الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب النكاح
(1)
هو لغة الوطء (2) والجمع بين الشيئين (3) وقد يطلق على العقد (4) فإِذا قالوا: نكح فلانة، أَو بنت فلان. أرادوا تزوجها، وعقد عليها، وإذا قالوا: نكح امرأَته. لم يريدوا إِلا المجامعة (5) .
(1) الأصل في مشروعيته الكتاب، والسنة، والإجماع، وذكر غير واحد من العلماء أنهم اتفقوا على أنه من العقود الشرعية، المسنونة بأصل الشرع، قال تعالى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} وقال صلى الله عليه وسلم «تزوجوا، فإني مكاثر بكم الأمم» وغير ذلك.
(2)
أي المباح، قاله الأزهري، وقيل للتزويج نكاح لأنه سبب الوطء. وقال الجوهرى: النكاح الوطء، وقد يكون العقد، ونكحت هي، أي تزوجت.
(3)
يقال للأشجار إذا اجتمعت: تناكحت. والضم، أي انضم بعضها إلى بعضن والتداخل.
(4)
أي في اللغة، وقال الزجاج: النكاح في كلام العرب بمعنى الوطء والعقد جميعا.
(5)
لقرينة ذكر امرأته أو زوجته، قاله أبو علي الفارسي، قال: فرقت العرب فرقا لطيفا، يعرف به موضع العقد من الوطء، فإذا قالوا
…
إلخ.
وشرعا: عقد يعتبر فيه لفظ «إِنكاح» أَو «تزويج» في الجملة (1) والمعقود عليه منفعة الاستمتاع (2) . (وهو سنة) لذي شهوة لا يخاف زنا، من رجل، وامرأَة (3) لقوله عليه السلام «يا معشر الشباب (4) .
(1) يشير إلى أنه في الشرع، حقيقة في العقد، تجوز به في الوطء، والكتاب، والسنة، ولسان أهل العرف، والأصح عند المحققين أنه لفظ مشترك، يعم العقد والوطء جميعا، ليس أحدهما أخص به من الآخر، فهو من الألفاظ المتواطئة، إلا قوله {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} فخاض بالوطء.
وقال الشيخ: النكاح في الإثبات حقيقة في العقد والوطء، والنهي لكل منهما. وقال القاضي: الأشبه بأصلنا أنه حقيقة في العقد والوطء جميعا. وقوله: في الجملة. احتراز من قول السيد لأمته: أعتقتك، وجعلت عتقك صداقك. فليس فيه لفظ إنكاح، ولا تزويج.
(2)
أي الذي يرد عليه عقد النكاح منفعة الاستمتاع، كالإجارة، لا ملكها، أو الحل، لا ملك المنفعة، وقيل: المعقود عليه الازدواج، كالمشاركة، ومال إليه الشيخ.
(3)
وهو قول أصحاب الرأي، وظاهر أقوال الصحابة، وحكاه الوزير اتفاقا، وأن المستحب له أن يتزوج إجماعا، وهل يجب في حقه؟ قال أبو بكر وأبو حفص: يجب، أخذا بالوجوب في الجملة، ولم يفرقا، واختار الباقون الاستحباب.
(4)
«المعشر» الجماعة، و «الشباب» الفتاء، جمع شاب، كالشبان وأصله الحركة والنشاط، والشباب أيضًا الحداثة، واسم لمن بلغ، حتى يبلغ الثلاثين، ثم هو كهل إلى أن يجاوز الأربعين، ثم هو شيخ، خاطب الشباب لأنهم أغلب شهوة.
من استطاع منكم الباءة فليتزوج (1) فإِنه أَغض للبصر (2) وأًحصن للفرج (3) ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإِنه له وجاء» (4) رواه الجماعة (5) .
(1)«الباءة» بالمد، وفيها لغة بالقصر، وبلا هاءٍ مع المد، ولغة بهاء عوض الهمزة، وأصلها لغة من البات وهي المنزل، لأن من تزوج امرأة بوأها منزلا، والمراد بها هنا الجماع، فالتقدير من استطاع منكم الجماع، وقيل: مؤن النكاح. والقائل بالأول رده إلى معنى الثاني، إذ التقدير عنده: من استطاع منكم الجماع، لقدرته على مؤن النكاح. اختاره الشيخ، وفي رواية «من استطاع منكم أن يتزوج فليتزوج» وللنسائي «من كان ذا طول فلينكح» وهو أمر ندب، عند جمهور الفقهاء.
