الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيه أحد، أما العلم ببعض المغيبات الخافية على عامة الناس باستعمال الوسائل التي ذكرها الله وذللها الله، فهذا ممكن، وهذا لا ينافي استقلال الله وانفراد الله عز وجل بعلمه بالغيب.
"الهدى والنور"(426/ 52: 04: 00)
[293] باب هل يعلم النبي صلى الله عليه وآله وسلم الغيب؟ ونقاش مطول حول ذلك
سؤال: شيخنا في سؤال إذا تفضلت لي، الوارد أنه عليه الصلاة والسلام صلى صلاة الفجر يوماً ثم صعد المنبر فخطب الناس إلى صلاة الظهر، ثم صلى وصعد، ثم عاد وهكذا، فأخبرهم بما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة، يقول الصحابي: حفظه منا من حفظه، ونسيه من نسيه، وإنه لتمر علي الحاجة فأتذكرها كما يتذكر الرجل وجه الرجل؛ فالإمام البوصيري عندما قال: ومن علومك علم اللوح والقلم، فهو قال: حدثنا بما كان وبما هو كائن إلى يوم القيامة، وهذا يطابق: قال له: اكتب، قال: وماذا أكتب؟ قال: اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة؟
الشيخ: أولاً: والحمد لله هذا الحديث صحيح وفي صحيح مسلم، ثانياً: كلمة: حدثنا بما هو كائن إلى يوم القيامة يحتمل يا أخي أن يكون تحديثه عليه السلام تحديث بالأمور الهامة، وليس بالأمور التفصيلية التي لا يستطيع أي بشر أن يعيها وأن يدركها مهما أوتي علماً وقوة من الله تبارك وتعالى، بمعنى: أنا أقول معك فرضاً وجدلاً: من الممكن أن الله عز وجل يصطفي نبيه عليه الصلاة والسلام بما يشاء فيحفظه فعلاً ظاهر هذا الحديث الصحيح، أي: ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، لكن كيف ذلك وهو يحدث ناساً غير أنبياء وغير رسل وطاقتهم محدودة، وليس لهم تلك الصفة التي اصطفاها ربنا عز وجل نبينا عليه الصلاة والسلام.
ولذلك بارك الله فيك لا يجوز أن نفهم الحديث، وأنا أقول: يمكن جاءت مناسبة آنفاً، يمكن ونحن على الطعام، وأنا أذكر هذا المثال لأن الحقيقة سيساعدنا على فهم هذا الحديث الصحيح، لا يجوز أن نفسر حديثاً من أحاديث الرسول عليه السلام وقوفاً عنده فقط، وإنما نوسع دائرة النظر وننظر في الأحاديث الأخرى، وهل تساعدنا على أن نقف في فهمنا لهذا الحديث الصحيح بالمعنى الواسع الشامل العام، كما قال تعالى:{لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} (الكهف: 49)، أم المعنى يكون أضيق من ذلك؟
آنفاً تحدثنا على الطعام سأل سائل عن حديث فيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من ادان ديناً وفي نيته الوفاء به، ثم لم يف به، وفَّى الله عز وجل عنه يوم القيامة» قلنا: هذا حديث صحيح، وبهذا الحديث يفسر حديث آخر وهنا الشاهد، قال عليه السلام:«يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين» فهل نفسر هذا الحديث: «إلا الدين» مات الشهيد وعليه دين فلا يغفر هذا الذنب منه ولو كان ناوياً الوفاء؟ نقول: لا، لأن الحديث الأول يفسر ويخصص الحديث الثاني.
حديثك هذا يشبه حديثنا الثاني، إذا نظرنا إليه وحده:«يغفر للشهيد كل ذنب إلى الدين» والله هذا شيء خطير وخطير جداً، جاهد في سبيل الله ومات في سبيل الله ولا يغفر له ذنبه حيث مات مديناً لبعض المسلمين؟ لا، هذا ليس على إطلاقه وشموله، وإنما هو مخصص فيما إذا كان ليس في نيته أن يفي الحق لصاحبه، هنا هذا مثاله تماماً، هذا الحديث الذي تفضلت به لا شك أنه نفهم منه أن الرسول عليه السلام علمه الله كل كبير وصغير، وأنه كما قال تعالى:{لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا} (الكهف: 49) لكن لا، هذا غير صحيح، وإنما معنى الحديث:
أنه علمه أشياء جوهرية أساسية مثل أشراط الساعة الكبرى ونحو ذلك من الصغرى التي يهم المسلمين أن يتعرفوا عليها، كما قال تعالى في القرآن الكريم:{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا، إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} (الجن: 26، 27).
هنا نحن نقول: كلمة «غيب» هنا كحديثنا السابق تماماً، هل ربنا يُطْلِع الأنبياء على غيبه كله؟ لا، قال علماء التفسير: على ما يراه رَبُّنَا عز وجل أن يُعلم من شاء من الرسل يطلعه على بعض المغيبات، وليس على كل المغيبَات، ذلك لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كل نبي إذا علمه الله علماً وجب عليه أن يُبلِّغه المسلمين، تماماً كما قالت السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها في حديث طويل ولسنا الآن في صدده، تقول فيه: «ومن حدثكم بأن محمداً صلى الله عليه وآله وسلم كتم شيئاً أُمر بتبليغه
…
» {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} (المائدة: 67)، قالت:«من حدثكم أن محمد صلى الله عليه وآله وسلم كتم شيئاً أُمر بتبليغه فقد أعظم على الله الفرية» .
فإذاً: ربنا عز وجل كما قال: {فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ} (الجن: 26) أي: على بعض غيبه، تقدير مضاف محذوف، لأن النبي ولو كان مصطفى كما قلنا ليس ممكن يكون إلها ثانياً في علمه في إحاطته بكل شيء سيكون، حينئذٍ صار شريكاً، وهنا نتذكر شيئاً مهماً جداً يتعلق بعلم التوحيد، الله تبارك وتعالى واحد في ذاته، فليس هناك ما قال الكفار من النصارى أن الله ثالث ثلاثة، لا، إنما هو إله واحد، {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص:1 - 4) فالله واحد في ذاته، خلاف قول النصارى، وهو واحد في عبادته، فهو إله واحد، أي: وليس كما يقول المشركون العرب ويقولون حتى الآن، ليس الأمر كما قالوا: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، فالله واحد أيضاً في عبادته، فمن اعتقد أن الله
واحد في ذاته لكنه عبد معه غيره فما وحده، والتوحيد الأخير أن نقول بعد أن قلنا: واحد في ذاته، وواحد في عبادته، وواحد في صفاته، فلا يجوز للمسلم أن يعتقد بأن الله عز وجل أطلع نبيه على علم الغيب كله، لأنه صار شريكاً معه في صفة الغيب، {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ في السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (النمل: 65) هكذا الآية إن شاء الله؟
مداخلة: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ} (الأنعام: 59).
الشيخ: لا، نحن ما يناسبنا الآية هذه، لأن هذه مفاتيح، رءوس، مجامع، لكن نحن نريد الآن التفصيل، أنا أقول:{قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ في السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ} (النمل: 65) أي: كل الغيب {إِلَّا اللَّهُ} (النمل: 65) تبارك وتعالى، انظروا يا إخواننا وتعلموا، واعلموا بأن العلم ليس أن الإنسان يسلط عقله في آية يقول: هاه، {قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ في السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ} (النمل: 65) إذاً: رسول الله لا يعلم شيئاً من الغيب، هذا خطأ، لماذا؟ لأن الله قال في الآية السابقة:{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا، إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} (الجن:26، 27) تمام، لا تقفوا عند قوله: فلا يظهر على غيبه كل الغيب، لا، لأنه واحد في صفاته كما هو واحد في عبادته، كما هو واحد في ذاته، فلا يجوز للمسلم أن يعتقد أن الله أعلم نبيه عليه السلام بكل ما هو كائن إلى يوم القيامة، لأن هذه صفة الله عز وجل.
