المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[العطف على خبر ليس الرافع السببي أو الأجنبي] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٣

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثالث عشر باب الأفعال الرّافعة الاسم النّاصبة الخبر

- ‌[سردها وشروط عملها]

- ‌[المبتدآت والأخبار التي لا تدخل عليها]

- ‌[عملها في الجملة الاسمية]

- ‌[ما تختص به دام وأفعال الاستمرار الماضية]

- ‌[علة تسميتها أفعالا ناقصة]

- ‌[معاني هذه الأفعال وهي تامة]

- ‌[امتناع بعض الأفعال من مجيء الخبر ماضيا]

- ‌[حكم قول «أين لم يزل زيد» وأشباهه]

- ‌[ورود بعض هذه الأفعال بمعنى صار]

- ‌[أحوال الخبر في جملة هذه الأفعال من التوسط أو التقديم]

- ‌[حكم الخبر إذا كان جملة في هذا الباب]

- ‌[معمول الخبر المرفوع أو المنصوب في هذا الباب]

- ‌[تعريف الاسم والخبر وجواز تقدم الخبر]

- ‌[اقتران خبر هذه الأفعال بإلا وأحكام ذلك]

- ‌[اختصاصات ليس وكان في هذا الباب]

- ‌[اختصاصات كان في هذا الباب]

- ‌[أحكام خاصة بكان]

- ‌[حكم معمول الخبر في هذا الباب]

- ‌[الحروف العاملة عمل ليس: ما الحجازية وشروط عملها]

- ‌[حكم المعطوف على خبر ما]

- ‌[بقية الحروف العاملة عمل ليس]

- ‌[إهمال ليس في لغة تميم]

- ‌[حكم النفي بليس وما]

- ‌[زيادة الباء في الخبر المنفي]

- ‌[العطف على توهم زيادة الباء]

- ‌[العطف على خبر ليس الرافع السببي أو الأجنبي]

- ‌الباب الرابع عشر باب أفعال المقاربة

- ‌[سردها وعملها ومعانيها]

- ‌[حديث طويل عن خبر هذه الأفعال]

- ‌[حديث في عسى - نفي كاد - مضارع كاد]

- ‌الباب الخامس عشر باب الأحرف النّاصبة الاسم الرّافعة الخبر

- ‌[سردها - معانيها - عملها]

- ‌[حديث عن خبر هذه النواسخ من تقديمه أو حذفه]

- ‌[مواضع كسر همزة إن ومواضع فتحها ومواضع جواز الوجهين]

- ‌[بقية مواضع فتح همزة إن]

- ‌[مواضع دخول لام الابتداء ومواضع امتناع ذلك]

- ‌[تخفيف إن ولكن - اقتران هذه النواسخ بما الزائدة]

- ‌[تخفيف أن وكأن وأحكام ذلك - اللغات في لعل والجر بها]

- ‌[حكم المعطوف على اسم إنّ ولكنّ وبقية نواسخ هذا الباب]

- ‌الباب السادس عشر باب لا العاملة عمل إنّ

- ‌[بناء الاسم المفرد على الفتح ونصب المضاف]

- ‌[دخول لا على المعرفة - العطف على اسمها - وصف الاسم]

- ‌[اقتران لا بهمزة الاستفهام وأحكام ذلك]

- ‌الباب السابع عشر باب الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر الداخل عليهما كان والممتنع دخولها عليهما لاشتمال المبتدأ على استفهام

- ‌[ظن وأخواتها وحكم المفعولين معها]

- ‌[سرد هذه الأفعال ومعانيها في هذا الباب وغيره]

- ‌[الإلغاء وأحكامه في أفعال هذا الباب]

- ‌[التعليق وأحكامه في الأفعال القلبية في هذا الباب]

- ‌[التعليق في بعض الأفعال غير القلبية]

- ‌[مسألة علمت زيدا أبو من هو]

- ‌[حكم الجملة بعد التعليق وأدواته]

- ‌[اتحاد الفاعل والمفعول في الأفعال القلبية]

- ‌[الحكاية بالقول ونصب المفعولين في لغة سليم]

- ‌[لا يلحق بالقول في الحكاية ما في معناه]

- ‌[الأفعال التي تنصب ثلاثة مفاعيل]

الفصل: ‌[العطف على خبر ليس الرافع السببي أو الأجنبي]

[العطف على خبر ليس الرافع السببي أو الأجنبي]

قال ابن مالك: (وإن ولي العاطف بعد خبر ليس أو ما وصف يتلوه سببيّ: أعطي الوصف ما له مفردا ورفع به السّببيّ أو جعلا مبتدأ وخبرا.

