المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[التعليق في بعض الأفعال غير القلبية] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٣

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثالث عشر باب الأفعال الرّافعة الاسم النّاصبة الخبر

- ‌[سردها وشروط عملها]

- ‌[المبتدآت والأخبار التي لا تدخل عليها]

- ‌[عملها في الجملة الاسمية]

- ‌[ما تختص به دام وأفعال الاستمرار الماضية]

- ‌[علة تسميتها أفعالا ناقصة]

- ‌[معاني هذه الأفعال وهي تامة]

- ‌[امتناع بعض الأفعال من مجيء الخبر ماضيا]

- ‌[حكم قول «أين لم يزل زيد» وأشباهه]

- ‌[ورود بعض هذه الأفعال بمعنى صار]

- ‌[أحوال الخبر في جملة هذه الأفعال من التوسط أو التقديم]

- ‌[حكم الخبر إذا كان جملة في هذا الباب]

- ‌[معمول الخبر المرفوع أو المنصوب في هذا الباب]

- ‌[تعريف الاسم والخبر وجواز تقدم الخبر]

- ‌[اقتران خبر هذه الأفعال بإلا وأحكام ذلك]

- ‌[اختصاصات ليس وكان في هذا الباب]

- ‌[اختصاصات كان في هذا الباب]

- ‌[أحكام خاصة بكان]

- ‌[حكم معمول الخبر في هذا الباب]

- ‌[الحروف العاملة عمل ليس: ما الحجازية وشروط عملها]

- ‌[حكم المعطوف على خبر ما]

- ‌[بقية الحروف العاملة عمل ليس]

- ‌[إهمال ليس في لغة تميم]

- ‌[حكم النفي بليس وما]

- ‌[زيادة الباء في الخبر المنفي]

- ‌[العطف على توهم زيادة الباء]

- ‌[العطف على خبر ليس الرافع السببي أو الأجنبي]

- ‌الباب الرابع عشر باب أفعال المقاربة

- ‌[سردها وعملها ومعانيها]

- ‌[حديث طويل عن خبر هذه الأفعال]

- ‌[حديث في عسى - نفي كاد - مضارع كاد]

- ‌الباب الخامس عشر باب الأحرف النّاصبة الاسم الرّافعة الخبر

- ‌[سردها - معانيها - عملها]

- ‌[حديث عن خبر هذه النواسخ من تقديمه أو حذفه]

- ‌[مواضع كسر همزة إن ومواضع فتحها ومواضع جواز الوجهين]

- ‌[بقية مواضع فتح همزة إن]

- ‌[مواضع دخول لام الابتداء ومواضع امتناع ذلك]

- ‌[تخفيف إن ولكن - اقتران هذه النواسخ بما الزائدة]

- ‌[تخفيف أن وكأن وأحكام ذلك - اللغات في لعل والجر بها]

- ‌[حكم المعطوف على اسم إنّ ولكنّ وبقية نواسخ هذا الباب]

- ‌الباب السادس عشر باب لا العاملة عمل إنّ

- ‌[بناء الاسم المفرد على الفتح ونصب المضاف]

- ‌[دخول لا على المعرفة - العطف على اسمها - وصف الاسم]

- ‌[اقتران لا بهمزة الاستفهام وأحكام ذلك]

- ‌الباب السابع عشر باب الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر الداخل عليهما كان والممتنع دخولها عليهما لاشتمال المبتدأ على استفهام

- ‌[ظن وأخواتها وحكم المفعولين معها]

- ‌[سرد هذه الأفعال ومعانيها في هذا الباب وغيره]

- ‌[الإلغاء وأحكامه في أفعال هذا الباب]

- ‌[التعليق وأحكامه في الأفعال القلبية في هذا الباب]

- ‌[التعليق في بعض الأفعال غير القلبية]

- ‌[مسألة علمت زيدا أبو من هو]

- ‌[حكم الجملة بعد التعليق وأدواته]

- ‌[اتحاد الفاعل والمفعول في الأفعال القلبية]

- ‌[الحكاية بالقول ونصب المفعولين في لغة سليم]

- ‌[لا يلحق بالقول في الحكاية ما في معناه]

- ‌[الأفعال التي تنصب ثلاثة مفاعيل]

الفصل: ‌[التعليق في بعض الأفعال غير القلبية]

[التعليق في بعض الأفعال غير القلبية]

قال ابن مالك: (ويشاركهنّ فيه مع الاستفهام «نظر» و «أبصر» و «تفكّر» و «سأل» وما وافقهنّ أو قاربهنّ، لا ما لم يقاربهن، خلافا ليونس، وقد يعلّق «نسي»).

