الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الخلع
(1)
وهو فراق الزوجة بعوض (2) بألفاظ مخصوصة (3) سمي بذلك لأن المرأة تخلع نفسها من الزوج، كما تخلع اللباس (4) قال تعالى {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} (5)(من صح تبرعه) وهو الحر، الرشيد، غير المحجور عليه (من زوجة وأجنبين صح بذله لعوضه)(6) .
(1) الأصل في جواز وقوعه الكتاب، والسنة، والإجماع، قال تعالى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} وقصة ثابت، وإجماع الأئمة، كما حكاه غير واحد.
(2)
أي: والخلع فراق الزوج امرأته، بعوض يأخذه الزوج، من امرأته أو غيرها.
(3)
أي فلا يحصل بمجرد بذل المال وقبوله، من غير لفظ الزوج، قال القاضي: هذا الذي عليه شيوخنا، وقدمه في المغني، والشرح، والفروع، وغيرها.
(4)
أي فأصل الخلع من خلع الثوب.
(5)
شبه باللباس، لاشتمال كل على صاحبه، اشتمال اللباس على اللابس.
(6)
فمن الزوجة للآية والحديث، ومن والأجنبي: بأن يسأل الزوج أن يخلع زوجته، بعوض يبذله له، وهو مذهب الجمهور، كما في الاختيارات وغيرها، من أنه يجوز أن يختلعها، كما يجوز أن يفتدي الأسير، وكما يجوز أن يبذل الأجنبي لسيد العبد عوضا لعتقه، ولهذا ينبغي أن يكون ذلك مشروطا، بما إذا كان قصده تخليصها من رق الزوج، لمصلحتها في ذلك.
ومن لا فلا (1) لأنه بذل مال، في مقابلة ما ليس بمال، ولا منفعة، فصار كالتبرع (2)(فإذا كرهت) الزوجة (خلق زوجها أو خلقه) أُبيح الخلع (3) والخلع – بفتح الخاء – صورته الظاهرة، وبضمها: صورته الباطنة (4)(أَو) كرهت (نقص دينه (5) أو خافت إثما بترك حقه، أُبيح الخلع) (6) .
(1) أي ومن لم يصح تبرعه من زوجة وأجنبي، لم يصح بذله لعوض في الخلع.
(2)
فلم يصح، وشروط الخلع تسعة، بذل العوض ممن يصح تبرعه، وزوج يصح طلاقه، غير هازل، وعدم عضلها إن بذلته، ووقوعه بصيغته، وعدم نية طلاق، وتنجيزه، ووقوعه على جميع الزوجة، وعدم حيلة كما يأتي.
وفائدته: تخلصها منه، على وجه لا رجعة له عليها إلا برضاها، وعقد جديد، وعدم نقص عدد الطلاق.
(3)
على عوض، تفتدي به نفسها منه.
(4)
فالأولى لقصة بنت أبي بن سلول وغيرها، والثانية لما تقدم، من الحث على حسن الخلق، والعشرة، وقوله «خيركم خيركم لنسائه» الحديث.
(5)
أو لكبره، أو ضعفه، ونحو ذلك، أبيح لها الخلع.
(6)
على عوض تفتدي به، وفي الاختيارات: اختلف كلام أبي العباس في وجوب الخلع، لسوء العشرة بين الزوجين.
لقوله تعالى {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} (1) وتسن إجابتها إذًا (2) إلا مع محبته لها، فيسن صبرها، وعدم افتدائها (3)(وإلا) يكن حاجة إلى الخلع، بل بينهما الاستقامة (كره، ووقع)(4)
(1) أي إلا أن يعلم الزوج أو الزوجة أن لا يقيما حدود الله، يخاف الزوج إذا لم تطعه امرأته أن يعتدي عليها، وتخاف المرأة أن تعصي الله في أمر زوجها، فلا جناح عليهما، فيما افتدت به المرأة نفسها منه، قال ابن عبد البر: لا نعلم أحدا خالف في ذلك إلا المزني، فإنه زعم أنها منسوخة بقوله {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ} .
