المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الإلغاء وأحكامه في أفعال هذا الباب] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٣

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثالث عشر باب الأفعال الرّافعة الاسم النّاصبة الخبر

- ‌[سردها وشروط عملها]

- ‌[المبتدآت والأخبار التي لا تدخل عليها]

- ‌[عملها في الجملة الاسمية]

- ‌[ما تختص به دام وأفعال الاستمرار الماضية]

- ‌[علة تسميتها أفعالا ناقصة]

- ‌[معاني هذه الأفعال وهي تامة]

- ‌[امتناع بعض الأفعال من مجيء الخبر ماضيا]

- ‌[حكم قول «أين لم يزل زيد» وأشباهه]

- ‌[ورود بعض هذه الأفعال بمعنى صار]

- ‌[أحوال الخبر في جملة هذه الأفعال من التوسط أو التقديم]

- ‌[حكم الخبر إذا كان جملة في هذا الباب]

- ‌[معمول الخبر المرفوع أو المنصوب في هذا الباب]

- ‌[تعريف الاسم والخبر وجواز تقدم الخبر]

- ‌[اقتران خبر هذه الأفعال بإلا وأحكام ذلك]

- ‌[اختصاصات ليس وكان في هذا الباب]

- ‌[اختصاصات كان في هذا الباب]

- ‌[أحكام خاصة بكان]

- ‌[حكم معمول الخبر في هذا الباب]

- ‌[الحروف العاملة عمل ليس: ما الحجازية وشروط عملها]

- ‌[حكم المعطوف على خبر ما]

- ‌[بقية الحروف العاملة عمل ليس]

- ‌[إهمال ليس في لغة تميم]

- ‌[حكم النفي بليس وما]

- ‌[زيادة الباء في الخبر المنفي]

- ‌[العطف على توهم زيادة الباء]

- ‌[العطف على خبر ليس الرافع السببي أو الأجنبي]

- ‌الباب الرابع عشر باب أفعال المقاربة

- ‌[سردها وعملها ومعانيها]

- ‌[حديث طويل عن خبر هذه الأفعال]

- ‌[حديث في عسى - نفي كاد - مضارع كاد]

- ‌الباب الخامس عشر باب الأحرف النّاصبة الاسم الرّافعة الخبر

- ‌[سردها - معانيها - عملها]

- ‌[حديث عن خبر هذه النواسخ من تقديمه أو حذفه]

- ‌[مواضع كسر همزة إن ومواضع فتحها ومواضع جواز الوجهين]

- ‌[بقية مواضع فتح همزة إن]

- ‌[مواضع دخول لام الابتداء ومواضع امتناع ذلك]

- ‌[تخفيف إن ولكن - اقتران هذه النواسخ بما الزائدة]

- ‌[تخفيف أن وكأن وأحكام ذلك - اللغات في لعل والجر بها]

- ‌[حكم المعطوف على اسم إنّ ولكنّ وبقية نواسخ هذا الباب]

- ‌الباب السادس عشر باب لا العاملة عمل إنّ

- ‌[بناء الاسم المفرد على الفتح ونصب المضاف]

- ‌[دخول لا على المعرفة - العطف على اسمها - وصف الاسم]

- ‌[اقتران لا بهمزة الاستفهام وأحكام ذلك]

- ‌الباب السابع عشر باب الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر الداخل عليهما كان والممتنع دخولها عليهما لاشتمال المبتدأ على استفهام

- ‌[ظن وأخواتها وحكم المفعولين معها]

- ‌[سرد هذه الأفعال ومعانيها في هذا الباب وغيره]

- ‌[الإلغاء وأحكامه في أفعال هذا الباب]

- ‌[التعليق وأحكامه في الأفعال القلبية في هذا الباب]

- ‌[التعليق في بعض الأفعال غير القلبية]

- ‌[مسألة علمت زيدا أبو من هو]

- ‌[حكم الجملة بعد التعليق وأدواته]

- ‌[اتحاد الفاعل والمفعول في الأفعال القلبية]

- ‌[الحكاية بالقول ونصب المفعولين في لغة سليم]

- ‌[لا يلحق بالقول في الحكاية ما في معناه]

- ‌[الأفعال التي تنصب ثلاثة مفاعيل]

الفصل: ‌[الإلغاء وأحكامه في أفعال هذا الباب]

[الإلغاء وأحكامه في أفعال هذا الباب]

قال ابن مالك: (وتسمّى المتقدّمة على صيّر قلبيّة. وتختصّ متصرّفاتها بقبح الإلغاء في نحو: ظننت زيد قائم، وبضعفه في نحو: متى ظننت زيد قائم، وزيد أظنّ أبوه قائم، وبجوازه بلا قبح ولا ضعف في نحو: زيد قائم ظننت، وزيد ظننت قائم، وتقدير ضمير الشّأن أو اللّام المعلّقة في نحو: ظننت زيد قائم أولى من الإلغاء، وقد يقع الملغى بين معمولي «إنّ» وبين «سوف» ومصحوبها وبين معطوف ومعطوف عليه، وإلغاء ما بين الفعل ومرفوعه جائز لا واجب خلافا للكوفيين، وتوكيد الملغى بمصدر منصوب قبيح وبمضاف إلى الياء ضعيف وبضمير أو اسم إشارة أقلّ ضعفا. وتؤكّد الجملة بمصدر الفعل بدلا من لفظه منصوبا فيلغى وجوبا، ويقبح تقديمه، ويقلّ القبح في نحو: متى ظنّك زيد ذاهب؟ وإن جعل «متى» خبرا لظنّ رفع وعمل وجوبا، وأجاز الأخفش والفرّاء إعمال المنصوب في الأمر والاستفهام).

قال ناظر الجيش: اعلم أن الإلغاء والتعليق حكمان متعلقان بالأفعال القلبية المتصرفة من أفعال هذا الباب (1) وقد يشاركها في التعليق أفعال أخر كما سيذكر، ثم الإلغاء عبارة عن إبطال العمل لفظا ومحلّا على سبيل الجواز على قول وعلى الوجوب على قول (2)، والتعليق عبارة عن إبطال العمل لفظا لا محلّا على سبيل -

(1) في الكتاب (1/ 118): «هذا باب الأفعال التي تستعمل وتلغى، فهي ظننت وحسبت وخلت، وأريت، ورأيت، وزعمت، وما ينصرف من أفعالهن» . اه.

(2)

أوضح الشيخ يس هذه المسألة في حاشيته على التصريح (1/ 253) فقال: قال الدنوشري: إذا توسطت هذه الأفعال بين المفعولين ففي هذه الحالة أنت بالخيار في الإعمال والإلغاء، فإن تقدم على الاسم المتقدم لام الابتداء تعين الإلغاء، نحو: لزيد ظننت قائم، وإن كان الفعل منفيّا تعين الإعمال نحو: زيدا لم أظن قائما. اه. وينظر حاشية الخضري على شرح ابن عقيل (1/ 152).

«وذكر السيوطي في الهمع (1/ 153) أن جواز الإلغاء إذا تأخر الفعل عن المفعولين أو توسط بينهما هو مذهب الجمهور وأن الوجوب هو مذهب الأخفش واختيار ابن أبي الربيع، يقول: وإنما يجوز إذا تأخر الفعل عن المفعولين نحو زيد قائم ظننت أو توسط بينهما نحو: زيد ظننت قائم لضعفها حينئذ بتقدم المعمول كما هو شأن العامل إذا تأخر، والجمهور أنه على سبيل التخيير لا اللزوم، فلك الإلغاء والإعمال، وذهب الأخفش إلى أنه على سبيل اللزوم واختاره عليه ابن أبي الربيع. اه.

ص: 1485

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الوجوب، وإنما اختصت هذه الأفعال بهذين الحكمين لما أذكره.

أما اختصاصها بالإلغاء: فلما علمت فيما تقدم أن متعلق هذه الأفعال في الحقيقة إنما هي النسبة الحاصلة بين

المنتسبين فكأنها لم يكن لها تسلط بحق الأصالة على المفعولين، وإذا كان كذلك ساغ إبطال عملها إذا توسطت بين المعمولين، أو تأخرت عنهما لضعفها حيث لم تقدم (1)، هذا على القول بأنّ الإلغاء جائز، وأما على القول بأنه واجب - فلأنّ [2/ 179] الفعل إنما أتى به في نحو زيد ظننت مقيم أو في نحو زيد مقيم ظننت بعد أن قصد المتكلم البناء على الإخبار المجرد مثلا، ثم عرض له أن ذلك الأمر مظنون فأتى بالفعل حينئذ (2).

وأما اختصاصها بالتعليق: فلأنها لا تباشر إلا الجملة، والجملة في نفسها قد تكون مصدرة بما له صدر الكلام. ومتى كانت الجملة مصدرة بذلك امتنع تسلط العامل على جزأي الجملة وهذا لا يكون في الأفعال غيرها أعني ما ينصب المفعول، فإنها إنما تباشر المفردات خاصة والمفرد على حدته لا يتصور أن يقرن بما له الصدر من أدوات الاستفهام أو نفي أو لام ابتداء، إذا تقرر هذا فقد تكلم المصنف الآن في الإلغاء وسيتكلم بعده في التعليق، وقد صرح هو في المتن والشرح بأن الإلغاء جائز يعني أن الخيار للمتكلم فله أن يعمل وله أن يلغي حيث يجوز له الإلغاء. وهذا الذي ذكره هو المشهور المعروف، قال الشيخ: وهو مذهب الجمهور ومقتضى كلام ابن أبي الربيع في شرح الإيضاح أن الإلغاء ليس راجعا إلى اختيار المتكلم، بل إنما يكون بحسب القصد فإنه قال: -

(1) ينظر أوضح المسالك (1/ 120)، وحاشية الصبان (2/ 28).

