الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل " 1. رواه أحمد (1) .
ــ
(1)
ورواه ابن ماجه وابن أبي حاتم والبيهقي وغيرهم، وفيه قصة، ولفظ ابن ماجه: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتذاكر المسيح الدجال، فقال:"ألا أخبركم" الحديث. وفسر صلى الله عليه وسلم ما خافه على أصحابه بتزيين صلاة الرجل لأجل الناظر إليه، وسماه أيضا شرك السرائر، وحذرهم منه فيما رواه ابن خزيمة في صحيحه عن محمود بن لبيد قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " إياكم وشرك السرائر، قالوا: يا رسول الله وما شرك السرائر؟ قال: يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر الرجل إليه، فذلك شرك السرائر ". وفيه شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أمته ونصحه لهم، وأن الرياء أخوف على الصالحين من فتنة الدجال، وإذا كان يخافه على سادات الأولياء مع قوة إيمانهم وعلمهم، فغيرهم ممن هو دونهم بأضعاف أولى بالخوف من الشرك أكبره وأصغره.
1 ابن ماجه: الزهد (4204) ، وأحمد (3/30) .
باب من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنيا
(1)
وقوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ} 1 الآيتين (2) .
ــ
(1)
أراد المصنف رحمه الله بهذه الترجمة وما بعدها أن العمل لأجل الدنيا شرك، ينافي كمال التوحيد الواجب، ويحبط الأعمال، وهو أعظم من الرياء؛ لأن مريد الدنيا قد تغلب إرادته تلك على كثير من عمله، وأما الرياء فقد يعرض له في عمل دون عمل، ولا يسترسل معه، فإن قيل: فما الفرق بين هذه الترجمة وبين ترجمة الباب قبله؟ قيل: بينهما عموم وخصوص مطلق، يجتمعان في مادة، وهو ما إذا أراد الإنسان بعمله التزين عند الناس، والتصنع لهم والثناء، فهذا رياء، وهو أيضا إرادة الدنيا بالتصنع عند الناس، وطلب المدحة منهم والإكرام، ويفارق الرياء لكونه عمل عملا صالحا أراد به عرضا من الدنيا، كمن يجاهد ليأخذ مالا، أو يجاهد للمغنم، أو غير ذلك، ولهذا سماه عبدا لذلك، بخلاف المرائي؛ فإنه إنما يعمل ليراه الناس ويعظموه، والذي يعمل لأجل الدراهم أعقل من المرائي، وكلاهما خاسر، نعوذ بالله من موجبات غضبه.
(2)
قال ابن عباس: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} أي ثوابها: {وَزِينَتَهَا} أي مالها: {نُوَفِّ} أي نوفر لهم ثواب: {أَعْمَالَهُمْ} بالصحة والسرور في المال والأهل والولد،:{وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ} لا ينقصون {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلَاّ النَّارُ} 2؛ لأنهم لم يعملوا إلا للحياة الدنيا وزينتها: {وَحَبِطَ} في الآخرة: {مَا صَنَعُوا} فيها، فلم يكن لهم ثواب؛ لأنهم لم يريدوا به الآخرة، إنما أرادوا به الدنيا، وقد وفي إليهم ما أرادوا {وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} : 3 أي كان عملهم في نفسه باطلا؛ لأنه =
1 سورة هود آية: 15.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
= لم يعمل لوجه صحيح، والعمل الباطل لا ثواب له، قيل: ثم نسختها: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} 1 الآية يعني قيدتها، فلم تبق الآية على إطلاقها. وقال الضحاك: من عمل صالحا من أهل الإيمان من غير تقوى عجل له ثواب عمله في الدنيا. ورجحه ابن القيم. وقال قتادة: يقول تعالى: ((من كانت الدنيا همه وطلبته ونيته، جازاه الله بحسناته في الدنيا، ثم يفضي إلى الآخرة وليس له حسنة يعطى بها جزاء، وأما المؤمن فيجازى بحسناته في الدنيا، ويثاب عليها في الآخرة)) . وثبت من حديث أبي هريرة: " إن أول الناس يقضى عليه يوم القيامة رجل جمع القرآن، ورجل قتل في سبيل الله، ورجل كثير المال، فيقول الله للقارئ: ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي؟ قال: بلى يا رب. قال فماذا عملت فيما علمت؟ قال: كنت أقوم آناء الليل وآناء النهار، فيقول الله له: كذبت، وتقول الملائكة له: كذبت، ويقول الله له: بل أردت أن يقال: فلان قارئ فقد قيل ذلك. وذكر صاحب المال وأن الله يقول له: بل أردت أن يقال: فلان جواد. وذكر المجاهد وأن الله يقول له: بل أردت أن يقال: فلان جريء فقد قيل ذلك. ثم قال: يا أبا هريرة أولئك أول من تسعر بهم النار يوم القيامة. وهؤلاء لهم أعمال، لكن لم يريدوا بها وجه الله، ولما سئل عنه كاد يغشى عليه خوفا، وكذا معاوية لما سمعه، وقال: صدق الله: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} الآية "2.
