الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصلاة والسلام، فضلًا عن توسلكم بمن دونه مقامًا ومنزلًة فيسقط في أيديهم
كما يقال.
هذا النوع لا شك فيه أنه شرك أكبر، لكن هناك نوع من التوسل ليس من هذا القبيل إطلاقًا، فقد جاء عن بعض المعروفين بتمسكهم بالكتاب والسنة أنهم جوزوا التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم فقط دون كل الأنبياء .. دون كل المخلوقات، تمسكوا بحديث الضرير منهم العز بن عبد السلام، منهم الإمام الشوكاني الذي خالف مذهبه مذهب الزيدية وارتمى إلى الكتاب والسنة ولم يرض بديلهما شيئًا آخر، بل قد روي عن الإمام أحمد إمام السنة أنه قال بالتوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وقوفًا منه عند ظاهر حديث الضرير، فهل نقول في هذا النوع الثاني ممن أجاز التوسل وإن كنا
لا ندين الله به أنهم
…
الشرك أو وقعوا فيه؟ الجواب: لا، إذًا: التوسل بالمخلوقات له حالتان:
من توسل مشبهًا الخالق بالمخلوق فهو الكفر بعينه.
ومن توسل ظانًا منه أن هذا عليه دليل، هو حديث الأعمى فيخطَّأ ولا يُضلل، فكيف يُكفر، نسأل الله عز وجل أن يجعلنا هادين مهتدين، غير ضالين ولا مفتونين ..
"رحلة النور"(29أ/00:40:26)(29ب/00: 00: 00)
[236] باب مشروعية التوسل بأسماء الله تعالى، وحرمة التوسل بحق فلان وجاه فلان
[سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجلا يقول في تشهده]:
«اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت، وحدك لا شريك لك
المنان، يا بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم، إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار.
فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه: «تدرون بما دعا؟» قالوا: الله ورسوله أعلم.
[صححه الإمام ثم قال]:
فيه مشروعية التوسل إلى الله تعالى بأسماء الله تعالى الحسنى وصفاته، وهو ما أمر الله تعالى به في قوله:{وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} (الأعراف: 18)؛ ولا سيما الاسم الأعظم. وقد اتفق العلماء على ذلك؛ لهذا الحديث وما في معناه.
وإن ما يؤسف له أن ترى الناس اليوم-وفيهم كثير من الخاصة-لا تكاد تسمع أحداً منهم يتوسل بأسماء الله تعالى؛ بل إنهم على العكس من ذلك يتوسلون بما لم يأت به كتاب ولا سنة، ولم يعرف عن السالفين من الأئمة؛ كقولهم: أسألك بحق فلان، أو جاه فلان، أو حرمة فلان!
وقد يحتج أولئك على علمهم هذا بأحاديث بعضها صحيح-كحديث الأعمى، وإن تكلم فيه بعض المتأخرين، فالصواب ما قلناه-، ولكنه لا يدل على ما زعموه-كما بين ذلك العلماء المحققون-؛ والبعض الآخر ضعيف لا يصح، وفيها كثير من الموضوعات؛ كحديث:
«لما أذنب آدم عليه الصلاة والسلام
…
، وفيه قال:
أسألك بحق محمد إلا غفرت لي. كما بينت ذلك في تعليقي على «المعجم الصغير» (2/ 148) ، [و «السلسلة الضعيفة» (رقم 25)].
ولا أريد التوسع في ذلك الآن، وإنما أردت أن ألفت نظر المسلم البصير في دينه إلى ما يفعله الإحداث في الدين من صرف الناس عن الصحيح الثابت عن سيد المرسلين، وذك مصداق قول بعض الصحابة رضي الله عنهم:
"ما أُحدث بدعه إلا وأُميتت سنة".
ومما يتعجب منه أن أكثر علماءنا المتأخرين لا يجيزون لأحدهم مخالفة المذهب، ولو كان معه دليل صريح من الكتاب والسنة! ثم هم يخالفون المذهب بتجويزهم لذلك التوسل المبتدع بدون أي دليل صريح من الكتاب والسنة الصحيحة!
أقول: إنهم يخالفون المذهب؛ لأنه قد جاءت نصوص صريحة عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى وأصحابه في المنع مما أجازوا؛ فقال أبو حنيفة رضي الله عنه: «أكره أن يسأل الله تعالى إلا به» .وكذا قال أبو يوسف، وزاد:«وأكره أن يقول: بحق فلان، أو بحق أنبيائك ورسلك» . وكُتب المتون مليئة بهذا المعنى. والكراهة إذا أطلقت؛ فهي للتحريم-كما هو معروف عند علمائنا-وقال القُدُوري: «المسألة بخلقه لا تجوز؛ لأنه لا حق للخلق على الخالق؛ فلا تجوز وفاقاً» .
فإذن المسألة متفق عليها بين علمائنا، فما بال المنتسبين إلى أبي حنيفة اليوم ينبزون بشتى الألقاب مَن ذهب هذا المذهب الصحيح؛ الموافق للكتاب والسنة، وعمل السلف الصالح رضي الله عنهم؟! وصدق الله العظيم:{وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ} .
"أصل صفة الصلاة"(3/ 1019 - 1021)