بقي شيءٌ آخر أشرت إليه أنفاً، لكن أريد أن أدندن حوله قليلاً، وأرجو ألا يكون كثيراً، وهو: إذا كان الله اصطفى نبيه عليه السلام بأن أعلمه بكل الغيب، من هذا الإنسان الذي يحيط بعلم الرسول عليه السلام، ويدعي أنه حفظه؟ نحن نقول الآن: أستاذ ماهر في أي فن قلته، وله تلميذ من أذكى الناس وأكيس الناس وأحفظ
الناس، ماذا يحفظ من علمه؟ الشيء القليل، إذاً: هذا الأستاذ العاقل هل سيصب العلم كله في صدر هذا الطالب؟ سيكلفه رهقاً وسيكلفه شططاً، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، فمن هذه الحيثية التي تنافي الطبيعة البشرية ليس معقولاً أن الرسول عليه السلام لو أن الله أعلمه بكل شيء وجعله شريكاً معه في العلم بالغيب ليس معقولاً أنه يحدث الناس بما لا يتحملونه ولا يطيقونه.
فخلاصة القول بارك الله فيك: أن مثل هذا الحديث يجب أن يُفسَّر على ضوء عقيدة المسلمين المستقاة من كتاب الله كله، ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحديثه كله، ولا نقف على حديث واحد، ولذلك أنا أقول لك الآن كلمة الختام في هذه المسألة: نحن ندعي بأننا أولاً مسلمون جميعاً والحمد لله.
لكن فيه شيء آخر ندعيه وهو أننا نحترم سلفنا الصالح من صحابة وتابعين وأئمة مجتهدين، تلقينا من طريقهم علم الكتاب والسنة والفقه والعقيدة، فَمَنْ من علماء المسلمين يقول بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم علمه الله كل شيء كما قال في الحديث القلم:«اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة» بناء على حديث مسلم، لا أعلم مسلماً عالماً سبقنا إلى مثل هذا، ولذلك لا يجوز لإنسان أن يقول خلاف ما قال علماؤنا من قبل على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم.
سؤال: المعروف عند فضيلتك سيدنا الشيخ أن الصحابة كانوا أصدق الناس وأدق الناس في الرواية عن النبي عليه الصلاة والسلام، حتى أن أحدهم كان لا يتحدث حرجاً مخافة أن يقع في شيء من النسيان، فنحن وصلت لنا الرواية على لسان الصحابي بدقة، «حدثنا بما كان وبما هو كائن» ، والصحابي يستطيع أن يقول: حدثنا بمفاتيح الأشياء، أو حدثنا بمجملها، أو حدثنا بعظائمها، إنما قوله
رضي الله عنه: «بما كان وما هو كائن» تعني الشمول، هذا واحد.
الشيء الثاني: أن الصحابي يقول: «حتى ما سرية إلا وعلمنا عنها وعلمنا عن قائدها» ، والسرية معروف أنها: المجموعة.
أما قولك أن الله سبحانه وتعالى إذا أطلعه على علمه أصبح له شريكاً فهذا لا يقال به لسبب واحد، طالما أنا أسندنا الأمر إلى الله عز وجل، وقلنا: أطلعه فأصبح مخلوقاً، هذا واحد.
الشيء الثاني معروف عند حضرتك أن الله سبحانه وتعالى شق له من أسمائه الحسنى ما هو موجود في القرآن الكريم، قال:{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رؤوف رَحِيمٌ} (التوبة: 128) وهذه من الأسماء الحسنى، إنما نقول كالتالي: قال في حق سيدنا إسحاق: {بِغُلامٍ عَلِيمٍ} (الحجر: 53) وهذا من الأسماء الحسنى أيضاً، لكن إذا أسند العلم إلى الله عز وجل فهو قديم ولا يشاركه فيه أحد، فإذا خرج عن الله عز وجل فهو حادث بالنسبة للمعلوم للنبي عليه الصلاة والسلام، فلو أطلعه على الغيب وقول الصحابي الصريح بأنه أطلعه بما كان وبما هو كائن فهو علم حادث بالنسبة للنبي عليه الصلاة والسلام؛ لأن النبي عليه السلام محدَّث، فلا تعني فيه المشاركة بحال، ولا تعني أن رأفة النبي صلى الله عليه وآله وسلم هي عين الرأفة الإلهية، ولا الرحمة النبوية هي عين الرحمة الإلهية، لأن الرحمة الأولية أزلية ورحمة النبي عليه السلام حادثة مخلوقة فيه، كذلك علم سيدنا إسحاق علم حادث، بينما علم الحق جل جلاله أزلي.
فإذاً: الإمام البوصيري له وجه عندما قال: ومن علومك علم اللوح والقلم، يعني: أن هذا الحديث مر عليه، والرجل ليس بجاهل ولا مشرك، بل كان في قرن
فيه علماء، وفيه أهل توحيد، ويعلمون الغث من السمين، فلو كان مشركاً لردوا عليه، ثم المعروف أنه إذا كان لنا تسعة وتسعين باباً نكفر بها مسلماً ثم باب لم نكفره به؛ نأخذ بالأحوط طالما أن هناك وجهاً.
الشيخ: عفواً أنت الآن تشرد علن الموضوع ولا مؤأخذة.
السائل: ما شردت أبداً.
الشيخ: أُثْبِتُ لك أنك شردت.
السائل: إذا شردت أنا أسترجع كلامي.
الشيخ: معليش، لأنه الآن أنت تقول أولاً وثانياً وثالثاً ورابعاً وخامساً، والله أنا أعترف لك أنه أنا حافظتي كليلة، لن أقول لك الجواب عن رقم واحد كذا ورقم اثنين كذا .. إلخ، لكن شعرت أنك أخيراً خرجت عن الموضوع لما قلت أن البوصيري مشرك وما أحد كفره .. إلخ، نحن لم نكن في هذا الوادي.
مداخلة: السائد عند مجموعة الناس .. المجلس هذا مبرأ ونظيف ..
الشيخ: معليش، لكن أنت الآن ما قلت قضية الشرك وما شرك، أنه
ليس بمشرك.
السائل: لأنه في قصة
…
الشيخ: معليش يا أستاذ، قلت أنه ليس بمشرك أم لا؟
السائل: طبعاً،
…
الشيخ: هذا ما أذكر أيضاً ففي هذا المجلس حتى يكون نظيفاً، ما دام ما أحد قال أنه مشرك فأنت لا تقل: ليس بمشرك لأنه هنا تبدأ الوساخة في المجلس ولا
مؤآخذة، لأني أضطر أقول لك الآن أنا في هذا المجلس على العكس من ذلك، قلنا: إنه ذلك الشاعر يغلو في القول ما قلنا أنه مشرك حتى تقول أنت: هو ليس بمشرك وما أحد كفره وما أحد شركه .. إلخ، فهذا اسمه خروج عما كنا نحن في صدده، نحن معك في الحديث الذي رواه الإمام مسلم، وقلت من باب كذا وكذا وكذا .. إلخ، والصحابي كان كذا وكذا، بعضه مُسلَّم وبعضه غير مُسَلَّم، لكن مع ذلك فأنت أنا شاعر تماماً أنك حدت وأقول لك كما قلت بالنسبة للبوصيري وغيره بدون قصد، لكن الحيدة موجودة، والغلو هناك موجود، لكن نحن لا نطلع على ما في القلوب، لأنه لا يعلم ذلك إلا علام الغيوب.