ــ

اللفظ (1)، وإذا أتوا بما صورته الاستفهام ومعناه على غير الاستفهام ولم يدخلوا عليه ما يغيره من العوامل اللفظية فلأن لا يغيروه مع العوامل اللفظية أولى وأخرى، لأن في اللفظ المتقدم ما يرشد إلى المعنى، ويدل عليه لتعلقه به. بخلاف ما لم يتقدم عليه لفظ يطلب المعنى ويستدعيه، مثال ذلك: أنهم يقولون في معنى التعظيم

والتعجب: أي رجل أنت؟ المعنى: ما أكملك رجلا، فصورته صورة الاستفهام ومعناه ليس معناه، ولذلك لايجاب مثل هذا الاستفهام فقد عدوه عن الاستفهام إلى غيره، ولم يدخلوا عليه عاملا، فإذا أدخلوا عليه العامل كان أجدر أن يغير، وكان قياس العامل كما غيره معنى أن يغيره لفظا ويؤثر فيه النصب، لكن راعوا صورة الاستفهام فلم يعملوا فيه ما قبله لفظا وإن كان عاملا فيه من جهة المعنى، فموضعه نصب، ولذلك إذا عطفوا على موضع المعلق عنه نصبوا فيقولون: ظننت لزيد قائم عمرا شاخصا، وعلمت ما زيد قائم وعمرا منطلقا (2) هذا آخر ما ذكره الشيخ في هذه المسألة.

قال ناظر الجيش: أي: ويشارك القلبية المتصرفة في التعليق، لكن مع الاستفهام خاصة دون بقية المعلقات ما ذكره من [2/ 197] الأفعال والذي ذكره نصّا في متن الكتاب أربعة أفعال، وأرد بما وافقهن، أي: وافق الأربعة معنى:

رأى البصرية، واستنبأ، وبما قاربهن بـ «لأبلو» (3) كما أشار إلى ذلك في الشرح فيكون المجموع سبعة. -

(1) ينظر: شرح الألفية للمرادي (1/ 385) فقد أورد فيه هذه الأقسام على هذه الصورة التي أوردها ناظر الجيش هنا.

(2)

ينظر: أوضح المسالك (1/ 122)، وشذور الذهب (ص 441)، والتصريح (1/ 257)، والبهجة المرضية (ص 44).

(3)

ينظر الأشموني بحاشية الصبان (2/ 32 - 33)، والهمع (1/ 155)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص 78).

ص: 1515

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال في الشرح (1): وعلق أيضا مع الاستفهام «نظر» بالعين أو القلب وأبصر، وتفكر وسأل نحو: فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً (2) وفَانْظُرِي ماذا تَأْمُرِينَ (3) وفَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (4) وأَ وَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ (5) وكقول الشاعر:

1148 -

حزقّ إذا ما القوم أبدوا فكاهة

تفكّر آإيّاه يعنون أم قردا (6)

وكقوله تعالى: يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (7)، وأشرت بما وافقهن إلى نحو: أما ترى أي برق ها هنا بمعنى أما تبصر، حكاه سيبويه (8)، وإلى نحو: وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ (9) وأشرت بما قاربهن إلى نحو: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (10) وأجاز يونس تعليق ما يوافقهن ولم يقاربهن وجعل من ذلك قوله تعالى: ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ (11) فضمة الياء عنده ضمة إعراب (12)، وعند سيبويه ضمة بناء، وأي موصولة (13) وقد مضى ذلك، وعلق «نسي» لأنه ضد علم، والضد قد يحمل على الضد، ومنه قول الشاعر:

1149 -

ومن أنتم إنّا نسينا من أنتم

وريحكم من أيّ ريح الأعاصر (14)

-

(1) شرح التسهيل لابن مالك (2/ 89).

(2)

سورة الكهف: 19.

(3)

سورة النمل: 33.

(4)

سورة القلم: 5، 6.

(5)

سورة الأعراف: 184.

