الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[429] باب هل حديث
«لا عدوى ولا طِيَرة» ينفي العدوى من أساسها
؟
مداخلة: ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «لا عدوى ولا طيرة» فهو يعني كما في الحديث يبين أنه ليس هناك عدوى وكثير من الأطباء يقولون: أن العدوى ثابتة، فنود منكم أن توجهوا هذا الحديث هل ينفي العدوى من أساسها أم لا؟
الشيخ: لا، الحديث لا ينفي، ودعنا والأطباء؛ لأن فيما جاء عن الرسول عليه السلام من إثبات العدوى ما يغنينا عن آراء الأطباء، حديث:«لا عدوى»
في الحقيقة إذا فُهِم فهماً صحيحاً دقيقاً فيه نفي عدوى، وفيه إثبات عدوى، والمثبت في الحديث غير المنفي فيه، والمثبت في الحديث يلتقي مع أحاديث أثبتت العدوى، وبالتالي ما يقوله الأطباء في بعض الأمراض المعدية لا ينافي حينذاك الحديث.
بيان ذلك: لما قال الرسول عليه السلام: «لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر» فهم أحد الحاضرين من الأعراب البدو أن قوله عليه السلام: «لا عدوى» هو نفي للعدوى على الإطلاق، وهذا فهم توارثه بعض أهل العلم، فنفوا العدوى إطلاقاً بناء على الطرف الأولى من الحديث، لكننا إذا تابعنا رواية الحديث ووجدنا ذلك الرجل البدوي الأعرابي فهم نفس الفهم:«لا عدوى» أي: مطلقاً، بناء على هذا الفهم ورد عليه إشكال، فطرحه على الرسول عليه السلام فجاءه الجواب بما يثبت العدوى، ذلك الرجل قال:«يا رسول الله! إنا نرى الجمل الأجرب يدخل بين الجمال السليمة فيعديها» (1) ما قال له الرسول عليه السلام:
(1) البخاري (رقم5387) ومسلم (رقم5919).
هذا خطأ، وهذا وهم، وهذا من عقائد الجاهلية، لكنه قال مقراً له وملفتاً نظره إلى ما يسمى ببعض التعابير إلى مسبب الأسباب وهو الله عز وجل، قال له:«فمن أعدى الأول؟» إذاً: هنا عدوى، لكن يا أعرابي يا بدوي ارجع إلى الوراء، هذا الجمل الذي رأيته دخل في الأول الذي خلق الله فيه العدوى.
فإذاً: فالرسول عليه السلام الحقيقة بهذا الحديث يبطل عادة الجاهلية ويبطل أيضاً عدوى الطبية في هذا الزمان؛ لأن الأطباء خاصة الكفار منهم حينما يثبتون العدوى لا يربطونها بإرادة الله ومشيئته، لا، يعني هم يجعلون الأسباب هي كل شيء، أما أن هذه الأسباب قد تتخلف وقد تتأخر بمشيئة الله عز وجل خالق الأسباب والمسببات، فهذا ما لا يفكرون فيه.
إذاً: الأطباء اليوم خاصة الكفار منهم وقعوا في نفس الوهم الذي وقع فيه أهل الجاهلية الأولى، من هنا قال عليه السلام لإبطال هذا الوهم:«لا عدوى» فلما عارض هذا النفي ما كان قائماً في ذهن العرب في الجاهلية، وأورد ما يشاهده بعينه، ما قال له الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنت واهم أنت مخطئ، لكنه لفت نظره إلى أن هذه العدوى التي تراها هي بخلق الله وتقديره، وليس أن هذا الجمل الحيوان المصاب بداء الجرب مثلاً وبقدرته وبإرادته ومشيئته يعدي الجمال السليمة، لا، ليس
الأمر كذلك.
إذاً: فالحديث هذا كما قلنا آنفاً ينفي عدوى ويثبت عدوى، ينفي عدوى الجاهلية، ويثبت العدوى الشرعية.
من هنا جاءت أحاديث تؤكد هذا المعنى الثاني، أي: هناك عدوى يعني بإرادة الله ومشيئته، وذلك لا ينافي أن يتحاشاها المسلم أخذاً بالأسباب كما جاء في