المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الموصي له - حاشية الروض المربع لابن قاسم - جـ ٦

[عبد الرحمن بن قاسم]

فهرس الكتاب

- ‌ تفارق العطية الوصية في أَربعة أَشياء

-

- ‌كتاب الوصايا

- ‌باب الموصي له

- ‌باب الوصية بالأنصباء والأجزاء

- ‌باب الموصي إليه

-

- ‌كتاب الفرائض

- ‌فصل في أحوال الأم

- ‌ لها أربعة أحوال:

- ‌فصل في ميراث الجدة

- ‌فصلفي ميراث البنات، وبنات الابن، والأخوات

- ‌فصل في الحجب

- ‌باب العصبات

- ‌باب التصحيح والمناسخات وقسمة التركات

- ‌باب ذوى الأرحام

- ‌باب ميراث المفقود

- ‌باب ميراث الغرقي

- ‌باب ميراث أهل الملل

- ‌ من موانع الإِرث اختلاف الدين

- ‌باب الإقرار بمشارك في الميراث

- ‌بابميراث القاتل والمبعض والولاء

-

- ‌كتاب العتق

- ‌باب الكتابة

- ‌باب أحكام أمهات الأولاد

-

- ‌كتاب النكاح

- ‌إن لم يتيسر له النظر بعث امرأة ثقة

- ‌ مبنى الولاية على الشفقة والنظر

- ‌باب المحرمات في النكاح

- ‌فصلفي الضرب الثاني من المحرمات

- ‌باب الشروط والعيوب في النكاح

- ‌من أسلم وتحته أكثر من أربع

- ‌فصل في النشوز

- ‌باب الخلع

- ‌لا يسقط الخلع غيره من الحقوق)

-

- ‌كتاب الطلاق

- ‌وكيل كل إنسان يقوم مقامه

- ‌من طلق في قلبه لم يقع

- ‌باب ما يختلف به عدد الطلاق

- ‌فصلفي الاستثناء في الطلاق

- ‌باب تعليق الطلاق بالشروط

- ‌ اعتراض الشرط على الشرط

- ‌فصل في مسائل متفرقة

- ‌باب الشك في الطلاق

- ‌باب الرجعة

الفصل: ‌باب الموصي له

‌باب الموصي له

(1)

(تصح) الوصية (لمن يصح تملكه) من مسلم وكافر (2) لقوله تعالى {إِلا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا} (3) قال محمد ابن الحنفية (4) : هو وصية المسلم لليهودي والنصراني (5) .

(1) وهو الثالث من أركان الوصية، وتقدم اثنان، موص، وصيغة، والرابع موصي به.

(2)

معين، مرتد، أو حربي، أو بدار حرب، كالهبة، وهذا مذهب مالك وأكثر أصحاب الشافعي، فعمر كسا أخًا له حلة وهو بمكة مشرك، وأسماء وصلت أمها وهي راغبة عن الإسلام، وصفية أم المؤمنين أوصت بثلثها لأخ لها يهودي، رواه البيهقي وغيره، وقوله:(لا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ) حجة فيمن لم يقاتل، وأما المقاتل فإنما نهي عن توليه، لا عن بره، والوصية له، وصحح الحارثي أنه إذا لم يتصف بالقتال أو المظاهرة وإلا فلا.

(3)

فدلت بعمومها على جواز بره.

(4)

نسبة إلى أمه، لأنها من بنى حنيفة، وإلا فهو محمد بن على بن أبي طالب رضى الله عنهما.

(5)

يعنى المعين، لما تقدم، وإلا فلا تصح للكافر غير المعين، كاليهود، والنصارى، والمجوس، أو فقرائهم، كالوقف عليهم، ولا لمعين بمصحف، ولا بعبد مسلم، ولا بسلاح.

ص: 56

وتصح لمكاتبه ومدبره، وأُم ولده (1)(ولعبده بمشاع كثلثه)(2) لأَنها وصية تضمنت العتق بثلث ماله (3)(ويعتق منه بقدره) أي بقدر الثلث (4) فإن كان ثلثه مائة، وقيمة العبد مائة فأَقل، عتق كله (5) لأَنه يملك من كل جزء من المال ثلثه مشاعًا، ومن جملته نفسه فيملك ثلثها، فيعتق ويسري إِلي بقيته (ويأْخذ الفاضل) من الثلث، لأَنه صار حرا (6) وإن لم يخرج من الثلث عتق منه بقدر الثلث (7) .