(2)

في الكتاب (1/ 120): «وإنما كان التأخير أقوى - أي إذا أردت الإلغاء - لأنه إنما يجيء بالشك بعد ما يمضي كلامه على اليقين، أو بعد ما يبتدئ وهو يريد اليقين ثم يدركه الشك، كما تقول:

عبد الله صاحب ذاك بلغني وكما قال: من يقول ذاك تدري، فأخر ما لم يعمل في أول كلامه، وإنما جعل ذلك فيما بلغه بعد ما مضى كلامه على اليقين، وفيما يدري. اه. وينظر شرح الجمل لابن عصفور (1/ 315 - 316) ط. العراق.

وقد عارض الرضي في شرح الكافية (2/ 280) «فقال: وقيل الجملة الملغي عنها في نحو: زيد قائم ظننت، مبنية على اليقين والشك عارض بخلاف المعلق عنها، وليس بشيء، لأن الفعل الملغي لبيان ما صدر عنه مضمون الجملة من الشك أو اليقين، ولا شك أن معنى الفعل الملغي معنى الظرف فيجوز: زيد قائم ظننت بمعنى: زيد قائم في ظني، ويمنع الظرف كون الكلام الأول مبنيّا على اليقين. اه.

ص: 1486

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

العرب تأتي بهذه الأفعال على مقصدين:

أحدهما: أن تخبر عن زيد بالانطلاق وتأتي بظننت بعد كمال إخبارك ليبين مستنده، وإذا قصدت هذا، فليس لك في ظننت وأخواتها إلا الإلغاء، وتأتي بها متوسطة ومتأخرة، والاختيار تأخيرها وعلى هذا المعنى بيت زهير:

1129 -

وما أدري وسوف إخال أدري (1)

أراد وسوف أدري فيما أحسب ولم يرد وسوف أحسب، إذ لا معنى له، وإذا جئت بالظن بعد كمال إخبارك فلك أن تحذفه وتعوض منه المصدر نحو: زيد منطلق وهو بدل من الفعل فلا يجمع بينهما ولا يكون الإلغاء أبدا إلا إذا جئت بهذه الأفعال متعدية إلى مصادرها.

الثاني: أن تأتي بها لتخبر بوقوعها منك ثم تطلب معلقة وهو الخبر وما يطلب الخبر هو المبتدأ فإذا قصد فيها هذا وجب العمل وتكون مبتدأة ومتوسطة ومتأخرة، لأن الكلام مبني عليها، فكأنها متقدمة، وهي لا تلغى مع التقديم (2) انتهى وهو كلام حسن.

وملخصه: أن المتكلم بعد أن بنى كلامه على الإخبار المجرد عن اليقين والشك عرض له أن ذلك يتعين أو شك منه فأتى بما يدل على مراده بعد أن يأتي بالجملة بتمامها أو بأحد جزأيها، وعلى هذا لا يحتاج إلى الاعتذار عن إلغائها حيث تلغى، لأن الأفعال إذا أتي بها على هذا الحكم كانت في حكم ما أتي به زائدة في الكلام، ولا يبعد أن يحكم لظننت في نحو: زيد ظننت مقيم بما حكم به لكان من الزيادة -

(1) البيت من الوافر وهو في التذييل (2/ 1002)، والأمالي الشجرية (1/ 666)، (2/ 334)، والمغني (1/ 41، 139)، (2/ 393، 398)، وشرح شواهده للسيوطي (1/ 130، 412)، وحاشية يس (1/ 253)، وديوانه (ص 73)، برواية «رجال آل حصن أم نساء» في الشطر الثاني من البيت.

والشاهد قوله: (وسوف إخال أدري» حيث وقعت «إخال» بين سوف، ومصحوبها فألغيت، وعجز البيت هو:

أقوم آل حصن أم نساء

(2)

التذييل (2/ 986).

ص: 1487

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

في نحو: ما كان أحسن زيدا، ويؤيد هذا الذي أشرت إليه وقوعها [2/ 180] بين اسم إنّ وخبرها، وبين سوف وما صحبته وبين المتعاطفين (1) كما سيأتي.

وفي شرح الشيخ أن الذي ذهب إليه ابن أبي الربيع هو مذهب أبي الحسن كأنه يعني الأخفش ونقل عن صاحب الإفصاح أنه مذهب آخرين، وأن بعضهم يقول:

إنه مذهب سيبويه (2).

وإذ قد عرفت هذا فلنشرع في مقصود الشرح تابعين رأى المصنف في أن الإلغاء جائز لا واجب فنقول: الأفعال المتقدمة على صيّر: رأى وحجا وما بينهما، وجملتها أربعة عشر فعلا كما تقدم، وسميت قلبية لقيام معانيها

بالقلب (3) والذي لا يتصرف منها فعلان وهما «هب وتعلّم» كما تقدم التنبيه على ذلك وهذان الفعلان لا يلغيان ولا يعلقان أيضا كما سيأتي فلهذا خص الذكر بالمتصرفات منها، ثم الإلغاء على ما ذكر المصنف ثلاثة أقسام:

قبيح وضعيف وجائز دون قبح وضعف.

فالجائز دون قبح وضعف: إلغاء المتوسط بين المعمولين أو المتأخر عنهما نحو: زيد ظننت قائم وزيد قائم ظننت كما مثل به في الكتاب (4)، ومن إلغاء المتوسط قول الشاعر (5): -

(1) في شرح الجمل لابن عصفور (1/ 315 - 316): «فإن قيل: فلأي شيء لم تلغ إلا متوسطة أو متأخرة؟ فالجواب: أنها إذا كانت في أول الكلام كان ما بعدها مبنيّا عليها، وإن لم تكن أول الكلام فإنك إن أعملتها قدرت أيضا أن الكلام عليها، وإذا ألغيتها قدرت أن الكلام مبني على أن لا يكون فيه فعل من هذه الأفعال، ثم عرض لك بعد ذلك أن أردت أن تذكر هذه الأفعال لتجعل ذاك الكلام فيما تعلم أو فيما تظن أو فيما تزعم» . اه.

فعبارة ابن عصفور هذه مشعرة بأنه يجوز أن يحكم لهذه الأفعال في حالة الإلغاء بالزيادة كما هو في كلام الشارح.

(2)

التذييل (2/ 986 - 987)، وينظر: الكتاب (1/ 119)، والهمع (1/ 153).

(3)

ينظر شرح الألفية لابن الناظم (ص 75)، والأشموني (2/ 19)، وأوضح المسالك (1/ 111).

(4)

الكتاب لسيبويه (1/ 119) وعبارته: فإن ألغيت قلت: عبد الله أظن ذاهب، وهذا أخال أخوك، وفيها أرى أبوك. اه.

(5)

هو اللعين المنقري واسمه منازل بن زمعة من بني منقر بن عبد الله بن الحارث بن تميم يهجو رؤبة بن العجاج وقيل يهجو العجاج. ينظر العيني (2/ 404)، ونسبه السيرافي في شرح الأبيات لجرير.

ص: 1488

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

1130 -

أبا الأراجيز يا ابن اللّؤم توعدني

وفي الأراجيز خلت اللوم والخور (1)

ومن إلغاء المتأخر قول الشاعر:

1131 -

آت الموت تعلمون فلا ير

هبكم من لظى الحروب اضطرام (2)

ومثله:

1132 -

هما سيّدانا يزعمان وإنّما

يسوداننا إن بسرت غنماهما (3)

والقبيح: هو إلغاء المتقدم نحو: ظننت زيد قائم (4).

والضعيف: هو إلغاء ما تقدم على الجزأين أيضا لكن يتقدم عليه معمول الخبر نحو: متى ظننت زيد قائم، قال

المصنف (5): حكم سيبويه بقبح إلغاء المتقدم -

(1) البيت من البسيط وهو في الكتاب (1/ 120)، وشرح أبيات الكتاب للسيرافي (1/ 407)، والتذييل (2/ 987، 996)، وابن يعيش (7/ 84، 85)، والخزانة (1/ 125)، عرضا وقد ذكر البغدادي فيه أن صواب البيت «والفشل» مكان «والخور» والعيني (2/ 404)، واللمع (ص 137)، والتصريح (1/ 253)، والهمع (1/ 153)، والدرر (1/ 135)، والحيوان للجاحظ (4/ 266)، والإفصاح للفارقي (ص 222)، وأوضح المسالك (1/ 120)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص 77).

والشاهد قوله: (وفي الأراجيز خلت اللوم والخور) حيث توسط «خلت» بين الخبر والمبتدأ. فإن قوله في «الأراجيز» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم وقوله «اللوم» مبتدأ مؤخر فلما وقع الفعل «خال» بينهما ألغى.

(2)

البيت من الخفيف لقائل مجهول وهو في التذييل (2/ 995)، والعيني (2/ 402)، والأشموني بحاشية الصبان (2/ 28)، والأشموني تحقيق الشيخ محيي الدين (2/ 80).

والشاهد قوله: (آت الموت تعلمون) حيث ألغى الفعل «تعلم» لتأخره عن مفعولية وقد رفعهما بالابتداء والخبر على أن أصل الكلام: تعلمون الموت آتيا.

