الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[تخفيف أن وكأن وأحكام ذلك - اللغات في لعل والجر بها]
قال ابن مالك: (فصل: لتأوّل «أنّ» ومعموليها بمصدر قد تقع اسما لعوامل هذا الباب مفصولا بالخبر، وقد تتّصل بـ «ليت» سادّة مسدّ معموليها. ويمنع ذلك في «لعلّ» خلافا للأخفش وتخفّف «أنّ» فينوى معها اسم لا يبرز إلّا اضطرارا، والخبر جملة اسمية مجرّدة أو مصدّرة بـ «لا» أو بأداة شرط أو بـ «ربّ» أو بفعل يقترن غالبا إن تصرّف ولم يكن دعاء بـ «قد» أو بـ «لو» أو بحرف تنفيس أو نفي، وتخفّف «كأنّ» فتعمل في اسم كاسم أنّ المقدّر والخبر
جملة اسميّة أو فعليّة مبدوءة بـ «لم» أو «قد» أو مفرد، وقد يبرز اسمها في الشّعر، ويقال:«أما إن جزاك الله خيرا» . وربما قيل: أن جزاك الله، والأصل أنّه، وقد يقال في «لعلّ»:«علّ» «ولعنّ» و «عنّ» و «لأنّ» و «أنّ» و «رعنّ» و «رغنّ» و «لغنّ» و «لعلّت» .
وقد يقع خبرها «أن يفعل» بعد اسم عين حملا على «عسى» والجرّ بـ «لعلّ» ثابتة الأوّل أو محذوفته مفتوحة الآخر أو مكسورته لغة عقيليّة).
قال ناظر الجيش: قال المصنف رحمه الله تعالى (1): قد أشير في باب الابتداء أن من المبتدآت الواجب تقدم أخبارها «أنّ» وصلتها نحو: عندي أنك فاضل، وقد تدخل عليها «إن» أو إحدى أخواتها، فيلزم الفصل بالخبر نحو: إنّ عندي أنك فاضل (2)، وكأن في نفسك أني سائل. وقد تدخل ليت بلا فصل كقول الشاعر:
1002 -
فياليت أنّ الظّاعنين تلفّتوا
…
فيعلم ما بي من جوى وغرام (3)
-
(1) شرح التسهيل لابن مالك: (2/ 39) تحقيق د/ عبد الرحمن السيد ود/ بدوي المختون.
(2)
في الكتاب (3/ 124): «واعلم أنه ليس يحسن أن تلي «إنّ» ، «أنّ» ولا «أنّ» «إنّ». ألا ترى أنك لا تقول: إن أنك ذاهب، في الكتاب، ولا تقول قد عرفت أنّ إنّك منطلق في الكتاب. وإنما قبح هذا هنا كما قبح في الابتداء. اه. وفي هامش 3 من الصفحة نفسها نقلا عن السيرافى علل ذلك، فقال: قال كما كرهوا الجمع بين اللام وإنّ «فإن فصلت بينهما أو عطفت حسن فالفصل قولك إنّ لك أنك تحيا وتكرم والعطف قولك إن كرامتك عندي وأنك تعان. اه. وينظر في هذه المسألة أيضا المقتضب (2/ 342).
(3)
لم أجد هذا البيت إلا في التذييل (2/ 765). وهو من بحر الطويل لقائل مجهول.
والشاهد قوله: (فيا ليت أن الظاعنين تلفتوا) حيث وقعت «أنّ» ومعمولاها بعد «ليت» وسدت مسد معموليها ولم يفصل بين «أنّ» وليت بفاصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فسدت «أنّ» بصلتها مسد جزأي الإسناد بعد «ليت» كما سدت مسدهما في باب «ظن» كقوله تعالى: الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ (1) وكما سدت مسدهما في نحو وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا (2)، فإن مذهب سيبويه في الواقعة بعد «لو» أنها مرفوعة بالابتداء سادة بصلتها مسد الجزأين (3)، واختصت «أنّ» بهذا بعد «لو» كما اختصت «غدوة» بالنصب بعد «لدن» (4)، ورأي سيبويه هذا أسهل من إضمار «ثبت» بعد «لو» رافعا «لأنّ» ، وما ذهب إليه هو الصحيح، فإن إضمار فعل دون مفسر ولا عوض لا نظير له (5) بخلاف جعل «أنّ» وصلتها سادة
مسد جزأي الإسناد فإنه نظير سدها مسد جزأي الإسناد بعد «ليت» و «ظن» ، فلم يكن بدعا.
فإنه قيل: لم لم يكن المفسر لثبت المضمر ما يقتضيه «أنّ» من معنى الثبوت؟
فالجواب أن يقال: لا نسلم اقتضاء «أنّ» للثبوت، ولو سلمنا اقتضاءها [2/ 126] للثبوت لم يساو اقتضاء لفظ الثبوت لمعناه، ولو وقع لفظ الثبوت بعد «لو» لم يغن عن مفسر فعل يرفعه فأن لا يستغنى عنه «بأنّ» أحق وأولى. ونظير جعل «أنّ» بعد «لو» مبتدأ مستغنيا عن خبر، ما حكاه سيبويه من قول بعض العرب:«لحق أنّه ذاهب» بالإضافة إلى «أنّ» ما قال سيبويه كأنه قال: «ليقين ذلك أمرك» ، فأمرك هو خبر هذا الكلام لأنه إذا أضاف لم يكن بد كقولك:«لحق من خير» (6). هذا نص سيبويه، وأجاز الأخفش أن تعامل «لعلّ» معاملة «ليت» في الدخول على «أنّ» بلا فصل، فيقال: لعل أنّ الله يرحمنا (7)، ورأيه في المسألة -
(1) سورة البقرة: 46.
