المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[حديث طويل عن خبر هذه الأفعال] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٣

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثالث عشر باب الأفعال الرّافعة الاسم النّاصبة الخبر

- ‌[سردها وشروط عملها]

- ‌[المبتدآت والأخبار التي لا تدخل عليها]

- ‌[عملها في الجملة الاسمية]

- ‌[ما تختص به دام وأفعال الاستمرار الماضية]

- ‌[علة تسميتها أفعالا ناقصة]

- ‌[معاني هذه الأفعال وهي تامة]

- ‌[امتناع بعض الأفعال من مجيء الخبر ماضيا]

- ‌[حكم قول «أين لم يزل زيد» وأشباهه]

- ‌[ورود بعض هذه الأفعال بمعنى صار]

- ‌[أحوال الخبر في جملة هذه الأفعال من التوسط أو التقديم]

- ‌[حكم الخبر إذا كان جملة في هذا الباب]

- ‌[معمول الخبر المرفوع أو المنصوب في هذا الباب]

- ‌[تعريف الاسم والخبر وجواز تقدم الخبر]

- ‌[اقتران خبر هذه الأفعال بإلا وأحكام ذلك]

- ‌[اختصاصات ليس وكان في هذا الباب]

- ‌[اختصاصات كان في هذا الباب]

- ‌[أحكام خاصة بكان]

- ‌[حكم معمول الخبر في هذا الباب]

- ‌[الحروف العاملة عمل ليس: ما الحجازية وشروط عملها]

- ‌[حكم المعطوف على خبر ما]

- ‌[بقية الحروف العاملة عمل ليس]

- ‌[إهمال ليس في لغة تميم]

- ‌[حكم النفي بليس وما]

- ‌[زيادة الباء في الخبر المنفي]

- ‌[العطف على توهم زيادة الباء]

- ‌[العطف على خبر ليس الرافع السببي أو الأجنبي]

- ‌الباب الرابع عشر باب أفعال المقاربة

- ‌[سردها وعملها ومعانيها]

- ‌[حديث طويل عن خبر هذه الأفعال]

- ‌[حديث في عسى - نفي كاد - مضارع كاد]

- ‌الباب الخامس عشر باب الأحرف النّاصبة الاسم الرّافعة الخبر

- ‌[سردها - معانيها - عملها]

- ‌[حديث عن خبر هذه النواسخ من تقديمه أو حذفه]

- ‌[مواضع كسر همزة إن ومواضع فتحها ومواضع جواز الوجهين]

- ‌[بقية مواضع فتح همزة إن]

- ‌[مواضع دخول لام الابتداء ومواضع امتناع ذلك]

- ‌[تخفيف إن ولكن - اقتران هذه النواسخ بما الزائدة]

- ‌[تخفيف أن وكأن وأحكام ذلك - اللغات في لعل والجر بها]

- ‌[حكم المعطوف على اسم إنّ ولكنّ وبقية نواسخ هذا الباب]

- ‌الباب السادس عشر باب لا العاملة عمل إنّ

- ‌[بناء الاسم المفرد على الفتح ونصب المضاف]

- ‌[دخول لا على المعرفة - العطف على اسمها - وصف الاسم]

- ‌[اقتران لا بهمزة الاستفهام وأحكام ذلك]

- ‌الباب السابع عشر باب الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر الداخل عليهما كان والممتنع دخولها عليهما لاشتمال المبتدأ على استفهام

- ‌[ظن وأخواتها وحكم المفعولين معها]

- ‌[سرد هذه الأفعال ومعانيها في هذا الباب وغيره]

- ‌[الإلغاء وأحكامه في أفعال هذا الباب]

- ‌[التعليق وأحكامه في الأفعال القلبية في هذا الباب]

- ‌[التعليق في بعض الأفعال غير القلبية]

- ‌[مسألة علمت زيدا أبو من هو]

- ‌[حكم الجملة بعد التعليق وأدواته]

- ‌[اتحاد الفاعل والمفعول في الأفعال القلبية]

- ‌[الحكاية بالقول ونصب المفعولين في لغة سليم]

- ‌[لا يلحق بالقول في الحكاية ما في معناه]

- ‌[الأفعال التي تنصب ثلاثة مفاعيل]

الفصل: ‌[حديث طويل عن خبر هذه الأفعال]

[حديث طويل عن خبر هذه الأفعال]

قال ابن مالك: (وربّما جاء خبراهما مفردين منصوبين وخبر «جعل» جملة اسميّة أو فعليّة مصدّرة بـ «إذا» أو

«كلّما» ، وندر إسنادها إلى ضمير الشأن ودخول النّفي عليها، وليس المقرون «بأن» خبرا عند سيبويه، ولا يتقدّم هنا الخبر وقد يتوسّط وقد يحذف إن علم، ولا يخلو الاسم من الاختصاص غالبا، ويسند «أوشك» «وعسى» «واخلولق» لأن يفعل، فيغني عن الخبر، ولا يختلف لفظ المسند لاختلاف ما قبله، فإن أسند إلى ضميره اسما أو فاعلا طابق صاحبه معها كما يطابق مع غيرها، وإن كان لحاضر أو غائبات جاز كسر سين «عسى» ).