أنت الآن حدت لما قلت لك: نحن مسلمون والحمد لله، ثم نحن نتبع السلف والأئمة وو .. إلخ، ولم يقل أحد منهم بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما تقول أنت الآن: هو مساوٍ لله في العلم، لكنك أنت تفرق أن علم الرسول حادث، لأن الله علَّمه، وهذه حقيقة أيضاً لا يختلف فيها اثنان، ولا ينتطح فيها عنزان، لكن أنا سألتك: مَنْ مِن العلماء الذين نحن ننتمي إليهم سواء كان في الأصول في العقائد كمذهب أهل الحديث ومذهب الماتريدية ومذهب الأشاعرة مَنْ مِنْ هؤلاء العلماء ساوى بين الله وبين رسوله في علم الغيب مع هذا الفارق الذي لابد أن يقوله المسلم كما قلت أنت آنفاً: أن هذا بخلق الله وبتعليم الله للنبي، من الذي قال أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مشارك لله في الاطلاع على المغيبات التي كانت وستكون إلى يوم القيامة، هذا الذي حدت عنه ولا مؤاخذة فأنا أرجو الجواب منكم بصراحة هل تعلم ذلك؟
السائل: الجواب بصراحة، أنا لا أستشهد على حديث الصحابي بآخر.
الشيخ: هذا ما هو جواب.
السائل: أنا أعدل موقف الصحابي بموقف تابعي.
الشيخ: هذا ليس جواباً بارك الله فيك.
السائل: كلام الصحابي يُحَدِّثُ، وهو أعدل الناس بعد النبي عليه السلام.
الشيخ: عفواً أبو أنت يدعوك أنت.
مداخلة: أبو عبد الرحمن.
الشيخ: أبو عبد الرحمن، التقينا أنا وأبو عبد الرحمن أيضاً، يا أبا عبد الرحمن لو سمحت! أنت تقول: لا أقدم على حديث رسول الله شيئاً، ترى أن عبد الرحمن هذا الذي هو سميك وعبد الرحمن ذاك يخالفونك في هذا القول؟ طبعاً لا، أليس كذلك؟ شايفها ضعيفة منك، لازم تكون بنبرة قوية، لأن ما فيها خلاف هذه،
صح أم لا.
لكن إذاً الخلاف أين هو؟ الخلاف في أن هذا الحديث هل أحد من علماء المسلمين فهمه بهذا الشمول حيث صار مشاركاً لله في هذه الصفة مع الفارق الذي تفضلت به؟ ما أجبتنا عن هذا، أجبت جواب السياسيين ولا مؤآخذة، أعني: كلام السياسي يكون إذا جاءت مناسبة يمد معه ويقول: أنا هكذا أقصد، وإذا اقتضت السياسة
…
يقصره يضيقه يقول: أنا هذا الذي قصدته، أما جواب المسلم الصريح في عقيدته يقول شيئاً واضحاً بيناً، بحيث أن أهل المجلس يخرجوا على فهم واحد، أنه الشيخ أبو عبد الرحمن الذي هو أنا يقول كذا، والشيخ أبو عبد الرحمن الذي هو أنت.
السائل: الفقير أبو عبد الرحمن، أنا فقير، ما صرت شيخ الفقير.
الشيخ: أنا الغني بإيماني بالله. ما لنا يا أستاذ بهذه الألقاب بارك الله فيك، المهم إذا خرج المجلس وانفض يخرج على بينة وبصيرة، يقولون: أن أبو
عبد الرحمن محمد ناصر الدين الألباني يقول: أنه لا يجوز لمسلم أن يعتقد
بأن محمداً صلى الله عليه وآله وسلم يشارك الله في صفة من صفاته ولو كان ذلك بخلق من ربه، هكذا أنا أقول.
السائل: لا يمكن الحادث يكون مثل القديم.
الشيخ: اسمح لي يا أبا عبد الرحمن! أنا أتكلم خطأ الآن.
السائل: .... هو محدث فكيف يكون مثل الله عز وجل.
الشيخ: ما تجاوبني
…
معليش، لكن ما علاقته بالجواب هو، المهم يا أبا عبد الرحمن فيه خلاف فيه؟ الذي قلته أنا، ليس أنت تعتقد اعتقادي، أنا أقول عن نفسي: الآن أنا أقول أن رب العالمين هو السميع البصير، فلا يشاركه أحد في هذه الصفة، هنا في بعض العلماء يقولون: يمكن أن يكون هناك مشاركة، لكن مشاركة بصورة لا يمكن أن تذكر، بمعنى: كما- الآن استحضرت شيئاً، الله أكبر الله أكبر الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.، تعرف قصة الخضر عليه السلام، تعرفها طبعاً؟
السائل: نعم.
الشيخ: الحمد لله، قصة الخضر مذكورة في القرآن الكريم بصورة موجزة ومختصرة جاء الحديث الصحيح فوضَّح أشياء كثيرة وكثيرة جداً، وتذكرت الآن ما له علاقة ببحثنا، وهو يؤكد وجهة نظري أنا على الأقل، وأنا لا أنسى أنه أنا طلبي منك أن يفهم الناس رأيك في الموضوع كجواب عن سؤال وجه إليك.
السائل: أنا أتحدث
…
الشيخ: معليش، فأنا قلت: لا يجوز لمسلم يؤمن بالله ورسوله حقاً، وكما جاء في الكتاب والسنة أن يعتقد بأن الله عز وجل أعطى لنبيه عليه السلام علمه الغيبي كله لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها عِلمُه، أي: علم الرسول، لأن الله علمه ذلك، هذا لا يجوز لمسلم أن يقول ذلك، بمعنى: لا فرق عندي بين من يقول: إن الله عالم الغيب كما في القرآن الكريم وهذا حق، وبين من يقول: إن الله علمني
…
علم الغيب وهذا اكتساب من النبي من الله، أن الله علمه، فعلم الرسول حادث وعلم الله عز وجل قديم واجب الوجود، لا يكفي هذا التفريق، فلا يجوز أن نقول: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تَعلَّم كل شيء مما كان ومما سيكون إلى يوم القيامة بتعليم الله له، لا يجوز أن يقال هذا، لماذا؟ لأن هذه مشاركة أو تشريك للرسول في صفة من صفات الله لا يسوغ هذا التشريك ولا يبرره أنه والله هكذا الله علمه، أنا هذا رأيي، أنت قلت: لا يجوز، لأن هذا بتعليم من الله لرسوله، فخطر ببالي قبل أن أعيد عليك السؤال السابق حديث الخضر عليه السلام، وجرى ما جرى بينهما قصة السفينة وقصة، وقصة الجدار وقصة الغلام، بعد أن انتهت القصة صعد السفينة فأرسل الله طيراً وقف على حرف السفينة فنقر بمنقاره من الماء قطر قطرات فقال الخضر عليه السلام لموسى: ما علمي وعلمك بالنسبة لعلم الله إلا كهذه القطرة التي التقطها الطير من البحر. فالعلم الإلهي في المثال هنا هو البحر وعلم الأنبياء والرسل هو قطرة من القطرات، فلا يجوز بارك الله فيك أن يقول مسلم: أنه لا، أنا أعتقد بظاهر حديث مسلم أنه الله علَّم الرسول عليه السلام كل ما هو كائن إلى يوم القيامة بدون تقييد بالنصوص الأخرى.
