الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الأفعال التي تنصب ثلاثة مفاعيل]
قال ابن مالك: (فصل: تدخل همزة النّقل على علم ذات المفعولين، ورأى «أختها» فينصبان ثلاثة مفاعيل، أوّلها الّذي كان فاعلا ويجوز حذفه والاقتصار عليه على الأصحّ، وللثّاني والثّالث بعد النّقل ما لهما قبله مطلقا خلافا لمن منع الإلغاء والتعليق. وألحق بهما سيبويه «نبّأ» وزاد غيره «أنبأ» و «خبّر» و «أخبر» و «حدّث» وزاد الأخفش «أظنّ» و «أحسب» و «أخال» و «أزعم» و «أوجد» وألحق غيرهم «أرى» الحلميّة سماعا، وما صيغ للمفعول من ذي
ثلاثة فحكمه حكم «ظنّ» إلّا في الاقتصار على المرفوع).
ــ
كقولك قاصد محمد منقوش على خاتم قرأت محمد لأن مراد الناقش صاحبه محمد أو نحو ذلك فإذا أوقعت عليه قرأت أو غيره مراعيا القصد الأول فإنما تحكي مقصوده ولو علقت به رافعا وهو منصوب لجئت به منصوبا لأن الحكاية مستولية عليه وعلى ناصبه المنوي ومنه قول الشاعر يصف دينارا نقش فيه اسم جعفر البرمكي منصوبا:
1182 -
وأصغر من ضرب دار الملوك
…
يلوح على وجهه جعفرا (1)
أراد الناقش اذكر جعفرا أو نحو ذلك، فأسند الشاعر «يلوح» إلى الجملة مراعيا لقصد الناقش.
قال ناظر الجيش: قال المصنف (2): همزة النقل هي الداخلة على الثلاثي لتعدّيه إلى واحد إن كان دونها غير متعد كجلس وأجلسته ولتعديه إلى اثنين إن كان دونها متعديا إلى واحد كلبست ثوبا، وألبستني إياه ولتعديه إلى ثلاثة إن كان دونها متعديا إلى اثنين كعلم زيد عمرا فاضلا وأعلمته إياه فاضلا فأول الثلاثة هو الذي كان فاعلا قبل النقل والثاني والثالث هما اللذان كانا قبله أولا وثانيا فلأول الثلاثة ما لأول -
(1) البيت مجهول القائل وهو في التذييل (2/ 1090)، وهو من المتقارب.
والشاهد قوله: (يلوح على وجهه جعفرا) حيث حكى لفظ (جعفرا) كما هو وقدر له ناصبا والجملة من الفعل المقدر وفاعله ومفعوله المذكور في محل رفع فاعل (يلوح).
(2)
شرح التسهيل لابن مالك (2/ 100).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مفعولي كصوت من جواز الاقتصار عليه والاستغناء عنه (1) لأن الفعل مؤثر فيه فجاز فيه ما يجوز في كل مفعول أثر فيه فعله ولأن الفائدة لا تقدم بالاقتصار عليه كما تقدم بالاقتصار على أول مفعولي ظننت، ولا تعدم الاستغناء عنه كما تعدم بالاستغناء عن أحد مفعولي ظننت؛ فمثال الاقتصار عليه: قولك: أعلمت زيدا إذا قصدت الإخبار بإيصالك إلى زيد علما ما، ومثال الاستغناء عنه: أعلمت دارك طيبة قصدت الإخبار بإعلامك أن داره طيبة دون غرض في قسميه من أعلمته، وزعم ابن خروف أنه لا يجوز حذف أول الثلاثة ولا الاقتصار عليه ولا حجة له في ذلك إلا ظاهر كلام سيبويه في ترجمة تأولها [2/ 219] الأكثرون (2).
والمجمع على تعديته إلى ثلاثة: «أعلم وأرى» المتعديان بدون الهمزة إلى اثنين وألحق بهما سيبويه «نبأ» (3) وزاد غيره (4) أنبأ و «خبّر» و «أخبر» و «حدّث» ولا بد من تضمينهما عند الإلحاق معنى اعلم، ولم يذكر أبو علي إلا أعلم
وأرى ونبأ وأنبأ (5) وتابعه الجرجاني (6) وألحق الأخفش «أظنّ» وأخواتها المذكورة بعدها (7) وردّ مذهب الأخفش بأن قيل حق همزة التعدية أن يلحق بها ألا يتعدى بما يتعدى -
(1) ينظر شرح الألفية لابن الناظم (ص 80 - 81)، وشرح الألفية للمرادي (1/ 395)، وشرح المكودي (ص 70).
(2)
عبارة المصنف هنا توحي بأن سيبويه يجيز حذف أول المفاعيل الثلاثة أو الاقتصار عليه وأن ظاهر عبارته يفيد غير ما يفيده مفهوم العبارة بدليل قوله ولا حجة له في ذلك إلا اتباع ظاهر كلام سيبويه في ترجمة أولها الأكثرون.
