المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الحكاية بالقول ونصب المفعولين في لغة سليم] - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ٣

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الثالث عشر باب الأفعال الرّافعة الاسم النّاصبة الخبر

- ‌[سردها وشروط عملها]

- ‌[المبتدآت والأخبار التي لا تدخل عليها]

- ‌[عملها في الجملة الاسمية]

- ‌[ما تختص به دام وأفعال الاستمرار الماضية]

- ‌[علة تسميتها أفعالا ناقصة]

- ‌[معاني هذه الأفعال وهي تامة]

- ‌[امتناع بعض الأفعال من مجيء الخبر ماضيا]

- ‌[حكم قول «أين لم يزل زيد» وأشباهه]

- ‌[ورود بعض هذه الأفعال بمعنى صار]

- ‌[أحوال الخبر في جملة هذه الأفعال من التوسط أو التقديم]

- ‌[حكم الخبر إذا كان جملة في هذا الباب]

- ‌[معمول الخبر المرفوع أو المنصوب في هذا الباب]

- ‌[تعريف الاسم والخبر وجواز تقدم الخبر]

- ‌[اقتران خبر هذه الأفعال بإلا وأحكام ذلك]

- ‌[اختصاصات ليس وكان في هذا الباب]

- ‌[اختصاصات كان في هذا الباب]

- ‌[أحكام خاصة بكان]

- ‌[حكم معمول الخبر في هذا الباب]

- ‌[الحروف العاملة عمل ليس: ما الحجازية وشروط عملها]

- ‌[حكم المعطوف على خبر ما]

- ‌[بقية الحروف العاملة عمل ليس]

- ‌[إهمال ليس في لغة تميم]

- ‌[حكم النفي بليس وما]

- ‌[زيادة الباء في الخبر المنفي]

- ‌[العطف على توهم زيادة الباء]

- ‌[العطف على خبر ليس الرافع السببي أو الأجنبي]

- ‌الباب الرابع عشر باب أفعال المقاربة

- ‌[سردها وعملها ومعانيها]

- ‌[حديث طويل عن خبر هذه الأفعال]

- ‌[حديث في عسى - نفي كاد - مضارع كاد]

- ‌الباب الخامس عشر باب الأحرف النّاصبة الاسم الرّافعة الخبر

- ‌[سردها - معانيها - عملها]

- ‌[حديث عن خبر هذه النواسخ من تقديمه أو حذفه]

- ‌[مواضع كسر همزة إن ومواضع فتحها ومواضع جواز الوجهين]

- ‌[بقية مواضع فتح همزة إن]

- ‌[مواضع دخول لام الابتداء ومواضع امتناع ذلك]

- ‌[تخفيف إن ولكن - اقتران هذه النواسخ بما الزائدة]

- ‌[تخفيف أن وكأن وأحكام ذلك - اللغات في لعل والجر بها]

- ‌[حكم المعطوف على اسم إنّ ولكنّ وبقية نواسخ هذا الباب]

- ‌الباب السادس عشر باب لا العاملة عمل إنّ

- ‌[بناء الاسم المفرد على الفتح ونصب المضاف]

- ‌[دخول لا على المعرفة - العطف على اسمها - وصف الاسم]

- ‌[اقتران لا بهمزة الاستفهام وأحكام ذلك]

- ‌الباب السابع عشر باب الأفعال الداخلة على المبتدأ والخبر الداخل عليهما كان والممتنع دخولها عليهما لاشتمال المبتدأ على استفهام

- ‌[ظن وأخواتها وحكم المفعولين معها]

- ‌[سرد هذه الأفعال ومعانيها في هذا الباب وغيره]

- ‌[الإلغاء وأحكامه في أفعال هذا الباب]

- ‌[التعليق وأحكامه في الأفعال القلبية في هذا الباب]

- ‌[التعليق في بعض الأفعال غير القلبية]

- ‌[مسألة علمت زيدا أبو من هو]

- ‌[حكم الجملة بعد التعليق وأدواته]

- ‌[اتحاد الفاعل والمفعول في الأفعال القلبية]