(2)
سورة البقرة: 103.
(3)
ينظر الكتاب (3/ 121 - 139)، وشرح الجمل لابن عصفور (1/ 459) ط. العراق.
(4)
لمراجعه هذه المسألة وهى اختصاص «غدوة» بالنصب بعد «لدن» ينظر الكتاب (1/ 51، 58)، والمغني (1/ 269).
(5)
راجع الهمع (1/ 138)، والمغنى (1/ 279 - 270)، وابن يعيش (8/ 60)، والتصريح (1/ 217)، وإضمار «ثبت» بعد «لو» رافعا «لأنّ» هو مذهب الكوفيين والمبرد والزجاج والزمخشري وابن الحاجب وذكر السيوطى في الهمع أن هذا هو المذهب المختار لاغنائه عن تقدير الخبر وإبقاء «لو» على حالها من الاختصاص بالفعل. اه.
(6)
الكتاب (3/ 157).
(7)
ينظر التذييل (2/ 767).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ضعيف لأنّ مقتضى الدليل أن لا يكتفى «بأنّ» وصلتها إلا حيث يكتفى بمصدر صريح، والمصدر الصريح لا يكتفى به بعد «ليت» فحق أن لا يكتفى بها بعدها، لكن سمع ذلك فقيل مع مخالفة الأصل فلا يزاد عليه دون (1) سماع. وتخفف «أنّ» فلا تلغى كما تلغى «إن» المخففة إلا أن اسمها لا يلفظ به إلا في ضرورة كقول الشاعر (2):
1003 -
لقد علم الضّيف والمرملون
…
إذا اغبرّ أفق وهبّت شمالا
بأنك ربيع وغيث مريع
…
وأنك هناك تكون الثّمالا (3)
ولا يكون غير الملفوظ به إلّا ضميرا، ولا يلزم كونه ضمير الشأن كما زعم بعضهم (4)، بل إذا أمكن عوده على
حاضر أو غائب معلوم فهو أولى، ولذلك قال سيبويه: حين مثل بقوله تعالى: أَنْ يا إِبْراهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا (5): كأنه قال جل وعز: أنك قد صدقت الرؤيا. وذكر هذا في باب ما تكون فيه «أن» بمنزلة «أي» (6) وقال في الباب الذي بعده: وتقول: كتبت إليه أن لا تقل ذلك وأن لا تقول ذلك، وأن لا تقول ذلك. فأما الجزم فعلى الأمر، عبر بالأمر على النهي. -
(1) ينظر تعليق الفرائد (1136) حيث ذكر الدماميني ما ضعف به رأي الأخفش في هذه المسألة، كما ذكرا المصنف هنا.
(2)
جنوب أخت عمرو الهذلية وقيل: عمرة بنت عجلان كما في شرح شواهد المغني.
(3)
البيتان من المتقارب وهما في الكافية الشافية (1/ 496)، ومعاني القران للفراء (2/ 90)، والإنصاف (1/ 207)، وابن يعيش (8/ 75)، وتعليق الفرائد (1139)، والمغني (1/ 31)، وشرح شواهده (1/ 106)، والتذييل (2/ 771)، والخزانة (4/ 355)، والعين (2/ 282)، وابن الناظم (69)، والتصريح (1/ 232)، واللسان (أنن). ويروى البيت الثاني برواية أخرى وهي:
بأنّك كنت الربيع المغيث
…
لمن يعتريك وكنت الثمالا
ولا شاهد على هذه الرواية.
اللغة: المرملون: الذين نفذت أزوادهم. مريع: خصيب.
والشاهد قوله: (بأنك ربيع .. وأنك) حيث صرح باسم «أن» المخففة في الموضعين للضرورة.
(4)
هو بعض المغاربة - ينظر الهمع (1/ 142)، والمطالع السعيدة (231)، وفي التصريح (1/ 232)، أنه مذهب ابن الحاجب، وهو مذهب المالقي أيضا كما في رصف المباني (ص 114)، حيث قال: إلا أنّ الخفيفة - يعنى «أن» يكون اسمها أبدا ضمير أمر وشأن. اه.
(5)
سورة الصافات: 104، 105.
(6)
الكتاب (3/ 163).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأما النصب فعلى «لئلا» . وأما الرفع فعلى: لأنك لا تقول ذلك، أو بأنك لا تقول ذلك تخبره بأن ذلك قد وقع من أمره (1). هذا نصه.
ولا يكون الخبر بعد الاسم المنويّ إلا جملة مصدرة بمبتدأ نحو وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (2)، وبخبر كقول الأعشى:
1004 -
في فتية كسيوف الهند قد علموا
…
أن هالك كلّ من يحفى وينتعل (3)
أو بحرف نفي نحو وَأَنْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (4)، أو بأداة شرط نحو قول الشاعر:
1005 -
فعلمت أن من يثقفوه فإنّه
…
حرز لجامعة وفرخ عقاب (5)
أو بربّ نحو قول الآخر:
1006 -
تيقّنت أن ربّ امرئ خيّل خائنا
…
أمين وخوّان يخال أمينا (6)
أو بفعل مباشر إن كان دعاء نحو وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها (7)، أو غير منصرف نحو: وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ (8)، فإن كان الفعل متصرفا -
(1) الكتاب (3/ 166).