قال ناظر الجيش: قال المصنف: من عادة العرب في بعض ما له أصل متروك وقد استمر الاستعمال بخلافه أن ينبهوا على ذلك الأصل لأن لا يجهل، فمن ذلك جعل بعض العرب خبر «كاد وعسى» مفردا منصوبا (1) كقول الشاعر (2): في [2/ 79] أصح الروايتين.

879 -

فأبت إلى فهم وما كدت آيبا

وكم مثلها فارقتها وهي تصفر (3)

فبقوله: «وما كدت آيبا» علم أن أصل كادُوا يَكُونُونَ (4) كادوا كائنين كما علم -

(1) ينظر شرح الألفية للمرادي (1/ 325).

(2)

هو تأبط شرّا - الفهمي - واسمه ثابت بن جابر بن سفيان وكنيته: أبو زهير. (سبقت ترجمته).

(3)

البيت من بحر الطويل وهو في شرح التسهيل للمصنف (1/ 393)، وشرح التسهيل للمرادي (1/ 403)، وشرح الألفية للمرادي (1/ 325)، والإنصاف (2/ 554) وتعليق الفرائد (1033)، وابن الناظم (59)، وشرح الحماسة (1/ 75)، وابن يعيش (7/ 123، 119، 125)، وأوضح المسالك (1/ 74)، والجامع الصغير (59)، وابن عقيل (1/ 123)، وشرح شواهده (ص 63)، والمطالع السعيدة (ص 215)، والهمع (1/ 130)، والدرر (1/ 107)، وشرح الكافية للرضي (2/ 305)، والعيني (2/ 165)، والأشموني (1/ 259)، والتوطئة (303)، وشواهد النحو في حماسة أبي تمام (324).

اللغة: فهم: هم بنو فهم بن عمرو بن قيس بن عيلان. تصفر: تتآسف وتتحزن.

والشاهد قوله: (وما كدت آيبا) حيث جاء خبر «كاد» اسما مفردا منصوبا والقياس في خبر «كاد» أن يكون جملة فعلية فعلها مضارع، ولذلك أنكر بعض النحاة هذه الرواية زعما منهم أن الرواية الصحيحة هي «وما كنت آيبا» .

وعليها فلا شاهد في البيت. وهذا يقضي المصنف من قوله: على أصح الروايتين.

(4)

سورة الجن: 19.

ص: 1266

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«بالقود واستحوذ» أن أصل «مال واستعاد» مول واستعود (1) ومثال خبر عسى مفردا منصوبا قول العرب:

«عسى الغوير أبؤسا» (2) يعني ذا بؤس، وقال الشاعر:

880 -

أكثرت في العذل ملحّا دائما

لا تلحني إنّي عسيت صائما (3)

وقد يجيء خبر جعل جملة اسمية: كقول الشاعر:

881 -

وقد جعلت قلوص بني زياد

من الأكوار مرتعها قريب (4)

وقد يجيء جملة فعلية مصدرة بإذا كقول ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -:

«فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا» (5).

وليس المقرون بأن في هذا البيت خبرا عند سيبويه، بل هو منصوب بإسقاط -

(1) أي أن الألف فيها منقلبة عن الواو ينظر شرح الشافية للرضي (3/ 96 - 97).

(2)

مثل قالته الزباء لقومها عند رجوع قصير من العراق ومعه الرجال وبات بالفرر على طريقه.

والمعنى: لعل الشر يأتيكم من قبل الغار. والغوير: تصغير غار - والأبؤس: جمع بؤس وهو الشدة.

وينظر المثل في مجمع الأمثال (2/ 17) واللسان «عسى» .

(3)

البيت من الرجز لقائل مجهول وقد أنكره العلماء قديما كما ذكره البغدادي في الخزانة حيث قال:

قال ابن هشام في شرح أبيات الناظم: طعن في البيت عبد الواحد الطرماح في كتابه بغية الآمل، فقال:

هو بيت مجهول، ولم ينسبه الشراح إلى أحد فسقط الاحتجاج به ولو صح ما قاله لسقط الاحتجاج بخمسين بيتا من كتاب سيبويه اه، الخزانة (4/ 77).