فأنا سألتك ولا أزال أسألك: هل تعلم أحدا ًمن علماء المسلمين الذين نقلدهم سواء في العقيدة، أهل الحديث، الأشاعرة، الماتريدية، أو فقهاء .. إلخ، قد قال بهذا القول الواسع الشامل، مع الاستثناء الذي قلته وهو أن الله علمه، فعلم الرسول حادث، هل تعلم من قال ذلك من المسلمين؟
السائل: الصحابي راوي الحديث.
الشيخ: هذا ليس جواباً بارك الله فيك.
السائل: ولا أحتج بتابعي على صحابي، لقول الصحابي، قال: ما من سرية وهو المجموعة الصغيرة إلا وأخبرنا عنها وعن قائدها، ثم كانت تمر بي الحادثة
…
الشيخ: إذا سمحت يا أبا عبد الرحمن نحن سمعناه منك، لكن الذي نريده منك ونرجو أن نحظى به ما سمعناه، أنت تفهم من الحديث هذا الفهم.
السائل: أنا أفهم ما قاله الصحابي.
الشيخ: هذا تكرار يا أخي بارك الله فيك، هذا تكرار لثالث مرة أو رابع مرة، هذا أنت تفهمه من الحديث، أنا أفهم من الحديث أن المقصود به أصول ورؤوس الأمور الغيبية وليس كل التفاصيل التي جرى بها الخلق، ما هو كائن وما سيكون إلى يوم القيامة، فأنا الآن مختلف معك في الفهم، معليش أنا أختلف معك وأنت تختلف معي في الفهم، ولكن نريد ما يدعم فهمك أو فهمي، ما هو الدعم؟ قال الصحابي، قال التابعي، قال الإمام المجتهد: أبو حنيفة .. مالك .. الإمام الشافعي .. الإمام أحمد .. إلخ، لا أرجوك ولا أطلب منك أبداً أن تكرر على مسامعي رأيك، فإني فهمته كما أرى هذا النور.
السائل: أنا أرد عليك؛ يبقى الحديث على ما هو عليه، إلا إذا احتاج شيء يخرجه عما هو عليه، فالحديث يفيد الشمول ويفيد الكلية، فأنا أطالبك بما طالبتني به.
الشيخ: هذه رابع مرة.
السائل: أنا أطالبك بما طالبتني به، هات لي أيضاً صحابي أو تابعي أو إمام أو مجتهد قال بأن الحديث يعني مجملات الأمور ورءوس الأشياء.
الشيخ: أنا قلت آنفاً.
مداخلة: اتق الله يا أخي.
السائل: الشيخ ليس قاصراً عن الإجابة.
الشيخ: إن شاء الله، أنا أجبت عن هذا السؤال.
السائل: أنت طالبتني وأنا أطالبك.
الشيخ: يا أبا عبد الرحمن الله يرضى عليك.
السائل: الحديث على شموليته يحتاج إلى تخصيص، المُطالَب
بالتخصيص أنت.
الشيخ: يا أبا عبد الرحمن! القضية ليست مبارزة، ولا هي مصارعة، نحن لا نعرف ما في قلبك، نسمع من لفظك، بس أنت لما قلت لك: أنا أجبتك عن هذا، تقابلني أنت: وأنا أجبتك، لا، أنا أريد أن ألفت نظرك إلى ما سبق في تضاعيف كلامي لما قلت لك: قال الله عز وجل: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا، إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} (الجن:26، 27) قلت: الغيب هنا لا يعني كل الغيب وإنما بعض الغيب.
السائل: ما الدليل على ذلك؟
الشيخ: اللغة العربية التي نفهمها، أنت الآن تقول لي هنا: ما هو الدليل؟ الدليل هو تفسير القرآن الذي تلقيناه خلفاً عن سلف، أنت هل تعتقد وهذا يأخذنا إلى موضوع الحقيقة لعله هذا الشيء الذي نحن مختلفون فيه الآن هو فرع من ذاك الموضوع، وأرجو أن أكون متوهماً أنه نحن وإياك الآن مختلفون في شيء هو أصل من أصول الشريعة، وأرجو أن أكون واهماً، لأن هذا من مصلحتنا، أنه إذا كنت واهماً في ذلك الشيء الذي سأدلي به أننا سنتفق أخيراً أنه لا يجوز نحن نفسر حديث مسلم بهذا التفسير الشامل الواسع، ذلك هو: هل يجوز لمسلم بعد خمسة عشر قرناً أن يأتي إلى نص في القرآن أو في السنة ويفسره منخلعاً عن كل هذه الجهود العلمية التي ورثناها عن سلفنا وخلفنا ويأتي برأي من عنده ويقول:
هذا رأيي يفسر به كتاباً أو آية أو حديثاً نبوياً ولَاّ الأمر كما قلنا في تضاعيف
كلامنا السابق:
وكل خير في اتباع من سلف
…
وكل شر في ابتداع من خلف
وكما قال بعضهم ولم نذكره آنفاً، والآن جاءت المناسبة:
العلم قال الله قال رسوله
…
قال الصحابة ليس بالتمويه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة
…
بين الرسول وبين رأي فقيه
كلا ولا جحد الصفات ونفيها
…
حذراً من التعطيل والتشبيه
فالآن ألست مؤمناً مَعَنا أن كل خير في اتباع من سلف وكل شر في ابتداع
من خلف؟
السائل: [هذا الذي] عليه المسلمون.
الشيخ: الحمد لله، أعود إلى السؤال الأول: هل تعتقد بأنه يجوز للمسلم أن يفسر نصاً من كتاب أو سنة تفسير من عنده؟
السائل: طبعاً لابد من تفسيره إما بالكتاب وإما بالسنة.
الشيخ: لا لا، هذا غلط، جواب خطأ، لأنك تقول: تفسير بالكتاب، أنا أسألك: هل يجوز أن تفسر الكتاب بفهمك الخاص أن تستند كما قلنا إلى السلف الصالح الذين فسروه.
السائل: الذي مثلي قاصر لا يستطيع أن يفسر الكتاب برأيه، لأنه ما فيش صفات الاجتهاد، ولا لغة عربية شاملة.
الشيخ: جميل جداً، إذاً: لا يجوز لإنسان أن يفسر آية أو حديث إلا وقد دعم رأيه وتفسيره بشيء منقول عن السلف، وإلا وقعنا في الانحراف الذي أشرنا إليه آنفاً في التصوير النبوي الجميل:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} (الأنعام: 153).
أنت تعلم أن هناك كتب في العقائد على اختلاف المذاهب كما أشرنا آنفاً، لن تجد من يقول بأن علم النبي مساوي لعلم الله مع التفريق الذي ذكرته.
السائل: الغيب بعض من علوم الله، وليس علم الله
…
الشيخ: أرجوك ما تعيد علينا، نريد شيئاً جديداً.
السائل: الغيب هو بعض علوم الله، هو ليست كل علوم الله عز وجل محصورة بالغيب.
الشيخ: كيف؟
السائل: يعني: علم الله عز وجل.
الشيخ: علم الله يتعلق بالمعدوم أم بالموجود؟
السائل: الله سبحانه وتعالى
…
الشيخ: أرجوك يا سيد جاوب عن سؤالي: علم الله يتعلق بالموجود
أم بالمفقود؟
السائل: بالموجود.
الشيخ: ما معنى كلامك إذاً؟ الموجود هو الذي جرى به القلم.
