الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[المبتدآت والأخبار التي لا تدخل عليها]
قال ابن مالك: (وكلّها تدخل على المبتدأ إن لم يخبر عنه بجملة طلبيّة ولم يلزم التّصدير أو الحذف أو عدم التّصرّف أو الابتدائية لنفسه أو مصحوب لفظيّ أو معنويّ وندر: وكوني بالمكارم ذكّريني).
ــ
أما كان: فتغير الدلالة على اقتران مضمون الجملة بالزمان (الماضي)(1) هذا إن لم تكن بمعنى صار وإن كانت بمعنى صار فتفيد ما تفيده صار وسيأتي (2).
وأما أصبح وأمسى وأضحى: فهي للدلالة على اقتران مضمون الجملة بالزمان الذي يشاركها في الحروف وإن كانت بمعنى صار فمعناها معناها.
وأما ظل: فللدلالة على مصاحبة الصفة للموصوف نهاره كما أن بات لمصاحبته إياه ليله وإن كانت بمعنى صار فمعناهما معناها.
وأما صار: فللدلالة على تحول الموصوف عن صفته التي كان عليها إلى صفة أخرى.
وأما ليس: فلانتفاء الصفة عن الموصوف.
وأما ما دام: فللدلالة على مقارنة الصفة للموصوف في الحال.
وأما ما زال وأخواتها: فللدلالة على ملازمة الصفة للموصوف مذ كان قابلا لها على حسب ما قبله.
وقد قال المصنف: إن معناها الإعلام بلزوم مضمون الجملة في المضي أو في الاستقبال (3).
قال ناظر الجيش: قال المصنف (4): «جرت عادة النحويين بإطلاق القول في كون هذه الأفعال تدخل على المبتدأ فلا يبينون امتناع بعض المبتدآت من دخولها عليها وقد تعرض لذلك بعضهم دون حصر وقد بينت ما أغفلوه من ذلك فإن الحاجة داعية إلى معرفته.
فمن ذلك المبتدأ المخبر عنه بجملة طلبية نحو زيد اضربه وعمرو لا تصحبه وبشر -
(1) ما بين القوسين زيادة من عندنا يتطلبها المقام غير موجودة في النسخ.
(2)
سبق شرحه.
(3)
شرح التسهيل (1/ 333).
(4)
شرح التسهيل (1/ 335).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هل أتاك لا تدخل عليه هذه الأفعال ولا غيرها من العوامل اللفظية وقول من قال:
686 -
وكوني بالمكارم ذكّريني
…
[ودلّي دلّ ما جدة صناع](1)
نادر لأن الخبر فيه جملة طلبية.
ومن المبتدآت التي لا تدخل عليه هذه الأفعال: كل مبتدأ تضمن معنى الاستفهام أو الشرط فللمستحق لذلك أن يكون مصدرا نحو أي القوم أفضل وأيهم يأتي فله حق وكذا المبتدأ [2/ 7] المضاف إلى ما تضمن ذلك.
ومما يجب تصديره فيمتنع دخول هذه الأفعال عليه: المقرون بلام الابتداء لأن لها صدر الكلام فلا يعمل فيما اقترنت به غير الابتداء.
ومما لا يدخل عليه هذه الأفعال: ما لزم حذفه كالمبتدأ المنوي قبل النعت المقطوع كقولك الحمد لله الحميد بالرفع وقد تقدم الإعلام بما يحذف من المبتدآت على سبيل اللزوم.
ومما لا تدخل عليه هذه الأفعال: ما لا يتصرف نحو: طوبى للمؤمن وسلام عليك وويل للكافر، وما لزم الابتدائية لنفسه نحو: قولك: أن تفعل أقاموه مقام ينبغي لك أن تفعل فلم تدخل الأفعال عليه كما لا تدخل على ما أقيم مقامه وكذا قولهم أقل رجل يقول ذلك إلا زيد أقاموه مقام ما يقول ذلك الرجل إلا زيد فعاملوه معاملته في امتناع دخول الفعل عليه ومجيء إلا بعده. ومما لزم الابتدائية لمصحوب لفظي المبتدأ الواقع بعد لولا الامتناعية والواقع بعد إذا المفاجأة.