(2)
أي أشد غضا للبصر، وأدفع غضا لعين المتزوج عن الأجنبية.
(3)
أي أشد إحصانا له، وحفظا ومنعا من الوقوع في الفاحشة.
(4)
أي ومن لم يستطع الباءة، لعجزه عن مؤونة النكاح، فعليه بالصوم، ليدفع شهوته، ويقطع شرفيته، كما يقطعه الوجاء، قال الشيخ: استطاعة النكاح هي القدرة على المؤونة، ليست القدرة على الوطء، فإن الحديث إنما هو خطاب للقادر على فعل الوطء، ولهذا أمر من لم يستطيع الباءة بالصوم، وسماه «وجاء» بالكسر والمد، رضُّ عروق الخصيتين، شبيها بالخصاء، لأنه بتقليل الطعام والشراب، يحصل للنفس انكسار عن الشهوة، كالموجوء، ولسر جعله الله في الصوم.
(5)
البخاري، ومسلم وأحمد، وأبو داود، والنسائى، والترمذي، وابن ماجه، ولأن الإعراض عن الأهل والأولاد، ليس مما يحبه الله ورسوله، ولا هو دين الأنبياء، قال تعالى {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} وقال صلى الله عليه وسلم:«وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني» وأمر به في غير ما حديث.
ويباح لمن لا شهوة له، كالعنين (1) والكبير (2) . (وفعله مع الشهوة أَفضل من نوافل العبادة)(3) لاشتماله على مصالح كثيرة، كتحصين فرجه، وفرج زوجته (4) والقيام بها (5) وتحصيل النسل (6) وتكثير الأُمة (7) .
(1) الذي لا يأتي النساء، أولا يريدهن.
(2)
الذي ذهبت شهوته، فلا إرب له فيهن، وذلك لأن العلة التي لها يجب النكاح أو يستحب مفقودة فيه، ولأن المقصود من النكاح الولد، وهو فيمن لا شهوة له غير موجود، فلا ينصرف إليه الخطاب به، إلا أنه يكون مباحا في حقه.
(3)
لأمر الله به ورسوله، ولفعله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ورده على عثمان التبتل، وقول أحمد: ليست العزوبة من أمر الإسلام في شيء، ومن دعاك إلى غير التزويج، فقد دعاك إلى غير الإسلام.
(4)
عن الزنا، وهو أكبر المصالح.
(5)
وحفظها، كما يقال: أبوها، أو زوجها، أو القبر.
(6)
روي عن نبي من الأنبياء أنه قال: أرأيت لو ترك الناس كلهم التزويج، من يقوم بالجهاد، وينفي العدو، أو يقوم بفرائض الله وحدوده؟.
(7)
إشارة لقوله صلى الله عليه وسلم «تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة» .
وتحقيق مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم (1) وغير ذلك (2) ومن لا شهوة له، نوافل العبادة أَفضل له (3)(ويجب) النكاح (على من يخاف زنا بتركه)(4) ولو ظنا، من رجل وامرأَة (5) .
(1) الأمم يوم القيامة، بكثرة أمته على سائر أمم الأنبياء، وقال ابن عباس لرجل: تزوج، فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء.
(2)
أي من المصالح الراجح أحدها على نفل العبادة، كتحصين الدين، وإحرازه فمجموعها أولي.
(3)
لعدم تحصيل مصالح النكاح، ولمنع زوجته من التحصين بغيره، وإضراره بها، بحبسها على نفسه، ولتعريض نفسه لواجبات وحقوق، ولعله لا يقوم بها، وشغله عن العلم والعبادة، بما لا فائدة له فيه، والأخبار تحمل على من له شهوة، لما فيها من القرائن الدالة عليها.