(3)

البيت من الطويل وهو لأبي أسيدة الدبيري وينظر في التذييل (2/ 995)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص 77)، والبهجة المرضية للسيوطي (ص 43)، وأوضح المسالك (1/ 120)، والعيني (2/ 403)، والتصريح (1/ 254)، والهمع (1/ 153)، والدّرر (1/ 135)، واللسان (يسر).

اللغة: بسرت غنماهما: كثرة أولادها وألبانها.

والشاهد قوله: (هما سيدانا يزعمان) حيث ألغي الفعل (يزعم) لتأخره عن مفعوليه ورفعهما بالابتداء والخبر.

(4)

مذهب البصريين أنه إن تقدم الفعل على المفعولين ولم يتقدمه شيء امتنع الإلغاء وأجاز الكوفيون الإلغاء، لكن الإعمال عندهم أرجح. ينظر شرح الألفية للمرادي (1/ 380).

(5)

شرح التسهيل لابن مالك (1/ 86).

ص: 1489

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

نحو: ظننت زيد قائم وبتقليل قبحه بعد معمول الخبر نحو: متى ظننت زيد قائم، وفي درجته الإلغاء في نحو: زيد أظن أبوه قائم (1)، وأجاز سيبويه أن يقال أظن زيد قائم على تقدير أظن لزيد قائم، على التعليق بلام الابتداء مقدرة (2)، وعلى ذلك حمل قول الشاعر:

1133 -

وإخال إنّي لاحق مستتبع (3)

بالكسر على تقدير إنّي للاحق، ويجوز أن يحمل ما جاء من هذا على تقدير ضمير الشأن مفعولا أولا وما بعده في موضع المفعول الثاني فيكون هذا نظير قول بعض العرب «إنّ بك زيد مأخوذ» على تقدير إنه بك زيد مأخوذ (4) ومما ينبغي أن يحمل على هذا قول كعب بن زهير رحم الله تعالى كعبا.

1134 -

أرجو وآمل أن تدنو مودّتها

وما إخال لدينا منك تنويل (5)

-

(1) ينظر: الكتاب (1/ 124)، وشرح المفصل لابن يعيش (7/ 86)، وشرح الكافية للرضي (2/ 280).

(2)

ينظر الكتاب (3/ 151).

(3)

عجز بيت من الكامل لأبي ذؤيب الهذلي: وصدره:

فغبرت بعدهم بعيش ناصب

وهو في المنصف لابن جني (1/ 322)، والتذييل (2/ 1000)، والمغني (1/ 231)، وشرح شواهده (1/ 262)، (2/ 604)، والتصريح (1/ 258)، والهمع (1/ 153)، والدرر (1/ 136)، والمفضليات (421)، وديوان الهذليين (1/ 2)، ويروى البيت أيضا برواية «لبثت» ، بقيت مكان «فغبرت» .

والشاهد قوله: (وإخال إني لاحق) حيث علق «إخال» بلام ابتداء مقدرة، ولذلك كسرت «إنّ» بعده.

(4)

ينظر الكتاب (2/ 134)، والهمع (1/ 153)، وشرح ابن عقيل بحاشية الخضري (1/ 152)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص 77)، وشرح الكافية للرضي (2/ 280)، وشرح الجمل لابن عصفور (1/ 315) ط العراق، وأوضح المسالك (1/ 124).

(5)

البيت من البسيط وهو في التذييل (2/ 992)، وشرح عمدة الحافظ (ص 150)، والبهجة المرضية (ص 43)، والخزانة (4/ 7)، والعيني (2/ 412)، وشرح الكافية للرضي (2/ 280)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص 77)، وأوضح المسالك (1/ 123)، وشرح ابن عقيل (1/ 152)، وشرح شواهده (ص 94)، والتصريح (1/ 258)، والهمع (1/ 153)، والدرر (1/ 31)، والأشموني (2/ 29)، وشواهد النحو في حماسة أبي تمام (ص 291)، وديوانه (ص 9)، برواية «تعجيل مكان تنويل» .

والشاهد قوله: (وما إخال لدينا منك تنويل) حيث ألغي «إخال» لأنها لم تتصدر الكلام بل جاءت معترضة بين «ما» والجملة بعدها.

ص: 1490

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

التقدير: وما إخاله لدينا منك تنويل (1) انتهى.

وفهم من قول المصنف في متن الكتاب: وتقدير ضمير الشأن أو اللام [2/ 181] المعلقة في نحو: ظننت زيد قائم أولى من الإلغاء مع قوله قبل: وتختص متصرفاتها بقبح الإلغاء في نحو: ظننت زيد قائم - أن القول بالإلغاء جائز

ولكنه قبيح، واعلم أن المنقول عن البصريين منع الإلغاء مع التقديم والمنقول عن الكوفيين الجواز، ولكن الإعمال عندهم أحسن (2) وإذا كان كذلك فلا يتجه حكم المصنف عليه بالقبح، لأنه يقتضي جوازه مع القبح وقد عرفت أن البصريين لا يجيزون وأن الكوفيين يجيزون مع أنهم لا يحكمون بقبح، فكأن عبارة المصنف ينشأ عنها قول ثالث لكن لم ينقل أن ذلك اختيار أحد، وإذا كان كذلك وجب أن يحمل حكم سيبويه بقبح الإلغاء على أنه أراد به المنع.

ثم ها هنا أمور:

الأول: أن الشيخ بعد أن ذكر أن الإلغاء مع التقديم لا يجوز على مذهب البصريين قال: وقد اختلف من هذا الأصل وهو أن يتصدر أول الكلام في مسائل:

الأولى: ظننت يقوم زيدا، وظننت قام زيدا، أجاز البصريون النصب وذهب الكوفيون والأخفش إلى أنه لا يجوز.

الثانية: أظن نعم الرجل زيدا، ووجدت نعم الرجل زيدا، وأجاز الكسائي النصب في الصورة الثانية دون الأولى، ومقتضى مذهب البصريين الجواز مطلقا.

الثالثة: ظننت قائما زيدا مذهب البصريين الجواز ومنعها الكوفيون (إن أردت بقائم الفعل).

الرابعة: أظن آكلا زيدا طعامك، أجازها البصريون ومنعها الكوفيون.

الخامسة: طعامك أظن آكلا زيدا أجازها البصريون والكسائي، وقال الفراء: -

(1) شرح التسهيل للمصنف (2/ 86).

(2)

ينظر شرح الجمل لابن عصفور (1/ 314) ط العراق، والمقرب (1/ 117)، والإيضاح العضدي (7/ 134 هـ 3) فقد ذكر فيه رأي البصريين نقلا عن حاشية الأصل وينظر أيضا شرح الألفية للمرادي (1/ 380).

ص: 1491

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لا يجوز (1).

واعلم أن هذه المسائل التي ذكرها إنما يمتنع النصب فيها عند من يمنعه لمانع لا تعلق لظننت به (2)، لكن كان الشيخ يقول: إذا امتنع النصب وإن كان لأمر لا يرجع إلى ظننت، أليس يقال: إن ظننت في مثل هذا التركيب مثلا ملغاة، فقد صدق أنها ألغيت مع تقدمها (3)، ولقائل أن يقول: كيف يكون هذا الإلغاء والإلغاء إنما هو جائز ومانع النصب في هذه المسائل يلزم من قوله: الإلغاء وجوبا وهو مشكل.

ويمكن أن يقال: هذا يشبه أن يكون تعليقا لا إلغاء عند من لا يجيز النصب، فإن معنى التعليق أن يكون ثم مانع يمنع من التسلط على اللفظ، وها هنا الأمر كذلك عند من لا يجيز النصب، لأن نحو: أظن يقوم زيد يتعيّن فيه عند كون زيد

فاعلا، ولا يجوز تسلط أظن على زيد لتقدم الفعل، وإذا كان كذلك، فإنما امتنع النصب لمانع في الجملة الواقعة بعد أظن، ولكن يشكل كون الجملة تعود فعلية. وهذا الذي قلته يكون في مسألة: أظن آكلا زيد طعامك، وطعامك أظن آكلا زيد أظهر منه في مسألة: أظن يقوم زيدا.

الثاني: كلام المصنف [2/ 182] دال على جواز الإلغاء سواء أدخل على الفعل ناف أم لم يدخل، لكن قال ابن عصفور في المقرب: وهذه الأفعال إن دخلت عليها -

(1) التذييل لأبي حيان (2/ 989 - 992).

(2)

في الهمع (1/ 153): «ويتفرع على الخلاف المذكور مسائل:

أحدها: نحو ظننت يقوم زيدا وظننت قام زيد فهي عند الكوفيين والأخفش لا يجوز نصب زيد، وعند البصريين يجوز، لأن النية بالفعل التأخير.

الثانية: أظن نعم الرجل زيدا يجوز نصبه عند البصريين دون الكوفيين.

الثالثة: أظن آكلا زيد طعامك يجوز على قول البصريين دون الكوفيين. اه. وينظر التصريح (1/ 254) وفيه: «هذا الإلغاء بالنسبة إلى المفعولين، وأما بالنسبة إلى الفعل ومرفوعه نحو قام ظننت زيد، فإنه يجوز عند البصريين، ويجب عند الكوفيين ووجهه أنه إنما ينصب بظننت ما كان مبتدأ قبل مجيئها، ولا يبتدأ بالاسم إذا تقدمه الفعل» . اه.

