الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأَن
مبنى الولاية على الشفقة والنظر
، وذلك معتبر بمظنته وهو القرابة (1)(ثم المولي المنعم) بالعتق (2) لأَنه يرثها، ويعقل عنها (3) .
(ثم أقرب عصبته نسبا) على ترتيب الميراث (4)(ثم) إِن عدموا فعصبة (ولاء) على ما تقدم (5)(ثم السلطان)(6) .
(1) فأقربهم أشفقهم، وفي الفروع: من شروك الولي الإشفاق عليها، ومن لم يعلم أنه نسيب، فهو غير مقدور على استئذانه، فيسقط بعدم العلم، كما يسقط بالبعد.
(2)
أي ثم يلي نكاح حرة - عند عدم عصبتها من النسب - المولي المنعم بالعتق.
(3)
أي عند عدم عصباتها، فكان له تزويجها، قال الموفق: بغير خلاف نعلمه.
(4)
أي فإن عدم المولي أو لم يكن من أهل الولاية فعصباته، الأقرب منهم فالأقرب، على ترتيب الميراث قولاً واحدًا.
(5)
أي في الميراث، يليه في الولاية مولي المولي، ثم عصباته من بعده، كالميراث سواء، فإن اجتمع ابن المعتق وأبوه فالابن أولي، لأنه أحق بالميراث، وأقوى في التعصيب.
(6)
لقوله صلى الله عليه وسلم «السلطان ولي من لا ولي له» رواه أبو داود
وغيره، وقال الموفق: لا نعلم خلافا بين أهل العلم في أن للسلطان ولاية تزويج المرأة، عند عدم أوليائها أو عضلهم، ولأن له ولاية عامة، فكانت له الولاية في النكاح كالأب.
وهو الإِمام أَو نائبه (1) قال أَحمد: والقاضى أَحب إِلي من الأَمير في هذا (2) فإِن عدم الكل زوجها ذو سلطان في مكانها (3) . فإِن تعذر وكَّلت (4) وولي أَمة سيدها ولو فاسقا (5) .
(1) وفي المغني والإنصاف: هو الإمام أو الحاكم، أو من فوضا إليه ذلك، وعنه: عند عدم القاضي، قال الشيخ: لأنه موضع ضرورة، وكذا قاضي البغاة وسلطانهم.
(2)
وقال في موضع - إذا لم يكن لها ولي فالسلطان - المسلط على الشيء: القاضى يقضى في الفروج والحدود، وقال: ما للوالي ولاية إنما هو القاضى، وتأول بعضهم أن الوالي أذن له في التزويج، ويحتمل أنه إذا لم يكن في موضع ولايته قاض.
(3)
ككبير قرية أو وليها، أو أمير قافلة ونحوه؛ واختاره الشيخ وغيره، وقال: إذا ادعت خلوها من الموانع، وأنها لا ولي لها زوجت، ولو لم يثبت ذلك ببينة. وقال: تزويج الأيامى فرض كفاية إجماعا، فإن أباه حاكم إلا بظلم، كطلبه جعلا لا يستحقه، صار وجوده كعدمه، وفي الاختيارات: وإذا تعذر من له ولاية النكاح انتقلت الولاية إلى أصلح من يوجد، ممن له نوع ولاية في النكاح، كرئيس القرية وهو المراد بالدهقان، وأمير القافلة ونحوه.
(4)
أي في ذلك المكان من يزوجها، فعن أحمد ما يدل على أنه يزوجها رجل عدل بإذنها.
(5)
أي وولي أمة في إنكاحها سيدها بلا خلاف، إذا كان من أهل ولايته،
لقوله: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ} ولأنه مالكها ولو كان فاسقًا، فله التصرف في ماله، أو مكاتبا إن أذن له سيده في تزويج إمائه، وإن كانت امرأة فوليها ولي سيدتها كما تقدم.
