المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصلفي الاستثناء في الطلاق - حاشية الروض المربع لابن قاسم - جـ ٦

[عبد الرحمن بن قاسم]

فهرس الكتاب

- ‌ تفارق العطية الوصية في أَربعة أَشياء

-

- ‌كتاب الوصايا

- ‌باب الموصي له

- ‌باب الوصية بالأنصباء والأجزاء

- ‌باب الموصي إليه

-

- ‌كتاب الفرائض

- ‌فصل في أحوال الأم

- ‌ لها أربعة أحوال:

- ‌فصل في ميراث الجدة

- ‌فصلفي ميراث البنات، وبنات الابن، والأخوات

- ‌فصل في الحجب

- ‌باب العصبات

- ‌باب التصحيح والمناسخات وقسمة التركات

- ‌باب ذوى الأرحام

- ‌باب ميراث المفقود

- ‌باب ميراث الغرقي

- ‌باب ميراث أهل الملل

- ‌ من موانع الإِرث اختلاف الدين

- ‌باب الإقرار بمشارك في الميراث

- ‌بابميراث القاتل والمبعض والولاء

-

- ‌كتاب العتق

- ‌باب الكتابة

- ‌باب أحكام أمهات الأولاد

-

- ‌كتاب النكاح

- ‌إن لم يتيسر له النظر بعث امرأة ثقة

- ‌ مبنى الولاية على الشفقة والنظر

- ‌باب المحرمات في النكاح

- ‌فصلفي الضرب الثاني من المحرمات

- ‌باب الشروط والعيوب في النكاح

- ‌من أسلم وتحته أكثر من أربع

- ‌فصل في النشوز

- ‌باب الخلع

- ‌لا يسقط الخلع غيره من الحقوق)

-

- ‌كتاب الطلاق

- ‌وكيل كل إنسان يقوم مقامه

- ‌من طلق في قلبه لم يقع

- ‌باب ما يختلف به عدد الطلاق

- ‌فصلفي الاستثناء في الطلاق

- ‌باب تعليق الطلاق بالشروط

- ‌ اعتراض الشرط على الشرط

- ‌فصل في مسائل متفرقة

- ‌باب الشك في الطلاق

- ‌باب الرجعة

الفصل: ‌فصلفي الاستثناء في الطلاق

‌فصل

في الاستثناء في الطلاق

(1)

(ويصح منه) أي من الزوج (استثناء النصف فأقل، من عدد الطلاق و) عدد (المطلقات)(2) فلا يصح استثناء الكل، ولا أكثر من النصف (3) (فإذا قال: أنت طالق طلقتين إلا واحدة؛ وقعت واحدة) (4) لأنه كلام متصل، أبان به أن المستثنى غير مراد بالأول (5) .

(1) الاستثناء لغة الثني، وهو الرجوع، يقال: ثنى رأس البعير؛ إذا عطفه إلى ورائه، فكأن المستثني رجع في قوله، إلى ما قبله، واصطلاحا: إخراج بعض الجملة بلفظ "إلا" وما قام مقامها، من متكلم واحد، وقال الشيخ: وعند أصحابنا إخراج ما لولاه لوجب دخوله معه؛ وهو إخراج لفظ بيان لمعنى، لأن رفع الواقع لا يصح، وهو محال.

(2)

كأنت طالق ثلاثا إلا واحدة، وهن طوالق إلا فلانة. والمذهب أنه يصح استثناء ما دون النصف، ولا يصح فيما زاد عليه.

(3)

وأجاز الجمهور استثناء الأكثر، وقال الموفق: إذا استثنى في الطلاق بلسانه، صح استثناؤه، وهو قول جماعة أهل العلم.

(4)

هذا مذهب الجمهور.

(5)

فهو يمنع أن يدخل فيه ما لولاه لدخل.

ص: 529

قال تعالى حكاية عن إبراهيم {إِنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ * إِلا الَّذِي فَطَرَنِي} يريد به البراءة من غير الله عز وجل (1)(وإن قال) أنت طالق (ثلاثا إلا واحدة؛ فطلقتان) لما سبق (2) وإن قال: إلا طلقتين إلا واحدة؛ فكذلك (3) لأنه استثنى ثنتين إلا واحدة من ثلاث، فيقع ثنتان (4) وإن قال: ثلاثا إلا ثلاثا؛ أو إلا ثنتين؛ وقع الثلاث (5) .