والبيت في التذييل (4/ 543)، وتعليق الفرائد (1034)، وشرح التسهيل للمرادي (1/ 404) والمقرب (1/ 100)، والخصائص (1/ 98)، وأمالي الشجري (2/ 164)، والمغني (1/ 152)، وشرح شواهده (ص 1/ 444)، وابن الناظر (59)، وابن عقيل (1/ 124)، وشرح شواهده (ص 63) وشرح الرضي (2/ 302)، والاقتراح (73)، والهمع (1/ 130)، والمطالع السعيدة (ص 216)، والدرر (1/ 107)، والأشموني (1/ 259)، وملحقات ديوان رؤبة (185)، ويروى أيضا لا تكثرن مكان (لا تلحني).

والشاهد قوله: (إني عسيت صائما) حيث جاء خبر «عسى» اسما مفردا منصوبا.

(4)

البيت من الوافر لقائل مجهول، وهو في التذييل (4/ 345)، وشرح التسهيل للمرادي (1/ 404)، وشواهد التوضيح (93)، وشرح الحماسة للمرزوقي (1/ 301)، وتعليق الفرائد (1035)، والعيني (2/ 170)، وابن الناظم (59)، وحاشية الخضري (1/ 124)، والأشموني (1/ 259)، وأوضح المسالك (1/ 64)، والجامع الصغير (59)، والتوطئة (303)، والخزانة (2/ 336)، (4/ 92) وشواهد النحو في الحماسة (238)، ويروى أيضا (بني سهيل) مكان (بني زياد).

والشاهد قوله: «وقد جعلت قلوص بني زياد

مرتعها قريب» حيث جاء خبر جعل جملة اسمية.

(5)

أخرجه البخاري في كتاب التفسير الباب (65) واستشهد به ابن مالك في شواهد التوضيح (78).

ص: 1267

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

حرف الجر أو بتضمن الفعل معنى قارب. قال سيبويه: تقول: عسيت أن تفعل.

فأن هنا بمنزلتها في قولك: قاربت أن تفعل أي قاربت ذلك وبمنزلة دنوت أن تفعل؛ واخلولقت السماء أن تمطر أي لأن تمطر، وعسيت بمنزلة اخلولقت السماء. ولا يستعمل المصدر هنا كما لم يستعمل الاسم الذي الفعل في موضعه في قولك: بذي تسلم (1). هذا نصه. قلت: والوجه عندي: أن تجعل «عسى» ناقصة أبدا فإذا أسندت إلى «أن والفعل» وجه بما يوجه وقوع حسب عليهما في نحو: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا (2)(3) فكما لم تخرج حسب بهذا عن أصلها لا تخرج «عسى» عن أصلها (مثل)(4) وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً (5) بل يقال في الموضعين:

سدت «أن والفعل» مسدّ الجزأين (6)، (ويوجه)(7) نحو فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ (8) بأن المرفوع اسم «عسى» وأن الفعل بدل سد مسد جزأي الإسناد كما يسد مسدهما لو لم يوجد المبدل منه (9)، فإن البدل في حكم الاستقلال في أكثر الكلام، ومثله قراءة حمزة (10) ولا تحسبن الذين كفروا أنما نملى لهم (11) بالخطاب على جعل (أن)(12) بدلا من «الذين» وسدت مسد المفعولين في البدلية كما سدت مسدهما في قراءة الباقين «ولا يحسبن» بالياء على جعل «الذين كفروا» فاعلا (13)، ومثله: حتى (رئينا)(14) أنه لا حق لأحد منا في -

(1) الكتاب (3/ 157، 158).

(2)

سورة العنكبوت: 2.

(3)

في الإغفال (ص 1183، 1184): «قال أبو إسحاق في قوله تعالى: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا قال: موضع «أن» الأول نصب وهي في موضع اسم «حسب» وخبره. اه. وفي املاء ما منّ به الرحمن (2/ 181)«أن يتركوا» أن وما عملت فيه تسد مسد المفعولين. اه.

(4)

في (ب)(بمثل).

(5)

سورة البقرة: 216.

(6)

هذا رأي ابن مالك وزعم بعض النحاة أن «عسى» في الآية السابقة تامة مكتفية بالمرفوع كما في «كان» التامة. ينظر المطالع السعيدة (ص 219) والهمع (1/ 131).

(7)

في (أ)(فيوجه).

(8)

سورة المائدة: 52.

(9)

ينظر إملاء ما من به الرحمن للعكبري (1/ 219).

(10)

هو حمزة بن حبيب الزيات، كان إمام القراء في عصره، ومن تلاميذه الكسائي، وقد توفي سنة (156 هـ).

(11)

سورة آل عمران: 178.

(12)

ما بين القوسين من الهامش في (ب).

(13)

ينظر إملاء ما من به الرحمن (1/ 159) والكشاف (1/ 150، 151) والإتحاف (ص 182).