(2)
لما في الصحيح أن امرأة ثابت بن قيس قالت: يا رسول الله ما أعيب عليه من دين ولا خلق، ولكن أكره الكفر في الإسلام. أي كفران العشير المنهي عنه، والتقصير فيما يجب له بسبب شدة البغض له، فقال «أتردين عليه حديقته؟» قالت: نعم، فأمرها بردها، وأمره بفراقها، رواه البخاري، فتستحب إجابتها فيما تقدم من الصور.
(3)
قال أحمد: إن كانت تبغضه وهو يحبها، لا آمرها بالخلع، وينبغي لها أن تصبر، وحمله القاضي على الاستحباب لا الكراهة، لنصه على جوازه في مواضع، وفي الاختيارات: إن كانت مبغضة له لخلقه، أو غير ذلك من صفاته، وهو يحبها، فكراهة الخلع في حقه تتوجه، وقال الشيخ: إذا أبغضته وهو محسن إليها، فإنه يطلب منه الفرقة، من غير أن يلزم بذلك، فإن فعل، وإلا أمرت المرأة بالصبر، إذا لم يكن هناك ما يبيح الفسخ.
(4)
أي كره الخلع منه ومنها في هذه الحالة، ووقع، قال الوزير وغيره:
اتفقوا على أنه يصح الخلع، مع استقامة الحال بين الزوجين، وقال ابن رشد: الجمهور أنه جائز مع التراضي، إذا لم يكن سبب رضاها بما تعطيه إضراره بها.
لحديث ثوبان مرفوعا «أيما امرأة سألت زوجها الطلاق، من غير ما بأْس، فحرام عليها رائحة الجنة» رواه الخمسة إلا النسائي (1)(فإن عضلها ظلما للإفتداء) أي لتفتدي منه (2)(ولم يكن) ذلك (لزناها، أو نشوزها، أو تركها فرضا (3) ففعلت) أي افتدت منه، حرم ولم يصح (4) .
(1) والحديث ظاهره التحريم، للوعيد الشديد، وقال الشيخ: إذا كان كل منهما مريدا لصاحبه، فالخلع محدث في الإسلام، والخلع الذي جاءت به السنة: أن تكون المرأة مبغضة للرجل، فتفتدي نفسها منه كالأسير.
(2)
أي فإن عضلها، بأن ضارها بالضرب، والتضييق عليها، أو منعها حقوقها، من القسم، والنفقة، ونحو ذلك، كما لو نقصها شيئًا من ذلك، ظلما لتفتدي نفسها منه.
(3)
أي ولم يكن فعل ذلك – يعني الضرب، والتضييق، والمنع من الحقوق – لزناها، أو نشوزها، أو تركها فرضا من صوم، أو صلاة، ونحو ذلك.
(4)
أي حرم ما أخذ منها، وقاله الشيخ وغيره، ولم يصح الخلع، قال في الإقناع: الخلع باطل، والعوض مردود، والزوجية بحالها، وفي الاختيارات: لو عضلها لتفتدي نفسها منه، ولم تكن تزني، حرمت عليه، وقال ابن عقيل: العوض مردود، والزوجة بائن، قال أبو العباس: وله وجه حسن، ووجه قوي، إذا قلنا: الخلع يصح بلا عوض، فإنه بمنزلة من خلع على مال مغصوب، أو خنزير ونحوه، وتخريج الروايتين هنا قوي جدًا.
لقوله تعالى {وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (1) فإن كان لزناها، أو نشوزها، أو تركها فرضا جاز وصح، لأَنه ضرها بحق (2)(أو خالعت الصغيرة، والمجنونة، والسفيهة) ولو بإذن ولي (3)(أو) خالعت (الأَمة بغير إذن سيدها، لم يصح الخلع)(4) لخلوه عن بذل عوض ممن يصح تبرعه (5) .
