الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا مدح بما هو باطل بداهة، ومثله كثير فيما يسمونه بالأناشيد الدينية، فنهيه صلى الله عليه وآله وسلم أمته عن مدحه بما هو جائز أصلاً خشية وقوع المادح فيما لا يجوز، لاشك أنه من تواضعه صلى الله عليه وآله وسلم كما يدل عليه سائر أحاديث الباب وغيرها، بخلاف حمل النهي على المدح المحرم، وهذا بين لا يخفى إن شاء الله. يؤيده قوله في آخر الحديث. «إنما أنا عبد
…
» لأنه كأنه خرج مخرج الجواب عن سؤال مقدر: فماذا نقول في مدحك يا رسول الله؟ فقال: «قولوا عبد الله ورسوله» .أي قولوا مالا شك فيه شرعاً مما أنا متصف به ولا تزيدوا عليه. وأين هذا مما يصفه بعض المسلمين اليوم فيما يسمونه بالموالد وغيرها مما لم يكن معروفاً عند السلف الصالح، كقولهم: إنه نور. وإنه أول خلق الله، وأن جبريل كان خادمه ليلة الإسراء، ونحو ذلك من المماديح والأباطيل. {فاعتبروا يا أولي الأبصار} .
"مختصر الشمائل"(ص 175)
[269] باب من وسائل الشرك: الغلو في مدح النبي صلى الله عليه وآله وسلم
-
[روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم]:
«هذا أول يوم انتصف فيه العرب من العجم. يعني يوم ذي قار» (ضعيف).
[قال الإمام]:
(تنبيه): بلغ جهل بعض الناس بالتاريخ والسيرة النبوية في هذا العصر أن أحدهم طبع منشوراً يرد فيه على صديقنا الفاضل الأستاذ علي الطنطاوي طلبه من الإذاعة أن تمتنع من إذاعة ما يسمونه بالأناشيد النبوية، لما فيها من وصف جمال النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعبارات لا تليق بمقامه صلى الله عليه وآله وسلم، بل فيها ما هو أفظع من ذلك من مثل الاستغاثة به صلى الله عليه وآله وسلم من دون الله تبارك وتعالى، فكتب المشار إليه في نشرته ما نصه
بالحرف (ص 4): " وها هي (!) الصحابة الكرام رضي الله عنهم كانوا يستصحبون بعض نسائهم لخدمة أنفسهم في الغزوات والحروب، وكانوا يضمدون (!) الجرحى ويهيئون (!) لهم الطعام، وكانوا يوم ذي قار عند اشتداد وطيس الحرب بين الإسلام والفرس كانت النساء تهزج أهازيج وتبعث الحماس في النفوس بقولها: إن تقبلوا نعانق ونفرش النمارق، أو تدبروا نفارق فراق غير وامق، فانظر إلى هذا الجهل ما أبعد مداه!.
فقد جعل المعركة بين الإسلام والفرس، وإنما هي بين المشركين والفرس، ونسب النشيد المذكور لنساء المسلمين في تلك المعركة! وإنما هو لنساء المشركين في غزوة أحد! كن يحمسن المشركين على المسلمين كما هو مروي في كتب السيرة! فقد خلط بين حادثتين متباينتين، وركب منهما ما لا أصل له البتة بجهله أو تجاهله ليتخذ من ذلك دليلا على جواز الأناشيد المزعومة، ولا دليل في ذلك- لوثبت- مطلقاً إذ أن الخلاف بين الطنطاوي ومخالفيه ليس هو مجرد مدح النبي بل إنما هو فيما يقترن بمدحه مما لا يليق شرعا كما سبقت الإشارة إليه وغير ذلك مما لا مجال الآن لبيانه، ولكن صدق من قال:" حبك الشيء يعمي ويصم " فهؤلاء أحبوا الأناشيد النبوية، وقد يكون بعضهم مخلصاً في ذلك غير مغرِض فأعماهم ذلك عما اقترن بها من المخالفات الشرعية.
ثم إن هذا الرجل اشترك مع رجلين آخرين في تأليف رسالة ضدنا أسموها " الإصابة في نصرة الخلفاء الراشدين والصحابة " حشوها بالافتراءات والجهالات التي تنبيء عن هوى وقلة دراية، فحملني ذلك على أن ألفت في الرد عليهم كتاباً أسميته " تسديد الإصابة إلى من زعم نصرة الخلفاء الراشدين والصحابة " موزعاً على ست رسائل صدر منها الرسالة الأولى وهي في بيان بعض افتراءاتهم