(1) ومقتضاه أنه لم يتبرأ من الله عز وجل، وقال تعالى {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلا خَمْسِينَ عَامًا} وهو عبارة عن: تسعمائة وخمسين عامًا.

(2)

من الدليل، والتعليل، وقال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن الرجل إذا قال لامرأته: أنت طالق ثلاثا إلا واحدة، أنها تطلق طلقتين.

(3)

أي فيقع اثنتان، كما لو قال: أنت طالق ثلاثا إلا واحدة. لأنه استثنى الواحدة مما قبلها، فيبقى واحدة، وهي مستثناة من الثلاث، ولأنه لم يسكت عليها، بل وصلها، بأن استثنى منهما طلقة، فصارتا عبارة عن واحدة.

(4)

وقال الموفق وغيره: لا يصح الاستثناء من الاستثناء في الطلاق إلا في هذه المسألة، فإنه يصح إذا أجزنا النصف، وإن قلنا: لا يصح؛ وقع الثلاث.

(5)

لأن استثناء أكثر من النصف لا يصح، وقيل: يرجع الاستثناء إلى ما تلفظ به، فإذا قال: أنت طالق أربعا إلا اثنتين؛ يقع اثنتان، لصحة استثناء النصف، والمشهور أن الاستثناء يرجع إلى ما يملك، لا إلى ما تلفظ به.

ص: 530

(وإن استثنى بقلبه من عدد المطلقات) بأن قال: نساؤه طوالق؛ ونوى إلا فلانة (صح) الاستثناء (1) فلا تطلق، لأن قوله: نسائي طوالق؛ عام، يجوز التعبير به عن بعض ما وضع له (2) لأن استعمال اللفظ العام في المخصوص، سائغ في الكلام (3) (دون عدد الطلقات) (4) فإذا قال: هي طالق ثلاثا ونوى إلا واحدة؛ وقعت الثلاث، لأن العدد نص فيما يتناوله فلا يرتفع بالنية (5) لأن اللفظ أقوى من النية (6) وكذا لو قال: نسائي الأربع طوالق؛ واستثنى واحدة بقلبه، فتطلق الأربع (7) .

(1) فيشترط أن تكون النية مقارنة للفظ، وهو أن يقول: نسائي طوالق. يقصد بهذا اللفظ بعضهن.

(2)

وأكثر نصوص القرآن، والسنة العامة أريد بها الخصوص.

(3)

والمذهب ما لم يستثن من سألته طلاقها، فيدين، ولا يقبل حكما، لأن طلاقه جواب سؤالها لنفسها، فدعواه صرفه عنها خلاف الظاهر.

(4)

فإذا استثنى بقلبه واحدة أو أكثر، لم يصح، جزم به الموفق وغيره.

(5)

أي لأن العدد نص فيما يتناوله، لا يحتمل غيره، فلا يرتفع بالنية ما ثبت بنص اللفظ، لأن النية أضعف منه.

(6)

واسم عدد الثلاث لا يجوز التعبير به عن عدد غيرها، ولا يحتمل سواها، والنية إنما تعمل في صرف اللفظ المحتمل.

(7)

على الصحيح من المذهب، وقطع به الأكثر، وإن لم يقل: الأربع؛

لم تطلق المستثناة، والفرق في ذلك أن قوله "نسائي" من غير ذكر عدد، اسم عام، يجوز التعبير به عن بعض ما وضع له، وقد يستعمل العموم، ويراد به الخصوص كثيرًا.