(1) أي وتصح الوصية لمكاتب الموصي، لأنه معه كالأجنبي في المعاملات، وكذا الوصية، وتصح لمدبره، فيقدم عتقه على وصيته له، وتصح لأم ولده، لوجود الحرية عند الموت، فتقبل التمليك.

(2)

أي وتصح الوصية لعبده إذا قبلها أو أمته بمشاع - كثلث ماله، أو ربعه - يتناول العبد نفسه، وتصح بنفس العبد ورقبته إن قبل، ويعتق كله إن خرج من ثلثه.

(3)

أي ثلث مال الموصي، فصحت إذا قبل العبد.

(4)

أو الربع من الجزء المشاع، لتعذر ملكه لنفسه.

(5)

وإن وصي له بجزء منه، وخرج من الثلث، عتق ما وصي له به من نفسه.

(6)

فملك الوصية، فيصير كأنه قال الموصي: اعتقوا عبدي من ثلثي، وأعطوه ما فضل منه.

(7)

إن لم تجز الورثة، والحاصل أنه إن كانت الوصية وفق قيمته عتق، أو أزيد فالزيادة له، أو أنقص فيعتق بقدره منه.

ص: 57

(و) إِن أَوصي (بمائة أَو بمعين) كدار وثوب (1)(لا تصح) هذه الوصية (له) أي لعبده (2) لأَنه يصير ملكا للورثة، فما وصى له به فهو لهم (3) فكأَنه وصى لورثته بما يرثونه، فلا فائدة فيه (4) ولا تصح لعبد غيره (5)(وتصح) الوصية (بحمل) تحقق وجوده قبلها (6) لجريانها مجرى الإِرث (7) .

(1) ونحو ذلك مما لا تتناول نفسه منه شيئا.

(2)

لأنه لا يدخل منه شيء فيما وصي له به، فلا يعتق منه شيء.

(3)

فتغلو الوصية.

(4)

وفارق ما إذا وصي له بمشاع كما تقدم، وإن وصي لعبد وارثه فكالوصية لوارثه، تقف على إجازة الورثة.

(5)

وكذا في المنتهى تبعا للتنقيح، وفي المقنع: تصح لعبد غيره. وذكره في المغني قولا واحدا، قال في الإنصاف: هذا المذهب، وعليه الأصحاب، ولم يذكر الحارثي والشارح فيه خلافا، فتصح له مطلقا، وهو مذهب مالك، والشافعي، سواء قلنا: يملك؛ أولا. صرح به ابن الزاغونى، وهو من كسب العبد، وتحصيل مال بغير عوض، فلا يفتقر لإذن السيد كالهبة.

(6)

أي وتصح الوصية بحمل هذه الأمة، أو هذه الدابة، إذا تحقق وجود الحمل قبل الوصية، إذا كان معينا، وأما إذا لم يعين فإنها تصح بالمعدوم والمجهول، كبما يحمل حيوانه أو شجرته لأن لفظة:«بما يحمل» ممكنها الحال والاستقبال.

(7)

من حيث كونها انتقال المال، من الإنسان بعد موته إلى الموصي له، كانتقاله إلى وارثه، وكون هذا يورث فيوصي به.

ص: 58

(و) تصح أَيضا (لحمل تحقق وجوده قبلها) أي قبل الوصية (1) بأَن تضعه لأَقل من ستة أَشهر من الوصية (2) إن كانت فراشا (3) أَو لأَقل من أَربع سنين إِن لم تكن كذلك (4) .

(1) قال الموفق وغيره: لا نعلم فيه خلافا.

(2)

أي يعلم وجوده حين الوصية بوضعه حيا لأقل من ستة أشهر من الوصية لجريان الوصية مجرى الميراث.

(3)

أي بأن يكون لها زوج أو سيد يطؤها، أو بائنا لأنا نعلم وجوده حين الوصية.

