المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب قول: ما شاء الله وشئت - حاشية كتاب التوحيد

[عبد الرحمن بن قاسم]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌كتاب التوحيد

- ‌باب فضل التوحيد وما يكفر من الذنوب

- ‌باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب

- ‌باب الخوف من الشرك

- ‌باب الدعاء إلى شهادة أن لا إله إلا الله

- ‌باب تفسير التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله

- ‌باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه

- ‌باب ما جاء في الرقى والتمائم

- ‌باب من تبرك بشجرة أو حجر ونحوهما

- ‌باب ما جاء في الذبح لغير الله

- ‌باب لا يذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله

- ‌باب من الشرك النذر لغير الله

- ‌باب من الشرك الاستعاذة بغير الله

- ‌باب من الشرك أن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره

- ‌باب قول الله تعالى: {أَيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً}

- ‌باب قول الله تعالى: {حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ}

- ‌باب الشفاعة

- ‌باب قول الله تعالى: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ}

- ‌باب ما جاء أن سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين

- ‌باب ما جاء من التغليظ فيمن عبد الله عند قبر رجل صالح فكيف إذا عبده

- ‌باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثانا تعبد من دون الله

- ‌باب ما جاء في حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم جناب التوحيد وسده كل طريق يوصل إلى الشرك

- ‌باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان

- ‌باب ما جاء في السحر

- ‌باب بيان شيء من أنواع السحر

- ‌باب ما جاء في الكهان ونحوهم

- ‌باب ما جاء فى النشرة

- ‌باب ما جاء في التطير

- ‌باب ما جاء في التنجيم

- ‌باب ما جاء في الاستسقاء بالأنواء

- ‌باب قول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ}

- ‌باب قول الله تعالي: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}

- ‌باب قول الله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}

- ‌باب قول الله تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}

- ‌باب من الإيمان بالله الصبر على أقدار الله

- ‌باب ما جاء في الرياء

- ‌باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا

- ‌باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرمه فقد اتخذهم أربابا

- ‌باب قول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ

- ‌باب من جحد شيئا من الأسماء والصفات

- ‌باب قول الله تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا}

- ‌باب قول الله تعالى: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}

- ‌باب ما جاء فيمن لم يقنع بالحلف بالله

- ‌باب قول: ما شاء الله وشئت

- ‌باب من سب الدهر فقد آذى الله

- ‌باب التسمي بقاضي القضاة ونحوه

- ‌باب احترام أسماء الله تعالى وتغيير الاسم لأجل ذلك

- ‌باب من هزل بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول

- ‌باب ما جاء في قول الله تعالى: {وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي}

- ‌باب قول الله تعالى: {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا}

- ‌باب قول الله تعالى: {وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ}

- ‌باب لا يقال السلام على الله

- ‌باب قول: اللهم اغفر لي إن شئت

- ‌باب لا يقول عبدي وأمتي

- ‌باب لا يرد من سأل بالله

- ‌باب لا يسأل بوجه الله إلا الجنة

- ‌باب ما جاء في "لو

- ‌باب النهي عن سب الريح

- ‌باب قول الله تعالى: {يظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ}

- ‌باب ما جاء في منكري القدر

- ‌باب ما جاء في المصورين

- ‌باب ما جاء في كثرة الحلف

- ‌باب ما جاء في ذمة الله وذمة نبيه

- ‌باب ما جاء في الإقسام على الله

- ‌باب لا يشفع بالله على خلقه

- ‌باب ما جاء في حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم حمى التوحيد وسده طرق الشرك

- ‌باب قول الله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ

الفصل: ‌باب قول: ما شاء الله وشئت

‌باب قول: ما شاء الله وشئت

(1)

عن قتيلة " أن يهوديا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إنكم تشركون تقولون: ما شاء الله وشئت، وتقولون: والكعبة، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة، وأن يقولوا: ما شاء الله ثم شئت"1. رواه النسائي وصححه (2) .

ــ

(1)

وأنه من الشرك؛ لما فيه من التسوية بين الخالق والمخلوق في المشيئة.