وأعتقد أن عبارة سيبويه واضحة وأن ما فهمه النحاة منها - ومنهم ابن خروف - هو الصواب وما اعترض به المصنف عليهم ليس في عبارة سيبويه ما يقويه أو يسانده.
يقول سيبويه: هذا باب الفاعل الذي يتعداه فعله إلى ثلاثة مفعولين ولا يجوز أن تقتصر على مفعول منهم واحد دون الثلاثة لأن المفعول ها هنا كالفاعل في الباب الأول الذي قبله في المعنى وذلك قولك: أرى الله بشرا زيدا أباك ونبّأت زيدا عمرا أبا فلان وأعلم الله زيدا عمرا خيرا منك. اه. الكتاب (1/ 41) هذا وفي شرح الرضي على الكافية (2/ 276)، ما يؤيد كلام المصنف فقد جاء فيه: وبعض النحاة أجرى كلامه على ظاهره ولم يجوز الاقتصار على الأول.
(3)
ينظر الكتاب (1/ 41).
(4)
هو ابن هشام اللخمي والفراء والكوفيون. الهمع (1/ 159).
(5)
ينظر الإيضاح العضدي (ص 175).
(6)
ينظر المقتصد شرح الإيضاح للجرجاني (ص 566 - 567).
(7)
ينظر الخصائص (1/ 271)، والتذييل (2/ 1110)، والهمع (1/ 159)، وشرح الكافية للرضي (2/ 274).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إلى واحد بنفسه وما يتعدى إلى واحد بما يتعدى إلى اثنين بنفسه وليس في الكلام متعد بنفسه إلى ثلاثة، فيلحق به متعدّ إلى اثنين؛ فيقتضي هذا أن لا يتعدى إلى ثلاثة على خلاف القياس فقيل: ولم يلحق بأعلم وأرى شيء من أخواتها لأن المسموع المخالف للقياس لا يقاس عليه (1) ولذلك وافق الأخفش على منع أكسبت زيدا عمرا ثوبا. ومستند هذا الرد قوي ويلزم منه أن لا تلحق «نبأ» وأخواتها.
فإن ادعي سماع نحو قول الشاعر:
1183 -
نبّئت زرعة والسّفاهة كاسمها
…
يهدي إليّ غرائب الأشعار (2)
وبنحو قول الحارث بن حلزة اليشكري:
1184 -
أو منعتم ما تسألون فمن
…
حدّثتموه له علينا العلاء (3)
وبقول الآخر:
1185 -
وما عليك إذا أخبرتني دنفا
…
وغاب بعلك يوما أن تعوديني (4)
أجيب عن ذلك: بأنه من باب النصب لإسقاط حرف الجر، كما حكى سيبويه: -
(1) ينظر شرح الرضي على الكافية (2/ 274 - 275)، وحاشية الخضري على شرح ابن عقيل (1/ 156).
(2)
البيت من الكامل وهو للنابغة الذبياني يهجو زرعة بن عمرو بن خويلد. وهو في التذييل (2/ 1105).
وشرح التسهيل للمصنف (2/ 101)، وعمدة الحافظ وعدة اللافظ (ص 153)، والبهجة المرضية (ص 46)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص 81)، والعيني (2/ 439)، والخزانة (3/ 61)، والتصريح (1/ 265)، والأشموني (2/ 41)، وديوانه (ص 59) ط بيروت وشرح ابن عقيل بحاشية الخضري (1/ 157)، وشرح شواهده (ص 100).
والشاهد قوله: (نبئت زرعة .. يهدي) حيث عدى الفعل (نبّئ) إلى ثلاثة مفاعيل الأول نائب الفاعل وهو تاء المتكلم والثاني «زرعة» والثالث جملة يهدي.
(3)
البيت من الخفيف وهو في التذييل (2/ 1103)، وشرح التسهيل للمصنف (2/ 101)، وشرح عمدة الحافظ (ص 153)، وشرح المفصل لابن يعيش (7/ 66)، والبهجة المرضية (ص 46)، والهمع (1/ 159)، والدرر (1/ 141)، والعيني (2/ 445)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص 82)، وشرح ابن عقيل (1/ 157)، وشرح شواهده (ص 101)، والتصريح (1/ 265)، والأشموني (2/ 41).
والشاهد قوله: (فمن حدثتموه .. له علينا الولاء) حيث أجرى (حدث) مجرى أعلم عند ما تضمنت معناها ونصب بها ثلاثة مفاعيل الأول ضمير الخطاب والثاني ضمير الغيبة والثالث جملة (له علينا الولاء).
