المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الحروف العاملة عمل ليس: ما الحجازية وشروط عملها] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٣

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثالث عشر باب الأفعال الرّافعة الاسم النّاصبة الخبر

- ‌[سردها وشروط عملها]

- ‌[المبتدآت والأخبار التي لا تدخل عليها]

- ‌[عملها في الجملة الاسمية]

- ‌[ما تختص به دام وأفعال الاستمرار الماضية]

- ‌[علة تسميتها أفعالا ناقصة]

- ‌[معاني هذه الأفعال وهي تامة]

- ‌[امتناع بعض الأفعال من مجيء الخبر ماضيا]

- ‌[حكم قول «أين لم يزل زيد» وأشباهه]

- ‌[ورود بعض هذه الأفعال بمعنى صار]

- ‌[أحوال الخبر في جملة هذه الأفعال من التوسط أو التقديم]

- ‌[حكم الخبر إذا كان جملة في هذا الباب]

- ‌[معمول الخبر المرفوع أو المنصوب في هذا الباب]

- ‌[تعريف الاسم والخبر وجواز تقدم الخبر]

- ‌[اقتران خبر هذه الأفعال بإلا وأحكام ذلك]

- ‌[اختصاصات ليس وكان في هذا الباب]

- ‌[اختصاصات كان في هذا الباب]

- ‌[أحكام خاصة بكان]

- ‌[حكم معمول الخبر في هذا الباب]

- ‌[الحروف العاملة عمل ليس: ما الحجازية وشروط عملها]

- ‌[حكم المعطوف على خبر ما]

- ‌[بقية الحروف العاملة عمل ليس]

- ‌[إهمال ليس في لغة تميم]

- ‌[حكم النفي بليس وما]

- ‌[زيادة الباء في الخبر المنفي]

- ‌[العطف على توهم زيادة الباء]

- ‌[العطف على خبر ليس الرافع السببي أو الأجنبي]

- ‌الباب الرابع عشر باب أفعال المقاربة

- ‌[سردها وعملها ومعانيها]

- ‌[حديث طويل عن خبر هذه الأفعال]

- ‌[حديث في عسى - نفي كاد - مضارع كاد]

- ‌الباب الخامس عشر باب الأحرف النّاصبة الاسم الرّافعة الخبر

- ‌[سردها - معانيها - عملها]

- ‌[حديث عن خبر هذه النواسخ من تقديمه أو حذفه]

- ‌[مواضع كسر همزة إن ومواضع فتحها ومواضع جواز الوجهين]

- ‌[بقية مواضع فتح همزة إن]

- ‌[مواضع دخول لام الابتداء ومواضع امتناع ذلك]

- ‌[تخفيف إن ولكن - اقتران هذه النواسخ بما الزائدة]

- ‌[تخفيف أن وكأن وأحكام ذلك - اللغات في لعل والجر بها]

- ‌[حكم المعطوف على اسم إنّ ولكنّ وبقية نواسخ هذا الباب]

- ‌الباب السادس عشر باب لا العاملة عمل إنّ

- ‌[بناء الاسم المفرد على الفتح ونصب المضاف]

- ‌[دخول لا على المعرفة - العطف على اسمها - وصف الاسم]

- ‌[اقتران لا بهمزة الاستفهام وأحكام ذلك]

- ‌الباب السابع عشر باب الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر الداخل عليهما كان والممتنع دخولها عليهما لاشتمال المبتدأ على استفهام

- ‌[ظن وأخواتها وحكم المفعولين معها]

- ‌[سرد هذه الأفعال ومعانيها في هذا الباب وغيره]

- ‌[الإلغاء وأحكامه في أفعال هذا الباب]

- ‌[التعليق وأحكامه في الأفعال القلبية في هذا الباب]

- ‌[التعليق في بعض الأفعال غير القلبية]

- ‌[مسألة علمت زيدا أبو من هو]

- ‌[حكم الجملة بعد التعليق وأدواته]

- ‌[اتحاد الفاعل والمفعول في الأفعال القلبية]

- ‌[الحكاية بالقول ونصب المفعولين في لغة سليم]

- ‌[لا يلحق بالقول في الحكاية ما في معناه]

- ‌[الأفعال التي تنصب ثلاثة مفاعيل]

الفصل: ‌[الحروف العاملة عمل ليس: ما الحجازية وشروط عملها]

[الحروف العاملة عمل ليس: ما الحجازية وشروط عملها]

قال ابن مالك: (فصل: ألحق الحجازيّون بليس ما النّافية بشرط تأخّر الخبر وبقاء نفيه وفقد إن وعدم تقدّم غير ظرف أو شبهه من معمول الخبر. وإن المشار إليها زائدة كافّة نافية خلافا للكوفيّين، وقد تزاد قبل صلة ما الاسمية والحرفية وبعد ألا الاستفتاحية وقبل مدّة الإنكار.

وليس النّصب بعد ما لسقوط باء الجرّ خلافا للكوفيّين، ولا يغني عن اسمها بدل موجب خلافا للأخفش وقد تعمل متوسّطا خبرها وموجبا بإلّا وفاقا لسيبويه في الأوّل وليونس في الثّاني).

ــ

آكلا كان طعامك زيد، خطأ من كل قول (1).

قال ناظر الجيش: قد ذكر النحاة ها هنا ما ملخصه: أن أصل العمل للأفعال (2)، لأن كل فعل لا بد له من مرفوع إلا ما قام مقام الحرف نحو قلّما (3)، أو ما كان زائدا غير كان على القول الأصح (4) أو ما تركب مع غيره على قول [2/ 52] نحو -

- معموله عليه.

(1)

هذه هي المسألة الثالثة والعشرون وإنما كانت خطأ على قول البصريين لإيلاء كان معمول الخبر.

وللفصل بين العامل ومعموله بأجنبي عن المعمول وهو كان.

وأما على قول الكوفيين فلتقدم الخبر دون معموله.

وقد غاب عن ابن شقير وأبي حيان وناظر الجيش المسألة الرابعة والعشرون من التقسيم العقلي الذي يحتمله اجتماع كان واسمها وخبرها

ومعمول الخبر وهي: آكلا زيد طعامك كان. وهي جائزة من كل قول ولا مانع فيها.

وهذا آخر الجزء الأول من نسخة دار الكتب المصرية والتي تحت رقم: 5012 هـ نحو، وكان عنوان المخطوط فيها: كتاب تمهيد القواعد على تسهيل الفوائد للإمام العالم ناظر الجيوش المنصورة.

(2)

قال صاحب الإنصاف الإمام كمال الدين أبو البركات (1/ 78) المسألة رقم 11 وهي مسألة عامل النصب في المفعول: «قال البصريون: الناصب للمفعول هو الفعل دون الفاعل وذلك لأنّا أجمعنا أن الفعل له تأثير في العمل، وأما الفاعل فلا تأثير له في العمل لأنه اسم والأصل في الأسماء ألا تعمل» .

وانظر ذلك أيضا في الهمع للسيوطي (1/ 123).

(3)

قال ابن يعيش في شرحه على المفصل (8/ 131): «وقلّ فعل كان حقّه أن يليه الاسم لأنه فعل فلما دخلت عليه ما كفته عن اقتضائه الفاعل وألحقته بالحروف وهيأته للدخول على الفعل كما تهيّئ ربّ (ربما) للدخول على الفعل» .

(4)

سبق من هذا التحقيق. -

ص: 1189

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

حبّذا (1)، وما عمل من الأسماء إنما يعمل لشبهه بالفعل (2).

وأما الحروف فالمستحق منها للعمل ما كان مختصا بشرط ألا يكون كالجزء مما باشره، فما اختص بالأسماء استحق العمل فيها، وما اختص بالأفعال استحق العمل فيها أيضا (3). وخرج بقولهم: ألا يكون كالجزء: اللام وقد والسين وسوف فاللام مختصة بالاسم والثلاث مختصة بالفعل ولا يعمل شيء منها كأنها صارت كالجزء مما باشرته. وأما ما لا يختص كهل والهمزة فلا عمل له.