(2)

قتيلة بمثناة مصغر، بنت صيفي الأنصارية، صحابية مهاجرة، لها هذا الحديث في سنن النسائي، ورواه عنها عبد الله بن يسار الجعفي، ورواه الطبراني وابن سعد وابن منده وغيرهم. والحديث نص في أن هذا اللفظ من الشرك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر اليهودي على تسميته بذلك، ونهى عنه، وقال لمن قال ذلك:" أجعلتني لله ندا " 2؟ وأقر من سماه تنديدا، كما جاء بلفظ "إنكم تنددون" وأرشد إلى استعمال اللفظ البعيد من الشرك، والعبد وإن كان له مشيئة فمشيئته تابعة لمشيئة الله، ولا قدرة له على أن يشاء شيئا إلا إذا كان الله قد شاءه، كما قال تعالى:{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} 3. قال الشارح: ولو أتى بـ (ثم) وأراد أنه شريك لله تعالى في المشيئة فالنهي باق بحاله، بل يكون في هذه الصورة أشد ممن أتى بالواو، مع عدم هذا الاعتقاد، وفيه قبول الحق ممن جاء به كائنا من كان، وبيان النهي عن الحلف بالكعبة، وأنه شرك مع أنها بيت الله التي حجها فرض، وهذا يبين أن النهي عن الشرك بالله عام، لا يصلح منه شيء، لا لملك مقرب ولا نبي مرسل، ولا للكعبة التي هي بيت الله في أرضه، ولا غير ذلك من سائر المخلوقات.

1 النسائي: الأيمان والنذور (3773) ، وأحمد (6/371) .

2 البخاري: تفسير القرآن (4477)، ومسلم: الإيمان (86)، والترمذي: تفسير القرآن (3182 ،3183)، والنسائي: تحريم الدم (4013 ،4014 ،4015)، وأبو داود: الطلاق (2310) ، وأحمد (1/380 ،1/431 ،1/434 ،1/462 ،1/464) .

3 سورة الإنسان آية: 30.

ص: 307

وله أيضا عن ابن عباس رضي الله عنهما " أن رجلا قال: للنبي صلى الله عليه وسلم: ما شاء الله وشئت. قال: أجعلتني لله ندًّا؟ بل ما شاء الله وحده (1) "1.

ولابن ماجه عن الطفيل أخي عائشة لأمها (2)

ــ

(1)

وفي رواية: " قل ما شاء الله وحده " ورواه ابن ماجه وابن مردويه وغيرهما. وهذا يقرر ما تقدم من أن هذا شرك؛ لوجود التسوية في العطف بالواو، وفيه أن من سوى العبد بالله ولو في الشرك الأصغر فقد جعله ندا لله؛ لقوله:" أجعلتني لله ندا " 2 أي شريكا، استفهام إنكار، أي ليس لك أن تسويني بالله. قال ابن القيم: هذا مع أن الله قد أثبت للعبد مشيئة، فكيف بمن يقول: أنا متوكل على الله وعليك، وأنا في حسب الله وحسبك، وما لي إلا الله وأنت، وهذا من الله ومنك، وهذا من بركات الله وبركاتك، والله لي في السماء وأنت لي في الأرض، ويقول: نذرا لله ولفلان، وأنا تائب لله ولفلان، وأرجو الله وفلانا ونحو ذلك، فوازن بين هذه الألفاظ وببن قول القائل: ما شاء الله وشئت، ثم انظر أيهما أفحش يتبين لك أن قائلها أولى بجواب النبي صلى الله عليه وسلم. وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حمى حمى التوحيد، وسد طرق الشرك في الأقوال والأفعال، وقال المصنف: فكيف بمن قال: يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك، يشير إلى صاحب البردة حيث جعل عياذه ولياذه بغير الله.

(2)

الطفيل: هو ابن عبد الله بن الحارث بن سخبرة بن جرثومة الخير بن عادية ابن مرة بن الأوس بن النمر بن عثمان الأزدي، صحابي له هذا الحديث، قدم أبوه عبد الله مكة قبل الإسلام، فحالف أبا بكر، وتوفي عن أم رومان، فخلف عليها أبو بكر، فولدت له عبد الرحمن وعائشة. وابن ماجه إنما روى عن حذيفة بهذا اللفظ، وعن الطفيل بنحوه، ورواه أحمد والنسائي، ورجح الحفاظ أن ابن عيينة وهم في روايته عن حذيفة.

1 النسائي: الأيمان والنذور (3773) ، وأحمد (6/371) .