ص: 531

(وإن قال) لزوجاته (أربعكن إلا فلانة طوالق؛ صح الاستثناء)(1) فلا تطلق المستثناة لخروجها منهن بالاستثناء (2)(ولا يصح استثناء لم يتصل عادة)(3) لأن غير المتصل يقتضي رفع ما وقع بالأول، والطلاق إذا وقع لا يمكن رفعه، بخلاف المتصل، فإن الاتصال يجعل اللفظ جملة واحدة، فلا يقع الطلاق قبل تمامها (4) ويكفي اتصاله لفظا (5) أو حكما، كانقطاعه بتنفس، أو سعال ونحوه (6)(فلو انفصل) الاستثناء (وأمكن الكلام دونه، بطل) الاستثناء، لما تقدم (7) .

(1) وإن قالت إحداهن: طلق نساءك. فقال: نسائي طوالق؛ طلقت بغير خلاف، إلا ما حكي عن مالك، ما لم يستثنها.

(2)

لأن خصوص السبب، يقدم على عموم اللفظ.

(3)

فشرط فيه اتصال معتاد، لفظًا أو حكمًا، عند الجمهور، ويأتي.

(4)

يعني الجملة الواحدة، فإذا وصلت بالاستثناء، صح الاستثناء.

(5)

بأن يأتي به متتابعًا.

(6)

كعطاس، بخلاف انقطاعه بكلام معترض، أو سكوت طويل، لا يسير، أو طول كلام متصل.

(7)

من التعليل قريبا.

ص: 532

(وشرطه) أي شرط صحة الاستثناء (النية) أي نية الاستثناء (قبل كمال، ما استثنى منه)(1) فإن قال: أنت طالق ثلاثا؛ غير ناوٍ للاستثناء، ثم عرض له الاستثناء (2) فقال: إلا واحدة؛ لم ينفعه الاستثناء، ووقعت الثلاث (3) وكذا شرط متأخر ونحوه (4) لأنها صوارف اللفظ عن مقتضاه، فوجب مقارنتها لفظا ونية (5) .

(1) هذا المذهب، قطع به جمع.

(2)

أي بعد كمال ما استثني منه.

(3)

إلا إن نواه قبل تمام قوله: أنت طالق ثلاثا.

(4)

أي وكالنية قبل كمال ما استثني منه شرط متأخر، كأنت طالق إن قمت ونحوه كتخصيص، ووصف، وإبدال، ونحو ذلك، كعطف مغاير، نحو: أنت طالق أو لا.

(5)

فاعتبروا للاستثناء ونحوه الاتصال، جزم به في المحرر، والنية قبل تكملة ما ألحق به، وقيل: وبعده؛ قطع به الموفق، واختاره ابن القيم، وشيخ الإسلام وقال: عليه كلام أحمد، وعليه متقدمو أصحابه؛ وقال: للعلماء في الاستثناء النافع قولان، "أحدهما": لا ينفع حتى ينويه قبل فراغ المستثنى منه؛ وهو قول الشافعي، والقاضي، ومن تبعه، و"الثاني" ينفعه وإن لم يرده إلا بعد الفراغ، حتى لو قال له بعض الحاضرين: قل إن شاء الله؛ فقال: إن شاء الله؛ نفعه ذلك، وهو مذهب أحمد، الذي يدل عليه كلامه، وعليه متقدمو أصحابه، وهو مذهب مالك، وهو الصواب.

وقال: لا يضر فصل يسير بالنية، ولا الاستثناء، واستدل بالأخبار الواردة في الأيمان، وفي القرآن جمل قد فصل بين أبعاضها بكلام آخر، كقوله {وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا} إلى قوله {هُدَى اللهِ} وقال: تصح نية الاستثناء بعد كمال ما استثني منه بيسير، لقصة سليمان، وقول الملك: قل إن شاء الله؛ فلو قالها كان كما قال.

قال: والفصل بين المستثنى والمستثنى منه بكلام الغير، والسكوت، لا يكون فصلا مانعا من صحة الاستثناء. اهـ. ومن شك في الاستثناء، ومن عادته الاستثناء، فهو كما لو علم أنه استثنى.

ص: 533

.......................................................................

ص: 534

باب حكم إيقاع الطلاق

(في) الزمن (الماضي و) وقوعه في الزمن (المستقبل)(1)

(إذا قال) لزوجته (أنت طالق أمس (2) أو) قال: أنت طالق (قبل أن أنكحك؛ ولم ينو وقوعه في الحال، لم يقع) الطلاق، لأنه رفع للاستباحة، ولا يمكن رفعها في الماضي (3) وإن أراد وقوعه الآن، وقع في الحال، لأنه مقر على نفسه بما هو أغلظ في حقه (4) .

