الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهي دعاء، كالرجل يدعو الله عز وجل فقد يستجاب له وقد لا يستجاب له، فكونه مشكوك الاستجابة لا نقول نحن نلحقها بطلب الرقية لا، لأن طلب الرقية طلب من العبد، لكن أنت عندما تدعو الله برقية أو بدعاء مطلق مثلاً هذه عبودية كما قال عليه السلام:«الدعاء هو العبادة» الرقية هي العبادة، فسواء تحقق أثرها أو لم يتحقق فهما سواء لأنها عبادة.
"الهدى والنور"(628/ 51: 06: 00) و (628/ 23: 19: 00)
[368] باب هل رَقَى النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ وما هي الآيات
التي يُرقى بها الإنسان؟ والكلام على لفظة «لا يرقون»
في حديث الذين يدخلون الجنة بغير حساب
سؤال: بالنسبة للرقية من الجن .. عملية الرقية من الجن، فيه حديث للرسول عليه الصلاة والسلام في عملية الرقية أنه رقى أعرابياً وما هي الآيات التي يُرقى فيها الإنسان؟
الشيخ: أما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رقى فهذا صحيح، رقى بآيات من القرآن، أما ما هي الرقية؟ فلم نقف على نص للرقية التي رقى الرسول عليه السلام بها، ولكن القرآن كما وصفه الله عز وجل في القرآن نفسِه هو شفاء لما في الصدور، فأي شيء وبخاصة مما هو معروف بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رقى أو رُقي به مثل المعوذتين و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (الإخلاص: 1) و {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (الكافرون: 1) فهذه معوذات معروفة، فبها يرقي الراقي وبغيرها من الآيات الكريمات التي لها صلة بالاستعانة بالله عز وجل على إخراج ذلك الجني من الإنسي المصروع.
إذاً باختصار صح أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قرأ على بعض الناس واستخرج الجن منهم،
أما ما هو الذي قرأ ورقى به فالله أعلم، لكن معلوم في السنة الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عندما سحره لبيد اليهودي وبقي في فراشه شهوراً مريضاً، حتى جاءه في مرضه شخصان ولنقل بصراحة الواقعة ملكان أحدهما عند رأسه والآخر عند رجله فقال أحدهما وهما يسمعان النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو في فراشه قال أحدهما للآخر: ما بالرجل؟ قال: مطبوب، أي مسحور، قال: من طبّه، من سحره؟ قال: لبيد هذا اليهودي، بم سحره؟ بمشط ومشاط في بئر أظن جاء ذكرها في الحديث وأنا أُنسيته، فالمقصود أنه عليه السلام فهم هذه المخاطبة التي جرت بين الملكين فقال لعائشة: هل علمت بأن الله عز وجل أرسل إلي ملكين؟ وذكر القصة هذه، فأمر علياً بأن يذهب إلى تلك البئر فاستخرج الشيء ملفوف بشعر للرسول عليه السلام ومشط مجرد ما فك هذا، وكان الرسول عليه السلام قرأ على نفسه المعوذات التي ذكرناها آنفاً هو عليه السلام كأنما نُشط من عقال، فُك عنه بهذه المعوذتين
بفك السحر، فالمعوذات هذه الشاهد منها أنها معروفة وأنها خير ما يُرقى بها المريض كذلك الفاتحة وفي ذلك قصة معروفة في صحيح البخاري، هذا
جواب ما سألته.
مداخلة: حكيت أن الرسول عليه الصلاة والسلام قرأ على نفسه المعوذات، يعني نستطيع أن نقول أنه رقى نفسه؟
الشيخ: نعم نستطيع.
مداخلة: طيب والسبعين ألف الذين يدخلون الجنة الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يكتوون.