السائل: يعني: كل ما نراه هو بس علم الله عز وجل، بس هذا هو علم الله
عز وجل؟
الشيخ: كل شيء جرى سبق في علم الله أنه سيكون فهو يعلمه، أما الذي لم يجر في علم الله أنه.
السائل: إذا كان علمه هو ما جرى به القلم بس فقط فهذا أطلع الحق جل جلاله الصحابي يقول: بما كان وما يكون.
الشيخ: رجعت حليمة إلى عادتها القيمة.
السائل: نفس الشيء، وبعدين الشطرة .. التي سيقت عن الإمام البوصيري: ومن علومك علم اللوح والقلم، القلم كتب بما كان وما هو كائن، والصحابي يقول: حدثنا بما كان وبما هو كائن، فإذاً: البوصيري له سند في هذا.
الشيخ: على كل حال نحن الآن ندعك لتفكر وتدعنا لنفكر، ندعك لتفكر
فيما طرحت من رأي، وتدعنا نفكر فيما سمعنا من رأي لعل الله عز وجل يهدي الضال منا، وأنا ما أقول كما قلت أنت آنفاً غمزاً ولمزاً: أنه ما أحد كفره ولا أحد شركه، لكني أقول بلسان القرآن الكريم:{وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ في ضَلالٍ مُبِينٍ} (سبأ: 24)، لذلك اسمح لي، أنا أقول عن نفسي أنا بارك الله فيك.
السائل: هذه قيلت في حق الكافر.
الشيخ: أنا أقول عن نفسي.
السائل: فلذلك غفر الله لنا جميعاً.
الشيخ: أنا أسألك الآن خاصة على منهجك: الضلال محدود أم
غير محدود؟
السائل: نحن ما وصلنا إلى علم المنطق ولا إلى غيره.
الشيخ: لا حول ولا قوة إلا بالله.
السائل: أقول: نحن وإياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين، أنا أترفع عن
هذا القول.
الشيخ: أنا أقول القرآن، يا شيخ الله يهديك، أتعرف شيء عند العلماء
اسمه اقتباس.
السائل: هذه قيلت في حق المشركين.
الشيخ: في شيء عند العلماء اسمه اقتباس تعرفه؟
مداخلة: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
الشيخ: ولذلك أسأله: الضلال عندك ..
السائل: يا شيخ هذه الآية وردت في حق الكافر.
مداخلة: اتفاق العلماء كلهم: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
السائل: ما يصير تقيس مؤمن تستشهد عليه بهذه الآية.
الشيخ: نحن لا نقيس يا شيخ الله يهديك، أنا لو ..
السائل: ....
الشيخ: معليش معليش، اسمح لي قليلاً، نريد نضع النقطة على طريقة المحدثين، دائرة ووسطها نقطة إن شاء الله.
ما أرجو الحقيقة أنا في الواقع وأنا رجل صريح كما يعلم إخواني هنا أني سمعت من سميي أبو عبد الرحمن ما كنت لا أراه في المنام مسموعاً، وأقول ولا حول ولا قوة إلا بالله، لكن بجانب هذا أقول: أن الجلسة كانت ممتازة من حيث طريقة الأخذ والرد، لأنا نحن اجتمعنا مع كثير من أمثاله ولا مؤآخذة ممن يغالون في الأنبياء بل وفي غير الأنبياء، لكن مع الأسف الشديد كان لا يمكن أبداً نمشي دقائق معدودات، فأنا أشكره من هذه الحيثية حيث مكننا من أن نفهم منه وأن يفهم منا، ونخرج من المجلس كل على بصيرة فيما قال فلان وقال فلان، هذه مزية يجب ألا تهدر، ويجب أن تحفظ؛ لأن الله تبارك وتعالى يقول:{وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} (المائدة: 8) وأنا أرجو منه ألا يأخذ من الآية الشطر الأول، لأنه قصدي أنا الشطر الثاني، وهو (اعدلوا هو أقرب للتقوى) ما يقول أنت تطبق علي الآية، (لا يجرمنكم شنآن قوم) أي بغض قوم فيقول: أنت بغضتني.
السائل: لا لا.
الشيخ: إنما أنا قصدي من الآية: اعدلوا هو أقرب للتقوى.
السائل:
…
العلم دائماً متزن بالحلم وهذا نعهده فيك
…
الشيخ: جزاك الله خيراً، تفضل يا أخي.
مداخلة: .... للتذكير بس حديث النبي عليه الصلاة والسلام عندما سمع الجارية التي كانت تنشد وتغني، وتقول:
وفينا رسول يعلم ما في غد
فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: دعي هذا، وقولي الذي كنت تقولين: فإنه لا يعلم الغيب إلا الله، فهل الرسول متناقض.
الشيخ: حاشا لله.
المداخل نفسه: لا يمكن إلا بالفهم الذي ذكره شيخنا حفظه الله.
الشيخ: لكن بارك الله فيك، نحن ما سمعنا رأيه في حديث الخضر، ذلك صريح بأن الله يتفرد بعلم الغيب، وأرجو أن تتذكروا ما قال الرجل، عمم علم الله حتى في الأشياء التي لم تخلق، من أجل يكون علمه غير علم الرسول الذي علمه إياه افترض شيئاً معلوماً عند الله، ما هو هذا الشيء، هو الشيء الذي لم يجر به القلم، ولم يكن إلى يوم القيامة.
مداخلة: استذكر في هذا الموضع من الحديث أنه جاء للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ومعه صحيفتان بأهل الجنة وأهل النار، يمكن هذا يوضح على أنه إحدى صور
…
علم الغيب، يمكن إذا ذكرت الحديث ..
الشيخ: هذا صحيح فعلاً.
مداخلة: آيات يسألونك يسألونك قل يسألونك قل، وعلم آدم الأسماء كلها، علم آدم كل الأسماء هذا من أجزاء الغيب.
مداخلة: بس الفكرة أن هذا الحديث كان عن الفتن، عندما صعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم فتحدث عن الفتن أليس كذلك؟
الشيخ: هو كذلك طبعاً.
المداخل: إذاً معنى ذلك هو محصور حسب فهمي وإذا أنا غلطان يصحح، أن الحديث منسوب إلى ما كان وسيكون من الفتن، ما علم .. ما قال له على الكمبيوتر ماذا يصير فيه.
السائل (أبو عبد الرحمن):
…
النبي عليه الصلاة والسلام عندما في الصبحيات تأخر عنهم في صلاة الفجر، ثم قام وأردوا أن يقوموا عن الصلاة بعدما صلوا وخلصوا قال: علام
…
الحديث يرويه الشيخ بلفظه أنا لا أذكر لفظه.
الشيخ: ما عليك، يكفينا المعنى تابع.
السائل:
…
فيم يختصم الملأ الأعلى، فقلت:
…
لا أعلم، قال: فوضع كفيه بين كتفي بلا كيف ولا تشبيه حتى وجدت بردها بين ثديي، فعلمت كل شيء، فسألني، فقال: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ فقلت: في الكفارات وكذا وكذا ...... علم كل شيء، وبعدين: أوتيت علم الأولين والآخرين، فنحن مختلفين في الواقع ليس مختلفين، احنا عندنا الفهم في الحديث، هذا الذي كنا مختلفين فيه، أن الصحابي يقول كذا، ويقول: تمر علي الحادثة فأتذكرها كما يتذكر النائم
شيئاً يراه في المنام أو شيئاً مثله، معناه حوادث بسيطة وحوادث كبيرة لا يحتاج إلى تذكير، ثم حدثنا بكل سرية ومن هو قائدها، فهذا احنا نقول إذا كان الولي يقول فيه الله سبحانه وتعالى في الحديث القدسي: حتى أكون سمعه وبصره الذي يسمع به ويبصر به، ويده التي يبطش بها، فهذا لا يعني أنا لما نُكْسِبُ العبد شيئاً من الله عز وجل أن نجعله إله أو شريك، والمعروف أن صفة رؤوف فعول ورحيم فعيل، والثنتين للمبالغة، وهي تعني المبالغة في الحدوث لا بالمبالغة في المشاركة، فالنبي عليه السلام رؤوف وهو رحمة وعين الرحمة.