- ‌[الحكاية بالقول ونصب المفعولين في لغة سليم]

- ‌[لا يلحق بالقول في الحكاية ما في معناه]

- ‌[الأفعال التي تنصب ثلاثة مفاعيل]

الفصل: ‌[الحكاية بالقول ونصب المفعولين في لغة سليم]

[الحكاية بالقول ونصب المفعولين في لغة سليم]

قال ابن مالك: (فصل: يحكى بالقول وفروعه الجمل: وينصب به المفرد المؤدّي معناها والمراد به مجرّد اللّفظ وإلحاقه في العمل بالظّنّ مطلقا لغة سليم، ويخصّ أكثر العرب هذا الإلحاق بمضارع المخاطب الحاضر بعد استفهام متّصل أو منفصل بظرف أو جارّ ومجرور، أو أحد المفعولين؛ فإن عدم شرط رجع إلى الحكاية ويجوز إن لم يعدم).

ــ

المعنى وهذا أقبح ما يقع فيه الغلط وقد لحن عمر بن أبي ربيعة في قوله:

1162 -

ثمّ قالوا تحبّها قلت بهرا (1)

أي أتحبها. وقال أبو العباس: ليس الأمر عندي كذلك إنما هو إلزام أي: ثم قالوا أأنت تحبها (2) وذكر الشيخ بعد

هذا مسائل عدة تركت إيرادها خشية الإطالة.

قال ناظر الجيش: قد تقدم في أول هذا الباب الإشارة إلى الفرق بين «قلت» و «ظننت» حيث أثرت ظننت في الاسمين الواقعين بعدها ولم تؤثر «قلت» في الجملة شيئا فلا حاجة إلى إعادته. والمراد بالقول: نفس المصدر وحكاية الجملة به كقوله تعالى: وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (3) والمراد بفروعه: الفعل الماضي وفعل الأمر والفعل المضارع واسم الفاعل واسم المفعول لأنها كلها مشتقة من المصدر على الأصح فكلها فروعه (4). وحكاية الجملة بالماضي -

(1) صدر بيت من المنسرح وعجزه:

عدد النّجم والحصا والتّراب

والبيت في الكتاب (1/ 311)، والخصائص (2/ 281)، والأمالي الشجرية (1/ 266)، وابن يعيش (1/ 121)، والكامل للمبرد (ص 378)، والمغني (1/ 15)، وشرح شواهده (1/ 39)، وشرح شواهد الكتاب للسيرافي (1/ 267)، والتذييل (2/ 1053)، وديوانه (ص 423)، والدرر (1/ 162).

والشاهد قوله: (ثم قالوا تحبها؟) حيث حذف همزة الاستفهام وأراد معناها والتقدير «أتحبها» .

(2)

التذييل (2/ 1051 - 1054).

(3)

سورة الرعد: 5.

(4)

هذا على رأي البصريين وهو المذهب المشهور أما الكوفيون فيرون أن الفعل أصل للمصدر ورد هذا بأن الفرع لا بد فيه من معنى الأصل وزيادة والفعل يدل على المصدر والزمان ففيه معنى المصدر وزيادة فهو فرع - ينظر شرح الألفية لابن الناظم (ص 102)، واللمع لابن جني (ص 131).

وقيل: إن المصدر والفعل أصلان وليس أحدهما مشتقّا من الآخر ونسب هذا الرأي إلى ابن طلحة. -

ص: 1540

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كقوله تعالى: وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا (1) وحكايتها بالأمر كقوله: آمَنَّا بِاللَّهِ * (2) وحكايتها بالمضارع كقوله تعالى: يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ (3) وحكايتها باسم الفاعل كقوله تعالى: قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا (4) وحكايتها باسم المفعول كقول الشاعر:

1163 -

تواصوا بحكم الجود حتّى عبيدهم

مقول لديهم لا زكا مال ذي بخل (5)

وينصب القول وفروعه المفرد: الذي هو جملة في المعنى كالحديث والقصة والشعر والخطبة، فيقال: قلت حديثا

وأقول قصة وهذا قال شعرا وخطبة (6) وينصب أيضا بالقول وفروعه المفرد المراد به مجرد اللفظ: كقولك: قلت كلمة ومن ذلك قوله تعالى: سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ (7) أي يطلق عليه هذا الاسم ولو كان يقال مبنيّا لفاعل لنصب إبراهيم فكان يقال له: (يقول له الناس إبراهيم) كما يقال: يطلق الناس عليه إبراهيم (8).