(4)
البيت من البسيط وهو لرجل من بني كلاب لم يعين وهو في التذييل (2/ 1107) برواية: ماذا عليك إذا أخبرتني، وشرح الحماسة للتبريزي (3/ 353)، والعيني (2/ 443)، وشرح ابن عقيل (1/ 157)، وشرح شواهده (ص 101)، والتصريح (1/ 295)، وشرح الألفية لابن الناظم -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نبئت زيدا، وقال: تريد نبئت عن زيد نبئت عن زيد (1)، وكما قال تعالى:
مَنْ أَنْبَأَكَ هذا (2) وقدر من أنبأك بهذا وقد حمل سيبويه على حذف حرف الجر قول الشاعر:
1186 -
نبّئت عبد الله بالجوّ أصبحت
…
كراما مواليها لئيما صميمها (3)
أي نبئت عن عبد الله، مع إمكان إجرائه مجرى أعلمت؛ فدل ذلك على أن تقدير حرف الجر بعد «نبّأ» راجح عنده؛ إذ
ليس فيه إخراج شيء عن أصله ولا تضمين شيء معنى غيره. وأيضا فإن النصب لحذف حرف الجر بعد «نبأ» مقطوع بثبوته فيما حكي من قول بعض العرب: نبئت زيدا مقتصرا عليه وبعد «أنبأ» في قوله تعالى: مَنْ أَنْبَأَكَ هذا (4) ولم يثبت الإجراء مجرى أعلم إلا حيث يحتمل حذف حرف الجر فكان الحمل عليه أولى (5).
هذا في «نبأ» مع كثرة استعمالها بالصور المحتملة وأما أخواتها فيندر استعمالها بتلك الصورة كقول الحارث بن حلزة في البيت السابق فليجعل التقدير فيه: فمن حدثتم عنه له علينا العلاء، والجملة بعد المنصوب حالية أو محكية بقول مقدر وكذلك يفعل بغيره. هذا أراه أظهر وإن كان غيره أشهر، وأنشد [2/ 220] ابن خروف في شرح الكتاب:
1187 -
وأنبئت قيسا ولم أبله
…
كما زعموا خير أهل اليمن (6)
-
- (ص 82)، والهمع (1/ 159)، والدرر (1/ 141)، والأشموني (2/ 41).
والشاهد قوله: (أخبرتني دنفا) حيث أعمل (أخبر) في ثلاثة مفاعيل: الأول ضمير المخاطب، والثاني ياء المتكلم، والثالث (دنفا).
(1)
الكتاب (1/ 38).
(2)
سورة التحريم: 3.
(3)
البيت من الطويل وهو في الكتاب (1/ 39)، التذييل (2/ 1105)، والكافي شرح الهادي (ص 426)، والعيني (2/ 522)، والتصريح (1/ 293)، والأشموني (2/ 70)، وليس في ديوانه.
والشاهد قوله: (ونبئت عبد الله - أصبحت) حيث عدى (نبّئ) إلى ثلاثة مفاعيل هي: نائب الفاعل (عبد الله) وجملة (أصبحت).
(4)
سورة التحريم: 3.
(5)
ينظر الكتاب: (1/ 38)، وشرح المفصل لابن يعيش (7/ 67).
(6)
البيت للأعشى الكبير ضمن أبيات يمدح فيها قيس بن معديكرب وهو من المتقارب وينظر في شرح العروة لابن مالك (ص 152)، ومجالس ثعلب (2/ 346) برواية:
ونبئت قيسا ولم آته
…
على نأيه ساد أهل اليمن
-
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ومما ينبغي أن تلحق بأعلم وأرى: أختها أرى الحلمية كقوله تعالى: إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلًا (1) فإنه قد ثبت
إجراء رأي الحلمية مجرى رأي العلمية واستدللت على ذلك فيما سلف. فلزم من ذلك تعديها إلى ثلاثة بهمزة النقل مع مساعدة الاستعمال كما لزم في الفعلين الآخرين لصحة الاستعمال فكان التنبيه عليها لثبوتها سماعا دون معارض أولى من التنبيه على ما لم يثبت إلا بما فيه معارضة واحتمال.
وأما «أرى» المنقولة من متعد إلى واحد فمتعدية إلى اثنين ثانيهما غير الأول (2) وهي على ضربين:
أحدهما: من الرأي كقوله تعالى: لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ (3).
والثاني: من رؤية البصر (4) كقوله تعالى: مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ (5).
ونبهت بقولي: «وللثاني والثالث بعد النقل ما لهما قبله» على أنه لا غنى لأحدهما عن الآخر بعد أن صار ثانيا وثالثا كما لم يكن لأحدهما غنى عن الآخر إذا كانا أولا وثانيا مراعاة لكونهما في الأصل مبتدأ وخبرا، فإن دل دليل على -
- وينظر التذييل (2/ 1106)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص 82)، والبهجة المرضية (ص 46)، والهمع (1/ 159)، والدرر (1/ 140)، وشرح ابن عقيل (1/ 157)، وشرح شواهده (ص 102)، والعيني (2/ 440)، والتصريح (1/ 265)، والأشموني (2/ 40)، وديوانه (ص 22).
