الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حكم المعطوف على خبر ما]
قال ابن مالك: (والمعطوف على خبرها ببل ولكن موجب فيتعيّن رفعه).
ــ
فإن قيل: كما أن عمل ليس لا يبطل بإيجاب الخبر فينبغي ألا يبطل عمل ما بالإيجاب أيضا حملا لها على ليس.
أجيب بأن عمل ليس لذاتها لكونها فعلا فهي تستحق العمل من أصل الفعلية استمر معنى النفي أو انتقض. وأما عمل ما فبالحمل على ليس لمشاركتها في إفادة النفي فإذا زال ما به المشاركة زال ما كان من أجلها.
وقد علم من هذا الذي ذكر أولا وآخرا أن ما لم يثبت لها عمل مع توسط الخبر بينها وبين اسمها ولا مع إيجاب الخبر بإلا.
قال ناظر الجيش: قال المصنف: «إذا عطف على خبر ما المنصوب ببل أو لكن لم يجز في المعطوف إلا الرفع كقولك: ما زيد قائما بل قاعد وما خالد مقيما لكن ظاعن، وإنما لم يجز في المعطوف إلا الرفع لأنه بمنزلة الموجب بإلا، وقياس مذهب يونس (1) ألا يمتنع نصب المعطوف ببل ولكن» انتهى (2)[2/ 59].
وستعرف في باب العطف إن شاء الله تعالى: «أن بل إذا تقدّمها نفي أو نهي فهي لتقرير حكم ما قبلها وجعل ضدّه لما بعدها» (3) وعلى هذا وجب أن يرفع الواقع بعدها في نحو ما زيد قائما بل قاعد لأنه موجب لا منفي لكن المبرد مع اعترافه بذلك أجاز كون بل ناقلة حكم النفي والنهي إلى ما بعدها وتقرير قوله (4):
إن بل يكون بعد النفي على حسبها بعد الإيجاب وهي بعد الإيجاب لزوال -
(1) القائل بجواز إعمال ما في الخبر الموجب بإلا.
(2)
شرح التسهيل (1/ 374).
(3)
قال ابن مالك (تسهيل الفوائد ص 177): والمعطوف ببل مقرّر بعد تقرير نهي أو نفي صريح أو مؤوّل لمذكور موطّأ به أو مردود أو مرجوع عنه
…
ولكن قبل المفرد بعد نهي أو نفي كبل».
(4)
قال المبرد (المقتضب: 1/ 12): هذا باب حروف العطف ومعانيها: ومنها بل: ومعناها الإضراب عن الأول والإثبات للثاني نحو قولك: ضربت زيدا بل عمرا وجاءني عبد الله بل أخوه وما جاءني رجل بل امرأة». وقال في (4/ 297): «بل ولا من حروف الإشراك» .
وكرر الكلام في كتابه كثيرا وانظر: (1/ 150)، (3/ 305).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الغلط والنسيان لأنك إذا قلت قام زيد بن عمرو أي عمرو هو الذي قام.
قالوا: «ويجري هذا مجرى بدل الغلط؛ فلذلك تقول: ما قام زيد بل عمرو كأنك أردت أن تقول: ما قام عمرو فغلطت فعلقت النفي بزيد ثم أضربت فقلت:
بل عمرو أي عمرو هو الذي قام».
قالوا: ويجري هذا مجرى قولك: ما قام زيد عمرو.
وعلى هذا يجوز أن يقال: ما زيد قائما بل قاعدا كأنه أراد أن يقول: ما زيد قاعدا، فغلط أو نسي؛ فقال: ما زيد قائما ثم أضرب فقال: بل قاعدا أي ما هو قاعدا فالقعود منفي غير موجب فلا يمتنع نصبه. لكن أكثر النحاة على خلاف قول المبرد في هذه المسألة (1).
واعلم أنهم نصّوا على أن لكن وبل لا يعطف بهما إلا المفردات ولا يعطف بهما الجمل وإذا كان كذلك فالمرفوع الواقع بعدهما في نحو ما زيد قائما بل قاعد أو لكن قاعد لم يعطف على ما قبله لأن ما قبله منصوب فهو حينئذ خبر مبتدأ محذوف التقدير لكن هو قاعد وبل هو قاعد، وإذا كان كذلك فلا عطف والحالة هذه وإنما لكن لمجرد الاستدراك وبل لمجرد الإضراب، ومن ثم ناقش الشيخ المصنف في قوله:
(1) قال ابن عصفور (المقرب: 1/ 102).
وقال السيوطي (الهمع: 2/ 485):
«إذا عطفت على خبر ما بلكن أو بل تعيّن في المعطوف الرفع نحو زيد قائما لكن قاعد على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو ولا يجوز النصب لأن المعطوف بهما موجب وما لا تعمل إلا في المنفي.
أما المعطوف بغيرهما فيجوز فيه الأمران والنصب أجود».
(2)
التذييل والتكميل (4/ 274).