الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التاسع للميلاد لم يسمعوا قط عن (جوستينيان) كواضع قانون) (1).
وأما عن تأثر هذا القانون الكنسي -الذي تحتكم إليه الفرق النصرانية في الدولة البيزنطية- في التشريع الإسلامي فإن من المستشرقين من يزعم بأن مؤلفات الفرق النصرانية -على تعددها- قد أثرت في الفقه الإسلامي (2) من جهة وأثر فيه كذلك الذين دخلوا الإسلام من النصارى وأهل الذمة من جهة أخرى (3).
رابعًا: أعراف العرب وتقاليدهم قبل الإسلام:
لا تدع طائفة من المستشرقين في مناقشتها للشريعة الإسلامية مسألة من مسائلها إلا وقذفت بشكوكها في تلك المناقشة بغية نفي تميُّز الأمة الإسلامية الذي تشكل الشريعة الإسلامية أحد مقوماته، وإذا كانت دراسات المستشرقين قد اتسمت بالتعميم وإطلاق الأحكام على عواهنها؛ فإن بعض دراستهم الحديثة التي يقوم بها مستشرقون معاصرون تنحو منحًى متخصص، وبخاصة في مجال الشريعة الإسلامية لتؤكد بالأدلة التفصيلية تأثرها بالسابق واللاحق من النظم والتشريعات والأعراف والتقاليد الأخرى (4).
ومن هذه الدراسات؛ الدراسة التي قام بها (ن. ج. كولسون): في تاريخ التشريع الإسلامي، فقد سلك منهجًا يتسم بالتركيز الشديد على نشأة
(1) نقلًا عن: فتزجيرالد: المرجع السابق نفسه: ص: (129، 130).
(2)
انظر: محمد الدسوقي: الاستشراق والفقه الإسلامي: ص: (714). وانظر: نالينو: نظرات في علاقات الفقه الإسلامي. .: ص: (22)، (مرجع سابق).
(3)
انظر: محمد حميد اللَّه: تأثير الحقوق الرومية على الفقه الإسلامي، (مرجع سابق)، ص:(33، 43، 44)، وانظر: ن. ج. كولسون: في تاريخ التشريع الإسلامي: ص: 50، 53، 60)، (مرجع سابق).
(4)
انظر: محمد الدسوقي: المرجع السابق نفسه: ص: (706).
التشريع الإسلامي ومدارس الفقه وتطوراته حتى وصل إلى التشريع الإسلامي في العصر الحديث؛ وإذا كان في بداية مناقشته لنشأة التشريع الإسلامي ذهب إلى القول بأن الإسلام عمد إلى العرف السائد في مجتمع العرب قبل الإسلام، وعدَّل فيه وغيَّر دون أن يلغيه، بل أبقى على قواعده (1)، فإنه يختم دراسته مؤكدًا على (استمرار خضوع المجتمعات الإسلامية لتلك السياسات القائمة على احتذاء مفاهيم الحياة الغربية)(2).
ممَّا يؤكد تلاقي آراء المستشرقين على اختلاف أزمانهم وبلدنهم حول غاية واحدة وإن تنوعت الأساليب والصياغات هذه الغاية هي الإصرار على نفي أصالة الشريعة الإسلامية، وإثبات مصادر أخرى وضعية اعتمدت عليها الشريعة في فقهها وتشريعها، وبالتالي فإن الأمة الإسلامية لا تتميَّز عن غيرها سواء في بدء نشأتها أو في حاضرها بل هي -كما يشتهي المستشرقون- عالة على اليهودية والنصرانية في تاريخها الماضي وعالة على الحضارة الغربية وقوانينها ونظمها في الحاضر (3).
ولا يقتصر أولئك المستشرقون على القول باعتماد الشريعة الإسلامية على العرف السائد في العرب قبل الإسلام باعتباره ذاتيًا للعرب من صميم حياتهم الخاصة وفكرهم العربي، بل باعتباره متأثرًا هو الآخر بالقانون
(1) انظر: ن. ج. كولسون: في تاريخ التشريع الإسلامي: ص: (35)، (مرجع سابق)، ويوافقه في قوله هذا المستشرق (دارست)؛ انظر: الدسوقي عيد: استقلال الفقه الإسلامي عن القانون الروماني. .: ص: (15)، (مرجع سابق).
(2)
محمد أحمد سراج: في تعليقه على خاتمة كتاب: ن. ج. كولسون: في تاريخ التشريع الإسلامي: ص: (220)، (المرجع السابق نفسه).
(3)
انظر: محمد الدسوقي: الاستشراق والفقه الإسلامي: ص: (724، 725)، (مرجع سابق).