(4)
قال الموفق وغيره: في قول عامة الفقهاء، وقال الوزير: اتفقوا على أن من تاقت نفسه إليه، وخاف العنت، فإنه يتأكد في حقه، ويكون له أفضل من الحج التطوع، والصلاة والصوم التطوع، وزاد أحمد، فبلغ به إلى الوجوب مع الشرطين، وهما أن تتوق نفسه، ويخاف العنت، رواية واحدة. اهـ. وعبارة المقنع: من يخاف مواقعة المحظور. فشمل الاستمناء باليد.
وقال الشيخ: يجب على من خاف على نفسه العنت، في قول عامة الفقهاء إذا قدر على مهر حرة، ويجزئ التسري حيث وجب أو استحب، لقوله {فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} وقال: إذا خشيه جاز تزوج الأمة، مع أن تركه أفضل، وصوب جوازه في تصحيح الفروع.
(5)
أي ولو كان خوف مواقعة المحظور ظنا.
لأَنه طريق إِعفاف نفسه (1) وصونها عن الحرام (2) ولا فرق بين القادر على الإِنفاق والعاجز عنه (3) ولا يكتفي بمرة، بل يكون في مجموع العمر (4) ويحرم بدار حرب (5) إِلا لضرورة، فيباح لغير أَسير (6) .
(1) ولا طريق له إلا النكاح، فوجب عليه، وذلك خوفا بتأخيره من الوقوع في الحرام، بخلاف الحج.
(2)
قال الشيخ: وإن احتاج الإنسان إلى النكاح، وخاف العنت بتركه، قدمه على الحج الواجب.
(3)
قيل: إذا قدر على المهر. وقال الشيخ: ظاهر كلام أحمد والأكثرين عدم اعتبار الطول، لأن الله وعد عليه الغنى بقوله (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصبح وما عنده شيء، ويمسي وما عنده شيء، وزوج رجلا لم يقدر على خاتم من حديد.
(4)
لتندفع خشية الوقوع في المحظور، ولا يكتفي بالعقد، بل الواجب العقد والاستمتاع في الجملة، لأنه موضوع النكاح، ولا تندفع خشية المحظور إلا به، ومن أمره به والداه لزمه، لوجوب برهما، وقال الشيخ: ليس لهما إلزامه بنكاح من لا يريد.
(5)
أي ويحرم على مسلم - دخل دار حرب بأمان كتاجر - أن يتزوج بها، ولو بمسلمة، ولا يتسرى، ولا يطأ زوجته، بخلاف من كان بجيش المسلمين، فله ذلك.
(6)
أي يباح مع الضرورة، ويعزل وجوبا إن حرم نكاحه، وإلا استحب، ويصح مع الحرمة، أما الأسير فلا يباح له مطلقا، لأنه منع من وطء امرأته إذا
أسرت معه، مع صحة نكاحها، قيل: لئلا يستعبد الولد، وعليه فله نكاح آيسة، وصغيرة، وعلل بأنه لا يؤمن أن يطأ زوجته غيره منهم، فعليه: لا ينكح حتى الصغيرة، والآيسة، وهو مقتضى كلام الموفق وغيره.
(ويسن نكاح واحدة)(1) لأَن الزيادة عليها تعريض للمحرم (2) قال تعالى {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} (3)(دينة)(4) لحديث أبي هريرة مرفوعا: «تنكح المرأَة لأَربع (5) .
(1) إن حصل بها الإعفاف، للآية، ويستحب الزيادة إن لم تعفه، صوبه في تصحيح الفروع، إن كان قادرا على كلفة ذلك، مع توقان النفس إليه، ولم يترتب عليه مفسدة أعظم من فعله، وإلا فلا.
(2)
أي لأن الزيادة على الواحدة، تعريض للمحرم بالميل لإحداهما.
(3)
أي ولن تقدروا أن تسووا {بَيْنَ النِّسَاءِ} في الحب، وميل القلب، بل في جميع الوجوه، وإن وقع القسم الصوري ليلة وليلة، فلا بد من التفاوت في المحبة، والشهوة، والجماع، وغير ذلك {وَلَوْ حَرَصْتُمْ} على العدل، وقال تعالي {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} وقال صلى الله عليه وسلم «من كان له امرأتان، فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وشقه مائل» رواه الخمسة.