2 البخاري: تفسير القرآن (4477)، ومسلم: الإيمان (86)، والترمذي: تفسير القرآن (3182 ،3183)، والنسائي: تحريم الدم (4013 ،4014 ،4015)، وأبو داود: الطلاق (2310) ، وأحمد (1/380 ،1/431 ،1/434 ،1/462 ،1/464) .

ص: 308

قال: " رأيت كأني أتيت على نفر من اليهود فقلت: إنكم لأنتم القوم، لولا أنكم تقولون: عزير ابن الله (1) . قالوا: وإنكم لأنتم القوم، لولا أنكم تقولون: ما شاء الله وشاء محمد (2) . ثم مررت بنفر من النصارى فقلت: إنكم لأنتم القوم، لولا أنكم تقولون: المسيح ابن الله. قالوا: وإنكم لأنتم القوم، لولا أنكم تقولون: ما شاء الله وشاء محمد. فلما أصبحت أخبرت بها من أخبرت، ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: هل أخبرت بها أحدا؟ قلت: نعم، قال: فحمد الله وأثنى عليه (3) ،

ــ

(1)

أي نعم القوم أنتم، لولا ما أنتم عليه من الشرك والمسبة لله بنسبة الولد إليه، وهذا لفظ الطبراني. وفي رواية له ولأحمد:((رأيت فيما يرى النائم كأني مررت برهط من اليهود، فقلت: من أنتم؟ قالوا: نحن اليهود)) والرهط والنفر الجماعة أقل من العشرة.

(2)

عارضوه بشيء مما في المسلمين من الشرك الأصغر، أي نعم القوم أنتم لولا ما فيكم من هذا الشرك، وكذلك جرى له مع نفر من النصارى، وفيه معرفة اليهود والنصارى للشرك وإن كان أصغر، وهم مع ذلك يشركون بالله الشرك الأكبر.

(3)

فيه سنة تقديم حمد الله والثناء عليه في الخطب، وحسن خلقه صلى الله عليه وسلم، وعدم احتجابه عن الناس كالملوك، واعتنائه بالرؤيا؛ لأنها من أقسام الوحي.

ص: 309

ثم قال: أما بعد فإن طفيلا رأى رؤيا أخبر بها من أخبر منكم، وإنكم قلتم كلمة كان يمنعني كذا وكذا أن أنهاكم عنها (1)، فلا تقولوا: ما شاء الله وشاء محمد، ولكن قولوا: ما شاء الله وحده" (2) .

ــ

(1)

وفي رواية أحمد والطبراني: " إنكم كنتم تقولون كلمة كان يمنعني الحياء منكم أن أنهاكم عنها "1. وهذا الحياء ليس حياء عن الإنكار عليهم، بل كان صلى الله عليه وسلم يكرهها؛ ويستحيي أن ينكرها، لأنه لم يؤمر بإنكارها، فلما جاء الأمر الإلهي بالرؤيا الصالحة خطبهم، ونهى عن ذلك نهيا بليغا.

(2)

هذه الرؤيا حق، أقرها صلى الله عليه وسلم وعمل بمقتضاها، ونهاهم أن يقولوا: ما شاء الله وشاء محمد؛ لما فيه من مطلق التسوية بين الخالق والمخلوق، وأمرهم أن يقولوا ما شاء الله وحده، كما في الحديث قبله، ولا ريب أن هذا أكمل في الإخلاص، وأبعد عن الشرك، وأفضل وأكمل من قول ما شاء الله ثم شاء محمد؛ لما في قول: ما شاء الله وحده من التصريح بالتوحيد، المنافي للتنديد من كل وجه، فالبصير يختار لنفسه أعلى مراتب الكمال في مقام التوحيد والإخلاص، ويجوز أن يقال: ما شاء الله ثم شاء فلان كما تقدم. وفيه معنى قوله صلى الله عليه وسلم: " الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة "2. وإن كانت هذه رؤيا منام، فقد أقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبر أنها حق. قال المصنف: وفيه أن الرؤيا الصالحة من أقسام الوحي، وأنها قد تكون سببا لشروع بعض الأحكام.

1 أحمد (5/72) .

2 البخاري: التعبير (6983)، ومسلم: الرؤيا (2264)، وابن ماجه: تعبير الرؤيا (3893) ، وأحمد (3/106 ،3/126 ،3/149 ،3/185 ،3/269 ،5/316 ،5/319)، ومالك: الجامع (1781) .

ص: 310