والشاهد قوله: (وأنبئت قيسا خير أهل اليمين) حيث عدى الفعل (أنبئ) إلى ثلاثة مفاعيل: الأول منها ضمير المتكلم وهو نائب الفاعل، والثاني «قيسا» ، والثالث «خير أهل اليمن» .
(1)
سورة الأنفال: 43.
(2)
ينظر شرح عمدة الحافظ (ص 152)، والأشموني (2/ 40)، وشرح المكودي (ص 70)، والبهجة المرضية (ص 45).
(3)
سورة النساء: 105.
(4)
في إملاء ما من به الرحمن (1/ 193)(أراك) الهمزة ها هنا معدية والفعل من رأيت الشيء إذا ذهبت إليه هو من الرأي وهو متعد إلى مفعول واحد وبعد الهمز يتعدى إلى مفعولين، أحدهما الكاف والآخر محذوف أي أراكه وقيل المعنى «علمك» وهو متعد إلى مفعولين أيضا وهو قبل التشديد متعد إلى واحد. اه. وقد جعل الزمخشري «رأى» في الآية بمعنى عرف وأوحى وضعف الألوسي كونها من رأى البصرية. يقول الزمخشري في الكشاف (1/ 190) بِما أَراكَ اللَّهُ بما عرفك وأوحى به إليك وعن عمر رضي الله عنه لا يقولن أحدكم قضيت بما أراني الله فإن الله لم يجعل ذلك إلا لنبيه ولكن ليجتهد رأيه لأن الرأي من رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مصيبا لأن الله كان يريه إياه وهو منا مناط الظن بالتكلف. اه. وفي روح المعاني (2/ 173)«وأما جعلها من رأى البصرية مجازا فلا حاجة إليه» . اه.
(5)
سورة آل عمران: 152.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أحدهما جاز حذفه كما كان يجوز في الحال الأول.
ومثال الحذف لدليل: قولك لمن قال: من أعلمك زيد فاضلا: أعلمني عمرا تريد أعلمني زيد عمرا فاضلا فأضمرت الفاعل عائدا على زيد وحذفت فاضلا لدلالة ما تقدم عليه كما كنت تحذف في قولك: علمت عمرا إذا أجبت من قال:
من علمت فاضلا؟ (1).
وللثاني والثالث أيضا من الإلغاء والتعليق بعد النقل ما لهما قبله (2): فمن الإلغاء بعد النقل قول الشاعر:
1188 -
وكيف أبالي بالعدى ووعيدهم
…
وأخشى ملمّات الخطوب الصّوائب
وأنت أراني الله أمنع عاصم
…
وأرأف مستكفى وأسمح واهب (3)
فألغى أرى متوسطا، ومثله قول بعض من يوثق بعربيته «البركة أعلمنا الله مع الأكابر» (4) ومن التعليق [قوله تعالى] هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (5) وقوله تعالى: وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ (6) فعلق ينبيء وأدري لأنهما بمعنى يعلم وأعلم فتعليقها لتضمنها حروف يعلم واعلم ومعناها أحق وأولى، ومن تعليق أفعال الباب قول الشاعر:
1189 -
حذار فقد نبّئت إنّك للّذي
…
ستجزى بما تسعى فتسعد أو تشقى (7)
-
(1) ينظر شرح الجمل لابن عصفور (1/ 313) ط العراق، والمقتضب (3/ 122).
(2)
ينظر شرح الألفية لابن الناظم (ص 81)، وشرح الألفية للمرادي (1/ 395)، والأشموني (2/ 39).
(3)
البيتان من الطويل مجهولا القائل وهما في التذييل (2/ 1100)، والعيني (2/ 446)، والتصريح (1/ 266)، والهمع (1/ 158)، والدرر (1/ 140)، والأشموني (2/ 39).
والشاهد قوله: (وأنت أراني الله أمنع عاصم) حيث ألغي (أرى) عن العمل في المفعول الثاني والثالث وهما (أنت أمنع عاصم) وذلك لتوسطها بينهما.
(4)
في هذا القول ألغيت أعلم فالضمير وهو «نا» مفعول أول والبركة مبتدأ «مع الأكابر» ظرف في موضع الخبر وهما اللذان كانا في الأصل مفعولين لأعلم وأصل العبارة: أعلمنا الله البركة مع الأكابر.
ينظر شرح الألفية للمرادي (1/ 395)، وشرح ابن عقيل (1/ 156).
(5)
سورة سبأ: 7.
(6)
سورة الانفطار: 17.