قالوا: وما النافية من الحروف التي لا تختص فلا تستحق عملا ولذا أهملها التميميون، وأما الحجازيون فإنما أعملوها لشبهها بليس في إفادة النفي ومباشرة المبتدأ والخبر وتخليص الفعل المحتمل للحال وهو كلام حسن (4) غير أنه لا يفيد في هذا الموضع ما قصدوه وذلك أنا نقول:

على تقدير أن تكون ما مختصة بالأسماء إنما تستحق العمل في المفرد كسائر الحروف المختصة بها وما إنما عملت في جزأي الجملة، وقد تقدم لنا في أول الباب المفروغ منه: «أن شأن العوامل أن تحدث العمل في المفردات وأنه ليس -

- وقد ذكر هناك أن كان تزاد بلفظ الماضي وسطا بين مسند ومسند إليه وبين الموصوف والصفة وبين الجار والمجرور وبين المتعاطفين

ولا خلاف في زيادتها بعد ما التعجبية كما أجاز بعضهم زيادتها آخرا.

وجاء زيادتها بلفظ المضارع شذوذا.

وقوله على الأصح إشارة إلى بعضهم وهو السيرافي أجاز أن تكون كان الزائدة مسندة إلى ضمير مصدر منوي، قال أبو حيان: ووافقه الصيمري وغيره (سبق من التحقيق).

(1)

والقول الآخر وهو الصحيح: أن حب فعل ماض وذا فاعله. انظر حاشية الصبان على الأشموني (3/ 40).

(2)

وهي اسم الفاعل والمفعول والصفة المشبهة وأفعل التفضيل فهذه كلها تعمل بالحمل على الفعل تعديا ولزوما وغير ذلك.

(3)

فمن النوع الأول وهو المختص بالأسماء: حروف الجر، ومن النوع الثاني، وهو المختص بالأفعال:

حروف النصب والجزم.

(4)

قال السيوطي ناقلا عن ابن جني: «اللغات على اختلافها كلّها حجة ألا ترى أن لغة الحجاز في إعمال ما ولغة تميم في تركه، كل منهما يقبلها القياس فليس لك أن ترد إحدى اللغتين بصاحبتها لأنها ليست أحقّ بذلك من الأخرى لكن غاية ما لك في ذلك أن تتخيّر إحداهما فتقويها على أختها وتعتقد أن أقوى القياسين أقبل لها وأشد أنسا بها فأما رد إحداهما بالأخرى فلا، ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه وسلم «نزل القرآن بسبع لغات كلها شاف كاف» (الاقتراح (ص 77) طبعة دار المعارف بسوريا).

ص: 1190

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

للعوامل تأثير في الجملة لأنها ليست محلّا لتأثير العوامل فيها» (1). فالحق الذي قرروه غير محتاج إليه في إثبات عمل ما وأن يقال ابتداء: إن ما إنما عملت حملا على ليس للشبه الذي بينهما، وليس إنما عملت لما عملت له كان وأخواتها وقد تقدم ذلك (2).

ولا شك أن حمل الشيء على الشيء ليس بواجب فمن ثم لم يحمل بنو تميم فأهملوا وحمل الحجازيون فأعملوا.

قال المصنف (3): «للعرب في ما النافية الداخلة على المبتدأ والخبر مذهبان:

أحدهما: مذهب أهل الحجاز وهو إلحاقها في العمل بليس وعلى مذهبهم نزل قوله تعالى: ما هذا بَشَراً (4)، وقوله تعالى: ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ (5).

والثاني: مذهب غير أهل الحجاز وهو إهمالها، وهو مقتضى القياس لأنها غير مختصة فلا تستحق عملا كما لا تستحقه هل وغيرها من الحروف التي ليست مختصة (6). -

(1) سبق في هذا التحقيق، قال الشارح: «للأئمة سؤال ها هنا وهو أن يقال: إن شأن العوامل أن تحدث العمل في المفردات السالم أواخرها من الحركات نحو زيد وعمرو وما أشبههما وليس للعوامل تأثير في الجمل فكيف نسخت هذه الأفعال حكم الابتداء أو المبتدأ فأزالت عملهما

والجملة ليست محلّا لتأثير العوامل».

قال: «ويجيبون عن ذلك بأن كان وأخواتها لها شبه بالفعل المتعدي إلى واحد كضرب» .

(2)

سبق في هذا التحقيق، قال الشارح:«قالوا: صار كل من هذه الأفعال من حيث إنه يستدعي صفة وصاحبها يشبه الفعل التام المتعدي إلى واحد لاستدعائه شيئين كضرب» .

«والفعل المتعدي لواحد يرفع الفاعل وينصب المفعول فكانت هذه الأفعال الناقصة كذلك ترفع المبتدأ تشبيها بالفاعل وتنصب الخبر تشبيها بالمفعول» .

(3)

شرح التسهيل (1/ 369).

(4)

سورة يوسف: 31.

(5)

سورة المجادلة: 2.

(6)

قال سيبويه (الكتاب 1/ 57) بتحقيق هارون:

«هذا باب ما أجري مجرى ليس في بعض المواضع بلغة أهل الحجاز ثم يصير إلى أصله وذلك الحرف ما، تقول: ما عبد الله أخاك وما زيد منطلقا. وأما بنو تميم فيجرونها مجرى أما وهل أي لا يعملونها في شيء وهو القياس لأنه ليس بفعل وليس ما كليس ولا يكون فيها إضمار» .

«وأما أهل الحجاز فيشبهونها بليس إذ كان معناها كمعناها كما شبّهوا بها لات في بعض المواضع وذلك مع الحين خاصة

قال: ومثل ذلك قوله عز وجل: ما هذا بَشَراً في لغة أهل الحجاز، وبنو تميم يرفعونها إلا من درى كيف هي في المصحف. ثم ذكر شروط عملها فقال:

فإذا قلت: ما منطلق عبد الله أو ما مسيء من أعتب رفعت ولا يجوز أن يكون مقدما مثله مؤخرا

-

ص: 1191

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وذكر الفراء أن أهل نجد يجرون بعدها الخبر بالباء كثيرا ويدعون الباء فيرفعونه فجعل بعض النحويين هذا مذهبا ثالثا في ما (1).

وضعف هذا الرأي بيّن؛ لأن دخول الباء على الخبر بعد ما في لغة بني تميم معروف لكنه أقل منه في لغة أهل نجد فمذهبهما واحد.

ولما كان عمل ما استحسانيّا لا قياسيّا اشترط فيه تأخر الخبر وتأخر معموله وبقاء النفي وخلو ما من مقارنة إن، لأن كل واحد من هذه الأربعة حال أصلي فالبقاء عليها تقوية والتخلي عنها أو عن بعضها توهين».

وأحق الأربعة بلزوم الوهن عند عدمه الخلو من مقارنة إن؛ لأن مقارنة إن لما يزيل شبهها بليس لأن ليس لا يليها

إن [2/ 53] فإذا وليت ما تباينا في الاستعمال وبطل الإعمال دون خلاف. ولا تلزم هذه المباينة بنقض النفي ولا بتوسط الخبر لأن ليس -

- قال: وتقول ما زيد إلا منطلق تستوي فيه اللغتان ومثله قوله عز وجل: ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا لم تقو ما حيث نقضت معنى ليس كما لم تقو حين قدمت الخبر». (الكتاب: 1/ 59).

وقال المبرد (المقتضب: 4/ 188) هذا باب ما جرى في بعض اللّغات مجرى الفعل لوقوعه في معناه وهو حرف جاء لمعنى ويجري في غير تلك اللغة مجرى الحروف غير العوامل وهو ما. وقال: إنها تعمل عمل ليس عند أهل الحجاز لأنها تشبهها في النفي، وأما بنو تميم فيرفعون الاسم والخبر بعدها ويدعونها حرفا بمنزلة إنما إذا قلت إنما زيد منطلق.

ثم ذكر شروط عملها عند أهل الحجاز من وجوب تأخير الخبر لأنها حرف عامل مثل إن فهي ضعيفة «بخلاف ليس، وإن من شروطها أيضا:

عدم نقض نفي الخبر في نحو ما زيد إلّا منطلق (المقتضب: 4/ 190).

(1)

انظر فيما ذكره الفراء كتابه: معاني القرآن (2/ 42)، (3/ 139)، قال عند شرح قوله تعالى ما هذا بَشَراً [يوسف: 31] قوله: ما هذا بَشَراً نصبت بشرا لأن الباء قد استعملت فيه فلا يكاد أهل الحجاز ينطقون إلا بالباء فلما حذفوها أحبوا أن يكون لها أثر فيما خرجت منه فنصبوا على ذلك ألا ترى أن كل ما في القرآن أتى بالباء إلا هذا وقوله تعالى: ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ [المجادلة: 2].