قال المصنف: وممن اختار هذا الوجه صاحب الكشاف [2/ 213] ورجحه على قول من قال: التقدير يقال له هذا إبراهيم أو يقال له يا إبراهيم (9).

ومن إعمال القول في المفرد المراد به مجرد اللفظ: قول أبي القاسم الزجاجي في الجمل: وإنما قلنا: البعض والكل، قال ابن خروف: ونصب الكل والبعض على -

- وقيل: إن الفعل مشتق من المصدر والوصف مشتق من الفعل فالوصف فرع الفرع. اه. ينظر هذه الآراء في شرح الألفية للمرادي (2/ 76).

(1)

سورة البقرة: 285.

(2)

سورة البقرة: 136، سورة آل عمران: 52، ورقم 84 أيضا سورة النور، 47.

(3)

سورة المائدة: 83.

(4)

سورة الأحزاب: 18.

(5)

البيت من بحر الطويل لقائل مجهول وهو في التذييل (2/ 1067).

والشاهد قوله: (لا زكا مال ذي بخل) حيث حكى باسم المفعول الجملة.

(6)

ينظر شرح الألفية لابن الناظم (ص 81)، وشرح الكافية للرضي (2/ 288)، والأشموني (2/ 38).

(7)

سورة الأنبياء: 60.

(8)

ينظر شرح الكافية للرضي (2/ 288)، وشرح الألفية للمرادي (1/ 291)، والأشموني (2/ 38).

(9)

في الكشاف (2/ 49) يقول الزمخشري في إعرابه لهذه الآية «فإن قلت (إبراهيم) ما هو؟ قلت:

قيل هو خبر مبتدأ محذوف أو منادى، والصحيح أنه فاعل يقال لأن المراد الاسم لا المسمى. اه.

ص: 1541

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تقدير، وإنما قلنا هاتين الكلمتين لأنك تقول: قلت كلمة كما تقول قلت قولا والقول يقع على ما يفيد وما لا يفيد. هذا كلام ابن خروف (1) وبنو سليم يجرون القول وفروعه مجرى الظن وفروعه في نصب المبتدأ والخبر وفتح «أن» الواقعة بعده (2) فمن نصب المبتدأ والخبر على لغة سليم قول الراجز (3):

1164 -

قالت وكنت رجلا فطينا

هذا لعمرو الله إسرائينا (4)

فنصبه إسرائينا بقالت مفعولا ثانيا وجعل «هذا» مفعولا أول، و «إسرائين» لغة في إسرائيل، ومن فتح أن بعد القول على لغة بني سليم قول الشاعر:

1165 -

إذا قلت أنّي آئبّ أهل بلدة

وضعت بها عنه الوليّة بالهجر (5)

هكذا أنشده أبو علي في التذكرة وهذا الاستعمال عند غير بني سليم لا يكون إلا في المضارع المسند إلى المخاطب مقصودا به الحال بعد استفهام متصل نحو قول الراجز (6): -

(1) ينظر جمل الزجاجي (8 / أ)، والتذييل (2/ 1069)، وشرح الألفية للمرادي (1/ 291 - 292).

(2)

ينظر المقدمة الجزولية (ص 264) تحقيق د/ شعبان عبد الوهاب، والجامع الصغير لابن هشام (ص 73).

(3)

لم يعلم وقيل إنه لأعرابي كان قد صاد ضبّا فأتى به أهله فأنكروه وقالت له امرأته: هذا إسرائيل تريد هذا بعض ما مسخ الله من ذرية إسرائيل.

