الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأن لفظ ذلك يقتضي تعليق الطلاق على القيام مسبوقا بالقعود (1) ويسمي نحو: إن قعدت إن قمت،
اعتراض الشرط على الشرط
، فيقتضي تقديم المتأخر، وتأْخير المتقدم، لأنه جعل الثاني في اللفظ شرطا للذي قبله، والشرط يتقدم المشروط (2) فلو قال: إن أعطيتك، إن وعدتك، إن سألتني (3) لم تطلق حتى تسأله، ثم يعدها، ثم يعطيها (4) (و) إن عطف (بالواو) كقوله: أنت طالق إن قمت وقعدت (تطلق بوجودهما) أي القيام والقعود (5)(ولو غير مرتبين) أي سواء تقدم القيام على القعود، أَو تأَخر، لأَن الواو لا تقتضي ترتيبا (6) .
(1) وصوابه: تعليق الطلاق على القعود مسبوقًا بالقيام.
(2)
(3)
أي فأنت طالق.
(4)
لما تقدم من أنه جعل الثاني شرطا للأول، وكذا الثالث شرط لهما، والشرط يتقدم المشروط، للآية ونحوها.
(5)
ولو من غير عالم بالعربية، عند الجماهير.
(6)
فلا تطلق بوجود أحدهما، لأنها للجمع، فلم يقع قبل وجودهما جميعا، وعنه: بوجود أحدهما، وقال الموفق: هذه الرواية بعيدة جدًا، تخالف
الأصول، ومقتضى اللغة والعرف، وعامة أهل العلم، وأصول الشرع: تشهد بأن الحكم المعلق بشرطين لا يثبت إلا بهما.
(و) إن عطف (بأو) بأن قال: إن قمت أو قعدت فأنت طالق؛ طلقت (بوجود أحدهما) أي بالقيام، أو القعود، لأن "أَو" لأحد الشيئين (1) وإن علق الطلاق على صفات فاجتمعت في عين، كأن رأيت رجلا فأَنت طالق؛ وإن رأيت أسود فأنت طالق؛ وإن رأيت فقيها فأنت طالق، فرأت رجلا أسودًا فقيها، طلقت ثلاثا (2) .
(1) وكذا: إن أكلت، أو إن لبست؛ أو لا أكلت ولا لبست، لأن "أو" تقتضي تعليق الجزاء على واحد من المذكور، كقوله تعالى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} .
(2)
لأن الطلاق علق على كلٍ من هذه الصفات، وقد وجدت، أشبه ما لو وجدت في ثلاثة أعيان، وقال الشيخ: لا تطلق إلا واحدة مع الإطلاق، لأنه الأظهر في مراد الحالف، والعرف يقتضيه، إلا أن ينوي خلافه.
فصل في تعليقه بالحيض (1)
(إذا قال) لزوجته (عن حضت فأنت طالق طلقت بأول حيض متيقن)(2) لوجود الصفة (3) فإن لم يتيقن أنه حيض، كما لو لم يتم لها تسع سنين (4) أو نقص عن اليوم والليلة لم تطلق (5)(و) إن قال (إذا حضت حيضة) فأنت طالق (تطلق بأول الطهر من حيضة كاملة) لأنه علق الطلاق بالمرة الواحدة من الحيض (6) فإذا وجدت حيضة كاملة فقد وجد الشرط (7) ولا يعتد بحيضة علق فيها (8) .
(1) أي في حكم تعليق الطلاق بالحيض أو الطهر.
(2)
فتطلق حين ترى الدم.
(3)
كما أنه حيض، في المنع من الصلاة، والصيام.
(4)
أو كانت حاملا، على القول به، أو كانت آيسة، لم تطلق.
(5)
لأنه تبين أن الصفة لم توجد.
(6)
وذلك بأن تحيض ثم تطهر، لأنها لا تحيض حيضة إلا بذلك.
(7)
وهي الحيضة الكاملة، ويقع الطلاق سنيا.
(8)
لأنها ليست حيضة كاملة، بل يعتبر ابتداء الحيضة وانتهاؤها بعد التعليق.
فإن كانت حائضًا حين التعليق، لم تطلق حتى تطهر، ثم تحيض حيضة مستقبلة، وينقطع دمها (1)(وفيـ) ـما إذا قال (إذا حضت نصف حيضة) فأَنت طالق (تطلق) طاهرا (في نصف عادتها)(2) لأن الأحكام تتعلق بالعادة، فتعلق بها وقوع الطلاق، لكن إذا مضت حيضة مستقرة، تبينا وقوعه في نصفها، لأن النصف لا يعرف إلا بوجود الجميع، لأن أيام الحيض قد تطول، وقد تقصر، فإذا طهرت تبينا مدة الحيض، فيقع الطلاق في نصفها (3) ومتى ادعت حيضا وأنكر، فقولها (4) .
(1) لأنه لا يشترط في وقوع الطلاق غسلها، بل مجرد ما تطهر تطلق مطلقا، وعليه الأصحاب.
(2)
جزم به غير واحد، وصححه الشارح.
(3)
فإذا كانت عادتها ستة أيام مثلا، تطلق طاهرا، وإذا مضت الستة وطهرت، تبينا أن طلاقها بعد مضي ثلاثة، وإن طهرت بعد ثمان، تبينا طلاقها بعد أربعة أيام، وعلقت عليه أحكامه باطنا وظاهرًا.
(4)
أي ومتى ادعت حيضا من علق طلاقها على الحيض، وأنكر الزوج فقولها، أي بلا يمين، وفي الإقناع، بيمين؛ قال عثمان: وهو أولى في هذه الأزمنة، لاحتمال صدقه، وحيث قبل وقع الطلاق المعلق عليه، كما لو ثبت ببينة، وعنه: لا يقبل، وتختبر بإدخال قطنة في الفرج، زمن دعواها الحيض، فإن ظهر دم فهي حائض، اختاره أبو بكر، وصوبه في الإنصاف، لأنه يمكن التوصل إلى معرفته من غيرها، فلم يقبل فيه مجرد قولها.
كإن أضمرت بغضي فأنت طالق؛ وادعته (1) بخلاف نحو قيام (2) وإن قال: إذا طهرت فأنت طالق؛ فإن كانت حائضا طلقت بانقطاع الدم (3) وإلا فإذا طهرت من حيضة مستقبلة (4) .