(4)

أي لم تكن فراشا، بحيث أن لا يكون لها زوج ولا سيد يطؤها، وتكون قد وطئت بشبهة، واعتبار الأربع من حين الوصية، وقال الشيخ: تصح للحمل، وقياس المنصوص في الطلاق أنها إذا وضعته لستة أشهر استحق، إن كانت ذات زوج أو سيد يطؤها، ولأربع سنين إن اعتزلها، وهو الصواب. اهـ.

وإذا ورث الحمل فالوصية له أولي، وإن انفصل ميتا بطلت، سواء كان لعارض أو لا، وإن وضعته حيا صحت، ولا بد من قبول الوصية للحمل، يقبل عنه وليه بعد موت الموصي، ولو ولدت توأمين في وقتين، أولهما لأقل من ستة أشهر، والثاني لأكثر، استحقا جميعا، لاستحالته لأقل من ستة أشهر، وهما في الحمل واحد.

وإن وصي لحمل فلانة من زيد؛ اعتبر ثبوت النسب من زيد، وإن كان الحمل ذكرًا وأنثى، فلهما الوصية، سواء، ما لم يفضل الموصي بينهما، وما تقدم في المدة مخصوص بالآدميات، وغيرها تختلف مدة الحمل فيه، فيرجع في ذلك لأهل الخبرة.

ص: 59

ولا تصح: لمن تحمل به هذه المرأَة (1)(وإِذا أَوصى من لا حج عليه أَن يحج عنه بأَلف صرف من ثلثه مؤنة حجة بعد أَخرى حتى ينفذ) الأَلف (2) راكبا أَو راجلا (3) لأَنه وصى بها في جهة قربة، فوجب صرفها فيها (4) فلو لم يكف الأَلف (5) أَو البقية حج به من حيث يبلغ (6) وإِن قال: حجة بأَلف؛ دفع لمن يحج به واحدة (7) عملا بالوصية حيث خرج من الثلث وإِلا فبقدره (8) .

(1) لأنه وصية لمعدوم، وهي تمليك، فلم تصح، وكذا لمجهول، كأن يوصي بثلثه لأحد هذين الرجلين ونحوهما، بخلاف الموصي به.

(2)

يدفع الوصي لكل واحد قدر ما يحج به من النفقة.

(3)

أي راكبا كان الحاج عن الموصي أو راجلا، ما لم يشترط الموصي.

(4)

ولا يجوز أن يدفع لواحد أكثر من نفقة المثل، لأنه أطلق التصرف في المعاوضة، فاقتضى ذلك عوض المثل.

(5)

أي للحج، حج به من حيث يبلغ.

(6)

أي أو صرف منه في حجة بعد أخرى، وبقي بقية، ولم تكف البقية للحج، حج بالباقي من حيث يبلغ، لأن الموصي قد عين صرف ذلك في الحج، فصرف فيه بقدر الإمكان.

(7)

صرح به الموفق وغيره، وإن قال: حجوا عني بألف. ولم يقل: واحدة لم يحج عنه إلا واحدة وما فضل للورثة، صرح به في الإقناع وغيره.

(8)

أي وإلا فبقدر الثلث.

ص: 60

وما فضل منها فهو لمن يحج، لأَنه قصد إِرفاقه (1)(ولا تصح) الوصية (لملك) وجني (وبهيمة وميت) كالهبة لهم (2) لعدم صحة تمليكهم (3) .

(1) فكأنه صرح فقال: حجوا عني حجة واحدة بألف، وما فضل منها فهو لمن يحج، وإن عينه صرف إليه، وإلا فللموصي صرفه لمن شاء، لأنه فوض إليه الاجتهاد، إلا أنه لا يصرفها إلى وارث إلا بإذن الورثة، وفي الاختيارات: ومن أوصي بإخراج حجة، فولاية الدفع والتعين للوصي الخاص إجماعا، وإنما للولي العام الاعتراض عليه، لعدم أهليته أو فعله محرما. اهـ.

ولا يصح حج وصي بإخراجها، لأنه منفذ، ولا وارث، لأن ظاهر كلام الموصي جعله لغيره، وإن عين الموصي أن يحج عنه الوارث بالنفقة جاز، وإن عينه فأبي الحج بطلت في حقه، ويحج عنه بأقل ما يمكن من نفقة ونحوها، والبقية للورثة، وقال الشيخ: لو وصي أن يحج عنه زيد تطوعا بألف، فيتوجه أنه إذا أبي المعين الحج حج عنه غيره، ولو وصي أن يصلي عنه بدراهم، لم تنفذ وصيته، وتصرف الدراهم في الصدقة، ويخص أهل الصلاة.

