المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب الرجعة (1)   وهي: إعادة مطلقة غير بائن، إلى ما كانت - حاشية الروض المربع لابن قاسم - جـ ٦

[عبد الرحمن بن قاسم]

فهرس الكتاب

- ‌ تفارق العطية الوصية في أَربعة أَشياء

-

- ‌كتاب الوصايا

- ‌باب الموصي له

- ‌باب الوصية بالأنصباء والأجزاء

- ‌باب الموصي إليه

-

- ‌كتاب الفرائض

- ‌فصل في أحوال الأم

- ‌ لها أربعة أحوال:

- ‌فصل في ميراث الجدة

- ‌فصلفي ميراث البنات، وبنات الابن، والأخوات

- ‌فصل في الحجب

- ‌باب العصبات

- ‌باب التصحيح والمناسخات وقسمة التركات

- ‌باب ذوى الأرحام

- ‌باب ميراث المفقود

- ‌باب ميراث الغرقي

- ‌باب ميراث أهل الملل

- ‌ من موانع الإِرث اختلاف الدين

- ‌باب الإقرار بمشارك في الميراث

- ‌بابميراث القاتل والمبعض والولاء

-

- ‌كتاب العتق

- ‌باب الكتابة

- ‌باب أحكام أمهات الأولاد

-

- ‌كتاب النكاح

- ‌إن لم يتيسر له النظر بعث امرأة ثقة

- ‌ مبنى الولاية على الشفقة والنظر

- ‌باب المحرمات في النكاح

- ‌فصلفي الضرب الثاني من المحرمات

- ‌باب الشروط والعيوب في النكاح

- ‌من أسلم وتحته أكثر من أربع

- ‌فصل في النشوز

- ‌باب الخلع

- ‌لا يسقط الخلع غيره من الحقوق)

-

- ‌كتاب الطلاق

- ‌وكيل كل إنسان يقوم مقامه

- ‌من طلق في قلبه لم يقع

- ‌باب ما يختلف به عدد الطلاق

- ‌فصلفي الاستثناء في الطلاق

- ‌باب تعليق الطلاق بالشروط

- ‌ اعتراض الشرط على الشرط

- ‌فصل في مسائل متفرقة

- ‌باب الشك في الطلاق

- ‌باب الرجعة

الفصل: ‌ ‌باب الرجعة (1)   وهي: إعادة مطلقة غير بائن، إلى ما كانت

‌باب الرجعة

(1)

وهي: إعادة مطلقة غير بائن، إلى ما كانت عليه بغير عقد (2)، قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الحر إذا طلق دون الثلاث، والعبد دون اثنتين، أن لهما الرجعة في العدة. (3)(من طلق بلا عوض زوجته) بنكاح صحيح (4) .

(1) قال الزهري: الرجعة بعد الطلاق أكثر ما يقال بالكسر، والفتح جائز، ويقال: جاءتني رجعة الكتاب، أي جوابه؛ قال الخلوتي: ولعله إنما قيلت بالكسر لكون المرتجعة باقية في حال الارتجاع بعد الطلاق، فهي كالرجعة والجلسة، وأما بالنظر إلى أنها فعل المرتجع من واحدة، فهي بالفتح، فلهذا اتفق الناس على الفتح؛ وقال الجوهري: الفتح أفصح. والرجعة ثابتة بالكتاب والسنة والإجماع.

(2)

أي بغير عقد نكاح، لقوله تعالى {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} إلى قوله:{فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} ، وقال:{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} ، ولقوله صلى الله عليه وسلم:«مره فليراجعها» وطلق حفصة ثم راجعها.

(3)

وحكاه الوزير وغيره: اتفاق أهل العلم أنه إذا طلق الحر زوجته ثلاثا، لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره، وإذا طلق العبد اثنتين، لم تحل له حتى تنكح زوجًا غيره.

(4)

احترازًا من النكاح الفاسد.

ص: 601

(مدخولا بها أو مخلوا بها (1) دون ماله من العدد) بأن طلق حر دون ثلاث، وعبد دون ثنتين (فله) أي للمطلق حرا كان أو عبدا (2) ولوليه إذا كان مجنونا (رجعتها) ما دامت (في عدتها ولو كرهت) (3) لقوله تعالى:{وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} (4) .

(1) فله رجعتها، لأن غيرها لا عدة عليها، فلا تمكن رجعتها، هذا ظاهر كلام الخرقي؛ قال في الإنصاف: نص عليه؛ وهو المذهب، وعليه جماهير الأصحاب. وقال أبو بكر: لا رجعة بالخلوة من غير دخول، وهو قول أبي حنيفة، وجديدة قولي الشافعي، وأما المدخول بها يعني الموطوءة، فقولا واحدا.

(2)

رجعتها، ما دامت في العدة، إجماعا.

(3)

على الأصح، لأنها حق للمجنون، يخشى فواته بانقضاء العدة، فملك استيفاءه له كبقية حقوقه، وكذا الصبي، والمرتد أولى، فشرط المرتجع أهلية النكاح بنفسه، فخرج بالأهلية المرتد، وبنفسه الصبي والمجنون.

(4)

أي أولى برجعتهن في حال العدة بوطئها، أو بلفظ: راجعت امرأتي؛ ونحوه، وإذا راجع فعليه أن يطأ عقب هذه الرجعة، إذا طلبت ذلك منه؛ إن أرادا إصلاحا؛ وقال بعضهم: لا يشترط أن يريدا إصلاحا، للدلالة الآية على التحضيض على الإصلاح، والمنع من الإضرار.

وقال الشيخ: لا يمكن من الرجعة إلا من أراد إصلاحا وإمساكا بمعروف، فلو طلق إذا ففي تحريمه الروايات، وقال: القرآن لا يدل على أنه لا يملكه، وأنه لو أوقعه لم يقع، كما لو طلق البائن؛ ومن قال: إن الشارع ملك الإنسان ما حرمه عليه فقد تناقض.

ص: 602

وأما من طلق في نكاح فاسد (1) أو بعوض أو خالع (2) أو طلق قبل الدخول والخلوة فلا رجعة (3) بل يعتبر عقد بشروطه (4) ومن طلق نهاية عدده (5) لم تحل له حتى تنحك زوجا غيره (6) وتقدم ويأتي (7) .