(1) فقولها، لأنه لا يعلم إلا من جهتها، ويقع الطلاق.
(2)
أي فلا يقبل إلا ببينة، وكذا قولها في نحو دخول الدار، مما يمكن إقامة البينة عليه.
(3)
لقوله {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} أي ينقطع دمهن، ولأنه ثبت لها حكم الطاهرات. وإن لم تغتسل، لوجود الطهر.
(4)
أي وإلا تكن حائضًا حين التعليق، فإذا طهرت، يعني انقطع دمها من حيضة مستقبلة، طلقت، لأنه علقه بإذا، وهي لما يستقبل، فلا تطهر إلا بطهر مستقبل، وظاهره: ولو قبل تمام عادتها؛ لأنه بحصول النقاء تثبت لها أحكام الطاهرات، من وجوب صلاة، وصوم، وغيرهما، لكن لو عاد الدم بقية العادة، تبينا عدم وقوعه، لأن الظاهر أنه أراد طلاقها بعد حيضة كاملة نظرًا للعرف، أو لا، نظرًا للطهر الشرعي، قال بعضهم: الظاهر الأول، لأن الطلاق من قبيل الأيمان، ومبناها على العرف.
فصل في تعليقه بالحمل (1)
(إذا علق بالحمل) كقوله إن كنت حاملا فأنت طالق (2)(فولدت لأقل من ستة أشهر) من زمن الحلف (3) سواء كان يطأ أم لا (4) أو لدون أربع سنين، ولم يطأ بعد حلفه، (طلقت منذ حلف) لأنا تبينا أنها كانت حاملا، وإلا لم تطلق (5) ويحرم وطؤها قبل استبرائها بحيضة (6) (وإن قال) لزوجته:(إن لم تكوني حاملا فأنت طالق؛ حرم وطؤها قبل استبرائها بحيضة) موجودة، أو مستقبلة، أو ماضية
(1) أي في حكم تعليق الطلاق بالحمل، أو عدمه.
(2)
فتبين أنها كانت حاملا في زمنه، وقع الطلاق من حين اليمين، وإلا فلا.
(3)
مرادهم: ويعيش؛ وقع الطلاق، زمن الحلف، لوجود الصفة.
(4)
لأنا علمنا أنه ليس من الوطء.
(5)
أي وإلا يتبين أنها كانت حاملاً حين حلفه بأن ولدت لأكثر من ستة أشهر أو أكثر من أربع سنين من حلفه لم تطلق، لعدم وجود الصفة.
(6)
ليستبين عدم حملها، وحكي إجماعًا إن كان قد وطئها قبل اليمين، وأما الآيسة والصغيرة، فإن الواجب: أن تستبرأ بمثل الحيضة، أو يقال: يجوز وطؤها قبل الاستبراء، إلا أن تكون حاملا، هذا هو الصواب، كما حكاه في الاختيارات، وكل موضع يكون الشرط فيه عدميا، يستبين فيما بعد.
لم يطأ بعدها (1) وإنما يحرم وطؤها (في) الطلاق (البائن) دون الرجعي (2)(وهي) أي مسألة إن لم تكوني حاملا فأنت طالق (عكس) المسألة (الأُولى) وهي: إن كنت حاملا فأَنت طالق (في الأحكام)(3) فإن ولدت لأكثر من أربع سنين طلقت، لأنا تبينا أنها لم تكن حاملا، وكذا إن ولدت لأكثر من ستة أشهر وكان يطأُ، لأَن الأصل عدم الحمل (4) وإن قال: إن حملت فأَنت طالق؛ لم يقع إلا بحمل متجدد (5) ولا يطؤها إن كان وطئ في طهر حلف فيه قبل حيض، ولا أكثر من مرة كل طهر (6) .
(1) في صورتي النفي والإثبات، وأن يكون الطلاق وقع، لأن المقصود معرفة براءة رحمها.
(2)
لأن وطء الرجعية مباح، ويحصل به الرجعة.
(3)
التي تقدم توضيحها، ويحرم وطؤها إذا كان الطلاق بائنًا، على ما تقدم وذكر الجواز في البعض.
(4)
فتطلق، والوجه الثاني: لا تطلق؛ لأن الأصل بقاء العصمة، فلا تزول بالشك، وتقدم أنه يوجد من ولدت لأكثر من أربع سنين.
(5)
جزم به الأصحاب، واختاره المجد، لكن قدم أنها إذا بانت حاملاً تطلق، في ظاهر كلامه، ولم يعرج عليه الأصحاب، قاله في الإنصاف.
(6)
يعني إذا كان الطلاق بائنًا، لجواز أن تحمل منها.
(وإن علق طلقة إن كانت حاملا بذكر، وطلقتين) إن كانت حاملاً (بأُنثى فولدتهما، طلقت ثلاثا) بالذكر واحدة، وبالأُنثى اثنتين (1) (وإن كان مكانه) أي مكان قوله: إن كنت حاملا بذكر فأنت طالق طلقة، وإن كنت حاملاً بأنثى فأنت طالق اثنتين (إن كان حملك، أو ما في بطنك) ذكرا فأنت طالق طلقة، وإن كان أُنثى فأَنت طالق ثنتين؛ وولدتهما (لم تطلق بهما)(2) لأن الصيغة المذكورة تقتضي حصر الحمل في الذكورية، أو الأنوثية، فإذا وجدا لم تتمحض ذكوريته، ولا أنوثيته، فلا يكون المعلق عليه موجودا (3) .
(1) قولا واحدًا، وقال في الإنصاف: تطلق ثلاثا بلا نزاع.
(2)
وعليه الجمهور، مالك، وأصحاب الرأي، وغيرهم.
(3)
قال في القواعد الأصولية: قال الأصحاب: لا تطلق؛ وعللوه بأن حملها ليس بذكر ولا أنثى.