ولا ولاية لأَخ من أُم، ولا خال، ونحوه من ذوي الأَرحام (1)(فإِن عضل) الولي (الأَقرب)(2) بأَن منعها كفؤا رضيته ورغب بما صح مهرا (3) ويفسق به إِن تكرر (4)(أَو لم يكن) الأَقرب (أَهلا) لكونه طفلا (5) أَو كافرا، أَو فاسقا، أَو عبدا (6) .
(1) كعم الأم وأبيها ونحوهم، وهو مذهب الشافعي، لقول علي: إذا بلغ النساء نص الحقائق، أي أدركن، فالعصبة أولي، ولا تزول ولاية بالإغماء، ولا بالعمى، ولا بالسفه، وإن جن أحيانا أو أغمى عليه أو أحرم انتظر زوال ذلك، ولا ينعزل الولي بطريان ذلك.
(2)
زوج الأبعد، قال الوزير وغيره: اتفقوا على أنه ليس للولي أن يعضل وليته، إذا دعت إلى كفء، وبصداق مثلها.
(3)
أي ورغب كل منهما في صاحبه، بما صح مهرا، ولو بدون مهر مثلها.
(4)
أي العضل، بأن خطبها كفو وآخر، وآخر، فمنع، صار ذلك كبيرة يمنع الولاية لأجل الإضرار والفسق، ذكره الشيخ وغيره؛ وقال: من صور العضل المسقط لولايته، إذا امتنع الخطاب لشدة الولي.
(5)
يعنى من لم يبلغ، لأن لفظه صغير، لم يميز، فأطلقه على مطلق الصغير.
(6)
ولو مبعضا، لأن الولاية لا تثبت لطفل، ولا عبد، ولا كافر على مسلمة، فعند ذلك يكون وجودهم كعدمهم.
(أَو غاب) الأَقرب (غيبة منقطعة، لا تقطع إلا بكلفة ومشقة)(1) فوق مسافة القصر (2) أَو جهل مكانه (3)(زوج) الحرة الولي (الأَبعد)(4) لأَن الأَقرب هنا كالمعدوم (5)(وإِن زوج الأَبعد (6) .
(1) وقال الخرقي: ما لا يصل إليه الكتاب، أو يصل فلا يجيب عنه؛ وقال القاضي: ما لا تقطعه القافلة في السنة إلا مرة؛ وقال الموفق - بعد سياقها - وقول أحمد: إلا أن تكون غيبة منقطعة، لا تقطع إلا بكلفة ومشقة؛ هذا القول إن شاء الله أقربها إلى الصواب، فإن التحديدات بابها التوقيف، ولا توقيف في هذه المسألة فترد على ما يتعارفه الناس بينهم، مما لم تجر العادة بالانتظار فيه، ويلحق المرأة الضرر بمنعها من التزويج في مثله، وقيل: ما تستضر به، اختاره ابن عقيل، وصوبه في الإنصاف.
(2)
لا إن كان دون مسافة القصر، ولو وجدت المشقة والكلفة.
(3)
أي مكان الولي الأقرب، أو تعذرت مراجعته بحبس أو أسر، أو خوف عدو، ونحوها.
(4)
ممن يلي الأقرب من الأولياء دون السلطان، وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك، لقوله «السلطان ولي من لا ولي لها» وهذه لها ولي، وإنما تعذر لعدم حصول الولي الأقرب، فثبتت الولاية لمن يليه.
(5)
فكان التزويج للأبعد الذي يلي الأقرب كالأصل، ما لم تكن أمة غاب سيدها، فيزوجها الحاكم، لأن له نظرا في مال الغائب.
(6)
أي من غير عذر للأقرب، لم يصح النكاح، ولو أجازه الأقرب، لأنه لا ولاية له معه.
أَو) زوج (أَجنبي)(1) ولو حاكما (من غير عذر) للأَقرب (لم يصح) النكاح (2) لعدم الولاية من العاقد عليها مع وجود مستحقها (3) فلو كان الأقرب لا يعلم أَنه عصبة (4) أَو أَنه صار أَو عاد أَهلا بعد مناف (5) صح النكاح استصحابًا للأَصل (6) ووكيل كل ولي يقوم مقامه، غائبا أَو حاضرا (7) بشرط إِذنها للوكيل بعد توكيله (8) .