من هذين النصين يتضح لنا قول الشارح: «إن هذه المسائل التي ذكرها إنما يمتنع النصب فيها عند من يمنعه لمانع لا تعلق لظننت به» . اه. وسوف يوضح الشارح سبب منع النصب في هذه المسائل فيما سيأتي من كلامه.

(3)

ينظر التذييل (2/ 992).

ص: 1492

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أداة نفي لم تلغ أصلا (1)، يعني أن الأفعال المذكورة إذا دخل عليها ناف لا يجوز فيها إلا الإعمال، وجاء الشيخ فذكر هذا، وذكر هو أمرا آخر لا يجوز معه إلا الإلغاء، كأنه يستدرك على المصنف هذين الأمرين فقال: وهذا الذي ذكره المصنف من جواز الإلغاء مع التأخير، والتوسط له شرطان أهملهما المصنف.

أحدهما: أن لا تدخل لام الابتداء على الاسم، فإن دخلت فلا يجوز إلا الإلغاء نحو: لزيد قائم ظننت ولزيد قائم.

الشرط الثاني: أن لا تكون منفية، فإن كانت منفية فلا يجوز إلا الإعمال نحو:

زيد منطلقا لم أظن، وزيدا لم أظن منطلقا، لأنه لا يجوز لك إذ ذاك أن تبني كلامك على المبتدأ والخبر، ثم يعترض بالظن المنفي، ألا ترى أنه لا يجوز لك أن تقول زيد منطلق إلا وأنت عالم بصحة ذلك أو ظان له، وهذا المعنى لا

يتصور مع قولك: لم أظن أو لم أعلم، فلم يبق إلا أن يكون الكلام مبينا على الظن المنفي أو العلم المنفي قال: ولا يبطل هذا الذي ذكره بقول كعب:

1135 -

وما أخال لدينا منك تنويل (2)

لأن أداة النفي إنما هي داخلة في المعنى على ما بعد «أخال» (3) انتهى.

وما ذكره فيه نظر:

أما نحو لزيد قائم ظننت، ولزيد ظننت قائم وأنه لا يجوز فيه إلا الإلغاء، فلم يتجه لي، لأن لام الابتداء علقت الفعل عن العمل فرجعت المسألة إلى حكم التعليق، وخرجت عن حكم الإلغاء، فكيف يستدرك على المصنف، وأما كون الفعل إذا نفى وجب الإعمال وامتنع الإلغاء، فلم أعلم ما يعلل به ابن عصفور ذلك، وأما العلة التي ذكرها الشيخ فإنما يعلل بها من يجعل الإلغاء إنما يكون بحسب القصد، والمصنف لا يرى ذلك بل الإلغاء عنده راجع إلى اختيار المتكلم حيث وسّط العامل أو أخّره كما تقدم تقرير القولين، وإذا كان المصنف لا يرى ذلك فالعلة المذكورة عنده معتبرة وإذا لم تعتبر بطل الحكم المرتب عليها.

(1) المقرب لابن عصفور (1/ 117).

(2)

تقدم.

(3)

التذييل (2/ 996 - 997).

ص: 1493

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأمر الثالث: قد حكم المصنف بضعف الإلغاء في نحو: متى ظننت زيد قائم كما عرفت ولما كانت «متى» في هذا التركيب يحتمل أن يكون ظرفا للفعل الذي هو ظننت وللخبر الذي هو قائم قيد ذلك في الشرح بقوله: وبتقليل قبحه بعد معمول الخبر نحو: متى ظننت زيد قائم، فعلم أن الإلغاء في مثل هذا المثال إنما يجوز إذا كان الظرف المتقدم من متعلقات الخبر، لا من متعلقات الفعل، لكن ظاهر كلام ابن عصفور يعطي أنه لا يشترط أن يكون ما تقدم على الفعل من متعلقات [2/ 183] الخبر ولا من متعلقات الفعل أيضا، فإنه قال: فإن لم يقع أولا يعني فإن لم تقع الأفعال المذكورة أول الكلام، فالإعمال أحسن والإلغاء ضعيف (1)، ومن الإلغاء قوله (2):

1136 -

كذلك أدّيت حتّى صار من خلقي

أنّي رأيت ملاك الشّيمة الأدب (3)

وهذا البيت إنما تقدم فيه على الفعل حرف والحرف ليس معمولا لشيء، والذي يظهر أن الذي قاله المصنف هو الحق، لأن تقدم الفعل في هذا الباب وعدم تقدمه إنما هو معتبر بالنسبة إلى معموليه أو إلى ما هو من متعلقات أحد

معموليه؛ لأنه إذا تقدم عليه معمول لأحد معموليه صدق عليه أنه توسط في الجملة بالنسبة إلى ما هو من معمولاته، أما إذا لم يتقدم شيء من ذلك، فإن التوسط لا يصدق عليه، وقد قال ابن أبي الربيع رحمه الله تعالى: إذا قلت اليوم ظننت زيدا شاخصا كان لك فيه معنيان: -

(1) المقرب لابن عصفور (1/ 117).

(2)

قيل إنه بعض الفزارين كما في حماسة أبي تمام.

(3)

البيت من البسيط وهو في المقرب (1/ 117)، وشرح الجمل لابن عصفور (1/ 314)، وشرح عمدة الحافظ لابن مالك (ص 150)، والتذييل (2/ 990)، وشرح الكافية للرضي (2/ 280)، وشرح الحماسة للمرزوقي (3/ 1141)، وشرح التبريزي (3/ 147)، وشواهده النحو في حماسة أبي تمام (ص 287)، وشرح ابن عقيل (1/ 152)، وشرح شواهده (ص 95)، والبهجة المرضية (ص 43)، والهمع (1/ 135)، والدرر (1/ 135)، والتصريح (1/ 158)، والأشموني (2/ 29)، وأوضح المسالك (1/ 123)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص 77)، وشرح الألفية للمرادي (1/ 382) ورواية البيت في الحماسة «الأدبا» مكان «الأدب» .

والشاهد في البيت قوله: (إني رأيت ملاك الشيمة الأدب) حيث ألغي «رأيت» مع تقدمه على الجزأين، وقد خرج البيت على أن هناك لام ابتداء مقدرة في المبتدأ والتقدير لملاك الشيمة الأدب، وعلى ذلك يكون الفعل معلقا لا ملغى وقيل إنه على تقدير ضمير الشأن.

ص: 1494

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أحدهما: أن تريد أن ظنك وقع في هذا اليوم وليس الشخوص فيه فإذا قصدت هذا لم يكن في الظن إلا الإعمال لأنها متقدمة.

الثاني: أن تريد أن الشخوص وقع في هذا اليوم وربما كان ظنك قبل هذا اليوم بزمان كثير، فإذا أردت هذا كان لك فيه وجهان: الإعمال والإلغاء وتقول: متى ظننت زيدا قائما فيجوز لك وجهان: الإلغاء والإعمال إذا جعلت الظرف متعلقا بقائم، فإن جعلته متعلقا بظننت لم يكن فيه الإعمال لأن الظن متقدم، وإذا قلت:

هل ظننت زيدا شاخصا، فالاختيار الإعمال لأن ظننت متقدمة، ويظهر من كلام سيبويه أنه يجوز فيه الإلغاء (1)، ووجه ذلك: أن هل استفهام وجيء بها للجملة التي بعدها فهي بعض من الجملة، فقد تكون الجملة التي جيء بها لها زيد شاخص، وليس في نيتك إلا ذلك، ثم لما نطقت بـ «هل» على هذا القصد خطر لك الظن فجئت به بعد النطق بـ «هل» وفي النفس البناء على الابتداء والخبر، فصار مجيئها بعد «هل» كمجيئها بعد زيد من: زيد ظننت قائم إلا أن الاختيار متى كان ذلك، أن تأتي بالظن آخرا. انتهى.

وهذا يحقق ما اعتبره المصنف؛ غير أن ابن عصفور قد يتمسك بإجازة سيبويه الإلغاء في هل ظننت زيدا شاخصا،

فإن ظاهره يقوي كلام ابن عصفور. وبعد فجواز الإلغاء في هذا المثال مشكل من جهة النظر، وقد تلطف ابن أبي الربيع وتحدى في توجيهه، ولكنه لم يرفع الإشكال رأسا، وفي شرح الشيخ: فإن كان المتقدم حرفا لم يجز الإلغاء، وذلك: أتظن زيدا منطلقا، قال: لأنه لم يتقدم معمول أصلا (2)، وهذا جار على الأصل الذي تقدم تقريره إلا أن الشيخ لم يتعرض ما ذكره ابن أبي الربيع عن سيبويه في: هل ظننت [2/ 184] زيدا شاخصا من جواز الإلغاء، ثم عقب الشيخ كلامه الذي نقلناه عنه آنفا بأن قال: ومن صور هذه المسألة - وهي أن لا تتصدر ظننت مع كونها متقدمة على المعمولين - صورة لا -

(1) في سيبويه (1/ 121): وتقول: أين ترى عبد الله قائما، وهل ترى زيدا ذاهبا، لأن هل وأين كأنك لم تذكرهما، لأن ما بعدهما ابتداء، كأنك قلت: أترى زيدا ذاهبا، وأتظن عمرا منطلقا.

فإن قلت: أين وأنت تريد أن تجعلها بمنزلة «فيها» إذا استغنى بها الابتداء قلت: أين ترى زيد، وأين ترى زيدا. اه.