فصل في تعليقه بالولادة (1)
يقع ما علق على ولادة بإلقاء ما تبين فيه بعض خلق الإنسان (2) لا بإلقاء علقة ونحوها (3)(إذا علق طلقة على الولادة بذكر، وطلقتين) على الولادة (بأُنثى) بأن إن ولدت ذكرا فأَنت طالق طلقة؛ وإن ولدت أُنثى فأنت طالق طلقتين (فولدت ذكرا، ثم) ولدت (أُنثى، حيا) كان المولود (أَو ميتا (4) طلقت بالأَول) ما علق به، فيقع في المثال طلقة (5) وفي عكسه ثنتان (6)(وبانت بالثاني ولم تلطق به)(7) .
(1) أي في حكم تعليق الطلاق بالولادة.
(2)
وهو ما تصير به الأمة أم ولد، لأنها ولدت ما يسمى ولدا.
(3)
كمضغة، لأنها لا تسمى ولدا، ويجوز أن لا تكون مبدأ خلق الإنسان، فلا يقع الطلاق بالشك.
(4)
لأن الشرط ولادة ذكر أو أنثى، وقد وجدت.
(5)
وهو تعليق طلقة على الولادة بذكر.
(6)
وهو تعليق طلقتين على الولادة بأنثى.
(7)
هذا المذهب، وعليه الأصحاب.
لأن العدة انقضت بوضعه، فصادفها الطلاق بائنا، فلم يقع (1) كقوله: أنت طالق مع انقضاء عدتك (2) وإن ولدتهما معا طلقت ثلاثا (3)(وإن أشكل كيفية وضعهما) بأَن لم يعلم أوضعتهما معا، أو متفرقين (فواحدة) أي فوقع طلقة
(1) ونقل ابن منصور عن أحمد: هذا على نية الرجل، إذا أراد بذلك تطليقه، قال ابن رجب: ورواية ابن منصور أصح، وهو المنصوص، واختاره الشيخ، لأن الحالف إنما حلف على حمل واحد، وولادة واحدة، والغالب أنه لا يكون إلا ولدا واحدًا، لكنه لما كان ذكرًا مرة، وأنثى أخرى نوع التعليق عليه، فإذا ولدت هذا الحمل ذكرًا وأنثى لم يقع به المعلق بالذكر والأنثى جميعا، بل المعلق بأحدهما فقط، لأنه لم يقصد إلا إيقاع أحد الطلاقين وإنما ردده لتردد كون المولود ذكرًا أو أنثى، وينبغي أن يقع أكثر الطلاقين إذا كان القصد تطليقها بهذا الوضع، سواء كان ذكرًا أو أنثى، لأنه أوقع بولادة أحدهما أكثر من الآخر، فيقع به أكثر المعلقين.
وفي الاختيارات: ونص أحمد فيمن قال لامرأته: أنت طالق طلقة إن ولدت ذكرا، وطلقتين إن ولدت أنثى. أنه على ما نواه، إن أراد ولادة واحدة وأنكر قول سفيان أنه يقع عليها بالأول ما علق به، وتبين بالثاني، ولا تطلق به.
(2)
فلا يقع، لمصادفته بينونتها.
(3)
أي إن ولدتهما دفعة واحدة، بحيث لا يسبق أحدهما الآخر طلقت واحدة بالذكر، واثنتين بالأنثى، ولا تنقضي عدتها إذًا بذلك، لأن الطلاق يقع عقب الولادة.
واحدة (1) لأنها المتيقنة، وما زاد عليها مشكوك فيه (2) .
(1) ولغا ما زاد، هذا المذهب، واستظهره في القواعد، وجزم به، وقدمه غير واحد.
(2)
والورع التزامهما، وإن قال: إن ولدت ذكرين أو أنثيين؛ فولدت ذكرا وأنثى، لم يحنث، لأن الصفة لم توجد.
فصل في تعليقه بالطلاق (1)
(إذا علقه على الطلاق) بأن قال: إن طلقتك فأَنت طالق (2)(ثم علقه على القيام) بأن قال: إن قمت فأَنت طالق (3)(أو علقه على القيام ثم) علقه (على وقوع الطلاق) بأن قال: إن قمت فأَنت طالق ثم قال: إن وقع عليك طلاقي فأنت طالق (فقامت، طلقت طلقتين فيهما) أي في المسألتين، واحدة بقيامها (4) وأخرى بتطليقها الحاصل بالقيام في المسألة الأولى، لأن طلاقها بوجود الصفة تطليق لها (5) . وفي الثانية طلقة بالقيام، وطلقة بوقوع الطلاق عليها بالقيام (6) .
(1) أي في أحكام تعليق الطلاق بالطلاق.
(2)
ثم أوقع الطلاق عليها، بائنًا، بأن كان على عوض، أو غير مدخول بها، لم يقع ما علق من طلاق، لأنه لم يصادف عصمة، كما لا يقع معلق على خلع، وإن أوقعه رجعيا، وقع اثنتان.
(3)
فقامت، طلقت طلقتين، قال في الإنصاف: بلا نزاع.
(4)
لتعليقه الطلاق به.
(5)
فوقع به الطلاق.
(6)
فوقع بها طلقتان، وقال المجد: إذا قال: إذا طلقتك فأنت طالق؛ لم يحنث في يمينه إلا بتطليق ينجزه، أو يعلقه بعدها بشرط، فيؤاخذ؛ وقال
الشيخ: يتوجه إذا كان الطلاق المعلق قبل عقد هذه الصفة أو معها، معلقًا بفعله ففعله باختياره، أن يكون فعله له تطليقًا، يفتقر إلى أن تكون الصفة من فعله أيضًا، فإذا علقه بفعل غيره، ولم يأمره بالفعل، لم يكن تطليقًا.
وإن كانت غير مدخول بها فواحدة فقط (1)(وإن علقه) أي الطلاق (على قيامها) بأن قال: إن قمت فأنت طالق (ثم) علق الطلاق (على طلاقه لها (2) فقامت فواحدة) بقيامها ولم تطلق بتعليق الطلاق، لأنه لم يطلقها (3) (وإن قال) لزوجته:(كلما طلقتك) فأنت طالق (أو) قال (كلما وقع عليك طلاقي فأنت طالق؛ فوجدا) أي الطلاق في الأولى، أو وقوعه في الثانية (طلقت في الأولى) وهي قوله:
(1) لبينونتها بالأولى، ولا تقع الثانية، لأنه لا عدة عليها، ولا يمكن رجعتها فلا يقع طلاقها إلا بائنًا، ولا يقع الطلاق بالبائن.