(1) فلا رجعة لكونها تبين بالطلاق، فلا تمكن رجعتها. وقال الشيخ من أخذ ينظر بعد الطلاق في صفة عقد النكاح فهو من المعتدين، فإنه يريد أن يستحل محارم الله، قبل الطلاق وبعده.

(2)

فلا رجعة، لأن العوض في الطلاق إنما جعل لتفتدي به المرأة نفسها من الزوج، ولا يحصل ذلك مع ثبوت الرجعة.

(3)

حيث لا عدة عليها، فلا يمكن رجعتها، فللرجعة أربعة شروط، الدخول والخلوة، وكون الطلاق عن نكاح صحيح، وكونه دون ما يملك، وكونه بلا عوض، فإذا وجدت هذه الشروط، كان له رجعتها ما دامت في العدة، لما تقدم وللإجماع، فإن فقد بعضها لم تصح.

(4)

رضاهما، وولي، وشاهدين.

(5)

بأن طلق الحر ثلاثا، والعبد اثنتين.

(6)

إجماعا، لقوله تعالى:{فإن طلقها} يعني الثالثة {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ} أي من بعد الثلاث، بل تحرم عليه {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} أي حتى يطأها زوج آخر، في نكاح صحيح.

(7)

أي تقدم في كتاب الطلاق، إذا طلق ثلاثا حرمت عليه، حتى تنكح زوجا غيره، ويأتي أيضًا في الفصل الأخير.

ص: 603

وتحصل الرجعة (بلفظ راجعت امرأتي ونحوه) كارتجعتها، ورددتها، وأمسكتها، وأعدتها (1) و (لا) تصح الرجعة بلفظ (نكحتها ونحوه) كتزوجتها، لأن ذلك كناية والرجعة بلفظ (نكحتها ونحوه) كتزوجتها، لأن ذلك كناية (2) والرجعة: استباحة بضع مقصود؛ فلا تحصل بالكناية (3)(ويسن الإشهاد) على الرجعة، وليس شرطا فيها (4) لأنها لا تفتقر إلى قبول، فلم تفتقر إلى إشهاد (5) .

(1) لأن أكثر هذه الألفاظ، ورد بها الكتاب والسنة، وألحق بها ما هو بمعناها فالرد والإمساك ورد بهما القرآن؛ والرجعة وردت بها السنة، واشتهر هذا الاسم فيما بين أهل العرف، وقد يكون لفظها هو الصريح، لاشتهاره دون غيره وقال يوسف: أعدتها كناية، فلا تحصل الرجعة بالكناية على المذهب، ونظر حصول الرجعة بقول: وأعدتها.

(2)

أي في الرجعة.

(3)

كالنكاح، وقيل تحصل الرجعة بنكحتها ونحوه؛ قال في الشرح: أومأ إليه أحمد، واختاره ابن حامد.

(4)

وعليه جماهير الأصحاب، وهو مذهب مالك، وأبي حنيفة، لما رواه أبو داود وغيره، عن عمران بن حصين أنه قال -لمن طلق ثم يراجع ولا يشهد- طلقت لغير السنة، وراجعت لغير السنة، أشهد على طلاقها ورجعتها، ولا تعد؛ وزاد الطبراني: واستغفر الله.

(5)

وهذا مذهب الجمهور، لوقوع الإجماع على عدم وجوبه في الطلاق، والرجعة قرينته، وعنه: يشترط لقوله: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} وظاهره الوجوب، فتأكد السنة.

ص: 604

وجملة ذلك: أن الرجعة لا تفتقر إلى ولي، ولا صداق، ولا رضى المرأة، ولا علمها (1) ، (وهي) أي الرجعية (زوجة) يملك منها ما يملكه ممن لم يطلقها (2) و (لها) ما للزوجات، من نفقة وكسوة ومسكن (وعليها حكم الزوجات) من لزوم مسكن ونحوه (3)(لكن لا قسم لها)(4) فيصح أن تطلق وتلاعن ويلحقها ظهاره وإيلاؤه (5) ولها أن تتشرف له وتتزين (6) .

(1) إجماعا: لقوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} أي في العدة، ولأن حكم الرجعية حكم الزوجات، والرجعة إمساك، لقوله تعالى:{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} ، وعن أحمد: يشترط لصحتها الإشهاد عليها؛ وقال: يفرق بينهما، ولا رجعة له عليها؛ وقال الشيخ: لا تصح الرجعة مع الكتمان بحال. وعليه: فتبطل إن أوصى الشهود بكتمانها، لما روي عن علي: أنه أمر بجلد الشاهدين واتهمهما، ولم يحصل له عليها رجعة.

(2)

فيملك منها ما يملك من التي في صلب نكاحه.

(3)

مما يجب على الزوجات في الجملة.

(4)

صرح به الموفق وغيره؛ قال في الإقناع: ولعله مراد من أطلق؛ وفي الإنصاف: ظاهر قوله: والرجعية زوجة، أن لها القسم؛ وهو ظاهر كلام أكثر الأصحاب.

(5)

ويرث كل منهما صاحبه إجماعا، وإن خالعها صح خلعه.

(6)

أي ولها أن تتعرض لمطلقها دون الثلاث، وتريه نفسها، ولها أن تتزين له، كما تتزين النساء لأزواجهن، لإباحتها له.

ص: 605

وله السفر والخلوة بها ووطؤها (1)(وتحصل الرجعة أيضا بوطئها) ولو لم ينو به الرجعة (2)(ولا تصح معلقة بشرط) كإذا جاء رأس الشهر فقد راجعتك (3) أو كلما طلقتك فقد راجعتك (4) بخلاف عكسه فيصح (5) .

(فإذا طهرت) المطلقة رجعيا (من الحيضة الثالثة، ولم تغتسل، فله رجعتها)(6) روي عن عمر وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم (7) لوجود أثر الحيض، المانع للزوج من الوطء (8) .

(1) لأنها في حكم الزوجات، كما قبل الطلاق.

(2)

وظاهر الخرقي: لا تحصل إلا بالقول، وفاقا للشافعي، ومذهب مالك وأبي حنيفة، ورواية عن أحمد تحصل بالوطء مع النية، فيبيح وطء الرجعية إذا قصد به الرجعة، وقال الشيخ: هذا أعدل الأقوال، وكلام ابن أبي موسى في الأصول يقتضيه.

(3)

أو إن قدم أبوك فقد راجعتك، أو إن شئت فقد راجعتك.