(1) لم يصح النكاح، لما تقدم.
(2)
ولو أجازه الولي، لفقد شرط النكاح.
(3)
فلا تثبت له ولاية كالميراث.
(4)
أي فلو كان الأقرب عند تزويج الأبعد أو الحاكم، لا يعلم أنه عصبة، ثم عرف بعد العقد، لم يعد، قاله الشيخ وغيره.
(5)
أي أو أنه صار أهلا، بأن بلغ أقرب، أو عاد أهلا بعد مناف من فسق، أو جنون، أو غيره.
(6)
ومثله إرث ونحوه. ويلي كتأبي نكاح موليته الكتابية، حتى من مسلم، ويباشره، ويشترط فيه شروط المسلم.
(7)
ممن تقدم، مجبرا كان أو غيره، لأنه عقد معاوضة، فجاز التوكيل فيه كالبيع، وقياسا على توكيل الزوج، لأنه صلى الله عليه وسلم، وكل أبا رافع في تزويج ميمونة، وعمرو بن أمية في تزويجه أم حبيبة، وله أن يوكل قبل إذنها أو بدونه، ويثبت لوكيل ماله من إجبار وغيره.
(8)
فلا يكفي إذنها لوليها بتزويج، أو توكيل فيه بلا مراجعة وكيلها، وإذنها له فيه بعد توكيله، فلو وكل وليـ ثم أذنت لوكيل صح، ولو لم تأذن للولي.
إِن لم تكن مجبرة (1) ويشترط في وكيل ولي ما يشترط فيه (2) ويقول الولي أَو وكيله لوكيل الزوج: زوجت موكلك فلانا فلانة (3) ويقول وكيل الزوج: قبلته لفلان، أَو لموكلي فلان (4) وإِن استوى وليان فأَكثر (5) .
(1) فإن كانت مجبرة لم يشترط إذنها، على ما تقدم.
(2)
أي في الولي من ذكورة، وبلوغ، وعقل، وعدالة، ورشد، وغيرها، لأنها ولاية، فلا يصح أن يباشرها غير أهلها، ويصح توكيله مطلقا: كزوج من شئت، ولا يملك أن يزوجها من نفسه، كالوصي. ومقيدا: كزوج فلانا بعينه؛ ومن ولايته بالشرع كالحاكم والولي فله، قاله في الإنصاف وغيره: ويصح توكيل فاسق ونحوه في قبول لموكله، اختاره أبو الخطاب وغيره، وصححه ابن نصر الله.
(3)
أي ويشترط أن يقول الولي أو وكيله لوكيل الزوج: زوجت موكلك فلان بن فلان - ويصفه بما يتميز به - فلانة بنت فلان. ونحوه من التعريف بما تتميز به، ولا يقول: زوجتكها. ونحوه.
(4)
أي ويشترط قول وكيل الزوج: قبلت هذا النكاح لفلان بن فلان -وينسبه- أو لموكلي فلان؛ لا: قبلته. فقط من غير تصريح بذلك، بخلاف سائر العقود، لأن الإشهاد في النكاح لا يتأتى إلا على ما تسمعه الشهود. ووصي أب أو غيره في نكاح، بمنزلته إذا نص له عليه.
(5)
لامرأة في درجة كإخوة لأبوين، صح من كل واحد منهم، قولاً واحدًا.
سن تقديم أَفضل، فأَسن (1) فإِن تشاحوا أُقرع (2) ويتعين من أَذنت له منهم (3) ومن زوج ابنه ببنت أَخيه ونحوه (4) صح أَن يتولي طرفي العقد (5) .
(1) أي أفضل علما ودينا، وإن استووا فأسن، لقوله عليه السلام «كبر، كبر» أي قدم الأكبر، ولأنه أحوط للعقد في اجتماع شروطه، والنظر في الحظ.