(4)
أي ذات دين، من بيت معروف بالدين، والعفاف.
(5)
أي يرغب في نكاح المرأة، ويدعو إليه منها، لأجل أربع خصال، في غالب العادة.
لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها (1) فاظفر بذات الدين تربت يداك» متفق عليه (2)(أَجنبية) لأَن ولدها يكون
أَنجب (3) .
(1) الحسب في الأصل الشرف بالآباء والأقارب، وقيل: هنا الفعل الجميل للرجل وآبائه، ويقال: الكرم والتقوى، فالحسيبة هي النسيبة، طيبة الأصل، ليكون ولدها نجيبا، فإنه ربما أشبه أهلها، ونزع إليهم، وكان يقال: إذا أردت أن تزوج امرأة فانظر إلى أبيها، وأخيها؛ وقيل: لا بنت زنا، ولقيطة، أو من لا يعرف أبوها، والجمال في الذات، والصفات؛ ولا يسأل عن دينها حتى يحمد له جمالها.
وللنسائى وغيره «خير النساء التي تسره إن نظر، وتطيعه إن أمر، ولا تخالفه في نفسها وماله بما يكره» وللبزار «المرأة لعبة زوجها، فإن استطاع أحدكم أن يحسن لعبته فليفعل» فيتخير الجميلة، أغض لبصره، وأمكن لنفسه، وأكمل لمودته، وروى: خير فائدة الرجل بعد إسلامه امرأة جميلة. ولو قيل للشحم: أين تذهب؟ لقال: أقوم الأعوج.
والدين هو غاية البغية، وورد النهي عن نكاح المرأة لغير دينها، وقال «لا تنكحوا النساء لحسنهن، فلعله يرديهن، ولا لمالهن، فلعله يطغيهن، وانكحوهن للدين» فيكون الدين مطمح نظره.
(2)
«تربت يداك» كلمة جارية على ألسنة العرب، على صورة الدعاء، كأنه قال: تلصق بالتراب، ولا يريدون بها الدعاء على المخاطب، بل إيقاظا له لذلك المذكور، ليعتنى به، أي ففز بنكاح ذات الدين، «تربت يداك» حثا له، وتحريضا على الجد والتشمير في طلب المأمور به، ففيه مراعاة الكفاءة، وأن الدين أولى ما اعتبر فيها.
(3)
ذا فطنة وحذق، ولهذا يقال: أغربوا لا تضووا، وقيل: الغراب أنجب وبنات العم أصبر.
ولأَنه لا يأْمن الطلاق، فيفضي مع القرابة إِلي قطيعة الرحم (1) (بكر) (2) لقوله عليه السلام لجابر:«فهلا بكرا تلاعبها وتلاعبك؟» متفق عليه (3) .
(ولود) أي من نساء يعرفن بكثرة الأَولاد (4) لحديث أَنس يرفعه «تزوجوا الودود الولود، فإِني مكاثر بكم الأُمم يوم القيامة» رواه سعيد (5) .
(1) المأمور بصلتها.
(2)
وهي التي لم توطأ.
(3)
أي فهلا تزوجت بكرا، وكان قال له «تزوجت بكرا أم ثيبا؟» قال: تزوجت ثيبا، قال «فهلا بكرا تلاعبها وتلاعبك؟» زاد البخاري «وتضاحكها وتضاحكك؟» ولأبي عبيد «تداعبها وتداعبك» تعليل لتزويج البكر، لما فيه من الألفة التامة، فإن الثيب قد تكون متعلقة القلب بالزوج الأول، فلم تكن محبتها كاملة، بخلاف البكر.
وعن عطاء مرفوعا «عليكم بالأبكار، فإنهن أعذب أفواها، وأنقي أرحاما، وأرضى باليسير» وقال عثمان لابن مسعود: ألا نزوجك بكرا، لعله يرجع إليك من نفسك ما كنت تعهد؟ وذلك أنه ينعش البدن، إلا أن تكون مصلحته في نكاح الثيب، كما وقع لجابر رضي الله عنه.
(4)
إذ الغالب سراية طباع الأقارب بعضهن إلى بعض.