(2)
سورة يونس: 10.
(3)
البيت من البسيط. وهو في الكتاب (2/ 137)، (3/ 74، 454)، والمقتضب (3/ 9)، والمحتسب (1/ 308)، والكافية الشافية (1/ 497)، وأمالي الشجرى (2/ 2)، وابن يعيش (8/ 74، 76)، والإنصاف (1/ 199)، وابن الناظم (69)، والتوطئة (208)، وتعليق الفرائد (1137)، والخزانة (3/ 547)، (4/ 356)، والعينى (3/ 87)، والهمع (1/ 142)، والدرر (1/ 119)، وديوانه (45).
والشاهد قوله: (أن هالك كلّ من يحفى وينتعل) حيث خففت «أنّ» المفتوحة وألغي عملها واسمها ضمير الشأن محذوف والخبر بعده جملة مصدرة بخبر وهو (هالك).
(4)
سورة هود: 14.
(5)
لم أعثر على هذا البيت إلا في التذييل (2/ 773) كما لم أعثر على قائله.
الشاهد فيه قوله: (أن من يثقفوه فإنه) حيث حذف اسم «أن» المخففة من الثقيلة وجاء خبرها جملة اسمية مصدرية بأداة شرط.
(6)
البيت من الطويل لقائل مجهول وهو في التذييل (2/ 773)، والهمع (1/ 143)، (2/ 26)، والدرر (1/ 119)، (2/ 19)، والمطالع السعيدة (232)، والشاهد قوله:(أن رب امرئ) حيث جاء خبر «أن» المخففة من الثقيلة جملة اسمية مصدرة «برب» وحذف اسمها.
(7)
سورة النور: 9.
(8)
سورة الأعراف: 185.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولم يكن دعاء وقي مباشرة «أن» في الغالب بقد كقوله تعالى: وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا (1) كقول الشاعر:
1007 -
ألم تعلمي أن قد تجشّمت في الهوى
…
من أجلك أمرا لم يكن يتجشّم (2)
أو «بلو» (3)، كقوله تعالى: تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ (4)[2/ 127]، أو بحرف تنفيس نحو عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى (5) أو بحرف نفي نحو: أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا (6) وأَ يَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ (7) وقال سيبويه مشيرا إلى قول الأعشى:
1008 -
أن هالك كلّ من يحفى وينتعل (8)
ومثل ذلك: أول ما أقول أن بسم الله، كأنه قال: أنه بسم الله (9). وقال سيبويه:
واعلم أنه ضعيف في الكلام أن يقول: قد علمت أن تفعل وقد علمت أن فعل حتى تأتي بالسين أو قد، أو ينفى لأنهم جعلوا ذلك عوضا مما حذفوا من «أنه» ، فكرهوا ترك العوض (10). قلت: ومن شواهد علمت أن فعل قول امرئ القيس:
1009 -
وحدّث بأن زالت بليل حمولهم
…
كنخل من الأعراض غير منيّق (11)
-
(1) سورة المائدة: 113.
(2)
لم أعثر على هذا البيت إلا في التذييل (2/ 774)، وهو لقائل مجهول من بحر الطويل والشاهد فيه قوله:(أن قد تجشمت) حيث جاء خبر (أن) المخففة جملة فعلية فعلها ماض متصرف مقترن «بقد» .
(3)
ذكر الشراح أن معظم النحويين لم يذكروا الفصل بين «أن» المخففة وبين الفعل «بلو» ، وقد وهم ابن الناظم على أبيه - كما ذكر شراح الألفية - فنسب إليه القول بقلة الفصل بين «أن» المخففة والفعل «بلو» حيث قال: وأكثر النحويين لم يذكروا الفصل بين «أن» المخففة وبين الفعل، وإلى ذلك أشار بقوله: وقليل ذكر لو. اه. شرح الألفية لابن الناظم (ص 69)، وقد خطأ شراح الألفية ابن الناظم فيما زعم حيث قالوا: وقول ابن الناظم إن الفصل بها قليل - أي «لو» - وهم منه على أبيه أي: غلط.
ينظر أوضح المسالك (1/ 100 - 101)، والتصريح (1/ 234).
(4)
سورة سبأ: 14 وزاد في (ب)(فلما خر) في أول الآية.
(5)
سورة المزمل: 20.
(6)
سورة طه: 89.
(7)
سورة القيامة: 3.
(8)
تقدم.
(9)
الكتاب (3/ 164 - 165).
(10)
الكتاب (3/ 167).
