الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[302] باب هل تأويل الرؤى من معرفة الغيب؟
والفرق بين الوحي والإلهام
السائل: هل الرؤية هي من الغيب أم ليست من الغيب؟
الشيخ: الرؤى غيب وقال عليه الصلاة والسلام: الرؤى جزء من ستة وثلاثين جزءاً من النبوة (1) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
مداخلة: نعم.
الشيخ: نعم؟
مداخلة: الرؤية الصالحة.
الشيخ: الصالحة نعم.
مداخلة: نعم.
الشيخ: طيب، فهي غيب ..
مداخلة: طيب هل .. هل هناك أحد يعلم بالغيب إلا من علمه الله سبحانه وتعالى من الأنبياء؟ كما قلت: أن العلماء يعلمون هذه الرؤى هبة.
الشيخ: أنا ما قلت: نعم يعلمون كإلهام من الله عز وجل.
مداخلة: يلهمهم غيباً، يعني: .. يلهمهم بعض الغيب؟
الشيخ: لا. هذا ليس غيباً بارك الله فيك.
(1) البخاري ({قم6588) ولفظه: «الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة» .
مداخلة: تفضل ..
الشيخ: الغيب الآن هذا السؤال الحقيقة مهم جداً .. لنعرف ما هو الفرق بين العلم بالغيب والفراسة التي يصيب بها أحياناً ويتحدث بها بعض كتب السنة الصحيحة من جهة ويغالي فيها الذين ينتمون إلى التصوف من جهة أخرى، أظنكم جميعاً تعلمون قوله عليه الصلاة والسلام:«لقد كان في أمتي محدَّثون لقد كان فيمن قبلكم محدَّثون، فإن يكن في أمتي محدَّث فعمر» (1)، ومعنى محدَّثون: أي: ملهمون الإلهام ليس هو الوحي لكنه يلتقي مع الوحي أحياناً من حيث اكتشاف ما سيقع ظناً وليس يقيناً يعني: الذي ألهم بشيء لا يستطيع أن يقول: إن هذا سيكون حتماً إلا ما ندر جداً .. جداً وهو يعترف بأنه ليس معصوماً، أما الوحي فهو يقطع بها كما هو حي تماماً يقطع بأن هذا الذي أوحاه الله إليه هو من وحي السماء لا يدخله شك ولا لبس ولا ريب، فالآن لقد كان فيمن قبلكم محدثون فإن يكن في أمتي فعمر ما هو معنى مُحدَّثون؟ أي: ملهمون، فما هو الإلهام؟ أنتم تعرفون أن عمر بن الخطاب تحدث بأمور نزل القرآن على وفق ما تحدث به كقوله مثلاً: لو حجبت نساءك فأنزل الله آية الحجاب (2)، وقوله مثلاً: لو اتخذنا .. لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى إلى آخره، من هذا القبيل ما رواه الإمام مالك في "الموطأ" بالسند الصحيح أنه عن أبي بكر الصديق أنه قال: لابنته عائشة في أرض تتعلق بإرث أولاد أبي بكر رضي الله عنه، قال فيما أذكر الآن: أنه هذه لأختك والأخت هي كانت لا تزال جنيناً في بطن زوج أبي بكر الصديق، قالت: وأين أختي؟ قالت: هي التي في بطن فلانة،
(1) مسلم (رقم6357).
(2)
البخاري (رقم4213).
وفعلاً رزقت بنتاً فكانت ترث مع أختها تلك الأرض بوصية من أبي بكر الصديق .. في هذا الإلهام وهذه القصة في «الموطأ» وبالسند الصحيح الذي لا إشكال فيه؛ لأنه في الموطأ يوجد روايات مقطوعات وبلاغات كثير منها لا يصح وإن كانت موصولة بعضها في كتب أخرى، أما هذه القصة فهي صحيحة.