(4)

البيت في أمالي القالي (2/ 44)، والتذييل (2/ 1082)، والمخصص (13/ 282)، وسمط اللآلئ (ص 681)، والتصريح (1/ 264)، وحاشية يس (2/ 42)، والهمع (1/ 157)، والدرر (1/ 139)، والأشموني (2/ 37)، واللسان (يس) وشرح الألفية لابن الناظم (ص 80)، وشرح المكودي (ص 70).

ويروي البيت برواية أخرى أيضا هي:

وقالت أهل السوق لما جينا

هذا وربّ البيت إسرائينا

والشاهد قوله: (قالت

هذا

إسرائينا) حيث نصب بقال اسم الإشارة وهو المفعول الأول (وإسرائينا) وهو المفعول الثاني.

(5)

البيت من الطويل وهو في شرح الجمل لابن عصفور ط العراق (1/ 462)، والتذييل (2/ 1081)، والعيني (2/ 432) والتصريح (1/ 262)، والأشموني (2/ 38)، وديوانه (ص 104) ويروى البيت برواية:(نزعت، حططت) مكان «وضعت» .

اللغة: الولية: البرذعة التي توضع فوق البعير. الهجر: نصف النهار عند اشتداد الحر.

والشاهد قوله: (إذا قلت إني) حيث فتح همزة (أن) لأن «قلت» بمعنى ظننت، وهذه لغة سليم.

(6)

هو هدبة بن خشرم وهو شاعر مقدم فصيح من بادية الحجاز.

ص: 1542

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

1166 -

متى تقول القلص الرّواسما

يحملن أمّ قاسم وقاسما (1)

ومنه قول عمرو بن معديكرب:

1167 -

علام تقول الرّمح يثقل عاتقي

إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرّت (2)

فلو انفصل الاستفهام بأنت ونحوه بطل الإلحاق ورجع إلى الحكاية نحو: أأنت تقول زيد منطلق. فلو كان الفصل بظرف أو جار ومجرور لم يبطل الإلحاق (3) كقول الشاعر:

1168 -

أبعد بعد تقول الدّار جامعة

شملي بهم أم دوام البعد محتوما (4)

وكذلك الفصل بأحد المفعولين مغتفر أيضا كقول الشاعر:

1169 -

أجهّالا تقول بني لؤيّ

لعمر أبيك أم متجاهلينا (5)

-

(1) الرجز في جمل الزجاجي (ص 315)، وشرح الجمل لابن عصفور (1/ 464)، والمقرب (1/ 195)، وشذور الذهب (ص 454)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص 80)، وشرح ابن عقيل (1/ 155)، وشرح شواهده (ص 98)، والشعر والشعراء (ص 672)، والعيني (2/ 427)، والكافي شرح الهادي للزنجاني (ص 422)، والهمع (1/ 157)، والدرر (1/ 139)، والأشموني (2/ 36).

والشاهد قوله: (متى تقول القلص الرواسما .. يحملن) حيث أجرى تقول المسبوقة باستفهام مجرى (تظن) فنصب بها قوله (القلص) مفعولا أول وجملة (يحملن) مفعولا ثانيا.

اللغة: القلص: جمع قلوس الناقة الشابة. الواسم: المسرعات في سيرهن.

(2)

البيت من الطويل وهو في التذييل (2/ 1077، 1038)، والمغني (1/ 143)، وشرح شواهده (1/ 418)، والعيني (2/ 436)، والتصريح (1/ 263)، والهمع (1/ 157)، والدرر (1/ 139) والأشموني (2/ 36، 222)، وأوضح المسالك (1/ 126)، وحاشية الخضري (1/ 155).

والشاهد قوله: (علام تقول الرمح يثقل عاتقي) حيث أجري (تقول) المسبوق بالاستفهام مجرى «تظن» فنصب بها المفعولين وهما «الرمح» وجملة «يثقل عاتقي» .

(3)

ينظر شرح المفصل لابن يعيش (7/ 97)، المقدمة الجزولية (ص 264)، وشرح ابن عقيل بحاشية الخضري (1/ 155)، والبهجة المرضية (ص 44).

