الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويدل على هذا يعني لهذه الجملة، «لا عدوى»: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما تحدث بهذا الحديث كان هناك أعرابي يعيش مع الإبل، قال:«يا رسول الله! إنا نرى الإبل السليمة يدخل فيها الجمل الأجرب فيعديها» كأنه يقول: إن الذي تقوله يا رسول الله يخالف الواقع، أنت تقول: لا عدوى، نحن نرى العدوى بأعيننا، نرى الجمال السليمة الفارهة الجميلة تدخل بين الجمل الأجرب فيعديها مع الزمن، تسري العدوى منه إلى غيرها قال عليه السلام:«فمن أعدى الأول؟» .
طبعاًَ جواب المؤمن: الله، إذاً: على حد تعبير بعضهم: السبب الأول هو الله تبارك وتعالى فإذا دخل الجمل الأجرب بين الجمال السليمة إن شاء ربنا أن ينقل هذه العدوى من الأجرب إلى السليم عدى وإلا فلا.
فإذاً: العدوى سبب لمرضٍ ما، لكن السبب قد لا يؤثر أي: أن يتأخر المسبب عن السبب بمشيئة الله عز وجل كما هو مثلاً في قصة إبراهيم عليه السلام: النار تُحرق لكن الله عز وجل أبطل تأثير النار التي أودع فيها ذاك التأثير كرامة لنبيه وخليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام.
" الهدى والنور"(188/ 10: 22: 00 طريق الإسلام)
[435] باب هل الفرار من أرض الطاعون طعن في التوكل؟ وهل الأخذ بأسباب منع العدوى طعن في التوكل
؟
السائل: سمعت لك شريطاً تقول فيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وضع أصل الحِجْرِ الطبي المعروف الآن.
الشيخ: نعم.
مداخلة: واستشهدت بحديث.
الشيخ: الطاعون .. حديث الطاعون.
مداخلة: نعم.
الشيخ: ما هو سؤالك؟
مداخلة: حديث ابن عباس.
الشيخ: نعم؟
مداخلة: أقول استشهدت بحديث ابن عباس.
الشيخ: حديث الطاعون.
مداخلة: حديث الطاعون نعم.
الشيخ: نعم ما سؤالك؟
مداخلة: سؤالي يا شيخ: هل الأمر بعدم القدوم وعدم الخروج من الأرض هو من أجل ماذا؟
الشيخ: من أجل المحافظة على سلامة الإنسان وسلامة المجتمع من عدوى الطاعون، ولعلك من الناس الذين لا يؤمنون بالعدوى؟
مداخلة: لا [أنا] أؤمن بالعدوى.
الشيخ: نعم .. إذاً ما إشكالك في الموضوع؟
مداخلة: أن الحديث معلل يا شيخ.
الشيخ: معلل بماذا؟
مداخلة: قال عبد الرحمن بن عوف أنه قال: «وأنت إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه» ، أي أن العلة معلقة بالفرار، يعني الذي يخرج غير فار من الطاعون ليس مخالفاً لهذا الحديث.
الشيخ: لكن بارك الله فيك أولاً قلت أن عبد الرحمن بن عوف يقول، وهذا ليس من قوله وإنما هو من قول نبيه.
مداخلة: نعم.
الشيخ: أنت معي؟
مداخلة: معك .. معك.
الشيخ: هذا أولاً، وثانياً فراراً منه هذا لماذا يفر منه؟ لأنه يخشى أن يصاب.
مداخلة: نعم.
الشيخ: طيب.
مداخلة: يعني طعن في التوكل.
الشيخ: اسمع.
مداخلة: نعم.
الشيخ: فإذا خرج وكان مصاباً وانتقل إلى البلدة الأخرى، ماذا يفعل؟ أو ماذا تكون نتيجة فراره؟
مداخلة: نقل المرض معه.
الشيخ: وهل هذا يجوز؟ والرسول يقول: «فر من مجذوم فرارك من
الأسد» واضح؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: واضح؟
مداخلة: نعم واضح.
الشيخ: طيب أتم الحديث.
