الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقوم المجمع وأعضاؤه على إعدادها ومتابعتها والعمل على نشرها، لتكون سببًا من أسباب اليقظة العلمية التي تقتضيها النهضة الحديثة في الشعوب العربية.
وقد جمعني مرة مجلس فيه فئة من كبار الأساتذة في بعض المعاهد العلمية العالية، فلم أجد عند أحد منه خبرًا يعلمه عن هذا المجمع، فما ظنك بعمله أو إنتاجه أو غايته التي أريد لها إنشاؤه وتأسيسه؟ وهذا أمر يؤسف له، ويوجب على المجمع وعلى كل ذي رأى أن يعمل على تنبيه الوزارات والمعاهد إلى قيمة هذا العمل الذي يقوم عليه المجمع، وإلى توجيه أنظار الناس إليه بكل سبيل، حتى يستطيع أن يؤدي إلى الناس ما يرغب فيه من نشر الثقافة العلمية التي يحتاج إليها هذا الشعب في كل أغراضه وأعماله، وفي بعث الروح العلمية التي تكفل له القيام بالعبء المثقل الذي يريد أن ينهض به في بناء الحضارة الجديدة التي يتهيأ الشرق لوراثتها عن الحضارات التي هي في سبيل إلى الهلكة والتدمير والبوار.
هذا وقد بدأ المجمع مؤتمره لهذه السنة بالمحاضرة التي ألقاها الدكتور حافظ عفيفي باشا عن "الأصول العلمية الحديثة وتطبيقها على الزراعة"، وقد عرض فيها لأهم ما يشغل الأسواق المصرية في هذا الوقت، وهو نظام الحاصلات والأسواق الداخلية، فأبان كل البيان عن وجه المصلحة التي يجب أن يقصدها القائمون على أمر الشئون الزراعية في هذه الأوقات العصيبة المنذرة بأن الأزمات على الأسواق التجارية. ثم تبع ذلك بحث في أهم ما يخافُ منه وما تخشى عواقبه في أزمان الحربِ، وهو تفشِّي الأمراض والأوبئة، وما يجبُ على الشعب المصري وحكومته أن تعمل على تفاديه بكل سبيل. فألقى الدكتور عبد الواحد الوكيل:"حاجة البلاد إلى تعديل خططها الطبية والصحية"، وقد أبانت هذه المحاضرة عن هول الحالة الصحية التي تختفي في كل ناحية من نواحي هذا الشعب المهمل المسكين.
آلهة الكعبة
كنت قرأت في البريد الأدبي من عدد الرسالة 350 كلمة للأخ محمد صبري في قصيدة الأخ الشاعر محمود حسن إسماعيل، ينكر فيها أن "اللات، والعزَّى، ومناة" من آلهة الكعبة، قال: "وليس واحد من هذه الثلاثة من أصنام الكعبة، بل لم
يكن واحد منها داخل الكعبة ولا حولها". ثم استشهد قول ابن الكلبي في كتاب الأصنام، حين ذكر مواضع هذه الأوثان الثلاثة. وقد كان اعترض بعض أصحابنا قبل ذلك -في مجلس الأستاذ الزيات- بمثل ما اعترض به الأخ صبري، فرُمتُ أن أقول: إن وجود هذه الثلاثة في الكعبة أو حولها ليس يَمْتَنِع: وذلك لأن ابن سعد ذكر في طبقاته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت -بعد فتح مكة- وهو على راحلته، وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنما، فجعل كلما مر بصنم منها يشير إليه بقضيب في يده ويقول: {جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا}. فيقع الصنم لوجهه. وابن الكلبي لم يعد لنا في كتابه الأصنام غير أسماء ثلاثين صنما، وزاد زكي باشا عليها تسعة وأربعين صنما، فهذه خمسة وسبعون (1)، فأين هي من ثلاثمائة وستين؟ . . . . وما كانت كل هذه الأمة من الأصنام إذن -إن لم يكن منها اللّات والعُزّى ومَنَاة، وهي أشهر أصنام الجاهلية، وهي المذكورة في القرآن في سورة النجم، وقد كان نزولها بمكة، وما أظنها تذكر بأسمائها إلا وكفار قريش يعظمونها، فإذا عظموها اتخذوها في الكعبة وهي بيتهم المعظم، كما كانوا يتخذون الأصنام في بيوتهم ودورهم. ثم رأيت أخيرًا أن ابن سعد يذكر في فتح مكة أن رسول الله بث السرايا إلى الأصنام التي حول الكعبة فكسرها، منها: "العزى، ومناة، وسواع، وبوانة، وذو الكفين. فنادى مناديه بمكة: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يَدَع في بيته صنما إلا كسره".
ثم جاء كلام أبي جعفر الطبري في تفسير سورة النجم ج 27 ص 36 يقطع الشك باليقين إذ يقول. "وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب من أهل البصرة يقول: اللات والعزّى ومناة الثالثة -أصنام من حجارة كانت في جوف الكعبة يعبدونها"، وهذا هو المعقول، وليس من المعقول أن تخلو كل هذه الأمة من الأصنام التي كانت حول الكعبة من تماثيل منصوبة للات والعزى ومناة الثالثة، وهذا ليس يمنع أن تكون القبائل غير قريش مكة قد اتخذت لها أنصابًا نصبتها في الأماكن التي ذكرها ابن الكلبي وغيره.
(1) كذا جاء بالأصول، والصواب: تسعة وسبعون.