(4)

البيت من البسيط لقائل مجهول وهو في التذييل (2/ 1078)، والمغني (2/ 693)، وشرح شواهده (2/ 969)، والعيني (2/ 438)، وشذور الذهب (ص 445)، والهمع (1/ 157)، والدرر (1/ 140)، والأشموني (2/ 36).

والشاهد قوله: (أبعد بعد تقول الدار جامعة) حيث أعمل تقول المفصولة من الاستفهام بالظرف، عمل (ظن) فنصب بها مفعولين هما (الدار)

و (جامعة).

(5)

البيت من الوافر وهو للكميت بن زيد الأسدي وهو في الكتاب (1/ 123) وشرح أبياته للسيرافي -

ص: 1543

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والحكاية جائزة مع استيفاء شروط الإلحاق لأنها الأصل ولذلك ينشد بيت عمرو ابن معديكرب الذي سبق بنصب الرمح ورفعه فمن نصب فعلى الإلحاق ومن رفع فعلى الحكاية، هذا كلام المصنف في شرحه (1) وليس فيه شيء غير قوله: إن المفرد المراد به مجرد اللفظ ينصب بعد القول وفروعه؛ فإن ابن عصفور جزم في كتبه بمنع العمل وقال: إنه لا بد من تقدير كلمة أخرى منضمة إلى ذلك المفرد، ليصير اللفظ جملة فيحكي حينئذ كما تحكي الجملة المصرح بجزأيها، ومن ثم قال في المقرب: إذا وقع بعد القول [2/ 214] مفرد فإن كان مصدرا له أو صفة للمصدر لم تحكه نحو:

قال زيد قولا وقال عمرو حقّا وخالد باطلا، وكذا إذا كان اسما للجملة في المعنى لم تحكه أيضا نحو: قال زيد كلاما أي شعرا وخطبة، وإن لم يكن المفرد مصدرا ولا صفة له ولا اسما للجملة فلا بد أن يكون عامله مضمرا إذا المفرد لا يتكلم به وحده فتحكيه إذ ذاك كما تحكي الجملة نحو قوله تعالى يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ (2) أي يا إبراهيم ومن ذلك قول امرئ القيس:

1170 -

إذا ذقت فاها قلت طعم مدامة (3)

-

- (1/ 132)، والمقتضب (2/ 348)، وابن يعيش (7/ 78)، والتذييل (2/ 1078)، وشرح الألفية لابن الناظم (ص 80)، وشرح الألفية للمرادي (1/ 392)، وشرح الرضي على الكافية (2/ 289)، وأوضح المسالك (1/ 127)، وشرح ابن عقيل (1/ 156)، وشرح شواهده (ص 99)، والخزانة (1/ 423) عرضا، وشذور الذهب (ص 456)، والعيني (2/ 429)، والتصريح (1/ 263)، والهمع (1/ 157)، والدرر (1/ 140)، والأشموني (2/ 37)، والبيت غير موجود في ديوان الكميت وينظر أيضا الكافي في شرح الهادي (ص 422).

والشاهد قوله: (أجهالا تقول بنو لؤي) حيث أجري (تقول) مجرى تظن مع فصلها من الاستفهام بالمفعول الثاني وهو قوله (جهالا).

(1)

شرح التسهيل للمصنف: (2/ 95، 96).

(2)

سورة الأنبياء: 60.

(3)

صدر بيت من الطويل وعجزه:

معتّقة ممّا تجيء به التّجر

وهو في المقرب (1/ 296)، والتذييل (2/ 83، 1068، 1070)، والهمع (1/ 157)، والدرر (1/ 138)، واللسان وتاج العروس (تجو) وديوانه (ص 110).

والشاهد قوله: (قلت: طعم مدامة) حيث حكى بـ (قلت) مفردا في اللفظ لا في التقدير لأنه إما أن يكون مفعولا لفعل محذوف أو خبر مبتدأ محذوف فيكون المحكي جملة.

ص: 1544

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

روي برفع طعم على تقدير: طعمه طعم مدامة، ونصبه على تقدير: ذقت طعم مدامة (1) انتهى.