وأما أهل نجد فيتكلمون بالباء وغير الباء فإذا أسقطوها رفعوا، وهو أقوى الوجهين في العربية أنشدني بعضهم (من الطويل):

لشتّان ما أنوي وينوي بنو أبي

جميعا فما هذان مستويان

فإن قدمت الفعل (الخبر) قبل الاسم رفعت الفعل واسمه، فقلت: ما سامع هذا وما قائم أخوك وذلك أن الباء لم تستعمل ها هنا ولم تدخل. ألا ترى أنه قبيح أن تقول: ما بقائم أخوك (معاني القرآن للفراء:

2/ 43) وقال مثل ذلك عند تفسير قوله تعالى: ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ (المرجع السابق: 3/ 139).

ص: 1192

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قد ينتقض نفيها ويتوسط خبرها ولذلك لم ينعقد الإجماع على إبطال العمل بنقض نفي ما ولا بتوسط الخبر كما سيأتي ذلك مبينا إن شاء الله تعالى.

ومثال إبطال العمل لنقض النفي: قوله تعالى: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ (1).

ومثال إبطاله لتوسط الخبر: قول الشاعر:

786 -

وما خذّل قومي فأخضع للعدى

ولكن إذا أدعوهمو فهمو همو (2)

ومثال إبطاله لتوسط معمول الخبر: قول الشاعر:

787 -

وقالوا تعرّفها المنازل من منى

وما كلّ من وافى منى أنا عارف (3)

-

(1) سورة آل عمران: 144.

(2)

البيت من بحر الطويل مجهول القائل وهو في الشجاعة والفخر بالقوم.

اللغة: خذّل: جمع خاذل وهو من يتأخر عن نصرتك حين تطلبه. فهم هم: أي هم الكاملون في الشجاعة والشهامة.

المعنى: يقول: ليس قومي بالضعفاء حتى أخضع للأعداء وأذل لهم ولكنهم شجعان مجيبون عند النداء والنجدة.

الشاهد فيه قوله: «ما خذّل قومي» ؛ حيث أهملت ما ولم تعمل ليس وذلك لتقدم الخبر على الاسم.

وهذا رأي الجمهور.

والبيت في شرح التسهيل (1/ 370)، وفي التذييل والتكميل (4/ 256)، وفي معجم الشواهد (ص 340).

(3)

البيت من بحر الطويل وهو مطلع قصيدة لمزاحم العقيلي كما في كتاب سيبويه (1/ 72).

المعنى: يصف الشاعر أنه اجتمع بمحبوته في الحج ثم فقدها فجعل يسأل عنها فقيل له: تفقدها لدى النازلين بمنى فقال: إنه لا يعرف كل من وافي منى حتى يسأل عنها وذلك لأنه لا يسأل إلا من يعرفها ويعرفه وبعده:

فوجدي بها وجد المضلّ بعيره

بمكّة لم تعطف عليه العواطف

الشاهد فيه قوله: «وما كل من وافى منى أنا عارف» ، حيث أهملت ما النافية العاملة عمل ليس لأن معمول الخبر وهو قوله كل قد تقدم على الاسم وليس ظرفا ولا جارّا ومجرورا وإنما هو مفعول به منصوب.

وروي البيت يرفع كل فتكون اسما لما وجملة أنا عارف في محل نصب خبرها.

قال سيبويه بعد أن حكى رواية الرفع: «لزم اللّغة الحجازيّة فرفع كأنّه قال: ليس عبد الله أنا عارف فأضمر الهاء في عارف» (الكتاب: 1/ 72). كما يجوز في رواية الرفع أن تكون ما تميمية مهملة.

والبيت في شرح التسهيل (1/ 370) وفي التذييل والتكميل (4/ 259) وفي معجم الشواهد (ص 237).

ص: 1193

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

على رواية من روى «كل من» بالنصب وأما على رواية الرفع فكل اسم ما وأنا عارف خبرها وكان ينبغي أن يقول: أنا عارفه لكنه حذف الضمير ونواه كما فعل من قال:

788 -

[قد أصبحت أمّ الخيار تدّعي

عليّ ذنبا] كلّه لم أصنع (1)

فلو كان معمول الخبر ظرفا أو جارّا ومجرورا لم يبطل عمل ما كقولك: ما عندك زيد مقيما. وكقول الشاعر:

789 -

بأهبة حرب كن وإن كنت آمنا

فما كلّ حين من توالي مواليا (2)

ومثال إبطال العمل لاقتران ما بإن: قول الشاعر:

790 -

بني غدانة ما إن أنتمو ذهب

ولا صريف ولكن أنتمو خزف (3)

-

(1) البيتان من الرجز المشطور سبق الحديث عنهما وذكر الشاهد فيهما في باب المبتدأ.

وشاهده هنا قريب من هناك وهو قوله: كلّه لم أصنع حيث حذف الضمير الرابط العائد على المبتدأ من جملة الخبر وهو جائز لأن المبتدأ لفظ كل.

(2)

البيت من بحر الطويل قائله مجهول وهو في النصح والإرشاد.

يقول: كن دائما مستعدّا وعلى يقظة من أمرك معك أسلحة الحرب والدفاع وإن كنت في أمان وسلام لأن الصديق قد ينقلب عدوّا في لحظة.

والشاهد في البيت قوله: «فما كلّ حين

إلخ» حيث أعمل ما عمل ليس مع تقدم معمول الخبر على الاسم وذلك لأن المعمول ظرف. والبيت روي في مراجعه هكذا: بأهبة حرب لذ

إلخ.

وهو في شرح التسهيل (1/ 370) وفي التذييل والتكميل (2/ 259) وفي معجم الشواهد (ص 426).

(3)

البيت من بحر البسيط وهو في الهجاء لشاعر مجهول.

اللغة: الصّريف: الفضة. الخزف: ما أخذ من الطين وشوي بالنار «الفخار» .

والبيت روي في لسان العرب. مادة صرف (4/ 2435) بثلاث روايات:

بني غدانة حقّا لستم ذهبا: ولا شاهد فيه.

بني غدانة ما إن أنتم ذهب: وهي موضع الشاهد حيث اقترنت ما بإن الزائدة فبطل عملها.

بني غدانة ما إن أنتم ذهبا: على أنّ إن نافية مؤكدة لما العاملة عمل ليس وهو مذهب كوفي. سبق من التحقيق.

وقوله: ولا صريف معطوف على ما قبله على الأحوال الثلاثة.

والبيت في شرح التسهيل: (1/ 370) وفي التذييل والتكميل (4/ 257، 258)، وفي معجم الشواهد (ص 238).

ص: 1194

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومثله قول الآخر:

791 -

فما إن طبّنا جبن ولكن

منايانا ودولة آخرينا (1)

فإن هذه زائدة كافة لما كما أن ما كافة لإن وأخواتها في نحو: إِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ واحِدٌ (2). وزعم الكوفيون أن إن

المقرونة بما هي النافية جيء بها بعدها توكيدا (3).

والذي زعموه مردود بوجهين:

أحدهما: أنها لو كانت نافية مؤكدة لم تغير العمل كما لا يتغير بتكرير ما إذا قيل: ما ما زيد قائما كما قال الراجز:

792 -

لا ينسك الأسى تأسّيا فما

ما من حمام أحد معتصما (4)

-

(1) البيت من بحر الوافر من مقطوعة عدتها خمسة أبيات لذي الأصبع العدواني (ديوان ص 83) وأولها قوله:

إذا ما الدّهر جرّ على أناس

كلاكله أناخ بآخرينا

فقل للشّامتين بنا أفيقوا

سيلقى الشّامتون كما لقينا

وقد نسبته مراجعه إلى شاعر يدعى فروة بن مسيك (معجم الشواهد ص 386).

والطب معناه: العادة والشهوة. والشاعر يدافع عن نفسه وعن قومه فيقول: ليس سبب هزيمتنا الجبن والضعف ولكن سببها أن المنايا حتم على الناس وأن الدهر دول.

والشاهد في البيت: إهمال ما لاقترانها بإن الزائدة.

والبيت في معجم الشواهد (ص 386) وفي شرح التسهيل (1/ 371) وفي التذييل والتكميل (4/ 257).

(2)

سورة النساء: 171. قال سيبويه (2/ 220): «وإن للجزاء وتكون لغوا في قولك: ما إن يفعل، وما إن طبّنا جبن.