(1) أي لا تضاروهن في العشرة، لتترك بعض ما أصدقتها، أو كله، أو حقا من حقوقها عليك، أو شيئًا من ذلك، على وجه القهر لها والإضرار، قال ابن عباس: هذا في الرجل تكون له المرأة، وهو كاره لصحبتها، ولها عليه مهر، فيضرها لتفتدي به، فنهى تعالى عن ذلك، ثم قال {إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} يعني الزنا، فله أن يسترجع منها الصداق الذي أعطاها، ويضاجرها حتى تتركه له، ويخالعها، وقال بعضهم: النشوز ومعصيتها، والآية تعم ذلك كله.
(2)
وإن لم يعضلها ليذهب ببعض مالها صح، ولكن عليه إثم الظلم، ولا بأس به في الحيض، والطهر الذي أصابها فيه، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يسأل المختلعة عن حالها.
(3)
لم يصح الخلع، لأنه تصرف في المال، ممن ليس بأهل للتصرف، ولا إذن للولي في التبرعات، وقال في المبدع: الأظهر الصحة مع الإذن لمصلحته، وبدونه فلا، لصدوره ممن ليس بأهل للتصرف، فلم يصح.
(4)
سواء كان على شيء معين، أو في ذمتها.
(5)
والرقيق ليس بأهل للتصرف بدون إذن سيده، فلم يصح منه كالمجنون، وبإذنه يصح كالبيع، ويكون العوض في ذمته.
(ووقع الطلاق رجعيًا إن) لم يكن تم عدده (1) و (كان) الخلع المذكور (بلفظ الطلاق، أو نيته)(2) لأنه لم يستحق به عوضا (3) فإن تجرد عن لفظ الطلاق ونيته فلغو (4) ويقبض عوض الخلع زوج رشيد، ولو مكاتبا، أو محجورا عليه لفلس (5) وولي الصغير ونحوه (6) ويصح الخلع ممن يصح طلاقه (7)
(1) أي ثلاثا، لأن الثلاث لا رجعة معها إلا بعد نكاح زوج، كما في الآية.
(2)
وقع الطلاق، ولم يصح الخلع.
(3)
أي لأنه لم يستحق بذلك الخلع عوضًا، لصدوره ممن ليس بأهل للتصرف.
(4)
لخلوه عن العوض.
(5)
لأهليتهم للقبض.
(6)
كالصغير، والسفيه، وإن كان الزوج محجورًا عليه لغير فلس، كعبد، وصغير، ومميز، وسفيه، دفع المال إلى سيد العبد، وولي الصغير، والسفيه، لعدم أهليتهم لقبضه.
(7)
وأن يتوكل فيه، مسلما كان أو ذميا، لأنه إذا صح طلاقه صح خلعه، وفي الاختيارات: التحقيق أنه يصح ممن يصح طلاقه، بالمالك، والوكالة، أو الولاية، كالحاكم في الشقاق، وكذا لو فعله الحاكم في الإيلاء أو العنة أو الإعسار، وغيرها من المواضع التي يملك الحاكم فيها الفرقة. قال: والأظهر أن المرأة إذا كانت تحت حجر الأب، أن له أن يخالع بمالها، إذا كان لها فيه مصلحة، ويوافق ذلك بعض الروايات عن مالك، وتخرج على أصول أحمد.
فصل (1)
(والخلع بلفظ صريح الطلاق (2) أو كنايته) أي كناية الطلاقة (وقصده) به الطلاق (طلاق بائن)(3) لأنها بذلت العوض لتملك نفسها، وأجابها لسؤالها (4)(وإن وقع) الخلع (بلفظ الخلع، أو الفسخ، أو الفداء) بأن قال: خلعت، أو فسخت، أو فاديت (5) .
(1) أي فيما يقع به الخلع، من لفظ أو عوض.
(2)
طلاق بائن، لا يملك رجعتها.
(3)
أي وقصده بكناية الطلاق: الطلاق، كأبرأتك، وأبنتك؛ طلاق بائن، لا يملك رجعتها، لكن له أن يتزوجها بعقد جديد، ولو لم تنكح زوجا غيره، ما لم يوقع عليها ثلاث تطليقات، وله أن يتزوجها في العدة.