(2)
بأن قال: إن طلقتك فأنت طالق.
(3)
أي بعد تعليقه طلاقها بالقيام، ولو كانت مدخولاً بها، والفرق بين الحالتين أنه في الصورة الأولى تطلق طلقة بالتعليق الثاني، لوجود صفته، وهي القيام، وطلقة بالتعليق الأول، لوجود صفته أيضًا، وهي التطليق، لأن تعليق الطلاق على صفة حيث وجدت، تطليق وإيقاع لا وقوع فقط، لتأخير إنشائه عن التعليق الأول، وهذا بخلاف ما لو قال لها: إن قمت فأنت طالق؛ فقامت، لأنه لا يقع عليها إلا طلقة بالقيام، لأنه لا يوجد – بعد قوله لها: إن طلقتك؛ أو أوقعت عليك طلاقي – إنشاء طلاق، لا منجز، ولا معلق، وإنما وجد على هذا التعليق.
كلما طلقتك فأنت طالق (طلقتين) طلقة بالمنجز، وطلقة بالمعلق عليه (1) (و) طلقت (في الثانية) وهي قوله: كلما وقع عليك طلاقي فأَنت طالق (ثلاثا)(2) إن وقعت الأُولى والثانية رجعيتين (3) لأن الثانية طلقة واقعة عليها، فتقع بها الثالثة (4) . وإن قال: إن وقع عليك طلاقي فأَنت طالق قبله ثلاثا؛ ثم قال: أنت طالق؛ فثلاث، طلقة بالمنجز، وتتمتها من المعلق (5) ويلغو قوله: قبله (6) وتسمى السريجية (7) .
(1) إن كانت مدخولا بها، وغير المدخول بها طلقة واحدة، وهي المنجزة.
(2)
سواء كان طلاقه الموقع عليها بمباشرة، أو سبب، أو بصفة عقدها بعد ذلك التعليق، أو قبله.
(3)
إذ البائن لا يلحقها طلاق.
(4)
ذكره الموفق وغيره، قولا واحدا.
(5)
ويقع بغير المدخول بها واحدة، وهي المنجزة.
(6)
لأنه وصف المعلق بصفة يستحيل وصفه بها، ولأنه طلاق من زوج مختار، في محل نكاح صحيح، فوجب أن يقع، وقال الشيخ: تعليقه باطل، ولا يقع سوى المنجزة، وكذا قال ابن عقيل: تطلق بالمنجز، والتعليق باطل، لأنه طلاق في زمن ماض، أشبه قوله: أنت طالق أمس.
(7)
نسبه إلى ابن سريج، أبي العباس الشافعي، أول من قال بها، فإنه قال:
لا تطلق أبدًا، لأن وقوع الواحدة يقتضي وقوع ثلاث قبلها، وذلك يمنع وقوعها فإثباتها يؤدي إلى نفيها، فلا تثبت، ولأنه يفضي إلى الدور، فيمتنع وقوعها.
وقال الشيخ: ما قاله محدث في الإسلام، لم يفت به أحد من الصحابة، ولا التابعين، ولا أحد من الأئمة الأربعة، وأنكر جمهور العلماء على من أفتى بها، ومن قلد شخصًا فيها، وحلف بعد ذلك بالطلاق، معتقدًا أنه لا يقع عليه بها، لم يقع، في أظهر قولي العلماء، كمن أوقعه فيمن يعتقدها أجنبية، وكانت في الباطن امرأته، فإنها لا تطلق على الصحيح.
.......................................................................
فصل في تعليقه بالحلف (1)
(إذا قال) لزوجته (إذا حلفت بطلاقك فأَنت طالق ثم قال) لها: (أَنت طالق إن قمت)(2) أو إن لم تقومي (3) أو إن هذا القول حق (4) أو كذب ونحوه (5) مما فيه حث، أو منع (6) أو تصديق خبر، أو تكذيبه (7) .
(1) أي في حكم تعليق الطلاق بالحلف؛ والحلف بالطلاق تعليق في الحقيقة، لأنه ترتيب للطلاق على المحلوف عليه، وذلك حقيقة التعليق، وحقيقة الحلف: القسم، والمعنى المتعارف من الحلف الحث على فعل أو المنع منه، أو تصديق خبر، أو تكذيبه، لا نحو إن شئت فأنت طالق فإنه تمليك، ويأتي اختيار الشيخ: أن العمل بعرف المتكلم.
(2)
طلقت في الحال.
(3)
أي وإذا قال لزوجته: إذا حلفت بطلاقك فأنت طالق؛ ثم قال: أنت طالق إن لم تقومي؛ طلقت في الحال.
(4)
أي أو: أنت طالق إن هذا القول حق.
(5)
أي: كأنت طالق إن هذا القول كذب، ونحو ذلك، كإن لم يكن هذا القول حقًا، أو إن لم يكن هذا القول كذبًا.
(6)
كإن لم أدخل الدار فأنت طالق، أو أنت طالق لأقومن، أو إن قمت فأنت طالق.
(7)
كأنت طالق لقد قمت، أو قام زيد، أو إن هذا القول لصدق، أو أنت طالق إن لم يكن هذا القول كذبا، أو لم يقدم زيد ونحو ذلك.
(طلقت في الحال)(1) لما في ذلك من المعنى المقصود بالحلف (2) من الحث أو الكف، أو التأْكيد (3)(لا إن علقه) أي الطلاق (بطلوع الشمس ونحوه) كقدوم زيد، أو بمشيئتها (4)(لأنه) أي التعليق المذكور (شرط لا حلف) لعدم اشتماله على المعنى المقصود بالحلف (5)(و) من قال لزوجته (إن حلفت بطلاقك فأنت طالق (6) أو) قال لها (إن كلمتك فأنت طالق؛ وأعاده مرة أُخرى طلقت) طلقة (واحدة)(7) .
(1) لوجود الحلف بطلاقها، واختار الشيخ العمل بعرف المتكلم وقصده.
