الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[248] باب نُصوص
قد يفهم منها جواز التوسل بالصالحين وليس كذلك
[قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم]:
«ابغوني الضعفاء، فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم» .
[قال الإمام]:
اعلم أنه قد جاء تفسير النصر المذكور في الحديث، وأنه ليس نصراً بذوات الصالحين، وإنما هو بدعائهم وإخلاصهم وذلك في الحديث الآتي:«إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها: بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم» .
"الصحيحة"(2/ 408 - 409).
[249] باب شرح أثر أنس في الاستسقاء بعم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
والرد على من استدل به على جواز الاستسقاء بالميت
عن أنس: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب. فقال اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، قال: فيسقون.
[قال الإمام]:
في أول الحديث زيادة مفيدة عند الإسماعيلي بإسناد البخاري إلى أنس قال: "كانوا إذا قحطوا على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم استسقوا به، فيستسقى لهم فيسقون، فلما كان في إمارة عمر .. " فذكر الحديث.
قلت: فاستسقاؤهم به صلى الله عليه وآله وسلم إنما هو طلبهم منه صلى الله عليه وآله وسلم أن يدعو الله لهم أن
يسقيهم، بدليل قولهم: فيستسقي لهم؛ أي يطلب لهم ذلك من الله فيسقيهم، وقصة أنس المتقدمة في (الجمعة) أوضح مثال عملي على الصورة الحقيقية لاستسقائهم وتوسلهم به صلى الله عليه وآله وسلم في السقيا. وكذلك كان استسقاء عمر بالعباس، لم يكن استسقاؤه بذاته، وإنما بدعائه، ويؤيده حديث ابن عباس:"أن عمر استسقى بالمصلى، فقال للعباس قم استسق، فقام العباس فقال: اللهم إن عندك سحابًا .. " إلخ الدعاء. أخرجه عبد الرزاق (4913) بسند واه، سكت عليه الحافظ؛ ولعله لشواهده.
إذا تبين هذا فإن الحديث ليس فيه دليل على جواز التوسل بالميت، لأن مداره على التوسل بدعاء الحي، وهذا لا يمكن بعد وفاته، وهذا هو السبب الذي جعل عمر يتوسل بالعباس دون النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وليس هو من باب التوسل بالمفضول مع وجود الفاضل كما زعموا، ومما يؤيد ذلك أن أحدًا من السلف لم يستسق بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد وفاته، وإنما استسقوا بالأحياء كما فعل الضحاك بن قيس رضي الله عنه حين استسقى بيزيد بن الأسود الجرشي في زمن معاوية رضي الله عنه.
وأما ما روى ابن أبي شيبة أن رجلًا جاء إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم في زمن عمر فقال: يا رسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا، فأتى الرجل في المنام فقيل له: ائت عمر .. الحديث. فلا يصح إسناده، خلافًا لما فهم بعضهم من قول الحافظ في (الفتح):" .. بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمَان عن مالك الدار"، فإن إسناده صحيح إلى أبي صالح، وأما من فوقه فليس كذلك، لأن مالكًا هذا لم يوثقه أحد فيما عَلِمْتُ، وبيض له ابن أبي حاتم (4/ 1/213) ، والرجل المستسقي لم يسمِّ، فهو مجهول، وتسمية سيف إياه في كتابه "الفتوح" ببلال بن الحارث المزني أحد الصحابة، لا شيء! لأن سيفًا هذا، وهو ابن عمر التميمي الأسدي؛ قال