(4)
فخرجت من قبضته، لقوله تعالى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} وإنما يكون فداء إذا خرجت من قبضته وسلطانه، ولو لم يكن بائنًا لملك الرجعة، وكانت تحت حكمه وقبضته، ولأن القصد إزالة الضرر عنها، فلو جازت الرجعة لعاد الضرر.
(5)
فصريح، يقع به الخلع من غير نتيه، وإن قلنا: هو فسخ أو طلاق، وقال ابن القيم: كل ما دخله المال فهو فدية، بأي لفظ كان، والألفاظ لم ترد لذواتها، ولا تعبدنا بها، وإنما هي وسائل إلى المعاني.
(ولم ينوه طلاقا، كان فسخا، لا ينقص عدد الطلاق)(1) روي عن ابن عباس (2) واحتج بقوله تعالى {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} ثم قال {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} (3) ثم قال {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (4) .
(1) أي ولم ينو بلفظ الخلع، أو الفسخ، أو الفداء طلاقا، كان فسخا، لأنها صريحة فيه، ومفهومه: إن نواه طلاقا فطلاق لسرايته، وجزم به غير واحد، وعنه: هو فسخ ولو نوى به الطلاق؛ اختاره الشيخ، وقال: ولو أتى بصريح الطلاق، وليس من الطلاق الثلاث، وهذا هو المنقول عن ابن عباس في أصحابه، وعن أحمد، وقدماء أصحابه: لم يفرق أحد من السلف، ولا أحمد بن حنبل، ولا أحد من أصحابه في الخلع بين لفظ ولفظ، لا لفظ الطلاق، ولا غيره، بل ألفاظهم كلها صريحة في أنه فسخ بأي لفظ كان.
وقال ابن القيم: قال أحمد: الخلع فرقة، وليس بطلاق؛ وقيل له: تذهب إلى حديث ابن عباس؟ فقال: ابن عباس يتأول الآية، وكان يقول: هو فداء، ذكر الله الطلاق في أول الآية، والفداء في وسطها، وذكر الطلاق بعد الفداء، ليس هو طلاق، وإنما هو فداء. فجعل ابن عباس وأحمد الفداء فداء لمعناه، لا لفظه وهذا هو الصواب، فإن الحقائق لا تتغير بتغير الألفاظ.
(2)
أنه كان يقول: هو فداء.
(3)
أي افتدت به المرأة نفسها منه.
(4)
أي ثم قال تعالى بعد أن ذكر الفداء {فَإِنْ طَلَّقَهَا} يعني الثالثة {فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ} أي الطلاق الثلاث {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} وهذا مما لا نزاع فيه.
فذكر تطليقتين والخلع، وتطليقة بعدهما (1) فلو كان الخلع طلاقا لكان رابعا (2) وكنايات الخلع: باريتك، وأبرأتك، وأبنتك (3) لا يقع بها إلا بنية (4) أو قرينة، كسؤال، وبذل عوض (5) ويصح بكل لغة من أهلها (6) لا معلقا (7) .
(1) أي فذكر تعالى تطليقتين في قوله {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} والخلع في قوله {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} وذكر تطليقة بعد أن ذكر التطليقتين والخلع، فكان الطلاق المذكور ثلاثا.
(2)
فليس هو طلاقا، وإنما هو فداء، ولأنه فرقة، فكان فسخا، كسائر الفسوخ.
(3)
وذلك لأن الخلع أحد نوعي الفرقة، فكان له صريح وكناية كالطلاق.
(4)
أي فلا يقع الخلع بالكناية إلا بنية ممن تلفظ به منهما، ككنايات الطلاق.
(5)
فإذا طلبت، وبذلت العوض، صح من غير نية، لأن دلالة الحال صارفة إليه، فأغنى عن النية.
(6)
التي يفهم منها أنه سأل الإبراء على أن يطلقها، أو أنها أبرأته على أنه يطلقها، قاله الشيخ، وقال: إن كانت أبرأته براءة لا تتعلق بالطلاق، ثم طلقها بعد ذلك فهو رجعي. اهـ. لخلوه عن العوض لفظا ومعنى، وتصح ترجمة الخلع بكل لغة من أهلها.
