق في النسخ عالجته بيسير من الحذف والزيادة من عندي.
(2)
سبق ذكر حكمه في هذا التحقيق فقال:
الضرب الأول: إذا استوى الاسم والخبر في رتبة التعريف فالحكم أنه يجوز أن يجعل أيهما شئت الاسم والآخر الخبر نحو كان زيد أخا عمرو. قالوا لأن المجهول إنما هو النسبة وحظ كل منهما في النسبة واحد.
الضرب الثاني: ألا يستويا في رتبة التعريف وحينئذ الاختيار جعل الأعرف منهما الاسم والأقل تعريفا الخبر نحو كان زيد صاحب الدار.
(3)
سبق ذكر ذلك أيضا في هذا التحقيق فقال:
إذا كان المخاطب يعلم أحدهما ويجهل الآخر فإن المعلوم يجعل الاسم والمجهول يجعل الخبر، فيقال:
كان زيد أخا عمرو إذا قدرت أن المخاطب يعلم زيدا ولا يعلم أنه أخو عمرو، فإن قدرته يعلم أخا عمرو ولا يعلم أن اسمه زيد، قلت: كان أخو عمرو زيدا.