(2)

«ملك» بفتح اللام أحد الملائكة، و «الجني» واحد الجن، فلا تصح لهما لأنهما لا يملكان، ولا تصح لبهيمة إن قصد تمليكها، لأنه مستحيل، وتصح لنحو فرس حبيس، لأنه جهة قربة، ما لم يرد تمليكها وينفق الموصي به للفرس الحبيس، لأنه مصلحته، وإن مات رد الموصي به له، والميت لا يملك، فلا تصح له، كالهبة لهم، وتقدم أنها لا تصح لهم.

(3)

وهذا مذهب أبي حنيفة، والشافعي، ومالك، إلا في الميت إن علم فقال: لورثته. وقال الموفق وغيره: لا تصح له، لو لم يعلم بحاله، فلا تصح إذا علم كالبهيمة، ولأنه عقد يفتقر إلى القبول فلم يصح كالهبة.

ص: 61

(فإن وصى لحي وميت يعلم موته فالكل للحي)(1) لأَنه لما أَوصي بذلك مع علمه بموته فكأنه قصد الوصية للحى وحده (2)(وإن جهل) موته (فـ) ـللحي (النصف) من الموصي به، لأَنه أَضاف الوصية إِليهما، ولا قرينة تدل على عدم إِرادة الآخر (3) ولا تصح الوصية لكنيسة وبيت نار (4) .

(1) قاله أبو الخطاب، وقال الشارح: إذا وصي بثلثه أو بمائة لحى وميت، فللحي نصف الوصية، سواء علم موته أو لم يعلم، وهو قول أبي حنيفة وغيره، وذكره في الإنصاف المذهب، ووجهه أنه جعل الوصية لاثنين، فلم يستحق أحدهما جميعها، وإن وصي لاثنين حيين، فمات أحدهما، فللآخر نصف الوصية، قال الشارح، وصاحب الفروع؛ لا نعلم في هذا خلافا، ومثله لو بطلت الوصية في حق أحدهما لرده لها، أو لخروجه عن أن يكون من أهلها، وإن قال: هو بينهما. فله النصف قولا واحدا.

(2)

هذا التوجيه وجه في المذهب، وفي الإقناع، والمنتهي، وغيرهما: للحى النصف، ولو لم يقل: بينهما. لأنه أضاف الوصية إليهما، فإذا لم يكن أحدهما محلا للتمليك بطل في نصيبه، دون نصيب الحى، لعدم المعارض.

(3)

قولا واحدا، وكما لو كانت لحيين فمات أحدهما، وإن مات الموصي له بالمنفعة فلورثته ما كان له، حكاه ابن المنذر إجماعًا.

(4)

أي ولا تصح الوصية لكنيسة، معبد النصارى، ولا لبيت نار، وهو معبد المجوس، ولا لبيعة، ولا صومعة، ولا دير، ولا أي مكان من أماكن الكفر، ولا لحصرها، وقناديلها، وخدمها، ولو من ذمي، وهذا مذهب جمهور العلماء.

ص: 62

أو عمارتهما (1) ولا لكتب التوراة والإِنجيل ونحوهما (2)(وإِن أَوصى بماله لا بنيه وأَجنبي فردا) وصيته (فله التسع)(3) لأَنه بالرد رجعت الوصية إلى الثلث، والموصى له ابنان والأَجنبى، فله ثلث الثلث وهو تسع (4) .

(1) ولا لشيء من الإنفاق عليها، لأنه معصية، فلم تصح الوصية به، كعبده أو أمته للفجور، أو بشراء خمر، وخنزير يتصدق به على أهل الذمة، مسلما كان الموصي أو كافرًا، لأنه لا يجوز في الحياة، فلا يجوز في الممات، قال الشيخ: لو حبس الذمى من مال نفسه شيئا على معابدهم، لم يجز للمسلمين الحكم بصحته، لأنه لا يجوز لهم الحكم إلا بما أنزل الله، ومما أنزل الله أن لا يعاونوا على شيء من الكفر، والفسوق، والعصيان، فكيف يعانون بالحبس على المواضع التي يكفر فيها.