(1) ووقوعه في الحال كأنت طالق اليوم؛ أو في هذا الشهر. وحكم المستحيل، وغير ذلك.

(2)

ولم ينو وقوعه في الحال لم يقع، فروي عن أحمد فيمن قال لزوجته: أنت طالق أمس؛ وإنما تزوجها اليوم؛ ليس بشيء. ولأن أمس لا يمكن وقوع الطلاق فيه.

(3)

فلم يقع، كما لو قال: أنت طالق قبل قدوم زيد بيومين، فقدم ليوم، قال الموفق: فإن أصحابنا لم يختلفوا في أن الطلاق لا يقع، وهو قول أصحاب الشافعي. قال ابن القيم: إذا قال: أنت طالق في الشهر الماضي، أو قبل أن أنكحك؛ فإن كلا الوقتين ليس بقابل للطلاق، لأنها في أحدهما لم تكن محلا، وفي الثاني لم تكن فيه طالقا قطعا، فإن قوله: أنت طالق في وقت قد مضى؛ ولم تكن فيه طالقا، إخبار كاذب، أو إنشاء باطل.

(4)

جزم به الموفق وغيره.

ص: 535

(وإن أراد) أنها طالق (بطلاق سبق منه، أو) بطلاق سبق (من زيد، وأمكن) بأن كان صدر منه طلاق قبل ذلك (1) أو كان طلاقها صدر من زيد قبل ذلك (قبل) منه ذلك (2) لأن لفظه يحتمل، فلا يقع عليه بذلك طلاق (3) ما لم تكن قرينة، كغضب، أو سؤال طلاق (4) (فإن مات) من قال: أنت طالق أمس؛ أو قبل أن أنكحك؛ (أو جن، أو خرس قبل بيان مراده لم تطلق) عملا بالمتبادر من اللفظ (5)(وإن قال) لزوجته: أنت (طالق ثلاثا، قبل قدوم زيد بشهر) لم تسقط نفقتها بالتعليق (6) .

(1) لأن لفظه محتمل له.

(2)

أي احتمل صدقه، يعني وجوده منه، أو من الزوج الذي قبله، وقيل: محل هذا إذا وجد.

(3)

أي لأن لفظه: طالق أمس؛ أو: قبل أن أنكحك؛ يحتمل أنه سبق منه، أو من زيد، فلا يقع عليه، فهذا راجع إلى قوله: وإن أراد أنها طالق

إلخ.

(4)

فلا يقبل منه ذلك، لأنه خلاف الظاهر، و"قرينة" راجع لقوله: وإن أراد أنها طالق

إلخ؛ فإن كان ثم قرينة، لم يقبل قولا واحدًا.

(5)

ولأن العصمة ثابتة بيقين، فلا تزول مع الشك، فيما أراده، و"خرس" بكسر الراء أي ذهب نطقه.

(6)

بل تستمر إلى أن يتبين وقوع الطلاق، لأنها محبوسة لأجله.

ص: 536

ولم يجز وطؤها، من حين عقد الصفة إلى موته (1) لأن كل شهر يأْتي يحتمل أن يكون شهر وقوع الطلاق (2) جزم به بعض الأصحاب (3)(فـ) ـإن (قدم) زيد (قبل مضيه) أي مضي شهر، أو معه (لم تطلق) (4) كقوله: أنت طالق أمس (5)(و) إن قدم (بعد شهر وجزء تطلق فيه) أي يتسع لوقوع الطلاق فيه (يقع) أي تبينا وقوعه، لوجود الصفة (6) فإن كان وطئ فيه فهو محرم، ولها المهر (7) .

(1) أي من حين التلفظ بالطلاق، إلى موت المطلق إن كان يبينها.

(2)

فوجب اعتزالها.