وإن تلاه أجنبيّ عطف بعد ليس على اسمها والوصف على خبرها وإن جرّ بالباء جاز على الأصحّ جرّ الوصف المذكور ويتعيّن رفعه بعد «ما» ).

ــ

والدليل على أن أو تقع موقع الواو قول الشاعر:

853 -

قوم إذا سمعوا الصّريخ رأيتهم

من بين ملجم مهره أو سافع (1)

قال ناظر الجيش: إذا وقع (2) بعد معمولي ليس أو ما عاطف يليه وصف بعده سببي نحو: ليس زيدا قائما ولا ذاهبا أبوه وما عمرو مقيما ولا ظاعنا أخوه، فلك أن تعطي الوصف من النصب والجر ما كنت تعطيه دون مذكوره بعده ويرفع به السببي، ولك أن ترفعهما مبتدأ وخبرا فتقول: ليس زيدا قائما ولا ذاهب أبوه وما عمرو مقيما ولا ظاعن أخوه.

وإن تلا الوصف أجنبي والعامل ليس - جاز رفعه عطفا على الاسم ونصب الوصف عطفا على الخبر وجاز جعلهما مبتدأ وخبرا نحو: ليس زيد قائما ولا ذاهبا عمرو، وليس قائما ولا ذاهب عمرو. -

- توهم أن الصفيف مجرور بالإضافة كما قال (من الطويل).

بدا لي أنّي لست مدرك ما مضى

ولا سابق شيئا إذا كان جائيا

(1)

البيت من بحر الكامل وهو لحميد بن ثور الهلالي (انظر ديوانه ص: 111)

اللغة: الصريخ: المستغيث والمغيث والمراد هنا الأول - السافع: الآخذ بناصية فرسه بلا لجام وهو اسم فاعل من سفع ومثله قوله تعالى: لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ [العلق: 15].

المعنى: يمدح الشاعر القوم أنهم ذوو نجدة ومروءة فإذا سمعوا مستغيثا نهضوا إليه فمنهم من ألجم فرسه ومنهم من ركبه وجعل ناصيته لجاما.

والشاهد فيه: استعمال أو بمعنى الواو في قوله: من بين ملجم مهره أو سافع لأن بين تقتضي الإضافة إلى متعدد.

والبيت في التذييل والتكميل (4/ 319) وفي معجم الشواهد (ص 232).

(2)

ما سيشرحه الآن ويبينه من كلام ابن مالك وسينبه عليه آخر الشرح، وانظر شرح التسهيل (1/ 387).

ص: 1250

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وإن كان خبر ليس مجرورا بالباء جاز جر الوصف المذكور بباء مقدرة مدلول عليها بالمتقدمة وهو كثير في

الكلام ومنه قول الشاعر:

854 -

وليس بمدن حتفه ذو تقدّم

لحرب ولا مستنسئ العمر محجم (1)

وقال الآخر:

855 -

فليس بآتيك منهيّها

ولا قاصر عنك مأمورها (2)

ومنه قول الآخر:

856 -

وليس بمعروف لنا أن نردّها

صحاحا ولا مستنكر أن تعقّرا (3)

-

(1) البيت من بحر الطويل وهو من الحكم لقائل مجهول.

اللغة: مدن حتفه: مقرب يوم أجله، مستنسئ العمر: مؤجله ومؤخره. المحجم: هو الخائف الذي لا يقدم على المهالك.

والمعنى: لكل أجل كتاب، فلا الشجاع الذي يقتحم المخاطر يقدم ساعة موته، ولا الخائف الجبان يؤخرها.

والشاهد فيه قوله: وليس بمدن

ولا مستنسئ

إلخ. حيث جاء الوصف الثاني مجرورا بباء مقدرة دلت عليها الباء المذكورة في المعطوف عليه السابق وهو قوله بمدن.

ولا يصح عطف مستنسئ على مدن حتى لا يكون من العطف على معمولين لعاملين مختلفين وهو غير جائز.

والبيت في شرح التسهيل (1/ 387)، وفي التذييل والتكميل (4/ 321)، وليس في معجم الشواهد.