(2)

كالزبور، والصحف، لأنها كتب منسوخة، والاشتغال بها غير جائز، لما فيها من التغيير، والتبديل، وقد غضب النبي صلى الله عليه وسلم لما رأي مع عمر شيئا مكتوبا من التوراة، واختار الشيخ اشتراط القرب في الوصية.

(3)

وإن وصي لوارث وأجنبى فرد الورثة، فللأجنبى السدس.

(4)

وإن كان له ثلاثة أولاد، فأوصي لواحد بمثل نصيب أحدهم، فقال أبو حنيفة، والشافعي، وأحمد: له الربع. وإن وصي لوارث وأجنبي بثلثي ماله، فرد الورثة النصف، وهو ما جاوز الثلث، فالثلث بينهما، ولو ردوا نصيب وارث فقط، فالثلث للأجنبى، وأن أجازوا وصية الوارث كلها، وردوا نصف وصية الأجنبى، أو عكسوا، فعلى ما قالوا، ولا يملكون تنقيص الأجنبى عن نصف وصيته.

ص: 63

وإن وصى لزيد، والفقراء، والمساكين بثلثه، فلزيد التسع (1) ولا يدفع له شيء بالفقر، لأَن العطف يقتضي المغايرة (2) ولو أوصي بثلثه للمساكين، وله أقارب محاويج، غير وارثين، لم يوص لهم، فهم أَحق به (3) .

(1) والتسعان للفقراء، والمساكين، إذ الوصية لثلاث جهات، فوجبت التسوية بينهما، كما لو وصي لثلاثة أنفس.

(2)

لأن الظاهر بين المعطوف والمعطوف عليه المغايرة، ولأن تجويز ذلك يفضى إلى تجويز دفع نصيب المساكين كله إليه، ولفظه يقتضي خلاف ذلك، وكذا لو وصي لزيد وجيرانه.

(3)

لأن الوصية لهم أفضل، لقوله «للأقربين» ولقوله صلى الله عليه وسلم «اجعلها في القربى» وغير ذلك، وكالصدقة عليهم، بنص القرآن، والسنة أيضا.

ص: 64

باب الموصى به (1)

(تصح بما يعجر عن تسليمه (2) كآبق، وطير في هواء) (3) وحمل في بطن، ولبن في ضرع (4) لأَنها تصح بالمعدوم، فهذا أولى (5)(و) تصح (بالمعدوم (6) كـ) ـوصية (بما يحمل حيوانه) وأَمته (7) .

(1) من مال ومنفعة، وهو المكمل لأركان الوصية الأربعة، ويعتبر إمكانه واختصاصه، فلا تصح بمدبر، ولا بمال الغير.

(2)

قولا واحدا، لأنها أجريت مجرى الميراث، وما يعجز عن تسليمه يورث،

فيوصي به.

(3)

وكشارد، وللوصي السعي في تحصيله.

(4)

وسمك في بحر، وقال الحارثي: اللبن في الضرع يمكن تسليمه بالحلب لكنه من نوع المجهول، أو المعدوم.

(5)

وإن قدر عليه أخذه إن خرج من الثلث.

(6)

لأنه يجوز ملكه بالسلم، والمضاربة، والمساقاة، فجاز ملكه بالوصية.

(7)

أي كوصيته بما يحمل به حيوانه أبدا، أو مدة معينة، أو بما تحمل به أمته أبدا، أو مدة معينة، وقال الشيخ: الذي يظهر لي أنه لا تصح الوصية بالحمل، نظرا إلى علة التفريق، إذ ليس التفريق مختصا بالبيع، بل هو عام في كل تفريق إلا العتق، وافتداء الأسير.