وأما إن مع ما في لغة أهل الحجاز فهي بمنزلة ما في قولك: إنّما الثّقيلة تجعلها من حروف الابتداء وتمنعها أن تكون من حروف ليس وبمنزلتها».

(3)

قال الرضيّ في شرحه على الكافية (1/ 267): وإن العازلة عند الكوفيين نافية لا زائدة ولعلهم يقولون: هي نافية زيدت لتأكيد نفي ما وإلا فإن النفي إذا دخل على النفي أفاد الإيجاب ورد عليهم بأنه لا يجوز الجمع بين حرفين متفقي المعنى إلا مفصولا بينهما كما في إن زيدا لقائم.

(4)

البيتان من الرجز المشطور في الوعظ لقائل مجهول.

ومعناهما: لا ينسك الحزن الذي يصيبك على من فقدته أن تتأسى بمن سبقك ممن فقد أحبابه، فليس أحد ممنوعا من الموت. -

ص: 1195

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فكرر ما النافية توكيدا وأبقى عملها.

الثاني: أن العرب قد استعملت إن زائدة بعد ما التي بمعنى الذي وبعد ما المصدرية التوقيتية لشبههما في اللفظ بما

النافية، فلو لم تكن زائدة المقترنة بما النافية لم يكن لزيادتها بعد الموصولتين مسوغ. ومثال زيادتها بعد الموصولتين قول الشاعر:

793 -

يرجّي المرء ما إن لا يراه

وتعرض دون أدناه الخطوب (1)

أراد يرجي المرء الذي لا يراه. ومثله قول الآخر:

794 -

ورجّ الفتى للخير ما إن رأيته

على السّنّ خيرا لا يزال يزيد (2)

فما في هذا البيت مصدرية توقيتية، فزادوا إن بعدها لشبهها في اللفظ بما النافية فتعين الحكم بالزيادة على التي بعد النافية». انتهى كلام المصنف (3). -

- والشاهد فيه: تكرير ما النافية ومع ذلك عملت عمل ليس، وهذا يدل على أن التكرير لا يلغي العمل وهو مذهب ابن مالك مستدلا على أن إن إذا جاءت بعد ما ليست نافية وإنما هي زائدة مبطلة لعمل ما ولو كانت نافية لبقي عملها.

والبيت في شرح التسهيل (1/ 371) وفي التذييل والتكميل (4/ 261) وفي معجم الشواهد (ص 533).

(1)

البيت من بحر الوافر قاله جابر بن رألان شاعر جاهلي من طيئ، وقيل: الشاهد لإياس بن الأرت من طيئ أيضا.

المعنى: يقول: إن الإنسان تمتد أطباعه إلى الأمور المغيبة التي لا يراها ويعترض دون أقربها حصولا لديه المصائب الشديدة التي تقطع رجاؤه فما الظن بأبعد الأشياء.

والشاهد فيه: زيادة إن بعد ما الموصولة وهو جائز.

والبيت في شرح التسهيل (1/ 371) وفي التذييل والتكميل (2/ 262) وفي معجم الشواهد (ص 48).

(2)

البيت من بحر الطويل قائله كما في مراجعه المعلوط القريعي.

اللغة: رجّ: أمر من الترجية وهي الرجاء. الفتى: الشاب. السّن: العمر.

المعنى: يقول: إذا رأيت إنسانا كلما زاد عمره زاد خيره فأمل عنده الفضل ورجه للخير.

والشاهد فيه قوله: «ما إن رأيته» ؛ حيث زيدت إن جوازا بين ما المصدرية الظرفية وبين صلتها والتقدير:

ورج الفتى للخير مدة رؤيته

إلخ.

واستشهد به أبو حيان مرة أخرى في قوله: خيرا لا يزال يزيد حيث قدم معمول الخبر وهو خير على يزال المنفية بلا وتقديم المعمول مؤذن بتقدم العامل.

البيت في شرح التسهيل وفي التذييل والتكميل (4/ 175، 262). وفي معجم الشواهد (ص 103).

(3)

انظر شرح التسهيل (1/ 371).

ص: 1196

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومن الوارد على لغة الحجازيين قوله تعالى: فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ (1).

قالوا: ولم يحفظ ذلك في كلامهم إلّا في بيت من الشّعر، قال [2/ 54]:

795 -

وأنا النّذير بحرّة مسودّة

تصل الجيوش إليكمو أقوادها

أبناؤها متكنّفون أباهمو

حنقو الصّدور وما همو أولادها (2)

وقد عرفت أن الشروط التي ذكرها المصنف لعمل ما أربعة (3).

قال الشيخ (4): «ونقص المصنف من الشّروط شرطين:

أحدهما: ألّا تؤكد ما بما فإن أكدت بطل العمل تقول: ما ما زيد ذاهب ولا يجوز ذاهبا على مذهب عامة النحويين.

الثاني: ألا يبدل من الخبر بدل مصحوب بإلا نحو: ما زيد شيء أو بشيء إلّا شيء لا يعبأ به قال: فهنا تستوي اللغتان الحجازية والتميمية ذكر ذلك سيبويه (5). وعلة ذلك: أن البدل موجب بإلا فلا يكون منصوبا فهو إذ ذاك واجب الرفع، وحكم البدل والمبدل منه في الإعراب واحد» انتهى (6).

أما عدم تأكيد ما يمثلها: فقد عرفت أن المصنف لا يرى ذلك (7) وأنه أنشد البيت -

(1) سورة الحاقة: 47.

(2)

البيتان من بحر الكامل من قصيدة في الوصف لعدي بن الرقاع وهي في الطرائف الأدبية (ص 88)(بيروت دار الكتب العلمية) والبيتان ليسا في ديوان عدي وعدي بن الرقاع شاعر إسلامي وقعت بينه وبين جرير مهاجاة وجرير هو الذي حسده على هذا البيت الذي من تلك القصيدة:

تزجي أغنّ كأنّ إبرة روقه

قلم أصاب من الدّواة مدادها

اللغة: الحرّة المسودّة: المراد الكتيبة الكثيرة العدد والآلات. أقوادها: جمع قود وهي الجماعة من الخيل.

أبناؤها متكّنفون أباهم: المراد أن جنود هذه القبيلة يتبعون قائدهم. حنقو الصّدور: مغيظون. والمعنى بعد ذلك واضح.

والشاهد فيه قوله: «وما هم أولادها» ؛ حيث أعمل ما عمل ليس فرفع الاسم ونصب الخبر وهي لغة أهل الحجاز. والشاهد في التذييل والتكميل (4/ 255). وفي معجم الشواهد (ص 198).

(3)

هي باختصار: ألا ينتقض النفي بإلا، وألا تقترن بإن الزائدة، وأن يتأخر الخبر عن الاسم، وأن يتأخر معمول الخبر عنه غير الظرف والجار والمجرور.

(4)

التذييل والتكميل (4/ 260).

(5)

انظر الكتاب (2/ 316).

(6)

التذييل والتكميل (4/ 260).

(7)

أي لا يرى بطلان عمل ما عند تكريرها، وقوله: وأنه أنشد البيت المتقدم: هو قول الراجز: -

ص: 1197

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المتقدم المستدل به على أن تكريرها لا يبطل العمل، ولم يتعرض ابن عصفور ولا ابن أبي الربيع لاشتراط ذلك، ولكن الشيخ نقله والنقول لا تدفع.

وأما عدم الإبدال من الخبر على الوجه الذي ذكره: فلم يتجه لي أن يكون ذلك شرطا: لأن البدل المقترن بإلا لا يكون إلا مرفوعا لكونه موجبا والمرفوع إنما يبدل من مرفوع فإبدال اسم مقترن بإلا بعد ما النافية إنما يتصور من اسم مرفوع وعلى هذا فالإبدال المذكور متوقف على رفع ما أبدل منه وهو خير الاسم الواقع بعد ما فمتى لم يكن مرفوعا لا يبدل منه وإذا كان كذلك كان هذا الإبدال أعني المقترن بإلا متوقفا على رفع المبدل منه الذي هو الخبر فإذا رفعنا أبدلنا وإن نصبنا لا يجوز الإبدال المذكور.

والحاصل: أن النصب مع البدل المقترن بإلا لا يجتمعان لكن النصب لم يمتنع لأجل الإبدال بل الإبدال هو الممتنع لأجل النصب إذ لا يبدل مرفوع من منصوب.

وإذا كان كذلك كان شرط هذا الإبدال ألا يكون الاسم المبدل منه منصوبا لأن شرط نصب الخبر ألا يبدل منه البدل الخاص (1).