مداخلة: انتهى الحديث فقال: الحمد لله فقال عمر: الحمد لله.
الشيخ: لا الحديث أخي له جملة أخرى قد تكون في أوله في بعض الروايات، وقد تكون في آخره.
مداخلة: نعم في رواية أخرى يقول عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنها أخبرته أنها سألت الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن الطاعون؟ فأخبرها النبي الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أنه كان عذاباً يبعثه الله على من يشاء فجعله الله رحمة للمؤمنين، فليس من عبد يقع الطاعون فيمكث في بلده صابراً يعلم أنه لن يصيبه إلا ما كتبه الله له إلا كان له مثل أجر الشهيد» .
الشيخ: نعم هذا حديث صحيح لكن ما هذا الذي عنيته، ألا تعلم أن هناك جملة أخرى تقابل الجملة التي تلوتها وأسمعتنا إياها وهي: ومن كان في أرض ليس فيها طاعون فلا يدخل إلى الأرض التي فيها الطاعون، ألا تذكر هذا؟
مداخلة: نعم موجود في نص الحديث.
الشيخ: وهذا الذي نقوله لك فلماذا لا تقرؤه؟
مداخلة: «إذا سمعتم به بأرض لا تقدموا عليها» .
الشيخ: لماذا؟
مداخلة: هذا حتى ما تصابوا بالمرض.
الشيخ: فإذاً لا يجوز الدخول إلى الأرض المصابة خشية أن يُصاب الداخل، ولا يُجوز لمن كان في الأرض المصابة أن يخرج خشية أن ينقل الداء إلى الأرض التي ليس فيها الداء.
مداخلة: طيب يا شيخ الآن قول من يقول أن العلة هي التوكل، هل هذا
قوله صحيح؟
الشيخ: هذا صحيح ولكن لا ينافي ما قلناه بارك الله فيك.
مداخلة: نعم.
الشيخ: لا ينافي؛ لأنه حينما يرى المقيم في الأرض التي فيها الطاعون يرى الناس يتساقطون بين يديه أفراداً وجماعات بلا شك لا يصبر على هذا المنظر الذي يهدده بالموت القريب إلا من كان متوكلاً على الله حق التوكل، هذا ما ينافي التوكل ولا ينافي أيضاً أن النهي عن الخروج من أرض الطاعون لحكمة طبية كما أشعرتنا بذلك الزيادة التي لفت النظر إليها.
مداخلة: طيب يا شيخ الآن لو كان هذا غير مصاب في أرض انتشر فيها الطاعون ..
الشيخ: ما يدريه أنه غير مصاب؟
مداخلة: فلنفرض أنه مصاب.
الشيخ: الله يهديك، أنت تتكلم عن الذي لم يصب.
مداخلة: نعم يا شيخ لكن أنا قصدي أخذ العلاج بغض النضر هل هو مصاب أم لا؟ لكن القصد في أرض انتشر فيها الطاعون هل هذا ينافي التوكل؟
…
الشيخ: ما هو الذي ينافي أو لا؟ أخذ الدواء؟
مداخلة: ما سمعتك.
الشيخ: أسألك أنت أولاً قلت إذا فرضنا أنه غير مصاب بالداء.
مداخلة: نعم.
الشيخ: ثم لما لفت نظرك بقولي: وما يدرينا أنه لم يصب؟ عدلت عن ذلك الكلام إلى القول إنه مصاب.
مداخلة: نعم.
الشيخ: طيب فأنت الآن تريد أن تقول عن هذا المصاب هل يأخذ الدواء
أم لا.
مداخلة: أنا أريد أن أقول يا شيخ ..
الشيخ: يا شيخ الله يهديك لا تضيع وقتي أنا أسألك قل نعم أو لا.
مداخلة: نعم.
الشيخ: إيه، وماذا تريد أن تفصل عليّ؟ أنت تريد أن تقول هذا المصاب يجوز له أن يتعالج ويأخذ الدواء أم لا؟
مداخلة: نعم.
الشيخ: تريد هذا؟
مداخلة: أريد هذا.