(2)
أي أقرع بينهم لتساويهم، فإن سبق غير من قرع، وقد أذنت له صح، لأنه صدر من ولي كامل الولاية، بإذن موليته.
(3)
فيزوجها دون غيره، وإن زوج وليان لاثنين، فهي للأول منهما بلا خلاف، وإن جهل السابق مطلقًا، أو علم ثم نسي، أو علم السبق وجهل السابق، فسخها حاكم، نص عليه، ولا يتعين، فلو طلقا أغنى عن فسخه، وهو أحوط، وعنه: يقرع بينهما، وهي للقارع، من غير تجديد عقد وهو ظاهر كلام الجمهور، واختاره الشيخ.
(4)
كما لو زوج ابنه الصغير بصغيرة هو وليها، أو زوج وصي في نكاح صغيرا بصغيرة تحت حجره، أو وكل زوج وليا، أو عكسه، أو وكلا واحدا، ونحوه.
(5)
لما روى البخاري تعليقا: أن عبد الرحمن بن عوف قال لأم حكيم ابنة قارظ: أتجعلين أمرك إلي؟ قالت: نعم. قال: قد تزوجتك. ولأنه يملك الإيجاب والقبول، فجاز أن يتولاهما، وكما لو زوج أمته عبده الصغير، ولأن وكيله يجوز أن يلي العقد عليها لغيره، فجاز أن يليها عليه له، إذا كانت تحل له، كالإمام
إذا أراد أن يتزوج موليته، ولأنه صلى الله عليه وسلم أعتق صفية، وجعل عتقها صداقها.
ويكفي: زوجت فلانا فلانة (1) . وكذا ولي عاقلة تحل له (2) إذا تزوجها بإِذنها كفي قوله: تزوجتها (3) .
(1) أي ويكفي في عقد النكاح -ممن يتولي طرفيه- قول: زوجت فلان وينسبه - فلانة. وينسبها، من غير أن يقول: وقبلت له نكاحها.
(2)
كابن عم، ومولي، وحاكم.
(3)
أي من غير أن يقول: قبلت نكاحها لنفسي، لما تقدم، لأن إيجابه يتضمن القبول، ولغيره يقول: تزوجتها لموكلي فلان، أو لفلان. وينسبه.
فصل (1)
الشرط (الرابع الشهادة)(2) لحديث جابر مرفوعًا: «لا نكاح إِلا بولي، وشاهدي عدل» (3) رواه البرقاني (4) وروي معناه عن ابن عباس أَيضًا (5) .
(1) أي في الشهادة على العقد، لأن الغرض إعلان النكاح، احتياطا للنسب، خوف الإنكار، واتفقوا على أنه لا يجوز نكاح السر، وأنه ينعقد بحضور شاهدين مع الولي.
(2)
أي الشرط الرابع - من شروط النكاح - الشهادة عليه، وهذا المشهور في المذهب، ومذهب أبي حنيفة، والشافعي، وجماهير العلماء.
(3)
وروى عن عمر، وعلي، وابن عباس، وغيرهم رضي الله عنهم، ولا يعرف لهم مخالف، وللدارقطني عن عائشة مرفوعا:«لا بد في النكاح من حضور أربعة، الولي، والزوج، والشاهدين» .
(4)
في صحيحه، واسمه أحمد، بن محمد، بن غالب، الخوارزمى، الشافعي، ضمن صحيحه ما اشتمل عليه الصحيحان، وحديث الثوري، وشعبة، وطائفة، توفي سنة خمس وعشرين وأربعمائة. اهـ.
(5)
رواه الترمذي وغيره بلفظ: «البغايا اللواتي ينكحن أنفسهن بغير بينة» وكذا نحوه عن أبي هريرة، وابن عمر، فدلت السنة والآثار على أن الولي، والشاهدين شرط في صحة النكاح، وقال الترمذي: العمل عليه عند أهل العلم، من أصحاب
النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم، من التابغين وغيرهم، قالوا: لا نكاح إلا بشهود، لم يختلف في ذلك من مضى منهم، إلا قوم من المتأخرين من أهل العلم، وعن أحمد: يصح بغير شهود، وهو مذهب مالك، إذا أعلنوه.