(11)
البيت في التذييل (2/ 775)، وديوان امرئ القيس (168)، ويروى (منبثق) مكان -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقال سيبويه: وأما قولهم: (أما أن جزاك الله خيرا)؛ فإنهم إنما أجازوه لأنه دعاء ولا يصلون هنا إلى قد وإلى السين ولو قلت: أما أن يغفر الله لك؛ جاز لأنه دعاء، قال: وسمعناهم يقولون: أما إن جزاك الله خيرا، شبهوه بأنّه، قال محمد:
و «أما» قبل أن المخفف المفتوحة بمعنى حقّا هي قبل المشددة المفتوحة وهي بمعنى «ألا» قبل «إن» المكسورة (1). هذا مذهب سيبويه رحمه الله تعالى. ويجوز عندي أن تكون «أما» في الوجهين بمعنى «ألا» وتكون «إن» المكسورة زائدة، كما زادها الشاعر في قوله:
1010 -
ألا إن سرى ليلي فبتّ كئيبا
…
أحاذر أن تنأى النّوى بغضوبا (2)
وفي المفتوحة على هذا وجهان:
أحدهما: أن تكون المخففة وتكون هي وصلتها من موضع رفع بالابتداء، والخبر محذوف (3)، كما تقرر في «أن» الواقعة بعد «لو» على مذهب سيبويه (4)، ويكون التقدير: أما من دعائي أن جزاك الله خيرا، ثم حذف الخبر للعلم به.
والوجه الثاني: من وجهي الفتح مع كون «أما» بمعنى «ألا» : أن تكون زائدة كما زيدت بعد «لما» ، وقبل «لو» ، وبعد كاف الجر في قوله (5): -
- (منيق). وهو من بحر الطويل.
اللغة: حمولهم: الجمال. الأعراض: الأودية.
والشاهد قوله: (وحدث بأن زالت) حيث جاء خبر «أن» المخففة جملة فعلية فعلها منصرف، ولم تفصل من «أن» بفاصل.
(1)
الكتاب (3/ 167 - 168)، وينظر هامش 3 / من (ص 168)، ففيه بقية النص عن بعض النسخ من أول قوله: وأما قبل «أن» المخففة المفتوحة بمعنى حقّا.
(2)
البيت من الطويل لقائل مجهول. وهو في التذييل (2/ 787)، والمغني (1/ 25)، وشرح شواهده (1/ 86)، والهمع (1/ 125)، والدرر (1/ 97).
والشاهد قوله: (ألا إن سرى ليلي) حيث زيدت «إن» بعد «ألا» .
(3)
ينظر تعليق الفرائد (1147).
(4)
ينظر الكتاب (121).
(5)
هو ابن صريحة اليشكري كما في الكتاب (2/ 134)، أو أرقم بن علياء اليشكري، كما في شرح السيرافي لأبيات الكتاب (1/ 525)، أو باعث بن صريم اليشكري كما في اللسان (قسم)، أو كعب ابن أرقم اليشكري ويقال إنه قال هذا البيت في امرأته. وينظر معجم الشواهد (1/ 325).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
1011 -
كأن ظبية تعطو
…
(1)
على رواية الجر، ويجوز أن تكون في قول الشاعر:
1012 -
ألا إن سرى ليلي
…
المخففة من «إن» ويكون الأصل إنه سرى ليلي، ثم فعل به ما فعل بأما إن جزاك الله خيرا في قول سيبويه (2). وقد تباشر «أن» المخففة فعلا متصرفا غير مقصود به الدعاء (3) وعليه نبهت بقولي:(غالبا)(4)، فإن كان ذلك بعد فعل قلبي أو معناه فهو أسهل من أن يكون بعد غير ذلك (5)، فالأول: كقول الشاعر:
1013 -
علموا أن يؤمّلون فجادوا
…
قبل أن يسألوا بأعظم سؤل (6)
-
(1) جزء بيت من الطويل والبيت بتمامه:
ويوما توافينا بوجه مقسّم
…
كأن ظبية تعطو إلى وارق السّلم
وهو في الكتاب (2/ 134)، وشرح السيرافي للأبيات (1/ 525)، والإنصاف (1/ 202)، وشرح التسهيل للمرادي (1/ 447)، وتعليق الفرائد (1143)، والتذييل (2/ 783)، والمصنف (3/ 128)، والتوطئة (215)، والمقرب (1/ 111)، (2/ 203) - وأمالي السهيلي (116)، والكافية الشافية (1/ 496)، وابن يعيش (8/ 83)، وشرح عمدة الحافظ (143)، والإفصاح للفارقي (346)، وابن الناظم (70)، والهمع (1/ 143)، والدرر (1/ 120).
اللغة: السلم: شجر بالبادية. مقسم: محسن جميل. تعطو: تتناول أطراف الشجر.
والشاهد قوله: (كأن ظبية)، حيث خففت «كأنّ» وحذف اسمها وجاء خبرها اسما مفردا. وفي (ظبية) ثلاثة أوجه:
الرفع على الخبرية أي كأنها ظبية، والنصب على أنه اسم «لأن» والخبر محذوف، والجر على كون «أن» زائدة والكاف للتشبيه، وهو الوجه الذي استشهد به به المصنف هنا.
(2)
لمراجعة هذه المسألة ينظر الكتاب (3/ 167 - 168).
(3)
ينظر شرح الألفية لابن الناظم (69)، وشرح الألفية للمرادي (1/ 356).
(4)
جعل ابن هشام ترك الفاصل ومباشرة «أن» للفعل المتصرف الذي لم يقصد به الدعاء شاذا أو نادرا.
ينظر أوضح المسالك (1/ 100)، والجامع الصغير (65).
(5)
ينظر شرح الكافية للرضي (2/ 232)، والهمع (2/ 2)، والأشموني (3/ 282) بحاشية الصبان.
(6)
البيت من الخفيف وهو في شرح الكافية الشافية (1/ 500)، والتذييل (2/ 776)، وتعليق الفرائد (1143)، وشرح الألفية للمرادي (1/ 356)، وابن الناظم (69)، والتصريح (1/ 233)، والعيني (2/ 294)، والهمع (1/ 143)، والدرر (1/ 120)، والأشموني (1/ 292).