الشيخ: لا، ما تقول عين الرحمة، قل: رحمة وكفى، الله ما قال: عين الرحمة.
السائل: فهو عليه الصلاة .. رحمة فهو عين الرحمة، يقول: أنا رحمة مهداة، فهذا لا يخرج النبي عليه السلام من كونه رسول، بينما رؤوف فعول فهو كثير الرأفة، كثير وإلى الأعلى، ثم رحيم كثير وإلى الأعلى، ومنها رحمن رحيم، منها نقول: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رحيم والحق رحيم إذاً يشتركان في المعنى، يشتركان في اللفظ، ولكن كل له مدلوله، انحصرت المشاركة في اللفظ لا تعني المشاركة
في المعنى.
الشيخ: هذا رد عليك، الجملة الأخيرة يا أبو عبد الرحمن لو تأملت فيها لوجدت رداً عليك، مشاركة في الاسم صدقت، لكن ليس مشاركة في الصفة، الآن أنت قف عند صفة الرحيم والرأفة التي وصف ربنا نبيه بهما: هل تستطيع أن تقول أن رحمة النبي في كيفيتها في شمولها كرحمة رب العالمين الرحمن الرحيم، أم تقول؟
السائل: طبعاً لا.
الشيخ: والغيب كذلك.
السائل: الرحمة حادثة مخلوقة.
الشيخ: والغيب كذلك، لا حول ولا قوة إلا بالله، أرجوك ما دام أنت تقول: نحن نريد أن نعرف الحق، لماذا تدير الموضوع حول القضية لا خلاف فيها، نحن ما فيه خلاف أن هذا مخلوق، لكن الخلاف هذا المخلوق يساوي ذاك الذي ليس بمخلوق، أنت قلت الآن في الرحمة طبعاً لا، لماذا لا تقول في العلم طبعاً لا؟
السائل: أنا قلت أنه علم أزلي علم الله عز وجل؟ طبعاً لا.
الشيخ: وتقول رحمة الرسول أزلية؟
السائل: طبعاً لا، حادثة، وعلمه حادث.
الشيخ: لكن ليس هذا البحث الله يرضى عليك، ليس هذا البحث، البحث صفة الرحمة في عمومها وشمولها كصفة رحمة الرحمن، تقول: لا.
السائل: طبعاً لا.
الشيخ: وهذا نحن معك، لكن تخالف وتقول: العلم الإلهي الذي هو صفة من صفات الله أن الرسول يشارك الله في هذه الصفة.
السائل: لا لا،
…
الشيخ: اسمح لي يا أخي، أنا أكمل كلامك، أنا أعيد عليك بضاعتك، أنت تقول: أن علم الرسول بالغيب يساوي علم الله، والفرق أن هذا مخلوق وذاك غير مخلوق، هذا قولك.
مداخلة: يعني
…
يساوي علم الله بالغيب إلا الله سبحانه وتعالى
…
الشيخ: الآن نريد نرجع للقاعدة التي اتفقنا عليها بارك الله فيك، وهي: أنا ما يجوز لنا نفسر بآرائنا وأفكارنا، أنت الآن تفهم من كلمة حديث معاذ بن جبل الذي ذكرته أخيراً عندما وضع رب العالمين كفه بين يديه .. إلخ، فعلم كل شيء، هذه الكلية هل هي كلية علم الله عز وجل من حيث الكلية والشمول، أم دون ذلك؟ أرجو جواب يكون واضح.
السائل: يجيبك الحديث الذي ساقه الصحابي.
الشيخ: ما يجاوب.
السائل: بما كتب القلم إلى يوم القيامة.
الشيخ: نقف عند هذا، أنت تجعل هذا الكلام الذي أنت تعتقد [أن] فيه تفسيراً لكلام البوصيري، هذا التفسير يصح فيما لو كان كما قلنا: فإن من علمك علم اللوح، هو يقول: من علومك، وأنت آنفاً جعلت علم الله علمين: علم موجود وعلم ما نعرفه نحن، فهو جعل هذا العلم الموجود من علم الرسول وهناك علم آخر، فأنت الآن تدافع عن كلام البوصيري، أنت دافع عن البوصيري ما شئت، نحن ما عندنا خلاف، وما فيه عندنا عداء أبداً بيننا وبين مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، لكن لا تدافع عن خطئه، من أجل ماذا؟ هو خطاء، وخير الخطائين التوابون، هو يقول: ومن علومك، أنت الآن تجعل كلامه: ومن علمك علم اللوح والقلم، أي: الفرق بينك وبين البوصيري واضح جداً، أنت تجعل
من علم الرسول علم اللوح والقلم، أي: علمه، وليس من أيضاً، لأنه من في العلم
هي تبعيضية.
السائل: وقد تكون بيانية.
الشيخ: اسمح لي، أنت تجعل، فيه فرق بينك وبين البوصيري، أنت تدافع عنه أنت تدافع عن كلامه، أنت تقول: العلم المسطور الذي سطر بالقلم عَلِمَهُ الرسول عليه السلام.
[نقول ذلك] جدلاً ولا نبارك لك فيه طبعاً، لأن هذا خلاف عقيدة المسلمين جميعاً، لكن أنت تدافع عن البوصيري الذي يقول: من علومك علم اللوح والقلم، وأنت لا تؤمن بهذا، هل تؤمن بكلام البوصيري على ظاهره.
السائل: أنا أقول.
الشيخ: أسألك بارك الله فيك.
السائل: وقد تكون من للتبعيض يا شيخ.
الشيخ: لا لا، علوم لفظة العلوم.
السائل: من قد تكون بيانية.
الشيخ: لا حول ولا قوة إلا بالله، يا أخي قد تكون بيانية والعلوم جمع
أم مفرد؟
السائل: طالما فيه وجه يا شيخ طالما فيه وجه أن لا نحرج الرجل في كلامه
…
الشيخ: رجعت إلى ما نفيناه، لا تتكلم عن الرجل، نحن لا نتكلم عن الرجل، نتكلم عن كلامه.
السائل: يا شيخ! البوصيري يقول: دع ما ادعته النصارى في نبيهم، هذا موافق لحديث النبي عليه السلام: لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم.