(3)

وقال الشيخ: تأملت نصوص أحمد، فوجدته يأمر باعتزال الرجل زوجته، في كل يمين حلف الرجل عليها بالطلاق، وهو لا يدري أبار هو أو حانث؟ حتى يستيقن أنه بار، فإذا لم يعلم أنه بار، اعتزلها أبدا، وإن علم أنه بار في وقت، وشك في وقت، اعتزلها وقت الشك، ثم ذكر فروعا من ذلك.

(4)

لأنه تعليق للطلاق على صفة ممكنة الوجود، فوجب اعتبارها، ولا بد من مضي جزء يقع فيه الطلاق، بعد مضي شهر.

(5)

وتقدم ما روي عن أحمد أنه قال: ليس بشيء.

(6)

أي تبينا وقوع الطلاق في ذلك الجزء، عقب التعليق، قال في الإنصاف: بلا نزاع، لوجود شرطه.

(7)

إن كان الطلاق بائنًا، لأنها كالأجنبية، وإن كان رجعيا فلا تحريم، ولا مهر، وحصلت به رجعتها، وفي القواعد وغيرها: يحرم عليه وطؤها من

حين عقد هذه الصفة، إلى حين موته، فإن كل شهر يأتي، يحتمل أن يكون شهر وقوع الطلاق فيه.

ص: 537

(فإن خالعها بعد اليمين بيوم) مثلا (1)(وقدم) زيد (بعد شهر ويومين) مثلا (صح الخلع)(2) لأنها كانت زوجة حينه (3)(وبطل الطلاق) المعلق (4) لأنها وقت وقوعه بائن، فلا يلحقها (5)(وعكسهما)(6) أي يقع الطلاق، ويبطل الخلع (7) وترجع بعوضه، إذا قدم زيد في المثال المذكور (8)(بعد شهر وساعة) من التعليق، إذا كان الطلاق بائنا (9) .

(1) ولم يكن الخلع حيلة، لإسقاط يمين الطلاق.

(2)

إن لم يكن حيلة.

(3)

أي: الخلع.

(4)

قال في الإنصاف: هذا صحيح، لا خلاف فيه.

(5)

أي الطلاق، احترازًا من الرجعي، فإنه يصح قبل وقوع الطلاق وبعده، ما لم تنقض عدته.

(6)

أي عكس وقوع الخلع، وبطلان الطلاق.

(7)

أي يقع الطلاق البائن، وإن كان المعلق رجعيًا، صح الخلع قبل وقوع الطلاق وبعده، لأن الرجعية زوجة، يصح خلعها ما لم تنقض عدتها.

(8)

لأنا تبينا أنها كانت حينه بائنا بالطلاق.

(9)

احترازًا من الطلاق الرجعي، قال في الإنصاف: بلا خلاف.

ص: 538

لأن الخلع لم يصادف عصمة (1)(وإن قال) لزوجته: هي (طالق قبل موتي) أو موتك، أو موت زيد (طلقت في الحال) لأن ما قبل موته من حين عقد الصفة (2) وإن قال: قبيل موتي؛ مصغرًا (3) وقع في الجزء الذي يليه الموت (4) لأن التصغير دل على التقريب (5)(وعكسه) إذا قال: أنت طالق (معه) أي مع موتي (أو بعده) فلا يقع، لأن البينونة حصلت بالموت، فلم يبق نكاح يزيله الطلاق (6) وإن قال: يوم موتي؛ طلقت أوله (7) .

(1) فبطل، وجزم به الموفق وغيره.

(2)

ولا مقتضى للتأخير، أو قال: أنت طالق قبل قدومه، أو قبل دخولك الدار؛ طلقت في الحال، قولا واحدا.

(3)

أو قبيل قدوم زيد، أو قبيل دخولك الدار؛ لم يقع في الحال.

(4)

أو القدوم، أو الدخول.

(5)

واقتضى أن الذي يبقى جزء يسير.

(6)

بلا خلاف عند الأصحاب، لأن الموت سبب الحكم بالبينونة، فلا يجامعه، وقوع الطلاق، كما أنه لا يجامع البينونة.