(2)

التذييل (2/ 994).

ص: 1495

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يجوز فيها إلا الإلغاء، ولا يجوز الإعمال. وهي: ما حكاه الأخفش: إنّ زيدا لظننت أخوه منطلق، ألغى ظننت لما توسطت بين لام «إنّ» والجملة التي في موضع الخبر، ولا يجوز إعمالها هنا لأن لام إنّ تكون إذ ذاك داخلة على ظننت وهو ماض متصرف ولام إن لا يجوز دخولها على الماضي المتصرف إذا وقع خبرا، فإذا لام الابتداء داخلة على الجملة الواقعة خبرا لإن واعترض بظننت بينهما (1). اه.

وقد بقي التنبيه ها هنا على شيء: وهو أنّ الفعل الذي يجوز إلغاؤه وإعماله قد يكون مفعوله الثاني جملة اسمية أو شرطية نحو: زيد أبوه منطلق ظننت، وزيد ظننت ما له كثير، وإن تكرمه يكرمك خلت عمرو، فهذا على الإلغاء، وإن أعملت نصبت المفعول الأول، فقلت زيدا منطلقا أبوه منطلق، وزيدا ظننت ماله كثير، وإن تكرمه يكرمك خلت عمرا ولا شك أن هذا واضح، ولكن قد يجبن الطالب عن إجازة الإعمال فكان التنبيه عليه واجبا، ثم أشار المصنف بقوله: وقد يقع الملغى بين معمولي إنّ إلى آخره إلى أن الملغي قد يتصور حيث لا يتصور إعمال ولا إلغاء، وذلك في ثلاثة مواضع:

الأول: بين اسم «إنّ» وخبرها نحو:

1137 -

إنّ المحبّ علمت لمصطبر

ولديه ذنب الحبّ مغتفر (2)

الثاني: بين سوف ومصحوبها نحو:

1138 -

وما أدري وسوف إخال أدري

أقوم آل حصن أم نساء (3)

الثالث: بين المتعاطفين نحو:

1139 -

فما جنّة الفردوس أقبلت تبتغي

ولكن دعاك الخير أحسب والتّمر (4)

-

(1) التذييل (2/ 994).

(2)

البيت من الكامل مجهول القائل وهو في التذييل (2/ 1002)، وشرح التسهيل للمصنف (2/ 87) وحاشية يس على التصريح (1/ 253)، والعيني (2/ 418)، والبهجة المرضية (ص 43)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص 77).

والشاهد قوله: (إن المحب علمت لمصطبر) حيث وقعت «علمت» بين اسم إن وخبرها فألغيت.

(3)

تقدم.

(4)

البيت من الطويل ولم يعلم قائله وهو في شرح التسهيل للمصنف (2/ 87)، والتذييل والتكميل -

ص: 1496

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

واعلم أن وقوع الفعل ملغى في هذه المواضع فيه تقوية كقول من يقول (1) إن المتكلم المخبر يبني كلامه أولا على الإخبار المجرد ثم يعرض له إما يقين ذلك الخبر وإما ظنه فيأتي في أثناء كلامه بالفعل للدلالة على مراده فقط، يريد أن هذا الذي أخبرت به واقع في علمي أو في ظني مثلا، فلم يكن يبني كلامه أولا على الإخبار بأن علمه أو ظنه تعلق بشيء. ولهذا لم يكن للفعل حينئذ متعلق يتسلط عليه، ومن ثم يصح أن يحكم لعلمت ولأخال، ولأحسب في الأبيات الثلاثة بما حكم به لكان من الزيادة في نحو ما كان أحسن زيدا ولا يضر كونها رافعة لفاعل، فقد عرفت أن كان الزائدة قد قيل بأن لها فاعلا، بل قد قيل بزيادتها مع تحقق كونها رافعة في:

1140 -

وجيران لنا كانوا كرام (2)(3)

-

- (2/ 1002)، والهمع (1/ 153)، والدرر (1/ 136).

والشاهد قوله: (دعاك الخير أحسب والتمر) حيث وقعت «أحسب» بين المعطوف والمعطوف عليه فألغيت.

(1)

قد يكون المقصود بهذا الكلام هو ابن عصفور فكلامه في شرح الجمل (1/ 315 - 316)، تضمن هذا المعنى، بل وبما تكون عبارة الشارح هنا هي عبارة ابن عصفور مع تصرف يسير فيها يقول ابن عصفور: فإن قيل: فلأي شيء لم تلغ إلا متوسطة أو متأخرة؟ فالجواب: أنها إذا كانت

في أول الكلام كان ما بعدها مبنيّا عليها وإن لم تكن أول الكلام فإنك إن أعملتها قدرت أيضا أن الكلام مبني عليها، وإذا ألغيتها قدرت أن الكلام مبني على أن لا يكون فيه فعل من هذه الأفعال، ثم عرض لك بعد ذلك أن أردت أن تذكر هذه الأفعال، لتجعل ذاك الكلام فيما تعلم أو فيما تظن أو فيما تزعم، فكأنك إذا قلت:

زيد منطلق ظننت أو علمت أو زعمت، أردت أن تقول أولا: زيد منطلق، ثم أردت بعد ذلك أن تبين أن ما ذكرته من قولك: زيد منطلق معلوم عندك أو مظنون أو مزعوم، فكأنك قلت: عقيب قولك: زيد منطلق، فيما أظن أو فيما أزعم، أو فيما أعلم. اه. وينظر: الكتاب (1/ 120) ففي عبارة سيبويه ما يتضمن هذا المعنى.

(2)

عجز بيت للفرزدق وصدره:

فكيف إذا مررت بدار قوم

والبيت من الوافر وهو في الكتاب (2/ 153)، والمقتضب (4/ 116)، والتذييل (2/ 414)، والمغني (1/ 287)، وشرح شواهده (2/ 693)، وجمل الزجاجي (ص 62)، والحلل في شرح أبيات الجمل (ص 59)، والخزانة (4/ 37)، والعيني (2/ 4)، والأشموني (1/ 240)، والتصريح (1/ 192)، وديوانه (ص 835).

والشاهد قوله: (وجيران لنا كانوا كرام) حيث زيدت كان بين الصفة والموصوف ولم يمنع من زيادتها إسنادها إلى الضمير.

(3)

اختلف النحاة في زيادة «كان» في هذا البيت، فالقول بالزيادة هو مذهب الخليل وسيبويه، أما -

ص: 1497

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وعلى هذا يكون المراد بالإلغاء في ثلاثة الأبيات المذكورة الزيادة لأنه لم يكن [2/ 185] فيها للأفعال التي ذكرت معمولات، فيقال: إنها ألغيت عنها.

ثم أشار المصنف بقوله: وإلغاء ما بين الفعل ومرفوعه جائز لا واجب خلافا للكوفيين إلى نحو: قام أظن زيد، ويقوم أظن زيد، وهو أن يقع فعل من أفعال هذا الباب بين فعل ومرفوعه، فالكوفيون يوجبون الإلغاء، فلا يجوز عندهم نصب زيد في المثالين المذكورين، والصحيح جواز النصب والرفع (1)، فإذا رفعت فظاهر، وإذا نصبت فالفعل المتقدم مفعول ثان وقد ورد بالنصب والرفع قول الشاعر:

1141 -

شجاك أظنّ ربع الظّاعنينا

ولم تعبأ بعذل العاذلينا (2)

قال الشيخ: والذي يقتضيه القياس أنه لا يجوز إلا الإلغاء، لأن الإعمال مترتب على كون الجزأين كانا مبتدأ وخبرا والجزآن هنا لا يكونان مبتدأ وخبرا، لأن النحويين يمنعون تقديم الخبر إذا كان فعلا رافعا ضمير المسند إليه مستكنّا والإعمال يؤدي إلى ذلك فلا يجوز (3) انتهى.

ولك أن تقول: الموجب لامتناع تقديم الخبر في نحو زيد يقوم إنما هو خوف ليس تركيب بتركيب، ولهذا إذا أمن

اللبس يجوز نحو: قاما الزيدان، ويقومان العمران (4) -

- مذهب المبرد وأكثر النحويين فهو إن كان في البيت ليست بزائدة بل هي الناقصة والضمير وهو واو الجماعة اسمها و «لنا» خبرها والجملة في موضع الصفة لـ «جيران» وكرام صفة بعد صفة. ينظر الكتاب (2/ 153)، والمقتضب (4/ 116)، والتصريح (1/ 192).

(1)

ينظر التصريح (1/ 254).

(2)

البيت من الوافر لقائل مجهول وهو في التذييل (2/ 1003)، والمغني (2/ 387)، وشرح شواهده (2/ 806)، والعيني (2/ 419)، والتصريح (1/ 254)، والهمع (1/ 153)، والدرر (1/ 136)، والأشموني (2/ 28).

والشاهد قوله: (شجاك أظن ربع الظاعنينا) حيث روى بنصب (ربع) على أنه المفعول الأول لأظن وجملة (شجاك) المفعول الثاني وقدم على أظن وروى برفعه على أنه فاعل (شجاك) و «أظن» ملغي.

(3)

التذييل والتكميل لأبي حيان (2/ 1003).