وسئل المصنف رحمه الله عن هذه الآية فقال: ذكر عن السلف فيها أنواع مما يفعله الناس اليوم، ولا يعرفون معناه، فمن ذلك العمل الصالح الذي يفعله كثير من الناس ابتغاء وجه الله، من صلاة وصدقة وصلة وإحسان وترك ظلم ونحو ذلك، مما يفعله الإنسان أو يتركه خالصا لله، لكن لا يريد به ثواب الآخرة، إنما يريد أن يجازيه الله بحفظ ماله وتنميته أو حفظ أهله وعياله، أو إدامة النعمة عليهم، ولا هم له في طلب الجنة والهرب من النار، فهذا قد يعطى ثواب عمله في الدنيا، وليس له في الآخرة من نصيب، وهذا النوع ذكره ابن =
1 سورة الإسراء آية: 18.
2 مسلم: الإمارة (1905)، والترمذي: الزهد (2382)، والنسائي: الجهاد (3137) ، وأحمد (2/321) .
في الصحيح (1) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تعس عبد الدينار (2) ،
ــ
= عباس.
(النوع الثاني) وهو أكبر من الأول وأخوف، وهو الذي ذكر مجاهد في الآية أنها نزلت فيه، وهو أن يعمل أعمالا صالحة ونيته رئاء الناس، لا طلب ثواب الآخرة.
(النوع الثالث) أن يعمل أعمالا صالحة يقصد بها مالا، مثل أن يحج لمال يأخذه، أو يهاجر لدنيا يصيبها، أو يجاهد لأجل المغنم، فقد ذكر أيضا هذا النوع في تفسير هذه الآية، وكما يتعلم الرجل لأجل مدرسة أهله أو رياستهم، أو يتعلم القرآن ويواظب على الصلاة لأجل وظيفة المسجد كما هو واقع كثيرا.
(النوع الرابع) أن يعمل بطاعة الله مخلصا في ذلك، لكنه على عمل يكفره كفرا يخرجه عن الإسلام، مثل اليهود والنصارى وكثير من هذه الأمة، إذا أطاعوا الله طاعة خالصة يريدون بها ثواب الله، لكنهم على أعمال تخرجهم من الإسلام، وتمنع قبول أعمالهم، فهذا النوع أيضا قد ذكر في هذه الآية عن أنس وغيره، وكان السلف يخافون منها، قال بعضهم: لو أعلم أن الله تقبل مني سجدة لتمنيت الموت؛ لأن الله يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} 1. بقي أن يقال: إذا عمل الرجل الصلاة والزكاة والصوم والحج ابتغاء وجه الله، طالبا ثواب الآخرة، ثم بعد ذلك عمل أعمالا صالحة قاصدا بها الدنيا، مثل أن يحج فرضه ثم يحج بعده لأجل الدنيا، كما هو واقع فهو لما غلب عليه منهما. وقد قال بعضهم: القرآن كثيرا ما يذكر أهل الجنة الخلص، وأهل النار الخلص، ويسكت عن صاحب الشائبتين، وهو هذا والله أعلم.
(1)
أي صحيح البخاري في الجهاد بلفظ: " تعس عبد الدنيا والدرهم والخميصة والخميلة "2. وفي رواية: "والقطيفة" الخ وبعضه في الرقاق.
(2)
تعس بكسر العين ويجوز الفتح، أي سقط. وقال الحافظ: والمراد هنا هلك، وقال: وهو ضد سعد أي شقي. وفي النهاية: ((يقال تعس يتعس إذا عثر =
1 سورة المائدة آية: 27.
2 البخاري: الرقاق (6435)، وابن ماجه: الزهد (4136) .