(7)

أي أول يوم يموت فيه، لأن كل جزء من ذلك اليوم يصلح لوقوع الطلاق فيه، ولا مقتضى لتأخيره عن أوله، وقياس ما تقدم عن شيخ الإسلام: أنه يحرم وطؤها في كل يوم، من حين التعليق، لأن كل يوم يحتمل أن يكون يوم الموت.

ص: 539

فصل (1)

(و) إن قال (أنت طالق إن طرت، أو صعدت السماء (2) أو قلبت الحجر ذهبا؛ ونحوه من المستحيل) لذاته (3) . أو عادة، كإن رددت أمس؛ أو جمعت بين الضدين (4) أو شاء الميت؛ أو البهيمة (لم تطلق)(5) .

(1) في استعمال الطلاق استعمال القسم، في غير المستحيل، والطلاق في زمن مستقبل، وغير ذلك.

(2)

أو لا طرت، أو لا صعدت السماء؛ لم تطلق، ومراده التشبيه على تعليق الطلاق، على عدم فعل المستحيل، كأنت طالق إن تصعدي إلى السماء، ونحوه.

(3)

كأنت طالق لا صعدت السماء، أو لا قلبت الحجر ذهبا، وعبر بعضهم أنه مستحيل عادة، وهو ما لا يتصور في العادة وجوده، وإن وجد خارقا للعادة، قال ابن القيم: إذا علق الطلاق بأمر يعلم العقل استحالته، لم يقع

إلى آخره ويأتي.

(4)

أو حملت الجبل ونحوه، لم تطلق، وعبر بعضهم أنه ونحوه مستحيل لذاته، وهو ما لا يتصور في العقل وجوده، وقال الشيخ، لو قال: لا نزلت، ولا صعدت، ولا قمت في الماء، ولا خرجت؛ يحنث بكل حال، لمنعه لها من الأكل ومن تركه، فكأن الطلاق معلق بوجود الشيء وبعدمه، فوجود بعضه وعدم البعض، لا يخرج عن الصفتين، بخلاف ما إذا علقه بمحال الوجود فقط، أو العدم فقط.

(5)

أو لا شاء الميت، أو لا شاءت البهيمة؛ لم تطلق.

ص: 540

لأنه علق الطلاق بصفة لم توجد (1)(وتطلق في عكسه فورا)(2) لأنه علق الطلاق على عدم فعل المستحيل، وعدمه معلوم (3)(وهو) أي عكس ما تقدم تعليق الطلاق على (النفي في المستحيل، مثل) : أنت طالق (لأقتلن الميت (4) أو لأَصعدن السماء (5) ونحوهما) كلأشربن ماء الكوز؛ ولا ماء به (6) .

(1) ولأن ما يقصد بتقييده يعلق على المحال، قال تعالى {وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} وقال الشاعر:

إذا شاب الغراب أتيت أهلي

وصار القار كاللبن الحليب

أي لا آتيهم أبدًا؛ وقال ابن القيم: إذا علق الطلاق بأمر يعلم العقل استحالته، كقوله: إن كنت تحبين أن يعذبك الله بالنار فأنت طالق؛ فقال محمد بن الحسين: لا يقع، وهو الصواب، واختاره ابن عقيل وغيره، فإن المستحيل عادة، كالمستحيل في نفسه، كما لو قال: إن كنت تعتقدين أن الجمل يدخل في خرق الإبرة فأنت طالق؛ فقالت: أعتقده؛ لم تطلق، وهذا في غاية القوة والصحة.

(2)

أي عكس المستحيل عادة، أو لذاته، ويستعمل طلاق ونحوه، استعمال القسم بالله تعالى.

(3)

في الحال، فوقع الطلاق، ولأن الحالف على فعل الممتنع كاذب حانث، لتحقق عدم الممتنع، فوجب أن يتحقق الحنث.

(4)

أي إن لم أقتل الميت، أو لا قتلت الميت.

(5)

أي إن لم أصعد السماء، أو لا صعدت السماء.

(6)

أو إن لم أشربه.