(7)
أي على شرط، كإن بذلت لي كذا فقد خلعتك. وإن تخالعا هازلين فلغو، ما لم يكن بلفظ الطلاق أو نيته.
(ولا يقع بمعتدة من خلع طلاق، ولو واجهها) الزوج (به)(1) روي عن ابن عباس، وابن الزبير (2) ولأنه لا يملك بضعها، فلم يلحقها طلاقه كالأجنبية (3)(ولا يصح شرط الرجعة فيه) أي في الخلع (4) ولا شرط خيار (5) ويصح الخلع فيهما (6)(وإن خالعها بغير عوض) لم يصح (7) لأنه لا يملك فسخ النكاح لغير مقتض يبيحه (8)(أو) خالعها (بمحرم) يعلمانه (9)
(1) كقوله: أنت طالق.
(2)
ولا يعرف لهما مخالف في عصرهما.
(3)
ولأنها لا تحل له إلا بنكاح جديد، فلم يلحقها طلاق كالمطلقة قبل الدخول أو كالتي انقضت عدتها.
(4)
لمنافاته الخلع.
(5)
أي ولا يصح شرط الخيار في الخلع، لمنافاته له أيضًا.
(6)
أي في شرط الرجعة فيه، وشرط الخيار فيه، لأنه لا يفسد بالعوض الفاسد فلا يفسد بالشرط الفاسد، بل يقع الخلع، ويلغو شرط الرجعة، أو شرط الخيار، وقياس المذهب: لو شرط الرجعة في الخلع صح الشرط، كما لو بذلت له مالا على أن تملك أمرها، نص عليه، لأن الأصل جواز الشرط في العقود.
(7)
أي الخلع، هذا المذهب، جزم به في الإقناع وغيره.
(8)
وإذا لم يكن صحيحًا لم يترتب عليه شيء، وعنه: يصح، وهو اختيار الخرقي، وقول مالك.
(9)
أي المتخالعان.
كخمر، وخنزير، ومغصوب (لم يصح) الخلع (1) ويكون لغوا، لخلوه عن العوض (2)(ويقع الطلاق) المسؤل على ذلك (رجعيا (3) إن كان بلفظ الطلاق، أو نيته) لخلوه عن العوض (4) وإن خالعها على عبد فبان حرا، أو مستحقا، صح الخلع، وله قيمته (5) ويصح على رضاع ولده، ولو أطلقا (6)
(1) لأن الخلع على ذلك – مع العلم بتحريمه – يدل على رضى فاعله بغير شيء.
(2)
وإن كانا يجهلانه صح الخلع، وكان له بدله، وإن خالعته على الإبراء مما يعتقدان وجوبه اجتهادًا أو تقليدًا، مثل أن يخالعها على قيمة كلب أتلفته، معتقدين وجوب القيمة، فينبغي أن يصح، حكاه، في الاختيارات، وإن أطلقا الخلع، فقال الشيخ: يصح بالصداق، كما لو أطلقا النكاح، ثبت صداق المثل فكذا الخلع أولى.
(3)
ولا شيء عليها، لأنه رضى بغير شيء.
(4)
ولأنه يصلح كناية عن الطلاق، فإن لم يكن بلفظ الطلاق أو نيته لم يكن شيئًا.
(5)
إن كانت هي الباذلة له، وإلا فعلى باذله، وإن خالعها على خل فبان خمرا، رجع عليها بمثله خلا، وإن كان العوض مثليا وبان مستحقا فله مثله، وصح الخلع، وإن كان معيبا فكبيع.
(6)
أي ويصح الخلع على رضاع ولده، منها أو من غيرها، مدة معلومة، ويصح ولو أطلقا المدة.
وينصرف إلى حولين، أو تتمتهما (1) فإن مات رجع ببقية المدة، يوما فيوما (2)، (وما صح مهرا) من عين مالية (3) ومنفعة مباحة (صح الخلع به) (4) لعموم قوله تعالى:{فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} (5)(ويكره) خلعها (بأكثر مما أعطاها) لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث جميلة «ولا يزداد» (6) .