الشيخ: ما جاوبت يا أستاذ، هذه حيدة تتسجل عليك، نحن نسألك: أنت لا تقول بقول البوصيري، هو يقول: من علوم الرسول علم اللوح، أنت تقول: علم الرسول هو ما في اللوح، وشتان بينك وبينه، فإن كنت ما تتكلم به لا يزيد عما في نفسك فإذاً: يجب أن تعترف أن هذا الكلام خطأ، لا تكفره ولا تشركه، وهذا ما يهمنا، لأن مصيره إلى الله، لكن هذا الكلام الذي يتبرك به المسلمون ويضعون الماء في الشربة في المجلس الذي يتلى عليه هذا الكلام المخالف للشرع هذا يجب أن تنكره لأنه خلاف رأيك، خلاف عقيدتك، وإلا فعقيدتك مثل عقيدته، أي: أنت تعتقد إن سَلَّمت بكلام البوصيري أنت تعتقد أنه علم الرسول عليه السلام بما كان وما سيكون هو جزء
…
من كل، ليس هو الكل، وإلا ستقول: أخطأ البوصيري في قوله: ومن علومك علم اللوح والقلم، هذا لو سلمنا لك بقولك أن الرسول عليه السلام أحاط بكل ما كان وما سيكون علماً إلى يوم القيامة، لكن هو البوصيري يزيد عليك، فواحدة من ثنتين: يا تقول البوصيري مخطئ لكن هو لا معنا ولا معك، تقول هكذا نقول لك: أنت أنصفت ولو مرة واحدة، أما تقول أنا أدافع عن البوصيري لأنه الله علم الرسول ما كان وما سيكون ليس هذا قول البوصيري: من علوم، فهل تستطيع أن تقنعنا قبل أن نخرج أنك متفق معنا أن هذا الكلام لا هو قرآن ولا هو حديث عن الرسول عليه السلام، إنما هو كلام رجل، وقد يخطئ وقد يصيب، إن اجتهد فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد، فهل عندك من الجرأة الأدبية بل الاعتقادية أن تقول: أخطأ في قوله: من علومه ولو كان مأجوراً في ذلك إذا كان هو قاصد مجتهداً، فنرجو هذا الاعتراف.
السائل: أنا ما وصلت في الناحية اللغوية حتى [أخطئه] ولا أنا في مستوى علمه ولا أعلمه، أنا طالب علم.
الشيخ: نحن نراك أكثر من هذا، لأنك تقول ما لا يقوله أحد.
السائل: فلذلك أنا لا أنصب نفسي حكماً.
مداخلة: شيخنا قبل ننتقل، فيه نقطة بنفس الحديث الذي تفضلت في ذكر أنه في مسلم الذي تفضل به أخونا
…
في الحديث نفسه أن الصحابي الراوي قال: حفظه من حفظه ونسيه من نسيه، إذاً: فيه من الصحابة حفظوا هذا الحديث، والذي نعتقده يقيناً في الصحابة أمناء الشريعة الذين حفظوا لنا الإسلام وما رواه سيد الأنام وكان أحدهم يلتقط لفظ رسول الله ليبثه للناس، هل كانوا يكتمون هذا الذي قاله الرسول من هنا إلى قيام الساعة ما كان وما يكون، إذاً: لابد أنهم قالوا، ولم يقولوا، ها هي الكتب بين أيدينا الصحيحان والكتب الستة والمسند لم يقولوا هذا الذي ذكره من كل هذه التفاصيل، إنما هي عيون الأشياء كما تفضل الشيخ.
الشيخ: أنا أزيد عليك، هات الأحاديث الصحيحة التي تجمع الأحاديث الصحيحة والأحاديث الحسنة والأحاديث الضعيفة والأحاديث الموضوعة المكذوبة على رسول الله، فهي لا تساوي قطرة مما في اللوح المحفوظ، يا جماعة أمر رهيب جداً أن يخرج المسلم في عقيدته عن النقل وعن العقل، العقل لا يتسع أن يقبل أصحاب الرسول طبيعتهم أنهم ينقلوا هذا العلم الذي لا يحيط به البشر كله، البشر كله بما فيهم من أنبياء ورسل وأولياء وصالحين مستحيل أن يحيطوا بما كان وما سيكون إلى يوم القيامة، هذا أمر مستحيل.
مداخلة أخرى: محاضرة الرسول نصف ساعة أو ساعة ما الذي يمكن أن يقال فيها، ربما رؤوس أقلام، أنه في آخر الزمان.
الشيخ: هو هذا، رؤوس أقلام.
مداخلة أخرى: هل من الجائز أن يحاط علم الله بحديث يوم؟
الشيخ: مستحيل هذا يا جماعة، مستحيل.
مداخلة أخرى: أمتي أمتي، فيقال له: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. معناه أنه لا يدري.
الشيخ: طيب جداً.
السائل: هذا الحديث لابد من تأويله.
الشيخ: الله أكبر، يا شيخ أوِّل بارك الله فيك.
السائل: يا شيخ ما سمعت مني هذا.
الشيخ: سمعت منك كلمة التأويل.
السائل: هل تحكم علي قبل أن أتحدث؟
الشيخ: لا، أنا سمعتك تقول: نؤول، نقول لك: لماذا لا تؤول ما استندت إليه من نصوص تأخذها بأدلتها العامة، أنا الآن لما سألتك أخيراً بعض الأسئلة قلت: أنا لست بذاك العالم، وأنا لا أنصب نفسي لأكون حكماً، ولماذا تنصب نفسك للدفاع عن رأي لك أول ما تسمع نصاً وتشعر في أن عندك استعداد للجواب عنه تبرز وتجاوب عنه، وحينما تُسأل سؤالٌ وما عندك جواب قلت: أنا لست عالماً أنا طالب علم، والله أنا وكل إخواننا طلاب علم، فيكم إنسان يقول [أنا عالم؟!] مهما الإنسان طلب من العلم فهو لا يزال طالباً للعلم، فإذا قال: علمت فقد جهل، كلنا طلاب علم، لكن ما نتخلص من الحجة بكلمة: أنا طالب علم، أنا ما أنصب نفسي حكماً، أنا قلت لك مراراً: اسمح لي أكمل كلامي، وهذا كما تعلم من أدب المجلس أيضاً، فالرجل ذكرنا جزاه الله خيراً بحديث، رأساً قلت: هذا الحديث
نؤوله، أنا أخذت هذه الكلمة وكفاني، لماذا تؤول هذا النص ولم ترض بتأويل النصوص التي قلناها لك، تقول: الصحابي أدرى، نقول لك: ما اختلفنا أن الصحابي أدرى، لكن ما معنى كلام الصحابي؟ تقول: العموم والشمول، على هذه المزلقة نأتي لك بآية من القرآن ما رأيك في هذه الآية، يمكن تقول: والله أنا ما أنا عالم، أنا طالب علم.
الآن في آية وأنت يبدو والحمد لله أنك حافظ للقرآن، ما الآية كلها التي تقول: ما تذر من شيء إلا جعلته كالرميم من يحفظها؟
مداخلة: {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ، مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ} (الذاريات: 41، 42).
الشيخ: أحسنت جزاك الله خير، (ما تذر من شيء) هذا عموم أم خصوص؟
السائل: عموم.
الشيخ: طيب، ما تقول بعمومه أم بِتْخَصِّصُه؟
السائل: لا أعلم.
الشيخ: هذا الذي ظننته، لما تسأله سؤال علمي، يقول لك: لا أعلم، لما تَحتَكُّ القضية برأيك وعقيدتك وأنت فيها على خطر تقول: ندع النص على عمومه، لماذا لا تدع هذا النص على عمومه {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ} (الذاريات: 42) (ما) وبعدها (من شيء) نفي يتبعها الحصر، هذا نص عام، لكن علماء التفسير بارك الله فيك يأتون يقولون لك:«ما تذر من شيء» أراد الله عز وجل أن يمحوه من وجه الأرض، وإلا من هذه الأشياء أرض الله الواسعة، فهل أهلك الأرض كُلَها وجعلها هباء منثوراً كما سيكون شأن هذه الأرض والكواكب الأخرى يوم القيامة؟ طبعاً
لا، فالعلماء هم المصابيح، فيجب أن نعتد برأيهم وتفسيرهم، ما نستقل في فهم ونقول: هكذا الصحابي قال؛ آمنا الصحابي قال هكذا، لكن هل أراد العموم أم الشمول، آمنا بأن الله قال:{مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ} (الذاريات: 42) أنه قال، لكن هل المعنى هو العموم والشمول، الجواب هنا: لا، الجواب هناك: لا، لماذا؟ لأن الأدلة الأخرى إذا جمعناها كلها تدلنا على أن علم الله لا يساويه علم عالم في الدنيا، ولا ينجيك من المخالفة أن تقول: علم هذا العالمَ الله أعطاه إياه، وليس من ذاته، وعلم الله من ذاته، هذا لا يجوز أبداً.