(2)
أي الحلف بالطلاق، لا مطلق الحلف، فإن حقيقة الحلف القسم، والحلف بالطلاق حقيقة تعليق، ليس حلفا حقيقة، وإنما عبر بالحلف لمشاركته القسم في المعنى المشهور، المتعارف كما ذكره من الحث
…
إلخ.
(3)
أشبه قوله: والله لأفعلن، أو لا أفعل، أو قد قدم زيد، أو لم يقدم، وما لم يوجد فيه هذا المعنى لا يصح تسميته حلفا، وهذا مذهب الشافعي، وفي الإنصاف: والأصح أو تصديق خبر، أو تكذيبه، سوى تعليقه بمشيئتها، أو حيض، أو طهر، تطلق في الحال طلقة في مرة، ومن الأصحاب من لم يستثن غير هذه الثلاثة، ذكره الشيخ في مسمى اليمين، وأنه موجب نصوص أحمد وأصوله.
(4)
أو مشيئة غيرها، كحيض، أو طهر، وكنزول المطر، والكسوف، وهبوب الريح، قبل وجوده، ونحو ذلك.
(5)
فهو شرط محض، ليس بحلف، لأن حقيقة الحلف القسم.
(6)
وأعاده مرة أخرى طلقت واحدة، لأنه حلف بطلاقها.
(7)
لأنه كلمها، وقد علق طلاقها بكلامه لها.
لأن إعادته حلف وكلام (1)(و) إن أعاده (مرتين فـ) ـطلقتان (ثنتان و) إن أعاده (ثلاثا فثلاث) طلقات (2) لأن كل مرة موجود فيها شرط الطلاق (3) وينعقد شرط طلقة أُخرى، ما لم يقصد إفهامها في: إن حلفت بطلاقك (4) وغير المدخول بها تبين بالأولى (5) ولا تنعقد يمينه الثانية، ولا الثالثة في مسألة الكلام (6) .
(1) حلف في تعليق طلاقها بالحلف، وكلام في تعليق طلاقها بكلامه لها.
(2)
إن كانت مدخولا بها.
(3)
وهو الحلف بطلاقها.
(4)
وإن ادعاه قبل ولم تطلق، بخلاف: إن كلمتك فأنت طالق؛ فإنها تطلق ولو ادعى إفهامها.
(5)
أي غير المدخول بها تبين في مسألة الكلام بالأولى.
(6)
لأنه بشروعه في الكلام تبين منه، فلا يحصل الجواب إلا وهي قد بانت منه، بخلاف الحلف، فإنها إذا بانت بالأولى انعقد شرط أخرى، فلو تزوجها بعد، ثم قال: إن حلفت بطلاقك فأنت طالق. طلقت بمجرده.
فصل في تعليقه بالكلام (1)
(إذا قال) لزوجته (إن كلمتك فأنت طالق فتحققي (2) أو قال) زجرا لها: (تنحي؛ أو اسكتي؛ طلقت) اتصل ذلك بيمينه أولاً (3) وكذا لو سمعها تذكره بسوءٍ فقال: الكاذب عليه لعنة الله؛ ونحوه حنث، لأنه كلمها (4) ما لم ينو كلاما غير هذا، فعلى ما ينوي (5) .
(1) أي في حكم تعليق الطلاق بالكلام.
(2)
ذلك، أو قال: أعلمي ذلك. قاله متصلا بيمينه طلقت، هذا المذهب لأنه علق طلاقها على كلامها وقد وجد، إلا أن يريد بعد انفصال كلامي هذا. فلا يقع بالمتصل.
(3)
أو: إن قمت فأنت طالق؛ طلقت، جزم به المجد وغيره، وصححه في النظم، وقال الموفق: يحتمل أن لا يحنث بالكلام المتصل بيمينه، لأن إتيانه به يدل على إرادته الكلام المنفصل عليها، وصوبه في الإنصاف.
(4)
نص عليه، ولو جامعها ولم يكلمها لم يحنث، إلا أن تكون نيته هجرانها.
(5)
في جميع ما تقدم، مثل أن ينوي محادثتها، أو الاجتماع بها ونحوه، وقال ابن القيم: إذا قال: أنت طالق لا كلمتك؛ وأعاده مرة أخرى، فإن أراد إفهامها بالثاني لم يقع، وإن قصد الابتداء وقع، وهو الصواب.
(و) من قال لزوجته (إن بدأْتك بكلام فأنت طالق فقالت) له (إن بدأتك به) أي بكلام (فعبدي حر؛ انحلت يمينه)(1) لأنها كلمته أولاً، فلم يكن كلامه لها بعد ذلك ابتداء (ما لم ينو عدم البداءة في مجلس آخر) فإن نوى ذلك فعلى ما نوى (2) ثم إن بدأته بكلام عتق عبدها (3) وإن بدأها به انحلت يمينها (4) وإن قال: إن كلمت زيدا فأنت طالق؛ فكلمته حنث، ولو لم يسمع زيد كلامها لغفلة، أو شغل، ونحوه (5) أو كان مجنونا، أو سكرانا، أو أصم يسمع لولا المانع (6) .
(1) هذا المذهب، قال في الفروع: انحلت يمينه؛ قال في الإنصاف: وهذا احتمال للمصنف، وهو قوي جدًا.
(2)
ولا تنحل يمينه بذلك الكلام لها، وتبقى يمينها معلقة.
(3)
لوجود الصفة.
(4)
أي وإن بدأها بالكلام بعد قولها: إن بدأتك به فعبدي حر؛ انحلت يمينها، وحنث هو، لما تقدم.
(5)
كخفض صوتها، أو صياح، وكانت منه بحيث لو رفعت صوتها سمعها المحلوف عليه.
(6)
حنث، اختاره وقدمه جمع، لأن الطلاق معلق على الكلام، وقد وجد، وكذا إن كلمت صبيا وكان يسمع، وهو يعلم أنه مكلم، حنث الحالف، لوجود الكلام.
وكذا لو كاتبته، أو راسلته، إن لم ينو مشافهتها (1) وكذا لو كلمت غيره وزيد يسمع، تقصده بالكلام (2) لا إن كلمته ميتا، أو غائبًا، أو مغمى عليه، أو نائمًا (3) أو وهي مجنونة أو أشارت إليه (4) .