(7)
البيت من الطويل وهو في التذييل (2/ 1100)، والبحر المحيط (7/ 295)، والعيني (2/ 477)، والتصريح (1/ 266)، والهمع (1/ 158)، والدرر (1/ 140).
والشاهد قوله: (نبئت أنك للذي) حيث علق الفعل (نبئ) باللام ولذلك كسرت همزة «إن» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ومنع قوم الإلغاء والتعليق في «أعلم وأرى» وأخواتهما مطلقا (1) وخص بعضهم ذلك بالمبني للفاعل وهو اختيار الجزولي والصحيح الجواز مطلقا للدلائل المذكورة.
قال الشلوبين في [2/ 221] شرح قول الجزولي: وحكم الثاني والثالث معا حكم الثاني من باب كسوت يعني في الاقتصار عليهما وفي أن لا يلغى الفعل عنهما ولا يعلق. وهذا الذي قاله هنا هو المذهب الصحيح وإن كان فيه خلاف لبعضهم: فقد منع بعضهم الاقتصار على المفعول الأول وأجاز بعضهم الإلغاء عن المبتدأ والخبر، وليس هذان المذهبان مرضيين عند المحققين (2) هكذا زعم، ثم قال شارحا لقول الجزولي: وإذا بنيت للمفعول فحكم منصوبها ما ذكر في منصوبي ظننت مطلقا يعني في أن لا يقتصر على أحدهما، وفيما ذكر في ظننت من الإعمال والإلغاء قال:
وليس هذا الذي ذهب إليه من جواز الإلغاء في هذا الباب إذا بنيت أفعاله للمفعول بصحيح؛ لأن العلة في إن لم تلغ هذه الأفعال إذا بنيت للفاعل من كونها أفعالا مؤثرة بخلاف ظننت وبابه موجودة فيها إذا بنيت للمفعول كوجودها إذا بنيت للفاعل، فكيف توجد العلة ثم لا يوجد حكمها، ولكن غيره (3). ذكر سيبويه أرى وهي مضارع أريت بمعنى أظننت (4) فتخيل أن باقي الأفعال «كأرى» ، قال: وإنما جاز الإلغاء في أرى وحدها لأنها بمعنى أظن، وأظن غير مؤثرة فجرت مجراها في الإلغاء كما جرت مجراها في المعنى (5).
وحاصل قوله أمران: أحدهما: أن أعلم مؤثر فلا تلغى كما لا تلغى الأفعال المؤثرة.
والثاني: أن أرى ألغي لأنه بمعنى أظن فوافقه في الإلغاء كما وافقه في المعنى.
والجواب عن الأول أن يقال: من أجاز إلغاء أعلم لم يجزه بالنسبة إلى المعلم، فيكون -
(1) المقصود بقوله: «ومنع قوم الإلغاء والتعليق في أعلم وأرى مطلقا» هو أبو علي الشلوبين فقد فسر جميع شارحي كتبه ابن مالك قوله هذا بأن قائل ذلك هو الشلوبين إلا أن الشلوبين استثنى من ذلك «أرى» التي بمعنى أظن فتعبير المصنف هنا بقوله: «مطلقا» يوهم أنه يمنع الإلغاء والتعليق فيهما ولم يستثن شيئا.
ينظر رأي الشلوبين في التوطئة (ص 164)، وينظر شرح الألفية للمرادي (1/ 395)، (1/ 266).
(2)
المباحث الكاملية (ص 420).
(3)
ينظر التوطئة للشلوبين (ص 164).
(4)
ينظر الكتاب (1/ 43).
(5)
في التوطئة (ص 164)«فهذه لا يجوز فيها الإلغاء أصلا ولا التعليق إلا في «أرى» التي بمعنى أظن. اه. وينظر نص الشلوبين في المباحث الكاملية (ص 421).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في إلغائها محذور وإنما أجازه بالنسبة إلى المسند والمسند إليه وهما غير مؤثرين بأعلم كما هما غير مؤثرين بعلم، فلا يمتنع إلغاء أعلم عنهما كما لم يمتنع إلغاء (1) علم.
والجواب عن الثاني أن يقال: إلحاق أرى بأظن لأنه بمعناه ليس بأولى من إلحاق أعلمت بعلمت بل الأمر بالعكس لأن مفهوم علم مستفاد من أعلمت كاستفادة مفهوم «أظن» من أرى فالمناسبتان مستويتان. وبين علمت وأعلمت مناسبتان أخريان وهما: رجوعهما إلى مادة واحدة، واستواؤهما في التصرف بخلاف «أرى» و «أظن» فإنهما مختلفتان في المادة والتصرف. أما التخالف في المادة فظاهر وأما في التصرف فلأن أرى لم يستعمل له ماض. فقد بان أن مناسبة أرى لأظن أضعف من مناسبة أعلمت لعلمت و «أرى» قد جرت مجرى «أظن» ؛ فإذا جرت أعلمت مجرى علمت كان ذلك أحق وأولى فقد ظهر أن المحقق من أجاز الإلغاء والتعليق في هذا الباب لا من صنعه (2)، والله تعالى أعلم.