والشاهد: (علموا أن يؤمّلون) حيث جاء خبر «أن» المخففة جملة فعلية فعلها متصرف ولم يفصل عنها بفاصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأنشد الفراء:
1014 -
إني زعيم يا نوي
…
قة إن أمنت من الرّزاح
ونجوت من غرض المنو
…
ن من الغدوّ إلى الرّواح
أن تهبطين بلاد قو
…
م يرتعون من الطّلاح (1)
والثاني: كقراءة بعض القراء (2): (لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ)(3)، ومثله قول الشاعر [2/ 128]:
1015 -
يا صاحبيّ فدت نفسي نفوسكما
…
وحيثما كنتما لقّيتما رشدا
أن تحملا حاجة لي خفّ محملها
…
يستوجبا منّة عندي بها ويدا
أن تقرآن على أسماء ويحكما
…
منّي السّلام وأن لا تشعرا أحدا (4)
و «أن» في هذين الموضعين وأشباههما عند البصريين هى الناصبة للمضارع، وترك إعمالها حملا على «ما» أختها، وهي عند الكوفيين المخففة (5)، وشذ -
(1) الأبيات لقاسم بن معن قاضي الكوفة، وهي من مجزوء الكامل وينظر فيها معاني القرآن للفراء (1/ 136)، والكافية الشافية (1/ 501)، والتذييل (2/ 297)، والأشموني (1/ 292)، وابن يعيش (7/ 9)، واللسان (طلح).
اللغة: الرزاح: شدة الضعف في الإبل. الطلاح: شجر طويل يستظل به الإنسان والإبل.
والشاهد قوله: (أن تهبطين) حيث جاء خبر «أن» المخففة جملة فعلية مصدرة بمضارع متصرف غير مفصول منها بفاصل.
(2)
نسب ابن خالويه في مختصر شواذ القرآن له (ص 14) هذه القراءة إلى مجاهد، وتنظر هذه القراءة أيضا في الكشاف (1/ 95) وفيه: «وأن
تتم الرضاعة وأن يتم الرضاعة برفع الفعل تشبيها لأن بما لتآخيهما في التأويل. اه. وانظر روح المعاني للألوسي (1/ 437).
(3)
سورة البقرة: 233.
(4)
الأبيات من البسيط وهي لقائل مجهول، وينظر فيها مجالس ثعلب (1/ 322 - 323)، والمصنف (1/ 278)، وابن يعيش (7/ 15)، (8/ 143)، والإنصاف (2/ 563)، والتذييل (2/ 777)، والمغني (1/ 30)، (2/ 697)، وشرح شواهده (1/ 100)، والتصريح (2/ 232)، والخزانة (3/ 59)، والعيني (4/ 380)، والأشموني (3/ 297).
والشاهد قوله: (أن تقرآن) حيث وقع بعد «أن» فعل متصرف مرفوع و «أن» عند البصريين مصدرية أهملت حملا على ما «المصدرية» ، وعند الكوفيين مخففة من الثقيلة شذ اتصالها بالفعل.
(5)
ينظر شرح الكافية للرضي (2/ 234)، والمغني (1/ 30).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقوعها موقع الناصبة كما شذ وقوع الناصبة موقع المخففة في قول جرير:
1016 -
نرضى عن الله أنّ النّاس قد علموا
…
أن لا يدانينا من خلقه بشر (1)
وقول الكوفيين عندى أولى بالصواب، فإنه لا يلزم منه إهمال ما وجب له الإعمال ومما يؤيده قول الشاعر:
1017 -
رأيتك أحييت النّدى بعد موته
…
فعاش النّدى من بعد أن هو خامل (2)
فوصل «أن» بجملة اسمية وليس قبلها فعل قلبي ولا معناه، وكل موضع هو كذا فهو «لأن» الناصبة للفعل وأن الناصبة للفعل لا توصل بجملة اسمية، فصح وقوع المخففة موقع الناصبة وهو المراد، وقريب من قوله:«أن هو خامل» قول الآخر:
1018 -
فلا تلهك الدّنيا عن الدين واعتمل
…
لآخرة لا بدّ عن ستصيرها (3)
أبدل همزة «أن» عينا وحسن وقوع المخففة هنا لأنّ «لا بد» تجرى مجرى اليقين وتخفف «كأنّ» فلا تلغى، بل تعمل إعمال «أن» المخففة، إلا أنّ خبرها إذا قدر اسمها لا يلزم كونه جملة، بل قد يكون مفردا، بخلاف خبر «أن» (4) إذا قدر اسمها وإن كان جملة جاز كونها فعلية مبدوءة «بلم» كقوله تعالى كَأَنْ لَمْ تَغْنَ -
(1) البيت من البسيط وهو في الأشموني (3/ 282)، والهمع (2/ 2)، والدرر (2/ 2)، وديوان جرير (261).
والشاهد قوله: (قد علموا
…
أن لا يدانينا) حيث وقعت «أن» الناصبة موقع «أن» المخففة من الثقيلة وهذا شاذ.
(2)
لم أجد هذا البيت ولم أهتد إليه إلا في حاشية الشيخ محيي الدين على الأشموني (1/ 517، 518). وهو من بحر الطويل لقائل مجهول.