(1) أي وكمثل، إن كلمت زيدا فأنت طالق. لو كاتبت زيدا، أو راسلته حنث، إن لم يعلق الطلاق على مشافهتها له بالكلام، لأن ذلك كلام، لقوله {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} ولأن ظاهر يمينه هجرانها لزيد، ولا يحصل مع مواصلته بالكتابة والمراسلة.
(2)
حنث لأنها قصدته، وأسمعته كلامها، أشبه ما لو خاطبته، وفي الإقناع لو حلف ليكلمن زيدا، لم يبرأ بمكاتبته ولا مراسلته، لأن ذلك ليس كلامًا حقيقة. فما الفرق؟
(3)
لأن التكليم فعل يتعدى إلى المتكلم، فلا يكون إلا في حال يمكنه الاستماع فيها، وقال الموفق وغيره: إذا كان الأصم والسكران ونحوهما لا يعلم واحد منهم أنها تكلمه، لم يحنث، وكذا المجنون إن لم يسمع.
(4)
أي أو كلمت زيدا وهي مجنونة، فلا حنث عليها، لأنه لا قصد لها، أو أشارت إليه، لأن الإشارة ليست كلاما شرعًا.
فصل في تعليقه بالإذن (1)
(إذا قال) لزوجته: (إن خرجت بغير إذني (2) أو) إن خرجت (إلا بإذني، أو) إن خرجت (حتى آذن لك (3) . أو) قال لها (إن خرجت إلى غير الحمام بغير إذني فأنت طالق (4) فخرجت مرة بإذنه ثم خرجت بغير إذنه) طلقت لوجود الصفة (5) .
(1) أي في تعليق الطلاق بالإذن، منه أو من غيره، بالخروج أو نحوه.
(2)
أي فأنت طالق؛ طلقت إن خرجت.
(3)
فخرجت طلقت، لوجود الصفة.
(4)
طلقت إن خرجت لغير الحمام، لأن «خرجت» نكرة في سياق الشرط وهي تقتضي العموم، فصدق أنها خرجت بغير إذنه؛ ولم تطلق إن خرجت ثانيًا، لأن "إن" لا تقتضي التكرار، فإن نوى الإذن مرة، أو قاله بلفظه، لم يحنث، وأما إن قال: إن خرجت مرة بغير إذني، فأنت مطالق؛ ثم أذن لها في الخروج، ثم خرجت بغير إذنه، حنث، لأن خروجها إذًا، غير مأذون فيه، وهو محلوف عليه، أشبه ما لو خرجت ابتداء، بغير إذنه، وإن أذن لها في الخروج، ثم نهاها ثم خرجت، ولم يأذن بعد نهيه، طلقت، لخروجها بعد نهيها بلا إذنه، لأن هذا الخروج، بمنزلة خروج ثان.
(5)
وهو فيما إذا قال: إن خرجت بغير إذني، أو إلا بإذني، أو حتى آذن لك، فأنت طالق، ثم أذن لها.
(أو أذن لها) في الخروج (ولم تعلم) بالإذن وخرجت طلقت، لأن الإذن هو الإعلام ولم يعلمها (1) (أو خرجت) من قال لها: إن خرجت إلى غير الحمام بغير إذني فأنت طالق (تريد الحمام وغيره) أو عدلت منه إلى غيره (طلقت في الكل)(2) لأنها إذا خرجت للحمام وغيره، فقد صدق عليها أنها خرجت إلى غير الحمام (3)(لا إن أذن) لها (فيه) أي في الخروج (كلما شاءت) فلا يحنث بخروجها بعد ذلك، لوجود الإذن (4) (أو قال) لها: إن خرجت (إلا بإذن زيد؛ فمات زيد، ثم خرجت) فلا حنث عليه (5) .
(1) ولأنها قصدت بالخروج، مخالفته وعصيانه؛ أو أذن لها وعلمت، وخرجت، ثم خرجت ثانيًا بلا إذنه، طلقت، لخروجها بلا إذنه.
(2)
من أمثلة ما تقدم، وظاهر يمينه: المنع من غير الحمام، فكيفما سارت إليه حنث، كما لو خالفت لفظه.
(3)
سواء عدلت إلى الحمام، أو لم تعدل، لأنها خرجت إلى غير الحمام، بغير إذنه؛ قال الشيخ: وإن قال إن عصيت أمري فأنت طالق، ثم أمرها بشيء أمرًا مطلقًا، فخالفته، حنث؛ وإن تركته ناسية، أو جاهلة، أو عاجزة، ينبغي أن لا يحنث، لأن هذا الترك، ليس عصيانًا، قال تعالى:{وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} وقال صلى الله عليه وسلم «إن الله تجاوز لأمتي، عن الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه» واختاره في غير موضع.
(4)
فلا تطلق في شيء مما تقدم، للإذن العام، ما لم يجدد حلفًا، أو ينهاها.
(5)
قال في الإنصاف وغيره: على الصحيح من المذهب؛ وحنثه القاضي، وجعل المستثنى مخلوفًا عليه؛ وجزم به في الرعاية، فالله أعلم.
فصل في تعليقه بالمشيئة (1)
(إذا علقه) أي الطلاق (بمشيئتها "بإن" أو غيرها من الحروف)(2) أي الأدوات، كإذا، ومتى، ومهما (3)(لم تطلق حتى تشاء)(4) فإذا شاءت طلقت (5)(ولو تراخى) وجود المشيئة منها كسائر التعاليق (6) فإن قيد المشيئة بوقت كإن شئت اليوم فأنت طالق؛ تقيدت به (7) .
(1) أي في حكم تعليق الطلاق، بالمشيئة منها أو غيرها.
(2)
حملا على الغالب، ولهذا عبر الشارح بالأدوات.
(3)
وكـ"من" بفتح الميم "وأي" و"كلما"، وغيرها مما تقدم وغيره، كأن يقول: أنت طالق إن شئت، أو إذا شئت، أو متى شئت؛ أو كلما شئت، أو كيف شئت، أو حيث شئت؛ أو أنى شئت.
(4)
هي، إن علق الطلاق بمشيئتها، أو غيرها، ممن علق طلاقها بمشيئته.