(فلا يصح) النكاح (إِلا بشاهدين عدلين)(1) ولو ظاهرا (2) لأَن الغرض إِعلان النكاح (3)(ذكرين مكلفين، سميعين، ناطقين)(4) ولو أَنهما ضريران (5) أَو عدوّا الزوجين (6) ولا يبطله تواصٍ بكتمانه (7) .
(1) لما روى الخلال وغيره «لا نكاح إلا بولي، وشاهدي عدل» وهو مذهب الشافعي، وعنه: لا تشترط. وفاقا لأبي حنيفة.
(2)
في ابتداء النكاح، بحيث لا يظهر فسقهما، دون استدامته، فلا يقبل إلا بشاهدين عدلين ظاهرا وباطنا، ولا ينقض لو بانا فاسقين، غير عمودى نسب الزوجين، أو الولي.
(3)
ولذلك يثبت بالاستفاضة.
(4)
قال الزهرى: مضت السنة أنه لا تجوز شهادة النساء في النكاح، والصبى والمجنون ليسا من أهل الشهادة، والأصم لا يسمع العقد فيشهد به، والأخرس لا يتمكن من أداء الشهادة.
(5)
إذا تيقنا الصوت تيقنا لا شك فيه، كالشهادة بالاستفاضة.
(6)
أو عدوَّا أحدهما، أو عدوَّا الولي، لعموم شاهدى عدل، لا متهما برحم، لأنها شهادة تجر نفعا للمشهود عليه.
(7)
لأنه لا يكون مع الشهادة عليه مكتوما، وهو مذهب أبي حنيفة، والشافعي،
ويكره كتمانه قصدا، قال أبو بكر: من شروط النكاح الإظهار، فإذا دخله الكتمان فسد، وقال مالك: يبطله، وهو رواية عن أحمد، وفي الاختيارات: والذي لا ريب فيه أن النكاح مع الإعلان يصح، وإن لم يشهد شاهدان، وأما مع الكتمان والاشهاد، فهذا ينظر فيه، وإذا اجتمع الإعلان والأشهاد، فهذا لا نزاع في صحته، وإن خلا من الإعلان والإشهاد، فهو باطل عند عامة العلماء.
ولا تشترط الشهادة بخلوها من الموانع (1) أَو إِذنها (2) والإِحتياط الاشهاد (3) فإِن أَنكرت الإِذن صدقت (4) قبل دخول، لا بعده (5) (وليست الكفاءة - وهي) لغة: المساواة (6) .
(1) أي المانعة من التزويج، كنسب، أو سبب، أو اختلاف دين، ويأتي في محرماته، ومنها إن لم يعلم لها سابقة تزوج، وإلا اشترط.
(2)
أي ولا تشترط الشهادة على إذنها، لوليها أن يزوجها.
(3)
أي على خلوها من الموانع، وعلى إذنها لوليها إن اعتبر.
(4)
أي وإن ادعى زوج إذنها في التزويج للولي، وأنكرت الإذن صدقت.
(5)
أي قبل دخول زوج بها، لأن الأصل عدمه، لا بعد الدخول بها مطاوعة، فلا تصدق، لأن دخوله بها كذلك، دليل كذبها، وإن ادعت الإذن فأنكر صدقت، وإن ادعى نكاح امرأة، فجحدت ثم أقرت، لم تحل له إلا بعقد جديد.
(6)
أي وليست الكفاءة في زوج شرطا، والكفاءة لغة: المساواة، والمماثلة، ومنه الحديث «المسلمون تتكافأ دماؤهم» أي تتساوى.
وهنا (دين)(1) أي أَداء الفرائض، واجتناب النواهي (2)(ومنصب، وهو النسب، والحرية)(3) وصناعة غير زرية (4) ويسار بحسب ما يجب لها (5) .