إذا عرفنا هذه الحقيقة الفرق بين الوحي وبين الإلهام يمكننا نحن الآن أن ندخل في صلب الإجابة إلى رجل عالم مثل ابن سيرين فسر الرؤية التي قص عليه قاصٌّ ما أو رائي ما فهو لا يستطيع أن يقول: أنها ستكون كذلك، فإذاً هذا ليس من باب الاطلاع على الغيب إطلاقاً وإنما هو الظن والظن قد يصيب وقد يخطئ وهذا يقع من العلماء بمناسبات كثيرة وكثيرة جداً حتى أن بعض مشايخ الطرق يستغلون هذه الوقائع ويوهمون الناس أنها كشوفات وأنهم يطلعون على ما في صدور الناس، والحقيقة أنه ليس شيء من ذلك إنما هي الفراسة، فإذاً وسأقص بعض ما وقع لي أنا شخصياً مع كشف السر لكي لا تنغشوا ببعض ما قد تسمعون من بعض الناس، إذا تبين أن ابن سيرين وأمثاله ممن قد يوهبون علم تأويل الرؤيا فذلك ليس من باب الاطلاع على الغيب؛ لأنه لا يعلم الغيب إلا الله بنص القرآن الكريم ثم كما قال في القرآن الكريم أيضاً:{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا، إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} (الجن: 26، 27)، الغيب: هو الأمر الذي يقطع به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن الله عز وجل أوحى، أما العالم ذو الفراسة أو مفسر المنام فهذا لم يطلع على الغيب فقد يصيب وقد يخطئ أنا أقص لكم بعض القصص التي وقعت لي وهي أولاً: لا تدل على صلاح ولا تدل على طلاح، وإنما تدل أنه هذا المسؤول في عنده شيء من العلم وفي عنده شيء من اليقظة فأصاب الهدف، فلو أراد أن يغش هؤلاء الناس سيقول لهم: هذه كشوفات وأنتم تنكرونها.
أنا أذكر جيداً أنني كنت في دكاني أُصَلّح الساعات لما دخل علي أحد إخوانا من الفلسطينيين الذين كانوا فروا من ظلم اليهود إلى دمشق وتعرفوا على الدعوى السلفية والحمد لله.
جاءني يوماً ومعه رجل فلاح وأنا أعلم مسبقاً وهنا يبدأ موضوع الفراسة أعلم مسبقاً أن هذا أستاذ في بعض القرى التي حول بلدة حمص هناك في الطريق إلى حلب، فأطلعني على ساعة اسمها الأجنبي «رِبكو» قال: انظر الساعة هذه تقف نريد نصلحها لأخوانا هذا، ففهمت أن أخوه هذا من تلك القرية، رأساً قلت له: اشتراها من هنا من دمشق من المحل الفلاني؟ قال: نعم، ولم يهتم بها، لكن أنا لفت نظره؛ لأنه هو معنا سلفي، قلت: ها أنتم تنكرون الكشف هذا كشف، ها أنا عرفت أن هذه الساعة الذي ساكن في قرية بعيدة عن دمشق نحو مائة وخمسين مائتين كيلو متر وقريبة من حمص بأقول: اشترها من أين؟ من دمشق، فأصبت هذه فراسة؛ لأني ربطت بين الماركة هذه ما هي معروف تاجرها إلا في دمشق
وهذا الذي يريد أن يشتريها لا بد ما يأتي إلى هنا؛ لأنه ما هو موجودة في بلد
آخر، فأصاب الهدف تماماً، فلفت نظره إلى النكتة هذه .. هذا كشف وأنتم
تنكروا الكشف.
لكن بنفس الوقت نكتة أبلغ من هذه بكثير دخل إلي طالب علم .. طالب علم قوي فيما يسمى بعلوم الآلة في النحو والصرف إلى آخره يقول لي يا شيخ! بعدما سلم طبعاً: آية أشكل عليّ مرجع الضمير فيها آية أشكل عليه مرجع الضمير فيها، قلت له: انظر بقى «لعل» ما قلت له: هي كذا؛ لأني محتاط، قلت: لعلك تعني قوله تعالى: {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاء فِيمَا آتَاهُمَا} (الأعراف: 190)، قال: والله هذه فلما رجعت قلت لهم: ما زلتم تنكرون الكشف هذا الكشف ما صار معي