(4)

هذا على رأي القائلين: إن ألف الاثنين وواو الجمع ونون الإناث التي تلحق الفعل في مثل ذلك حروف وليست أسماء وهي لغة «أكلوني البراغيث» ومما جاء على هذه اللغة قوله صلى الله عليه وسلم: «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار» قالوا: واللاحقة للفعل «يتعاقب» علامة على الجمع وليست ضميرا، وقد حمل بعض النحويين ما ورد من ذلك على أنه خبر مقدم ومبتدأ مؤخر أو على إبدال الظاهر من المضمر».

ينظر شرح الألفية لابن الناظم (ص 84)، وشرح الألفية للمرادي (2/ 6 - 7).

ص: 1498

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولا شك أن النصب هنا قرينة مزيلة للبس فجاز لنا أن نتصور أن «يقوم» من نحو من يقوم زيد خبر مقدم حين يقصد إدخال نحو ظننت بينهما وإعمالها اتكالا على ما سيبينه نصب زيد من أنه كان مبتدأ وأن الفعل المقدم خبره، ثم أشار المصنف بقوله: وتوكيد الملغي بمصدر منصوب قبيح إلى آخره إلى ما أذكره.

اعلم أن أصل المسألة: إذا ألغي فعل من أفعال هذا الباب لا يؤكد بمصدره فلا يقال نحو: زيد ظننت ظنّا مقيم ولا زيد مقيم ظننت ظنّا، للعلة التي ستذكر، لكنهم جوزوا حذف الفعل والتعويض عنه بالمصدر نحو: زيد منطلق ظنّا، قالوا:

وهو بدل من الفعل، فلا يجوز الجمع بينهما (1)، وقد تقدم ذكر إجازة هذه المسألة أثناء المنصوب ما نقله من كلام ابن أبي الربيع، فقد أكد بالمصدر الصريح المنصوب مع إلغاء الفعل عن العمل من جهة أنه لم يجمع بينهما وكان المصدر بدلا منه، ولا شك أنه لو لم يذكر المصدر وذكر الفعل متوسطا أو متأخرا لجاز إلغاؤه، فلما أنيب المصدر منابه وعوض به عنه كان حكمه حكمه، فقد صح لنا من هذا أن فعلا من أفعال هذا الباب إذا أكد بالمصدر وجب إعماله تقدم أو توسط أو تأخر نحو:

ظننت ظنّا زيدا قائما، وزيدا ظننت ظنّا قائما، وزيدا قائما ظننت ظنّا (2)[2/ 186] هذا إذا كان المصدر صريحا منصوبا، أما إذا كان صريحا غير منصوب بأن يكون مضافا إلى ياء المتكلم، أو غير صريح بأن يكون ضمير المصدر أو اسم إشارة إليه فسيأتي الكلام فيه.

وقد اختلف تعليل النحاة لعدم جواز الإلغاء أي إلغاء الفعل حين يؤكد بما ذكرنا:

فمنهم من قال: لو ألغينا الفعل مع التأكيد بالمصدر لأدى ذلك إلى التناقض، وذلك أنك تكون معملا للفعل ملغيّا له في حين واحد.

ومنهم من قال: لو ألغيت كنت من حيث تلغي غير بان الكلام على الفعل ولا يكون معتمد الكلام على الإتيان به، بل يقدر أنه عرض له ذكره بعد بناء الكلام على أن لا يكون فيه، ومن حيث تؤكد بالمصدر تكون قد جعلته أي الفعل معتمدا عليه في الكلام؛ إذ لا يؤكد من الكلام إلا موضع الاعتماد، والفائدة (3) وهذا -

(1) ينظر الكتاب (1/ 125).

(2)

ينظر المقرب (1/ 117)، وشرح الجمل لابن عصفور (1/ 316)، وشرح الكافية للرضي (2/ 280).

(3)

هذان التعليلان علل بهما ابن عصفور في شرح الجمل (1/ 316).

ص: 1499

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

التعليل الثاني أظهر من الأول؛ لأن الأول منقوض بأنك تقول: زيد ظننت اليوم مقيم، فإنك أعملت ظننت في الظرف مع أنها ملغاة عن المفعولين، إلا أن يجاب عن هذا بأن يقال: المصدر لا يعمل فيه إلا الفعل أو ما شاركه في الحروف والمعنى بخلاف الظرف، وإذا كان العامل في المصدر لا يكون إلا كذلك كان عمل الفعل في المصدر أقوى من عمله في الظرف، فيدل ذلك على قوته، وإلغاؤه يدل على ضعفه فتنافيا، وأيضا فإن التأكيد بالمصدر فيه قوة للفعل لأنه في حكم تكريره فيزداد بالتوكيد قوة، وإذا كان كذلك امتنع إلغاؤه وخصوصا عند من يرى أن مسوغ الإلغاء إنما هو الضعف بالتوسط أو التأخر (1).

ومنهم من قال: العلة في ذلك أن العرب قد تقيم المصدر إذا توسط مقام الفعل وتلغيه مع ذلك وتجعله بدلا فتقول: زيد ظنّا منطلق فيكون المصدر إذ ذاك منصوبا بظننت مضمرا، وجاز إضمار الفعل لدلالة الكلام عليه من جهة أنك إذا قلت: زيد ظنّا منطلق علم أنك لم تقل هذا الكلام إلا بعد أن ظننتم كذلك، فلما كانوا يجعلون المصدر إذا توسط ورفعوا الاسمين عوضا من ظننت كرهوا أن يجمعوا بينهما لأن الجمع بين العوض والمعوض منه قبيح (2) قال الشيخ مشيرا إلى هذا التعليل: إنه هو المعلل به عند سيبويه وحذاق النحويين (3)، وأما إذا كان الفعل مؤكدا

بمصدر صريح غير منصوب أو بضمير المصدر أو باسم إشارة إليه نحو: زيد ظننت ظني منطلق، وزيد ظننته أو ظننت ذاك منطلق، فالإعمال هو الكثير، ويجوز الإلغاء على قلة (4) على أن عبارة المصنف يفهم منها أن الإلغاء جائز مع التوكيد بالمصدر الصريح المنصوب مع أنه محكوم بقبحه، وقد جعل المرتب بالنسبة إلى ما يؤكد به الفعل ثلاثا [2/ 187] منها ما هو قبيح، ومنها ما هو ضعيف، ومنها ما هو أقل ضعفا كما تضمنه لفظ الكتاب (5) وقال في الشرح: ويقبح توكيد الملغي -

(1) ينظر أوضح المسالك (1/ 120)، والتصريح (1/ 254)، وشرح الرضي على الكافية (2/ 280)، وحاشية الخضري (1/ 152).

(2)

ينظر الهمع (1/ 153)، والتوطئة (ص 164).

(3)

التذييل (2/ 1003)، وينظر الكتاب (1/ 231 - 232، 319)، وما بعدها، وابن يعيش (7/ 86).

(4)

ينظر المقرب (1/ 117)، والهمع (1/ 153).

(5)

أي كتاب التسهيل. وينظر التسهيل للمصنف (ص 72)، تحقيق: محمد كامل بركات.

ص: 1500

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بمصدر صريح منصوب نحو: زيد ظننت ظنّا منطلق، ويزيل بعض القبح عدم ظهور النصب نحو: زيد ظننت ظني منطلق، ويكتسي بعض الحسن يكون المصدر ضميرا أو اسم إشارة نحو: زيد ظننته أو ظننت ذاك منطلق (1) انتهى.

وقد جعل التوكيد بالضمير أو باسم الإشارة في رتبة، وابن عصفور يقول: الإلغاء مع الإشارة إلى المصدر أقوى من الإلغاء مع ضمير المصدر، وعلل ذلك بأن الضمير وإن كان مبنيّا أقرب إلى المصدر المعرب من حيث كان صيغة الضمير تبني عن النصب، فصارت الصيغة بمنزلة الإعراب في المصدر واسم الإشارة ليس فيه إعراب ولا صيغة تقوم مقام الإعراب فبعد شبهه من المصدر.

قال: وإنما جاز الإلغاء مع الضمير واسم الإشارة ولم يجز مع المصدر لكونهما مبنيين لم يظهر للعامل فيهما عمل، فلا يكون مع الإعمال كأنك معمل ملغ في حال واحد بل يكون الفعل ملغى بالنظر إلى المفعولين وكالملغى بالنظر إلى الضمير واسم الإشارة من حيث لم يظهر له عمل فيهما. انتهى (2).

ونقل الشيخ أن ظاهر كلام سيبويه أن الإلغاء مع اسم الإشارة أضعف من الإلغاء مع الضمير، قال: لأنه اسم ظاهر منفصل فهو أشبه بالمصدر (3).

قلت: لم يظهر لي قوة هذا التعليل الذي علل به زيادة ضعف الإلغاء مع اسم الإشارة على ضعف الإلغاء مع الضمير

أعني ضمير المصدر، ثم أشار المصنف بقوله: وتؤكد الجملة بمصدر الفعل بدلا من لفظه منصوبا فيلغى وجوبا إلى المسألة التي أسلفت ذكرها وهي: أنهم جوزوا حذف الفعل والتعويض عنه بالمصدر نحو: زيد منطلق ظنّا، وأنهم جعلوا المصدر بدلا من الفعل، ومن ثم لم يجز الجمع بينهما وإنما تقدم لنا ذكرها لتعلقها بما ذكرت معه وهو أنه إذا ألغى فعل من هذه الأفعال لا يؤكد بمصدره ولكن المصنف إنما ذكرها ها هنا، قال في الشرح: وقد ينوب عن الفعل مصدره منتصبا انتصاب المصدر المؤكد، فيجب إلغاؤه نحو: زيد منطلق ظنك أو زيد ظنك منطلق، ثم قال: ويقبح تقديمه، لأن ناصبه فعل تدل عليه الجملة فقبح -

(1) شرح التسهيل لابن مالك (2/ 87).