وقد عرفت أيضا من كلام المصنف أن إن إذا وليت ما بطل العمل دون خلاف لكن ذكر الشيخ أن الكوفيين يجيزون النصب. قال: وروي:

796 -

بني غدانة ما إن أنتم ذهبا

ولا صريفا ولكن أنتم خزف (2)

-

-

لا ينسك الأسى تأسّيا فما

ما من حمام أحد معتصما

والعجب أن أبا حيان رد على نفسه بنفسه فقد قال في كتابه:

«وحكى أبو علي الفارسيّ عن بعض الكوفيين إجازة النصب، وفي الغرة: كفّوا ما بما. فقالوا: ما ما زيد قائم وأجاز النصب جماعة من الكوفيين، والبصري يأبى ذلك» .

(1)

نقل هذا الرد للشارح على أبي حيان محقق الجزء الثاني من التذييل والتكميل: دكتور/ سيد تقي (كلية اللغة العربية بالمنصورة)(2/ 468).

(2)

البيت من بحر البسيط لشاعر مجهول في الهجاء وقد سبق الاستشهاد به قريبا في هذا التحقيق على أن اقتران ما النافية بإن الزائدة مبطل عملها فيرفع الاسمان على الابتدائية والخبرية (أنتم ذهب) قال أبو حيان: إن الكوفيين يجيزون نصب الخبر بعد اقتران ما بأن وإن البيت روي منصوبا (ما إن أنتم ذهبا). (التذييل والتكميل 4/ 258).

ص: 1198

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بنصب ذهب وصريف: قال: «وخرّج هذا على أن إن نافية وأنّها العاملة وأتي بها لتأكيد النّفي بما» انتهى (1).

والظاهر أن هذا النقل عن بعض الكوفيين وكأنه قول لا يعتد به فلهذا لم يجعله المصنف خارقا لإجماعهم.

ثم إن المصنف ذكر أربع مسائل (2):

الأولى: أنّ إن قد تزاد أيضا في أربعة أماكن: قبل صلة ما الاسمية، وقبل صلة ما الحرفية، وبعد ألا الاستفتاحية، وقبل مدة الإنكار.

أما زيادتها قبل الصلتين المشار إليهما: فقد تقدم الاستشهاد عليه (3).

وأما زيادتها بعد ألا الاستفتاحية: فكقول الشاعر:

797 -

ألا إن سرى ليلي فبتّ كئيبا

أحاذر أن تنأى النّوى بغضوبا (4)

وأما زيادتها قبل مدة الإنكار: فكقول رجل من العرب قيل له: أتخرج إن أخصبت البادية فقال: «أأنا إنيه» منكرا أن يكون رأيه على خلاف ذلك (5)[2/ 55]. -

(1) التذييل والتكميل (4/ 258).

(2)

انظر هذه المسائل الأربعة في شرح التسهيل (1/ 371، 372).

(3)

سبق من هذا التحقيق وقد مثل هناك لزيادة إن قبل صلة ما الاسمية، يقول الشاعر (من الوافر):

يرجّي المرء ما إن لا يراه

وتعرض دون أدناه الخطوب

ومثل لزيادة إن قبل صلة ما الحرفية يقول الآخر (من الطويل):

ورجّ الفتى للخير ما إن رأيته

على السّنّ خيرا لا يزال يزيد

(4)

البيت من بحر الطويل قائله مجهول وهو مطلع قصيدة في الغزل.

اللغة: سرى ليلي: سرى بمعنى سار وإسناده إلى الليل مجاز. الكئيب: السيء الحال. تنأى: تبعد.

النّوى: الوجه الذي ينويه المسافر من قرب أو بعد وهي مؤنثة لا غير. غضوب: بمعجمتين بوزن صبور:

اسم امرأة ولذا لم يصرفه.

ومعنى بيت الشاهد: أن الشاعر يخشى الدهر أن يأخذ منه محبوبته.

والشاهد فيه قوله: «ألا إن سرى ليلى» ؛ حيث زيدت إن بعد ألا الاستفتاحية وهو جائز.

والبيت في شرح التسهيل (1/ 372)، وفي التذييل والتكميل (4/ 262)، وفي معجم الشواهد (ص 28).

(5)

انظر هذه المواضع الأربعة في ذكر زيادة إن: مغني اللبيب (1/ 25)، والتذييل والتكميل -

ص: 1199

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الثانية: أن الكوفيين يزعمون أن ما لا عمل لها وأن نصب ما بعدها ينصب لسقوط الباء (1).

قال المصنف رحمه الله (2): «وما قالوه لا يصحّ لأن الباء قد تدخل بعد هل وبعد ما المكفوفة بإن وإذا سقطت الباء تعين الرفع بإجماعهم فلو كان سقوط الباء ناصبا لنصب في هذين الموضعين، ومثل تعين الرفع في هذين الموضعين عند سقوط الباء تعينه عند سقوطها في نحو: كفى بزيد رجلا وبحسب عمرو درهم وتعينه عند سقوط من في نحو: ما فيها من أحد.

الثالثة: أجاز الأخفش في نحو: ما أحد قائما إلّا زيد بحذف اسم ما والاستغناء عنه ببدله لموجب بإلا (3). -

- (4/ 262).

وقال أبو حيان بعد ذكر هذه المواضع:

«وذكر زيادة إن في هذه المواضع وليس من مسائل ما النّافية وذلك على عادة المصنف» .

(1)

انظر المسألة رقم: 19 من مسائل الخلاف بين البصريين والكوفيين يقول أبو البركات كمال الدين:

«ذهب الكوفيون إلى أن ما في لغة أهل الحجاز لا تعمل في الخبر وهو منصوب بحذف حرف الخفض وذهب البصريون إلى أنها تعمل في الخبر» .

واحتج للكوفيين فقال: «إن القياس في ما ألا تعمل لعدم اختصاصها وشبهها بليس شبه ضعيف فلا تعمل والمنصوب بعدها منصوب بحذف حرف الخفض بدليل أنه لا ينصب إذا قدم أو دخل عليه حرف الاستثناء لامتناع الجارّ حينئذ» .

واحتج للبصريين بأن ما أشبهت ليس في الدخول على المبتدأ والخبر وفي نفي الحال فعملت عملها ورجح ابن الأنباري رأي البصريين ورد على الكوفيين بعمل ما في القرآن الكريم وكلام العرب وأنه ليس الأصل في خبرها النصب على نزع الخافض بدليل أن الخافض قد ينزع ولا ينصب مدخوله كما في: وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً * فيجوز في غير القرآن كفى الله وهو مرفوع. انظر كتاب الإنصاف في مسائل الخلاف (1/ 165).

(2)

انظر شرح التسهيل (1/ 372).

(3)

في شرح الكافية للرضي (1/ 268): «وأجاز الأخفش حذف اسم ما استغناء ببدل موجب نحو ما قائما إلا زيد أي ما أحد قائما إلا زيد وليس بشيء لما ذكرنا أن المستثنى في المفرغ قائم مقام المتعدد المقدر فيكون قد عمل ما على هذا في الاسم مع تأخره عن الخبر وانتقاض النفي وأحدهما مبطل فكيف إذا اجتمعا.

ص: 1200

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال المصنف (1): «لو سمع من العرب لكان جديرا بالرد لأن المراد منه مجهول لاحتمال أن يكون أصله ما أحد قائما إلا زيد وأن يكون أصله ما كان قائما إلا زيد وما كان هكذا فالحكم بمنعه أولى من الحكم بجوازه لأن شرط جواز الحذف أن يكون المحذوف متعينا لا محتملا ولذلك لا يجوز لمن قال:

798 -

تمرّون الدّيار [ولم تعوجوا

كلامكمو عليّ إذن حرام] (2)

أن يقول: رغبت زيدا لأن المراد مجهول لاحتمال أن يكون أراد: رغبت في زيد وأن يكون أراد رغبت عن زيد». انتهى.

وقد قال بعضهم في نحو: ما قائما إلّا زيد: إن الواقع بعد إلا هو الاسم نفسه وإن الأخفش يجيزها. وفيه بعد، لأنه يلزم منه توسط الخبر وهو غير جائز، وحمل هذا التركيب على ما ساقه المصنف له أولى بل واجب وقد عرفت ما رده به مع أنه غير مسموع كما أشار إليه المصنف.

الرابعة: أن ما قد تعمل مع توسط الخبر ومع نقض النفي.