(5)
أي فإذا قالت: قد شئت. بلفظها لا بقلبها، لأن ما في القلب لا يعلم حتى يعبر عنه اللسان، فيعلق الحكم به دون ما في القلب، وسواء شاءت راضية أو كارهة، لوجود المشيئة، لا مكرهة، لأن فعل المكره ملغى.
(6)
هذا المذهب، ويحتمل أن يقف على المجلس، كالاختيار، ولو رجع قبل مشيئتها، لم يصح رجوعه، على الصحيح من المذهب، كبقية التعاليق.
(7)
أي تقيدت المشيئة بذلك الوقت، فلا يقع بمشيئتها بعده.
(فإن قالت) من قال لها: إن شئت فأنت طالق (قد شئت إن شئت؛ فشاء لم تطلق)(1) وكذا إن قالت: قد شئت إن طلعت الشمس؛ ونحوه، لأن المشيئة أمر خفي، لا يصح تعليقه على شرط (2) (وإن قال) لزوجته:(إن شئت وشاء أبوك) فأنت طالق (3)(أو) قال: إن شئت وشاء (زيد) فأنت طالق (لم يقع) الطلاق (حتى يشاءا معا) أي: جميعا (4) فإذا شاءا وقع (5) ولو شاء أحدهما على الفور، والآخر على التراخي، لأن المشيئة قد وجدت منهما (6) .
(1) نص عليه، وذكره الموفق قول سائر أهل العلم، ونقل ابن المنذر الإجماع عليه، لأنه لم يوجد منها مشيئة، وإنما وجد منها تعليق مشيئتها بشرط، وليس بمشيئة.
(2)
ووجه الملازمة: إذا صح التعليق.
(3)
لم تطلق حتى يشاءا، هذا المذهب، وعليه جماهير الأصحاب، وجزم به الموفق وغيره، وقيل: بمشيئة أحدهما، واستبعده في الإنصاف.
(4)
أو قال لها: أنت طالق إن شاء زيد وعمرو؛ لم تطلق حتى يشاءا.
(5)
أي إذا شاءت، وشاء زيد؛ قولاً، لا نية فقط، وقع الطلاق المعلق، لوجود الصفة.
(6)
أي جميعا لفظا، ولو تأخرت مشيئة أحدهما عن الآخر.
(وإن شاء أحدهما) وحده (فلا) حنث، لعدم وجود الصفة وهي مشيئتهما (1) (و) إن قال لزوجته:(أنت طالق) إن شاء الله (أو) قال (عبدي حر إن شاء الله) أو إلا أن يشاء الله أو ما لم يشأ الله، ونحوه (2)(وقعا) أي الطلاق والعتق، لأنه تعليق على ما لا سبيل إلى علمه، فبطل (3) كما لو علقه على شيء من المستحيلات (4) .
(1) جميعًا، لأن الصفة مشيئتهما، فلا تطلق بمشيئة أحدهما، لعدم وجود الشرط.
(2)
كإن لم يشأ الله.
(3)
وطلقت، وعتق العبد، لما روي عن ابن عباس: إذا قال أنت طالق، إن شاء الله؛ فهي طالق. اهـ. وهو المذهب؛ وروى ابن عمر وأبو سعيد، قال: كنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، نرى الاستثناء جائزًا في كل شيء، إلا في الطلاق، والعتاق. ذكره أبو الخطاب، وقال الموفق: هذا نقل للإجماع؛ ولتضاد الشرط والجزاء، فلغى تعليقه.
(4)
فطلقت، ولم تنفعه المشيئة من غير تفصيل، كقوله: أنت طالق إن لم تصعدي السماء، ونحوه، فكل شرط مغيب، لا يدرك، يقع الطلاق المعلق به؛ وعن أحمد: ما يدل على أن الطلاق لا يقع؛ وهو قول أبي حنيفة، والشافعي، لأنه علقه على مشيئة لم يعلم وجودها. وقال الشيخ: لا يقع به الطلاق عند أكثر العلماء؛ وإن قصد أنه يقع به الطلاق، وقال إن شاء الله تثبيتًا لذلك، وتأكيدًا لإيقاعه، وقع عند أكثر العلماء؛ وهذا هو الصواب. وقال أيضًا: معناه: هي طالق، إن شاء الله الطلاق بعد هذا، والله لا يشاؤه، إلا بتكلمه بعد ذلك.
وقال: فإذا طلق بعد ذلك، فقد شاء الله وقوع طلاقها حينئذ، وكذا إن
قصد بقوله «إن شاء الله» أن يقع هذا الطلاق الآن، فإنه يكون معلقًا أيضًا على المشيئة، فإذا شاء الله وقوعه فيقع حينئذ، ولا يشاء الله وقوعه، حتى يوقعه هو ثانيًا.
(و) من قال لزوجته: (إن دخلت الدار فأَنت طالق إن شاء الله؛ طلقت إن دخلت) الدار لما تقدم (1) إن لم ينو رد المشيئة إلى الفعل (2) فإن نواه لم تطلق، دخلت أو لم تدخل، لأن الطلاق إذًا يمين، إذ هو تعليق على ما يمكن فعله وتركه، فيدخل تحت عموم حديث «من حلف على يمين، فقال: إن شاء الله؛ فلا حنث عليه» رواه الترمذي وغيره (3) .
(1) أي من قوله: إن دخلت الدار فأنت طالق. طلقت إن دخلت، وكذا أنت طالق إن دخلت الدار إن شاء الله. وفي التصحيح: لا تطلق من حيث الدليل، قال: وهو قول محققي الأصحاب، وهو ظاهر كلام الشيخ المتقدم.
(2)
أي فعل ما حلف على تركه، أو ترك ما حلف على فعله فإذا قال: أنت طالق لتدخلن الدار إن شاء الله. لم تطلق، دخلت أو لم تدخل، لأنها إن دخلت فقد فعلت المحلوف عليه، فإن لم تدخل علمنا أن الله لم يشأ دخولها، لأنه لو شاءه لوجد.