(14)

في شرح التسهيل (رأينا).

ص: 1268

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فضل (1) على رواية من رواه بالفتح في صحيح مسلم.

ولا تتقدم أخبار هذه الأفعال: فلا يقال في «طفقت أفعل» : «أفعل طفقت» والسبب في ذلك أن أخبار هذه الأفعال خالفت أصلها بلزوم كونها أفعالا، فلو قدمت لازدادت مخالفتها للأصل، وأيضا فإنها أفعال ضعيفة لا تصرف لها، إذ لا ترد إلّا بلفظ الماضي، إلا «كاد وأوشك» فإن المضارع منهما مستعمل فلهن حال ضعف بالنسبة إلى الأفعال الكاملة التصرف، وحال قوة بالنسبة إلى الحروف فلم يتقدم أخبارها لتفضلها «كان» وأخواتها المتصرفة، وأجيز توسطها تفضيلا لها على «إن» وأخواتها، فيقال: طفق [2/ 80] يصليان الزيدان، وكاد يطيرون المنهزمون (2)، وحكى الجوهري (3): مضارع طفق (4).

ويجوز في هذا الباب حذف الخبر إن علم (5)، ومنه ما جاء في الحديث النبوي الشريف:«من تأنى أصاب أو كاد ومن عجل أخطأ أو كاد» (6) ومنه قول المرقش (7):

882 -

وإذا ما سمعت من نحو أرض

بمحبّ قد مات أو قيل كادا

فاعلمي غير علم شكّ بأنّي

ذاك وابكي لمقصد لن يقادا (8)

أي لن يؤخذ له بقود، وقال آخر:

883 -

قد هاج سار لسار ليلة طربا

وقد تصرّم أو قد كاد أو ذهبا (9)

-

(1) الحديث في صحيح مسلم، باب اللقطة (12/ 33).

(2)

ينظر المطالع السعيدة (ص 218)، والهمع (1/ 131).

(3)

سبقت ترجمته.

(4)

في الصحاح (2/ 101) طبعة بولاق: حكى الأخفش: طفق يطفق: كضرب يضرب وطفق يطفق: كعلم يعلم. اه. وينظر شرح الألفية للمرادي (1/ 331)، والبهجة المرضية (ص 35).

(5)

ينظر شرح الرضي (2/ 304)، والأشموني (1/ 263)، والمطالع السعيدة (ص 218).

(6)

حديث شريف رواه الطبري في الكبير والأوسط عن شيخه بكر بن سهل، ينظر مجمع الزوائد (8/ 19) وقد استشهد به ابن مالك أيضا في الكافية الشافية (1/ 462).

(7)

هو عمرو بن سعد بن مالك أحد الشعراء المعدودين في الجاهلية.

(8)

البيتان من الخفيف وينظر فيهما الكافية الشافية (1/ 462)، والتذييل (4/ 353)، وشرح التسهيل للمرادي (1/ 456).

والشاهد قوله: (أو قيل كادا) حيث حذف خبر «كاد» لدلالة المعنى عليه، والتقدير: أو قيل: كاد أن يموت.

(9)

البيت من بحر البسيط لقائل مجهول وهو في التذييل (4/ 353). -

ص: 1269

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والساري الأول: البرق، ومن حذف الخبر لدليل قوله تعالى:

فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ (1) فحذف الخبر وهو «يمسح» وترك مصدره دليلا عليه، وحق الاسم في هذا الباب أن يكون معرفة أو مقاربا لها كما يحق ذلك لاسم «كان» (2).

وقد يرد نكرة مختصة: كقول الشاعر:

884 -

عسى فرج يأتي به الله إنّه

له كلّ يوم في خليقته أمر (3)

وقد يسند «أوشك» و «عسى» و «اخلولق» إلى «أن يفعل» فيغني عن الخبر كقوله تعالى: وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ (4)، فلو وقعت «عسى» و «أن يفعل» خبر اسم قبلها، فللمتكلم بذلك أن يضمر في «عسى» ضميرا هو اسمها أو فاعلها ويحكم على موضع «أن يفعل» بالنصب، وله أن يجرد «عسى» من الضمير، ويحكم على موضع «أن يفعل» بالرفع مستغنى به عن زائد، كما استغنى به بعد حسب عن مفعول ثان، وأوشك واخلولق مثل «عسى» في هذين الاستعمالين، فيقال: الزيدان أوشكا أن يفعلا، وأوشك أن يفعلا، والعمران اخلولقا أن يفوزا، واخلولق أن يفوزا. أشار إلى ذلك في الثلاثة سيبويه (5) رحمه الله تعالى.