وحسبك ختاماً ولو مللنا إخواننا بطول الكلام أرجوك أن تُفكِّر فيما قلت آنفاً جواباً عن سؤالنا، أن الرسول رؤوف والرسول رحيم، وصدق الله العظيم، لكن لما سألناك: هل رحمة الرسول كرحمة الله؟ قلت: لا، هل علم الرسول عليه السلام كعلم الله؟ ما قلت: لا.
السائل: قلت لا
…
الشيخ: اسمح لي، يا أخي الله يرضى عليك، أنا أقرأ الآية {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} (الماعون: 4) أعوذ بالله، أسمع مني أكمل الكلام، قلت: علم الرسول كعلم الله من حيث الإحاطة والشمول، لكنه حادث، هذا قلته، وكما تقول: كلامك مسجل، أنا أعيد عليك هذا الكلام وأقول: كلامك مسجل، لذلك أرجو أن تفكر في هذا الاعتراف الصريح، رحمة النبي لا تساوي رحمة الله، رأفته لا تساوي رأفة الله، علم الرسول لا يساوي علم الله، ومعنى ذلك أنه لا يعلم بكل شيء كما تحتج بحديث معاذ وغيره، وهذا الدليل المانع من أن تقول: احفظ حديث الخضر عليه السلام: مثل العلم البشري والعلم الإلهي كقطرة من بحر، والحديث الذي ذكرته حضرتك ما هو.
مداخلة: لا يعلم الغيب إلا الله، دعي هذا وقولي
…
الشيخ: أي نعم لا يعلم الغيب إلا الله.
السائل: الحديث الذي ساقه [حديث الحوض] وهو قول النبي عليه الصلاة والسلام، فهو النبي يخبر عنه، هو النبي يخبر عنه، فكيف لا يعلمه، هو يخبر.
الشيخ: الله أكبر.
السائل: هو يخبر، فهو طالما يخبر يقول: ألا ليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال، فأقول: هلم هلم.
الشيخ: أنا أسمع لك لكن اسمع لي أنت فيما بعد.
السائل: فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: سحقاً سحقاً، الآن النبي عليه السلام ألا يحدث، يحدث عن شيء سيكون، فهو يخبر عنه؟
الشيخ: لا.
السائل: لا يخبر عنه.
الشيخ: لا، يخبر عنه إجمالاً كما نقول نحن، ولا يخبر عنه تفصيلاً كما تزعم أنت، وهذه حجة قاصمة الظهر في هذا الموضوع إذا كنت صحيح تريد تكون منصفاً، هو يخبر إجمالاً؛ لأن الله عز وجل أعلمه بما يكون مجملاً، وهذا من الأحاديث الذي يؤيد تفسيرنا لحديث حذيفة وغيره مما جاء في مسلم، هو يعلم إجمالاً ولا يعلم تفصيلاً، ولذلك يقال له: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. فأرجو منك قليلاً من الإنصاف يا أبا عبد الرحمن، اليوم دنيا وغداً آخرة، وما تدري نفس بأي أرض تموت، وأنا أراك مثل حكايتي؛ ابيضَّت، وما بيننا وبين القبر إلا شبر،
ولذلك يجب أن تراجع نفسك، هذه عقيدة تخالف الكتاب والسنة وإجماع المسلمين خلفاً وسلفاً، وربنا عز وجل يقول في القرآن الكريم:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} (النساء: 115)، عائذاً بالله عز وجل أن يكون أحد في هذا المجلس ممن خرج عن سبيل المؤمنين.
مداخلة: أستاذنا على التأويل الذي ذكره الحاج الله يجزيه الخير، أن الرسول عليه السلام يحدِّث عن هذا، واستدل من هذا التحديث أنه يعلم، فنحن نقول: هذا الذي حَدّث عنه الرسول عليه الصلاة والسلام سيحدث أم لم يحدث؟ سيحدث، فإذا سئل النبي عليه السلام وقال: أصحابي أصحابي، ماذا سيقال له؟
السائل: إنك لا تدري ماذا
…
الشيخ: كذبت كذبت كذبت.
مداخلة: لا تدري، هل كذب رسول الله عليه الصلاة والسلام، إذاً: إذا قلت بواحدة جانبت الصواب في الأخرى، وإن أصبت في الأخرى أخطأت في الأخرى
…
الشيخ: الحقيقة يا إخواننا أن أخانا أبا عبد الرحمن إن شاء الله ربنا عز وجل يهدينا وإياه إلى سواء الصراط قال كلمة حق: أنه هو طالب علم وليس بعالم، وأنا أعترف أنه مثلي طالب علم، ولكن يجب عليه أن يدرس اللغة العربية وأساليبها، فأنا إذا قلت له الآن: أن في علم اللغة شيء يقال فيه: هذا من إطلاق الكل وإرادة الجزء، يا ترى تعرف أنت هذا الأسلوب في اللغة العربية؟
السائل: لا.
الشيخ: هذه المشكلة، فلما الرسول عليه السلام يقول:(الحج عرفة) الذي لا يعرف اللغة العربية ماذا يقول؟ إذا حجيت [أصعد عرفة] وبس انتهى الموضوع
…
لكن الأسلوب العربي يقول: أَطْلَقَ الكل: الحج، وأراد شيئاً من الحج وهو عرفة، لماذا؟ لأهميته هذا الشيء، فمهم جداً أن الله يعلم رسوله عليه السلام عن بعض أعلام الغيب ويعلم أصحابه بذلك، أما عن كل كبير وصغير، هذا أمر كما قلنا ولا نؤيد ما قلنا وكفى: مشاركاً لله في الصفة، مع الفارق الذي هو يتمسك به ويدندن حوله، كذلك أيضاً إذا قال الله عز وجل:{أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} (الإسراء: 78) قرآن الفجر يعني: تلاوته، لكن ما هو هذا المقصود، المقصود صلاة الفجر، سبحان الله!
…
يقول لي: لماذا أنت تؤول القرآن، القرآن يقول: وقرآن الفجر، أنا أقول: هكذا قرآن الفجر، لا، أنا أقول له: صلاة الفجر، هو يقول لي: هكذا اللغة، لا، أنت ما تعرف اللغة، مع الأسف العرب اليوم كثير منهم نسي لغته العربية، وما نحن فيه الآن يكفي {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} (الإسراء: 78) الصلوات الأربعة ذكرت في أول الآية، وعطف عليها قرآن الفجر، أي: صلاة الفجر، {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ} (الإسراء: 78) أي: صلاة الفجر {كَانَ مَشْهُودًا} (الإسراء: 78) هذا بارك الله فيك أسلوب في اللغة العربية كما قال ذلك الصحابي أقول اقتباساً منه: عرفه من عرفه وجهل من جهله، فيطلق العموم ويراد الخصوص، يطلق الكل ويراد الجزء، فهذا أساليب في اللغة العربية نحن إذا جهلناها انحرفنا كثيراً وخطيراً.
مداخلة: الله يجزيك خيراً شيخنا.
"الهدى والنور"(292/ 21: 47: 00) و (293/ 54: 01: 00)