(4)

قال في الإنصاف بلا نزاع، لأن الرجعة استباحة فرج مقصود، أشبهت النكاح.

(5)

أي بخلاف عكس تعليق الرجعة بشرط، كقوله كلما راجعتك فقد طلقتك فيصح التعليق، وتطلق كلما راجعها، لأنه طلاق معلق بصفة.

(6)

حتى قيل قبل تمام الغسل، واختاره أبو الخطاب، قال الزركشي: وهو ظاهر كلام الخرقي وجماعة. وعنه: ليس له رجعتها بعد انقطاع الدم.

(7)

وعن أبي بكر رضي الله عنه.

(8)

كما يمنعه الحيض، ولم تبح للأزواج، وظاهره: ولو فرطت في الغسل

مدة طويلة، وإن أشهد على رجعتها، ولم تعلم حتى اعتدت، ونكحت من أصابها، ثم جاء وأقام بينة بذلك ردت إليه، لأن النكاح الثاني فاسد، ولا يطؤها إن أصابها الثاني حتى تعتد، وكذا لو لم يصبها الثاني، احتياطا للأنساب، وهذا الصحيح من المذهب، وقول أكثر الفقهاء.

ص: 606

فإن اغتسلت من حيضة ثالثة، ولم يكن ارتجعها، لم تحل إلا بنكاح جديد (1) .

وأما بقية الأحكام من قطع الإرث (2) والطلاق، واللعان، والنفقة وغيرها (3) فتحصل بانقطاع الدم (4) .

(وإن فرغت عدتها قبل رجعتها (5) بانت وحرمت قبل عقد جديد) (6) بولي وشاهدي عدل (7) لمفهوم قوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ

(1) بشروطه، وتعود على ما بقي من طلاقها.

(2)

فلا ترث إذا انقطع الدم، ولا تورث.

(3)

من حقوق الزوجية.

(4)

رواية واحدة، قاله القاضي والمجد، وغيرهما.

(5)

أو طلقها قبل الدخول، والخلوة.

(6)

وتعود على ما بقي من طلاقها، سواء رجعت بعد نكاح زوج غيره أو قبله، وطئها الثاني أو لم يطأها، وعليه أكثر العلماء.

(7)

ورضاها، كما تقدم.

ص: 607

أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} أي في العدة (1) .

(ومن طلق دون ما يملك) بأن طلق الحر واحدة أو ثنتين (2) أو طلق العبد واحدة (ثم راجع) المطلقة رجعيا (3)(أو تزوج) البائن (لم يملك) من الطلاق (أكثر مما بقي) من عدد طلاقه (4)(وطئها زوج غيره أو لا)(5) لأن وطء الثاني لا يحتاج إليه في الإحلال للزوج الأول، فلا يغير حكم الطلاق، كوطء السيد (6) .

(1) فمفهوم الآية: أنها إذا فرغت عدتها لم تبح، إلا بعقد جديد بشرطه

وإن لم تثبت رجعته وأنكراه رد قوله، وإن صدقه الثاني بانت منه، وعليه مهرها إن دخل بها، ولا تسلم إلى المدعي، لأن قول الثاني لا يقبل عليها، بل في حق نفسه، والقول قولها، وإن صدقته لم تقبل على الثاني، لكن متى بانت منه عادت إلى الأول بلا عقد جديد.

(2)

لم يملك من الطلاق أكثر مما بقي، اثنتين إن طلق واحدة، أو واحدة إن كان طلق اثنتين.

(3)

لم يملك أكثر من طلقة ثانية.

(4)

فمتى عادت إليه برجعة، أو نكاح جديد قبل زوج، لم يملك أكثر مما بقي له، إجماعًا.

(5)

في قول أكابر الصحابة، منهم عمر وعلي.

(6)

أي أمته، إذا طلقها زوجها، فإنه إذا زوج أمته، ثم طلقها زوجها ثلاثا، أو اثنتين، ثم استبرأها السيد ووطئها، فإنها لا تحل للزوج الذي طلقها بوطء سيدها، بل لا بد من وطء زوج آخر، لا يملك يمين.

ص: 608

بخلاف المطلقة ثلاثا، إذا نكحت من أصابها، ثم فارقها، ثم عادت للأول، فإنها تعود على طلاق ثلاث (1)

(1) إجماعا، فلا تخلو من أحد أحوال ثلاثة، أن يطلقها الحر دون الثلاث، أو العبد دون اثنتين، ثم تعود إليه برجعة، أو نكاح جديد قبل زوج ثان، فتعود إليه على ما بقي من طلاقها بلا خلاف. أو يطلقها ثلاثا فتنكح زوجا غيره، ويصيبها ثم يتزوجها الأول، فتعود بطلاق ثلاث إجماعا.

والثالث طلقها دون الثلاث، فقضت عدتها، ثم نكحت غيره، ثم تزوجها الأول، فروايتان؛ قال الموفق وغيره: أظهرها أنها تعود إليه على ما بقي من الثلاث، وهو قول الأكثر من الصحابة، ومالك والشافعي وغيرهم، والثانية عن أحمد، أنها ترجع إليه على طلاق ثلاث، وهو قول ابن عمر وغيره، والمذهب الأول، لما تقدم.

ص: 609

فصل (1)

(وإن ادعت) المطلقة (انقضاء عدتها، في زمن يمكن انقضاؤها) أي عدتها (فيه (2) أو) ادعت انقضاء عدتها (بوضع الحمل الممكن وأنكره) أي أنكر المطلق انقضاء عدتها (فقولها)(3) لأنه أمر لا يعرف إلا من قبلها، فقبل، قولها فيه (4)(وإن ادعته) أي انقضاء العدة (الحرة بالحيض في أقل من تسعة وعشرين يوما ولحظة)(5)

(1) في بيان حكم ما إذا ادعت انقضاء عدتها منه وإنكاره، وما يتعلق بذلك.

(2)

فقولها: قال في الإنصاف بلا نزاع، ولا فرق بين المسلمة والكافرة والفاسقة، والصحيحة والمريضة، لأن ما يقبل قول الإنسان فيه على نفسه، لا يختلف باختلاف حاله، كإخباره عن نيته فيما تعتبر فيه، وإن لم يمكن انقضاء عدتها فيما ادعته، ومضى ما يمكن صدقها فيه، نظرنا، فإن بقيت على دعواها المردودة لم تسمع، وإن ادعت انقضاءها في المدة كلها، أو فيما يمكن، قبلت، وإن سبقها، فقال: ارتجعتك؛ فقالت: قد انقضت عدتي؛ فالقول قوله.