أما العمل مع توسط الخبر فقال المصنف: «من العرب من ينصب خبرها متوسطا بينها وبين اسمها، أشار إلى ذلك سيبويه (3)، وسوّى بينه وبين قول من قال ملحفة -

(1) أي في شرح التسهيل (1/ 372).

(2)

البيت من بحر الوافر وهو في الغزل من قصيدة لجرير مطلعها (ديوان جرير ص 512 طبعة بيروت):

متى كان الخيام بذي طلوح

سقيت الغيث أيّتها الخيام

وقيل بيت الشاهد قوله:

أقول لصحبتي وقد ارتحلنا

ودمع العين منهلّ سجام

والعجب أن الشطر الأول في الديوان هكذا: أتمضون الرّسوم ولا تحيّا

إلخ.

اللغة: لم تعوجوا: من العوج وهو عطف رأس البعير بالذمام أي لم تميلوا إلينا.

والشاهد فيه قوله: «تمرون الديار» حيث حذف حرف الجر من الفعل شذوذا، وأصله: تمرون بالديار والذي سوغ حذفه كونه معلوما وروي البيت: مررتم بالديار ولا شاهد فيه على هذه الرواية.

والبيت في التذييل والتكميل (4/ 256) وفي معجم الشواهد (ص 350).

(3)

هذا هو نص كلام سيبويه وهو صريح في رفع الخبر إذا تقدم فضلا عن جواز النصب يقول: «فإذا قلت ما منطلق عبد الله أو ما مسيء من أعتب رفعت ولا يجوز أن يكون حقد ما مثله مؤخرا

إلخ.

ثم نص على رفع الخبر إذا انتقض النفي بإلا فقال: -

ص: 1201

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جديدة بالتاء، وبين قول من قال:(ولات حين مناص)(1) بالرفع فإن المشهور ملحفة جديد بلا تاء وَلاتَ حِينَ مَناصٍ «بالنصب» .

وأنشد سيبويه مستشهدا على نصب الخبر متوسطا قول الفرزدق:

799 -

فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم

إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر (2)

واستشهد أبو علي في التذكرة (3) على نصب خبر ما مقدمة على اسمها بقول الشاعر:

800 -

أما والله عالم كلّ غيب

وربّ الحجر والبيت العتيق

لو انّك يا حسين خلقت حرّا

وما بالحرّ أنت ولا الخليق (4)

-

- فإذا قلت: ليس زيد إلا ذاهبا أدخلت ما يوجب كما أدخلت ما ينفي فلم تقو ما في باب قلب المعنى كما لم تقو في تقديم الخبر وزعموا أن بعضهم قال وهو الفرزدق:

فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم

إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر

وهذا لا يكاد يعرف كما أن لات حين مناص كذلك (بالرفع) ورب شيء هكذا وهو كقول بعضهم:

هذه ملحفة جديدة في القلة (الكتاب: 1/ 60) وقد أشار إليه ناظر الجيش وانظر ما يأتي من الشرح.

(1)

سورة ص: 3. وأولها: كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ.

فنادوا ولات

إلخ وسيأتي ذكر القراءات المختلفة وتخريجها في هذه الآية هذا التحقيق.

(2)

البيت من بحر البسيط من قصيدة طويلة للفرزدق يمدح فيها عمر بن عبد العزيز ويبين فيها فضله وعدله في المسلمين وفي قريش.

والمعنى: أن الله قد أعاد لقريش ما كانوا قيد من الخير حين كان مروان جد عمر واليا وخليفة على المسلمين، وعند ما صار عمر بن عبد العزيز خليفة للمسلمين.

وأصبحوا فيه بمعنى صاروا وهي تحتمل التمام أو النقصان ويكون خبرها: قد أعاد الله نعمتهم وإذ للتعليل مضافة إلى الجملة بعدها في الشطرة الثاني مرتين.

والشاهد في البيت قوله: «وإذ ما مثلهم بشر» . استشهد به سيبويه وبعض النحاة على ما ذهب إليه ابن مالك من جواز نصب خبرها إذا تقدم على اسمها (الكتاب: 1/ 60) والصحيح أن ما لا تعمل إلا بشرط الترتيب بين معموليها وأجيب عن هذا البيت بإجابات كثيرة ستأتي في الشرح قريبا.

والبيت في شرح التسهيل (1/ 373) وفي التذييل والتكميل (4/ 266) وفي معجم الشواهد (ص 162).

(3)

انظر نصه في التذييل والتكميل (2/ 484).

(4)

البيتان من بحر الوافر وهما في التهديد والوعيد لقائل مجهول، وذكر الفراء (معاني القرآن: 2/ 44) البيت الثاني وصدره بقوله: وأنشدتني امرأة من غنى.

اللغة: الحجر: حجر الكعبة وهو اسم الحائط المستدير إلى جانب الكعبة الغربي. البيت العتيق: بيت الله -

ص: 1202

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بناء على أن الباء لا تدخل على الخبر إلا وهو مستحق للنصب.

وسيأتي الكلام على هذه المسألة إن شاء الله تعالى.

ورد على سيبويه الاستدلال لأنه سمع من لغتهم منع نصب الخبر مطلقا ولكنه رفع بشر بالابتداء وحذف الخبر ونصب مثلهم على الحال (1).

أو يكون تكلم الفرزدق بهذا معتقدا جوازه عند الحجازيين فلم يصب (2).

والجواب عن الأول [2/ 56]: أن الحال فضلة فحق الكلام أن يتم بدونها ومعلوم أن الكلام لا يتم بدون مثلهم فلا يكون حالا وإذا انتفت الحالية تعينت الخبرية.

والجواب عن الثاني: أن الفرزدق كان له أضداد من الحجازيين والتميميين ومن مناهم أن يظفروا منه بذلة يشنعون بها عليه مبادرين إلى تخطئته ولو جرى شيء من ذلك لنقل لتوفر الدواعي على التحدي بمثل ذلك إذا

اتفق، ففي عدم نقل ذلك دليل على إجماع أضداده من الحجازيين والتميميين على تصويب قوله، فثبت بهذا صحة استشهاد سيبويه بما أنشده والله أعلم» انتهى كلام المصنف (3).

وفي نسبة جواز نصب الخبر مع توسطه بين ما والاسم إلى سيبويه نظر؛ لأن سيبويه قال: «وإذا قلت: ما منطلق عبد الله وما مسيء من أعتب رفعت ولا يجوز أن يكون مقدما مثله مؤخرا كما أنه لا يجوز أن تقول: إنّ أخوك عبد الله على حدّ -

- الحرام في مكة. الخليق: الجدير، وروي في مكانه الطليق. وجواب لو محذوف والتقدير: لو أنك يا حسين كذا وكذا.

والشاهد فيه قوله: «وما بالحر أنت» حيث يستدل به أبو علي الفارسي على جواز نصب خبر ما إذا كان مقدما ووجه الاستدلال أن الباء لا تزاد على الخبر إلا وهو مستحق للنصب وقد رده ابن مالك.

وسيأتي ذلك بالتفصيل في هذا التحقيق. والبيتان في شرح التسهيل (1/ 373) وفي التذييل والتكميل (4/ 257، 264) وفي معجم الشواهد (ص 252).

(1)

معناه أن الفرزدق تميمي والتميميون لا يعملون «ما» سواء استوفت الشروط أو لم تستوف فالخبر عندهم مرفوع تقدم أو تأخر فكيف ينصب كما في البيت على الخبرية. ورد النصب على الخبرية وإنما هو منصوب على الحال وبشر مبتدأ والخبر محذوف، والتقدير: إذ هم قريش وإذا ما بشر موجود مثلهم.

(2)

تخريج آخر لنصب مثلهم في بيت الفرزدق وهو أن الفرزدق مخطئ حيث اعتقد أن ما تهمل عند الحجازيين مطلقا تأخر الخبر أو تقدم.

(3)

انظر شرح التسهيل (1/ 373).

ص: 1203

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قولك إنّ عبد الله أخوك لأنها ليست بفعل».

فهذا نص صريح منه على أن النصب لا يكون في الخبر مقدما على الاسم.

وأما: وإذ ما مثلهم بشر فإنّ سيبويه لم يورده مستشهدا به بل قال:

«وزعموا أن بعضهم قال وهو الفرزدق:

801 -

فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم

إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر (1)

وهذا لا يكاد يعرف».