ولا يبعد أن الذي اختاره المصنف هو الحق والآية الشريفة حجة له ولا يخفى ضعف القول بأن إبراهيم خبر مبتدأ محذوف أو منادى إذ لا معنى لذلك. وأما قول من قال: إنه مرفوع على الإهمال فأبعد. وذكر الشيخ في شرحه: أن ثم خلافا في نحو: قلت حقّا وقال باطلا: فمنهم من جعله نعتا لمصدر محذوف ومنهم من جعله مفعولا به، قال: وهو اختيار ابن عصفور وابن الضائع، قالا: لأن الحق اسم جامد والوصف بالجامد لا ينقاس، قال ابن الضائع: الأولى أن يكون مفعولا صحيحا لأن الحق هو المقول فهو مفعول به صحيح. قال الشيخ: فإن قلت: إذا قلت: قال فلان شعرا وقال خطبة ونحوهما أيجوز أن ينتصب انتصاب المصادر النوعية نحو: رجع القهقرى وقعد القرفصاء أم يتعين نصه على أن يكون مفعولا به؟ قلت: يظهر هذا الثاني لأنه اسم للجملة فكأن الجملة الواقعة بعد القول وإن كانت محكية هي في موضع المفعول به فكذلك الاسم الذي بمعناها (2). اه.

وإذا اعتبر قول من خالف في نحو قلت حقّا ولم يجعله مفعولا به وأمكن أن يكون نحو «شعرا» من قولنا: قلت شعرا - منصوبا على أنه مصدر نوعي صح أن يقال: كل مفرد وقع منصوبا بعد القول فإنما نصبه على المصدر ولا ينتصب شيء من المفردات بعد القول على أنه مفعول به على أن للشيخ أبي عمرو بن الحاجب بحثا في الجملة المحكية بالقول (3).

بقي ها هنا الإشارة إلى أمور:

منها: أن حرف الجر لا يدخل على الجملة المحكية ولهذا عد من الضرورات قول الشاعر:

1171 -

تنادوا بما هذا وقد سمعوا لنا

دويّا كعزف الجنّ بين الأجارع (4)

-

(1) المقرب لابن عصفور (1/ 296).

(2)

التذييل والتكميل: (2/ 1068).

(3)

يرى ابن الحاجب أن الجملة المحكية بالقول منصوبة الموضع على أنها مفعول مطلق، يقول الرضي في شرح الكافية:(2/ 288)، وهذه الجملة المحكية منصوبة الموضع بكونها مفعولا به لا مفعولا مطلقا على ما وهم المصنف.

(4)

البيت من الطويل لقائل مجهول وهو في المقرب (1/ 293).

والشاهد قوله: (تنادوا بما هذا) حيث دخل حرف الجر وهو الياء على الجملة المحكية، وهي قوله (ما هذا) وهذه من الضرورات كما قال الشارح.

ص: 1545

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال ابن عصفور: وإنما حسن ذلك كون الاسم الذي بعد حرف الجر مبنيّا فلم [2/ 215] يظهر القبح، قال: وأقبح من ذلك قول الآخر:

1172 -

تنادوا بالرّحيل غدا

وفي ترحالهم نفسي (1)(2)

ومنها: أنك إذا حكيت جملة معربة جاز لك أن تحكيها على لفظها وإن شئت على معناها فإذا حكيت قول القائل: زيد قائم، قلت: قال عمرو زيد قائم، وإن شئت قلت: قال عمرو زيد وإن حكيت جملة ملحونة حكيتها على المعنى فتقول إذا حكيت قام زيد بخفض «زيد» : قال عمرو قام زيد لكنه خفض زيدا (3).

ومنها: أنك إذا حكيت كلام متكلم عن نفسه نحو: انطلقت، فلك أن تحكيه بلفظه من غير تغيير فتقول: قال فلان انطلقت ويجوز أن تقول: قال فلان انطلق أو إنه انطلق أو هو منطلق كل هذا جائز (4).