(1) أي وينصرف المطلق إلى حولين إن كان الخلع عقب الوضع أو قبله، أو تتمة الحولين إن كان الخلع في أثناء الحولين، حملا للمطلق على المقيد، وكذا لو خالعته على كفالته، ونفقته مدة معينة، ولو لم توصف النفقة، والأولى ذكر مدة الرضاع، وصفة النفقة، وإلا رجع إلى العرف والعادة.
(2)
لأنه ثبت منجمًا، فلا يستحقه معجلا، وكذا النفقة، وقال الوزير: اتفقوا على أنه إذا خالعها على رضاع ولدها سنتين، جاز ذلك، فإن مات قبل الحولين، فقال أبو حنيفة وأحمد: يرجع بقيمة الرضاع المشروط، وهو أحد القولين لمالك والشافعي.
(3)
كعبد ودار، صح الخلع به.
(4)
أي وما صح المهر به من منفعة مباحة كتعليم علم، صح الخلع به، لا الغناء المحرم، فمحرم عند أبي حنيفة، ومالك، وهو أحد القولين في مذهب الشافعي وأحمد، وكذا آلات اللهو، قال الشيخ؛ الأئمة متفقون على تحريم الملاهي التي هي آلات اللهو، كالعود ونحوه، ويحرم اتخاذها، ولم يحك عنهم نزاع في ذلك، أي فلا يصح الخلع عليها.
(5)
وقال أبو بكر: لا يجوز، وترد الزيادة، وهو رواية عن أحمد.
(6)
هذا المذهب.
ويصح الخلع إذًا (1) لقوله تعالى {فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} (2)(وإن خالعت حامل بنفقة عدتها صح)(3) ولو قلنا: النفقة للحمل لأَنها في التحقيق في حكم المالكة لها مدة الحمل (4)(ويصح) الخلع (بالمجهول) كالوصية (5) ولأنه إسقاط لحقه من البضع وليس بتمليك شيء (6) والإسقاط يدخله المسامحة (7) .
(1) ويحمل النهي على الكراهة، وعنه: لا يكره؛ وهو مذهب أبي حنيفة، ومالك، والشافعي.
(2)
أي افتدت به المرأة نفسها من الزوج ولو كثر، وقالت الربيع: اختلعت من زوجي بما دون عقاص رأسي، فأجاز ذلك عثمان. واشتهر ولم ينكر، فكان كالإجماع، وقال مالك: لم أر من منع من ذلك؛ إلا أنه ليس من مكارم الأخلاق.
(3)
وسقطت النفقة، وإن لم يعلم قدرها، كنفقة الصبي.
(4)
بل مستحقة لها، فصح الخلع بها، وكذا لو خالعها وأبرأته من نفقة حملها، أو خالعته على شيء ثم أبرأته من نفقة حملها، ويبرأ إلى فطامه، فإذا فطمته فلها طلبه بنفقته، وإن مات فلا شيء عليها.
(5)
أي كما أن الوصية تصح بالمجهول.
(6)
أي فيشترط فيه ما يشترط في التمليك.
(7)
ولذلك جاز بغير عوض، ويصح أيضًا بالمعدوم الذي ينتظر وجوده.
(فإن خالعته على حمل شجرتها، أو) حمل (أمتها (1) أو ما في يدها، أو بيتها من دراهم أو متاع (2) أو على عبد) مطلق ونحوه (صح) الخلع (3) وله ما يحصل، وما في بيتها أو يدها (4)(وله مع عدم الحمل) فيما إذا خالعها على نحو حمل شجرتها (5)(و) مع عدم (المتاع) فيما إذا خالعها على ما في بيتها من المتاع (6)(و) مع عدم (العبد) لو خالعها على ما في بيتها من عبد (أقل مسماه) أي أقل ما يطلق عليه الاسم من هذه الأشياء (7) .
(1) أو بقرتها، أو غنمها، صح الخلع.