[2/ 222] والصحيح: أن «أعلم» وأخواتها مما بني للمفعول مساو لظن وأخواتها (3) لعدم الفائدة جائز في أعلم وأخواتها لحصول الفائدة. هذا كلام المصنف في شرح هذا الفصل (4) وهو كلام شاف واف بالمقصود لله الحمد، ثم لا بد ذكر أمور:
منها: أن الشيخ نبه على أن الأحسن في قول المصنف: فينصبان ثلاثة مفاعيل - أن يضبط ثلاثة بالتنوين لأن مفاعيل صفة ولا يضاف العدد إلى الصفة إلا في الشعر أو في قليل من الكلام بل تتبع الصفة اسم العدد في الإعراب فيقال: عندي ثلاثة -
(1) في شرح المفصل لابن يعيش (7/ 67)، واعلم أن هذه الافعال لا يجوز إلغاؤها كما جاز فيما نقلت عنه لأنك إذا قلت: علمت أو ظننت
ونحوهما فهي أفعال ليست واصلة ولا مؤثرة إنما ذلك شيء وقع في نفسك لا شيء فعلته وإذا قلت: أعلمت فقد أثرت أثرا أوقعته في نفس غيرك ومع ذلك فإن علمت وظننت من الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر فإذا ألغيت عاد الكلام إلى أصله من المبتدأ والخبر لأن الملغي نظير المحذوف لا يجوز أن يلغى من الكلام ما إذا حذفته بقى الكلام غير تام وأنت إذا قلت زيد ظننت منطلق بإلغاء ظننت كان التقدير زيد منطلق فدخل الظن والكلام تام ولو أخذت تلغى أعلمت وأ رأيت ونحوهما في قولك أعلمت بشرا خالدا خير الناس لبقى بشرا خالدا خير الناس وهو كلام غير تام ولا منتظم لأن زيدا يبقى بغير خبر. اه.
(2)
ينظر الهمع (1/ 158)، والتصريح (1/ 266).
(3)
زاد في (ب)(إلا في الاقتصار على المرفوع فإنه غير جائز في ظن وأخواتها).
(4)
شرح التسهيل للمصنف (2/ 104).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قرشيون، قال: ونبه الشيخ بهاء الدين بن النحاس حين قرأت عليه الكتاب على ذلك فقال في قول سيبويه: هذا باب الفاعل الذي يتعداه فعله إلى ثلاثة مفعولين (1):
ينبغي أن يضبط ثلاثة بالتنوين لأن مفعولين صفة لثلاثة (2).
ومنها: أنك قد فهمت من قول المصنف في المتن: ويجوز حذفه والاقتصار عليه على الأصح .. وقوله في الشرح: إن ابن خروف لا يجوز حذف أول الثلاثة ولا الاقتصار عليه - أن في ذلك خلافا والذي ذكره الشيخ أن المذاهب في ذلك ثلاثة: فالجواز مذهب المبرد وابن السراج وابن كيسان وخطاب المارداني والأكثرين، والمنع مذهب سيبويه وقال به ابن طاهر وابن خروف والأستاذ أبي علي وابن عصفور ذهبوا إلى أنه لا يقتصر عنه ولا عليه، ونقل عن الأستاذ أبي علي أنه لا يجوز الاقتصار على الأول ولكنه يجوز حذفه فيجيز أعلمت كبشك سمينا ولا يجيز أعلمت زيدا، قال الشيخ:
والذي نختاره هو أن يرجع في ذلك إلى السماع (3).
ومنها: أن المصنف نوقش في شيئين:
أحدهما: قوله إن «أرى» لم يستعمل لها ماض، قال الشيخ: وليس ذلك بصحيح فقد نص سيبويه على ذلك (4).
الثاني: كونه جعل من تعليق «أدرى» بمعنى «أعلم» قوله تعالى: وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ (5) قال الشيخ: لا حجة له في ذلك لأن الأكثر في كلام العرب تعدية «درى» بحرف جر، تقول: دريت به. والأقل تضمينها معنى علم فتقول: دريت زيدا قائما. وعلى هذا إذا دخلت عليها همزة التعدية تعدت إلى واحد بنفسها وإلى آخر بحرف جر، لأن الأكثر فيها قيل دخول الهمزة أن تتعدى بحرف جر فوجب الحمل بعد دخول الهمزة على ما هو الأكثر فيها ودليل ذلك قوله
تعالى: وَلا أَدْراكُمْ بِهِ (6) وإذا كان كذلك فقوله تعالى وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ (7) ليس «ما -
(1) الكتاب (1/ 41).
(2)
التذييل (2/ 1094).