ص: 65

(وشجرته، أَبدا، أَو مدة معينة) كسنة (1) ولا يلزم الوارث السقي، لأَنه لم يضمن تسليمها، بخلاف بائع (2)(فإِن) حصل شيء، فهو للموصي له بمقتضى الوصية (3) وإِن (لم يحصل منه شيء بطلت الوصية)(4) لأَنها لم تصادف محلا (5)(وتصح بـ) ـما فيه نفع مباح من (كلب صيد ونحوه) كحرث، وماشية (6)(وبزيت متنجس) لغير مسجد (7)(و) للموصي (له ثلثهما) أي ثلث الكلب، والزيت المتنجس (ولو كثر المال، إن لم تجز الورثة)(8) .

(1) أو سنتين، وأما: بحملها. فيشترط وجوده عند الوصية كما تقدم، والفرق أن هذا تعليق فيصح.

(2)

وكوصيته بمائة درهم لا يملكها، وليس من قبيل الوصية بمال غيره، لأنه لم يضفها إلى ملك غيره.

(3)

أي فإن حصل شيء مما وصي به من المعدوم فلموصي له بمقتضى الوصية إلا حمل الأمة إذا قيل بصحتها، فيعطى مالك الأمة قيمته، لحرمة التفريق.

(4)

قولا واحدا.

(5)

كما لو أوصي بثلثه ولم يخلف شيئا، أو لم تحمل الأمة حتى صارت حرة.

(6)

وجرو يربى لما يباح اقتناؤه له، لأن فيه نفعا مباحا، وتقر اليد عليه.

(7)

لأن فيه نفعا مباحا، وهو الاستصباح به، ولا تصح به لمسجد، لأنه لا يجوز الا ستصباح به فيه، لنجاسته.

(8)

ولو وصي بكلابه لزيد، وبثلث ماله لعمرو، فلعمرو الثلث، ولزيد ثلث الكلاب، قولا واحدا، إن لم تجز الورثة.

ص: 66

لأَن موضوع الوصية على سلامة ثلثي التركة للورثة، وليس من التركة شيء من جنس الموصي به وإِن (1) وصى بكلب، ولم يكن له كلب، لم تصح الوصية (2)(وتصح بمجهول كعبد، وشاة)(3) لأَنها إذا صحت بالمعدوم فالمجهول أَولي (4)(ويعطى) الموصى له (ما يقع عليه الاسم) لأَنه اليقين كالإقرار (5) فإِن اختلف الاسم بالحقيقة والعرف (6) قدم (العرفي) في اختيار الموفق (7) .

(1) ولو وصي بثلث ماله، ولم يوص بالكلاب، دفع له ثلث المال، ولم تحسب الكلاب، لأنها ليست بمال.

(2)

ولا تصح الوصية بما لا يباح اتخاذه من الكلاب كالعقور، وما لا يصلح للصيد والزرع، ولا بالخنزير، ولا بشيء من السباع التي لا تصلح للصيد، ولا بخمر، وميتة، ونحوها.

(3)

وثوب غير معين، قولا واحدا.

(4)

ولأن الموصي له شبيه بالوارث، من جهة انتقال شيء من التركة إليه مجانا، والجهالة لا تمنع الإِرث، فلا تمنع الوصية.

(5)

ولأنه مقتضى اللفظ.

(6)

ومثاله الشاة في الحقيقة، اسم للذكر والأنثى من الضأن والمعز، لقوله «في أربعين شاة شاة» وفي العرف للأنثى الكبيرة من الضأن، والبعير والثور في الحقيقة، للذكر والأنثى، وفي العرف للذكر، الكبير من الإبل والبقر.

(7)

وغيره، وقال الشارح: لأن الظاهر أن المتكلم إنما يتكلم بعرفه، ولا يريد إلا ما يفهمه أهل بلده.

ص: 67

وجزم به في الوجيز: والتبصرة (1) لأَنه المتبادر إِلي الفهم (2) وقال الأَصحاب: تغلب الحقيقة، لأَنها الأَصل (3)(وإِذا أَوصي بثلثه) أَو نحوه (4)(فاستحدث مالا (5) ولو دية) بأَن قتل عمدا أَو خطأً وأُخذت ديته (6)(دخل) ذلك (في الوصية)(7) لأَنها تجب للميت بدل نفسه، ونفسه له، فكذا بدلها، ويقضى منها دينه، ومؤنة تجهيزه (8) .

(1) والإقناع وغيرها كالأيمان.