وإن أسندت «عسى» إلى ضمير متكلم أو مخاطب أو إناث غائبات جاز كسر «سينها» وفتحها والفتح أشهر، ولذلك قرأ به ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر، والكوفيون، ولم يقرأ بالكسر إلا نافع (6). انتهى كلام المصنف. -

- والشاهد فيه قوله: أو قد كاد حيث حذف خبر كاد لدلالة ما قبله عليه.

(1)

سورة ص: 33.

(2)

ينظر الهمع (1/ 131).

(3)

البيت من الطويل لمحمد بن إسماعيل وهو في التذييل (4/ 354)، وشرح التسهيل للمرادي (1/ 406)، وتعليق الفرائد (1042)، والصاحبي (237)، وابن عقيل (1/ 125)، وشرح شواهده (ص 65)، والشذور (332)، والعيني (2/ 214)، والهمع (1/ 131)، والدرر (1/ 109).

والشاهد قوله: «عسى فرج يأتي به الله» حيث جاء اسم «عسى» نكرة مختصة.

(4)

سورة البقرة: 216.

(5)

ينظر الكتاب (3/ 158)، واللمع لابن جني (225 - 226)، وشرح الألفية للمرادي (1/ 332، 333)، وابن الناظم (61).

(6)

الآية التي قرأها نافع بكسر السين في «عسى» هي قوله تعالى: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ ينظر ابن -

ص: 1270

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقد علم منه أن الضمير في خبريهما إنما هو عائد على كاد وعسى.

ثم ها هنا أمور:

الأول: كما جاء المصدر بعد «طفق» مغنيا عن الخبر؛ جاز ذلك بعد أوشك.

قال الشاعر:

885 -

لأوشك صرف الدّهر تفريق بيننا

ولا يستقيم الدّهر والدّهر أعوج (1)

التقدير: لأوشك صرف الدهر أن يفرق بيننا، فحذف الخبر لدلالة المصدر عليه.

الثاني: قول المصنف: «أو كلّما وندر إسنادها إلى ضمير الشأن ودخول النفي عليها» لم يتعرض إلى شرحه، وكذا الشيخ أيضا معتذرا بأن المصنف لم يشرحه.

وأقول: أما قوله: «أو كلما» فيحتاج إلى إيراد شاهده، وأما قوله:«وندر إسنادها إلى ضمير الشأن» فقد تقدم في باب المضمر أن كاد من قوله تعالى: مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ (2) أن كاد مسندة إلى ضمير الشأن في [2/ 81] قراءة من قرأ «يزيغ» بالياء (3)، ولكن هذه القراءة ثابته في السبعة، فلا يوصف مثلها بالندور (4)، وأما دخول النفي عليهما فكأنه يعني به ما عدا (كاد) -

- الناظم (61)، وينظر في هذه المسألة أيضا شرح الألفية للمرادي (1/ 333)، والتصريح (1/ 210)، وأوضح المسالك (1/ 84)، وشرح

الجمل لابن عصفور (2/ 138).

(1)

البيت من بحر الطويل وهو لأبي دهبل الجمحي، وهو في التذييل:(4/ 344)، والشعر والشعراء (621).

والشاهد قوله (لأوشك صرف الدهر تفريق بيننا) حيث استغنى بالمصدر عن «أن والفعل» .

(2)

سورة التوبة: 117.

(3)

في معاني القرآن للفراء (1/ 454): وقوله: «من بعد ما كاد يزيغ» ، و «كاد تزيغ»: من قال: «كاد يزيغ جعل في كاد يزيغ» اسما مثل الذي في قوله: «عسى أن يكونوا خيرا منهم» وجعل «يزيغ» به ارتفعت القلوب مذكرا كما قال الله تبارك وتعالى لَنْ يَنالَ اللَّهَ لُحُومُها، ولا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ. ومن قال «تزيغ» جعل فعل القلوب مؤنثا كما قال:«نريد أن نأكل منها وتطمئنّ قلوبنا» وهو وجه الكلام. اه. وينظر شرح الكافية للرضي (2/ 303).

(4)

قراءة الياء في قوله تعالى مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ لحفص وحمزة، وقراءة التاء لغيرهما.

ينظر البحر المحيط (5/ 109)، وتجبير التيسير (119)، والحجة لابن خالويه (178)، وشرح طيبة النشر (310)، والإتحاف (245).

ص: 1271

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

من أفعال الباب المذكورة؛ لمباشرة النفي لكاد وليكاد في القرآن العزيز (1) ولكثرة ذلك في كلام العرب نثرها ونظمها.

الثالث: قد عرفت أن مذهب سيبويه في المقرون «بأن» الواقع بعد أسماء هذه الأفعال: أنه ليس بخبر وتقدم اختيار المصنف فيه أنه بدل من الاسم الواقع قبله، فتحصل لنا من ذلك أن المذاهب ثلاثة، أعني: في المقرون بأن الواقع بعد الاسم المسند إليه الفعل خبر، مفعول به، بدل.