تعس عبد الدرهم (1) ، تعس عبد الخميصة (2) ، تعس عبد الخميلة (3) ، إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط (4) ، تعس وانتكس (5) "،
ــ
= وانكب لوجهه)) اهـ. فتعس دعاء عليه بالهلاك، وقيل: التعس الشر، ومنه قوله:{فَتَعْساً لَهُمْ} أراد إلزامهم الشر. وقيل: البعد. وعبد الدينار طالبه الحريص على جمعه، القائم على حفظه، لا يرضى ولا يغضب ولا يحب ولا يبغض إلا لأجله، سماه عبدا له لشدة شغفه وحرصه عليه، ولكونه هو المقصود بعمله، وكل من توجه بقصده لغير الله فقد جعله شريكا له في عبوديته، وخص العبد بالذكر دون المالك والجامع إيذانا بانغماسه في محبة الدنيا وشهواتها، كالأسير الذي لا يجد خلاصا، والدينار مثقال معروف من الذهب، مضروب من المعاملات القديمة، قيل: أصله فارسي، وقيل: عربي.
(1)
وهو قطعة من الفضة، سميت به للمعاملة وهو ستة دوانق نصف مثقال وخمسه، ويزن المثقال اثنتين وسبعين شعيرة متوسطة.
(2)
جمعها خمائص، ثوب خز أو صوف معلم، أو هو الكساء المربع له أعلام، وقيل: لا تسمى خميصة إلا أن تكون سوداء معلمة.
(3)
بفتح الخاء جمعها خمل، كل ثياب لها خمل من أي شيء كان، والطنفسة والخمل الهدب، وفي رواية:"القطيفة"، وفسرت بذلك، بدأ بعبد العين ثم بعبد العروض، فكأن المراد كل ما كان من الدنيا نقدا أو عرضا.
(4)
يؤذن بشدة الحرص على ذلك، كما قال تعالى:{فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ} 1 فصار سخطهم ورضاهم لغير الله.
قال الحافظ: ((أي عاوده المرض)) . وفي النهاية: ((انقلب على رأسه، وهو دعاء عليه بالخيبة)) . قال الطيبي: ((فيه الترقي بالدعاء عليه؛ لأنه إذا تعس انكب على وجهه، وإذا انتكس انقلب على رأسه بعد أن سقط)) .
1 سورة التوبة آية: 58.
وإذا شيك فلا انتقش (1) .
ــ
(1)
أي إذا أصابته شوكة فلا يقدر على إخراجها بالمنقاش، دعاء عليه أيضا، حتى لو تصيبه الشوكة في رجله لم يجد من يأخذها بالمنقاش، لحقارته وهوانه والمراد أن من كانت هذه حاله فإنه يستحق أن يدعى عليه بما يسوءه في العواقب، وأنه يجد أثر هذه الدعوات، في الوقوع فيما يضره في العاجلة والآجلة. قال شيخ الإسلام: فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة، وذكر فيه ما هو دعاء بلفظ الخبر، وهذه حال من إذا أصابه شر لم يخرج منه، ولم يفلح لكونه تعس وانتكس، فلا نال المطلوب، ولا خلص من المكروه، وهذه حال من عبد المال، وقد وصف ذلك بأنه إذا أعطي رضي، وإن منع سخط، كقوله:{فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ} 1 فرضاهم لغير الله، وسخطهم لغير الله، وهكذا حال من كان متعلقا منها برياسة أو بصورة، ونحو ذلك من أهواء نفسه، إن حصل له رضي، وإن لم يحصل له سخط، فهذا عبد ما يهواه من ذلك، وهو رقيق له؛ إذ الرق والعبودية في الحقيقة هو رق القلب وعبوديته، فما استرق القلب واستعبده فهو عبده، وهكذا حال من طلب المال، فإن ذلك يستعبده ويسترقه، وهذه الأمور نوعان: ما يحتاج إليه العبد كطعامه وشرابه ومنكحه ومسكنه ونحو ذلك، فهذا يطلب من الله ويرغب إليه فيه، فيكون المال عنده، يستعمله في حاجته، بمنزلة حماره الذي يركبه، وبساطه الذي يجلس عليه، من غير أن يستعبده، فيكون هلوعا. وما لا يحتاج إليه العبد، فينبغي أن لا يعلق قلبه بها، فإذا تعلق قلبه بها صار مستعبدا ومعتمدا على غير الله، فلا يبقى معه حقيقة العبودية، ولا حقيقة التوكل على الله بل فيه شعبة من العبادة لغير الله، وشعبة من التوكل على غيره، وهذا أحق الناس بقوله:"تعس" الخ، فهذا هو عبد لهذه الأمور، ولو طلبها من الله، فإن الله إذا أعطاه إياها رضي، وإن منعه إياها سخط، وإنما عبد الله من يرضيه ما يرضي الله، ويسخطه ما يسخط الله، ويحب ما يحب الله، ويبغض ما يبغض الله، فهذا الذي استكمل الإيمان.
1 سورة التوبة آية: 58.
"طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله (1) ، أشعث رأسه (2) ، مغبرة قدماه (3) ، إن كان في الحراسة كان في الحراسة (4) ،
ــ
(1)
طوبى اسم الجنة، وقيل شجرة فيها، لما روى أحمد من حديث أبي سعيد:" قال رجل: يا رسول الله وما طوبى؟ قال: شجرة في الجنة، مسيرة مائة سنة، ثياب أهل الجنة تخرج من أكامها "1. وروى ابن جرير وغيره عن وهب: أن في الجنة شجرة يقال لها طوبى، يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، وقيل: طوبى فرح وقرة عين، وقيل غبطة، وقيل حسنى، و "عنان" بكسر العين سير اللجام، لما ذكر حال من سخطه ورضاه لأطماع الدنيا، إن حصلت رضي وإن لم تحصل سخط، قاطعا النظر عن رضى الله وسخطه، حتى صار عبدا لتلك، بين حال عبد الله الصادق، الساعي في مراضي الله، والمبتعد عن مساخطه، ولو كان في ذلك مشقة النصب والتعب، فقال: " طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله " الخ أي ملازمها في جهاد المشركين، قال عليه الصلاة والسلام: " من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، ودينه هو الظاهر فهو في سبيل الله "2.
(2)
أشعث صفة لعبد، مجرور بالفتحة؛ لأنه اسم لا ينصرف للوصف ووزن الفعل، ورأسه مرفوع على الفاعلية، أي هو ثائر الشعر، أشغله الجهاد في سبيل الله عن التنعم بالادهان وتسريح الشعر.
(3)
مغبرة بالجر صفة ثانية لعبد، أي من الغبار والتراب، بخلاف المترفين المتنعمين.
(4)
الحراسة بكسر الحاء، أي إن كان في حماية الجيش عن أن يهجم العدو عليهم فهو فيها، غير مقصر ولا غافل.
1 الترمذي: الفتن (2180) ، وأحمد (5/218) .
2 مسلم: الإيمان (50) ، وأحمد (1/458 ،1/461) .
وإن كان في الساقة كان في الساقة (1) ، إن استأذن لم يؤذن له (2) ، وإن شفع لم يشفع (3) "1.
ــ
(1)
أي وإن كان في آخر الجيش فهو فيها، يقلب نفسه في مصالح الجهاد، فكل مقام يقوم فيه سواء كان ليلا أو نهارا، رغبة في ثواب الله، وطلبا لمرضاته، ومحبة لطاعته. قال ابن الجوزي: المعنى أنه خامل الذكر، لا يقصد السمو، فأين اتفق له السير سار، فكأنه قال: إن كان في الحراسة استمر فيها، وإن كان في الساقة استمر فيها، وإنما ذكر الحراسة والساقة؛ لأنهما أشد مشقة. وفيه فضل الحراسة في سبيل الله، وأخرج أحمد وغيره عن عثمان مرفوعا:" حرس ليلة في سبيل الله أفضل من ألف ليلة يقام ليلها ويصام نهارها "2.
(2)
أي إن استأذن على الأمراء ونحوهم لم يؤذن له؛ لأنه لا جاه له عندهم ولا منزلة، ولأنه ليس من طلابها، وإنما يطلب ما عند الله، لا يقصد بعمله سواه.
(3)
بفتح أوله وثانيه، أي لو ألجأ الحال إلى أن يشفع في أمر يحبه الله ورسوله لم يشفع بتشديد الفاء مبني للمفعول، أي لم تقبل شفاعته عند الأمراء ونحوهم، وهذه الأمور ونحوها لا تكون لهوان المؤمن على الله، بل لكرامته، وفيه فضل الخمول والتواضع وفضل الجهاد في سبيل الله. وعن أبي هريرة أن رجلا قال:" يا رسول الله علمني عملا أنال به ثواب المجاهدين في سبيل الله. فقال: هل تستطيع أن تصلي فلا تفتر، وتصوم فلا تفطر؟ فقال: أنا أضعف من أن أستطيع ذلك، ثم قال: أما والذي نفسي بيده لو طوقت ذلك ما بلغت فضل المجاهدين في سبيل الله؛ إن فرس المجاهد في سبيل الله ليستن في طوله، فيكتسب له بذلك حسنات ".
1 البخاري: تفسير القرآن (4855)، ومسلم: الإيمان (177)، والترمذي: تفسير القرآن (3068) .
2 البخاري: الأذان (756)، ومسلم: الصلاة (394)، والترمذي: الصلاة (247)، والنسائي: الافتتاح (910 ،911)، وأبو داود: الصلاة (822)، وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها (837) ، وأحمد (5/316 ،5/321)، والدارمي: الصلاة (1242) .