(3)
التذييل (2/ 1094 - 1097)، وينظر المقتضب (3/ 121 - 122)، وشرح الجمل لابن عصفور (1/ 313 - 314) ط العراق، والهمع (1/ 158).
(4)
التذييل (2/ 1099).
(5)
سورة الانفطار: 17.
(6)
سورة يونس: 16.
(7)
سورة الانفطار: 17.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يوم الدين» سادّا مسد المفعولين فيكون بمنزلة أعلم في ذلك وإنما سدت مسد المفعول الذي يتعدى إليه بحرف الجر فهي جملة في موضع نصب نائبة [2/ 223] عن مفعول واحد أصله بحرف الجر، قال: والدليل على أن «أدرى» لا يكون في التعدية إلى ثلاثة كأعلم، أن الذين استقرؤوا كلام العرب من جميع النحويين البصريين والكوفيين إنما أنهوها إلى سبعة أفعال، ولم يذكروا فيها «أدرى» بمعنى اعلم (1). انتهى.
والجواب عن هذا الثاني: أن المصنف لم يحكم على «أدرى» أنه كأعلم فيلزمه ما ألزمه الشيخ من الأفعال المتعدية إلى ثلاثة تزيد على سبعة وهو خلاف الإجماع، إنما علقت في قوله تعالى: وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ (2) قال: فإذا علق «أدرى» لكونه بمعنى أعلم أي يفيد ما يفيده فلأن تعليق أعلم، أولى ولم يجعل المصنف «أدرى» متعدية إلى ثلاثة حتى يقول الشيخ إنه جعلها كأعلم، غاية ما قال أنه جعلها بمعنى أعلم ولا يلزم من كون كلمة بمعنى كلمة أخرى أن تعطي هذه الكلمة أحكام تلك الكلمة.
ومنها: أن كلام المصنف في الشرح المتقدم نقله عنه يعطي صريحا أن نبّأ وأنبأ وخبّر وأخبر وحدّث أعني الأفعال الخمسة قد يدعى فيها عدم التعدي إلى ثلاثة، وأن النصب بعدها لإسقاط الخافض، وأن القول بذلك فيها أرجح من القول بتعديها إلى ثلاثة مستدلا على هذا بحمل سيبويه قول الشاعر (3):
1190 -
نبّئت عبد الله [بالجوّ] أصبحت
…
... البيت (4)
على حذف حرف الجر مع إمكان إجرائه مجرى أعلمت إلى آخر ما ذكره.
ومما يقوي بحث المصنف: أن سيبويه لم يزد على أعلم وأرى إلا «نبأ» .
وأما أخبر وخبّر وحدّث فزيادتها منقولة على الكوفيين (5) وأما «أنبأ» فذكرها أبو علي والجرجاني مع أعلم وأرى ونبّأ مقتصرين على الأربعة (6)، وقال صاحب -
(1) التذييل (2/ 1101 - 1102).
(2)
سورة الانفطار: 17.
(3)
تقدم.
(4)
الكتاب (1/ 38 - 39).
(5)
ينظر الهمع (1/ 159).
(6)
ينظر الإيضاح للفارسي (ص 175)، والمقتصد شرح الإيضاح للجرجاني (ص 566 - 567) وفيه: «وأما أنبأت ونبأت فليس لهما أصل في التعدي إلى ثلاثة مفعولين، ألا ترى أنه ليس هنا فعل نحو نبأ بإزاء علم بتعدي إلى مفعولين فيقال: إن أنبأت نقل منه بالهمزة كأعلمت ونبأت بالتضعيف كفرحت من فرح وإنما جريا مجرى أعلمت من حيث كان معناها الإخبار وكان الإخبار قريبا من الإعلام، وإلا فالأصل فيهما التعدي إلى مفعول واحد كقولك: أنبأت زيدا بكذا كأخبرت ثم حذف حرف الجر -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اللباب (1): المستعمل من ذلك بلا خلاف أعلم وأرى، فأما أنبأ ونبّأ فإلى واحد بنفسه وإلى ثان بحرف جر وأخبر وخبر وحدّث كنبّأ وإنما تعدت إلى ثلاثة تشبيها بأعلم وقد ذهب بعضهم إلى أن «أنبأ» تتعدى إلى اثنين بنفسها مستدلّا بقوله مَنْ أَنْبَأَكَ هذا (2) ولا دليل فيه لأن استعماله بحرف الجر أكثر (3). لكن قال الشيخ:
ما قرره المصنف من أن هذه الأفعال الأربعة لا تلحق في التعدي بأعلم يعكس على استدلاله أن «أعلم» يحذف فيها التعليق مستدلا بقوله تعالى: يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ (4) ويقول الشاعر:
1191 -
حذار فقد نبّئت إنّك للّذي
…
... البيت (5)
لأن نبأ هذه المعلقة ليست تتعدى إلى ثلاثة إذ لم يثبت لها ذلك، فلا يكون في تعليقه على صحة ثبوته دليل على تعليق أعلم وأرى، قال: فقد ناقض المصنف في الاستدلال على أن التعليق يجوز فيما يتعدى إلى ثلاثة وهذا تناقض واضح (6).