(2)

شرح الجمل لابن عصفور (1/ 316 - 317)، وينظر المقرب (1/ 117 - 118).

(3)

التذييل والتكميل لأبي حيان (2/ 1007)، وينظر الكتاب (1/ 125).

ص: 1501

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تقديمه كما قبح تقديم «حقّا» من قولك: زيد قائم حقّا.

ولذلك لم يعمل، لأنه لو عمل وهو مؤكد لاستحق التقديم بالعمل والتأخير بالتوكيد واستحقاق شيء واحد تقديما وتأخير في حال واحدة محال. انتهى (1).

وقد علل عدم العمل بشيء آخر وهو: لو نصب المفعولان بالمصدر لكانا حينئذ من صلته، وإذا كانا من صلته لم يكن للفعل المضمر [2/ 188] ما يدل عليه، فثبت أن الموجب لإلغائه أحد أمرين، وهو استحقاق التقديم لو أعمل والفرض أنه مستحق التأخير من حيث إنه مؤكد أو فقد الدلالة على الفعل الذي أضمر عاملا، ويجوز أن يكون موجب الإلغاء كلا الأمرين، فيكون كل منهما جزء علة، ثم قال الشيخ: والمراد بالقبح هنا عدم الجواز قال: وأجاز تقديمه الأخفش، فيقال على رأيه: ظنك عبد الله حسن (2) انتهى.

والذي تحصل لنا من هذا الكلام أعني على قول المصنف: وتؤكد الملغى بمصدر منصوب قبيح وعلى قوله: وتؤكد الجملة بمصدر الفعل بدلا من لفظه منصوبا فيلغى وجوبا: أن المصدر الصريح المنصوب إذا ذكر معه المفعولان في هذا الباب، إما أن يذكر الفعل (الناصب معه)(3) أولا إن ذكر الفعل فالإعمال أعني إعمال الفعل حينئذ، سواء أكان المصدر مقدما أم متوسطا أم متأخرا، ولا يجوز الإلغاء إلا قبيحا (4)، وهذا الحكم هو الذي عبر عنه المصنف بقوله: وتوكيد الملغى بمصدر منصوب قبيح. فعلمنا إن إعمال الفعل متى ذكر المصدر كان واجبا، وإن ألغي كان قبيحا، وإن لم يذكر الفعل، بل أتي بالمصدر بدلا منه كان مؤكدا لمضمون الجملة (5)، كما أنه لا يذكر

إلا مع الفعل العامل دون الملغي وهذا الحكم هو الذي عبر عنه المصنف بقوله: وتؤكد الجملة بمصدر الفعل إلى قوله: فيلغى وجوبا.

قلت: ولم يزل يدور في خاطري من هذا شيء أعني وجوب إلغاء المصدر المذكور ولا أتجرأ على إجازة الإعمال توهما أن المسألة إجماعية، إلى أن رأيت الشيخ نقل في شرحه إجازة ذلك فقال: وذهب أبو العباس والزجاج وأبو بكر إلى جواز إعماله، فعلى مذهبهم تقول: زيدا ظنك منطلقا، وزيدا منطلقا ظنك، فتعمل لأنه -

(1) شرح التسهيل لابن مالك (2/ 87).

(2)

التذييل (2/ 1008).

(3)

في (ب)(الناصب له معه).

(4)

ينظر شرح الرضي للكافية (2/ 280).

(5)

زاد في (ب)«ووجب إلغاؤه، قالوا: لأنه لا يكون بدلا من الفعل العامل بل من الفعل الملغى» . اه.

ص: 1502

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عندهم بدل من الفعل العامل (1) انتهى.

وقد عرفت أن تقديم المصدر على الجملة لا يجوز، وأن الأخفش أجاز ذلك (2).

قال الشيخ: فإذا قدم على قول المجيز لتقديمه فهل يعمل؟

قال: منهم من أجاز ذلك فتقول: ظنك زيدا قائما قال: والصحيح عند أكثر من أجاز التقديم أنه لا يجوز الإعمال وعللوا ذلك بأنه لا دليل إذ ذاك على الفعل المحذوف (3) انتهى.

ولم يظهر لي صحة هذا التعليل أعني كونه علة لمنع الإعمال، لأنا إذا أعملنا كان العمل للمصدر لا للفعل، فكيف يتجه أن يقال بأن العلة إنما هي عدم الدلالة إذ ذاك على الفعل المحذوف؟ نعم هذه علة منع تقديم المصدر على الجملة كما تقدم من كلام المصنف أن ناصب هذا المصدر فعل يدل عليه الجملة فقبح تقديمه كما قبح تقديم حقّا من قولك: زيد [2/ 189] قائم حقّا، وإذا لم يثبت كون ما ذكر علة، فنقول: إنما كان الصحيح عند أكثر من أجاز التقديم أنه لا يجوز الإعمال بسبب أن الذي أجاز التقديم هو الأخفش والذي أجاز الإعمال غيره، فالمخبر الإعمال لا يجيز التقديم ومجيز التقديم ليس هو المجيز للإعمال، وأما قول المصنف: ويقل القبح إلى آخره، فاعلم أن المصنف قال في شرحه: وكما قل القبح بتقديم «متى» في: متى تظن زيد ذاهب، يقل في متى ظنك زيد ذاهب. انتهى.

وظاهر هذا الكلام أن القبح في تقديم المصدر على الجزأين يقل إذا تقدم على المصدر شيء متعلق بالخبر كما في

متى ظنك ذاهب، هذا مع بقاء المصدر على إلغائه لأن المصنف عقب بهذا الكلام بقوله: ويقبح تقديمه (4) هكذا فهمت هذا الموضع بعد التأمل، لكن قال الشيخ بعد أن ذكر كلام المصنف: ومن أجاز النصب في: ظنك زيدا ذاهبا كان عنده هنا أجوز فتقول: متى ظنك زيدا ذاهبا، لأن أدوات الاستفهام طالبة للفعل فجاز إضمار الفعل بعدها، لذلك قال: وممن ذهب إلى إجازة ذلك ومنعه ظنك زيدا ذاهبا ابن عصفور (5) انتهى. -

(1) التذييل (2/ 1009).

(2)

ينظر الهمع (1/ 154).

(3)

التذييل (2/ 1009).

(4)

ينظر الكتاب (1/ 124)، وشرح المفصل لابن يعيش (7/ 86)، وشرح الكافية للرضي (2/ 280).

(5)

التذييل لأبي حيان (2/ 1010).

ص: 1503

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فحمل الشيخ كلام المصنف هنا على أنه مقصود به الإشارة إلى الإعمال وعدمه ولا شك أن الذي ذكره الشيخ مسألة برأسها وحكم مستقل، وهو أنه من أجاز كذا فهو لكذا أجوز، وهذا لا منازعة فيه.

وأما أن المصنف أراد ذلك فنحمل كلامه عليه، فلم يتجه لي لا من حيث اللفظ ولا من حيث المعنى: أما اللفظ فلأن كلام المصنف الآن هو في التقديم لا في الإعمال لأنه بعد ذكره المصدر، وأنه يؤتى به بدلا من الفعل، وأنه يلغى وجوبا قال: ويقبح تقديمه. ولا شك أن هذا مع كونه ملغى، ثم قال: ويقل القبح في كذا، فوجب أن يحمل على المراد، ويقل القبح في التقديم، لأن الكلام فيه، لا على أنه يقل القبح في العمل، لأن العمل لم يتقدم له ذكر، بل الذي ذكره إنما هو وجوب الإلغاء فمن أين يفهم أن المراد ويقل القبح في الإعمال. وأما من حيث المعنى فلأن تقدم «متى» على الفعل في نحو: متى تظن زيد ذاهب، إنما هو مسوغ للإلغاء الذي كان ممنوعا لو لم يتقدم شيء (1)، وتقديم «متى» في نحو متى ظنك زيد ذاهب على ما حمل الشيخ عليه كلام المصنف إنما هو مسوغ للأعمال، وإذا كان كذلك فكيف يصح التنظير.

وإذا تقرر هذا البحث فالذي يتعين حمل كلام المصنف عليه أن الذي قصده بالتنظير أن تقديم «متى» في نحو: متى تظن زيد ذاهب أخرج تظن عن كونها صدرا فجاز إلغاؤها هكذا التقديم [2/ 190] في متى ظنك زيد ذاهب أخرج المصدر عن أن يكون صدرا فجاز ذكره متقدما على الجزأين وقد كان قبيحا أي ممتنعا أو جائز على قبح، فقل القبح.

ومما يؤيد البحث المتقدم أن هذا المصدر لم يكن ممتنع الإعمال لكونه متقدما صدرا فيجوز إعماله إذا تقدمه شيء يخرجه عن كونه صدرا بل إنما امتنع إعماله للأمر الذي تقدم ذكره (2)، وإذا كان امتناع إعماله لذلك فلا فرق بين أن يكون -

(1) هذا على مذهب البصريين أما الكوفيون والأخفش فقد جوزوا الإلغاء إذا تقدم الفعل على المفعولين ولم يتقدمه شيء، لكن الإعمال عندهم أرجح. ينظر شرح الألفية للمرادي (1/ 380)، واللمع لابن جني (ص 136)، والفصول الخمسون (ص 175)، وشرح الجمل لابن عصفور (1/ 314).

