الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب لا يرد من سأل بالله
(1)
عن ابن عمر رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من استعاذ بالله فأعيذوه (2) ، ومن سأل بالله فأعطوه (3) ،
ــ
(1)
لأن منع من سأل بالله أو بوجه الله من عدم إعظام الله وإجلاله، وقد جاء الوعيد على ذلك، فروى الطبراني عن أبي موسى مرفوعا:" ملعون من سأل بوجه الله، وملعون من سئل بوجه الله ثم منع سائله، ما لم يسأل هجرا ". وله عن أبي عبيدة مولى رفاعة بن رافع مرفوعا: " ملعون من يسأل بوجه الله، وملعون من سئل بوجه الله فمنع سائله ".
(2)
تعظيما لله وتقربا إليه بذلك، فإذا قال: أعوذ بالله من شرك، أو شر فلان، فامنعوا الشر منه وكفوا عنه؛ لتعظيم اسم الله. ولما قالت الجونية لرسول الله صلى الله عليه وسلم أعوذ بالله منك. قال:" لقد عذت بمعاذ، الحقي بأهلك "1.
(3)
أى إذا قال: أسألك بالله أو بوجه الله، كما في حديث ابن عباس:" من سألكم بوجه الله فأعطوه "2. رواه أحمد وأبو داود. وفي رواية له: "من سألكم بالله ". وله عن ابن عمر: " من سألكم بالله فأجيبوه إلى ما سأل "3 فيكون بمعنى أعطوه، وعن ابن عباس مرفوعا:" ألا أخبركم بشرار الناس؟ رجل يسأل بوجه الله ولا يعطي ". رواه الترمذي وحسنه، وابن حبان في صحيحه. وجاء من حديث أبي هريرة:" ألا أخبركم بشر البرية"؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الذي يسأل بوجه الله ولا يعطي " 4. ويدخل فيه القسم عليه بالله أن يفعل كذا، ويجب إعطاء السائل مما له فيه حق كبيت المال، أو من في ماله فضل على حسب حاله ومسألته، أو يكون السائل =
1 البخاري: الطلاق (5257) ، وأحمد (3/498 ،5/339) .
2 أبو داود: الأدب (5108) .
3 النسائي: الزكاة (2567)، وأبو داود: الأدب (5109) ، وأحمد (2/68) .
4 مسلم: الإمارة (1889)، وابن ماجه: الفتن (3977) ، وأحمد (2/396) .
ومن دعاكم فأجيبوه (1) ، ومن صنع إليكم معروفا فكافئوه (2) .
ــ
= مضطرا فيجب دفع ضرورته، ويحتمل أن يكون المراد فيما لا مشقة فيه ولا ضرر، وقد حث الله على الإنفاق لعظم نفعه وتعديه وكثرة ثوابه، فقال:{وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ} 1، وغيرها. وذكره في الأعمال التي أمر بها عباده وتعبدهم بها، ووعدهم عليها الأجر العظيم، في قوله:{إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ} 2 إلى قوله {وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ} 3 وحث النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة ورغب فيها في أحاديث كثيرة، فإذا سئل بوجه الله صار آكد وأوجب، إعظاما لله وهيبة منه، أن يرد من سأل به.
(1)
أي من دعاكم إلى طعام فأجيبوه، والحديث أعم من الوليمة وغيرها، وهو يدل على الوجوب إلى وليمة العرس وغيرها، وإن كانت وليمة العرس أؤكد وأوجب، وإن كان يقصد إلزامه بالقسم وجبت إجابتها، أو إكرامه فلا تجب عليه، حكاه الشيخ وغيره. وقال عليه الصلاة والسلام:" لو دعيت إلى كراع لأجبت "4. ومن حقوق المسلمين بعضهم على بعض إجابة دعوة المسلم، وتلك من أسباب الألفة والمحبة بين المسلمين، وإكرام الداعي ما لم يكن منكر أو يجر إلى منكر.
(2)
المعروف اسم جامع للخير، أي من أحسن إليكم أي إحسان فكافئوه على إحسانه بمثله أو خير منه، لأن المكافأة على المعروف من المروءة التي يحبها الله ورسوله، وفيها السلامة من البخل ومذمته، ولا يهملها إلا اللئام، وبعضهم يكافئ على الإحسان بالإساءة، بخلاف أهل التقوى والمروءة، فإنهم يدفعون السيئة بالحسنة، طاعة لله ومحبة لما يحبه لهم ويرضاه، والمكافأة تخلص القلب من رق إحسان الخلق، ولا شك أنك إذا لم تكافئ من صنع إليك معروفا بقي في قلبك له نوع تأله، فشرع قطع ذلك بالمكافأة ولو كافرا، وهو أولى من مكافأة المسلم، إذ منة المسلم أسلم من منة الكافر، ويدل له قوله:" من أحسن إليكم فأحسنوا إليه ".
1 سورة الحديد آية: 7.
2 سورة الأحزاب آية: 35.
3 سورة الأحزاب آية: 35.
4 البخاري: النكاح (5178) ، وأحمد (2/424 ،2/479 ،2/481 ،2/512) .
فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له، حتى تروا أنكم قد كافأتموه (1) " 1 رواه أبو داود والنسائي بسند صحيح (2) .
ــ
(1)
أي فإن لم تقدروا على مكافأته فادعوا له، أي بالغوا في الدعاء له جهدكم حتى تحصل المكافأة، أرشدهم صلى الله عليه وسلم إلى أن الدعاء في حق من لم يجد المكافأة يقوم مقام المكافأة للمعروف، فيدعو له على حسب معروفه، ووجه المبالغة أنه رأى في نفسه تقصيرا في المجازاة لعدم القدرة عليها فأحالها إلى الله، ونعم المجازي سبحانه وتعالى، وروى الترمذي وغيره وصححه النسائي وابن حبان عن أسامة مرفوعا:" من صنع إليه معروف فقال لفاعله: جزاك الله خيرا، فقد أبلغ في الثناء "2. قال الطيبي: وحذفت النون من "تكافئوه" إما تخفيفا، أو سهوا من النساخ، "وتروا" بضم التاء تظنوا، ويحتمل أنها مفتوحة، لما في أبي داود "حتى تعلموا أنكم قد كافأتموه".
(2)
ورواه أحمد بإسناد صحيح وابن حبان والحاكم، وصححه النووي وغيره.
1 النسائي: الزكاة (2567)، وأبو داود: الزكاة (1672) ، وأحمد (2/99 ،2/127) .
2 البخاري: الجمعة (1039) ، وأحمد (2/24 ،2/52 ،2/58 ،2/122) .