(5)
ورواه النسائى وغيره، وفي غير ما حديث مكاثرته الأمم بأمته، صلوات الله وسلامه عليه، ولأحمد «انكحوا أمهات الأولاد، فإني مباه بكم يوم القيامة» وقيد
بهاتين الصفتين، لأن الولود إذا لم تكن ودودًا، لم يرغب الزوج فيها، والودود
إذا لم تكن ولودا لم يحصل المطلوب، وهو تكثير الأمة، والمكاثرة المفاخرة، ففيه جوازها في الدار الآخرة، ووجه ذلك أن أمته أكثر، فثوابه أكثر، لأن له مثل أجر من تبعه.
وفي هذه الأحاديث وما في معناها: مشروعية النكاح، والترغيب فيه وفي المرأة الصالحة، وقال «حبب إلى من دنياكم النساء والطيب» وقال «الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة» وللحاكم «من رزقه الله امرأة صالحة، فقد أعانه على شطر دينه» .
(بلا أُم) لأَنها ربما أَفسدتها عليه (1) ويسن أَن يتخير الجميلة (2) لأَنه أَغض لبصره (3)(و) يباح (له) أي لمن أَراد خطبة امرأَة (4) .
(1) كما هو الغالب، وربما أصلحتها.
(2)
لما تقدم من الأخبار، ولأنها لعبته، وفي الخبر «إنما النساء لعب، فإذا اتخذ أحدكم لعبة فليستحسنها.
(3)
وأسكن لنفسه، وأكمل لمودته، ولذلك شرع النظر قبل النكاح، ويختار ذات العقل، ويجتنب الحمقاء، لأن النكاح يراد للعشرة، ولا تصلح العشرة مع الحمقاء، ولا يطيب العيش معها، وربما تعدى حمقها إلى ولدها، وقد قيل: اجتنبوا الحمقاء، فإن ولدها ضياع، وصحبتها بلاء، وأصلحهن الجلب، التي لم يعرف أحدا، والأصلح منعها الاجتماع بالنساء، فإنهن يفسدنها عليه، والأولى أن لا يسكن بها عند أهلها.
(4)
نظر ما يظهر غالبا، قال الوزير وغيره: اتفقوا على أن من أراد تزوج امرأة، فله أن ينظر منها إلى ما ليس بعورة، وقيل: يسن. وصوبه في الإنصاف، وظاهر الحديث استحبابه، «وخطبة» بكسر الخاء.
وغلب على ظنه إِجابته (1)(نظر ما يظهر غالبا)(2) كوجه، ورقبة (3) ويد، وقدم (4) لقوله عليه السلام:«إذا خطب أَحدكم امرأَة فقدر أَن يرى منها بعض ما يدعوه إِلى نكاحها فليفعل» رواه أحمد، وأَبو داود (5)(مرارا) أي يكرر النظر (6) .
(1) وإلا لم يجز، كمن ينظر إلى امرأة جليلة يخطبها، مع علمه أنه، لا يجاب إلى ذلك.
(2)
قال الموفق: لا نعلم خلافا بين أهل العلم في إباحة النظر إلى المرأة لمن أراد نكاحها، للخبر.
(3)
أي فله النظر إلى وجه بلا خلاف، وهو مجمع محاسن المرأة، وموضع النظر، ورقبة، ورأس، وهو مذهب أبي حنيفة وغيره.
(4)
أي وله نظر إلى يد، وهو مذهب مالك وغيره، وقدم، وساق، للإذن في النظر، وقال جمع: إلى جميع البدن سوى السوأتين.
(5)
فدل على الإذن في النظر إلى جميع ما يظهر غالبا، لإذنه في النظر إليها من غير علمها، وفي السنن «انظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما» وروى سعيد، أن عمر خطب ابنة علي، فذكر منها صغرا، فقال: أرسل بها إليك تنظر إليها، فكشف عن ساقها، فقالت: أرسل: لولا أنك أمير المؤمنين للطمت عينك. وقال أحمد: لا بأس أن ينظر إليها عند الخطبة حاسرة.
(6)
لأنه صلى الله عليه وسلم صعد النظر وصوبه، ويتأمل المحاسن، لأن المقصود إنما يحصل بذلك.