والشاهد قوله: (بعد أن هو خامل) حيث وصلت «أن» بالجملة الاسمية وليس قبلها فعل قلبي ولا ما في معناه.
(3)
البيت من بحر الطويل وهو لقائل مجهول.
والشاهد فيه قوله: (لا بد عن ستصيرها) حيث أبدل همزة «أن» عينا وأوقع «أن» المخففة موقع الناصبة وحسن ذلك لأن قوله (لا بدّ) يجري مجرى اليقين.
(4)
ينظر المطالع السعيدة (ص 234)، وابن الناظم (69 - 70)، وشرح الألفية للمرادي (1/ 357).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بِالْأَمْسِ (1)، أو «بقد» كقول الشاعر:
1019 -
لا يهولنّك اصطلاء لظى الحر
…
ب فمحذورها كأن قد ألمّا (2)
أو ابتدائية كقول الشاعر:
1020 -
ووجه مشرق النّحر
…
كأن ثدياه حقّان (3)
أو شرطية كقول الآخر (4).
1021 -
وي كأن من يكن له نشب يح
…
بب ومن يفتقر يعش عيش ضرّ (5)
ومثال إفراد الخبر مع تقدير الاسم: قول الشاعر:
1022 -
ويوما توافينا بوجه مقسّم
…
كأن ظبية تعطو إلى وارق السّلم (6)
-
(1) سورة يونس: 24.
(2)
البيت من الخفيف لقائل مجهول وهو في التذييل (2/ 782)، والارتشاف (2/ 154)، والعيني (2/ 306)، والتصريح (1/ 235)، والأشموني (1/ 294)، وشذور الذهب (350).
والشاهد قوله: (كأن قد ألما) حيث خففت «كأن» فعملت في اسم محذوف وخبرها جملة فعلية مقترنة بقد.
(3)
البيت من الهزج، وهو من الأبيات الخمسين المجهولة القائل، وهو في الكتاب (2/ 135)، والتذييل (2/ 781) وأمالي الشجرى (1/ 237)، (2/ 3، 243)، والمحتسب (1/ 9)، والمنصف (3/ 128)، والإنصاف (1/ 197)، وابن يعيش (8/ 72)، وابن الناظم (70)، والهمع (1/ 43)، والأشموني (1/ 293)، والعينى (2/ 305).
والشاهد فيه: تخفيف «كأن» مع حذف اسمها ومجيء الخبر جملة اسمية: ويروى أيضا: (وصدر) مكان (ووجه).
(4)
هو زيد بن عمرو بن فعتل وقيل: سعيد بن زيد الصحابي أحد العشرة المبشرين بالجنة كما في شرح شواهد المغني (2/ 787).
(5)
البيت من الخفيف. وهو في مجالس ثعلب (1/ 322)، ومعاني القرآن للفراء (2/ 312)، والكتاب (2/ 155)، والمحتسب (2/ 155)، والتذييل (2/ 781)، والمغني (2/ 369)، وابن يعيش (4/ 79) والخزانة (3/ 95)، والأشموني (1/ 199)، والهمع (2/ 106)، والدرر (2/ 139).
والشاهد قوله: (كأن من يكن له نشب يحبب) حيث خففت «كأن» فعملت في اسم محذوف وخبرها جملة شرطية.
(6)
تقدم. والشاهد فيه هنا: وقوع الخبر مفردا مع تقدير اسم «كأن» ، وذلك على وجه الرفع في «ظبية» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أي كأنها ظبية. ويروى بالنصب على حذف الخبر والتقدير: كأن ظبية عاطية المذكورة، وهذا من عكس التشبيه، ويروى بالجر على زيادة «أن» شذوذا.
وفي «لعلّ» عشر لغات: لعلّ، علّ، لعنّ، عنّ، لأنّ، أنّ، رعنّ، رغنّ، لعنّ، لعلّت. فالستة المتقدمة مشهورة والأربعة الباقية قليلة الاستعمال، وأقلها استعمالا «لعلت» ذكرها أبو علي في التذكرة (1).
ومن ورود «أنّ» بمعنى «لعل» ما حكاه الخليل من قول بعض العرب: إيت السوق أنّك تشتري لنا شيئا (2). واستشهد الأخفش على ذلك بقول الراجز (3):
1023 -
قلت لشيبان ادن من لقائه
…
أنّا نغذّي القوم من شوائه (4)
ومنه قراءة غير ابن كثير وأبي عمرو: أنها إذا جاءت (5) بالفتح (6). وقال امرؤ القيس في «لأنّ» :
1024 -
عوجا على الطّلل المحيل لأنّنا
…
نبكي الدّيار كما بكى ابن خذام (7)
وقال [2/ 129] الفرزدق في لعنّ: -
(1) التذييل (2/ 789)، وينظر شرح الجمل لابن عصفور (1/ 446 - 447) ط. العراق، وقد أوصل السيوطي هذه اللغات في «لعل» إلى ثلاث عشرة لغة. ينظر الهمع (1/ 134).
(2)
الكتاب (3/ 123)، وينظر معاني القرآن للزجاج (2/ 310).
(3)
هو أبو النجم العجلي، وقيل أبو ذؤيب الهذلي.
(4)
الرجز في الكتاب (3/ 116)، ومعاني القرآن للأخفش (1/ 192)، وشرح السيرافي الكتاب (1/ 109)، تحقيق د. سيد شرف الدين، والتذييل (2/ 792)، والإنصاف (2/ 591).