(6)

البيت من الطويل وهو لجامع بن عمرو في شرح المفصل لابن يعيش (9/ 118)، والتذييل (2/ 1022)، وشرح شواهد الشافية (ص 349)، والهمع (1/ 155)، والدرر (1/ 137).

والشاهد فيه: تعليق (تفكر) بهمزة الاستفهام في قوله (تفكر آإياه).

اللغة: الحزقّ: القصير يقارب الخطو.

(7)

سورة الذاريات: 12.

(8)

ينظر الكتاب: (1/ 236).

(9)

سورة يونس: 53.

(10)

سورة الملك: 2.

(11)

سورة مريم: 69.

(12)

ينظر الكتاب (2/ 400)، والهمع (1/ 155).

(13)

في الكتاب (2/ 398): «وسألت الخليل رحمه الله عن قولهم: اضرب أيهم أفضل؟ فقال: القياس النصب كما تقول: الذي أفضل، لأن أيّا في غير الجزاء والاستفهام بمنزلة الذي» اهـ وقيل ذلك في الصفحة نفسها قال سيبويه: اعلم أن «أيا» مضافا وغير مضاف بمنزلة «من» .

(14)

البيت من الطويل قائله زياد الأعجم ونسب في المحتسب لحطان بن عبد الله. وهو في المحتسب (1/ 168)، والخصائص (3/ 89، 167)، والتذييل (2/ 1024)، والعيني (2/ 420)، وشرح الحماسة للمرزوقي (4/ 1539)، وشرح التبريزي (4/ 107)، وشواهد النحو في الحماسة -

ص: 1516

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومثله على أحد الوجهين قول الآخر:

1150 -

لم أر مثل الفتيان في عين ال

أيّام ينسون ما عواقبها (1)

انتهى. ويتعلق بهذا الموضع مباحث:

الأول:

ناقش الشيخ المصنف في قوله فيما تقدم: وتختص أيضا القلبية المتصرفة بتعديها معنى لا لفظا. قال: لأن الاختصاص ينافي قوله هنا ويشاركهن فيه كذا وكذا، قال: فالمشاركة والاختصاص لا يجتمعان (2) والجواب عن ذلك من وجهين:

الأول: أن المراد أن القلبية اختصت بالتعليق دون بقية الأفعال التي ذكرت معها وهي ما أفاد التحويل، فقد انفردت القلبية عن أخواتها بذلك، وحينئذ يصدق أنها مختصة به دون أخواتها، ومشاركة غير أخواتها لها في التعليق لا يخرجها عن الاختصاص، لأنه اختصاص مفيد، لا اختصاص مطلق، وهذا كما تقول في الحصر في نحو: ما كاتب إلا زيد، جوابا لمن قال: الكاتب زيد وعمرو، فإن القصد إلى حصر الكتابة في زيد لا مطلقا بل بالنسبة إلى عمرو، لأن غير عمرو يشارك زيدا في الإنصاف بالكتابة لا محالة (3).

الثاني: أن مشاركة غير الأفعال المذكورة لها في التعليق لا يزيل اختصاصها لأن المشارك المذكور الآن إنما يعلق بالاستفهام خاصة، وأما الأفعال المشاركة فإنها تعلق بغير الاستفهام كما تعلق بالاستفهام، وعلى هذا فالذي اختصت به تلك [2/ 198] الأفعال لم يشارك فيه إنما شوركت في بعضه، والمشاركة في بعض الأمور لا ينافي -

- (ص 296)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص 78).

والشاهد قوله: (نسينا من أنتم) حيث علق الفعل (نسي) بالاستفهام، والجملة من اسم الاستفهام وخبره في محل نصب مفعوله.

(1)

البيت من المنسرح وهو في شرح المفصل لابن يعيش (3/ 152)، والأغاني (13/ 115)، والتذييل (2/ 1025)، وأمالي الشجري (1/ 74)، والمغني (1/ 142)، والخزانة (2/ 21)، وديوانه (ص 54).

والشاهد قوله: (ينسون ما عواقبها) حيث علق «ينسون» بما الاستفهامية. وانظر شرح التسهيل لابن مالك (2/ 90).

(2)

التذييل (2/ 1012).

(3)

ينظر: دلائل الإعجاز (ص 220 - 221) تحقيق: محمد رشيد رضا.