أما كونه مفعولا به فقد نسبه المصنف إلى سيبويه كما عرفت، وغير المصنف إنما يجعل ذلك مذهب المبرد (2).

وأما كونه خبرا فهو مذهب الجمهور وهو الدائر على ألسنة النحاة والمعربين، ولا خفاء أنه المشهور (3).

وأما كونه بدلا من الاسم قبله كما اختاره المصنف، فقال الشيخ: إنه مذهب الكوفيين (4)، وظاهر كلام المصنف أنه قال ذلك من قبل نفسه غير معول فيه على مذهب ومستند القائل بالمفعولية أن «أن» وما بعدها يتقدر بالمصدر ولا يخبر بمصدر عن جثة (5) ومستند القائل بالخبرية أن «أن» هنا مع ما بعدها لا يتقدر بالمصدر، لأنها إنما أتى بها لتدل أن في الفعل تراخيا، ونظير ذلك مجيئهم «بأن» في خبر «لعلّ» ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:«لعلّ أحدكم أن يكون ألحن بحجّته من بعض» (6). -

(1) وذلك كقوله تعالى: إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها.

(2)

الذي جعل ذلك مذهب المبرد هو ابن عصفور وتبعه ابن هشام والسيوطي. يقول ابن عصفور: وإذا استعملت «عسى» استعمال «قارب» نحو: عسى زيد أن يقوم، فزيد فاعل، «وأن يقوم» في موضع الخبر. وعند المبرد: زيد فاعل وأن يقوم في موضع المفعول، والدليل على ذلك أن «أن» وما بعدها تتقدر بالمصدر والمصادر لا تكون أخبارا عن الجثث. اه. شرح الجمل (2/ 139)، وينظر المغني (1/ 28)، والهمع (1/ 130) وسبق شرحه.

(3)

ينظر المغني (1/ 151 - 152)، والهمع (1/ 130).

(4)

التذييل (4/ 334)، وينظر شرح الرضي على الكافية (2/ 303).

(5)

ينظر شرح الجمل لابن عصفور (2/ 139).

(6)

حديث شريف أخرجه البخاري في باب المظالم برواية: «فلعل بعضكم أن يكون أبلغ من بعض» وهو أيضا في الفائق للزمخشري (2/ 455) برواية: «لعل أحدكم أن يكون ألحن بحجته من الآخر» .

والحديث أيضا في النهاية لابن الأثير (4/ 241).

ص: 1272

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قالوا: ومما يدل على أن المقرون «بأن» هو الخبر أنهم لما ردوه إلى الأصل نطقوا باسم الفاعل ولم ينطقوا بالمصدر نحو (1): «إنّي عسيت صائما» (2).

ومن الناس القائلين بأنه خبر من زعم أنّ «أن» والفعل يتقدر بالمصدر، وقال:

يجوز أن يخبر بأن والفعل؛ لأن المصدر قد يخبر به عن العين على جهة المجاز نحو:

زيد عدل ورضي (3)، ومنه:

886 -

فإنّما هي إقبال وإدبار (4)

قالوا: ومن ذلك قوله تعالى: وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللَّهِ (5) أي افتراء، وأما كونه بدلا فقد أبطل من أجل أنه إبدال قبل تمام الكلام، والبدل لا يتأتى كذلك؛ لأن البدل إذا خرج من الكلام كان ما بقي بعده كلاما نحو:

أعجبني عبد الله علمه، فلو اقتصر على:«أعجبني عبد الله» كان كلاما مستقلّا، ولو قيل: عسى زيد، لم يكن كلاما مستقلّا.

واعلم أن في قول المصنف: بأن «عسى» إذا أسندت إلى أن والفعل يوجه ذلك بما يوجه به وقوع حسب عليهما - نظرا (6)، وذلك أن الفعل لا بد له من فاعل وإذا -

(1) ينظر شرح الجمل لابن عصفور (2/ 139).

(2)

تقدم.

(3)

ينظر التصريح (1/ 206)، والمصنف من الكلام للشمني (1/ 301).

(4)

عجز بيت من البسيط للخنساء، وصدره:

ترتع ما رتعت حتّى إذا ادّكرت

وهو في الكتاب (1/ 337)، والمقتضب (3/ 230)، (4/ 305)، والخصائص (2/ 203)، (3/ 189)، والمصنف (1/ 197)، والمحتسب (2/ 43)، وأمالي الشجري (1/ 71)، وابن يعيش (1/ 144)، والخزانة (1/ 207، 240)، والتصريح (1/ 332)، وديوان الخنساء (48)، والشاهد فيه: الإخبار عن اسم العين بالمصدر مجازا.