(3)

بلا يمين، لقوله تعالى {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} وقيل هو الحيض والحمل، ولولا أن قولهن مقبول، لم يحرجن بكتمانه.

(4)

كالنية من الإنسان، فيما تعتبر فيه النية، أو أمر لا يعرف إلا من جهته.

(5)

اللحظة هنا لتحقيق انقطاع الدم، وحيث اعتبر الغسل اعتبر له لحظة أيضًا.

ص: 610

أو ادعته أمة في أقل من خمسة عشر ولحظة (لم تسمع دعواها)(1) لأن ذلك أقل زمن يمكن انقضاء العدة فيه، فلا تسمع دعوى انقضائها فيما دونه (2) وإن ادعت انقضاءها في ذلك الزمن، قبل ببينة (3) وإلا فلا (4) لأن حيضها ثلاث مرات فيه، يندر جدا (5) (وإن بدأته) أي بدأت الرجعية مطلقها (فقالت: انقضت عدتي) وقد مضى ما يمكن انقضاؤها فيه (6)(فقال) المطلق (كنت راجعتك) فقولها، لأنها منكرة ودعواه للرجعة بعد انقضاء العدة، لا تقبل إلا

(1) ولم يصغ إلى بينتها.

(2)

لأنا نعلم كذبها، وإن مضى ما يمكن صدقها فيه، ثم ادعته، فإن بقيت على دعواها المردودة لم تقبل، وإن ادعت انقضاء عدتها في المدة كلها، أو فيما يمكن منها قبلت، وتقدم.

(3)

نص عليه، لقول شريح؛ إذا ادعت أنها حاضت ثلاث حيض في شهر، وجاءت ببينة من النساء العدول، من بطانة أهلها، ممن يرضى دينه وعدالته، أنها رأت ما يحرم عليها الصلاة من الطمث، وتغتسل عند كل قرء وتصلي، فقد انقضت عدتها، وإلا فهي كاذبة.

(4)

أي وإن لم تأت ببينة على انقضاء عدتها في ذلك، لم تقبل دعواها والمسلمة والكافرة في ذلك سواء.

(5)

فلم يقبل قولها إلا ببينة، وإلا فلا، وإن ادعت انقضاء عدتها في أكثر من شهر، قبل بلا بينة، لعدم ندرة ذلك.

(6)

كأكثر من شهر.

ص: 611

ببينة أنه كان راجعها قبل (1) وكذا لو تداعيا معا (2) ومتى رجعت قبل، كجحد أحدهما النكاح ثم يعترف به (3) (أو بدأها به) أي بدأ الزوج بقوله: كنت راجعتك؛ (فأنكرته) وقالت: انقضت عدتي قبل رجعتك (فقولها) قاله الخرقي (4) . قال في الواضح -في الدعاوى- نص عليه (5) وجزم به أبو الفرج الشيرازي (6) وصاحب المنور (7) .

(1) وخبرها بانقضاء عدتها مقبول، لإمكانه، فصارت دعواه الرجعة، بعد الحكم بانقضاء عدتها، فلم تقبل.

(2)

قدم قولها، لأن خبرها بانقضاء عدتها، يكون بعد انقضائها، فيكون قوله بعد العدة، فلا يقبل؛ وصححه غير واحد. وقال الموفق وغيره: إن قال بعد انقضاء عدتها، كنت راجعتك في عدتك، فأنكرت، فالقول قولها بإجماعهم، لأنه ادعاها في زمن لا يملكها، والأصل عدمها وحصول البينونة.

(3)

أي ومتى رجعت عن قولها: انقضت عدتي قبل رجوعها، كما يقبل اعتراف أحدهما بالنكاح بعد جحده، كما لو لم يسبقه إنكار.

(4)

وتمام كلامه: ما ادعت من ذلك ممكنا.

(5)

أي قال ابن عقيل -في كتابه الواضح، في أحكام الدعاوى- نص عليه أحمد.

(6)

عبد الواحد بن محمد المقدسي، صاحب المبهج، المتوفى: سنة ست وثمانين وأربعمائة.

(7)

تقي الدين، أحمد بن محمد الآمدي، البغدادي.

ص: 612

والمذهب في الثانية (1) القول قوله كما في الإنصاف (2) وصححه في الفروع وغيره، وقطع به في الإقناع المنتهى (3) .

(1) وهي ما إذا بدأها بقوله: كنت راجعتك.

(2)

قال متى قلنا: القول قولها، فمع يمينها، عند الخرقي والمصنف، وقدمه في الرعايتين والحاوي. وقال القاضي قياس المذهب: لا يجب عليها اليمين، وهي رواية عن أحمد، ذكرها في الرعايتين، والزركشي، وكذا لو قلنا: القول قول الزوج، فعلى الأول، لو نكلت لم يقض عليها بالنكول؛ قال القاضي وغيره، وظاهر كلامهم: أنها لو لم تنكر ولم تقر، بل قالت: لا أدري أنه لا يقبل قوله.

(3)

فعبارتهما: وإن سبق فقال: ارتجعتك، فقالت: قد انقضت عدتي قبل رجعتك، فأنكرها، فقوله، اهـ، وإذا ادعى في عدتها، أنه كان راجعها أمس، أو منذ شهر، فقال الموفق وغيره: يقبل قوله، لأنه لما ملك الرجعة، ملك الإقرار بها، كالطلاق، وبهذا قال الشافعي، وأصحاب الرأي وغيرهم.

ص: 613

فصل (1)

(إذا استوفى) المطلق (ما يملك من الطلاق) بأن طلق الحر ثلاثا (2) والعبد اثنتين (3)(حرمت عليه، حتى يطأها زوج) غيره بنكاح صحيح (4) لقوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (5) بعد قوله: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} (6) .

(1) في بيان أحكام ما إذا استوفى ما يملك من الطلاق، وأراد استرجاعها، وما يحلها له، بوطء زوج غيره.

(2)

والمذهب وقول الأكثر، ولو في مجلس واحد؛ وغير المدخول بها تبين بواحدة، ولا رجعة له عليها إلا برضاها، وترجع إلى الحر بطلقتين، فإن طلقها اثنتين ثم تزوجها، رجعت إليه بواحدة بلا خلاف.