ص: 541

أو لا طلعت الشمس (1) أو لأطيرن، فيقع الطلاق في الحال، لما تقدم (2) وعتق، وظهار، ويمين بالله، كطلاق في ذلك (3)(وأنت طالق اليوم إذا جاء غد) كلام (لغو)(4) لا يقع به شيء، لعدم تحقق شرطه، لأن الغد لا يأتي في اليوم، بل بعد ذهابه (5) وإن قال: أنت طالق ثلاثا، على سائر المذاهب؛ وقعت الثلاث (6) .

(1) أو لا غاب القمر.

(2)

من أنه علق الطلاق على عدم فعل المستحيل، وعدمه معلوم.

(3)

أي فيما سبق تفصيله، فإذا علق العتق، أو الظهار، أو اليمين بالله على مستحيل عادة، أو لذاته، لم يقع، ويقع بالعكس.

(4)

مطرح.

(5)

وذهاب محل الطلاق، قال الشيخ: يقع على ما رأيته، لأنه ما جعل هذا شرطا يتعلق وقوع الطلاق به، فهو كما لو قال: أنت طالق قبل موتي بشهر؛ فإنه لم يجعل موته شرطا، يقع به الطلاق عليها، قبل شهر، وإنما رتبه، فوقع على ما رتب ومن علق الطلاق على شرط، أو التزمه، لا يقصد بذلك إلا الحظ، أو المنع، فإنه يجزئه فيه كفارة يمين إن حنث، وإن أراد الجزاء بتعليقه طلقت، كره الشرط أو لا، وكذا الحلف بعتق، وظهار، وتحريم، وعليه يدل كلام أحمد في نذر اللجاج، والغضب.

(6)

وإن قال: أنت طالق ثلاثا، على مذهب السنة، والشيعة، واليهود، والنصارى. طلقت ثلاثا.

ص: 542

وإن لم يقل: ثلاثا؛ فواحدة (1)(وإذا قال) لزوجته: (أنت طالق في هذا الشهر؛ أو) هذا (اليوم؛ طلقت في الحال)(2) لأنه جعل الشهر أو اليوم ظرفا له (3) فإذا وجد ما يتسع له وقع، لوجود ظرفه (4) (وإن قال) : أنت طالق (في غد؛ أو) يوم (السبت، أو) في (رمضان؛ طلقت في أَوله)(5) وهو طلوع الفجر من الغد، أو يوم السبت، وغروب الشمس من آخر شعبان، لما تقدم (6) (وإن قال: أردت) أن الطلاق إنما يقع (آخر الكل) أي آخر هذه الأوقات التي ذكرت (7)

(1) في كلتا المسألتين، لعدم ما يقتضي التكرار، إن لم ينو أكثر.

(2)

أو قال: أنت طالق في هذا الحول، ونحو ذلك، طلقت في الحال.

(3)

ولأن "أو" لأحد الشيئين، ولا مقتضى لتأخيره.

(4)

كما لو قال: إذا دخلت الدار فأنت طالق؛ فإذا دخلت أول جزء منها طلقت.

(5)

وهو قول أبي حنيفة وغيره.

(6)

أي من التعليل واختاره الأكثر، وله وطء معلق طلاقها، قبل وقوع طلاق، لبقاء النكاح.

(7)

وهو قوله: أنت طالق في هذا الشهر؛ أو اليوم؛ أو في غد، أو يوم السبت، أو في رمضان.

ص: 543

(دين وقبل) ذلك منه حكما (1) لأن آخر هذه الأوقات، ووسطها منها (2) فإرادته لذلك، لا تخالف ظاهر لفظه (3) بخلاف: أنت طالق غدا؛ أو يوم كذا؛ فلا يدين، ولا يقبل منه أنه أراد آخرهما (4) (و) إن قال:(أنت طالق إلى شهر) مثلا (5)(طلقت عند انقضائه)(6) .

(1) صححه الموفق.

(2)

كأولها، وليس أولها أولى في ذلك من غيره.

(3)

إذا لم يأت بما يدل على استغراق الزمن للطلاق، لصدق قول القائل: صمت في رجب؛ حيث لم يستوعبه.

