الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تبارك وتعالى فتقولون: كما أننا نتوسل إلى هؤلاء بالواسطة فنحن أيضًا نتوسل إلى الله بالواسطة، ما رأيكم عمر خير أم هؤلاء الذين لا يقضون الحاجة إلا بواسطة، مساكين ضالين تائهين لا يعرفون ما يليق بالله عز وجل وما لا يليق كان، فما يسعهم إلا أن يقولوا: عمر بن الخطاب خير من هؤلاء الأمراء الذين لا يصلون إليهم إلا بالوساطة.
فنقول حينئًذ: اتقوا الله عز وجل، لو أنكم شبهتم رب العالمين بأمير المؤمنين عمر بن الخطاب لكفرتم؛ لأن الله يقول:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (الشورى: 11) فكيف وأنتم قد أبيتم أن تشبهوا الله بالأمير العادل والتشبيه هذا كفر حتى شبهتموه بالظَلَمة من الحكام والأمراء، أفلا تتقون؟!
إذا اقترن بالتوسل هذا المعنى وهو شرك في الربوبية وليس فقط بالعبادة، أما إذا تعرى التوسل عن هذا التشبيه للخالق بالمخلوقين فهو بدعة وكفى بذلك تحذيرًا كما سمعتم آنفًا من قوله عليه السلام: «وإياكم ومحدثات الأمور
…
» إلى آخر الحديث.
"رحلة النور"(ب42/ 00:08:32)
[235] باب حكم التوسل بالمخلوق
سؤال: فضيلة الوالد حفظكم الله، ما حكم الصلاة خلف بعض الأئمة الذين تقع منهم أعمال شركية، كسؤال الله بجاه النبي، وما شابه ذلك، وجزاكم الله خيرًا.
الشيخ: تكلمنا عن هذه المسألة في بعض المجالس.
أولًا: لا يجوز المبادرة إلى تكفير بعض أهل البدع لمجرد وقوعهم في شيء
منها قبل أن تقام حجة العلماء عليهم، لما عُرِف من قواعد الشريعة أن الكفار كفرًا بواحًا لا نحكم لهم بنار إلا بعد أن تقوم حجة الله عليهم، كما في قوله تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} (الإسراء: 15) وكما في قوله عليه الصلاة والسلام كما رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «ما من رجل من هذه الأمة من يهودي أو نصراني يسمع بي، ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار» فإذًا: الذي يدخل النار هو الذي تبلغه الحجة، ورسالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم لا يُؤمن بها، على هذا علماء المسلمين قاطبة، ولذلك فالسلف الصالح في عقائدهم التي ورثها الخلف عنهم يقولون بصحة الصلاة وراء كل بر وفاجر وبالصلاة على الميت سواء كان برًا أو كان فاجرًا، ولا يكفرون من يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله إلا بعد أن تقام حجة الله عليه، إذا
عرفنا هذه الحقيقة ورأينا بعض الطوائف الإسلامية قد وقعوا في بدع شركية محضة لا مجال لأن تفسر بغير الشرك، فلا يجوز المبادرة إلى التكفير إلا بعد
إقامة الحجة.
وأنا أعتقد أن الحجة بالنسبة لكثير من الناس وبخاصة منهم الأعاجم الذين لا يفقهون اللغة العربية، وبخاصة منهم الذين لم يسبق أن هدوا هم أو آباؤهم إلى الإسلام كالأوروبيين والأمريكيين ونحوهم، فهؤلاء ليس من السهل أن يقال: قد أقيمت حجة الله عليهم فهذا هو كلام الله يتلى عليهم ليلًا نهارًا، أنتم تعلمون أن كثيرًا من العرب المسلمين لا يفهمون كلام رب العالمين، فكيف نظن بالأعاجم الكفار، أما هم فهموا القرآن وقامت حجة الله عليهم، هذا أولًا.
وثانيًا: أن بعض البدع ليست شركًا، وإنما يمكن اعتبارها خطئًا أو ضلالًا أو بدعة؛ لأن الشرك أمر عظيم كما قال ربنا في القرآن الكريم: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ
يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (النساء: 48) والمثال السابق الوارد في السؤال وهو: يتوسلون بجاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، هذا بلا شك خطأ مخالف للسنة، وهذا له بحث طويل
…
[التوسل] بالمخلوق كما كنا نسمع هذا كثيرًا في بلادنا السورية، ولنا مجادلات ومناقشات مع بعض المبتدعة الضالة، فكان أحدهم يعادل القضية بعقله الأعوج المنحرف، فيقول: الإنسان إذا كان له حاجة عند أمير أو وزير، هل يأتيه ويطلب منه حاجته أن يقضيها أم يدخل بينه وبين ذلك الأمير واسطة، فكنا نقول لهم: نعم، لا بد من واسطة، لكن ما رأيك الذي ليس بحاجة للواسطة ويقبل ويفتح بابه لكل الناس أن يخاطبوه وجهًا لوجه، وألا يدخلوا واسطة بينه وبينهم، هل هذا أفضل عندك أم الأمير الذي لا بد من واسطة؟ يفكر قليلًا المسكين ويتبع لضلاله على تردد، لكن لا يسعه أن يقول خاصة حينما أُذَكِّره بعمر بن الخطاب الذي أطلق عليه بعض المعاصرين وكذب: إنه أول ديمقراطي في الإسلام، وهم يعنون بالديمقراطية كما تعرفون: العدالة، عمر بن الخطاب هو أول ديمقراطي بزعمهم، أما أبو بكر وأما الرسول الذي رباهم فلم يكن أول ديمقراطي في
حد تعبيره.
الشاهد: فحينما نُذَكِّر هؤلاء الضالين بأن عمر بن الخطاب كان يأتيه البدوي ويقول له: يا عمر حاجتي كذا وكذا، ماذا ترى؟ هذا أفضل وإلا هذا الأمير الذي ضربتَ به المثل؟ فلا يسعه إلا أن يقول: إن عمر أفضل، فنقول لهم: يا مساكين يا ويلكم لقد شبهتم رب العالمين بالأمراء الضالين وأبيتم أن تشبهوه بعمر العادل الحكيم، ولو أنكم شبهتموه لكنتم في ضلال مبين؛ لأن الله يقول:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (الشورى: 11) فكيف وأبيتم أن تشبهوه بعمر وشبهتموه بالضللة، ألا يكفيكم هذا تنبيهًا في ضلالكم في توسلكم إلى الله بالنبي عليه