الشيخ: فلماذا تريد أن تقول كلاماً غير أن تقول نعم أريد هذا؟ هذا لا ينافي التوكل، لأن التوكل لا ينافي الأخذ بالأسباب فإذا كان يغلب على الظن أن أخذ العلاج لمنع ضرر الطاعون أنه يشفى فهذا لا ينافي التوكل على الله أبداً كما لا ينافي أخذ أي علاج لأي مرض أو لأي داء، طيب بقي شيء عندك؟
مداخلة: بقي إشكال واحد بس.
الشيخ: تفضل.
مداخلة: الآن يا شيخ نحن اليوم كنا نقرأ في هذا الحديث
…
فقال لنا شيخنا
…
أن علة أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعدم الخروج هي التوكل على الله عز وجل، فلو أن إنساناً خرج من أرضه غير فار منها .. من أرضه التي انتشر فيها الطاعون غير فار منها فلا ينطبق عليه النهي، فورد علينا إشكال لو أنه
…
على هذا التعليل على قولهم هذا
…
العلة هي التوكل، لو أنه ابتلع شيئاً تناول دواءاً في درء الطاعون، هل يعد فاراً أم لا؟ فأريدك أن تجيبني على هذا بهذا الفهم؟
الشيخ: وقد فعلت، وهذا الذي نصحتك أن لا تتكلم كثيراً، قد فعلت وأجبت بأن أخذ العلاج الذي يغلب على الظن أن فيه الشفاء لا ينافي التوكل هنا ولا في أي داء يصاب به المسلم يأخذ عليه دواءه، قد أجبتك فماذا تريد مني؟
مداخلة: أريد منك أن تحل لي قضية الفرار يا شيخ.
الشيخ: يا شيخ بارك الله فيك قد بيّنت لك أن الفرار تعليله في الحديث بأنه ينافي التوكل لا ينافي أن يكون هناك علة أخرى، أي لا ينافي أن يكون الشرع
الحكيم أمر من كان في الأرض الموبوئة بالطاعون أمره بالتوكل على الله لا ينفي أن يكون هذا الأمر بالتوكل على الله شيء آخر يدل عليه دليلاً آخر ألا وهو تمام الحديث الذي سجّلنا حوله آنفاً.
مداخلة: نعم.
الشيخ: وضح لك الجواب أم لا؟
مداخلة: وضح وجزاك الله خيراً.
الشيخ: وإياك يا أخي.
مداخلة: الطاعون يا شيخ هو وباء عام أم أنه وباء خاص؟
الشيخ: لا .. لا يمكن أن يكون وباءاً عاماً كما يقال في بعض روايات المفسرين أن طوفان نوح عليه السلام كان عاماً، لا يمكن أن يكون الطاعون كذلك وإلا لما بقي على وجه الأرض حي، وإنما قد يستشري أحياناً فيعم ويسيطر على دولة وأخرى وأخرى، لكن ستبقى هناك بمشيئة الله تبارك وتعالى وتصرفه في تكثير الطاعون كما يشاء ستبقى هناك بلاد أخرى نظيفة منه، أو نظيفة منه؛ لأن الله عز وجل لم يأذن بعد بالقضاء على سكان الأرض، وإنما يكون ذلك كما تعلم في آخر الساعة حينما يُرسل الريح الطيبة فتقبض أرواح كل المؤمنين ثم لا يبقى في الأرض إلا شرار الخلق وعليهم تقوم الساعة، إذاً فلا منافاة بين التعليل المذكور في الحديث وبين أن يكون هذا التعليل ضمن تعليل طبي كما دل على ذلك أمر الرسول عليه السلام أو نهيه بعدم الدخول إلى الأرض التي فيها الطاعون، لماذا لا يقال هنا أيضاً فليدخل وليتوكل على الله؟ كما جاء في حديث الترمذي أن مجذوماً، أي رجل مصاب بداء الجذام جلس يأكل مع الرسول عليه السلام فقال له:«كُلْ ثقة بالله وتوكلاً عليه» هذا لو صح لجاز أن نقول أنه يجوز للسليم أن يُخالط المريض المصاب بداء يعدي بأمر الله عز وجل يمكن أن يخالطه توكلاً