الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب ما جاء فى النشرة
(1)
عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " سئل عن النشرة؟ فقال: هي من عمل الشيطان " 1 (2) . رواه أحمد بسند جيد وأبو داود (3) وقال: سئل أحمد عنها فقال: ابن مسعود يكره هذا كله (4) .
ــ
(1)
بضم النون من نشر الشيء فرقه، فالنشرة ضرب من العلاج والرقية، يعالج به من يظن أن به سحرا أو مسا من الجن، سميت بذلك لأنه ينشر بها عنه ما خامره من الداء، أي يحل ويكشف ويزال عنه، ومنه الحديث:((فلعل طبا أصابه)) ، ثم نشره ب:{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} 2 أي رقاه.
(2)
أي الأكبر أو جنس الشياطين، وأل في النشرة للعهد أي النشرة المعهودة التي كان أهل الجاهلية يصنعونها، هي من عمل الشيطان أو بواسطته؛ لأنهم ينشرون عن المسحور بأسحار واستخدامات شيطانية، فهذه حرام بالاتفاق.
(3)
في سننه عن جابر، ورواه الفضل بن زياد في كتاب المسائل، عن عبد الرزاق عن عقيل بن معقل بن منبه عن عمه وهب بن منبه عن جابر، قال ابن مفلح: إسناده جيد، وحسنه الحافظ.
(4)
أراد أحمد رحمه الله أن ابن مسعود يكره النشرة التي هي من عمل الشيطان، كما يكره تعليق التمائم مطلقا، فدل على أنه يذهب إلى ما ذهب إليه ابن مسعود، وهو تحريم هذا كله، ومستنده الحديث. وروى ابن أبي شيبة وأبو داود في المراسيل عن الحسن رفعه:" النشرة من عمل الشيطان "3.
1 أبو داود: الطب (3868) ، وأحمد (3/294) .
2 سورة الفلق آية: 1.
3 أبو داود: الطب (3868) ، وأحمد (3/294) .
وللبخاري عن قتادة (1)" قلت لابن المسيب: رجل به طب (2) أو يؤخذ عن امرأته (3) أيحل عنه أو ينشر (4) ؟ قال: لا بأس به إنما يريدون به الإصلاح (5) ، فأما ما ينفع فلم ينه عنه ". انتهى (6) .
ــ
(1)
أي روى في صحيحه تعليقا، وفي بعض النسخ وفي البخاري، ووصله الأثرم عن قتادة بنحوه، وقتادة هو ابن دعامة بن قتادة بن عزيز بن عمرو بن ربيعة ابن عمرو بن الحارث بن سدوس البصري، ثقة فقيه من أحفظ التابعين، قالوا إنه ولد أكمه سنة 61هـ، روى عن أنس وغيره، وعنه أيوب السختياني، مات سنة 117هـ.
(2)
بكسر الطاء أي سحر، يقال طب الرجل بالضم إذا سحر، ويقال: كنوا عن السحر بالطب تفاؤلا، كما يقال للديغ: سليم، والطب اسم للبرء من الداء، أو اسم للداء من الأضداد.
(3)
بفتح الواو مهموز وتشديد الخاء المعجمة، أي يحبس عن امرأته ولا يصل إلى جماعها، والأخذة بضم الهمزة والتأخيذ رقية بسحر تحبس بها السواحر أزواجهن عن غيرهن من النساء، وأخذ سحر، أو خرزة يؤخذ بها، وأخذته رقته بالسحر، أي فماذا يصنع به؟
(4)
يحل بضم الياء وفتح الحاء مبني للمجهول من حل العقدة يحلها نقضها وفكها، وينشر بضم الياء وتشديد الشين، ونشر عنه إذا رقاه، كأنك تفرق عنه العلة.
(5)
أي لا بأس بمعالجته بأمور مباحة، لم يرد بها إلا المصلحة ودفع المضرة.
(6)
هذا من ابن المسيب رضي الله عنه يحمل على نوع من النشرة لا محذور فيه، كالرقى بأسماء الله وكلامه، ولا يعلم أنه سحر، وحاشاه رضي الله عنه أن يفتي بجواز قصد الساحر الكافر المأمور بقتله ليعمل السحر، فإنما هو فساد وكفر.
وروي عن الحسن أنه قال: " لا يحل السحر إلا ساحر "(1) .
قال ابن القيم: النشرة حل السحر عن المسحور، وهي نوعان: حل بسحر مثله، وهو الذي من عمل الشيطان، وعليه يحمل قول الحسن، فيتقرب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحب فيبطل عمله عن المسحور (2) . والثاني: النشرة بالرقية والتعوذات والدعوات والأدوية المباحة فهذا جائز (3) .
ــ
(1)
ذكره عنه ابن الجوزي في جامع المسانيد، وقال: هي حل السحر عن المسحور، ولا يكاد يقدر عليه إلا من يعرف السحر.
(2)
فيزول ذلك السحر، والناشر هو الذي يحل السحر، والمنتشر هو الذي يحل عنه السحر بطلبه أو رضاه، وهو حرام، وتقدم حكمه وذكر الوعيد عليه.
(3)
ذكر المصنف رحمه الله كلام هذا الإمام الجليل، لما فيه من الجمع بين القولين، وبيان أنه لا تنافي بينهما، وإنما يصدق بعضها بعضا، ومما جاء في النشرة المباحة ما رواه ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ليث بن أبي سليم قال: بلغني أن هؤلاء الآيات شفاء من السحر بإذن الله، تقرأ في إناء فيه ماء ثم يصب على رأس المسحور:{فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ} 1 إلى قوله: {مجرمون} 2، وقوله:{فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} 3. الأربع الآيات، وقوله: {إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ} 4 الآية. وقال ابن بطال: في كتاب وهب بن منبه إنه يأخذ سبع ورقات من سدر أخضر فيدقه بين حجرين، ثم يضربه بالماء، ويقرأ فيه آية الكرسي والقواقل، ثم يحسو منه ثلاث حسوات، ثم يغتسل به يذهب عنه كل ما به، وهو جيد للرجل إذا حبس عن أهله، فالنوع الثاني الذي ذكر ابن القيم يشير إلى نحو هذا، وعليه يحمل قول من أجاز النشرة من العلماء، إحسان ظن بهم، وما كان بالسحر فيحرم.
1 سورة يونس آية: 81.
2 سورة يونس آية: 82.
3 سورة الأعراف آية: 118.
4 سورة طه آية: 69.