الشيخ: هذا فيه وهم، فيه وهم في الرواية وهذا أمر يجب التنبيه عليه،
الحديث في الصحيحين بلفظ هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون وليس فيهما ولا يرقون، لا يسترقون أما رواية لا يرقون ولا يسترقون فهذه رواية تفرد بها مسلم بإحدى روايتيه، مسلم شارك الإمام البخاري في رواية وفارقه في رواية، شاركه في الرواية الصحيحة المحفوظة وهي قوله عليه الصلاة والسلام:«هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون» فارق مسلم البخاري في رواية أخرى في صحيح مسلم فزاد فيها وقال: «هم الذين لا يرقون ولا يسترقون» فزيادة «لا يرقون» في الاصطلاح الحديثي زيادة شاذة، الحديث الشاذ في تعريفهم هو: الراوي الثقة يأتي بزيادة في متن ما أو في سند ما وبحثنا الآن في المتن، يأتي بزيادة في متن يخالف الثقات، وهنا تكون هذه الزيادة ضعيفة مرفوضة ويفرّقون بين الحديث الشاذ وبين الحديث المنكر، وهذا كله اصطلاح بين أهل الاختصاص بهذا العلم وهم علماء الحديث جزاهم الله خيراً، إذا كان الذي خالف الثقات ثقة فحديثه شاذ، وإذا كان الذي خالف الثقات ضعيفاً فحديثه منكر، لكن في النتيجة كلاهما ضعيف، واقع هذه الزيادة «لا يرقون» أنه تفرد به ثقة، وهو بالضبط حافظ من حفاظ الحديث ومن شيوخ الشيخين، واسمه سعيد بن منصور وله كتاب يُعرف بالسنن وهو كتاب مفقود منذ قديم، لكن منذ عشر سنين تقريباً طبع منه جزءان، فهذا الرجل سعيد بن منصور تفرد برواية «لا يرقون» عن سائر الثقات الذين اشتركوا في رواية الحديث دون هذه الزيادة، هذا من جهة، والحديث في الصحيحين المحفوظ منه وغير المحفوظ أي الشاذ هو من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وجاء الحديث في خارج الصحيحين وبالضبط في مستدرك الإمام أبي عبد الله الحاكم النيسابوري رواه بالسند القوي عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه كما رواه ابن عباس في رواية الشيخين أي بدون الزيادة الشاذة، فهذا أكد أيضاً الشذوذ، ثم يزداد تأكيداً على تأكيد أن كلمة "لا يرقون"
تعطّل أحاديث كثيرة وكثيرة جداً صريحة في الحض على تعاطي الإرقاء للآخرين من ذلك ما رواه مسلم نفسه في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل» قال هذا بمناسبة الرقية.
هناك حديث آخر وله صلة وثقى بما نحن فيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل يوماً على زوجته حفصة رضي الله عنها فوجد عندها امرأة فقال لها: «ألا تعلمينها الكتابة كما علمتيها رقية النملة؟» (1) فهذا فيه حض أن يتعلم المسلم الرقية لينفع أخاه المسلم، ولذلك جاءت أحاديث أخرى كما أشرت آنفاً فيها الأمر بالإرقاء، من ذلك مثلاً أنه عليه الصلاة والسلام رأى أظن في وجه امرأة أو شخص لا أذكر الآن علامات مرض، فقال:«ارقوها» أمر بالإرقاء، ولذلك فلا بد هنا من شيئين اثنين ألا وهما: التفريق في الحديث بين الرواية من جهة، والشيء الآخر التفريق بينهما في الدراية، أي في الفقه؛ ففقهاً يستحب للمسلم أن يرقي غيره، ولكن لا يستحب للمسلم أن يطلب الرقية من غيره جمعاً بين هذه النصوص؛ لأن من صفات المتوكلين على الله حقاً والذين يدخلون الجنة وجوههم كالقمر ليلة البدر من صفاتهم أنهم لا يسترقون، ولكن قد علمتم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أمر بالإرقاء فإذاً لا بد من التفريق فقهاً أيضاً بين الإرقاء للغير فهذا مستحب، وبين طلبك الرقية من الغير فهذا مكروه، وفي النهاية إذا ربطنا هذا البحث بسؤالك الآنف ذكره أن الرسول رقى نفسه نعم، لكن هو لم يسترق من غيره، فإذاً ما فيه خلاف.
مداخلة: هناك سؤال يا شيخ: عائشة رقت الرسول عليه الصلاة والسلام؟
الشيخ: كانت ترقيه؟
(1) صحيح الجامع (رقم260).