(2)

البيت من بحر المتقارب وقد سبق الحديث عنه وعن الاختلاف في قائله، والشاهد فيه.

وأما شاهده هنا فهو قوله: فليس بآتيك

ولا قاصر حيث جاء الأخير مجرورا بباء مقدرة دلّت عليها الباء المذكورة في المعطوف عليه وهو قوله: فليس يأتيك.

ولا يجوز عطف قاصر على آتيك حتى لا يكون من العطف على معمولين لعاملين قال المبرد بعد أن أنشد بيت الشاهد (المقتضب: 4/ 196): «فالرّفع على مثل قولك: ليس زيد قائما ولا عمرو منطلق قطعته من الأوّل وعطفت جملته على جملته، والنّصب قد فسّرناه على الموضع» .

والبيت في شرح التسهيل (1/ 381، 387)، وفي التذييل والتكميل (4/ 306، 321) وفي معجم الشواهد (ص 172).

(3)

البيت من بحر الطويل وهو في الفخر للنابغة الجعدي (كتاب سيبويه: 1/ 64).

والشاعر يفتخر بكرمه وكرم قومه حيث إن إبلهم لا تعيش صحيحة، وإنما تذبح للضيوف وإذا ذبحت فلا ينكر أحد ما يفعلون. والتعقير: مبالغة من العقر وهو النحر.

والشاهد فيه: كالذي قبله، وارجع إلى تفصيل طويل فيه للمبرد في المقتضب (4/ 194)، إلا أنه قال في آخر كلامه: «وأما الخفض فيمتنع

لأنك تعطف بحرف واحد على عاملين وهما الباء وليس، فكأنك قلت: زيد في الدار والحجرة عمرو فتعطف على في والمبتدأ وكان الأخفش يجيزه». -

ص: 1251

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وليس هذا من العطف على عاملين بل من حذف عامل لدلالة مثله عليه.

وحذف حرف الجر المعطوف لدلالة مثله عليه كثير ومنه قوله تعالى: وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (4) وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ

(1) الآية.

فحذفت في الجارة لاختلاف الليل والنهار لدلالة الجارة لخلقكم عليها.

ومثله قول الشاعر:

857 -

أخلق بذي الصّبر أن يحظى بحاجته

ومدمن القرع للأبواب أن يلجا (2)

وإذا استسهل بقاء الجر بمضاف حذف لدلالة مثله عليه كان بقاء الجر بحرف الجر المحذوف لدلالة مثله عليه أحق وأولى لأن حرف الجر في عمل الجر أمكن من الاسم المضاف (3).

ومن حذف المضاف وبقاء جر المضاف إليه: قول الشاعر [2/ 75]:

858 -

أكلّ امرئ تحسبين امرأ

ونار توقّد باللّيل نارا (4)

-

- والبيت في شرح التسهيل (1/ 387)، وفي التذييل والتكميل (4/ 321)، وفي معجم الشواهد (ص 141).

(1)

سورة الجاثية: 4، 5.

(2)

البيت من بحر البسيط ولم تذكر مراجعه قائله، ومفرداته واضحة.

ومعناه: أن كل صابر ينال حاجته وكل من جد في أمر ناله.

قال الصبان (2/ 234): «لم أجد حظي متعدّيا بالباء فلعلّه في البيت على تضمين معنى ظفر أو تنعّم» .

والشاهد فيه قوله: أخلق بذي الصّبر

ومدمن حيث جر الأخير بحرف جر محذوف دلّ عليه حرف الجر المذكور في المعطوف عليه قبله، ولا بد من تقرير حرف الجر وإلا لزم العطف على معمولي عاملين مختلفين.

والبيت في شرح التسهيل (1/ 388) وهو في معجم الشواهد (ص 77).

(3)

لأن العمل في الإضافة يكون بحرف جر مقدر، فحرف الجر الظاهر أمكن منه ولأن المضاف قد يستغني بنفسه عن المضاف إليه بخلاف

حرف الجر فلا يجوز استغناؤه عن مجروره واستقلاله.

(4)

البيت من بحر المتقارب قاله أبو دؤاد الإيادي - كما ذكرت مراجعه الكثيرة - واسمه جارية بن الحجاج، وقيل قائله عدي بن زيد (معجم الشواهد ص 147).