(5)

سورة يونس: 37.

(6)

ينظر المغني (1/ 152)، وقد عقب الدماميني على ذلك في شرحه على المغني (1/ 301)، فقال: ولهم أن يقولوا: أي مانع يمنع من أن البدل قد يكون لازما مع وقوع مثل ذلك في بعض التوابع كوصف مجرور «ربّ» إذا كان ظاهرا، والبدل أولى بذلك لأنه المقصود. اه. وينظر شرح الكافية للرضي (2/ 303)، حيث استحسن الرضي هذا المذهب القائل بالبدلية. وينظر حاشية الصبان (1/ 260).

ص: 1273

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كان له مفعول وجب أن يكون متميزا عن الفاعل ولا شك أنّ «أن والفعل» مع «حسب» وأخواتها إنما سدت مسد الجزأين المشتركين في المفعولية خاصة، وذلك بعد أن أسند الفعل الذي هو «حسب» مثلا إلى فاعله.

وأما «عسى» في نحو: أن يقوم؛ فلم يسند إلى فاعل: أن «أن» والفعل سدّا مسد فاعل «عسى» ومفعولها. ولا نظير لذلك؛ لأن أن والفعل إما أن يسدّا مسد فاعل أو مفعول وإما أنهما يسدان مسدهما معا فلا نظير لذلك إلا أن يقول المصنف: لما كان الفاعل [2/ 82] والمفعول هنا أصلها المبتدأ والخبر كان حكمها حكم المفعولين في باب «ظننت» فكما سدّا مسدهما هناك سدّا هنا، وفيه بعد، لأنه لو جاز الاستغناء «بأن والفعل» عن الاسم والخبر في هذا الباب، لجاز الاستغناء بهما في باب «كان» فكان يقال: كان أن يقوم، وإذا لم يتم أنّ «أن والفعل» يسدّان مسدّ فاعل «عسى» ومفعولها لم يتم القول بالبدلية في عسى زيد أن يقوم. لأن المصنف إنما وجه ذلك بأن البدل في حكم الاستقلال فقال: كأن المبدل منه لم يوجد فآل الأمر إلى القول بأن «أن والفعل» سدّا مسدّ الجزأين أيضا في نحو: عسى زيد أن يقوم كما سدّا مسدهما في نحو عسى أن يقوم زيد، وقد عرفت ما فيه (1).

وأما تنظير المصنف المسألة المذكورة أعني: «عسى زيد أن يقوم» على أن يقوم -

(1) في حاشية الصبان (1/ 260) تخريج لهذه المسألة حيث رد صاحبها على احتجاج القائلين بعدم البدلية لأن البدل في حكم الاستقلال كما

ذكر المصنف. يقول الصبان: «وقيل: بدل اشتمال من المرفوع وسد هذا البدل مسد الجزأين كما سد مسد المفعولين في قراءة حمزة ولا تحسبن الذين كفروا أنما نملى لهم خير لأنفسهم بالتاء الفوقية وفتح السين ولا محذور في لزوم البدل لأنه المقصود بالحكم، ولا ينافيه كونه تابعا فربّ تابع يلزم كتابع مجرور «ربّ» الظاهر عند الأكثر، ولم يجعل المبدل منه اسم عسى وأول مفعولي تحسب، لأن المبدل منه في حكم المطروح، و «عسى» على هذا القول ناقصة كقول الجمهور، ولك أن تقول: نصّ الزمخشري وغيره على أنه ليس معنى كون المبدل منه في حكم المطروح أنه مهدر، بل إن البدل مستقل بنفسه لا متمم لمتبوعه كالنعت والبيان، وحينئذ لا مانع من جعل المبدل منه اسم عسى، وأولى مفعولي تحسب. كما أن الفاعل في نحو: نفعني زيد علمه هو المبدل منه لا بدل الاشتمال. اه.

ص: 1274

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بدل بقوله تعالى: ولا تحسبن الذين كفروا أنما نملى (1) بالخطاب في قراءة حمزة فليست الآية الشريفة نظير ما ذكره، لأن «تحسبن» قد أخذ فاعله على أن المعربين لهم توجيهات في الآية الشريفة (2) فلم يكن ما قاله المصنف متعينا، أما إذا كان الفعل الواقع بعد اسم من أسماء هذه الأفعال غير مقرون «بأن» فلا خلاف فيه أن الفعل داخل على المبتدأ والخبر.