(3)

ولو عتق، قبل انقضاء عدتها، حتى تنكح زوجا غيره، هذا المذهب، وقول الأكثر.

(4)

وتقدم ذكر شروطه، قال الوزير: اتفقوا على أنه إنما يقع الحل، بالوطء في النكاح الصحيح، وقال الموفق وغيره: يشترط لحلها للأول ثلاثة شروط أن تنكح زوجا غيره، وأن يكون نكاحا صحيحا، وأن يطأها في الفرج.

(5)

أي حتى يطأها زوج آخر، في نكاح صحيح، قال العلماء: كل موضع في القرآن، ذكر فيه النكاح فالمراد به العقد، إلا هذه الآية، فالمراد بها الوطء واتفقوا على أنه شرط في جواز عودها إلى الأول.

(6)

أي فإذا طلقها التطليقة الثالثة، حرمت عليه، ولا نزاع في ذلك، وإنما

تنازعوا فيما إذا طلقها ثلاثا بكلمة واحدة، أو كلمات في طهر واحد، وتقدم ترجيح أنها ثلاث.

ص: 614

(في قبل)(1) فلا يكفي العقد، ولا الخلوة، ولا المباشرة دون الفرج (2) ، ولا يشترط بلوغ الزوج الثاني، فيكفي (ولو) كان (مراهقا)(3) أو لم يبلغ عشرا، لعموم ما سبق (4)(ويكفي) في حلها لمطلقها ثلاثا (تغييب الحشفة) كلها من الزوج الثاني (5) .

(1) لأن الوطء المعتبر شرعا، لا يكون في غير القبل مع الانتشار، لحديث العسيلة.

(2)

فقد اتفق العلماء، على أن النكاح ههنا، هو الإصابة، وقال الشبخ: النكاح الذي يبيحها له، هو الذي يقران عليه بعد الإسلام، والمجيء به إلينا للحكم صحيح، فعلى هذا يحلها النكاح بلا ولي ولا شهود، وكذلك لو تزوجها على أختها، ثم ماتت الأخت، قبل مفارقتها، فأما لو تزوجها في عدة، أو على أختها، ثم طلقها، مع قيام المفسد، فموضع نظر، فإن هذا النكاح لا يثبت به التوارث، ولا نحكم فيه بشيء من أحكام النكاح، فينبغي أن لا تحل له.

(3)

وهو قول أبي حنيفة والشافعي، لأنه وطء من زوج، في نكاح صحيح.

(4)

من قوله تعالى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} ولقوله صلى الله عليه وسلم: «حتى تذوق العسيلة» وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي، وذلك إذا وطئ في نكاح صحيح.

(5)

وإن لم ينزل لأن أحكام الوطء، تتعلق بذوق العسيلة، وحكى ابن المنذر: أنها كانت نائمة، أو مغمى عليها فلا تحل، وفي المبدع؛ يحتمل حصول الحل، للعموم، فالله أعلم.

ص: 615

(أو قدرها مع جب) أي قطع للحشفة (1) لحصول ذوق العسيلة بذلك (2)(في فرجها) أي قبلها (3)(مع انتشار وإن لم ينزل)(4) لوجود حقيقة الوطء (5)(ولا تحل) المطلقة ثلاثا (بوطء دبر (6) و) وطء (شبهة (7) و) وطء في (ملك يمين (8)

(1) أي ويكفي في حلها، تغييب قدر الحشفة، إذا كان مجبوبا بقي من ذكره قدرها، فأولجه، لأنه جماع يوجب الغسل، أشبه تغييب الذكر، وإلا فلا.

(2)

أي بإيلاج الحشفة أو قدرها، ولأنه بمنزلة الحشفة من غيره.

(3)

لأن الوطء المعتبر في الزوجة شرعا، لا يكون في غير القبل.

(4)

لحديث العسيلة، ولا توجد إلا مع انتشار وإن لم ينزل، لوجود العسيلة وهي الجماع، وأحكام الوطء تتعلق به.

(5)

بإيلاج الحشفة أو قدرها؛ قال ابن القيم: وإباحتها له بعد زوج من أعظم النعم، وكانت شريعة التوراة ما لم تتزوج، وشريعة الإنجيل المنع من الطلاق ألبتة، وشريعتنا أكمل وأقوم بمصالح العباد، فأباح له أربعا، وأن يتسرى بما شاء، وملكه أن يفارقها، فإن تاقت نفسه إليها وجد السبيل إلى ردها، فإذا طلقها الثالثة لم يبق له عليها سبيل، إلا بعد نكاح ثان رغبة.

(6)

لأن الحل متعلق بذوق العسيلة، ولا يحصل به.

(7)

كأن يطأها رجل ظنها زوجته.

(8)

كأن تملك ويطؤها سيدها ولو كانت أمة، فاشتراها مطلقها، لم تحل.

ص: 616

و) وطء في (نكاح فاسد)(1) لقوله تعالى {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (2)(ولا) تحل بوطء (في حيض، ونفاس، وإحرام، وصيام فرض)(3) لأن التحريم في هذه الصور، لمعنى فيها، لحق الله تعالى (4) وتحل بوطء محرم، كمرض (5) أو ضيق وقت صلاة، أو في مسجد ونحوه (6)(ومن ادعت مطلقته المحرمة) وهي المطلقة ثلاثا (وقد غابت) عنه (7) .

(1) قال الوزير وغيره: اتفقوا على أن الوطء في النكاح الفاسد، لا تحصل به الإباحة إلا في أحد قولي الشافعي، وما لا يثبت به التوارث، ولا نحكم فيه بشيء من أحكام النكاح، لا تحل له به.

(2)

في نكاح صحيح بإجماع أهل العلم، كما هو موضح في غير موضع.

(3)

هذا المنصوص عند بعض الأصحاب.

(4)

وقال ابن رجب: لا عبرة بحل الوطء ولا عدمه، يعني في حصول الرجعة به، فلو وطئها في الحيض أو غيره كان رجعة، اهـ؛ وهو مذهب جمهور أهل العلم، أبي حنيفة ومالك، واختاره الموفق والشارح وغيرهما، وهو ظاهر قوله {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} وهذه قد نكحت زوجا؛ وقوله:«حتى تذوق عسيلته» وقد وجد، ولأنه وطء في نكاح صحيح.