والمعنى: يقول الشاعر لفتاته: لا ينبغي أن تظني كل من رأيت له صورة الرجال رجلا لأنه لا يستحق اسم الرجل إلا من كان ذا نعوت حسنة وأفعال كريمة كما لا ينبغي لك أن تظني أن كل نار تتوقد بالليل نارا وإنما النار العظيمة هي التي توقد لقرى الضيفان وهداية السالكين بالليل، وهو معنى جميل.

والشاهد فيه قوله:

ونار توقّد باللّيل حيث جر بتقدير مضاف محذوف معطوف على كل في قوله: -

ص: 1252

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومثله قراءة بعض القراء: (تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة)(1) على تقدير عرض الآخرة. ويستقصى الكلام على نظائر هذه المسألة إن شاء الله تعالى.

وليس بعد ما في الوصف التالية أجنبي بعد عاطف إلا الرفع كقولك: «ما زيد قائما ولا ذاهب عمرو» لأن المعطوف عليه مع قربه من العامل لو قدم فيه الخبر لبطل العمل فبطلان بالتقديم في المعطوف لبعده من العامل: أحق وأولى ومثال ذلك قول الشاعر:

859 -

لعمرك ما معن بتارك حقّه

ولا منسئ عمرو ولا متيسّر (2)

هذا كلام المصنف. ثم ها هنا أمور ننبه عليها:

الأول: أن المصنف أجاز في نحو: ليس زيد قائما ولا ذاهبا أبوه الوجهين -

- أكل امرئ.

وإذا جاز حذف المضاف (الجار) لدلالة مثله عليه فمن باب أولى يجوز حذف حرف الجر لذلك لأنه أصل في هذا العمل.

والبيت في شرح التسهيل (1/ 388). وفي معجم الشواهد (ص 147).

(1)

سورة الأنفال: 67.

وانظر في القراءة المذكورة: المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات لابن جني (1/ 281).

(2)

البيت من بحر الطويل وهو للفرزدق، وقد سبق الحديث عنه وذكر الشاهد فيه، وهو زيادة الباء في خبر ما التميمية.

والشاهد فيه هنا قوله: ولا منسئ عمرو حيث يجب رفع المعطوف على خبر ما لأن مرفوعه أجنبي أي ليس مرفوع الخبر حتى يجوز فيه النصب

على الموضع والجر على اللفظ.

وإنما كان أجنبيّا لأن عمرا غير معن.

وهنا بحث دقيق: سبق الاستشهاد بالبيت، وكانت روايته: ولا منسئ معن، وعليه فمرفوع المعطوف ليس أجنبيّا وإنما هو مرفوع الخبر غاية الأمر أنه أقام الظاهر مقام الضمير، وقرأت البيت في مراجعه فوجدتها تذكر معنا في البيت مرتين وعليه فلا شاهد فيه لما ساقه إليه ابن مالك لأن المرفوع ليس أجنبيّا حينئذ، إلا أنني وجدت رواية البيت في هذا المكان في المخطوطة عندي تقول: ولا منسئ عمرو، ووجدت محقق التذييل والتكميل: د/ سيد تقي عند ذكر هذا البيت يقول: في جميع النّسخ عمرو.

إذ للبيت روايتان: معن وعمرو ولا بد أن تكون الرواية هنا عمرا حتى يصح الاستشهاد بالبيت على القاعدة التي يذكرها ابن مالك، ومن هنا أجمعت النسخ في هذا المكان على أن الرواية عمرو. ولا يهم أن تذكر في مراجع البيت: معنا، فإن شاهدها هناك وهو زيادة الباء في خبر ما لا يضر إن كانت الرواية معنا أو عمرا.

والبيت في شرح التسهيل (1/ 388)، وفي معجم الشواهد (ص 153).

ص: 1253

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المتقدمي الذكر (1) وهما ظاهران.

قال الشيخ (2): «ويجوز فيه وجه آخر وهو أن تعرب الوصف مبتدأ والسّييّ فاعل به أغنى عن الخبر لأنه قد اعتمد الوصف على حرف النّفي» . وما قاله الشيخ غير ظاهر فإن شرط الفاعل الذي يغني عن الخبر أن يكون مغنيا أي مستقلا بنفسه يحسن السكوت عليه نحو: أقائم الزيدان؟. وما قائم العمران. وقد تقدم في باب المبتدأ أن نحو: (أقام أبواه زيد) لا يجوز فيه أن يكون الوصف مبتدأ وأبواه فاعل به سد مسد الخبر للعلة التي ذكرت ولا شك أن (ولا ذاهب أبوه) إذا أعرب ذاهب مبتدأ وأبوه فاعل به سد مسد الخبر نظير (أقائم أبواه زيد) فتكون ممتنعة (3).