ويروى أيضا: (كما تغذى القوم) مكان (أنا نغذي القوم) ولا شاهد على هذه الرواية.
والشاهد قوله: (أنا نغذي القوم) حيث استعملت «أنّ» استعمال (لعلّ)، وهي لغة فيها. والتقدير:
لعلنا نغذي القوم.
(5)
سورة الأنعام: 109.
(6)
قراءة الفتح لحفص وحمزة والكسائي. ينظر الحجة لابن خالويه (147)، وشرح طيبة النشر (282)، ومعاني القرآن للزجاج (2/ 310).
(7)
البيت من الكامل. وهو في ابن يعيش (8/ 79)، والعمدة لابن رشيق (1/ 54)، والتوطئة (212)، وشرح شواهد الكشاف (128)، والخزانة (2/ 234)، والهمع (1/ 134)، والدرر (1/ 111)، وديوان امرئ القيس (114)، ورصف المباني (127).
اللغة: المحيل: الذي أتى عليه الحول. ابن خذام: شاعر قديم من طيئ.
والشاهد قوله: (لأنّنا نبكي الديار)، حيث استعملت «لأنّ» لغة في لعلّ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
1025 -
ألستم عائجين بنا لعنّا
…
نرى العرصات أو أثر الخيام (1)
وإذا كان الاسم في هذا الباب وغيره اسم معنى؛ جاز كون الخبر فعلا مقرونا «بأن» كقولك: إن الصلاح أن تعصي الهوى، فلو كان الاسم اسم عين امتنع ذلك، كما يمنع في الابتداء، وقد يستباح في «لعلّ» حملا على «عسى» (2) ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم:«لعلّك أن تخلّف فينتفع بك أقوام ويضرّ بك آخرون» (3) وروى أبو زيد (4) أن بني عقيل يجرون بلعل مفتوحة الآخر ومكسورته (5) ومن شواهد ذلك قول الشاعر:
1026 -
لعلّ الله يمكنني عليها
…
جهارا من زهير أو أسيد (6)
وروى الفراء أيضا الجر «بعلّ» وأنشد:
1027 -
علّ صروف الدّهر أو دولاتها
…
تدلينا اللّمّة من لمّاتها (7)
-
(1) البيت من الوافر وهو في الإنصاف (1/ 225)، والتذييل (2/ 790)، وشرح شواهد الشافية (4/ 464، 466)، والتصريح (1/ 192)، واللسان (لعن) وديوانه (835).
ويروى أيضا برواية: (هل أنتم عائجون) مكان (ألستم عائجين)، كما يروى:(ألا يا صاحبي قفا لعنا) في الشطر الأول.
والشاهد قوله: (لعنّا .. نرى) حيث وردت «لعنّ» بالعين المهملة والنون، وهي لغة في «لعل» .
(2)
في الكتاب (3/ 160)، وقد يجوز في الشعر أيضا: لعلّي أن أفعل بمنزلة: عسيت أن أفعل. اه.
وينظر هذه المسألة في التذييل (2/ 793).
(3)
حديث شريف وهو في صحيح البخاري (2/ 72)، وسنن أبي داود/ كتاب الوصايا.
(4)
سبقت ترجمته.
(5)
ينظر التوطئة (219)، والمغني (1/ 286)، (2/ 440)، وتعليق الفرائد (1150)، هو خالد ابن جعفر بن كلاب بن عامر بن صعصعة.
(6)
البيت من الوافر وهو في التذييل (2/ 794)، والأغاني (11/ 94)، والتوطئة (219)، والخزانة (4/ 370، 375)، والتصريح (2/ 3).
والشاهد قوله: (لعل الله) حيث جر لفظ الجلالة «بلعلّ» مفتوحة اللام الأخيرة.
(7)
الرجز لقائل مجهول، وهو في معاني القرآن للفراء (3/ 9، 235)، والخصائص (1/ 316)، والإنصاف (1/ 220)، والمغني (1/ 155)، وشرح شواهده (1/ 454)، والتذييل (2/ 795)، ولم يستشهد الفراء بهذا البيت على الجر «بعل» كما ذكر المصنف هنا وإنما استشهد به على جواز النصب بعد الفاء في «علّ» .
اللغة: يدلينا: من أداله الله أي نصره. اللمة: الشدة.
والشاهد فيه قوله: (علّ صروف الدهر) حيث جر (صروف) بعلّ كما ذكر المصنف.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وزعم أبو علي أن «لعل» خففت وأعملت في ضمير الشأن محذوفا، ووليها في اللفظ لام الجر مفتوحا تارة ومكسورا تارة، والجر به. و «لعلّ» على أصلها (1)، ولا يخفى ما في هذا من التكلف (2). انتهى كلام المصنف (3). ونتبعه بذكر أمور:
منها: أن صاحب البسيط نقل أن الخلاف الذي في «ظننت أن زيدا قائم» هو أيضا في ليت أن زيدا قائم، فرأى الأخفش أن الخبر محذوف هنا كما أن المفعول الثاني محذوف هناك (4) ورأى سيبويه: أنها سدت مسد المفعولين في «ظننت» ، فكذلك هنا (5) وقال ابن الدهان (6): تكتفي ليت «بأن» مع الاسم ولا تكتفي «بأن» مع الفعل عند المحققين. كذا نص ابن السراج وهما مصدريان، وذلك لظهور الخبر مع أن (7). انتهى.