ومما لزم الابتدائية لمصحوب معنوي: ما التعجبية وما بعد لله في التعجب نحو لله درك.
ومن اللازم الابتدائية لمصحوب معنوي: ما جرى مثلا نحو قولهم الكلاب على -
(1) البيت من بحر الوافر وهو لبعض بني نهشل كما في مراجعه. وقد سبق الاستشهاد به عند الحديث عن خروج الجمل الطلبية إلى الخبرية.
وشاهده هنا: وقوع الجملة الطلبية خبرا لكان وهو نادر.
والبيت رواه أبو حيان كما أثبتناه في المخطوطة بترتيبه وقافيته وذكر أن قبله بيتا آخر وهو قوله:
ألا يا أمّ فارع لا تلومي
…
على شيء رفعت به سماعي
والبيت في شرح التسهيل (1/ 336) وفي التذييل والتكميل (4/ 130). وفي معجم الشواهد (ص 232).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
البقر (1) والعاشية تهيج الآبية (2) والإيناس قبل الإبساس (3) فهذه وأمثالها من المبتدآت التي وردت أمثالا لا تفارقها الابتدائية لأن الأمثال لا تغير» انتهى (4).
وقد نوقش (5) في تمثيله بقولهم: نولك أن تفعل لما لزم الابتدائية فقيل إنه لم يلزمها وقد استعمل اسما لكان.
قال النابغة:
687 -
فلم يك نولكم أن تشقذوني
…
ودوني عازب وبلاد حجر (6)
وأنشد الزمخشري في كتاب أساس البلاغة (7):
688 -
أأن حنّ أجمال وفارق جيرة
…
عنيت بنا ما كان نولك تفعل (8)
يريد أن تفعل فحذف أن وارتفع الفعل.
ونص ابن هشام على جواز دخول كان على نولك، قال: فيقال: ما كان نولك -
(1) مثل من أمثال العرب يضرب عند تحريش بعض القوم على بعض من غير مبالاة يعني لا ضرر عليك فخلهم. ونصب الكلاب على معنى أرسل الكلاب. (وانظر المثل في مجمع الأمثال 3/ 22).
(2)
مثل من أمثال العرب (مجمع الأمثال: 2/ 329) والعاشية من عشوت بمعنى تعشيت والآبية الممتنعة عن تناول الطعام وغيره. وأصله أن رجلا سأل ولده: هل عشيت الإبل فقال الولد: إنّها أبت العشاء، فقال الأب:«العاشية تهيج الآبية» فذهب قوله مثلا.
وكنت أقرؤها الغاشية (بالغين المعجمة بمعنى المغشية) تهيج الآبية بمعنى أن الممتنعة عن طرق الفحل إياها إذا رأت الأخرى التي يطرقها حنت ورضيت.
(3)
مثل من أمثال العرب (مجمع الأمثال: 1/ 376).
الإيناس: مصدر آنسه أوقعه في الأنس وهو نقيض أوحشه.
الإبساس: الرفق بالناقة عند الحلب وهو أن يقول لها: بس بس قال الشاعر:
ولقد رفقت فما رجعت بطائل
…
لا ينفع الإبساس بالإيناس
والمثل يضرب في المداراة عن الطلب.
(4)
شرح التسهيل (1/ 337) وهو بنصه.
(5)
الذي ناقشه هو أبو حيان. وانظر التذييل والتكميل (2/ 128).
(6)
البيت من بحر الوافر قائله النابغة الذبياني من مقطوعة قصيرة له يرد بها على قوم رووا شعرا له في هجائه وبيت الشاهد رابعها وآخرها. وانظر المقطوعة في ديوان النابغة (ص 76).
(7)
انظر (ص 996) من الكتاب المذكور طبعة كتاب الشعب مادة (نول).
(8)
البيت من بحر الطويل أنشده الزمخشري في كتابه أساس البلاغة (مادة نول: ص 996) ولم ينسبه، وهو في العتاب بين الأحباب.
واستشهد به هنا على ما في البيت السابق من عدم لزوم لفظ النول الابتدائية بل يجوز عمل النواسخ فيه. -