(3)
فرواه أحمد، والنسائي، وابن ماجه، من حديث ابن عمر، وللترمذي أيضًا، وابن ماجه من حديث أبي هريرة «من حلف فقال: إن شاء الله لم يحنث» وقال «فله ثنياه» وتعليق الطلاق إن كان تعليقًا محضًا، ليس فيه تحقيق خبر، ولا حض على فعل، كقوله: إن طلعت الشمس. فهذا يفيد فيه الاستثناء، وتوقيته بحادث، يتعلق بالطلاق معه غرض، كإن مات أبوك فأنت طالق، أو إن مات أبي فأنت طالق؛ فقياس المذهب أن الاستثناء لا يؤثر في مثل هذا، فإنه
لا يحلف عليه بالله، والطلاق فرع اليمين بالله، وإن كان المحلوف عليه، أو الشرط خبرا عن مستقبل، لا طلبا، كقوله: ليقدمن الحاج. فكاليمين، ينفع فيه الاستثناء وإن كان الشرط أمرًا عدميا، كإن لم أفعل كذا فأنت طالق إن شاء الله. فينبغي أن يكون كالثبوت في اليمين بالله.
(و) إن قال لزوجته: (أنت طالق لرضى زيد، أو) أنت طالق (لمشيئته طلقت في الحال) لأن معناه: أنت طالق لكون زيد رضي بطلاقك (1) أو لكونه شاء طلاقك (2) بخلاف: أنت طالق لقدوم زيد. ونحوه (3)(فإن قال: أردت) بقولي: لرضى زيد؛ أو لمشيئته (الشرط) أي تعليق الطلاق على المشيئة أو الرضى (قبل حكما)(4) .
(1) قال في الإنصاف: بلا نزاع أعلمه. وكذا: أنت طالق لقيامك؛ أو سوء خلقك. يقع في الحال، لأنه إيقاع معلل بعلة، قال وإن قال: أنت طالق إلا أن يشاء زيد، فمات، أو جن، طلقت بلا نزاع.
(2)
لكون اللام للتعليل، ولا يقع إلا بمشيئتة إذا لم ينو غيره، ويتوجه أن تعود المشيئة إليهما جميعا، وإما مطلقا، بحيث لو شاء أحدهما وقع ما شاء، حكاه في الاختيارات، وقال القاضي: أنت طالق إن لم يشأ زيد؛ قد علق الطلاق بصفة، هي عدم المشيئة، فمتى لم يشأ وقع، لوجود شرطه، وقال الشيخ: القياس إنها لا تطلق حتى تفوت المشيئة، إلا أن تكون نية، أو قرينة تقتضي الفورية.
(3)
كأنت طالق لغد أو لحيضتك. وهي طاهرة، لم تطلق حتى يأتي الغد أو حتى تحيض.
(4)
عند الجمهور، من الأصحاب وغيرهم.
لأن لفظه يحتمله، لأن ذلك يستعمل للشرط (1) وحينئذ لم تطلق حتى يرضى زيد أو يشاء (2) ولو مميزا يعقلها أو سكران (3) أو بإشارة مفهومة من أخرس (4) لا إن مات، أو غاب، أو جن قبلها (5) (و) من قال لزوجته:(أنت طالق إن رأيت الهلال (6) فإن نوى) حقيقة (رؤيتها) أي معاينتها إياه (لم تطلق حتى تراه)(7) .
(1) ولأن اللام وإن كانت للتعليل، لكنها في هذا المقام، الظاهر فيها الشرط، فحملناها عليه.
(2)
أي حتى يرضى زيد؛ في مثال تعليق الطلاق برضاه، أو حتى يشاء؛ في مثال تعليق الطلاق بمشيئته.
(3)
مراده إذا كان آثما بسكره، ووجهه أنه حينئذ مؤاخذ بأقواله، وأفعاله، فإذا شاء مع سكره الآثم، وقع الطلاق به تغليظًا، ورده الموفق، والشارح، بأنه غير عاص، وهذا واضح، وتقدم.
(4)
فوقع الطلاق لصحته ممن ذكر، هذا المذهب في الجملة.
(5)
أي المشيئة، وعليه الجمهور، لأن الشرط لم يوجد، وبعد عقد الحلف لم يقع الطلاق، لفوات شرطه، ولو قال: إلا أن يشاء زيد أو غيره؛ فمات، أو جن أو أبى المشيئة وقع، قال في الإنصاف: بلا نزاع، لأنه أوقع الطلاق، وعلق رفعه بشرط لم يوجد.
(6)
أو عند رأسه؛ طلقت إن رؤي الهلال، أو تمت العدة بتمام الشهر، لأن رؤيته في الشرع عبارة عما يعلم به دخوله، لقوله «صوموا لرؤيته» .
(7)
هلالا، قال في الإنصاف: بلا نزاع أعلمه، ويدين بلا نزاع.
ويقبل منه ذلك حكما، لأن لفظه يحتمله (1)(وإلا) ينو حقيقة رؤيتها (طلقت بعد الغروب برؤية غيرها)(2) وكذا بتمام العدة (3) إن لم ينو العيان (4) لأن رؤية الهلال – في عرف الشرع – العلم في أول الشهر، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم «إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا» (5) .
(1) هذا الصحيح من المذهب، وجزم به الموفق وغيره، ويقبل قوله في ذلك، لأنها رؤية حقيقة.
(2)
وهو مذهب الشافعي، قال الموفق وغيره: ويحتمل أن تطلق برؤيته قبل الغروب، لأنه يسمى رؤية، والحكم متعلق به في الشهر.
(3)
ثلاثين يوما، لأنه قد علم طلوعه.
(4)
بكسر العين، مصدر "عاين" أي نوى معاينة، وهي رؤيته بحاسة البصر، فلا تطلق حتى تراه وهو هلال.
(5)
وقوله «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته» ونحو ذلك، والمراد به رؤية البعض، وحصول العلم، فانصرف لفظ الحالف إلى عرف الشرع، وإن قال: إن رأيت زيدا فأنت طالق؛ فرأته حيا، أو ميتا، أو في ماء، أو زجاج شفاف طلقت، إلا مع نية أو قرينة، وإن رأت خياله في مرآة، أو ماء فلا، وفي مجالستها وهي عمياء وجهان، ولو قال: إن كانت امرأتي في السوق فعبدي حر. ثم قال: إن كان عبدي في السوق فامرأتي طالق. وكانا في السوق عتق ولم تطلق، لأن العبد عتق باللفظ الأول.