انتهى.
وأقول: لا تناقض في كلام المصنف [2/ 224] لأنه لم يدع أن «ينبئكم» في الآية الشريفة متعدية إلى ثلاثة فيلزمه ما ألزمه به وإنما ذكر أنها معلقة عن العمل، وليس من شرط الفعل المعلق التعدي لا إلى ثلاثة ولا إلى أقل منها بل
المعتبر أن يكون من أفعال القلوب موافقا في المعنى أو مقاربا للأفعال التي تعلق في هذا الباب وقد قال المصنف: إن «ينبئكم» بمعنى يعلمكم يعني أننا نستفيد من هذا المعنى الذي تستفيده من تلك، فكما نقول: إذا علق «ينبئكم» وهو بمعنى «يعلمكم» اتجه لنا أن نعلق يعلمكم لأن المسوغ لتعليق «ينبئكم» إنما هو كونه بمعنى يعلمكم، ويدل على أن هذا مراده في «ينبئكم» إدراجه في التمثيل قوله تعالى: وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ (7) ولا شك أن «أدرى» ليس من الأفعال السبعة المذكورة في هذا -
- فيقال: أنبأته كذا كقوله تعالى: مَنْ أَنْبَأَكَ هذا الأصل بهذا». اه.
(1)
هو أبو البقاء العكبري صاحب كتاب اللباب في علل البناء والإعراب والمتوفى سنة (616 هـ)
(2)
سورة التحريم: 3.
(3)
اللباب في علل البناء والإعراب (ص 201) رسالة بجامعة القاهرة.
(4)
سورة سبأ: 7.
(5)
تقدم.
(6)
التذييل (2/ 1108).
(7)
سورة الانفطار: 17.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الفصل تعدية إلى ثلاثة وقد حصل لها التعليق لكونها بمعنى أعلم فتبين أن المصنف لم يقصد أن هذين الفعلين محكوم بتعديهما إلى ثلاثة وإن كان قد حكم بأنهما معلقان.
ومنها: أن الشيخ ذكر عن الحريري أنه ذكر في شرح الملحة له فيما يتعدى إلى ثلاثة «علم» المنقولة بالتضعيف من علم المتعدية إلى اثنين، قال: والذي ذكره أصحابنا أن «علم» المتعدية إلى اثنين لم تنقل إلا بالهمزة وإن «علم» المتعدية لواحد لا تنقل بالتضعيف ليفوق بذلك بين المعنيين ولم يوجد «علم» متعدية إلى ثلاثة في لسان العرب (1).
ومنها: أن العرب قالوا: «أريت» مبنيّا للمفعول بمعنى أظننت و «أريت» لم ينطق لها بفعل مبني للفاعل متعدّ إلى ثلاثة فهو مبني من فعل مسند للفاعل لم ينطق به، ولم ينطق أيضا بـ «أظننت» التي «أريت» بمعناها وحكم الماضي حكم المضارع في ذلك فتقول: أرى زيد ذاهبا وترى زيدا ذاهبا (2). قال الشيخ: وقد نص سيبويه وغيره من النحويين على أنه فعل بني للمفعول ولم يبن للفاعل (3) وهو في معنى الظن ولا يكون المفعول الأول لها إلا
ضمير متكلم ماضيا كان الفعل أو مضارعا نحو أريت وأرى ونري وقد يكون ضمير مخاطب نحو قولهم: كم ترى الحروريّة رجلا ونحو قوله تعالى: وَتَرَى النَّاسَ سُكارى (4) في قراءة (5) من ضم التاء (6).
* * *
(1) التذييل (2/ 1103) وقد بحثت عن هذا النص في شرح الملحة للحريري فلم أجده، وقد ذكر الدكتور أحمد قاسم في تحقيقه لشرح الملحة هذا الرأي للحريري نقلا عن السيوطي في الهمع. ينظر شرح ملحة الإعراب للحريري (ص 13) تحقيق د. أحمد قاسم.
(2)
ينظر شرح الألفية للمرادي (1/ 398).
(3)
ينظر الكتاب (1/ 43).
(4)
سورة الحج: 2.
(5)
في معاني القرآن للفراء (2/ 215)، وقد ذكر أن بعض القراء قرأ «وترى النّاس» وهو وجه جيد يريد: مثل قولك: رأيت أنك قائم ورأيتك قائما فتجعل سكارى في موضع نصب لأن «ترى» تحتاج إلى شيئين تنصبهما كما تحتاج ظن. اه.
(6)
التذييل (2/ 1113).