(1) أي والكفاءة المعتبرة هنا، خمسة أشياء: أحدها دين، فلا يكون الفاسق والفاجر كفوا لعفيفة، فإنهم اتفقوا - كما حكاه ابن رشد وغيره - أن الدين معتبر في ذلك، أما كونه مسلما وهي مجوسية، فلا يصح اتفاقا.
(2)
لأن ذلك نقص في إنسانيته، فلا يكون كفؤًا لعدلٍ، قال تعالى (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا، لا يستوون) ولو زوج الأب من فاسق، فلها أن تمنع نفسها من النكاح، وينظر الحاكم في ذلك، فيفرق بينهما، وكذا لو زوجها ممن ماله حرام، وممن هو كثير الحلف بالطلاق.
(3)
فليس العجمى كفؤًا للعربية، وروى عن عمر: لأمنعن أن تزوج ذوات الأحساب إلا من الأكفاء. وليس العبد ولا المبعض كفؤًا للحرة، لأنه منقوص بالرق، ممنوع من التصرف.
(4)
أي دنيئة، فلا تزوج بنت بزاز بحجام، ولا بنت صاحب عقار بحائك ونساج ونحوه، لخبر «العرب بعضهم لبعض أكفاء، إلا حائكا أو حجاما» قيل لأحمد: كيف تأخذ به وأن تضعفه؟ قال: العمل عليه عند أهل العرف. أي في عرف الناس فكعيب، وعند الشافعية أن المنتسب إلى العلماء والصلحاء، ليس كفؤا لمن لم ينتسب إليهما، ولا المحترف لبنت العالم، ولا المبتدع لبنت السني، وولد الزنا ليس كفؤا للعربية، والموالي بعضهم لبضع أكفاء، وكذا العجم، فسائر الناس بعد العرب بعضهم لبعض أكفاء.
(5)
أي من مهر، ونفقة، وكسوة، ولا يتقدر ذلك بعادتها عند أبيها، لأن الأب قد يكون مسرفا أو مقترا، وقال بعض الشافعية في شرط الكفاءة:
نسب، ودين، صنعة حرية فقد العيوب وفي اليسار تردد.
وروى «الحسب المال» و «إن أحساب الناس بينهم هذا المال» ولأن عليها ضررا في إعساره، وبه تملك الفسخ كما سيأتي.
(شرطا في صحته) أي صحة النكاح (1) لأَمر النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت قيس (2) أَن تنكح أُسامة بن زيد (3) فنكحها بأَمره، متفق عليه (4) .
(1) أي ليست الكفاءة في زوج - وهي ما تقدم من خمسة الأشياء - شرطا في صحة النكاح، وهذا المذهب عند أكثر المتأخرين، قال الموفق: وهي أصح، وقول أكثر أهل العلم.
(2)
أخت الضحاك بن قيس، القرشية، الفهرية، وكانت من المهاجرات الأول، ذات جمال، وفضل، وكمال.
(3)
ابن حارثة الحب بن الحب، وهو مولي، ولكن أصله عربى.
(4)
وللبخارى عن عائشة: أن أبا حذيفة بن عتبة تبنى سالما، وأنكحه ابنة أخيه الوليد بن عتبة، رواه البخاري، وسالم رضي الله عنه مولي لامرأة من الأنصار، وزوج زيد بن حارثة ابنة عمه، زينب بنت جحش الأسدية، وغير ذلك مما يدل على صحة النكاح.
وقال الوفق: الصحيح أن الكفاءة غير مشروطة، وعن أحمد أنها من شروطه، فلو لم ترض المرأة والأولياء لم يصح، وهي المذهب عند أكثر المتقدمين، فتكون حقا لله، ولها، ولأوليائها كلهم، وأوردوا فيه أخبارا، وقال الموفق: ما روي فيد يدل على اعتبارها في الجملة، ولا يلزم منه اشتراطها.