(5)

أي كمرض الزوجة، لتضررها بوطئه.

(6)

كفى حال منع نفسها، لقبض مهر حال، وكقصد إضرارها بوطء، لعبالة ذكره، وضيق فرجها.

(7)

ثم حضرت، وكذا لو غاب عنها ثم حضر، فادعت ذلك.

ص: 617

(نكاح من أحلها) بوطئه إياها (1)(و) ادعت (انقضاء عدتها منه) أي من الزوج الثاني (فله) أي للأول (نكاحها إن صدقها) فيما ادعته (وأمكن) ذلك، بأن مضى زمن يتسع له (2) لأنها مؤتمنة على نفسها (3) .

(1) في نكاح صحيح.

(2)

قال الموفق: في قول عامة أهل العلم، منهم الحسن، والأوزاعي والثوري والشافعي، وأبو عبيد، وأصحاب الرأي.

(3)

وعلى ما أخبرت به عن نفسها، ولا سبيل إلى معرفة ذلك حقيقة إلا من جهتها، فوجب الرجوع إليه، وإن لم يعرف ما يغلب على ظنه صدقها، لم يحل له نكاحها، لأن الأصل التحريم، ولم يوجد ما ينقله عنه.

وقال الشيخ: ومحله هذه المسألة: إذا لم تعينه، إذ النكاح لم يثبت لمعين، بل لمجهول، كما لو قال: عندي مال لفلان، وسلمته إليه؛ فإنه لا يكون إقرارًا بالاتفاق، فكذلك قولها: كان لي زوج فطلقني، أو سيد فأعتقني، بخلاف قولها: تزوجني فلان وطلقني؛ لأنه كالإقرار بالمال، وادعاء الوفاء، والمذهب أنه لا يكون إقراراً. وقال: أما من كان لها زوج، وادعت أنه طلقها، لم تتزوج بمجرد دعواها، باتفاق المسلمين.

ص: 618

كتاب الإيلاء (1)

بالمد، أي: الحلف (2) مصدر آلى يولي (3) والألية اليمين (4)(وهو) شرعًا: (حلف زوج) يمكنه الوطء (5)(بالله تعالى (6) أو صفته) كالرحمن الرحيم (7) .

(1) وأحكام المولي، وهو محرم، لأنه حلف على ترك واجب، ويشترط لصحته أربعة شروط، أن يكون من زوج يمكنه الوطء، وأن يحلف بالله أو بصفة، صفاته، لا بنذر أو عتق، أو طلاق أو ظهار، أو صدقة أو حج، أو تحريم مباح، وأن يحلف على ترك الوطء، في القبل لا فيما دونه، والرابع أن يحلف على أكثر من أربعة أشهر، صريحا أو كناية، ويؤخذ من تعريفهم شرط خامس، وهو: أن تكون الزوجة يمكن وطؤها.

(2)

لغة، وهو إفعال، من الألية بتشديد الياء

(3)

إيلاء وألية، وجمع الألية ألايا، يقال: آليت من امرأتي أولي إيلاء، إذا حلف لا يجامعها.

(4)

يؤلون من نسائهم) يحلفون ويقال تألى يتألى، وفي الحديث القدسي «من ذا الذي يتألى علي» .

(5)

لا عنين، ولا مجبوب، ولا هي رتقاء ونحوها.

(6)

أي: تعاظم وتقدس، والاسم الشريف أعرف المعارف، وتقدم.

(7)

ورب العالمين، والخالق الرازق، وغيرها من أسمائه وصفاته، التي سمى

بها نفسه، أو سماه بها رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا خلاف أنه لا قسم بغير ذلك، ولا يكون إيلاء.

ص: 619

(على ترك وطء زوجته في قبلها)(1) أبدا، أو (أكثر من أربعة أشهر)(2) قال تعالى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} الآية (3) وهو محرم (4) ولا إيلاء بحلف بنذر (5) أو عتق، أو طلاق (6) .

(1) بلا نزاع في الجملة، سواء كانت حرة أو أمة، مسلمة، أو كافرة، عاقلة أو مجنونة، صغيرة، أو آيسة يمكن وطؤها، لا أمته أو أجنبية، وهو قول الجمهور.

(2)

أو يطلق مصرحا بذلك، أو ينويه في حال رضى أو غضب، والزوجة مدخول بها أولا، قال الوزير وغيره: اتفقوا على أنه إذا حلف بالله تعالى، أن لا يجامع زوجته أكثر من أربعة أشهر، كان موليا، فإن حلف أن لا يقربها أقل من أربعة أشهر، لم يتعلق به أحكام الإيلاء، وإذا حلف أن لا يقربها أربعة أشهر، فقال مالك والشافعي وأحمد -في المشهور عنه- لا يكون موليا.

(3)

أي قال تعالى للأزواج الذين {يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} أي يحلف أحدهم على ترك وطء زوجته، مدة تزيد على أربعة؛ {تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} فلا يتعرض له قبل مضيها، وبعد مضيها يوقف، ويؤمر بالفيء أو الطلاق، بعد مطالبة المرأة؛ نزلت فيما كان أهل الجاهلية يطيلونه من مدة الإيلاء.

(4)

في ظاهر كلام الأصحاب، لأنه يمين على ترك واجب.

(5)

فلو قال: إن وطئتك فلله علي صوم شهر، أو فعبدي حر، لم يكن موليا.

(6)

أو صدقة مال، أو حج، أو ظهار، أو تحريم مباح من أمة أو غيرها،

فليس بمول، لأنه لم يحلف بالله، ولأنه تعليق بشرط، فيسمى حلفا تجوزا، لمشاركته القسم في الحث على الفعل، أو المنع منه، والإيلاء المطلق، هو القسم؛ هذا المشهور، وقول الشافعي في القديم، وعن أحمد: هو مول؛ وهو قول الأكثر مالك وأبي حنيفة، والشافعي وغيرهم، لأنها يمين منعت جماعها، فكانت إيلاء، كالحلف بالله.

ص: 620

ولا بحلف على ترك وطء سريته (1) أو رتقاء (2)(ويصح) الإيلاء (من) كل من يصح طلاقه من مسلم و (كافر و) حر و (قن (3) و) بالغ و (مميز (4) وغضبان وسكران (5) ومريض مرجو برؤه (6) وممن) أي زوجة يمكن وطؤها، ولو (لم يدخل بها)(7) .

