الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب قول الله تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا}
1 الآية (1) .
قال مجاهد ما معناه: هو قول الرجل: هذا مالي ورثته عن آبائي (2) .
وقال عون بن عبد الله: (3)
ــ
(1)
ترجم المصنف بهذه الآية حضا على التأدب مع جناب الربوبية عن الألفاظ الشركية الخفية، كنسبة النعم إلى غير الله؛ فإن ذلك باب من أبواب الشرك الخفي؛ لدلالتها على كفرهم بنعم الله، بإضافتها إلى غيره وإشراكه فيها، مع معرفتهم أن الله هو مسديها، وأنهم إنما جحدوها عتوا وعنادا. وذكر بعض ما ذكره بعض العلماء في معناها، وذكر المفسرون عن السدي وغيره: هي نبوة محمد صلى الله عليه وسلم. وعن آخرين أنها ما عدد الله في هذه السورة من النعم من عند الله، وأن الله هو المنعم عليهم بذلك، ولكنهم ينكرون ذلك، فيزعمون أنهم ورثوه عن آبائهم.
(2)
ولفظه قال: ((هي المساكن والأنعام وما يرزقون منها، والسرابيل من الحديد والثياب، يعرف هذا كفار قريش ثم ينكرونه، بأن يقولوا هذا كان لآبائنا فورثونا إياه)) . رواه ابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهما، وقائل هذا جاحد نعمة الله، غير معترف بها.
(3)
هو ابن عتبة بن مسعود الهذلي، أبو عبد الله الكوفي الزاهد، روى عن أبيه وعائشة وابن عباس، وعنه قتادة وأبو الزبير والزهري، وثقه أحمد وابن معين، مات قبل 120هـ.
1 سورة النحل آية: 83.
يقولون: لولا فلان لم يكن كذا (1) . وقال ابن قتيبة: يقولون هذا بشفاعة آلهتنا (2) .
وقال أبو العباس بعد حديث زيد بن خالد الذي فيه أن الله قال: " أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر " الحديث. وقد تقدم (3) : ((وهذا كثير في الكتاب والسنة، يذم سبحانه من يضيف إنعامه إلى غيره ويشرك به)) (4) .
قال بعض السلف: هو كقولهم: كانت الريح طيبة والملاح حاذقا (5) ،
ــ
(1)
قال: إنكارهم إياها أن يقول الرجل: لولا فلان لم يكن كذا وكذا، ولولا فلان ما أصبت كذا وكذا. رواه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم، وهذا يتضمن قطع إضافة النعمة عمن لولاه لم تكن؛ فإنه –سبحانه- هو وحده المنعم على الحقيقة.
(2)
أي أن الكفار إذا قيل لهم: من رزقكم؟ أقروا بأن الله هو الذي يرزقهم، ثم ينكرونه بقولهم: رزقنا ذلك بشفاعة آلهتنا، وهذا يتضمن الشرك، مع إضافة النعم إلى غير وليها، والآية تعم ما ذكره العلماء في معناها. وابن قتيبة: هو أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري قاضي دينور، النحوي اللغوي صاحب التصانيف البديعة المشهورة، روى عن إسحق بن راهويه وجماعة، وتوفي سنة 276هـ.
(3)
أي في باب ما جاء في الاستسقاء بالأنواء.
(4)
يعني مثل قوله: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} 1،:{يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا} 2. وخبر: " أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ". وما قاله بعض السلف.
(5)
أي ماهرا في صنعته، وهو صاحب السفينة، سمي بذلك لملازمته الماء الملح، ومعناه أن الله إذا أجرى السفينة وسلمها، نسبوا ذلك إلى الريح والملاح، =
1 سورة الواقعة آية: 82.
2 سورة النحل آية: 83.
ونحو ذلك مما هو جار على ألسنة كثير (1) .
ــ
= ونسوا الله عز وجل الذي أجرى لهم الفلك في البحر رحمة بهم، وإن كان المتكلم بذلك لم يقصد أن الريح والملاح هو الفاعل لذلك من دون خلق الله وأمره، وإنما أراد أنه سبب لذلك، لكن لا ينبغي أن يضيف ذلك إلا إلى الله وحده، فهو المنعم على الإطلاق:{وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} 1.
(1)
وكلام الشيخ يدل على أن حكم هذه الآية عام فيمن نسب النعم إلى غير الله الذي أنعم بها، وأسند أسبابها إلى غيره مما هو مذكور في كلام المفسرين وغيره. قال المصنف:((وفيه اجتماع الضدين في القلب، وتسمية هذا الكلام إنكارا للنعمة)) .
1 سورة النحل آية: 53.