(2)

وهو أنه نائب عن الفعل فانتصب انتصاب المصدر المؤكد للجمل فيجب إلغاؤه ويقبح تقديمه، لأن ناصبه فعل تدل عليه الجملة كما يقبح تقديم حقّا من قولنا: زيد قائم حقّا.

ص: 1504

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

صدرا أو لا يكون.

وقول المصنف: وإن جعل «متى» خبرا يشير به إلى أنه إن جعل «متى» خبرا وظنك مبتدأ رفعته ووجب إعماله فيقال: متى ظنك زيدا قائما، قال الشيخ: لأنه إذ ذاك ليس بمصدر مؤكد، ولا يدل من اللفظ بالفعل، وإنما هو مقدر بحرف مصدري والفعل كما تقول: متى ضربك زيد (1) انتهى.

وكونه مقدرا بحرف مصدري والفعل إنما هو مسوغ لإعماله والمقصود ذكر علة موجبة لإعماله، والظاهر أن الموجب للإعمال حينئذ إنما هو تقدمه على المعمولين ولا شك أن الإلغاء مع كون العامل متقدما على الجزأين لا يجوز، وقد يقال: قد جوز المصنف إلغاء الفعل متقدما وإن كان جعله قبيحا فليكن حكم المصدر حكم الفعل.

وأما قول المصنف: وأجاز الأخفش والفراء إعمال المنصوب في الأمر والاستفهام فقد شرحه هو بأن قال: وأجاز الأخفش والفراء النصب والإعمال في الأمر والاستفهام، لأنهما يطلبان الفعل نحو: ظنك زيدا منطلقا ومتى ظنك زيدا منطلقا، بمعنى ظن ظنك زيدا منطلقا، ومتى ظننت ظنك زيدا منطلقا (2) انتهى.

وهذا الكلام في المتن والشرح يشعر بأن هذه المسألة من متعلقات ما تقدم أعني كون المصدر هنا مؤكدا للجملة لقوله: إنهما أجازا إعمال المنصوب وقد تقدم له ذكر منصوب، ومرفوع، وأن المرفوع يجب إعماله، وأن المنصوب يجب إلغاؤه (3).

ولا شك أن اللام في «المنصوب» للعهد فتعين أن يكون المراد ما قلناه، وإذا كان كذلك أشكل الأمر، لأن ظنّا في

المثالين اللذين ذكرهما إنما هو مؤكد للعامل لا للجملة أيضا ولو كان مؤكدا للجملة ما جاز تقديمه عليها، ولا يلزم من كونه صار بدلا من الفعل أن يكون مؤكدا للجملة، لأن المؤكد الذي جعل بدلا من فعله قسمان: قسم مؤكد للعامل كما في: ضربا زيدا، وقسم مؤكد لمضمون الجملة -

(1) التذييل (2/ 1010).

(2)

شرح التسهيل لابن مالك (2/ 88).

(3)

في حاشية الصبان (2/ 285) تعليقا على قول ابن مالك في إعمال المصدر: «إنما يعمل في موضعين: الأول: أن يكون بدلا من اللفظ بفعله نحو ضربا زيدا

إلخ. قوله: «بدلا من اللفظ بفعله» اختلف فيه، فقيل: لا ينقاس عمله، وقيل: ينقاس في الأمر والدعاء والاستفهام فقط وقيل:

والإنشاء نحو حمدا لله، والوعد نحو:«قالت: نعم وبلوغا بغية ومنى» والتوبيخ نحو: وفاقا بني الأهواء والغي والهوى. اه.

ص: 1505

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كما في زيد ابني حقّا (1)[2/ 191] فإن قيل: ليس في كلام المصنف تصريح بأن المصدر المشار إليه في المثالين يؤكد جملة، فليحمل على أنه المؤكد للعامل، أجيب بأنه إذا كان الأمر كذلك فلا حاجة إلى تخصيص الأخفش والفراء بإجازة ذلك، إذ غيرهما لا يمنعه.

ثم إن كلام المصنف في شرح الكافية يخالف ظاهره هذا الذي ذكره هنا فإنه بعد أن ذكر المصدر على ضربين: ضرب يقدر بالفعل وحرف مصدري، وضرب يقدر بالفعل وحده، وأن هذا هو الآتي بدلا من اللفظ بفعله - قال مشيرا إلى هذا الضرب الثاني (2): وأكثر وقوعه أمرا أو دعاء بعد الاستفهام، فالأمر كقول الشاعر (3):

1142 -

فندلا زريق المال ندل الثّعالب (4)

والدعاء كقول الآخر:

1143 -

يا قابل التّوب غفرانا مآثم قد

أسلفتها أنا منها خائف وجل (5)

ومثله وقوعه بعد الاستفهام قول الشاعر: -

(1) ينظر: شرح الرضي على الكافية (1/ 123)، وشرح الألفية للمرادي (2/ 84)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص 105).

(2)

شرح الكافية الشافية لابن مالك: (2/ 1024).

(3)

هو الأحوص وقيل: أعشى همدان وقيل جرير (معجم الشواهد 1/ 55).

(4)

عجز بيت وصدره:

على حين ألهى النّاس جلّ أمورهم

والبيت من الطويل وهو في الكتاب (1/ 116)، والخصائص (1/ 120)، وشرح الكافية (2/ 663، 1025)، والإنصاف (1/ 293)، والعيني (3/ 46، 523)، والتصريح (1/ 331)، والأشموني (2/ 116، 285)، وشرح الألفية للمرادي (2/ 82)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص 105)، وأوضح المسالك (1/ 170)، واللسان (ندل). والشاهد في قوله:(فندلا زريق المال) حيث ناب، قوله «ندلا» مناب فعله وهو مصدر وعامله محذوف وجوبا والتقدير اندل يا زريق ندلا، وقد نصب المصدر هنا وهو قوله «ندلا» للمفعول به وهو المال.

(5)

البيت من البسيط لقائل مجهول وهو في الأشموني (2/ 285)، وشرح الكافية الشافية لابن مالك (2/ 1025).

والشاهد قوله: (غفرانا مآثم) حيث نصب قوله «مآثم» بالمصدر الواقع بدلا من اللفظ بفعله.

وهو للمرادي الأسدي أو الفقعس.

ص: 1506

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

1144 -

أعلاقة أمّ الوليد بعد ما

... (1)

ثم (قال)(2) عقب هذا الكلام بأن قال: وهو مطرد عند الأخفش والفراء في الخبر والطلب، ومما مثل به الأخفش: ظنك زيدا منطلقا، وسمع أذني أخاك تقول:

ذاك وبصر عيني أخاك (3) انتهى.

وأفهم كلامه هذا أن الخلاف بين الأخفش والفراء وبين غيرهما إنما هو في الإطراد، لا في الوقوع، وفي وقوعه في الخبر، أما وقوعه في الطلب فلا، وإذا كان كذلك أشكل قوله في التسهيل وأجاز الأخفش والفراء إعمال المنصوب في الأمر والاستفهام، لأن هذا يوهم أن غيرهما لا يجيز الإعمال، وقد تبين من كلامه في شرح الكافية أن الخلاف بينهما وبين غيرهما إنما هو في الاطراد.

وبعد فهذا الموضع مما أشكل على تحققه والشيخ لم يتعرض إلى شيء مما أشرت إليه غير أنه بعد نقله عبارة المصنف في الشرح قال: وهذا الذي حكاه المصنف عن الأخفش والفراء هو القياس فكم جاز ذلك في نحو ضربا زيدا أي اضرب زيدا وقوله:

1145 -

أعلاقة أمّ الوليد

(4)

أي: أتعلق أم الوليد؟ جاز ذلك في باب «ظن» ، ثم قال: وقال صاحب الملخص (5): تقول: ظنّا زيدا منطلقا كما تقول:

ضربا زيدا وتعمل ظنّا كما يعمل ظننت إذا تقدمت، وكذلك لو وسطت ظنّا أو أخرته فالإعمال ولا يجوز الإلغاء لأنها في نية التقديم، ولأن الأمر طالب بالفعل ومبني الكلام عليه، فإن جئت بظنّا بعد ما بنيت الكلام على الإخبار بلا عمل لظن جاز، كما تقول: زيد منطلق أظن هذا موجود أو تقول: أظنّا زيدا منطلقا، ليس إلا الإعمال لتقدمها، فإن توسطت -

(1) البيت من الكامل وهو في الكتاب (1/ 116)، (2/ 139)، والمقتضب (2/ 54)، والأمالي الشجرية (2/ 242)، وشرح المفصل لابن يعيش (8/ 131، 134)، والتذييل (2/ 1010)، والمقرب (1/ 129)، والخزانة (4/ 493)، والمغني (1/ 311)، وشرح شواهده (2/ 722)، وشرح الكافية الشافية (2/ 1026)، والهمع (1/ 210)، والدرر (1/ 176)، وموصل الطلاب إلى قواعد الإعراب للأزهري (ص 251).

(2)

كذا بالأصل.

(3)

شرح الكافية الشافية لابن مالك (2/ 1026).

(4)

تقدم.

(5)

المقصود به ابن أبي الربيع فله كتاب في النحو يسمى الملخص (ينظر بغية الوعاة 2/ 125) تحقيق محمد أبو الفضل.

ص: 1507