الأمر الثاني: من قدماء النحويين من لا يجيز النصب في نحو: ليس زيد قائما ولا ذاهبا عمرو بعطف عمرو على الاسم وذاهبا على الخبر قال:

لان ليس لا تتقدر بعد لا فهو يوجب الرفع في مثل ذلك. وقد رد سيبويه هذا المذهب بقول العرب: ليس زيد ولا أخواه قاعدين (4).

الأمر الثالث: ما ذكره المصنف من تعين الرفع في الوصف التاليه أجنبي بعد العاطف الواقع بعد خبر ما هو مذهب البصريين وهو الذي تقتضيه القواعد (5). -

(1) وهما:

1 -

عطف الخبر منصوبا على الخبر، والاسم مرفوعا على الاسم.

2 -

كون الاسمين مرفوعين (خبرا مقدما ومبتدأ مؤخرا) ويكون من عطف الجمل.

(2)

أبو حيان: التذييل والتكميل (4/ 320).

(3)

نقل هذا الرد على أبي حيان محقق التذييل والتكميل دكتور/ سيد تقي (2/ 540) في رسالته للدكتوراه.

(4)

انظر كتاب سيبويه (1/ 60).

(5)

قال ابن عصفور: «إذا تأخر السببي فالرفع ليس إلا نحو ما زيد قائما ولا منطلق عمرو ويكون منطلق خبرا مقدما وعمرو مبتدأ والجملة معطوفة على الجملة المتقدمة، وإنما لم يجز نصب منطلق لأنك إذا ذاك لا تخلو من أن ترفع عمرا بمنطلق أو بالعطف على اسم ما، ولا يجوز أن يكون معطوفا على اسم ما لأن ذلك يؤدي إلى تقديم خبر ما الحجازية على اسمها ولا يجوز أن يكون مرفوعا بمنطلق ويكون منطلق معطوفا على خبر (ما) لأن المعطوف شريك المعطوف عليه فيلزم أن يكون خبر (ما) وذلك لا يتصور هنا لأنه ليس في الخبر ضمير يعود على المخبر عنه لأن التقدير يكون: ما زيد قائما وما زيد منطلقا عمرو» (شرح الجمل لابن عصفور (2/ 60) تحقيق فواز الشغار).

ص: 1254

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والمنقول: أن الكسائي والفراء أجازا النصب (1) محتجين بما حكي من قول العرب: ما زيد قائما فمتخلّفا أحد. أي إذا قام لم يتخلف أحد وكذا أجاز الكوفيون الجر في الوصف المعطوف من نحو: ما زيد بمنطلق ولا خارج عمرو وقد عرفت أن ذلك ممتنع عند البصريين وهو الحق.

الأمر الرابع: ذكر ابن عصفور في باب ما النافية تقسيما بالنسبة إلى كون المعطوف عليه الاسم أو الخبر أو كلاهما وذكر الشيخ أيضا وأدرج ليس مع ما بالنسبة إلى هذا التقسيم واستوفيا الكلام على ذلك (2).

وأنت إذا نظرته وتأملت كلام المصنف وجدته قد وفى بالمقصود في البابين وذكر -

(1) التذييل والتكميل (4/ 322)، والهمع (1/ 118)، إلا أن السيوطي أسند النصب إلى الكوفيين عامة.

(2)

قال ابن عصفور (شرح الجمل: 2/ 59، 60): وإذا عطفت في هذا الباب فلا يخلو أن تعطف على الاسم أو على الخبر أو على الاسم والخبر معا.

فإن عطفت على الخبر فلا يخلو أن يكون مرفوعا أو منصوبا أو مجرورا فإن كان مرفوعا فعلى اللفظ وإن كان منصوبا فلا يخلو أن يكون حرف العطف موجبا للخبر أو لا يكون.

فإن كان موجبا للخبر رفعت مثل قولك ما زيد قائما بل قاعد وإن لم يكن موجبا نصبت مثل قولك: ما زيد قائما ولا قاعدا. وحكى سيبويه رحمه الله الخفض على توهم زيادة الباء وذلك نحو قولك: ما زيد قائما ولا قاعد وذلك قبيح.