(1) لقوله {يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} وليست هذه من نسائه.

(2)

أو قرناء، فلا يصح الإيلاء منهما، لأن الوطء متعذر دائما، فلم تنعقد اليمين على تركه.

(3)

لقوله {يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} .

(4)

يعقله، لإمكان الوطء منهما، وينبغي أن يقال: يصح الإيلاء من المميز، ولا يطالب بالفيئة حتى يبلغ، لعدم تكليفه قبل، ولا كفارة عليه بالوطء، لعدم تكليفه.

(5)

كالطلاق، لعموم الأدلة، وتقدم استيفاء الكلام فيه.

(6)

لعموم {يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} ولأنه مرجو القدرة على الوطء، فصح منه وإلا فلا لأنها يمين على ترك مستحيل، فلم تنعقد.

(7)

وهو قول مالك والشافعي، وغيرهما.

ص: 621

لعموم ما تقدم (1) و (لا) يصح الإيلاء (من) زوج (مجنون (2) ومغمى عليه) لعدم القصد (3)(و) لا من (عاجز عن وطء لجب كامل أو شلل)(4) لأن المنع هنا ليس لليمين (5)(فإذا قال) لزوجته (والله لا وطئتك أبدًا (6) أو عين مدة تزيد على أربعة أشهر) كخمسة أشهر (7)(أو) قال: والله لا وطئتك (حتى ينزل عيسى) ابن مريم عليهما السلام (8)(أو) حتى (يخرج الدجال (9)

(1) من عموم الآية وغيرها، ولأنه ممتنع من جماع زوجته بيمينه، فأشبه ما بعد الدخول، ويصح من الصغيرة والمجنونة، إلا أنه لا يطالب بالفيئة في حال الصغر والجنون.

(2)

وكذا صبي غير مميز، لأن القلم مرفوع عنهما، ولأنه قول، يجب بمخالفته كفارة أو حق، فلم ينعقد منهما كالنذر.

(3)

فلا يدري ما يصدر منه.

(4)

أو غيرهما للذكر، ولو آلى ثم جب، بطل إيلاؤه.

(5)

فلا يطلب منه الوطء، لامتناعه، لعجزه عنه.

(6)

فهو مول، تضرب له مدة الإيلاء.

(7)

فهو مول، لأن الله جعل له تربص أربعة أشهر، فإذا حلف على أكثر منها فمول ودونها ليس بمول، لأن مدة الإيلاء تنقضي قبلها، أو مع انقضائه.

(8)

فمول، لغلبة الظن بعدم وجوده في أربعة أشهر.

(9)

أو حتى تخرج الدابة، أو غير ذلك، من أشراط الساعة الكبرى فمول.

ص: 622

أو) غياه بمحرم (1) أو ببذل مالها (2) كقوله: والله لا وطئتك (حتى تشربي الخمر (3) أو تسقطي دينك (4) أو تهبي مالك (5) ونحوه) أي نحو ما ذكر (6)(فـ) هو (مول) تضرب له مدة الإيلاء (7)(فإذا مضى أربعة أشهر من يمينه (8)

(1) كحتى تتركي صلاة الفرض، أو تسقطي ولدك، أو حتى تزني ونحو ذلك مما مثل وغيره.

(2)

كحتى تسقطي صداقك، ونحوه.

(3)

أو تأكلي لحم خنزير ونحوه، من كل فعل محرم، جعله غاية له فمول لأنه علقه بممتنع شرعا، أشبه الممتنع حسا.

(4)

أو حتى تكفلي ولدك، أو يسقط أبوك عني دينه.

(5)

كتهبيني دارك، أو يبيعني أبوك داره.

(6)

من فعلها محرما أو بذلها مالها عن غير رضاها، لكونه محرما أشبه شرب الخمر ونحوه.

(7)

للآية، وفي الصحيح أن ابن عمر قال: إذا مضى أربعة أشهر ممن حلف على مدة تزيد عليها، فهو مول، يوقف حتى يطلق، ولا يقع به الطلاق حتى يطلق، وذكره البخاري عن بضعة عشر صحابيا، وقال سليمان بن يسار: أدركت بضعة عشر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلهم يوقفون المولي، وهو مذهب جماهير العلماء، وظاهر الآية.

(8)

ولا يفتقر إلى ضرب حاكم، كمدة العدة لأنها ثبتت بالنص والإجماع. ويحسب عليه زمن عذره لا عذرها، ولا تضرب له مدة مع عذرها.

ص: 623

ولو) كان المولي (قنا) لعموم الآية (1)(فإن وطئ ولو، بتغييب حشفة) أو قدرها عند عدمها في الفرج (فقد فاء)(2) لأن الفيئة الجماع، وقد أتى به (3) ولو ناسيا أو جاهلا (4) أو مجنونا (5) أو أدخل ذكر نائم (6) لأن الوطء وجد (7)(وإلا) يف بوطء من آلى منها، ولم تعفه (8)(أمره) الحاكم (بالطلاق) إن طلبت ذلك منه (9) .

(1) أي: فلا فرق في المدة، بين الحر والعبد.

(2)

ولو كان وطأ محرما، كفي حيض، أو صيام فرض، لأن يمينه انحلت فزال حكمها، وزال عنها الضرر، وإن كان عصى بذلك.

(3)

قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه، أن الفيء الجماع، وأصل الفيء الرجوع إلى فعل ما تركه، أي من الوطء ووجد، واستوفت المرأة حقها منه.

(4)

أي أنها زوجته، أو نائما.

(5)

لوجود الوطء، أشبه ما لو فعله قصدا.

(6)

لوجود الوطء، لكن لا تنحل يمينه مع النسيان، وما عطف عليه.

(7)

فانحلت يمينه بذلك.

(8)

بسكون العين، أي تسقط عنه المرأة حقها.

(9)

أي الطلاق، أو الفيئة وأبى الفيئة، ومفهومه: أنها لا تطلق بمضي المدة، وهو قول الجمهور.