ومنها: أن الكوفيين زعموا أن الأمر من القول للمخاطب يجري مجرى الظن في غير لغة بني سليم كما يجري المضارع منه مجرى الظن إذا اجتمعت الشروط التي تكون في المضارع (5) وأنشدوا:

1173 -

إنّ سلمى من تنازع ليّه

ومن ينازعها فقله قد خلج (6)

-

(1) البيت من الوافر لقائل مجهول في المحتسب (2/ 235)، ودرة الغواص (ص 239)، والمقرب (1/ 293)، والخزانة (4/ 23)، وشرح الرضي على الكافية (2/ 289).

والشاهد قوله: (تنادوا بالرحيل غدا) حيث قد دخل حرف الجر على الجملة المحكية ضرورة وجملة (الرحيل غدا) محكية بتنادوا عند الكوفيين أما عند البصريين فهي محكية بقول محذوف أي تنادوا بقولهم: الرحيل غدا.

وقد ذكر ابن جني في المحتسب (2/ 235) أن قوله (الرحيل) يجوز فيه الرفع والنصب والجر يقول:

أجاز لي فيه أبو علي بحلب سنة سبع وأربعين، ثلاثة أضرب من الإعراب بالرحيل والرحيل والرحيل:

رفعا ونصبا وجرا فمن رفع أو نصب فقدر في الخطابة اللفظ القول البته فكأنهم قالوا: الرحيل غدا والرحيل غدا. فأما الجر فعلى إعمال الباء فيه وهو معنى ما قالوه. اه.

(2)

المقرب (1/ 293).

(3)

ينظر المقرب (1/ 293)، والهمع (1/ 156)، وحاشية الصبان (2/ 38 - 39)، وحاشية الخضري (1/ 155).

(4)

ينظر شرح الكافية للرضي (2/ 288)، وحاشية الخضري (1/ 155).

(5)

ينظر التصريح (1/ 262)، وحاشية الصبان (2/ 36).

(6)

لم يعلم للبيت قائل وهو في التذييل (2/ 1047)، والهمع (1/ 157). -

ص: 1546

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أي فظنه قد خلج وإذا استقبلوه بأن كسروها كما يكسرونها بعد القول قال الشيخ: وهذا لا يعرفه البصريون وأجاز السيرافي إعمال الماضي بباقي شروط المضارع فيجيز أقلت زيدا منطلقا، وسيبويه لم يستثن إلا القول، فيظهر منه اختصاصه بالمضارع، قال الشيخ: وعلى كونه شرطا أخذه النحويون فإن سمع من كلامهم ذلك في الماضي كان حجة للسيرافي وإلا فلا يجوز (1).

ومنها: أن المصنف جعل من جملة الشروط كون المضارع مقصودا به الحال وإياه قصد بقوله: الحاضر، فقال الشيخ: ولم يذكر هذا الشرط غيره فيما أعلم. قال:

بل الظاهر من حيث شرط الاستفهام أنه يكون مستقبلا ألا ترى إلى قوله:

1174 -

أمّا الرّحيل فدون بعد غد

فمتى تقول الدّار تجمعنا (2)

فليس المعنى على الاستفهام عن ظنه في الحال أن الدار تجمعه وأحبابه وإنما هو استفهام عن وقوع ظنه لا استفهام عن الظن في الحال (3).

ومنها: أن غير المصنف لم يقيد الفصل بأحد المفعولين بل قال: يشترط أن لا يفصله أجنبي، وعنى بالأجنبي ما ليس معمولا للفعل فإن كان معمولا للقول ظرفا أو غيره لم يعتد بفصله فيجوز على هذا: أمجدّا تقول هندا راحلة؛ بجعله مجدّا حالا من الضمير المستكن في القول. -

- والشاهد قوله: (فقله قد خلج) حيث أجري الأمر من القول مجرى الظن فنصب به المفعول الأول وهو الضمير والمفعول الثاني وهو جملة (قد خلج) فهي محل نصب وإجراء الأمر من القول مجرى الظن هو مذهب الكوفيين كما بين الشارح.

(1)

التذييل (2/ 1074).