وأما بيت الفرزدق ففيه أقوال للنحاة: ذكر ابن عصفور أنها سبعة (2):

قال: «منهم من جعله شاذّا وهو سيبويه» (3).

قلت (4): ويعضد كونه شاذّا تسوية سيبويه بينه وبين قول من قال:

ملحفة جديدة بالتاء وبين قول من قال: «ولات حين مناص» بالرفع (5).

ومنهم من قال (6): البيت للفرزدق فاستعمل لغة غيره فغلط لأنه قاس النصب مع التقديم على النصب مع التأخير وهو باطل لأن العربي إذا جاز له القياس على لغة غيره جاز له القياس في لغته فيؤدي ذلك إلى فساد لغته».

(1) البيت من بحر البسيط. سبق الاستشهاد به قريبا ومعركة النحاة فيه طويلة عند قوله: وإذ ما مثلهم بشر حيث نصب الفرزدق خبرها مقدما على اسمها وانظر توجيهات ابن عصفور لهذا البيت في الشرح، وقال المبرد بعد أن أنشده:

«الرفع الوجه، وقد نصبه بعض النحويين وذهب إلى أنه خبر مقدم وهذا خطأ فاحش وغلط بين ولكن نصبه يجوز على أن تجعله نعتا مقدما وتضمر الخبر فتنصبه على الحال مثل قولك: فيها قائما رجل وذلك أن النعت لا يجوز قبل المنعوت والحال مفعول فيها والمفعول يكون مقدما ومؤخرا» . المقتضب (4/ 192).

(2)

انظر هذه التخريجات السبعة في شرح الجمل لابن عصفور (2/ 56) وما بعدها وهي بنصها كما هنا (تحقيق فواز الشغار).

(3)

الكتاب (1/ 60) وسبق قريبا من التحقيق.

(4)

القائل هو ناظر الجيش لا ابن عصفور.

(5)

نصه كما ذكرناه قبل ذلك، قال بعد أن أنشد بيت الفرزدق: وهذا لا يكاد يعرف كما أن «لات حين مناص» كذلك ورب شيء هكذا وهو كقول بعضهم هذه ملحقة جديدة في القلة». الكتاب (1/ 60).

(6)

التخريج الثاني للبيت كما ذكره ابن عصفور ونسبه أبو حيان إلى أبي علي الرندي. التذييل والتكميل (4/ 267).

ص: 1204

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومنهم من قال (1): «إنما نصب ضرورة لئلا يختلط المدح بالذم لأنك إذا قلت ما مثلك أحد فنفيت عنه الأحدية احتمل أن يكون مدحا وذمّا، فإذا نصبت مثلك ورفعت أحدا كان الكلام مدحا، فلذلك نصب مثلهم في البيت وهذا باطل لأن ما قبله وما بعده يدل على أنه قصد المدح» .

ومنهم من قال (2): «هو منصوب على الحال والخبر محذوف وهو العامل في الحال تقديره وإذ ما مثلهم بشر في الوجود وهو باطل لأن معاني الأفعال لا تعمل مضمرة» .

ومنهم من جعله ظرفا بمنزلة بدل (3) وهم أهل الكوفة واستدلوا على صحة مذهبهم بقول المهلب بن أبي صفرة: «ما يسرّني أن يكون لي ألف فارس مثل بيهس» (4).

فقالوا: «محال ألا يسره أن يكون له ألف فارس كل واحد منهم مثل بيهس وإنما المعنى أنه لا يسره أن يكون له ألف فارس بدل بيهس لشجاعته وإقدامه على الحروب» .

وهذا الذي قالوه لا حجة فيه لأن العرب إذا قالت: مررت برجال مثلك، كان لهم في ذلك وجهان [2/ 57]:

أحدهما: أن يكون المعنى مررت برجال كل واحد منهم مثلك.

والآخر: أن يكون المعنى مررت برجال كلهم إذا اجتمعوا مثلك.

فعلى هذا يكون: ما يسرني أن يكون لي ألف فارس مثل بيهس وحده لأن -

(1) التخريج الثالث للبيت ونسبه أبو حيان للأعلم (التذييل والتكميل: 4/ 278).

(2)

التخريج الرابع للبيت ونسبه أبو حيان للمازني والمبرد (التذييل والتكميل: 4/ 277).

(3)

التخريج الخامس للبيت.

(4)

هو بيهس الملقب بنعامة وهو رجل من بني فزارة بن ذبيان وكان سابع سبعة أخوة أغار عليهم ناس من أشجع كانت بينهم عداوة فقتلوا إخوته جميعا ولم يقتلوه لصغره فلما عاد إلى أمه عنفته وطالبته بأن يأخذ بثأر إخوته ففعل فكان شجاعا ومما قيل في ذلك قول المتلمس (من الطويل):

ومن طلب الأوتار ما حزّ أنفه

قصير وخاض الموت بالسّيف بيهس

نعامة لما صرّع القوم رهطه

تبيّن في أثوابه كيف يلبس

انظر ذلك كله في مجمع الأمثال (1/ 268)(طبعة عيسى البابي الحلبي).

ص: 1205

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

شجاعة ألف فارس إذا كانت مجتمعة في فارس كان أولى من افتراقها في أشخاص كثيرة لأنه متى حضر كان بمنزلة ألف فارس وألف فارس إذا تفرقوا قد يكون ذلك سببا لضعفهم.

ومنهم من قال (1): «مثل منصوب على الظرفية فكأنه في الأصل صفة لظرف تقديره قبل الحذف: وإذ ما مكانا مثل مكانهم بشر ثم حذف الموصوف وقامت الصفة مقامه فأعربت بإعرابه فصار إذ ما مثل مكانهم بشر في الوجود وهذا باطل لأن الموصوف لا يحذف إلا إذا كانت الصفة خاصة، ومثل ليس من الصفات الخاصة.

وأن يتقدم ما يدل على المحذوف، ولم يتقدم هنا ما يدل على المحذوف» (2).

ومنهم من قال (3): «إن ما هنا لم تعمل شيئا ولا شذوذ في البيت وذلك أن مثلا أضيفت إلى مبني (فبنيت على الفتح) (4) فصارت بمنزلة قولك: يومئذ وحينئذ وهو الصحيح» . هذا آخر كلام ابن عصفور (5).

وعلم منه أنه لم يوافق المصنف في جواز تقديم خبرها على اسمها لكنه إنما يمنع ذلك حيث يكون الخبر اسما صريحا ويجيز التقديم إذا كان ظرفا أو مجرورا (6). -

(1) هذا هو التخريج السادس للبيت كما خرجه ابن عصفور.

(2)

قوله: ولم يتقدم هنا

إلخ ساقطة من شرح الجمل.

(3)

هذا هو التخريج السابع والأخير للبيت قال أبو حيان: وصححه ابن عصفور.

(4)

ما بين القوسين من شرح الجمل لابن عصفور.

(5)

انظر شرح الجمل له (2/ 57) وهو رسالة دكتوراه في مجلدين كبيرين بجامعة القاهرة. تحقيق د.

صاحب جعفر أبو جناح. وتوجد منه نسخة بجامعة عين شمس.

وقال ابن عصفور في المقرب (1/ 102) في حديث عن ما: وإنما لم يعملها الحجازيون إلا بشروط ثلاثة:

أحدها: أن يكون الخبر غير موجب والثاني: أن لا يتقدم الخبر على اسمها وليس بظرف ولا مجرور.

والثالث: ألا يفصل بينهما وبين الاسم بإن الزائدة فإن فقد شيء من ذلك رجعوا إلى اللغة التميمية فأما قول الفرزدق:

فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم

إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر

فمثلهم مرفوع إلا أنه مبني على الفتح لإضافته إلى مبني نحو قول الآخر (من الرمل):

فتداعى منخراها بدم

مثل ما أثمر حمّاض الجبل

(6)

قال ابن عصفور: لا يجوز تقديم خبر ما عليها إذا كان اسما صريحا وغيره يجوز (شرح الجمل: 2/ 54).

ص: 1206

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقد نقل المصنف عنه هذه المسألة في شرح الكافية (1).

وقد ذكر هو (2) أن في التقديم إذا كان الخبر ظرفا أو مجرورا خلافا:

قال: «منهم من أجاز، ومنهم من منع، والذين أجازوا هم البصريون قياسا على أن التي يقدم خبرها على اسمها إذا كان ظرفا أو مجرورا.