(4)

أو وسطها ونحوه، لأنه مخالف مقتضى اللفظ، إذا مقتضاه الوقوع في كل جزء منه، ليعم جملته، وفي الإنصاف: إذ قال: أنت طالق غدا؛ أو السبت طلقت بأول ذلك، بلا نزاع. اهـ. والفرق أنه إذا قال: في غد؛ جعل الغد طرفا لوقوع الطلاق، لا أنه يقع في جميعه، بل في جزء منه، فهو كقوله: علي أن أصوم في رجب، فإنه يجزئه يوم منه، بخلاف قوله: غدا؛ فإنه يستغرق جميع الغد، ليعم جملته، ولا يعم جملته إلا أن يقع في أول جزء منه، لسبقه، وأما قوله: في شهر كذا، أو يوم كذا؛ إذا قال: أردت آخره؛ فيفرق بين ما إذا أتى بالفاء، وعدمها.

(5)

أو إلى حول.

(6)

يعني الشهر، أو الحول ونحوه، وعليه الأكثر.

ص: 544

روي عن ابن عباس، وأبي ذر (1) فيكون توقيتا لإيقاعه (2) ويرجع ذلك أنه جعل للطلاق غاية، ولا غاية، لآخره، وإنما الغاية لأوله (3)(إلا أن ينوي) وقوعه (في الحال، فيقع) في الحال (4)(و) إن قال أنت (طالق إلى سنة؛ تطلق بـ) انقضاء (اثني عشر شهرا)(5) لقوله تعالى {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} (6) أي شهور السنة (7) وتعتبر بالأهلة (8) ويكمل ما حلف في أثنائه بالعدد (9) .

(1) رضي الله عنهم، وهو قول الشافعي وغيره.

(2)

كقوله: أنا خارج إلى سنة؛ أي بعد سنة.

(3)

ولأنه عمل باليقين، والطلاق لا يقع بالشك.

(4)

لأنه يقر على نفسه بما هو أغلظ، ولفظه يحتمله، وهو المذهب، وعليه الأصحاب.

(5)

بالأهلة، تامة كانت، أو ناقصة.

(6)

{فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ} ووجه الدلالة منه، ما يأتي من قوله.

(7)

أي هي المعتبرة في عدد أشهر السنة.

(8)

أي من حلفه، إلى كمال اثني عشر شهرا، لقوله تعالى {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} .

(9)

ثلاثين يوما، حيث كان الحلف في أثناء شهر، فإذا مضى أحد عشر

شهرا بالأهلة، أضاف إلى ما مضى من الشهر الأول، قبل حلفه، تتمة ثلاثين يومًا، وإنما اعتبرت الأهلة حيث أمكن اعتبارها، لأنها المواقيت التي جعلت للناس بالنص، فإن أراد "بسنة" إذا انسلخ ذو الحجة، قبل، لأنه مقر على نفسه بما هو الأغلظ.

ص: 545

(فإن عرفها) أي السنة (باللام) كقوله: أنت طالق إذا مضت السنة (طلقت بانسلاخ ذي الحجة)(1) لأن "أَلْ" للعهد الحضوري (2) وكذا: إذا مضى شهر فأَنت طالق؛ تطلق بمضي ثلاثين يوما (3) وإذا مضى الشهر؛ فبانسلاخه (4) وأنت طالق في أول الشهر؛ تطلق بدخوله (5) وفي آخره؛ تطلق في آخر جزء منه (6) .

(1) من السنة المعلق فيها.

(2)

والسنة المعروفة آخرها ذو الحجة، وإن قال: أردت بالسنة اثني عشر شهرا؛ دين وقبل، لأن السنة اثنا عشر شهرا حقيقة.

(3)

كما مر.

(4)

أي تطلق لما سبق.

(5)

أي بدخول الشهر المعلق الطلاق في أوله.

(6)

قدمه في الفروع، وصوبه في الإنصاف، وقيل: بفجر آخر يوم منه؛ اختاره الأكثر، وجزم به في الهداية، وقدمه في المحرر، وصححه في الشرح، وقال في الفروع: تطلق بفجر أول يوم منه في الأصح؛ قال في الإنصاف: هذا المذهب. وقيل: في آخر أول يوم منه؛ قال الموفق، والشارح: هذا أصح فالله أعلم.

ص: 546