(2)
أو خالعها على ما في ضروع ماشيتها، ونحوه من كل مجهول، أو معدوم ينتظر وجوده صح.
(3)
أي أو خالعها على عبد غير معين ولا موصوف، أو خالعها على بعير، أو بقرة، أو شاة، أو ثوب، ونحو ذلك من المبهمات، صح الخلع.
(4)
أي وله ما يحصل من حمل شجرتها، أو حمل أمتها، وما في بيتها أو يدها، قليلا كان أو كثيرًا، لأنه المخالع عليه، ولو كانت الدراهم أقل من ثلاثة.
(5)
أقل مسمى حمل شجرتها.
(6)
أقل مسماه.
(7)
يعني حمل الشجرة، والأمة، وما في اليد، أو البيت، ومع عدم العبد.
لصدق الاسم به (1) وكذا لو خالعها على عبد مبهم أو نحوه (2) له أقل ما يتناوله الاسم (3)(و) له (مع عدم الدراهم) فيما إذا خالعها على ما بيدها من الدراهم (ثلاثة) دراهم، لأنها أقل الجمع (4) .
(1) كالوصية.
(2)
كبقرة، أو شاة.
(3)
من عبد ونحوه، وكذا لو قال: إن أعطيتني عبدا فأنت طالق. طلقت بأي عبد أعطته إياه، وإن أعطته إياه فبان حرا ونحوه لم تطلق.
(4)
كما لو وصى له بدراهم، ولأنه أقل ما يقع عليه اسم الدراهم حقيقة.
فصل (1)
(وإذا قال) الزوج لزوجته أو غيرها (2)(متى) أعطيتني ألفا (أو إذا) أعطيتني ألفا (3)(أو إن أعطيتني ألفا فأنت طالق. طلقت) بائنا (بعطيته) الألف (4)(وإن تراخى) الإعطاء، لوجود المعلق عليه (5) ويملك الألف بالإعطاء (6) وإن قال: إن أعطيتني هذا العبد فأنت طالق. فأعطته إياه طلقت (7) .
(1) في تعليق طلاقها أو خلعها بعوض، أو تنجيزه به.
(2)
كأن يقول لزيد: إذا أعطيتني ألفا فزوجتي طالق.
(3)
فأنت طالق. طلقت إذا أعطته الألف.
(4)
ولا رجعة له عليها، لأن القصد إزالة الضرر عنها، ولو جازت الرجعة لعاد الضرر.
(5)
كسائر التعاليق هذا المذهب، واختار الشيخ: لا يلزم إلا على شرط محض، كإن قدم زيد.
(6)
وقال بعضهم: الأولى أن يحمل الإعطاء على الإقباض مع التمليك.
(7)
لوجود الصفة وكذا لو قال: إن أعطيتني عبدا.
ولا شيء له إن خرج معيبا (1) وإن بان مستحق الدم فقبل فأرش عيبه (2) ومغصوبا، أو حرًا هو أو بعضه، لم تطلق لعدم صحة الإعطاء (3) وإن قال: أنت طالق وعليك ألف أو بألف. ونحوه (4) فقبلت بالمجلس، بانت واستحقه (5) وإلا وقع رجعيًا (6) ولا ينقلب بائنا لو بذلته بعد (7) .
(1) لأنه شرط لوقوع الطلاق، أشبه ما لو قال: إن ملكته فأنت طالق. ثم ملكه، ولا يستحق غيره.
(2)
عليها، فينظر كم قيمته مستحق الدم، وغير مستحقه، ويكون الأرش ما بين القيمتين.
(3)
المعلق عليه الطلاق، قال الشيخ: إذا قال لزوجته، إن أبرأتني فأنت طالق. فقالت: أبرأك الله مما تدعي النساء به على الرجال، فقال: أنت طالق. وظن أنه يبرأ من الحقوق، فإنه يبرأ مما تدعي به النساء على الرجال، إذا كانت رشيدة.
(4)
كقوله: أنت طالق على ألف.