الرابع: قد ذكر المصنف أن أخبار هذه الأفعال لا تتقدم، وأنها قد تتوسط كما عرفت ولم يشعر كلام المصنف بأن في منع تقدمها على الأفعال خلافا، لكن نقل الشيخ عن صاحب البسيط أنه قال: لا يجوز تقدم أخبار أفعال المقاربة عليها اتفاقا، وأما التوسط فلا كلام فيه، غير أن النحاة ذكروا أن الخبر إذا كان مقرونا بأن نحو:

عسى زيد أن يقوم ففي جواز توسطه خلاف، منهم من أجازه وهم المبرد والسيرافي والفارسي (3) وصححه ابن عصفور (4)، ويمنع ذلك الشلوبين، فلم يجبره في عسى أن يذهب زيد، إلا أن يكون زيد فاعلا بذهب (5)، وعلل ذلك بأن «عسى» غير متصرف فلا يتقدم خبره على اسمه، ورد عليه «بليس» فإنها غير متصرفة والتوسط جائز فيها بإجماع، والذي يجيز توسيطه يجيز هذا الوجه الآخر. قال الشيخ: -

(1) سورة آل عمران: 178.

(2)

في روح المعاني للألوسي (1/ 727) وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ وقرأ حمزة بالتاء والموصول مفعول أو أنما نملي إلخ بدل اشتمال منه، وحيث كان المقصود بالذات هو البدل وكان هنا مما يسد مسد المفعولين جاز الاقتصار على مفعول واحد ويجوز أن يكون أَنَّما نُمْلِي مفعولا ثانيا إلا أنه لكونه في تأويل المصدر لا يصح حمله على الذوات، فلا بد من تقدير إما في الأول. أي لا تحسبن حال الذين كفروا وشأنهم، وإما في الثاني أي لا تحسبن الذين كفروا وأصحاب أنما نملي لهم إلخ. اه.

وينظر الكشاف (1/ 150 - 151)، وجامع البيان للطبري (4/ 115 - 116)، والحجة لابن خالويه (ص 117)، وتفسير الجلالين (69).

(3)

ينظر المطالع السعيدة (ص 218)، والهمع (1/ 131)، وأوضح المسالك (1/ 84)، وابن عقيل (1/ 127)، والتصريح (1/ 209)،

والأشموني (1/ 266)، والإيضاح للفارسي (77).

(4)

ينظر شرح الجمل لابن عصفور (2/ 1390).

(5)

ينظر التوطئة (300)، ففيه إشارة إلى هذا الرأي. وابن عقيل (1/ 127)، والمطالع السعيدة -

ص: 1275

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«وتسد أن وصلتها» في ذلك مسد الاسم والخبر كما سدت مع صلتها مسد معمولي ظننت في ظننت أن يقوم زيد (1). انتهى.

والظاهر أن «عسى» في هذا التركيب تكون تامة «فأن وصلتها» في موضع الفاعل بها، والاسم الواقع بعد الفعل الذي هو الصلة فاعل الفعل (2) واعلم أنه قد يتعين في بعض التراكيب أحد القولين لموجب كما في قوله تعالى: عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً (3) فإنه معين أن يكون: «ربك» فاعل «يبعثك» ولا يجوز أن يكون اسم عسى، لما يلزم منه من الفصل بين «أن يبعثك» وبين مَقاماً مَحْمُوداً ب رَبُّكَ وهو أجنبي من يَبْعَثَكَ لأنه مرفوع [2/ 83]«بعسى» (4).

وثمرة خلاف المذهبين تظهر في التثنية والجمع، فعلى مذهب المبرد ومن وافقه تقول: أن يقوما أخواك وأن يقوموا إخوتك، وأن يخرجن الهندات، وعلى مذهب الشلوبين يحتم رفع ما بعد «أن وصلتها» بالفعل فلا يكون في الفعل الذي هو صلة «أن» ضمير فتقول: عسى أن يقوم أخواك، وأن يقوم إخوتك وأن تقوم الهندات (5).

قال الشيخ: «والحق أنه يحتاج في جواز التوسط إلى سماع من العرب» (6).

وهذا من الشيخ وقوف منه مع الظاهر وإذا كانت القواعد تقتضي جواز شيء فما المانع من القول به.

- (ص 218)، وأوضح المسالك (1/ 84).

(1)

التذييل (2/ 579).

(2)

هذا رأي ابن جني أيضا في اللمع (225)، حيث قال:«وتقول» : «عسى أن يقوم زيد» فإن وما بعدها في موضع رفع بعسى، وزيد رفع بيقوم وكفت صلة أن من خبر عسى. اه.

(3)

سورة الإسراء: 79.

(4)

ينظر شرح الجمل لابن عصفور (2/ 139)، وابن يعيش (7/ 118)، والأشموني في (1/ 226).

(5)

ينظر ابن عقيل (1/ 127)، وشرح الألفية للمرادي (1/ 333)، واللمع لابن جني (225 - 226) وأوضح المسالك (1/ 84).

(6)

التذييل (4/ 352).

ص: 1276