والذي منع هو أبو الحسن الأخفش ومنع القياس على إنّ لأنها أقوى من ما وذلك لأنها اختصت بما دخلت عليه وما ليست كذلك (3).

والصحيح أن ذلك يجوز بدليل قوله تعالى: فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ (4) فحاجزين خبر ما وهو منصوب فثبت

أنها حجازية وقد فصل بينهما وبين اسمها بالمجرور الذي هو منكم.

فإذا فصل بين ما واسمها بمجرور ليس في موضع خبرها الذي لا يجوز في إن إلا قليلا كقول الشاعر:

802 -

فلا تلحني فيها فإنّ بحبّها

أخاك مصاب القلب جمّ بلابله (5)

فبالأحرى أن يجوز بالمجرور الذي هو في موضع الخبر الجائز في إن في فصيح العرب -

(1) قال ابن مالك في الشرح المذكور (1/ 432):

الشرط الثالث من شروط إلحاق ما بليس: تأخر الخبر فلا عمل غالبا عند تقدمه كقولك: ما قائم زيد ثم قال: ومن النحويين من يرى بقاء عمل ما إذا تقدم خبرها وكان ظرفا أو جارا ومجرورا وهو اختيار أبي الحسن بن عصفور.

(2)

الضمير يعود على ابن عصفور وانظر ما ذكره في شرح الجمل (2/ 57).

(3)

انظر التذييل والتكميل (4/ 269).

(4)

سورة الحاقة: 47.

(5)

البيت من بحر الطويل وهو من الخمسين المجهولة القائل في كتاب سيبويه (2/ 133).

اللغة: تلحني: يقال لحاه يلحاه ويلحوه لحيا ولحوّا إذا لامه وعزله. وأصله من لحوت العود إذا قشرت لحاءه. جمّ: كثير. بلابله: جمع بلبال وهو الحزن وشغل البال.

المعنى: يرجو الشاعر صاحبه ألا يلومه في حبه أو يأمره بالبعد عن محبوبته فذلك لن يكون فقد ابتلي قلبه بحبها وانشغل به.

والشاهد فيه قوله: «فإنّ بحبها أخاك

إلخ» حيث قدم معمول خبر إن على اسمها وظل عمل إن باقيا، فمن باب أولى إذا فصل بين ما واسمهما بجار ومجرور هو معمول الخبر أو غيره فيبقى عمل ما، وأولى من ذلك كله إذا كان الجار والمجرور هو الخبر نفسه.

والبيت في معجم الشواهد (ص 288) وليس في شروح التسهيل.

ص: 1207

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

نحو إن في الدار زيدا» انتهى (1).

وأما العمل مع نقض النفي يعني إذا أوجب الخبر بإلا فقال المصنف: «روي عن يونس من غير طريق سيبويه إعمال ما في الخبر الموجب بإلا (2) واستشهد على ذلك بعض النحويين بقول الشاعر:

803 -

وما الدّهر إلّا منجنونا بأهله

وما صاحب الحاجات إلّا معذّبا (3)

[2/ 58] وتكلف في توجيه هذا البيت بأن قيل:

منجنونا منصوب نصب المصدر الذي يستغنى به الدهر عن الخبر المبتدأ المقصود حصر خبره فكأنه قال: وما

الدهر إلا يدور دوران منجنون أي دولاب ثم حذف الفعل على حد حذف تسير إذا قيل: ما أنت إلا سير البريد ثم حذف المصدر وهو دوران وأقيم المضاف إليه مقامه وهو منجنون.

وأما إلا معذبا فمثل إلا تعذيبا مفعل من فعل بمنزلة تفعيل ومنه قوله تعالى:

وَمَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ (4)، وهذا عندي (5) تكلف؛ فالأولى أن تجعل منجنونا -

(1) شرح الجمل لابن عصفور (1/ 58).

(2)

انظر الهمع (1/ 123) والتذييل والتكميل (4/ 273) وانظر كتاب (يونس البصري: حياته وآثاره وآراؤه ص 219) قال مؤلفه دكتور/ أحمد مكي الأنصاري: ونقل عن يونس أنه يجوز إعمالها مع انتقاض نفيها بإلا وأنشد في ذلك:

وما الدّهر إلّا منجنونا بأهله

وما صاحب الحاجات إلّا معذّبا

(3)

البيت من بحر الطويل وهو من الحكم والمواعظ لشاعر مجهول.

والمنجنون: الدولاب التي يستقى عليها والميم والنون في أوله أصل وجمعه مناجين.

ومعنى البيت: أن الدهر كالدولاب دائم الدوران على الناس فمرة لهذا ومرة لذلك ولا شيء دائم والإنسان الذي يعيش فيه له حاجة يسعى إليها أبدا ويتعذب في سبيلها.

والشاهد فيه: في الشطرين حيث أعملت ما عمل ليس مع انتقاض النفي بإلا وأجازه ابن مالك تابعا ليونس والشلوبين، وقد رده الجمهور وأولوه بما هو مذكور في الشرح.

والبيت في شرح التسهيل (1/ 374) والتذييل والتكميل (4/ 273) ومعجم الشواهد (ص 28).

(4)

سورة سبأ: 19.

وقال ابن عصفور بعد أن أنشد البيت: وما الدهر

إلخ: «يتخرج على أن يكون معذب مصدر كممزق وكذلك منجنون التقدير: وما الدهر إلا دوران منجنون، وما صاحب الحاجات إلا تعذيبا فيكون من باب ما أنت إلا سيرا» . (المقرب: 1/ 103).

(5)

الكلام لابن مالك في شرح التسهيل.

ص: 1208

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومعذبا خبرين لما منصوبين بها إلحاقا لها بليس في نقض النفي كما ألحقت بها في عدم النقض.

وأقوى من الاستشهاد بهذا البيت الاستشهاد بقول مغلس (1):

804 -

وما حقّ الّذي يعثو نهارا

ويسرف ليله إلّا نكالا (2)

وما اخترت من حمل منجنونا وإلا نكالا على ظاهرهما من النصب بما هو مذهب الشلوبين (3) ذكر ذلك في تنكيته

على المفصل» انتهى (4).

وأقول: أما كون مذهب يونس إعمال ما في الخبر الموجب بإلا فمسلم لكن يلزم القائل به إقامة الدليل على مذهبه ولا دليل في هذين البيتين:

أما البيت الأول فقد ذكر تخريجه، وأما البيت الثاني فيوجه بما وجه به الأول من أن نكالا منصوب نصب المصدر بفعل مقدر هو الخبر، والتقدير: إلا ينكل نكالا والتوجيه في البيتين توجيه سهل لا تكلف فيه مقبول لجريانه على القواعد، ومع الاحتمال المذكور يسقط الاستدلال.

وأما قول المصنف «إنّ ذلك يكون في ما إلحاقا لها بليس في نقض النّفي كما ألحقت بها في عدم النقض» فليس بمرضي منه لأن ما إنما ألحقت بليس لشبهها بها في إفادة النفي فلم يكن عملها لذاتها بل لحملها على ليس من أجل الشبه المذكور، ولا شك أنه إذا انتقض النفي زال الشبه فيزول ما كان من أجله وهو العمل. -

(1) هو المغلس بن لقيط من شعراء الجاهلية. سبقت ترجمته من هذا التحقيق.

(2)

البيت من بحر الوافر قائله المغلس بن لقيط - كما في الشرح - وهو في النصح والإرشاد.

اللغة: يعثو: بالثاء المثلثة: يفسد وروي: يعتو بالتاء المثناة ومعناه يستكبر وهما متقاربان. النّكال:

العذاب الشديد.

ومعنى البيت: أن الذي يعيش لاهيا مفسدا ولا يعمل حسابا لوقته ودهره يصيبه الخسران والهلاك في حياته وبعد موته.

وشاهده قوله: «وما حق الذي يعثو

إلا نكالا» حيث أعمل ما في الخبر الموجب وقد أجازه ابن مالك تابعا مذهب يونس والأستاذ أبي علي الشلوبين. وقد رده ناظر الجيش على ما ذكره في الشرح.

والبيت في شرح التسهيل (1/ 374) وفي التذييل والتكميل (4/ 273) وفي معجم الشواهد (ص 270).

(3)

نص عليه صاحب الهمع (السيوطي)(1/ 123) وصاحب التذييل والتكميل (أبو حيان)(4/ 273).

(4)

انظر شرح التسهيل (1/ 374) وما اخترت إلى آخره ساقط من شرح التسهيل.

ص: 1209