(5)
أي الألف، لأنه طلاق على عوض، وقد التزم فيه العوض فصح، كما لو كان بسؤالها.
(6)
أي وإن لم تقبل في المجلس وقع الطلاق رجعيا، وله الرجوع قبل قبولها.
(7)
أي بعد ردها، كما لو بذلته بعد المجلس.
(وإن قالت: اخلعني على ألف، أو) اخلعني (بألف، أو) اخلعني (ولك ألف (1) . ففعل) أي خلعها (2) ولو لم يذكر الألف (بانت (3) واستحقها) من غالب نقد البلد (4) إن أجابها على الفور (5) لأن السؤال كالمعاد في الجواب (6)(و) إن قالت: (طلقني واحدة بألف؛ فطلقها ثلاثا استحقها)(7) .
(1) أو قالت: طلقني على ألف، أو طلقني بألف، أو على ألف، أو ولك ألف إن طلقتني أو خلعتني. ونحو ذلك ولو قالت: طلقني بألف. فقال: خلعتك ينوي به الطلاق، صح الطلاق، واستحق الألف، حيث أجابها إلى ما استدعته منه، لأنه من كناياته، وإن لم ينو به الطلاق لم يصح الخلع، لخلوه عن العوض، وإن قالت: اخلعني بألف. فقال: طلقتك. لم يستحقه، لأنه أوقع طلاقا لم تطلبه ويقع رجعيا.
(2)
بأن قال: خلعتك أو طلقتك. ونحوه.
(3)
لأن الباء للمقابلة، و"على" في معناها.
(4)
كالبيع، لأنه فعل ما جعلت الألف في مقابلته.
(5)
بأن قال: خلعتك أو طلقتك. ولها أن ترجع قبل أن يجيبها، لأن قولها ذلك إنشاء، على سبيل المعاوضة، فلها الرجوع قبل تمامه كالبيع.
(6)
أي لأن قوله: خلعتك، أو طلقتك. جواب لما استدعته منه، والسؤال كالمعاد في الجواب، فأشبه ما لو قالت: بعني عبدك بألف. فقال: بعتك إياه ولو لم يذكر الألف.
(7)
أي الألف، وكذا: على ألف، أو: ولك ألف. ونحوه، فطلقها ثلاثا، استحق الألف، وكذا لو طلقها اثنتين.
لأنه أوقع ما استدعته وزيادة (1)(وعكسه بعكسه) فلو قالت: طلقني ثلاثا بألف؛ فطلق أقل منها، لم يستحق شيئًا، لأنه لم يجبها لما بذلت العوض في مقابلته (2)(إلا في واحدة بقيت) من الثلاث، فيستحق الألف ولو لم تعلم ذلك، لأنها كملت، وحصلت ما يحصل بالثلاث، من البينونة، والتحريم حتى تنكح زوجا غيره (3)(وليس للأَب خلع زوجة ابنه الصغير) والمجنون (ولا طلاقها)(4) لحديث «إنما الطلاق لمن أخذ بالساق» رواه ابن ماجه، والدارقطني (5)(ولا) للأب (خلع ابنته بشيء من مالها)(6) .
(1) فإن كان قال: أنت طالق، وطالق، وطالق؛ بانت بالأولى، وإن كان ذكر الألف عقب الثانية، بانت بها، والأولى رجعية، وعقب الثالثة طلقت ثلاثا، وقيل: تطلق ثلاثا كالجملة الواحدة.
(2)
ووقعت رجعية.
(3)
فوجب العوض كما لو قال: أنت طالق ثلاثا، وإن قالت: طلقني عشرا بألف. فطلقها واحدة، أو اثنتين، لم يستحق شيئًا، وثلاثا، استحق الألف، لأن ما زاد عليها لغو.
(4)
ولا لوصيه، ولا لولي من أوليائهما بطريق الأولى.
(5)
وحديث «لا طلاق فيما لا يملك» والخلع في معناه، وكذا سيد الصغير والمجنون.
(6)
وكذا المجنونة والسفيهة بشيء من مالهما، ولا طلاقهن بشيء من مالهن.