وهذا بخلاف الحال في باب ظن، فإنه يكتفى فيه «بأن» مع الفعل (8). قال الله تعالى: أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا (9).
ومنها: أن الشيخ نقل أن الأخفش لم يقتصر على «لعلّ» في إجرائها مجرى «ليت» كما ذكر المصنف، بل نصّ على أن «لعلّ» و «لكنّ» و «كأنّ» في هذا الحكم سواء، فيجيز:(لكنّ أنك منطلق)، و (كأنّ أنك منطلق)، كما يجيز:
(لعل أنكّ منطلق) قال الجرمي (10): وهذا كله رديء في القياس، لأن «أن» لا يبتدأ بها، وقال الشيخ: وأجاز هشام: إنّ أنّ زيدا منطلق حقّ بمعنى إن إطلاق زيد حق. انتهى (11).
ولا يخفى أن لا معول على شيء من ذلك، إذ لا ثبوت له عن العرب: ويكفي -
(1) لمراجعة رأي الفارسي ينظر التذييل (2/ 796)، والمغني (1/ 286)، والهمع (1/ 143).
(2)
رد ابن هشام رأي أبي عليّ الفارسيّ بقوله: وهذا تكلف كثير، ولم يثبت تخفيف «لعلّ» ، ثم هو محجوج بنقل الأئمة أن الجر «بلعلّ» لغة قوم بأعيانهم. اه. المغني (1/ 286).
(3)
شرح التسهيل لابن مالك (1/ 47).
(4)
ينظر تعليق الفرائد (1136).
(5)
ينظر الكتاب (1/ 125 - 126).
(6)
سبقت ترجمة ابن الدهان، وتوفي سنة (569 هـ).
(7)
ينظر تعليق الفرائد (1136).
(8)
ينظر الهمع (1/ 152).
(9)
سورة العنكبوت: 3.
(10)
سبقت ترجمته.
(11)
التذييل (2/ 764).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
في رده نبو الطباع عن التكلم به.
ومنها: أنه قد يسأل فيقال: ما الذي أحوج إلى تقدير اسم «لأن» إذا خففت محذوف وهلا ادعى فيها الإلغاء؟
والجواب: أن سبب إعمالها الاختصاص بالاسم، فما دام لها الاختصاص ينبغي أن يعتقد أنها عاملة ويدل على أنها عندهم باقية على الاختصاص: كونهم استقبحوا وقوع الأفعال بعدها دون فصل، إلا أن تكون الأفعال شبيهة بالأسماء لعدم تصرفها (1)، لا يقال: سبب الفصل جعل تلك الحروف عوضا عن الاسم المحذوف، لأنه لو كان السبب ذلك، لزم الفصل بينها وبين الجملة الاسمية وهم لا يفعلون ذلك (2).
قال الله تعالى: [2/ 130] وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (3).
وقد تكلم سيبويه على هذا فقال: لأنهم لم يحلوا به هاهنا يعني بالاسم - لأنهم أقروا بعدها المبتدأ والخبر كما كانوا يفعلون لو شددوا. فأما إذا حذفوا وأولوها الفعل الذي لم يكن يليها فكرهوا أن يجعلوا عليها الحذف ودخولها على ما لم يكن يليها مثقلة، فجعلوا هذه الحروف عوضا (4).
ومنها: أن سيبويه أجاز في «أن» المخففة أن تلغى لفظا وتقديرا كما ألغيت «إنّ» إذا خففت، وتكون حرفا مصدريّا لا يعمل شيئا كبعض الحروف المصدرية. -
(1) ينظر شرح الجمل لابن عصفور (1/ 436 - 437) ط. العراق، والهمع (1/ 142).
(2)
جعل معظم النحاة سبب الفصل بين «أن» المخففة والفعل جعل تلك الحروف التي يفصلون بها - وهي لا وقد والسين وسوف - عوضا مما لحق «أن» من التغيير وهو حذف أحد النونين والاسم.
يقول الأنباري في الإنصاف (1/ 205): «ولا تخفف من غير واحد من هذه الأحرف لأنهم جعلوها عرضا مما لحق «أن» من التغيير، وكان التعويض مع الفعل أولى من الاسم وذلك لأن «أن» لحقها مع الاسم ضرب واحد من التغيير وهو الحذف، ولحقها مع الفعل ضربان: الحذف ووقوع الفعل بعدها». اه.
وفي التصريح (1/ 233): «ويجب الفصل في غيرهن، ليكون عوضا مما حذفوا من «أنّه» وهو أحد النونين والاسم، أو لئلا يلتبس «بأن» المصدرية، ولما كان التغيير مع الفعل أكثر مما هو مع الاسم وما أشبهه؛ عوض مع الفعل المتصرف ولم يعوض مع الاسم وما أشبهه». اه. وإذا كان الشارح هنا يمنع أن يكون سبب الفصل هو جعل تلك الحروف عوضا من الاسم المحذوف؛ فلعله يرى أن يكون سبب الفصل هو عدم الالتباس بأن المصدرية، وهو السبب الثاني الذي ذكره صاحب التصريح في نصه السابق. أو أنه يجعلها عوضا ولكن ليس من الاسم المحذوف، بل من أحد نوني «أنّ» .
(3)
سورة يونس: 10.
(4)
الكتاب (3/ 168 - 169) بالمعنى.