ص: 624

لقوله تعالى {وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (1)(فإن أبى) المولي أن يفيء، وأن يطلق (2)(طلق حاكم عليه، واحدة أو ثلاثا (3) أو فسخ) (4) لقيامه مقام المولي عند امتناعه (5)(وإن وطئ) المولي من آلى منها (في الدبر أو) وطئها (دون

(1) أي فإن حلف لا يجامع، أكثر من أربعة أشهر، ولم يف بل عزم، وحقق إيقاع الطلاق وقع، وفيه أنها لا تطلق إلا بقول يسمع.

(2)

بعد مضي الأربعة أشهر، فقال الوزير: اتفقوا على أنه لا يقع عليه الطلاق، ولا يوقف، حتى يمضي عليه أربعة أشهر، فإذا مضت فقال مالك، والشافعي، وأحمد: لا يقع بمضي المدة، حتى يوقف ليفيء أو يطلق؛ وقال مالك وأحمد: إن امتنع يطلق عليه الحاكم.

(3)

وكونه مباحا للحاكم فيه نظر، لأن إيقاع الثلاث بكلمة واحدة محرم، وقال الشافعي: ليس له أن يطلق إلا واحدة، قالوا: ولا يتأتى من الحاكم على الزوج رغما عنه، إلا في الإيلاء فقط، فإنه يقع من الحاكم، أو من الزوج، فإن أتيا بصيغة الطلاق، فيحسب من عدد الطلقات، قال الشيخ: وإن لم يف وطلق بعد المدة، أو طلق الحاكم عليه، لم يقع إلا طلقة رجعية، وهو الذي يدل عليه القرآن، ونص عليه أحمد.

(4)

أي فسخ عليه الحاكم، لأن الطلاق تدخله النيابة، وقد تعين مستحقه فقام الحاكم فيه مقام الممتنع، كأداء الدين، وإن أتيا بصيغة الفسخ، أو التفريق فإنه والحال هذه لا ينقص به عدد الطلاق، لكن تبين منه، ولا يصح رجوعه عليها إلا بعقد جديد، بشروطه.

(5)

فملك ما يملكه، والخيرة في ذلك للحاكم، فيفعل ما فيه المصلحة.

ص: 625

الفرج فما فاء) لأن الإيلاء يختص بالحلف على ترك الوطء في القبل (1) والفيئة: الرجوع عن ذلك (2) فلا تحصل الفيئة بغيره كما لو قبلها (3)(وإن ادعى) المولي (بقاء المدة) أي مدة الإيلاء، وهي الأربعة أشهر، صدق، لأنه الأصل (4)(أو) ادعى (أنه وطئها وهي ثيب، صدق مع يمينه)(5) لأنه أمر خفي، لا يعلم إلا من جهته (6)(وإن كانت) التي آلى منها (بكرا، أو ادعت البكارة (7) وشهد بذلك) أي ببكارتها (امرأة عدل صدقت)(8) وإن لم يشهد ببكارتها ثقة، فقوله بيمينه (9) .

(1) والدبر ما دون الفرج، ليس بمحلوف عليه فالدبر محرم، وما دون الفرج لا يسمى وطأ يفيء به المولي.

(2)

أي عن اليمين على ترك الوطء في القبل، وسمي الفيء رجوعا، لأنه رجع إلى فعل ما تركه بحلفه.

(3)

ولأن ذلك أيضًا، لا يزول به ضرر المرأة.

(4)

فقبل قوله مع يمينه، كما لو اختلفا في أصل الإيلاء.

(5)

في الصورتين، وفي الأخيرة كما لو ادعى الوطء في العنة.

(6)

فقبل قوله فيه مع يمينه كالدين، وكقول المرأة في حيضها

(7)

واختلفا في الإصابة، بأن ادعى أنه وطئها وأنكرته.

(8)

لأن قولها اعتضد بالبينة، ولأنه لو كان وطئها زالت بكارتها.

(9)

كما لو كانت ثيبا كما مر، وكنظائره، للخبر.

ص: 626

(وإن ترك) الزوج (وطأها) أي وطء زوجته (إضرارًا بها بلا يمين) على ترك وطئها (1)(ولا عذر) له (فكمول)(2) وكذا من ظاهر ولم يكفر (3) فيضرب له أربعة أشهر (4) فإن وطئ وإلا أمر بالطلاق (5) فإن أبى طلق عليه الحاكم، أو فسخ النكاح، كما تقدم في المولي (6) وإن انقضت مدة الإيلاء، وبأحدهما عذر يمنع الجماع (7) أمر أن يفيء بلسانه، فيقول: متى قدرت جامعتك (8)

(1) أكثر من أربعة أشهر.

(2)

تضرب له مدة الإيلاء، ويحكم له بحكمه، لأنه تارك لوطئها إضرار بها وأشبه المولي، ويحلف لدعواه ترك الإضرار أو عدمه، مع قرينة ظاهرة، وظاهره: أنه لو تركه من غير إضرار لا يحكم له بحكم الإيلاء. قال في الإنصاف: وهو المذهب، وقطع به الأكثرون، وإن تركه لعذر، من مرض أو غيبة أو نحوه، لم تضرب له مدة، قولا واحدا.

(3)

أي لظهاره فكمول.

(4)

مدة الإيلاء ويثبت له حكمه.

(5)

إن طلبت ذلك منه كما تقدم في الإيلاء.

(6)

إذا أبى الفيئة والطلاق، وتقدم موضحا.

(7)

كإحرام ونفاس، لم تملك الفيئة.

(8)

لأن القصد بالفيئة، ترك ما قصده من الإضرار بالإيلاء، واعتذاره يدل على ترك الإضرار.

ص: 627

ثم متى قد وطئ أو طلق (1) ويمهل لصلاة فرض، وتحلل من إحرام، وهضم ونحوه (2) ومظاهر لطلب رقبة، ثلاثة أيام (3) .

(1) لزوال عجزه الذي أخر لأجله، كالدين يوسر به المعسر

(2)

كفطر من صوم واجب، ودخول خلاء، ورجوع إلى بيته، لأنه العادة، فإن كفر بالصيام لم يمهل، لأن مدته تطول.

(3)

أي ويمهل مظاهر لطلب رقبة، ثلاثة أيام، لأنه يسير، لا لصوم لأنه كثير، ومتى لم يبق لمول عذر، طلبت الفيئة وهي الجماع، ولزم القادر مع حل وطئها.

وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

آخر المجلد السادس، من حاشية الروض المربع

ويليه المجلد السابع

وأوله: كتاب الظهار

ص: 628