ص: 1517

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

اختصاص المشارك بكلها، وناقش الشيخ المصنف أيضا في ذكره «تفكر» هنا، قال:

لأنها من أفعال القلوب، فقد اندرجت في قوله: وتختص أيضا القلبية المتصرفة (1)، وهذا أمر عجيب، فإن المراد

بالقلبية المتصرفة إنما هو الذي يتعدى إلى مفعولين، لأن الباب معقود لذلك و «تفكر» إن كان قلبيّا فعل لا يتعدى بنفسه، فكيف يندرج مع الأفعال المتعدية إلى اثنين.

المبحث الثاني:

قد علمت أن الأفعال التي أشار إليها الآن سبعة فما هو منها قلبي وهو «تفكر» وبلا كان في تعليقه محمولا على أفعال القلوب المتعدية إلى اثنين، وما هو منها غير قلبي، وهو نظر وأبصر وسأل ورأى البصرية واستنبأ، فالمسوغ لتعليقه كونه سببا للفعل القلبي، لأن السؤال مثلا سبب من أسباب العلم، فأجري السبب مجرى المسبب، ولم يذكر ابن عصفور من هذه الأفعال إلا فعلين، قال في المقرب:

«ولم يعلق من غير أفعال القلوب إلا السؤال والرؤية من كلامهم: سل أبو من زيد، وأما ترى أي برق ها هنا (2) لكنه في شرح الجمل قال: إن تعليق رأى البصرية هو قول المازني، وأنه استدل بقولهم: أما ترى أي برق ها هنا، قال: ولا حجة فيه لاحتمال أن يكون «ترى» بمعنى «تعلم» (3) انتهى.

وكون ترى في هذا المثال بمعنى «تعلم» فيه بعد، والظاهر بل الراجح أنها البصرية وإذا ثبت أن «سأل» تعلق فلا يبعد أن تعلق «استنبأ» لأنه بمعناه، وأما نظر وأبصر فلا شك أنهما بمعنى رأى، وقد قيل إن رأى يعلق، فليكن نظر وأبصر كذلك (4) وقد قال الشيخ نقلا عن شيخه ابن الزبير: إن أحدا لم يذهب إلى تعليق انظر سوى ابن خروف، قال: وقد ذكر سيبويه تعليق انظر وحمل الناس ذلك على النظر بمعنى التفكر (5) انتهى.

قلت: وهذا عدول عن ظاهر كلام سيبويه من غير دليل (6)، ومن أقوى -

(1) التذييل: (2/ 1022).

(2)

المقرب لابن عصفور (1/ 120).

(3)

شرح الجمل لابن عصفور (1/ 320) ط العراق، وشرح الجمل (1/ 200) رسالة بجامعة القاهرة.

(4)

ينظر: الهمع (1/ 155).

(5)

التذييل (2/ 1021)، وينظر أبو حيان النحوي (ص 353).

(6)

ينظر: الكتاب (1/ 236).

ص: 1518

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ما يستدل به على تعليق النظر الذي بمعنى البصر، قوله تعالى: أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (1) لأنه عدي بإلى، ولا يعدى إلا ما كان بمعنى الإبصار (2)، وقصد الشيخ تخريج ما استدل به المصنف على التعليق، فقال في

قوله تعالى:

فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (3) يحتمل أن يكون «أيكم» موصولة لا استفهامية ويكون مفعولا، والباء زائدة، وصدر الجملة محذوف، التقدير:

فستبصر وتبصرون الذي هو المفتون منكم (4) انتهى.

ولا يخفى بعد هذا التخريج (5) ثم قال: وقد جاء تعليق «تبصر» بمعنى انظر وتأمل قال الشاعر:

1151 -

تبصّر خليليّ هل ترى من ظعائن

سوالك نقبا بين حزمي شعبعب (6)

[2/ 199] قال: والأظهر أنها هنا من الإبصار بالعين (7)، وقال: في قوله -

(1) سورة الغاشية: 17.

(2)

في المفردات في غريب القرآن (ص 497) كتاب النون، يقول الراغب الأصفهاني: «ويقال:

نظرت إلى كذا إذا مددت طرفك إليه، رأيته أو لم تره، ونظرت فيه إذا رأيته وتدبرته قال: أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ. اه.

وفي اللسان (نظر) وتقول: نظرت إلى كذا وكذا من نظر العين ونظر القلب. اه.