بل شرط للزوم (1)(فلو زوج الأَب عفيفة بفاجر (2) أَو عربية بعجمى) (3) أَو حرة بعبد (4)(فلمن لم يرض من المرأة أَو الأَولياء)(5) حتى من حدث (الفسخ)(6) فيفسخ أَخ مع رضى أَب (7) لأَن العار عليهم أَجمعين (8) .
(1) يتوقف على رضى المرأة والأولياء جميعهم، وهو مذهب مالك، والشافعي لأن كل واحد منهم يعتبر رضاه، والعاقد مع غير كفء، متصرف بدونه.
(2)
أي فلو زوج الأب ابنته العفيفة عن زنا بفاسق، للآية، ولأنه لا يكون كفؤًا لها، ولا مساويا.
(3)
أي: أو زوج الأب أو غيره من الأولياء عربية بعجمى، وهم من عدا العرب، لقول عمر وغيره، ولأن العرب يعدون الكفاءة، ويأنفون من تزوج الموالي، ويرونه عارا.
(4)
أي أو زوج حرة - ولو عتيقة - برقيق أو مبعض، لأنه صلى الله عليه وسلم خير بريرة لما عتقت.
(5)
أي فلمن لم يرض نكاح غير كفء، من المرأة، والأولياء جميعهم الفسخ، فورا وتراخيا، بحكم حاكم، لأنه من الفسوخ المختلف فيها، وهذا حكمها، ويملكه الأبعد مع رضى الأقرب منهم، ولو زالت الكفاءة بعد عقد فلها الفسخ، كعتقها تحت عبد.
(6)
أي حتى من حدث منهم بعد العقد فله الفسخ، لتساويهم في لحوق العار بفقد الكفاءة.
(7)
ورضى زوجة، نص عليه.
(8)
لأن رجلا لما زوج ابنته من ابن أخيه، ليرفع بها خسيسته، جعل صلى الله
عليه وسلم لها الخيار، وفي الاختيارات: الذي يقتضيبه كلام أحمد، أن الرجل إذا تبين له أنه ليس بكفء فرق بينهما، وأنه ليس للولي أن يزوج المرأة من غير كفء ولا للزوج أن يتزوج، ولا للمرأة أن تفعل ذلك، وأن الكفاءة ليست بمنزلة الأمور المالية، مثل مهر المرأة، إن أحبت المرأة والأولياء طلبوه، وإلا تركوه، ولكنه أمر ينبغى لهم اعتباره، وإن كانت منفعته تتعلق بغيرهم.
وفقد النسب والدين لا يقر معهما النكاح، بغير خلاف عن أحمد، وحيث يثبت الخيار - بفقد الكفاءة - للمرأة أو وليها، يسقك خيارها بما يدل على رضاها، من قول أو فعل، وأما الأولياء فلا يسقط إلا بالقول، ويفتقر الفسخ به إلى حاكم، وإن طلق أغنى عن فسخه، وهو أحوط، ولو كان ناقصا من وجه آخر، مثل أن كان دونها في النسب فرضوا به، ثم بان فاسقا وهي عدل، فهنا ينبغى ثبوت الخيار.
وخيار الفسخ على التراخى (1) لا يسقط إلا بإسقاط عصبة (2) أَو بما يدل على رضاها من قول أَو فعل (3) .
(1) ما لم يوجد منها دليل الرضى من قول، أو تمكين منها مع العلم.
(2)
وإن حدث عاصب، ولم يرض بالزوج، فله الفسخ، ولو مع إسقاط العصبة، وللعصبة الفسخ، ولو مع ما يدل على رضاها به، إذا لم يرضوا به.
(3)
بأن مكنته من نفسها عالمة به، وأما الأولياء فلا يثبت رضاهم به إلا بالقول وأما كفاءة المرأة فليست معتبرة في كفاءة الرجل، فقد تزوج صلى الله عليه وسلم بصفية بنت حيى، وتسرى بالإماء، وإنما اعتبرت في الرجل دون المرأة، لأن الولد يشرف بشرف أبيه دون أمه.