وإن كان مخفوضا فلا يخلو أن يكون حرف العطف يقتضي الإيجاب أو لا يقتضيه فإن كان يقتضي الإيجاب رفعته نحو ما زيد بقائم بل بقاعد، ولا يجوز خفض قاعد لأنك لو خفضته كان على نية الباء كأنك قلت: بل بقاعد والباء لا تزاد في الواجب قياسا وإن لم يقتض الإيجاب جاز الخفض على اللفظ والنصب على الموضع إن قدرت ما حجازية والرفع الموضع إن قدرت ما تميمية.

وإن عطفت على الاسم رفعت نحو ما زيد قائما ولا عمرو.

فإن عطفت على الاسم والخبر معا فلا يخلو الخبر أن يكون مرفوعا أو منصوبا أو مخفوضا فإن كان الخبر مرفوعا رفعت نحو ما زيد قائم ولا عمرو خارج.

وإن كان منصوبا فلا يخلو أن يكون حرف العطف يقتضي الإيجاب أو لا يكون فإن كان يقتضي الإيجاب رفعت وإن لم يكن يقتضيه فحكمه حكم ما عطف عليه نحو ما زيد قائما ولا عمرو خارجا.

فإن كان الخبر مخفوضا فلا يخلو أن يكون حرف العطف موجبا للخبر أو لا يكون فإن كان موجبا رفعت المعطوف نحو ما زيد بقائم بل عمرو خارج. وإن لم يكن موجبا فلا يخلو أن تعطف على اللفظ أو على الموضع، فإن عطفت على الموضع رفعت الاسم ونصبت الخبر في الحجازية نحو قولك: ما زيد بقائم ولا عمرو قاعدا وعلى اللغة التميمية ترفع الاسمين فتقول: ما زيد بقائم ولا عمرو قاعد (شرح الجمل: 1/ 60).

ص: 1255

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ما يحتاج إليه وترك ما لا يحتاج إليه مما هو بين ظاهر، فرحمه الله تعالى وحشره وإيّاي مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين بمنه وكرمه إنه ذو الفضل العميم.

وقد ختم الشيخ الكلام في هذا الفصل بمسائل:

منها (1): أن أكثرهم أجاز اليوم ما زيد إياه منطلقا ومنعها بعضهم.

ومنها: أنه يجوز حذف خبر ما المكفوفة بإن داخلا على المبتدأ النكرة من نحو:

قول الشاعر:

860 -

حلفت لها بالله حلفة فاجر

لناموا فما إن من حديث ولا صال (2)

التقدير: فما حديث ولا صال فتنبه. وهو على حذف مضاف أي فما إن من ذي حديث ولا صال.

ومنها: أنه لا يجوز حذف اسم ما لشبهه بما لا يحذف، وهو اسم ليس فلا يقال: زيد منطلقا أي ما هو منطلقا.

ومنها: ما هو طعامك زيد يأكل هو ضمير الشأن فإن كانت ما حجازية لم تجز هذه المسألة. وإن كانت تميمية جازت.

ومنها: أنه يجوز دخول همزة الاستفهام على ما الحجازية فتعمل. تقول: أمّا زيد منطلقا كما تقول: ألست قائما (3).

* * *

(1) انظر هذه المسائل وأخرى معها في التذييل والتكميل (4/ 324، 325، 326).

(2)

البيت من بحر الطويل لامرئ القيس من قصيدته المشهورة التي مطلعها: ألاعم صباحا أيّها الطّلل البالي

إلخ.

وهي إحدى فضائحه حيث يصف فيها كيف تسلل ليلا إلى إحدى معشوقاته غير مبال بشيء من زوج أو أهل. وهي في الديوان (ص 32).

والصّالي: هو المصطلي بالنار أي المستدفئ بها.

وقد استشهد النحاة بالبيت في باب القسم وغيره

(الدرر: 1/ 96).

والشاهد فيه هنا قوله: فما إن من حديث ولا صال حيث حذف خبر المبتدأ النكرة والواقع بعد ما المكفوفة بإن وقد قدره الشارح.

وانظر البيت في التذييل والتكميل (4/ 325) ومعجم الشواهد (ص 309).

(3)

التذييل والتكميل لأبي حيان (4/ 326).

ص: 1256