(2)

البيت من الكامل وهو لعمر ابن أبي ربيعة وهو في الكتاب (1/ 124)، والمقتضب (2/ 348)، وجمل الزجاجي (ص 314)، وابن يعيش (7/ 78)، والتذييل (2/ 175)، وشرح الجمل لابن عصفور (1/ 462) ط العراق. وأوضح المسالك (1/ 126)، وحاشية الخضري على شرح ابن عقيل (1/ 155)، والخزانة (1/ 423)، والليثي (2/ 434)، والتصريح (1/ 262)، وديوانه (ص 394).

والشاهد قوله: (فمتى تقول الدار تجمعنا) حيث إن متى «ظرف للقول فجعله مستقبلا وقد رد بهذا على ابن مالك الذي جعل من شروط القول أن يكون مضارعا مقصودا به الحال وأجيب عن هذا بأن «متى» ظرف لقوله تجمعنا فالمستقبل هو الجمع والقول حالي ولا يضر كونه غير مستفهم عنه حينئذ لأن الشرط سبقه بالاستفهام، ينظر في ذلك حاشية الخضري (1/ 155).

(3)

التذييل (2/ 1075 - 1076).

ص: 1547

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومنها: أنه يجوز الفصل بمعمول المعمول نحو: أهذا تقول زيدا ضاربا (1).

قال الشيخ: الذي تقتضيه الأصول جواز الإعمال لأنه كما جاز الفصل بالمعمول يجوز بمعمول المعمول (2).

ومنها: أن الشيخ قال: قد نقص المصنف والنحويون في هذه المسألة شرطا آخر نبه عليه السهيلي وهو أن لا يعدى الفعل باللام نحو: أتقول [2/ 216] لزيد عمرو منطلق، وأقول: هذا الشرط غير محتاج إليه لأنه إذا عدى باللام خرج عن أن يكون بمعنى الظن ورجع المعنى إلى القول الذي هو اللفظ.

ومنها: أن النحاة اختلفوا في القول الذي أجري في العمل مجرى الظن، هل يجرى مجراه في العمل خاصة أو في العمل والمعنى معا؟

فذهب الجمهور إلى أنه لا يعمل عمل الظن حتى يضمن معنى الظن في السليمية وغيرها فإن لم يضمن معنى الظن لم يعمل أصلا، هكذا ذكروا (3). والذي يظهر أن الذي تضمن معنى الظن إنما هو الفعل المضارع بالشروط التي عرفت وأما غير المضارع إذا عمل في لغة سليم فلا يظهر أنهم قصدوا به معنى الظن.

ولكن ها هنا بحث:

وهو أن يقال: إنكم قلتم معنى أتقول زيدا منطلقا أتظن زيدا منطلقا ولا شك أن القول اللساني غير مراد هنا وإذا كان كذلك وجب الإعمال حينئذ ولكنهم قد -

(1) ذكر السيوطي في الهمع (1/ 157) أن الفصل لا يضر مطلقا ولو بأجنبي يقول: وقيل لا يضر الفصل مطلقا ولو بأجنبي نحو: أنت تقول زيدا منطلقا وعليه الكوفيون وأكثر البصريين ما عدا سيبويه والأخفش. اه.

(2)

التذييل (2/ 1079).

(3)

في شرح الجمل لابن عصفور (1/ 463) ط العراق فإن قيل: القول إذا استعمل استعمال الظن فهل هو بمنزلة الظن في العمل خاصة أو في العمل والمعنى؟ فالجواب: أن في ذلك خلافا بين النحويين فمنهم من ذهب إلى أنه إنما يجري مجرى الظن في العمل خاصة ولم يتغير المعنى عما كان عليه، وإلى هذا ذهب ابن خروف ومنهم من ذهب إلى أنه يجري مجرى الظن عملا ومعنى وإلى هذا ذهب ابن جني والصحيح عندي أنه يجري مجرى الظن في المعنى والعمل ولولا ذلك لم يشترط العرب فيه غير بني سليم - الأشياء الأربعة المقوية لمعنى الظن. اه.

وينظر شرح الألفية لابن الناظم (ص 80)، وشرح الألفية للمرادي (1/ 394)، والهمع (1/ 157)، وحاشية يس على التصريح (1/ 263) وحاشية الصبان (2/ 37).

ص: 1548