(2)

ولأن الظاهر إرادته، ولأنه لو خوطب قوم بشيء لهم فيه عرف، وحملوه على عرفهم، لم يعدوا مخالفين.

(3)

وصححه المنقح، وهو قول القاضي، وأبي الخطاب، وابن عقيل، وغيرهم، وجزم به في المنتهي، لأنها الأصل، ولهذا يحمل عليها كلام الله، وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(4)

كربع ماله، أو خمسه، أو سدسه، أو جزء منه.

(5)

بعد وصيته، ولو بنصب أحبولة قبل موته فيقع فيها صيد بعد موته، دخل تحت ثلثه في الوصية، لحدوثها على ملك الميت.

(6)

قال أحمد: قضى النبي صلى الله عليه وسلم أن الدية ميراث.

(7)

أي ما استحدث من المال ولو دية، لأن الدية ميراث، تحدث على ملك الميت.

(8)

وتحسب على الورثة من ثلثيه إن وصي بمعين.

ص: 68

(ومن أُوصي له بمعين، فتلف) قبل موت الموصي، أَو بعده قبل القبول (بطلت) الوصية (1) لزوال حق الموصي له (2)(وإن تلف المال غيره) أي غر المعين الموصي به (فهو للموصي له) لأَن حقوق الورثة لم تتعلق به، لتعيينه للموصي له (3)(إن خرج من ثلث المال الحاصل للورثة)(4) وإِلا فبقدر الثلث (5) والاِعتبار في قيمة الوصية - ليعرف خروجها من الثلث وعدمه - بحالة الموت (6) .

(1) قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن الرجل إذا وصي له بشيء، فهلك الشيء، أن لا شيء له في سائر مال الميت.

(2)

وذلك لأن الموصي له إنما يستحق بالوصية لا غير، وقد تعلقت بعين، فإذا ذهبت ذهب حقه. كما لو تلف في يده، ولو وصي أن يعطى زيد مائة من أحد كيسين، فلم يوجد فيهما شيء، استحق مائة، اعتبارًا للمقصود، وهو أصل الوصية.

(3)

ولذلد يملك أخذه، بغير رضاهم، فكان حقه فيه، دون سائر المال وحقوقهم في سائر المال دونه، وأيهما تلف حقه لم يشارك الآخر في حقه.

(4)

عند الموت، وكان غيره عينا حاضرة، يتمكن وارث من قبضها.

(5)

أي وإن لم يخرج من الثلث لم يملك الموصي له إلا بقدر الثلث، إلا بإجازة الورثة.

(6)

فإن كان الموصي به وقت موت موص ثلث التركة، أو دونه، أخذه موصي له كله، ولو زادت قيمته بعد ذلك، حتى عادل المال كله، أو أكثر منه، أو هلك المال كله سواه.

ص: 69

لأَنها حالة لزوم الوصية (1) وإِن كان ما عدا المعين دينا أَو غائبا (2) أَخذ الموصي له ثلث الموصي به (3) وكل ما اقتضى من الدين (4) أَو حضر من الغائب شيء ملك من الموصي به قدر ثلثه، حتى يملكه كله (5) .

(1) فتعتبر قيمة المال فيها، قال الموفق: لا نعلم فيه خلافا.

(2)

أي وإن كان ما عدا الموصي به المعين دينا بذمة موسر أو معسر، أو مالا غائبا عن البلد.

(3)

يسلم إليه وجوبا، لاستقرار حقه فيه، وليس له أخذ المعين قبل قدوم الغائب، وقبض الدين، لأنه ربما تلف، فلا تنفذ الوصية في المعين كله، ويأخذ الموصي له من المعين ثلثه.

(4)

شيء، ملك الموصي له قدر ثلثه، لأنه موصي له به.

(5)

أي ثلث المال، الحاضر منه والغائب، بمقتضى الوصية، إن حصل من الدين أو الغائب، وإنما منع قبل ذلك لحق الورثة وقد زال، قال الشيخ: لو أوصي بوقف ثلثه، فأخر الوقف حتى نما، فنماؤه يصرف مصرف نماء الوقف، ولو وصي أن يشتري مكان معين، ويوقف على جهة بر، فلم يبع ذلك المكان، اشتري مكان آخر، ووقف على الجهة التي وصي بها الموصي.

ص: 70