(3)

سورة القلم: 5، 6.

(4)

التذييل (2/ 1021).

(5)

هذا الرأي الذي خرج به أبو حيان الآية وهو كون الباء في قوله: (بأيكم) زائدة (وأيكم) موصولة لا استفهامية، هو أحد الوجوه التي ذكرها النحاة والمفسرون فيها وقد ضعف هذا الوجه، يقول الشيخ سليمان الجمل في حاشيته على الجلالين (4/ 423): قوله: بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ فيه أربعة أوجه:

أحدها: أن الباء مزيدة في المبتدأ والتقدير: أيكم المفتون، فزيدت الباء كزيادتها في نحو: بحسبك زيد، وإلى هذا ذهب قتادة وأبو عبيدة، إلا أنه ضعيف من حيث أن الباء لا تزاد في المبتدأ إلا في بحسبك فقط.

الثاني: أن الباء بمعنى في ظرفية.

والثالث: أنه على حذف مضاف أي بأيكم فتن المفتون وإليه ذهب الأخفش وتكون الباء سببية.

والرابع: أن المفتون مصدر جاء على مفعول كالمعقول. اه.

وينظر: معاني الفراء (3/ 173)، وو إملاء ما من به الرحمن (2/ 266).

(6)

البيت من الطويل وهو في التذييل (2/ 1021)، والعيني (4/ 368)، والأشموني (3/ 274)، وديوانه (ص 43).

اللغة: ظغائن: النساء في الهوادج. النقب: الطريق في الجبل. الحزم: ما غلظ من الأرض. شعبعب: اسم ماء.

والشاهد قوله: (تبصر خليلي هل ترى) حيث علق (تبصر) التي بمعنى انظر وتأمل بأداة الاستفهام «هل» .

(7)

التذييل (2/ 1021 - 1022).

ص: 1519

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تعالى: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (1) فجوز «أيكم» أن تكون موصولة حذف صدر صلتها فبنيت وهي بدل ضمير المخاطب بدل بعض من كل، والعائد محذوف والتقدير: ليبلوكم الذي هو أحسن عملا منك (2) انتهى.

وانظر إلى ما آل إليه هذا التخريج، وما يلزمه من البعد عن الفصاحة، واعلم أن دعوى التعليق في قوله تعالى: لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا مشكلة فإن الفعل قد عمل في ضمير المخاطبين فكيف يكون معلقا مع كونه معملا، ولا يقال عدم تسلطه على الجملة التي هي أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا دليل تعليقه (3) عنها، لأن الجملة الواقعة في موضع المفعول الثاني، ولو لم يكن فيها ما يوجب التعليق لا تسلط للعامل عليها نحو أن تقول: علمت زيدا أبوه قائم، فشأن الجملة الواقعة بعد أن يأخذ العامل معمولا ذلك، فلا فرق بين المشتملة على ما يوجب التعليق، وبين ما لم تكن مشتملة على ذلك.

المبحث الثالث:

قد عرفت أن يونس قد علق لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ، وأن مذهب سيبويه والخليل عدم القول بالتعليق وهو الحق (4). قال ابن أبي الربيع: قد علم أن مذهب البصريين أنه لا يعلق إلا ما هو من الأفعال القلبية، وإلا ما هو من سببها، وزاد الكوفيون فقالوا: وإلا ما كان مسببا عنها، وذكر الآية الشريفة ثم قال: وهذا الذي قالوه يلزم عنه أن «أضرب» أزيد في الدار أم عمرو، على تقدير أعلم أزيد في الدار أم عمرو فاضربه، وهذا مما لا يثبت بدليل لا يحتمل تأويلا انتهى. ثم إن الشيخ ناقش المصنف في قوله في الشرح: وعلق «نسي» لأنه ضد علم، فقال: ليس ضد العلم النسيان ولكن ضده الجهل، وضد النسيان الذكر بالقلب (5) انتهى.

والذي يظهر أن المصنف عبر عن المتلازمين بالآخر، إذ لا يخفى التلازم بين -

(1) سورة الملك: 2.

(2)

التذييل (2/ 1023 - 1024).

(3)

ينظر معاني القرآن للفراء (3/ 169).

(4)

ينظر الكتاب (2/ 398).

(5)

التذييل (2/ 1024).

ص: 1520